أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - إعدام الممثل في مسرحية مغامرة كونية للمخرج عباس الرهك















المزيد.....

إعدام الممثل في مسرحية مغامرة كونية للمخرج عباس الرهك


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 3887 - 2012 / 10 / 21 - 19:11
المحور: الادب والفن
    


لا يوجد ادنى شك عند انشتاين, في ان الوصول لسرعة الضوء سيحيل نظريته لكتب تاريخ على الرف, كما لا يقام لكتب ستان المسرحي الروسي أي رف يحمل كتبه لو لم يقم بتذييل اخرها بكونه وضع اعمدة فن التمثيل ويدعوا الجميع ليقيموا غيرها, وهكذا فعل مايرهولد اول الأمر, وفي مدينة الحلة توجد كلية للفنون الجميلة تابعة لجامعة بابل, تحاورت فيها اجيال وتماهت لأجل تقديم كل جديد, فمثلا كان يدخل ويلقي السلام ثم يتدحرج من على مدرج المسرح الدائري المليء بالغبار والمكدس بالأتربة حيث لا يبقي شبرا من قامته الطويلة الا وتغطت بالكامل, أستاذ فن التمثيل الدكتور عباس محمد ابراهيم في محاضرته الأولى لطلبة المرحلة الأولى من الدراسة الأولية من كل عام دراسي, متأنق لأبعد ما في الأناقة من حدود تجاوزت المحلية, فهو يدقق في اختيار أجودها من ماركة لملبسه ونظارته الشمسية خاصة, لماذا يفعل ذلك ؟, ببساطة, ليقول بصريا عمليا دون حاجة لخطبة رنانة, اهلا بكم في مهمة صناعة حياة من على خشبة المسرح, تخيل حجم هذه المهمة الملقاة, في لحظة انتشاء لطالب جامعي متأنق, لم يجد كلية تقبل معدله المنخفض الا الفنون والرياضة !.
ان الفضل كل الفضل يعود لهكذا نماذج اكاديمية, وهذا الدرس العميق الأثر يترامى على اطراف خارطة ذاكرة لطالب لم ترمي به الصدفة لدراسة فن المسرح حينما يتنغص وهو متألم لحجم الجهود التي يقتضيها الأمر ليجد له مكانا في هذا المجتمع الذي يلفظ مبدعيه, من الذي فجر هذه الخرافة لتصل حد النهم ونفخ فيها نارا احرقت كل تقاليد التمثيل المسرحية العتيقة ليتمكن طلبة وخريجي كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بابل من اختراع براءة لهم من كل الذي تم تلقينهم عليه مسرحيا, كيف يمكن ان يتفاعل مراقب لهذا النتاج بنتاج مراقبته دون استدراك لتجارب تحرير الممثل في مدينة الحلة من سجن المسرح السياسي التعبوي الباهت اللون عند كل من العاملين والجمهور, ذاك التواجد المتخلف الملوث لخشبة المسرح الذي تم خرق جداره بواسطة الدكتور احمد محمد عبد الأمير, حينما صرخت اجساد ممثليه بثورة ضد الحوار وسلطة الخطاب الأدبي ليحيل فن البانتومايم الى بديل موضوعي, متماشيا مع رجرجة كارثية الأثر على نتاج المسرح العراقي عموما قام بها المخرج طلعت السماوي باستثماره لفن الرقص بديلا عن التمثيل نوعا ما, فتناوبت تلك التجارب الصارخة في رفضها لواقع النمطية والعسكرة المدنية, رغم فشلها الجماهيري, حاليا ؟.
لم يأتي عباس الرهك من فراغ, قد يتجاوز كل الحدود المعقولة لو حاول احد المشاركين في هذا العرض المسرحي ان يتجرا على تحديد تلك الآلية المتبعة من خلال المخرج عباس الرهك في اعداده لممثليه تحضيرا لعرض مغامرة كونية الذي اقيم في مدينة الحلة على انقاض احد صروح الحداثة الا وهي محطة القطار, قد يكون تجرا احدهم وتلقى بعض الدروس البصرية مسبقا من خلال عروض سبقت هذه التجربة الا انه لم يقف عندها مقارنا فقط, بل مباهيا ذاته بأنه حضرها, ان الجهد النقدي لأقامة مقاربة مفترضة نوعا وكما بين هذا العرض وما تراكم من نتاج محلي لفن المسرح عله يقف الآن دقيقة صمت حدادا على كل ذاك الدرس الأكاديمي الذي تروضت عليه الأنظمة الشمولية في تعليم فن السرح, والذي بدوره أي المسرح, قد اثبت مجددا من خلال مسرحية مغامرة كونية انه لا يمكن لأي حالم ان يحيله لكابوس بمجرد محاولة السيطرة عليه, فهذا الطرد المركزي للسلطوية جوهر لا يمكن الفكاك منه دون خرق عهد مباشرة بين ممثل وجمهور اعتاد ان يملى عليه مسرحيا, الا ان مغامرة المخرج عباس الرهك توغلت في الحرية حد اشتراط اللا شرط في اساسا لولادة حرية التلقي عند جمهوره, ولكي نقف مجبرين على سياق شبه اكاديمي لدراسة التمثيل في هذا العرض المفرط في تجلياته المستقبلية, لابد ان نهتف بأسم فن توجيه الممثل عاليا, فله كل الأثر بهذا النتاج المبدع, لا بحضوره, بل بغيابه فعليا عن دراسة وخبرة الممثلين في هذا العرض, مما حدا بهم الأرتجال في تفاسيرهم لهذه الحياة الفنية التي تحيط بهم, دون وعي يمكن ان ينقذ تلك الحيرة الأيجابية التي بنيت على كون حاجة قد تلد اختراع, هذا الهم الذي تمكن من الممثلين في طلبات النجدة من كل قواهم المساندة لدور لم يكن اقل مما حلموا بأداءه فضلا يكتب لختيارهم فيه يسجل بلا شك للمخرج عباس الرهك, حيث تمارض اخراجيا لألهاء رغبة ممثليه في رؤية هالة القائد التي اعتاد العراقي التعكز عليها في واقعه املا في اجازة العقل المتعب, وذلك التوجه افصح عن انسيابيته حين التهبت نار مشكلة كأحد عناصر هذا العرض جسد ممثل عن طريق خطأ فني لا يعد خطأ انساني, فتعمقت بكل هذه اللا اخطاء رؤيتنا الى منهج عباس الرهك مع ممثليه, انت حر في فضاءك, وانا معك لأؤكد هذه الحرية, فاتخذ له دورا تمثيليا معهم, وتمادت خطة الأخراج لتصل حد ستراتيجية اخراج اللحظة, اخراج وتمثيل وليد اللحظة, غير قابل للتكرار, تجربة حياة, كما لم تذكره الكتب, ولم تعد به المناهج, ولم يثني عليه من لم نراهم على خشبة مسرح, في دراسة الفن المسرحي في العراق, اليست تجربة يجب ان تدخل في نطاقها المنشود من البحث والدراسة والثورة على كل الجمود ؟.
قد تأمل المتلقي من هذا العرض المسرحي أكثر مما تناوبت طاقات الممثلين على ملأه من فراغ, ليس لشيء سلبي في اداء تلك المجموعة المتميزة, انما لأن هذه التجارب نادرة جدا, وسيعول على القادم منها للمخرج عباس الرهك وطاقم التمثيل الذي سينتقل من هذه المحطة بقطار يمتطيه الشر الذي تجسد في شخصية تطير بجناحين لممثل علي سمير من بعد صراخ بدأ بدعوة الباقين منهم الى هذه المسرحية افتتح به الممثل كاظم خنجر سلسلة من مغامرات جدل انساني تمخض عن نزل الممثل تمار ميثم من سيارة تجاور قطارا واقفا على سكة تجاور سكك اخرى تحيط بها عربات النقل والتخزين فلم يكن هنالك ما يصلح للبشر في منظر المسرحية المتناثر في رحلته للمجهول كما هي الحياة التي تحايث معها المؤلف والمخرج, تناغمت صيحات الممثل احمد ضياء مع تفاعل كل من حسين درويش وباقي المجموعة لتؤكد عمق الضياع الذي يلف بتاريخ انسان يبحث عن الخلود واقفا في طريق يؤدي بين عربتين للقطار ترجل منها كل ما هو معاصر ليلتف بقضية اجاد تصويرها موسيقيا مهندس الصوت علي فؤاد, فأرتفعت رؤى التلقي حينما اختطف كل دهشة ذاك الدخول لمجموعة بدائية من الشخصيات تريد اللحاق بأخر قطار مسافر الى المجهول من خلف الجمهور تهادت في تخلفها المعلن عن مرآة عصر بكى ضاحكا الجمهور حينما ادرك ان النهاية تصادم القاطرتين المفترض ولو كانتا على غير سكة واحدة, هل ادخال طائرة لعرض مسرحي هو الذي يتبقى للمخرج صلاح القصب ليتميز به تقنيا على صعيد الأخراج ؟.
نعم لقد تم اعدام ذاك الممثل التقليدي في هذا العرض, الممثل الذي لايعرف للتجديد والتطور طريقا ما تبقى من نظريات نتصدى من خلالها لقراءة العرض تمثيليا ؟, فمرونة الصوت والجسد حين تكون مسافة التمثيل كيلومترين في عمق لا حد له الا محيط محطة القطار من بيت الحي السكني المجاور, لا شك انها ارتفعت في قدرتها وانحدرت كثيرا في تاريخ المسرح لتعيد امجاد الممثل الذي يرتدي قناعا فيه بوق يساعد على توصيل الصوت لجمهور مسرح اليونان والرومان, الاان الممثل في هذا العرض كان عاريا عن كل تقنية مساندة, وعلى الرغم من ذلك الفقر الجروتوفسكي, والقسوة الأرتوية وتماهي العرض مع تجارب الشارع والمقهى والشمس من تيارات مسرحية معاصرة, الا انه اخترق حداثوية تلك الهنات ليصرخ الممثل فيه معلنا بداية التحدي لكل العقبات السوسيولوجية التي اثرت ان اراها في ملامح الجمهور لما اتخذت لي عمودا يقيني تساؤل عدم الجلوس معهم, كيف اضيع فرصة مشاهدة الشاعر موفق محمد والناقد محمد ابو خضير ومراسلي الفضائيات المحلية على رأسهم فاضل الكرعاوي وهم يبحثون عن كرسي ليقفوا عليه لأستكمال دورهم في هذا العرض كمشاركين ومساهمين وفاعلين عنوة دون أي نزعة نخبوية, فهذا العرض للجميع, كان الممثل عاريا بلا تقنية حافيا على رمل وصخر سكة قطار محطة الحلة, لقد انتقل الممثل لهذه المرحلة من قدرة دفع المخرج عباس الرهك ليغادر كتب التاريخ منطلقا من عرضه الأخير بعنوان كشكول حضاري متجها لصروح الحداثة التي تمثل نقاطا بيضاء تناثرت على سواد صفحة سبات تقدم هذا البلد المنهك, فلولا هذه الطاقة الكامنة في دواخل صدور الممثلين ما تجرأ المخرج على هكذا تجربة, غير اكاديمية, وما تجرأت على الأشادة بها لو كان العرض داخل اكاديمية الفنون التي وجدت لكي ترسخ فن المسرح, فأنتقال هذه التجارب خارجها ينم عن فكر ملتزم بالدور الأكاديمي المحدد, والذي يعول عليه كثيرا في عهد رئيس قسم الفنون المسرحية الأستاذ الدكتور علي محمد هادي الربيعي, مما يجعلنا ننسى تجربة اخفاق مشاركة الكلية في مهرجان ينابيع الشهادة المسرحي الذي يترأس جهوده السيد نقيب فناني بابل الأستاذ زهير المطيري مشكورا, الى مزيد من الجنون ايها الممثل لدى عباس الرهك, الى مزيد من خرق كل ما هو غابر ايها المخرج الذي نجح بإخراج مسرحية تنتمي للمذهب المستقبلي مضمونا, فمستقبل الثقافة رهن بالتطور التقني, على ان تصل رسالتك كما لو ان هنالك سكة وقطار يصل شمال وجنوب العراق دون تبعثر كوني في مغامرة الديمقراطية.

الكاتب
سرمد السرمدي
أكاديمي - مدرس مساعد - ماجستير- فنون مسرحية - كلية الفنون الجميلة - جامعة بابل - جمهورية العراق



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أداء الممثل علي الشجيري في مسرحية احلام الفناجس
- تقنية الممثل فاضل عباس في مسرحية مطر صيف
- نظرية اللا مسرح الرقمي للمخرج محمد حسين حبيب
- عبد الوهاب الخطيب مخرج مسرحي أكاديمي
- في بورسيبا بابل كشكول مسرحي لا حضاري
- مخرج مسرحي يمنح المالكي مئة يوم
- عورة انكشفت في مسرحية لخيال الظل
- يوم المسرح العالمي في العراق
- سقف الفنون الجميلة يسقط على أستاذ وطلبته في جامعة بابل
- تجربة مهرجان مسرحي في ذي قار
- الانتحار في سبيل لحظة حب
- صباح الخير أكرهك حبيبتي
- فوائد الإدمان في العراق
- مزبلة القلب البشري في العراق
- التدخين مسموح في الحب
- ماهية المسرح العراقي المعاصر
- مفهوم الأدب في نظريات النقد المعاصر
- ميتشل فوكو في التحليل النقدي للتاريخ الإنساني
- جاك دريدا في التحليل النقدي للكتابة عن تجربة
- مدخل النظرية النقدية في الفكر المعاصر


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - إعدام الممثل في مسرحية مغامرة كونية للمخرج عباس الرهك