أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي المسعودي - مدينة الثورة















المزيد.....

مدينة الثورة


محيي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 3887 - 2012 / 10 / 21 - 15:51
المحور: الادب والفن
    



لقد غيّرت العالم, بما وصلت اليه وحققته من انجازات في العلوم والتكنلوجيا والآداب والفنون ... انها الثورة الصناعية في اوروبا , ومثلها, حدثت عندنا في هذه المدينة, ثورة, ثورة شاملة. فعلت فعلها, اسرع من فعل ثورة اوروبا الصناعية حتى صارت لهذه الثورة تقنياتها وفنونها في العمل وسائر الميادين الاخرى.. غيرت وجه المدينة بعد ان غيرت الذات الخفية للفرد والمجتمع واحدثت هذه الثورة ثورات اخريات في ميادين كثيرة.. كالمجتمع والأخلاق والسياسة والامن والقضاء.. والتربية والتعليم.. و. و.. حتى وصلت الثورة الشاملة الى كل بعد من ابعاد وجودنا ولكن في اطراف المدينة .. بقيت دار منيعة عصية في وجه الثورة الشاملة.. لم تستطع هذه الثورة بكل فنونها واختراعاتها دخول هذه الدار.. فاطلق زعماء الثورة على هذه الدار لقب (قلعة الممانعة ) لما فيها من رجال لا زالوا متمسكين بالرجولة والعدل والشرف والنزاهة والغيرة والنخوة, هذه التقاليد البالية المتخلفة وسط عالم الثورة وتياراتها المتعاظمة والمدهشة في تقدمها, نحو خلع كل قديم حتى الثياب.
وفي حفل جماهيري كبير, وبعد خطب عصماء, القاها مؤسسوا الثورة تزايد الحماس في نفوس جمهور وقادة هذه الثورة الذين اكملوا دورة الحياة في الوجود, فأقسم أحد فدائييها على دخول (قلعة التخلف) لكسر شوكة اهلها وهدم اسوارها وفتح نوافذها امام نور الثورة الجديدة, وفعالياتها من سلب ونهب واغتصاب وافتراء ومجون ومزيد من الحريات الرغبوية التي لا تعرف الحدود.. وبينما اقترب فدائيوا الثورة من القلعة وشرعوا في محاولة الدخول كان صاحب الدار قد اعد (مصيدة المتسللين) التي تعلمها واتقنها غاية الاتقان في السنين الاخيرة من حرب الوجود من اجل الفناء, التي دارت رحاها في مدن الضمائر الصحراوية المنحرفة كان صاحب الدار آنذاك ضابط حجابات على ارض المعركة في الحرب, زكان فائق المهارة والخبرة والتدبير.. لقد طبق على فدائيي الثورة عمل المصيدة واذا بالفدائي الذي دخل الدار يدور داخل غرفة اغلقت عليه بابها بشكل عجيب وصار الفدائي كأنه الجرذان داخل قفص المصيدة, لا يعرف دربا للخروج .. ولأن أحدا لم يدخل هذه الدار من قبل والجميع يجهل مسالكها ونواميسها ولم يكن بوسع احد مساعدة هذا الفدائي.. حضرت الشرطة مسرعة اطلقت سراح الفدائي من المصيدة واعتقلت صاحب الدار بتهمة خطف واحتجاز مواطن شريف.. وفدائي ووجه من وجوه مجتمع الثورة.. وقد تزداد التهم لأنها تتناسب طرديا مع حركة ابهام الفدائي وسبابته الخارجتين من جيبه, المتمخض, وجيوب عشيرته الحبلى التي سوف تلد في جيوب القضاة والمدعي العام, كان (هُبل) منتصبا وسط هيئة المحكمة و(اللات) الى يمينه و(العزى) الى يساره والمتهم - صاحب الدار - في القفص واقفا والمحامي الدفاع عن الفدائي والمدعي العام والفدائي يجلسون على كراسي الصف الاول, من قاعة المحكمة.. المدعي العام يوشوش في أذن محامي الفدائي قائلا : انا معكم على المهر المعلوم, دفعتم الحاضر, وبقي الغائب, واستطرد يقول: لم يدفع ابن الزانية "صاحب الدار" شيئا .. بينما جلس المحامي الدفاع عن صاحب الدار متبرما ربما لان الدولة كلفته بالدفاع عن الرجل الذي ليس لديه مال ولا سلطة لتصبح مساعدته طريقا ممهدا لاتهام محامي الدفاع عنه بالجريمه.
المحامي الدفاع عن الفدائي يوشوش في اذن الفدائي قائلا : ما دمت دفعت لي المبلغ كاملا فما عليك الا ان تأيد اقوالي وتعترف بصحة ما اقوله انا عنك.. يرفع هبل يده ويضرب الطاولة معلنا أذانا ببدء المحاكمة.
ينهض المدعي العام ويقول : لقد احتجز هذا المجرم المتخلف الارهابي مواطنا شريفا.. وفدائيا تطوع بدمه للدفاع عن ثورتنا الجبارة.. ونحن نطالب المحمة الموقرة بايقاع أقسى العقوبات به, هذا ولكم الامر سيدي .. ثم ينهض المحامي الدفاع عن الفدائي بحركة بهلوانية.. ويقول : (انظروا سادتي كم كان موكلي رجلا شريفا ونزيها.. قبل على نفسه الأذى وقبل التعرض للسجن وهو البريء, ولم يذكر الحقيقة حتى لا يعرض هذا المجرم - مشيرا الى صاحب الدار - للحرج ولأنه حريص حتى على التقاليد البالية التي يؤمن بها هذا المتخلف كالشرف والسمعة.. وو .. وحتى لا يضيع الحق ولكي يسود العدل اسمحوا لي ان أكشف لكم هذه الحقيقة لتكون مصباحا في درب العدل.. لقط طفح الشوق بموكلي - يا سادتي - وهزه النزق ودعته انسانيته الى حبيبته وعشيقته التي وجدت فيه شذوذ المتعة والحب المطلق والحنان والنزق والانسانية الجديدة التي فقدتها بزوجها الجلف المحتشم المتحفظ.. فبادلت موكلي الحب في ليال وليال حتى تلك الليلة التي اعمى بها الحقد قلب وعقل هذا الزوج المغتصب الظالم والمجرم فأوقع بموكلي قبل اداء واجبه الانساني المقدس اتجاه تلك المرأة زوجة هذا المجرم الذي اختطف موكلي وحجزه ثم اتهمه بجريمة السطو, والسطو في عصر الثورة ليس جريمة بل واجب, واليوم نحن جميعا نمارس ما حاول ان يمارسه موكلي مع تلك المرأة.
فأية جريمة تلك التي تُخمد نار الشبق عند الرجل والمرأة وهي على اشدها كما حصل مع موكلي, الذي مُنع نزقه واضطهدت شهوته وحُرم من ممارسة حقوقه الثورية.
محامي الدفاع عن الفدائي يعد من ابرز رواد ومنظري وعلماء عصر الثورة, في المدينة وقد ابدع واخترع واكتشف الكثير, وهو فنان بارع ومبدع, نحت من صخرة القانون تمثالا رأسه إله وجسده جسد مومس واظافره اظافر شيطان. هكذا دار الحديث في القاعة, نهض المحامي الدفاع عن صاحب الدار وقال امام القاضي ببؤس ويأس : فتشت شرائع وقوانين السماء والأرض فلم اجد لموكلي شفاعة او عذرا يخفف من جرمه ..
وبعد ان صمت صاحب الدار من صراخه شرع يبتسم ويقول.. يحيا العدل.. يحيا العدل.. بعد ان ادانته المحكمة بالجرم المشهود وألقي في السجن.
في السجن ظل المحكوم صامتا ولم يشهد رفاقه السجناء على وجهه التذمر من السجن ولم يدعِ الظلم, كما يدعيه رفاقه واغلبهم من الذين ازاحتهم الثورة الشمولية عن طريقها عندما وجدتهم على ذلك الطريق.. ولكنه اخيرا اعترف لصديقه الوحيد داخل السجن وأفشى له سرا مفاده انه قد قام بقتل زوجته قبل سبعة اعوام, حين وجدها تتلوى شهوة في احضان احد الكلاب المغتربة التي ترعاها الثورة الشمولية وتدعمها وتحميها.. وقد كان لهذه الجملة (وجدتهما على فراشي وفي غرفتي يلهثان) وقعا يخرجه من عالم العقل الى عالم الجنون.. ولانه متأكد من أنه قتلها.. فقد اسعده الحكم الأخير حيث ابعده عن عقوبة قتل الزوجة, التي لو اكتشف قتله لها لكان مصيره الاعدام وفق قوانين الثورة.. وطلب من صديقه كتم السر لان احدا لا يعلم بهذا, الا الله, وأخواه اللذان فرا هاربين الى المدن البعيدة خوفا من أن ينكشف الامر.. فتشملهما المحكمة الثورية بقانونها الشامل.. ذات يوم امام شبك السجن وقف بمواجهة أخويه اللذين عادا من اجل زيارته بعد ان علما بالأمر.. فعلم منهما ان خصمه الفدائي قد سكن دارهم مع امرأة (مشاع) من ارض الثورة, والفدائي يدعي ان هذه المرأة هي زوجة أخيهم المسجون, وقد طلقها القضاء أو هي خلعت أخيهم فتزوجت من هذا الفدائي,, والدار وما فيها مسجلة باسمها.. وليس لهم ولا لأخيهم شيء فيها.. وتساءل الاخوان : كيف يكون هذا والدار مسجلة باسم ابينا فأجابهم أخاهم السجين: ضاحكا بسخرية مريرة:- هذه بعض منجزات وابداعات الثورة في عالم القانون.



#محيي_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائرة المقاومة اللبنانية .. تربك وتُذل اسرائيل .. وتكشف عاها ...
- ديمقراطية الصحراء
- قانون البُنى التحتية ومصادر تمويل فعالياته في العراق .. مشكل ...
- من الذي شوّه ولوّث انتفاضة الشعب السوري !؟
- رجل ادمن الهذيان
- التشكلية الاردنية مها محيسن .. تتخذ من الطبيعة موضوعا ومن ال ...
- الاحداث في سوريا تكشف خفايا مشروع سحب الثقة عن رئيس الوزراء ...
- زيارة اوغلو الى كركوك محاولة - برزانية- لنقل صراع بغداد مع ا ...
- سوريا والخيار المفقود
- المقامة الرابعة ... بلاد تحكمها زمرة ابليس
- الوضع الأمني في العراق ليس كما يصفه السياسيون وتتناقله وسائل ...
- -في الترجمة من الانكليزية الى العربية - للدكتور حميد حسون بج ...
- ايفادات رسمية .. ام سفرات سياحية !؟
- كيف استطاع المالكي ان يكون اقوى من خصومه السياسيين, واكثر شع ...
- قراءة في مهرجان بابل الاول للثقافات والفنون
- لا للمؤتمر الوطني .. لا للتوافقات السياسية .. نعم لعراق قوي ...
- الفنان التشكيلي العراقي محمد مهر الدين .. قلق, وفوضى مشاعر, ...
- خطايا رئيس وزراء العراق التي اغضبت خصومه واشعلت حربهم ضده
- هيمنة اللون على الشكل والأنثى على الذكر في معرض -نساء التركو ...
- دلير شاكر فنان يحتفظ بأصالة االفن العراقي بعد خراب المكان وت ...


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي المسعودي - مدينة الثورة