كريم اسكلا
الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 08:16
المحور:
الادب والفن
رحل عنا كغيره من العباقرة الذين يرحلونا عنا في صمت، رحل ذلك الكناوي الغيواني المسكون بعشق الإنسان والسلام، رحل عبد الرحمان باكو صبيحة يوم 14 اكتوبر 2012 ، بعد سنوات من السمو الفني والروحي في عوالم السنتير الذي يزأر ليرتحل بالمستمع المجذوب الى مقامات روحانية راقية .
ولد عبد الرحمن قيروش بمدينة الصويرة، عاصمة كناوة، سنة1948 ، ولد فنانا كناويا بامتياز. فنان من طينة خاصة. يأخذك ويجذبك ويسلبك بسنتيره... فكما كان يلهب جيل الستينات وينقل جراحات ومعانات سنوات الاستعمار والرصاص لازال يلهب الأجيال الحالية ...كأن لاشيء تغير بين الامس واليوم.
حين يغني تأخذه الجذبة ويغمض عينيه تماما ليطوف في ملكوت الطمأنينة والانتشاء الروحي إلى درجة أن جسده كثيرا ما كان يرسم رقصته الابدية على أنغام معزوفاته.
اسمه الحقيقي هو عبد الرحمن قيروش. وبعد أن إلتحق بفرقة «ليفينغ تياتر- Living Theater » الإنجليزية، أعجبت به إحدى أعضاء الفرقة «كريستين»،ولشدة هوسها بآلة «السنتير» أطلقت علي عبد الرحمان قيروش لقب «باكو» أي «النوتة- note musicale » التي كان يسوي عليها عبد الرحمان آلته.
في واقع الأمر لم تكن طريقة عزف لمعلم باكو على آلة «السنتير-الكنبري» محط إعجاب "كريستين" وحدها، بل كانت مثار إعجاب واستقطاب لأهل الموسيقى من مختلف أقطار العالم، فالفنان العالمي، «جيمي هاندريكس- Jimmy Hendrix » كان يلقب عبد الرحمان باكو بـ «طبيب الأشباح»، حيث كان جيمي هاندريكس يأتي إلى الصويرة ليعيش عوالم كناوة ويحضر معه «الليلة الكناوية» مع هذا الكناوي الذي لم يكن يتجاوز التاسعة عشرة من العمر حينئذ.
إستطاعت عبقرية لمعلم عبد الرحمان باكو أن تدخل فن كناوة إلى ميدان المسرح العالمي، وذلك الفرقة المسرحية الانجليزية «ليفينك تياتر» حيث تم اعتماده كعازف للفرقة ليقوم بالتمويج الموسيقي بسنتيره ذي الوترتين من "المصران".
تجاهل تام للعبقري الكناوي عبد الرحمان باكو رغم عطائه الكبير للفن والثقافة، المعلم باكو لم يأخذ حقه لا في الإعلام ولا من الباحثين والدارسين ولا من رفاقه في الدرب. رغم أن سنتيره كان ولايزال يزأر – السنتير يزير- ويصدح في سماء الفن الملتزم، ضل ولسنوات يكتوي بالآلام المرض والمعاناة والتناسي بين أحضان أسرته الصغيرة إلى أن رحل في صمت خريفي بارد، برودة مشاعرنا تجاه العباقرة من أبناء جلدتنا.
http://isskela.blogspot.com
#كريم_اسكلا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟