أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - هل افلت زمام السيطرة على الشر ؟















المزيد.....

هل افلت زمام السيطرة على الشر ؟


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 22:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صبى صغير يلهو فى حقل, فيلتقط بدافع الفضول جسما غريبا - لغما ارضيا - فينفجر تاركا اياه اعمى ومبتور اليدين مدى العمر. ام تتخلى عن رضيعها تاركة اياه بين النفايات على جانب الطريق. عامل صرف من وظيفته يعود الى مكان عمله السابق, فيطلق النار على كل من يلتقيه, ثم ينتحر. مواطن ذو مكانة مرموقة يسئ جنسيا الى اطفال لا حول لهم ولا قوة.
من المحزن ان تصبح التقارير عن مثل هذه الشرور شائعة جدا فى ايامنا. والادهى ان هذه التقارير كثيرا ماتحجبها اخبار التطهير العرقى والابادات الجماعية والعمليات الارهابية. ذكرت افتتاحية فى احد الصحف سنة 1995 : " هذا هو قرن الشيطان نظرا الى الفظائع التى تجرى فيه. فلم يكن هنالك عصر اظهر فيه الناس استعدادا وتوقا الى قتل ملايين الناس الاخرين لأسباب عرقية, دينية, او طبقية ".
وفى الوقت نفسه يعيث البشر فى الارض فسادا, فيلوثون جوها ويستنزفون مواردها ويعرضون انواعا لا تحصى من الكائنات لخطر الانقراض. فهل يقهر البشر يوما كل هذه الشرور ويحسنون حالة العالم ويجعلون منه مكانا يسوده الامن والاستقرار ؟ ام تكون جهودهم اشبه بجهود من يحاول كنس صحراء بمكنسة ؟ قال بروفسور كتب بشكل مفصل عن موضوع الشر : " لى رغبة عارمة ان اغير واحسن العالم. لكنى لا أرى فى العالم اى تحسن ملموس ". ولربما تنتابك انت ايضا مشاعر مماثلة.
ان مجريات الاحداث فى العالم تجعله اشبه بسفينة تبحر فى مياه تزداد هيجانا وخطورة يوما فيوما. وتمنى بالفشل جميع الجهود الرامية الى تغيير مسار السفينة اذ تجرى الرياح بما لا يشتهيه احد. فتستمر السفينة متجهة بسرعة نحو العاصفة الهوجاء والمميتة. وليس من يوقفها.
يمكن القول الى حد ما ان النقص البشرى مسؤول عن احوال العالم المتدهورة. لكن استفحال الشر بلا هوادة على كافة الصعد والمستويات يجعل من الصعب توجيه اللوم كله الى خبث الانسان فقط. فهل يعقل ان يكون الجنس البشرى تحت تأثير قوة شريرة هائلة غير منظورة تدير دفة السفينة ؟ واذا كان الامر كذلك. فما هى هذه القوة وكيف يمكن ان نحمى انفسنا منها ؟
كشف القناع عن اصل الشر :
فى القرن الاول من العصر الميلادى. كان يهود كثيرون ينتظرون مجئ المسيا. المخلص الموعود به. وحين جاء يسوع على الارض عزى الناس واراحهم, كما منحهم الاستنارة الروحية . فقد شفى المرضى, اطعم الجياع, سيطر على العوامل الطبيعية, حتى انه اقام الموتى. كما انه تكلم بكلام الله ووعد البشر بحياة ابدية. فكان كل ما قاله وفعله يسوع برهانا لا يقبل الشك على انه المسيا. محرر البشر من الخطية وكل اثارها الرديئة.
من حيث المنطق. وجب ان يكون القادة الدينيون اليهود اول المرحبين بيسوع. لكنهم لم يصغوا اليه ويقبلوا ارشاده , بل ابغضوه واضطهدوه وتامروا على قتله. كان هؤلاء القادة ملومين. وقد دانهم يسوع بحق. لكنه علم ان وراء الشر الكامن فى قلوبهم شخصا اخر يستحق اللوم. قال لهم : " انتم من ابيكم ابليس, وتريدون ان تعملوا شهوات ابيكم. ذاك كان قاتلا للناس من البداية, ولم يثبت فى الحق, لأنه لا حق فيه. متى تكلم بالكذب فهو يتكلم وفقا لميوله, لأنه كذاب وابو الكذب ".فمع ان يسوع ادرك ان البشر قادرون على ارتكاب الشرور, اظهر ان المصدر الحقيقى للشر هو الشيطان ابليس.
عندما قال يسوع ان الشيطان " لم يثبت فى الحق ". اظهر ان هذا المخلوق الروحانى كان فى السابق خادما امينا لله انحرف عن المسلك الصائب. فلماذا تمرد الشيطان على الله ؟ لانه نمى فى قلبه مشاعر الاهمية الذاتية حتى اشتهى ان تقدم له العبادة الواجبة لله دون سواه.*
ترجم الشيطان تمرده فى جنة عدن حين خدع حواء لتأكل من الثمرة المحرمة. فأصبح أبا للكذب, اذ تفوه بالكذبة الاولى وافترى على الله. كما ان ابليس اوقع ادم وحواء فى قبضة الخطية حين اغواهما بعصيان الله. فماتا فى النهاية وجلبا الموت على كل الاجيال اللاحقة. وهكذا صار الشيطان قاتلا ايضا. بل افظع قاتل على الاطلاق.
لكن تأثير الشيطان لم يقتصر على الجنس البشرى, بل تعداه ليبلغ المخلوقات فى الحيز الروحانى. فقد استمال ملائكة اخرين لينضموا اليه فى التمرد. ( بطرس الثانية 2 عدد4 ) ووعدهم بممالك ورئاسات لحكم البشر وادارة شئون الارض.على ان يكون هو صاحب الشأن. وعلى غرار الشيطان, اهتم هؤلاء الملائكة الروحانيون الاشرار بالبشر بدوافع غير لائقة. فقد ارادوا اشباع شهواتهم الجنسية المنحرفة وكانت العواقب وخيمة.
يخبرنا الكتاب المقدس : " وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون ... وولد لهم بنات, ان ابناء الله رأوا بنات الناس انهن جميلات. فاتخذوا لأنفسهم زوجات, كل من اختاروا ". ( تكوين 6 عدد 1 و 2 ) من كان ابناء الله هؤلاء ؟ انهم مخلوقات روحانية, لا بشرية. وكيف نعرف ذلك ؟ لقد كانت الزيجات بين البشر تجرى منذ نحو الف وخمسمئة سنة, وبالتالى لم يكن فى الزواج بين البشر امر جديد يستحق الذكر. لذلك حين تتحدث الرواية عن العلاقات الجنسية التى اقامها " ابناء الله " المتجسدون مع " بنات الناس ". لا بد انها تشير الى شئ شاذ وغير مسبوق.
وما يؤكد شذوذ هذه العلاقة . اولاد دعوا النفيليم . فقد كانوا نسلا هجينا كبروا وصاروا عمالقة وطغاة مستبدين. وفى الواقع, ان الاسم " نفيليم " يعنى " المسقطين " اى الذين يسببون سقوط غيرهم. ويوصف هؤلاء المتوحشون انهم " الجبابرة الذين منذ القدم, الرجال ذوو الشهرة ". - تكوين 6 عدد 4. اقرأوا الحاشية فى نهاية المقال.
فاق النفيليم واباؤهم شرا كل من سبقهم, تذكر التكوين 6 عدد 11" فسدت الارض امام الله, وامتلأت ... عنفا ". فقد تبنى البشر الوسائل العنيفة والمنحرفة التى اتبعها الدخلاء الذين حلوا وسطهم.
وكيف مارس النفيليم واباؤهم تأثيرهم الشرير فى الناس ؟ باستهداف غرائز البشر ورغباتهم الخاطئة. وماذا كانت النتيجة ؟ يقول السجل " كل جسد افسد طريقه على الارض ". لذلك اهلك الله اخيرا ذلك العالم بطوفان اجتاح الكوكب بأسره. ولم يخلص الا نوحا البار وعائلته. اما الملائكة المتجسدون فأخلوا اجسادهم ولكن لم يسمح لهم بدخول الحيز السماوى, فسكنوا قريبا من الارض ممارسين تأثيرا شريرا جدا على الساكنين فيها.
ومنذ ذلك الحين فصاعدا. منع الله هذه الارواح الشريرة من اتخاذ اجساد بشرية. ( يهوذا 6 ) رسالة يهوذا اصحاح واحد.
تكشف لنا رسالة يوحنا الاولى المدى الذى وصل اليه تأثير الشيطان الشرير. تقول الاية ان " العالم كله تحت سلطة الشرير ". فالشيطان يدير دفة هذا العالم مقحما البشر فى عاصفة من الويلات المتفاقمة. وهو مصمم اكثر من اى وقت مضى على الحاق الاذى بالبشر. لماذا ؟ لأنه طرد هو وأبالسته من السماء بعد تأسيس ملكوت الله فى السماء. وعن هذه الحادثة انبأ الكتاب المقدس : " ويل للأرض والبحر, لأن ابليس قد نزل اليكما, وبه غضب عظيم, عالما ان له زمانا قصيرا ". رؤيا 12 من عدد 7 الى 12. فكيف يمارس الشيطان تأثيره فى البشر اليوم ؟
انه يفعل ذلك ببث روح يسيطر عل تفكير الناس وتصرفاتهم. لذلك تدعو افسس 2 عدد 2 ابليس " حاكم سلطة الهواء, الروح ( اى الموقف السائد ) الذى يعمل الان فى ابناء العصيان ". فبدلا ان يشجع هذا الهواء الشيطانى الناس على فعل الخير وخوف الله, يحرضهم على التمرد على الله ومقاييسه. وهكذا يروج البشيطان وابالسته الشر ويضاعفون خطورته.
ان احد مظاهر هذا الهواء هو وباء الفن الاباحى الذى يؤجج الرغبات الجنسية غير اللائقة ويظهر السلوك المنحرف بمظهر جذاب. ومن المواضيع التى يقدمها الفن الاباحى على سبيل التسلية هنالك, السادية, الاغتصاب الفردى والجماعى, البهيمية, والاساءة الجنسية الى الاولاد. حتى اشكال الفن الاباحى الاقل ضررا تؤذى الذين يشاهدونها او يقرأونها, وتسبب لهم الادمان وتحولهم الى متلصصين يستمدون اللذة الجنسية من النظر الى مشاهد خلاعية. وهذا شر يدمر علاقة البشر بعضهم ببعض وعلاقتهم بالله على حد سواء. ويعكس الفن الاباحى مدى انحطاط ذهنية الشياطين الذين يروجونه. وهم المتمردون الذين اعربوا عن رغبات جنسية غير لائقة ايام نوح فى عالم ما قبل الطوفان.
والشيطان يستهدف قلب الضحية المجازى - مقر الدوافع والرغبات - ويسعى الى افساده.
علينا ايضا ان نحمى قلبنا من محبة العنف. فليس من قبيل الصدفة ان تزخر وسائل الاعلام الشعبية بالعنف الذى غالبا ما يمزج بالسحر وعلوم الغيب . لقد مات النفيليم وولوا ىمنذ زمان بعيد, لكن طباعهم وتصرفاتهم لا تزال سائدة.
تبدو قوى الشر هائلة لا تقهر.
كتب عن ابن الله يسوع المسيح " لهذا اظهر ابن الله, لكى يحبط اعمال ابليس ". يوحنا الاولى 3 عدد 8. فنهاية الشر قريبة وحاسمة. ووعود الله لا تكذب.

* لا يعرف الاسم الاصلى للملاك الذى اصبح الشيطان. لكن الاسمين " الشيطان " و " ابليس " يعنيان فى لغات الكتاب المقدس الاصلية " المقاوم " و " المفترى " ويشبه مسلك الشيطان فى بعض النواحى مسلك ملك صور القديم ( حزقيال 28 من 12 الى 19 ) فكان كلاهما فى البداية بلا عيب فى طرقهما. لكنهم انقادا لتكبر قلبهما.

اساطير تردد صدى الحقيقة :
نجد فى الاساطير القديمة حول العالم قصصا عن انصاف الالهة والعمالقة وطوفان اجتاح العالم. على سبيل المثال, تذكر ملحمة جلجامش الاكادية طوفانا, سفينة, وناجين من الطوفان. ويوصف جلجامش بانه بطل شهوانى عنيف ثلثاه اله وثلثه انسان. وتذكر اسطورة ازتكية ان عالما قديما سكنه عمالقة اجتاحه طوفان عظيم. علاوة على ذلك, تصف اسطورة نورسية ( اسكندنافية ) عرقا من العمالقة ورجلا حكيما يدعى بارغلمر بنى سفينة ضخمة وانقذ نفسه وزوجته, ان شهادة مثل هذه الاساطير مجتمعة تدعم شهادة الكتاب المقدس ان كل البشر تحدروا من ناجين من طوفانا دمر عالما قديما شريرا.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرطوم الفيل
- وجه المسيحية المتغير - هل يرضى الله ؟ (2)
- وجه المسيحية المتغير - هل يرضى الله ؟
- المتطوعون وهم يعملون (2)
- المتطوعون - هل يفيد وجودهم ؟ (1)
- هل يعقل ان تحدث العجائب ؟
- حياة ذات معنى - كيف نجدها الان ؟ (2)
- ما السبيل الى حياة ذات معنى حقيقى ؟ (1)
- موت احد الاولاد
- كيف تجعل زواجك ناجحا ؟ (2)
- زيجات على شفير الانهيار (1)
- المذكرات - صديق جدير بالثقة
- الأرض هبة الله لنا
- احترزوا من التفاخر
- التطور ليس واقعا
- سنو المراهقة المقلقة تلك (4)
- تعليم الجنس للاطفال - حيوى ان يكون باكرا (3)
- تعليم الجنس للاطفال - متى ؟ وكم ؟ (2)
- اطفالنا - من يعلمهم عن الجنس ؟ (1)
- السر وراء الفقاقيع - الشمبانيا


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - هل افلت زمام السيطرة على الشر ؟