|
شَعَبْ و أبو وطن : قصة قصيرة / 1-3
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 13:34
المحور:
الادب والفن
دخل رجل أربعيني بكامل الأناقة : البدلة النيلية و القميص الأبيض و الرباط الأحمر ، و منديل جيب الصدر و الحذاء الأسود اللمّاع ، تفوح منه رائحة عطر "الريفدور" ؛ تتبعه هالة إمرأة طفلة ترتدي السواد في السواد و تسير بهدوء غير متوازن . - السلام عليكم ، دكتور . قال الزوج . - و و عليكم السسلام . تـ-تفضلوا إسستريحوا . تعوّد طبيب الأمراض النفسية مؤخراً عدم القيام من مقعده لإستقبال مراجعيه في العيادة الخارجية ، خصوصاً بعد أن زاد عددهم في السنتين الأخيرتين زيادة فضيعة بحيث خُيّل له أن كل العراقيين قد أصبحوا مجانين و إن لم يراجعوا عيادته . و هو الأمر الذي جعله يهنيء نفسه أخيراً – بعد مضي عشرين سنة عجفاء على إفتتاحه لعيادته الخارجية – على حسن إختياره لتخصصه الطبي هذا رغم أنه كان دوماً - و سيبقى بالتأكيد - مصدراً لتندر زملائه الأطباء عليه و تسميتهم له بـ " قُزُم المجانين " ؛ و كل ذلك لأن طوله لا يزيد على متر و أربعين سنتيماً ، و لكونه دائم التأتأة . أين هم منه اليوم ؟ مراجعوه في العيادة أصبح عددهم يفوق الآن عدد مراجعي العيادة الخارجية لأحسن و أشهر طبيب أختصاص آخر في المدينة . كما و أصبح له جناح خاص في المستشفى الحكومي مستقل تحت إشرافه ، رزقه الله به بفضل ذهان أربع طفلات من زوجات أعضاء مجلس المحافظة ؛ و إصابة خمس من أعضاءه الإناث بجنون الإرتياب ، مع إصابة المحافظ و مدير الشرطة و مدير البلدية و مدير الخزينة و رئيس المحكمة بالفصام و جنون العظمة . و لما أصبح يعب المال عباً بالدقائق و الساعات ، فقد تزوّج على زوجته القديمة - طبيبة الأسنان التي بقيت سنين تدفع من كدها أجارات عيادته الفارغة و أم أبنائه الخمسة - طفلة غادة هيفاء عمرها ستة عشر عاماً دفع لها مهراً ضخماً كي يجدد شبابه بالأنغماس في التمتع بفتح مغاليق جسدها ؛ و حَلّت الحبّة الزرقاء الكبيرة محل حبّة الأسبرين الصغيرة بعد طعام العشاء كل يوم . و لقد حرص دوماً على عدم الظهور واقفاً مع زوجته الجديدة كي لا يشكلان معاً الرقم "عشرة" . لذا ، فأن كل صور حفل زواجهما لا تظهرانهما الا جالسَين جنباً إلى جنب : نهاية الخريف و بداية الربيع . - دكتور هاي حُرُمْتي - تِكْرَمْ - كشّي مابيها ، بس هيِّا شويّه نِعْواصية و هوايا تِتنكرز و تعنفص عليّا ، فـگلت أجيبها يمّك توصفلها لها شوية حبوب قويّة تخليها تصحى على زمانها . - دكتور ، آني كلشي ما أريد . عزفت الأوتار الصوتية للقيثارة السماوية . - أأهلاً و سسهلاً . نـ-نيّمها على السسرير . قرأ الطبيب المعلومات التي أدرجها ياوره على أستمارة الوصفة . الأسم : "شَعَبْ شَنْدَل شهيد" ، العمر : 16 سنة . بعد إضطجاعها على سرير المرضى ، قام الطبيب و توجه نحوها . نظر في سحنتها : وجه ذهبي محمر غائم غارق في غياهب بركان سحيق و يحدق بخوف حوله بفم كرزي راعش . مد إصبعيه لعينها اليمنى ليفتحها و يفحص القزحية و شعيرات الدم في جفونها . - دكتور ، ترا بس تحچي حچي ما مربوط ، لو تسوّي وكاحة ، رأساً أنزعلك القندرة و أعبّيها بحلـگك ؛ إفتهمت ، يو لا ؟ - فـ - فتهمت . - هذنّي الضوايات يِعْمَنْ العيون ! تفو عليْچَن و على اللي حَطچَنْ ! إنتَ اللي حِطّيتْهِن هنا ؟ - لـ-لا عـ-عيني لا ، ههذا – تـِ -تِكُرْمين – فَرِدْ - واحد مـ-مخبّل ما عـ-عبّاله اللي يجون لـ-لهاي الغرفة نـ-ناس مـ-محترمين و مـ-مكمَّلين مثلچ . - آخ منهم آخ ؛ ذولة جَنْجون و شَمْطون و خَرْجون ، فَدْ ناس كلّش أدَبْسِزيّة و ما يِسْتِحون ؛ و لا عدهم ذرّاية شرف ؛ وين ما أروح يلحـگونّي و يحچون عليّا بالموزين ؛ حرام بالخالي بلاش . تدمع جمرتا عينيها . - هسّا داداتشوفيهم هـ-هنا ؟ - لعد همّا وين مولّين ؟ - شـ شدَيْسَوون ؟ - شنو إنتَ مطي ، دكتور ؟ مو دا أگلك دا يحچون عليّا ؟
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 12
-
كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 11
-
كنوت هامسون : رواية نساء المضخة / 10
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 9
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 8
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 7
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 6
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 5
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 4
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 3
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 2
-
كنوت هامسون / رواية : نساء المضخة / 1
-
السيد و العمامة
-
يوم اختطاف دولة رئيس الوزراء
-
كلاب أولاد كلب
-
بغداد : 6./ 6. /6.
-
فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / الأخيرة
-
قصيدة -الرحيل- للشاعر العراقي سامي موريه
-
فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 10
-
فائض القيمة و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 9
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|