أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - مقدمة في الادب العربي















المزيد.....


مقدمة في الادب العربي


شعوب محمود علي

الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


مقدمة في الادب العربي

عند ما أضع السكين علي قرحة الشعر يتأوه الشعراء ألماً
وعند اندمال الجرح، وانتهاء فترة النقاهة ينتفي المحذور..
ويدرج الوليد مثلما تدرج النجوم في أبراجها..
كانت الخطوات الأولى للإنسان بعد فجر الخليقة التي شاءها الله رمزا لصعوده ..
كان يرى في الكون غموضاً ، وفي الأرض مجاهلاً وقد تعامل مع بيئته بحذر شديد ..
في البدء كانت بعض الأصوات تخيفه فيرتعب ويهرع الى الاختباء...
ومع مرور الزمن صار يألف صوت تكسر الأغصان، وسقوط الأشجار العملاقة بفعل عصف الرياح وهسهسة النار وهدير الامواج كما انه صار يميل لأصوات الطيور
عندما تغرد صارت وسيلته للتعبير عما يجول في وجدانه من فرح غامر ولوعة كآوية .
كما كانت نوافذه مفتوحة على السكون والصمت المطبق ...وأخيراً راح يمرن نفسه على بدايات الغناء والنواح ومن خلالهما تكونت لديه الاذن الموسيقية وأحس بعمق وأهمية تلقي الأصوات المموسقة في الطبيعة وقد تجذرت في ضميره بذرة الشعر ونمت في عالمه ارومة تبعث على العطاء باندهاش مفرط وبنماء يغمر العالم بثمار خالدة...
تارة على قمة فرح وطوراً على شاطئ يكتنفه مساء حزين و في غمرة عواطف الشاعر الجياشة راح ينطلق الى عوالم شفافة ورائعة تبدد هواجسه السوداوية وخوفه من المجهول ولتخرجه من رسوبية الجسد والانكماش في القوقعة ولتضعه في دوران مطلق وقد ركب الموجة وهو اشبه بالسمكة التي تعاكس التيارات الجارفة مع معرفتها بخواص المحيط...
ومن سفوح الشكوك وقيم الايمان الراسخ بضرورة التحديات لاكتشاف الدهشة وممرات الدروب السر ية التي عجز الشاعر عن فك طلاسمها المغرقة بالظلام والمضروبة بالشمع الاحمر وهو يتحامل على نفسه ويحمل صليبه ليقف تحت الشمس مواصلاً صوته لسمع العالم...
وقد اطلق عنان جواده في عصور سبقت زمن المعلقات البهية الزاهية التي اصبحت ذخرا من ذخائر العرب...
وعندما تجاوز الشعر مرحلة الطفولة وخرج عن نطاق فتوته واشتد عوده
فزها وتموضع في كماله وجلاله وتفرعت دوحته بين المديح والهجاء والغزل بشقيه العذري المتسامي والذي يدور في فلك الروح والمشاعر النقية والتي لم تستسلم لمجسة او تماس الشيطان على ارضية الطهر والنقاء
والغزل المنغمس في الجنس والمرتكز على اللذة العابرة والتي تتقد جمرتها تحت شغاف قلوب الشعراء والمولعين بالتشبيب دون ان يسدلوا ستارا وهم نبتوا في مجتمعات مقفلة امثال الشاعر عمر بن ابي ربيعه وهو المخضرم...
وعندما اتحدث عن هذين النموذجين لا اعني شعر وشعراء الغزل كلهم وإنما اعني البعض ممن كان ينغمس في اللذة المحرمة في غفلة من مجتمعه الي جانب خروجه عن العرف السائد والتقاليد الاجتماعية الراسخة وفي
سوق عكاظ او سوق المربد كان الشاعر يشيد بشرف القبيلة وشرف القبيلة بشرف نسائه والبدوي المنغمس في الرذيلة كان يتحدث بلسان قصير وصوت مكتوم.
كانت هذه المسيرة الطويلة الى جانب الشعر الحكمي والحماسي... لقد روض الشاعر العربي الجملة وحولها من المادي المحسوس الى ضفة الاستعارة قبل اكتشاف بحوره الزاخرة وقد عانق الكلمة ونادمها وحولها الى رفيقة عمره في تسفاره وترحاله وجعلها رشيقة غنجه بين ندمائه , وعندما فاض خيالاً وشرب حد الثمالة سكراً ودواءً لدائه وهي لا تفارقه في نومه وصحوه
بل تارة يراقصها في ثياب الحشمة والحركات المتسقة وطورا عارية تحت الخيمة المفتوحة على سرير شهرزاد
و في لياليها العصيبة امام اصرار وغطرسة شهريار وكراهيته للمرأة وعندما تضيق به الدنيا وتكفهر السماء يغزو الحانة متبرماً ولكي يهرب من واقعه المليء بالمرارة والمشحون بالأسى يلقي بنفسه قرب الينبوع ليكرع حتى يتخم وينغمس ليغيب عن الوعي في وثنيته او جنسويته حتى تتلفه او يتلفها في طقس يسمو في هيكل الحب العذري المطهر من الشوائب المدانة عرفاً في نجوى تخرج به عن المألوف في النطاق الاجتماعي وحيث يقف الشاعر في محرابه منقطعاً بأخلاص لكي يحرث الافق ويمسح وجه الارض ليضع الرموز والعلامات لرسم جغرافيا خاصة به وبقاموسه ومعجمه الشعري في النسيج اللامحسوس حتى لدى الشاعر نفسه تارة نراه يقف وهو صامت صمت الموتى تارة يفتح صدره للريح حيث تعول مرة ينطفئ وطوراً يتألق وعرابه هاجسه على مسطحات القراطيس يقوده لرسم القصيدة النزقة الخارجة عن قواعد الحياء العربي الى جانب القصيدة الاعلامية التي تنفرد وتتميز بالانحياز الى العشيرة او القبيلة .... والشاعر منذ ولادته الشعرية كان تعبيراً قوياً امام رياح الخصوم وهو جزء لا يتجزأ من ارومته القبلية... والقصيدة عنده تنمو وتترعرع وتركض مثل ركض الليالي ولهاث النهارات وتدخل في الاطوار المتشعبة ضمن ديمومة الانطلاق وخبب الفتور حيث تخضع الى عصره المتموج بجذوره التي تغور في تربة المجتمع الذي هو اسير عاداته وتقاليده المستقرة في الوجدان ولتحقيق الطفرة واختزال المسار للحاق بالموكب العابر الحقب والقرون صوب العالم المقبل للدخول من بوابة التاريخ ولغرض حضوره ووضع البصمة على الاهاب ومن حيث يشعر او لا يشعر يأتي مندفعا بعوامل الغريزة لتحقيق الذات من خلال الخضم الطاغي بالأصوات الشعرية ..
فهو دائما و ابدا يحاول وبكل تأكيد فرض صوته في كينونة تعطي للقبيلة حقها .. ومع دورة الزمن حصلت ولادات للمدارس الشعرية وانتحلت لها مسميات عربية لتكون الام الحاضنة لتلك الذوات المضيئة تحت الخيمة العربية ولشحن موسيقى الشعر منذ العمود الكلاسيكي.
وفي زمن التحديات لكسر قيود القافية والخروج من القفص المعلق في قصور الخلفاء والملوك مع الانفلات من قبضة القافية والتزحلق على منحدرات ووعورة اللغة لجعل القصيدة حرة طليقة تسبح في فضاء رحب وسمح يجعلها تحلق بأجنحة رومانسية تؤهلها لعبور الموانع والحدود المسيّجة بالأسلاك الشوكية مع عرابها الثائر والداعي الى الخروج على الاطر التي وضعها الاقدمون لتكون الام الحاضنة لتلك الذوات المضيئة تحت الخيمة ومع ركض الاعوام وتسابق الازمنة اوجد طقوسه البدائية ليضع متكأ له يسند خلفيته ويطمئنه في المقبل الزاحف تجاه جميع الاجناس التي كانت وما زالت لا تضع للمقبل من التاريخ سهما يشير الى زاوية او يؤشر لميزان يزن الاعمال بشكل تراكمي لبحث المتقدم ولنسخ ما قبله خلال سمته البدائية المتعثرة لايجاد جدولة حسابية لمضامين التقدم والتخلف وان كانت هذه بعيدة عن محتوى موضوعنا... فالإنسان وحده امتلك التمايز بامتلاكه الجوهرة المضيئة التي تضعه شاخصاً حياً بين ضفتي الهدم والبناء خلال تلك المعادلة الضاغطة بكوابيسها وهي تضعه امام مسؤولياتها في الحياة وتحدد له سلوكية عريضة تنقذه من جهالة وجوده كونه جاء نتيجة الفوضوية والعشوائية الطبيعية ام جاء على حالة لتدبير عقلاني يؤكد الاقرار بإلوهية مدبر عظيم ازلي قبل الازل ومن خلال ممارساته الذاتية وحواره الداخلي بين الثابت والمتحرك والبحث عن الجذور حصل الانقسام في المعتقد للأفراد والجماعات خلال التمركز الذاتي لتأكيد الواجد المبدع بالموجود حيث جهل ويجهل ما يحيط به من غوامظ الكون ومما فيه هو من خلال دقة خلقه وجلال كماله. من قبل داروينية دارون في نظرية النشوء والارتقاء.
كان ابراهيم الخليل (ع) قد نشاء في بيت تصنع وتنحت فيه الارباب. كان القلق يؤرقه بشكل ساحق وهو يبحث عن الموجد في وجوده. وفي كل صباح تصفعه الارباب الواقفة والناظرة للبعيد ببلاهة باردة وبلادة باردة بلا احساس لمن يدخل البيت او يخرج وهي لا تعترض ان وقع عليها التحوير لغرض التجميل او التقبيح كان ابراهيم الخليل يتعايش في ذلك البيت في الضد منها يسهر لياليه مؤرقا وحزينا وفي ذهن حاد ووقاد وتصورات ترهق وجدانه. وأخيرا لمح نجما لامعاً ومدهشاً وقال هذا ربي وعند الغبش والغياب تبخر تصوره لذلك النجم .
صار يكثر النظر للسماء بعيون نسر وبيقين يجري مجرى الدم في العروق و نظر الى القمر منيرا فقال هذا ربي وفي الفجر خاب امله وتبدلت امانيه ومن ثم رأى الشمس مشرقة ففرح وقال هذا ربي وعند المساء حزن وأدار وجهه عن موقع غيابها وأخيرا حسم امره بمقولته القاطعة (لا احب الافلين) و منذو امد بعيد انقسم البشر الى معسكرين .معسكر يرى وجوده وتطوره في حيز فوضوي وعشوائي تشذبه الطبيعة ومعسكرا يقول بقرار حدسي وحسي ويقيني يجمل حججه بآيات قرانيه (ولقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) الى جانب حجج الكتب السماويه الاخرى كالتوراة والإنجيل وصحف ابراهيم وغيرها.وهذا الموضوع ليس موضوعنا وغاية ما نريد بل فرض نفسه من خلال التعريج على الدراسة وتقويم الكلمه الراقصه على وتريه شعرية تجوس على اجنحة الايقاع والأمواج النغمية التي اقتحمت سمع البشرية بشكل شمولي .وبشواظ يرسم بلونه الازرق قوسا في السماء وفي مدارج تبقي على الكلمه الراقصه زهوا الى جانب موسيقاها التي تستحوذ على العقول والافئده وهي تتخذ مكان الصدارة بملكيه النغم وتغريد البلابل وزقزقة العصافير وصوت خرير المياه وانين النواعير وهدير البحر وعزيف الريح وصهيل الخيول وهديل الحمام وغيره من الاصوات الصاخبة والهامسة وضرب قوائم الخيول على الارض في الخبب والإغارة ومع تطور الانسان اضيفت اصوات الدفوف وانين الناي وغيرها من الادوات الحضاريه لتشكيل بانوراما نغمية وفسيفساء تنعكس على مرايا الانسان العابر صوب الاشباع الحسي والروحي.
وحين نعود لمراجعة التيارات الشعرية وظهور تلك التوجهات التي قادت التطور الشعري عبر الطفرات التي حصلت بعد العمود الكلاسيكي بهجر المقدمة كالرثاء والمديح وقد ارسى ابو نؤاس قواعد جديدة وجريئة في مخاطبة المؤنث بصيغة المذكر وتجرا اكثر فالغى المقدمة الغزلية والتي هي خارج الموضوع المطلوب طرحه في المدح والرثاء والحماسة فأوجد ما يقرب من صنع مدرسة شعرية جديدة تموضعت وأخذت مكانها تحت الشمس ثم تلتها محاولات في الاندلس اعطت الموشح وكذلك المهجريون العرب كانت لهم تجارب رائعة ثم ولدت المدرسة العراقية لتبلور طموحات شعراء الامة متمثلة بالثالوث المجدد بنازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي .من هنا درج الوليد بعد ان انحنى العمود تحت ثقل السنين وقد اتهمت هذه المدرسة كونها نتاج الحضارة الغربية وشنت عليها حرب لا تحمل مبررات الحرب ورغم تلك المعوقات فرضت المدرسة الجديدة نفسها وأرست قواعدها بثبات وأصالة الي جانب هرم العمود الذي رافقته الهيبة والجلال وانغرست جذور ارومته علي تراب التاريخ في مرحلته المشرقة والمتوجة بمجد اللغة العربية وقيم الامة وما ان وقف الوليد علي اقدامه حتى اينعت الثمرة التي نعتت بالمحرمة واتهم كونه لا يمت الى السلالة العربية وهو نتاج الحضارة الغربية وقد اتهم هؤلاء الرواد كونهم نهلوا من قصيدة الارض اليباب للشاعر الانجليزي ت.س اليوت
ان مهمة الكاتب مهمة جسيمة فهو يكدح ليقدم شيئا بين يد القارئ طبق حلوى من الخمائر الفكرية ,او أضمامة ورد من حدائق الرؤى التي تحمل عطر الكلمات لمن يميل لشم العطـر من نثيث القلم الراسم جنان التصور وجحيم المسارات غير المألوفة لدى المتلقي على مسطحات الورق الابيض الصقيل والذي ينتـظر النقش لنقل الرؤى من طور سكونية الأشياء الى ديالكتيك التحرك ألروحي لتثوير الحالة السكونية الى حالة حركية توغل للرؤى والحالة المبصرة
ان خيال الكاتب هو حالة الهامية تختزل ألمسافات وتجاوزات المكان في زمنية تجاوز اللامكان والدخول الى يوتوبيا المعرفة عبر المستحيل مثل عبور الوميض لملكوت الظلمات خلف خطى فاتح جديد .
ان منهجية النص تخضع لقدرة الكاتب ولبناء الابراج الفكرية المتخيلة والمستخلصة من رحم المعاناة وترويض حالة ألجمود والاقتحام بألية انفعالية تتداخل فيها العناصر البركانية بعد ان كانت مسطحات مائية متجلدة بفعل سكونية وانكماش المتزامن الخارج عن فعل الدوائر الصاخبة بالحركة , وبانقلابية ألطقس وانغماس البيئة بفوضوية الاشياء المحسوسة والمرئية. ان الرؤيا المستدركة بصريآ هي
الهم ألمطلق والقاطع المسافة البصرية لإملاء فراغات تجتذب المنتظر في المحطات المشوقة للقادم من موانئ الغياب لأرض الحضور في دائرة العشق الروحي حيث تحصل المعانقة ,والاندماج حد الذوبان والاتحاد وكذالك تمد الجسور بين عالمين مختلفين في القدرة على الضخ والاستعاب وملء الابار الجافة وغمر المساحات الظامئة
بالسير المواصلة لتحقيق رؤيا وجه القمر غير المنضور وتوثيق اللامدرك بالمـستدرك والقيام بكسر قوس الموانع وخلق المبررات خارج موقع الاستحالة والتأكيد على حز صخور فوهة البئر بحبل الدلاء والتأكيد على منهجية التقدم وغرس المعادلة بين المتَسلط والمُتسلط علية عبر ابجدية خيال انفعاله المستحوذ على العوالم غير المرئية في محيط التطورات حيث تأخذ مناراتها تحت اقواس مرئية وهي حصيلة معاناة تخضع لإدارة تتجذر في برزخ صاخب بالتخيل ألجميل ومحطات القبح لتحريك الحث لرصف ألقواعد ولقيام عمارة القصيدة ألمجنحة والقصة المفترشة عالمها المرعب والمغلق بظل عقدة منسوجة بخيوط التكتم حيث تأدي بالقارئ الي مدى غربة لم ترها عين ولم تطأها قدم. ان جميع الروافد الابداعية وغير الهامشية تدخل في حيز هذا الحوار شرط تواجد التوجيه المشع والمتعدد الجوانب. ولكي نتجنب المنزلقات والسقوط الى فراغ سرمدي لا يسمح للحديث بالوقوف على خشبة مسرح لمحاكاة الانسانية بل قد يتداعى على حواف التخوم الاقليمية خاسرا خيار الوغول في مسارب الانفتاح الكوني لاكتمال الصياغة الجميلة في الدائرة المفضية لحيازة الكمال ولسبك وتنضيد الهرم لأسطوري ضمن طقوس الحلول و التقويم وبلورة ما هو بديهي حسبما يلوح للناظر بالشكل السطحي دون الغوص في لب الاشياء و تصنيف المعادن من خلال التعامل معها ووضعهـا في البودقة لكشف عن خصائصها بممارسة واعية ونافذة للجذور وهي غارقة في الطين
الوقوف قبل المراجعة لنقاط العبور الممنوح لتحفيز الثابت و جره الى المتحرك لاستثمار الخلاصات وتجاوز ازمنتها بفعل الحديث الاكثر صفاءً بانتظار الادق لصياغة وخوض لأوسع محيط حيث الكمال والحلم خارج اديولوجية النص للبحث عن الشيء في اللاشئ بين غروب الحدث وانكسار الفعل المتطور ليوتوبيا ومحطات الادب وعندما ينفعل الكاتب يلجأ الى قطف الثمار الناضجة و هو تحت ثقل معاناته الصادقة على امتداد المسافات التى تخرج عن جغرافيا الارض وتماس النقاط الحدودية في اوقيانوس المطلق و التجاوز اللامحدود...
في لياليها العصيبة امام اصرار وغطرسة شهريار وتحفظه من المرأة وعندما تضيق به
الدنيا وتكفهر السماء ويغزو الحانة متبرما ولكي يهرب من الواقع المليء بالمرارة والمشحون بالأسى فيلقي بنفسه الى الينبوع ليكرع حتى يتخم وينغمس حتى يغيب عن الوعي في سكره و نشوته حتى تتلفه او يتلفها في طقس يسمو به في هيكل الحب والحب العذري المطهر من شوائب الشطحات المدانة عرفاً وفي النجوى قد تخرج عن المألوف في الوسط الاجتماعي ويقف الشاعر في محرابه منقطعا بإخلاص وهو يحرث الافق ويمسح وجه الارض ليضع الرموز والعلامات لرسم جغرافيا القصيدة ويقومها على نسيج قاموسه الشعري وعلى امتداد الزمن نراه يقف وهو في غيبوبة صامتاً صمت الموتى يفتح صدره للريح وهي تعول
حيث ينطفئ ويتألق حيث يتجه عرابه الذي يقوده على مسطحات القراطيس لرسم القصيدة النزقة الخارجة عن قواعد الحياء العربي الى جانب القصيدة الاعلامية والتى تتميز بالانحياز للقبيلة والشاعر منذ ولادته الشعرية كان تعبيرا قوياً ودعامة امام رياح الخصوم وهو جزء لا يتجزأ من ارومة القبيلة والقصيدة عنده تسمو وتترعرع وتركض مثل ركض الليالي ولهاث النهارات حيث تدخل في الاطوار المتشعبة عبر ديمومة انطلاق ما بعد المراوحة او الخبب فالشاعر نتاج عصره المتموج بالفرح المطلق او ازماته الاحادية وحيث تغور جذوره في تربة المجتمع والشاعر يبقى اسير عادات وتقاليد مجتمعه المستقرة في الوجدان ولتحقيق الطفرة واختزال المسار للحاق بالمواكب العابرة الحقب والقرون صوب العالم المقبل للدخول من بوابة التاريخ ولغرض حضوره ووضع البصمة على الاهاب من حيث يشعر او لا يشعر وهو يأتي مندفعا بعوامل الغريزة لتحقيق الذات من خلال الخضم الطاغي بالأصوات فهو دائما وأبدا يحاول بكل تأكيد فرض صوته في كينونة تعطي للقبيلة حقها وفي زمن التحديات لكسر القيود القافية والخروج من القفص المعلق في قصور الخلفاء والملوك والانقلاب من انقباض الصدر والعجز وقد جعلت الشاعر يتزلج بكامل حريته من منحدرات ووعورة اللغة البدوية ليستقر على الشارع الحضاري المفروش بالورود المنزوعة عن اشواكها كل ذالك الكدح وتلك المعاناة لجعل القصيدة متحرر من قيود القافية وتحديد عدد التفعيلات للبيت الشعري الواحد فالقصيدة صارت تقوم في فضاء رحب وسمح لتحلق بأجنحة تأهلها لعبور الموانع المسيجة بالأسلاك الشوكية مع عرابها الثائر والداعي الى الخروج على أطر الاقدمين وعندما نخضع لحكم التطور نعود الى لمراجعة التيارات الشعرية وظهور تلك التوجهات التى قادت التطورات الشعرية عبر الطفرات التى حصلت بعد زمن المعلقات في العمود الكلاسيكي بهجر المقدمة الرثاء والمديح بل ولكل التشعبات الشعرية وقد ارسى ابو نؤاس قواعد جديدة وجريئة في المخاطبة المؤنث بصيغة المذكر وتجرى اكثر فإلقاء المقدمة الغزلية في القصيدة الشعرية من قبل الشاعر في جميع الاغراض الشعرية وأوجد بعمله هذا ما يقرب من وجود مدرسة شعرية جديدة بل وثورة في الشعر العربي اخذت مكانها تحت الشمس
ومن ثم تلتها محاولات شعراء الاندلس للموشح فظهر كنجمة متلألئة في سماء الشعر العمودي,وكذلك عمل المهجريون العرب.وكانت لهم محاولات تقترب من الخلق والخروج على الاطار الذي يضم تراث وتراكمات الشعر العمودي منذ ولد واخيرآ ولدت المدرسة الشعرية العراقية لتبلور طموحات شعراء الامة العربية الممثلة بالثالوث المجدد (نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي)ومن هنا درج الوليد بعد ان انحنى العمود تحت ثقل السنين.وقد اتهمت هذه المدرسة كونها وحسب زعم الخصوم اعداء التجديد والتطور الحضاري كونها نتاج الحضارة الغربيه.وشنت عليها حربآ ظالمة لا تحمل مبررات الحرب.ورغم المعوقات فرضت المدرسة الجديدة نفسها.وأرست قواعدها بأصالة وثقل شعري واصطفت الى جانب هرم العمود الذي رافقته الهيبة,وانغرست جذور ارومته على تراب التاريخ في مرحلته المشرقة,والمتوجة بمجد اللغة العربية وقيم الامة واخيرآ تحرك الوليد,وراح يدرج بدون قيود او سلاسل تعوقه في المضمار,الى جانب العمود الذي استهلكته السنون وأتعبته القرون فالطائر الجديد راح يحلق بجناحه الحريري الناعم وهو يجسد حضوره مع التأكيد على وضع الخطوط البيانية المرئية لحظة التهويم,والشطحات غير العابثة في مملكة الطواف,وقداسة التعامل شرعية الممارسة المحتوية على تذوق النبيذ الجمالي في الجو المشحون بالموسيقى,والنغم الاخاذ,والوترية المنفردة والتلاوة الكهنوتية ومعبد الوحي خلال الستائر المخترقة من قبل الشاعر المطبوع على الهوس الطفولي في مدار يستوعب العالم وهو يدور في دوامة هواجسه عند تلاوته غير المرئية على طول البرزخ الموحي بالسرية واستباق الوحي ولتحقيق التجاوز في هيكل التصور والطواف في مدار الحلم الطامح خارج القفص الطيني والعوم في منابع النور وإطلاق عصفور الروح فيما وراء الرؤى لفتح كتاب الشعر والتعبير عما يجول في النفس ورفع الستاره عن المسرح في حيز الخيال المحض الى جانب مادية العبارة المحسوسة وسموها عبر ديالكتيك التصور بين الناطق والصامت في زمنية قد يلتهمها الشوق او يلقي بها الملل في الفراغ، كلمة اخيرة القيها في اذن القارئ الكريم
ان الشعر الجيد يعتمد على اصالة الشاعر في ابداعه في الانتماء الى العمود ا والاصطفاف الى جانب الشعر الحر



#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - مقدمة في الادب العربي