أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - داود تلحمي - بشأن التحول نحو الإشتراكية في العصر الراهن















المزيد.....

بشأن التحول نحو الإشتراكية في العصر الراهن


داود تلحمي

الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 22:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أبدى الزميل والصديق العراقي جميل محمد (أبو كوثر) ملاحظة على صفحات "فيسبوك" على مقالتي الأخيرة في "الحوار المتمدن" التي تناولت الإنتخابات الرئاسية التعددية التي جرت مؤخراً في فنزويلا وفاز فيها أوغو تشافيس مرة أخرى. وقد أجبت على ملاحظته في حينه إجابة قصيرة في باب التعليقات. ولكني أرى أنه طرح موضوعاً مهماً يحتاج الى تناول أوسع.
وملاحظته تتناول بالأساس إشكالية توصيف الوضع القائم في فنزويلا، كما في بوليفيا التي تخوض تجربة مشابهة، بالإشتراكي، كما تتساءل ماذا يمكن أن يحصل في حال خسارة المرشح الإشتراكي في الإنتخابات وفوز مرشح اليمين، وهو ما يعني عودة الوضع الى الوراء، الى النظام الرأسمالي المنفلت. وأضاف ما معناه بأن الإنتقال الى المرحلة الإشتراكية يفترض أن يكون باتجاه واحد، أي لا عودة الى الوراء، الى النظام الرأسمالي الأقل تطوراً، من حيث المبدأ. وأنا لا أختلف معه في معظم ما أورده، ولكن هناك جانباً يحتاج بتقديري الى مزيد من التوضيح.

دروس التجربة السوفييتية

المسألة الأساسية تتعلق بتوضيح آليات الإنتقال الى الإشتراكية في القرن الحادي والعشرين، بعد سلسلة من التجارب في القرن السابق، أبرزها التجربة السوفييتية، وصلت الى نهاياتها. مع العلم بأن عدداً من تجارب التحول نحو الإشتراكية التي بدأت في القرن الماضي ما زالت مستمرة، وبعضها تجارب مهمة، وأبرزها تجربتا الصين وفييتنام في آسيا الشرقية، وتجربة كوبا في أميركا اللاتينية.
ولا بد من القول أن الإشكالية الكبرى في التجارب السابقة من النمط السوفييتي، بمسارها العام ومآلاتها، تتعلق بافتقادها، بدرجات متفاوتة بين تجربة وأخرى، الى المشاركة الشعبية الواسعة في عملية التحول، وبالتالي غياب الإلتفاف الشعبي الواسع الذي يحمي هذه التجارب من أية عمليات تخريب أو إعتداءات خارجية، من جهة، والأهم من عمليات الإجهاض الداخلي. فما جرى في الإتحاد السوفييتي، وبمعزل عن جوانب إيجابية هامة في مسار التجربة خلال عقود طويلة، وخاصة انعكاساتها على "العالم الثالث"، حيث شجعت على استنهاض حركات تحرر الشعوب المقهورة على نطاق واسع، هو ان الإنهيار والتخلي عن تجربة التحول نحو الإشتراكية حدثا من داخل التجربة، وحتى من داخل الحزب الوحيد الحاكم والمستأثر بالسلطة، في ظل عدم الإكتراث أو عدم الرغبة في التورط، إيجاباً أو سلباً، من قبل الغالبية الكبرى من المواطنين في البلد.
وإذا تركنا جانباً الوجه الإقتصادي للأزمة التي أطاحت بالتجربة السوفييتية، وهو وجه مهم وحاسم بدون أدنى شك، فإن بعض الأفكار التي طرحها القائد والمفكر الشيوعي الإيطالي المبدع أنتونيو غرامشي في العقود الأولى من القرن العشرين تبدو هنا ذات مغزى.
فعلى سبيل المثال، كان غرامشي قد تحدث عن الفروقات في عملية الوصول الى السلطة بين "الشرق"، كما أسماه، وكان يقصد روسيا والبلدان القريبة من مستوى تطورها وطبيعة نظامها قبل الثورة، و"الغرب"، ويقصد بالأساس بلده إيطاليا وبلدان أوروبا الغربية الأخرى، والبلدان الرأسمالية المتطورة بشكل عام. ويركّز غرامشي هنا على أهمية مستوى تطور المجتمع المدني في كل بلد في تقدير كيفية التعاطي مع الوضع من قبل الثوريين. ففي "الشرق" الروسي، حيث المجتمع المدني لم يكن متطوراً بشكل كبير في العهد القيصري الإستبدادي، كان ممكناً أن تصل جماعة مقدامة الى السلطة بالهجوم على القلعة والإستيلاء على السلطة المركزية في البلد، ومن ثم العمل على تدعيم سلطتها وكسر محاولات التمرد عليها من الخارج كما من الداخل. وفي "الغرب"، حيث المجتمع المدني أكثر تطوراً، يتطلب ذلك، برأي غرامشي، تكتيكاً مختلفاً يعتمد على تحقيق إنجازات جزئية متلاحقة وبذل جهد طويل النفس لتطوير مستوى التقبل والتفهم الشعبي الواسع لأهداف وتطلعات الحركة الثورية لتحقيق النتيجة المتوخاة.
ونحن، في القرن الحادي والعشرين، قرن الوعي الشعبي المتزايد والتعميم الواسع لوسائل الإتصال والمعلومات، أقرب، في معظم الحالات، الى النموذج الثاني. حيث تكتيك "غزو القلعة" أو السيطرة عليها بالقوة لا يتحقق بسهولة، من جهة، وقد تكون له نتيجة عكسية في حال عدم وجود تجاوب شعبي واسع مع المشروع الثوري، من جهة أخرى. كما يتهدد المشروع بعد انتصاره، في النهاية، احتمال التحول الى حالة بيروقراطية منعزلة عن الجمهور الواسع، المجرد من حقوقه الديمقراطية الأساسية والمستبعد من القرار، ليس فقط على الصعيد السياسي والوطني العام، وإنما على الأصعدة الإقتصادية والمجتمعية والإدارية الموقعية أيضاً. وهو مسار بات من الضروري العمل على تجاوزه في أية تجارب جديدة في قرننا الراهن للتحول نحو الإشتراكية، إشتراكية تتطلب ليس فقط توفير العدالة والحقوق الإجتماعية لكل المواطنين، ولكن أيضاً ضمان الحريات والحقوق الديمقراطية على أوسع نطاق... ديمقراطية أكثر تقدماً من أكثر الدول البورجوازية ديمقراطيةً، كما قال لينين في كتابه الشهير "الدولة والثورة".
ومن هنا أهمية التجارب الجارية راهناً في أميركا اللاتينية، وفي بلدين مثل فنزويلا وبوليفيا خاصةً. وبالتأكيد، فإن كلا البلدين لم يتطورا نحو المرحلة الإشتراكية، وإن كانا يرفعان شعارها كهدف لهما. فهما يعملان في مرحلة إنتقالية، قد تستغرق وقتاً غير قصير ويصعب تحديد مداه مسبقاً، على توفير مجموعة من الشروط التي تفتح آفاقاً لاحقة للتطور نحو هذه الإشتراكية الجديدة، الإشتراكية التي أسموها هناك "إشتراكية القرن الحادي والعشرين"، للتمييز عن تجارب القرن المنصرم.
ومن بين هذه الشروط والخطوات التمهيدية، هناك، بالطبع، ضرورة إنهاء التبعية وفك الإرتباط مع المراكز الإمبريالية والرأسمالية الإلحاقية، بشركاتها الجشعة ومؤسساتها الإقتصادية الموظفة لإدامة وتأبيد هذه التبعية، وإن بشكل متدرج لا يضرّ بالمصالح المباشرة للبلد ومواطنيه... وهناك أيضاً العمل على تحقيق مستويات متقدمة من التطور الإقتصادي والمعيشي المترافق مع توفير درجة متطورة من التقاسم المنصف للثروة الوطنية وتحقيق العدالة الإجتماعية للمواطنين، بدءً بمحاربة الفقر والأمية، وصولاً الى إلغائهما، وتوفير شروط صحية لائقة لكل المواطنين، وإقامة نظام تعليمي شعبي على كل المستويات حتى المستوى الجامعي يتيح لكل مواطن، بغض النظر عن منشأه وثروة عائلته، أن ينمّي قدراته وكفاءاته في المجالات التي يستطيع أن يبدع فيها... كما وهناك ضرورة بناء نظام إدارة شعبية وطنية على كافة المستويات وفي كافة المجالات، السياسية والإقتصادية والإجتماعية، بحيث يشارك كل المواطنين في إدارة شؤونهم ومؤسساتهم ومشاريعهم الإقتصادية على طريق تطوير صيغة ديمقراطية شعبية، تختلف تماماً عن الديمقراطية المنقوصة الممارسة في البلدان الرأسمالية، كما عن أنظمة "الحزب الواحد" و"القيادة الملهمة" التي تدّعي انها تفهم أكثر من الشعب وتعرف مصلحته أفضل منه. فكما شهدنا في القرن الماضي، فإن هذه "القيادة الملهمة" يمكن أن تكون مخلصة وتحقق إنجازات مهمة في المراحل الأولى من التجربة، لكنها تواجه خطر التبقرط وتنامي المصالح الفئوية لها في غياب الرقابة الشعبية الفعلية، مما يهدد لاحقاً كل التجربة.
وهكذا، فجوهر الفارق بين الديمقراطية الشعبية الفعلية ونظام "الحزب الواحد" و"القيادة الحديدية" يتمثل في الفرق بين الإعتماد على غالبية الشعب الساحقة لحماية التجربة ومواجهة المخاطر الخارجية والداخلية، من جهة، ومن الجهة الأخرى، الإعتماد على جهاز قمع الدولة، من أجهزة أمنية وشرطة وقوات عسكرية، بما يجعل جهاز الدولة يتضخم ويكبر أثناء فترة التحول المفترضة، في حين ان لينين افترض في كتابه المشار إليه أعلاه أن الدولة تبدأ بالإنطفاء التدريجي حتى خلال المرحلة الإنتقالية نحو الإشتراكية.
وبسبب المستوى المعقد من التداخل بين أوضاع العالم كله في عصرنا، بحيث يصعب على أي بلد أن ينمو ويتطور بانعزال عن العالم الخارجي، كما حاول الإتحاد السوفييتي أن يفعل في العقود الأولى من تجربته، وكانت له ميزة المساحة الجغرافية الواسعة والطاقات البشرية الكبيرة والموارد الطبيعية الهائلة، وكلها لم تحل دون انتكاس التجربة، يبدو واضحاً أن عملية التحول نحو الإشتراكية في عصرنا لن تكون سهلة في بلدان صغيرة منعزلة أو حتى في بلدان أكبر وأغنى، ولكنها تتأثر بالمحيط الإقليمي والدولي. خاصة وأن أباطرة النظام الرأسمالي ودوله الإمبريالية لن تترك أية تجربة من هذا النوع تتطور بدون محاولة عرقلتها أو حتى السعي للإطاحة بها. لأن النموذج، حتى ولو كان محصوراً في منطقة جغرافية محدودة المساحة، يمكن أن يصبح مُعدياً ومؤثراً على بلدان العالم الأخرى، بما في ذلك على القطاعات المغبونة والمستغلة والمضطهدة في هذه البلدان الرأسمالية والإمبريالية نفسها، خاصةً إذا ما استمرت وتفاقمت تجليات الأزمة الإقتصادية الحالية وذيولها الإجتماعية المؤلمة.
ومن هنا تفترض مسألة التحول نحو الإشتراكية في هذا القرن الجديد، على الأرجح، تغييراً واسعاً في مناطق مختلفة من العالم، وربما في مجمل النظام الرأسمالي نفسه. وهو ما يجعل الهدف الإشتراكي غير قريب زمنياً بمنظور واقعنا الراهن، بالرغم من الأزمة الطاحنة التي يعيشها العالم الرأسمالي منذ العام 2007، والتي لم يتمكن من تجاوزها حتى الآن. دون أن نغفل إمكانية حدوث تطورات غير متوقعة في المستقبل القريب يمكن أن تجعل هذا الإحتمال أقرب الى التحقق.
ولنتذكر أن قادة الثورة البلشفية في روسيا كانوا يراهنون، بعد نجاح حركتهم وسيطرتهم على مركز السلطة في البلد، على تحولات ثورية في بلدان أوروبية أكثر تطوراً من روسيا، وخاصة، وليس حصراً، في ألمانيا، التي خرجت مهزومة ومأزومة من الحرب العالمية الأولى، ومثخنة الجراح ومثقلة بالخسائر البشرية والإقتصادية. ولكن قادة هذه الثورة اضطروا، بعد بضع سنوات، الى التخلي عن هذا الرهان عندما شعروا بأن الأمور لا تتطور بهذا الإتجاه في بلدان أوروبا ما بعد الحرب وان المحاولات الثورية التي جرت في ألمانيا وإيطاليا والمجر وبلدان أخرى لم تثمر عن أية انتصارات ثابتة، فاندفعوا نحو تدعيم وضع التجربة السوفييتية ودولتها الجديدة بمعزل عما يجري في البلدان الأخرى. ولا شك أن ماضي روسيا القيصرية كان إرثاً ثقيلاً بقي حاضراً في مسيرة التجربة السوفييتية. وبالرغم من قوة أجهزة الدولة الجديدة ومحاولاتها للسيطرة الأيديولوجية في هذه المسيرة، إلا ان عناصر الماضي لم تلبث أن رفعت رأسها من جديد بشكل محدود ومحاصر وغير ظاهر كثيراً على السطح قبل التسعينيات الماضية، ولكن بشكل ساطع وعلى نطاق أوسع بعد انهيار التجربة السوفييتية وتفكك الإتحاد.
وليس صدفةً أن يشكّل النموذج السوفييتي قدوةً لثوريين في بلدان "العالم الثالث" يحققون ثورات ناجحة تحت راية الإشتراكية أكثر مما شكّل نموذجاً مغرياً لبلدان العالم الرأسمالي المتطور.
ومن هنا، بات واضحاً بأن التحول نحو الإشتراكية في عصرنا لا يمكن أن يكون نتاج قرار إرادوي أو إداري تتخذه نخبة معينة أو جهاز الدولة، بمعزل عن مشاركة القطاعات الشعبية الأوسع المعنية بهذه العملية التاريخية. ولذلك ينبغي استخلاص الدروس والنظر الى هذه العملية كعملية تاريخية طويلة الأمد نسبياً، يجري التحول فيها من خلال توفير الشروط الموضوعية، من جهة، وخاصة على صعيد التطور الإقتصادي والإجتماعي والعلمي- الثقافي، ومن جهة أخرى، من خلال توفر القناعة الشعبية الواسعة، قناعة قطاعات الشغيلة والكادحين والشرائح المستنيرة، التي تشكل الغالبية الساحقة من المواطنين في أي بلد.
***
وهنا يمكن أن نستذكر أيضاً ما طرحه غرامشي من تمييز بين مفهومي "السيطرة" و"الهيمنة"، حيث الأولى تتحقق عبر القمع والزجر والفرض بالقوة، والثانية تتحقق من خلال الإقتناع أو إستيعاب الأفكار والتوجهات من قبل قطاعات الشعب الواسعة. فالجمهور في البلدان الرأسمالية المتطورة غالباً ما يكون، في ظل النظام الإقتصادي السائد، متأثراً بأفكار اليمين البورجوازي الحاكم والمسيطر على جهاز الدولة وعلى وسائل التأثير والإعلام والأدلجة. وأوليس مدهشاً، على سبيل المثال وليس الحصر، أن نرى عمالاً وفقراء ومحدودي دخل، وأناساً بسطاء عموماً، في بلد مثل الولايات المتحدة، يدافعون عن برامج الحزبين الكبيرين المرتهنَين كليهما للشركات الرأسمالية العملاقة المسيطرة، وحتى، بالنسبة لقطاعات واسعة من هذا الجمهور، يدافعون عن برنامج يمين الحزب الجمهوري الأكثر تطرفاً ودفاعاً عن أسوأ ما في النظام الرأسمالي، وهو اليمين المعروف باسم حزب الشاي؟!
وفي الواقع، يستند النظام السياسي الأميركي الى ماكينة أيديولوجية بالغة القوة والتأثير على الجمهور الأوسع، وهي ماكينة تطورت بشكل أخطبوطي بعد الحرب العالمية الثانية، خاصةً بعد اندلاع "الحرب الباردة" وبدء ملاحقة الشيوعيين واليساريين وحتى الليبراليين في البلد، بتحريض واسع رفعه الى مستوى الملاحقة والمطاردة الأمنية عضو مجلس الشيوخ الشهير جوزف مكارثي وأنصار مدرسته، وشارك فيه قطاع واسع من السياسيين المهيمنين على البلد في تلك الحقبة.
وألم يكن هناك في العقود الأولى من القرن العشرين حركة عمالية ويسارية نشطة في الولايات المتحدة؟ وألا يؤشر تحول جون ستاينبك، صاحب "عناقيد الغضب"، الرواية اليسارية العمالية في الثلاثينيات، الى مدافع شرس عن الحرب العدوانية على فييتنام في الستينيات؟ فكيف يمكن أن يبقى المواطن الأميركي العادي بمنأى عن هذه التأثيرات وعن "غسل الدماغ" الفكري والأيديولوجي الحقيقي الذي مورس في الولايات المتحدة، ودفع، على سبيل المثال، فناناً مبدعاً واسع الشهرة والشعبية، منذ أوائل القرن العشرين، مثل تشارلي تشابلن الى مغادرة البلد والعودة الى بلده بريطانيا والى أوروبا، حيث عاش هناك حتى وفاته؟ وبالرغم من انحسار المكارثية بعد ذلك بأشكالها الأكثر تطرفاً، فإن عملية "غسل الدماغ" تتواصل بأشكال أقل فجاجةً وظهوراً، ولكن بفعالية عالية، خاصةً بعد أن اتسعت سيطرة الشركات الرأسمالية الكبرى على وسائل الإعلام والدعاية والترفيه ووصلت الى مستويات غير مسبوقة.

الإشتراكية لا زالت أمامنا، وليست وراءنا

باختصار، ينبغي أن نسلّم بأن كل التجارب التي جرت حتى الآن، سواء تلك التي انهارت أو تعثرت أو تلك التي لا زالت قائمة، هي تجارب إنتقالية، وان توقعات قيام الإشتراكية في ظرف سنوات قليلة، وبفعل جملة من القرارات الإدارية تستند الى درجة عالية من الإرادوية وإحلال الرغبات محل الواقع، كانت كلها أوهام تستند الى تفاؤل مبالغ به وغير مستند الى الواقع الفعلي. وبما أننا ما زلنا نعيش اليوم مآسي وعذابات وجرائم النظام الرأسمالي والإمبريالي في البلدان التابعة أو الفقيرة قليلة التطور، كما داخل بلدانه المتطورة إقتصادياً نفسها، فإن التطلع نحو بناء نظام أو الإنتقال الى مرحلة تطور أخرى أرقى تاريخياً وحضارياً يبقى تطلعاً مشروعاً. وهو ما تسعى إليه شعوب أميركا اللاتينية وقواها اليسارية، وقطاعات واسعة من شعوب العالم الأخرى وأوساطها المستنيرة والمتطلعة الى عدالة أكبر وإنصاف أعلى لكل البشر بدون تمييز في اللون أو العرق أو العقيدة أو الجنس والقدرات الجسدية والذهنية.
وهكذا، فالإشتراكية ما زالت، كمشروع، أمامنا وليست وراءنا. ومن حق البشر أن يعتبروا أن الظلم والطغيان والإستبداد والإستغلال والقهر والتمييز الإعتباطي ليست كلها قدراً لا فكاك منه.



#داود_تلحمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنزويلا: تحديات ما بعد إنتصار تشافيس الجديد
- بصمات قوية تركها المؤرخ الماركسي الموسوعي إريك هوبسباوم
- اليسار الجذري... واليسار الإصلاحي، أو يسار الوسط
- آفاق إنعكاسات الثورة الشعبية المصرية على المنطقة العربية وال ...
- اليسار... كيف نشأ التعبير، وكيف يتم التعامل معه راهنا
- اليسار الفلسطيني: توحيد قواه... أم تفعيل دوره وحضوره؟
- الفلاسفة المعاصرون و-عودة- ماركس
- هل نحن أمام مرحلة تحولات كبيرة في بلدان المركز الرأسمالي؟
- عودة الى خلفيات تغيّر موقف الإتحاد السوفييتي من المشروع الصه ...
- الدعوات الصائبة للتوافق على مرشح يساري (وتقدمي) مشترك للرئاس ...
- الصعود المثير لمرشح -جبهة اليسار- للرئاسة في فرنسا: هل هي بد ...
- هل تفتح الحركات المناهضة ل-وول ستريت- آفاقاً لتشكّل قوة يسار ...
- الإستقلالية الفلسطينية... وأهمية دور المحيط العربي والدولي
- في مرحلة ما بعد صدور إعلان الإستقلال عام 1988: الحركة الوطني ...
- الثورات لا تغيّر الواقع بين ليلة وضحاها، ولكنها تفتح آفاقاً ...
- المسألتان الكردية والفلسطينية... المشترَك، والمختلِف
- كيف عملت الولايات المتحدة وإسرائيل على تهشيم منظمة التحرير ا ...
- ما بعد انتخابات ما بعد الثورات (تونس أولاً)... وتحديات اليسا ...
- إنتخابات ما بعد الثورات... وآفاق اليسار
- عندما وعد كيسنجر وزير خارجية العراق ب-تحجيم- إسرائيل!


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - داود تلحمي - بشأن التحول نحو الإشتراكية في العصر الراهن