أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر حسين - هوىً في الغربه














المزيد.....

هوىً في الغربه


غازي صابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


هوىً في الغربه
غازي صابر
بين العديد من الناس أمشي ، شوارع، بنايات ،واجهات للمحلات، وجوه للناس أصطدم بها كل هذا لايعنيني . كنت أفكر بها فقط ،لاشئ قبلها أو بعدها يدور في رأسي. أشعر بشئ ما يلتهب في قلبي ويحثني لرؤيتها .ومثل طفل أضاع أمه أبحث عنها ،عن حضنها الدافئ . شوق عارم ، شئ مثل الحيره ورغبة عارمة تجتاح جسدي كي التقيها وأشم عبير أنفاسها . الق عينيها وجمال إبتسامتها وبياض أسنانها وروعة تناسقهن هو ما يشدني إليها ويشعل الرغبة عميقاً في روحي.
أه أي هوىً يشب في قلبي حين تتناثر خصلات شعرها الذهبي وهي تلقي براسها على كتفي مثل طفلة متعبه .غريب أنا وهي ضالتي .
عندما كانت أمي تلح علي بالزواج والبحث عن فتاة تناسبني كنت أرد عليها :
- لن أتزوج إلا فتاة شقراء وذات عينيين زرقاوين . وكانت ترد علي:
- آه من رغبتك وخضراء الدمن. ملعون أنت ، ما تبحث عنه ستجده هناك في دار الكفر----!
ودارت الدنيا وساقتني أقدار الحياة للعيش بعيداً عن أمي وعن إمنياتها . وشاء الحظ وقبل أشهر فقط منحتني الصدفه فرصة اللقاء بفتاة الأحلام . فارعة الطول مثل الناقه كما كان يصف أبي أحلامه بحبيبة العمر .
يوم رأيتها في أحد أسواق المدينة التي أسكن فيها ، لم أنتبه للذي سلب لب عقلي . ربما جمال عينيها وهذا الخضار الغامق الذي يحيط بعدسيتهما . كانت تسحبني خلفها مثل طفل ظامئً يبحث عن ينبوع ماء .صدفة إالتقيتها وحين إقتربتُ منها أصابها الذهول والمفاجأه فسقط من يدها أحد الأكياس التي كانت تحملها ، وبأسرع من البرق تلاقفته يدي. فأبتسمت وشعرتُ بالزهو والنشوه ، لا أدري ساعتها وكأنني أحلق في الفضاء .
وتعارفنا وإلتقينا ، حتى أصبحت رديف عمري . أصبحتُ لا أعي أهي جزء مني أم أنا جزءً منها ، كل ما أشعر به أن دقائق عمري لا تطيب إلا ونحن معاً .
لا أملُ رؤيتها ولا ترتوي روحي من حضنها الدافئ .و حتى ونحن لوحدنا وجسداً لجسد وروح لروح أنا من يشتكي الظمأ.
ذكريات تعارفنا هذه تدور في راسي كلما أستقل هذا القطار ذو العربتين و الذي يصل بين مدينتي ومدينتها المجاوره .ربع ساعه هي المسافة بيننا . أشعر بالإسترخاء والمتعه وأنا أتطلع من نافذة القطار الأحمر الجميل وهو يخترق الحقول المحيطة بمدينتينا. أشجار ونباتات كلها خضراء لا توجد هنا أرض جرداء.
كثيراً ما أقارنه بقطارنا القديم في بلادي والذي كثيراً ما يتعطل أو يتعصب ويصاب بالحمى فيرتخي حتى تسبقه السلحفاة في سيرها . لا أريد أن أتذكر قطارنا الحزين بناسه وهندامه . كل شئ فيه كئيب وحتى المناظر التي تطالعنا من خلال النافذه ، أرض جرداء أو نباتات عشوائيه أو حقول كل شئ فيها فوضى ،عطش يطل عليك من أوراق الأشجار اليابسه حد التفحم ، أونخيل تلتف الأتربه والأمراض حول عناقيد تمورها المتيبسه من شدة العطش والأهمال .
تؤلمني هذه الذكريات وكثيراً ماكنت إعاتب المجهول وصراخ ونواح يتفجر في أعماقي : ــ لماذا نحن هكذا ، لماذا العطش ، لماذا الصفار، ألسنا أحبابك ، ألسنا ناسك أيضاً أين أنت منا ؟
كنت أقول لها:
- أنت بنت أرضك الخضراء إنها مرسومة في جمال عينيك وهذه السواقي التي تخترق هذه الحقول هي الألق الذي ينساب منهما إنه يصوبُ قلبي ويفقدني صوابي اذا لم أحضنك وأرتشف عسل شفتيك .
اليوم سأراها مع أني لم إفارقها إلا يومين وكأني أحمل في قلبي شوق سنين عجاف .
توقف القطار وصدفة لمحتهامن أحد أبوابه ، رأيتها وهي تدفع عربة ٌلإمرأة طاعنة في السن ، حاول أحدالشباب الجالسين مساعدتها لكنها بسرعة دفعت العربة وجلست الى جانب المرأة.
الأن عرفت لماذا تتهرب من مواعيدي في هذا الوقت فيبدو إنها تزور هذه المرأة في دار المسنين وتتنزه معها ولا تتفرغ لي إلا بعد أن تعيدها الى الدار . ومن بعيد رأيتها تضع يدها على شعرالمرأة المقعده و تمسده .
في أخر لقاء لنا وأنا أحملها في حضني وأذهب بها الى السرير قالت:
- أنت مثل إمي ففي طفولتي كانت تحملني وتداعب خدي بشفتيها ، تقبلني وتدس أنفها في أبعد منطقة في جسدي وتقول لي ما أعذب رائحتك وأنفاسك ،وحين يداعب النوم أجفاني تداعبني تمسد شعري تحضني حتى أغفو بين يديها ولا تتركني حتى تغطيني . أنت مثلها لكنك تحمل أشواق أشعر بها مثل العاصفه عندما تهب فأتمسك بك بكل جوارحي، وتضمني لصدرك بقوة وكأنك تخاف أن تأخذني عاصفتك الصحراوية منك . تخيفني أحياناً وأشعر بك أكثر من العنيف بعدها ينتابك البرود وتبتعد عني وكأن عاصفتك قد إجتازتك فأصبت بالدوار. إمي لم تكن مثل عنفك . لكني أحبك مثل حبي لها.
توقف القطار في محطته الأخيره . ولم أشعر إلا وأنا أقف خلفها وهي تدفع بكرسي المرأه (لذوي الحاجات الخاصه) وقبل أن تهبط بالكرسي كانت يدي تلامس يديها فالتفتت نحوي وكأنها الربيع يلامسني بكل عبيقه . إبتسمت وتركتني أدفع الكرسي . كانت لصقي وعبيقها يملأ رئتي. وفجأة تحدثت المرأة وهي تظن إن صديقتي هي التي تدفع بالكرسي .
- منذ مده وإنتِ لست على مايرام ، أشعر بك سارحة بعيداً عني ، أنتِ لست معي هل هناك ما يقلقكِ ؟
وقبل أن ترد عليها حبيبتي رفعت المرأة رأسها فالتقت أعيننا وكانت المفاجأه ـ ـ !
حين ركزت عينيها بعيني أصابني القلق والتوجس من هذه المرأة الوقوره والواثقه من نفسها وهي في هذا السن ومقعدةً في الكرسي .
تمتمت مع نفسها لكني سمعتها جيداً وهي تردد :
- ما أسعدني. كانت إبنتي هي التي تدفع عربتي لوحدها ، أما اليوم فأنا بينها وبين حبيبها.
لم أتمالك نفسي ، أوقفت دفع العربه وأنحنيت لإقبل يديها فترقرقت الدموع في عيني وأنا أنظر إليها فقد ذكرتني بأمي . تركتُ رأسي على ركبتيها حتى لاترى دموعي . مسدت بيديها رأسي وبدأت تحرك خصلات شعري ، ورفعت رأسي بيديها :
- أنا أعرف حجم أحزانك ، لكن عليك أن ترفع رأسك وتبتسم فأنت إنسان وكلنا بشر . شعرتُ بالقوه وبالخجل من هذه المرأه . وتذكرتُ أمي التي تركتها هناك ـ ـ هناك في أرض لا تعرف يناعة هذا الخضار ، أرض ينبض قلبها بالعطش الدائم ولا تتنفس غير التراب والحزن الدائم .



#غازي_صابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر حسين - هوىً في الغربه