أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث الجادر - حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 2














المزيد.....

حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 2


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 21:28
المحور: الادب والفن
    


.. توقفت عند اولى عتبات السلم الذي يؤدي الى السطح , حيث كنت قبل اربعين عام من الان وفي وقت نهاية العصر من كل يوم احمل سطلا صغيره مملؤه بالماء واصعد هذا السلم الذي تحول بسبب اعلان ابي حمايته له الى محميه تتزاحم فيها اعشاش الحمام البري وانا حذر من ارتكب ما يخل بهذا النظام , واجهد في الحفظ على توازني الذي كان يختل بسبب ذاك الحرص وثقل السطل الذي بالكاد كان ماؤه يكفي لان ارش به ارضيه ( الكله )( وهي عباره عن ناموسيه كبيره صنعت من القماش الابيض الناعم والذي تمت خياطته على هيئة مكان للمنام وقد ينقسم الى قسمين او اكثر حسب متطلبات العائله ,).. كانت عملية تهيئة الكله ليست سهله ولم تكن اصلا وفي المعتاد من مهمة الاطفال وليست بالاخص من مهمة الذكور منهم .. لكن في حال تعذر الام من القيام بها كانت تناط الى ابنائها جميعهم.. وهذا ما كنا قد بدانا به , لكنني وجدت نفسي فيما بعد حريصا كل الحرص على ان اكون اول الملتحقين بهذا الواجب لا لشيء الا لانني اصبحت مدمنا للتمتع بتلك النشوه الغريبه التي كانت تتملكني وانا التقي بسعديه ..حينما نطقت الذاكره اسمها . نفذت الى كل خلية من جسدي الخمسيني رعشة طفوليه احالت كياني الى كينونه من الفرح والغبطه ,, , , ( فدوه للله .. هاي شتسوي) , كان هذا اول ما تنائى من صوتها الملائكي الى سمعي وانا منكب على تثبيت ستار (الكله) من الخارج .. واذا لم تتلاعب الذاكره بالحقيقه فان كلمات سعديه هذه كانت اول كلمات اسمعها تتعامل معي كطفل ..ف( فدوه للله ) لم تطرق مسامعي على الاطلاق لا من قريبة ولا من بعيده لا من ام ولا من خاله ولا من اية امراه فكلهن كن يتعاملن معي وكانني فتى ناضج . واما الرجال واولهم ابي فكانوا وكانهم يتعاملون معي كند وكأن طفولتي كانت نسيا منسيا , كنت احسد بمراره اقراني وانا ارى الاخريات والاخرين يمازحونهم ويتلاطفون معهم وحينما يلتفتون الي تتغير فجاه سلوكيتهم ويقطع احدهم ضحكاته الساخره حينما يقع بصره علي ويحولها الى ابتسامه رزنه وهويمسح على راسي ويحيني ( هلا هلا ليث ) كنت اردد في نفسي بحنق مر مليىء بالحيره ( سؤال عما اذا كان هؤلاء كلهم تافهون او حاقدون او كارهون لي واذا كانوا كذلك فلم ؟ ) لكني شيئا فشيء اعتدت على ان اتكيف مع هذه الحال وشيئا فشيء صار قمعي لترجمت مشاعري يتراكم كضبابة حزينه تبكي بمراره طفولتي التي يصر الاخرون على تجاهلها , ولان واحد من الصفات التي خلعها علي هؤلاء الاوغاد في سلوكيتهم اتجاهي كانت انه من المعيب ومن الخطأ ان اعبر عن حزني او استيائي بالبكاء حالي حال اقراني ..تحول هذا الحق وهذه الممارسه الطبيعيه الى تقليد امارسه كل يوم في خلوتي وبعيدا عن اعينهم .. كنت احيانا امارسه في اوقات قيلولتنا التي كانت تشكل واحده من مظاهر نمطية سلوكنا العائلي والذي تفرضها الام بقساوه وانضباط شديد ..وفي مرات معدوده ونادره كانت هذه الام الدكتاتوريه الرائعه بحنوها واثناء تفقدها لنا وتاكدها من ان كل واحد منا قد اخلد الى النوم وليس فقط استلقى في فراش (قيلولته ) ..حدث انها اكتشفت باني ابكي ,, رايت في تلك المرات النادرات الق ذاك الكم الذي لا تسعه السماوات من الحب والحنان الذي تكنه هذه الام ..كانت ملامحها المتقسيه تنقلب فجاءه الى ايات من الاسى والخوف والحيره وينساب صوتها الى مسمعي كترنيمه حزينه وهي تسالني (( يمه ..اشبيك )) كنت حينها انتزع تلك اللحظات من الزمن بلهفه يكاد يتوقف فيها نبضي وانا اسبح في ملكوت وجهها الذي يعج بندائات ورغبات طفولتي المهمشه , وكانني انتزع برائتها في تلك اللحظات التي تقع خارج زماني من براثن الكبار اللذين اسروها وظلموها , للحظات خارج الزمن كنت احس بان لي الحق في ان ابكي واقهق بلا معنى واتقافز بلا داعي , حرا تماما من كل نظرات تأنيب الكبار ونواهيهم , في ذلك المقدار من الزمن الذي لا يستوعب سرعته اي مقياس ...عرفت السر الذي كان دوما يعينني على تفسير معضلة تحديد سلوكية امي المنشطره بتناقض بين حدة القسوه والحنان المفرط ...فرغم انا كنا من الناحيه الماديه نتمي الى الطبقه الوسطى الا انها كانت تقتر على نفسها الى درجة الحرمان من اجل ان تغدق بترف على ملابسنا ولبية كل ما نطلبه .. حتى في الماكل ورغم طابع الترف الذي تصطبغ به مائدتنا كانت تبقى تراقبنا وتحرص على متابعة حثها لنا على الاكل الذي تقوم بتوزيعه علينا بالكم الذي لا يبقي لها مقدار كافي منه, الى درجه اننا في كل مره نبدأ بالتسابق الى اعادة جزء مما تقدمه لنا الى طبقها ..وكثيرا ما كان ابي يعلق بخبث مسالم وهو يراقبنا ونحن نفعل ذلك ,,( كل اشيائي مقلوبه ...فها هم فراخي يطعمون الام ؟؟ ) ...فتجيبه ضاحكه وهي تميل راسها نحوه .. ( لا ياعزيزي .. بل فراخك المتخمه تلقي بفظلاتها الى امهم !!) .. لكن هذه الام المستعده دائما لان تجوع ليس من اجل ان نشبع بل من اجل ان نتخم وان لاتلبس ليس لكي نلبس بل لكي نتانق ونسرف بالاناقه ..هي ذاتها التي لا تتوانى باستخدام اقسى الطرق في تنفيذ اوامرها ونواهيها وتطبيق نظامها الصارم في كل شيء واولها النظافه التي تصل الى حد الهوس وتوزيع الاوقات بدقه وانضباط.. ففي الساعة كذا وقت الفطور وفي الساعة كذا يجب الانتهاء من غسل الصحون ثم يليه موعد التسوق وهكذا الى وقت اطفاء جهاز التلفزيون... حتى الضيوف اليوميين اللذين صارت ضيافتهم تقليد يومي ولربما تحولت الى حق من حقوق الجيره الحسنه والتي سببها رغبة مشاهدة التلفزيون الذي لا يمتلكه الا قله قليله من العوائل حتى هؤلاء الضيوف كانت تفرض عليهم قواعد صارمه من قبل هذه الام التي تقضي ساعات في اكرامهم كرم زائد عن حده لكنها لا تتوانى ابدا في الزعيق بوجه احداهن وهي تضحك بصوت عالي او ان تتكلم اثناء الانصات الى المسلسل التلفزيوني ...يتبع



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 1
- من اجل تصحيح المسار .. لا للاباحيه ..لا للتخنث
- اليسار العراقي)) وعي المهمه المصيريه ))وتكتيك الشخصنه
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج5
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج4
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج3
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج2
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج1
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج 16
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج15
- حول تقييمات بعض الفوضويين لليسار العراقي..2
- حول تقييمات بعض الفوضويين لليسار العراقي
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج14
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج13
- طريقنا..وفلسفة الثوره ...ج12
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 11
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 10
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 9
- طريقنا.. وفلسفة الثوره ..ج8
- طريقنا.. وفلسفة الثوره ..ج7


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث الجادر - حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 2