أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير















المزيد.....

أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1128 - 2005 / 3 / 5 - 11:00
المحور: الادب والفن
    


أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير
{ يسوع والحسين دمعتين من خزف أوري }

ـ 1 ـ

يرتدي لينين قبعته المصنوعة من الجوخ الأسود ويبعث بدخان غليونه الكهرماني رسالة مفادها : أننا بدأنا نصنع التأريخ ..
في همسة أثينية للكافافيس { تذكر كيف تلتمع تلك العيون من أجلك
وترتعش تلك الأصوات
تذكر أيها الجسد }
الحواريون الخضر أبناء عشيرتنا من آل أبو شمه أكلوا الطبيخ* في العشاء ومسحوا أفواههم بأكمام داشديشهم* وما انتظروا حفل موزارت وهو يشد كمان الليل بقلب الأهوار ..
أحببت في القرية أبنة المختار فأعطاني والدها درسا في البيروقراطية حين سلمني إلى شرطة مخفر وانه* ..
وكان أبي لا يملك عانة*
وكانت أمي تشق الخدين وتصرخ { أمدانه } *، هذا الفقر وتلك أحزانه
حين يكون الله محاميك ..السماء تصبح مدعيا عاما والقدر قاضيا والعفو سيطلقه يسوع ولكن بعد فصل بكاء غارق في يم عاشوراء
سامحك الله أيها المختار ..
لقد رحلنا مافيه الكفاية وعدنا نشارككم العشاء
ذاته وجهه الصارم يطل بتعبير الدكتاتور ويرميني في خانة ذكرى أجتر الشعر وأعجب بأغنية وحيدة خليل
{ مضيع بالعرب صوبين ..مضيع ….. }*
لقد ضيعت عمري كله بين التأمل لوجه دافنشي وبين خلود السمك في سوق الثملين بأبي نؤاس..
فأتذكر عمري وطفولته الزرقاء بهور الحمار وأكسر ختم المختار وألبس بسطال الجندية
فيما دافنشي يصافح لينين وكافافي يشرب العرق في بار تحسين في الجهة اليمنى من دجلة بعاصمتنا بغداد ذات سواد الكحله
مزتنا باقلاء الحلة ..
قلبي أكبر من عمري
أني أراه يصافح نوح
ويذهب في صف متطوعي ثورة جيفارا لنصرة الحسين
فيما نبي الرحمة يسوع يبذر في هور الصحين* الدموع فنحصد رزا مسيحيا نخبزه بتنانير شيعية فنحصل على عبارته الأزلية
{ ليس بالخبز يحيا الإنسان }
كان لون عينيها أرجواني كعرق المرجان في قاع البحر الذي أتى بأعاصير الحب وأغرق أسيا بطوفان لادخل بسام وحام فيه
أسالوا مقياس رختر
كيف كانت بنت المختار تتبختر
فيما كنت أنا ألوذ بسحر الشعر وأقرأ أناشيد الإلياذة
قلبي أكبر من عمري..
يا روحي طيبي جروحي وأحملني على بساط الفقر لأرى ماكان يفعله الحواريون بقريتنا حين أكلوا وشربوا ورقصوا ثم نزعوا صلبانهم وأرونوا أبدانهم
كانت سياط التأريخ توشم رغبة أبي ..وكانت أمي تبكي
فيما موسيقى الجاز وصوت المنشد عكاز يشق الليل بنحيب البط وسمك الشط وبكاء المشط ومشي الرهط بحروب الجبل العالي
أعتقد بأني نسيت خيالي
أين ؟
في مقهى على السين
أو وأنا متجه لزيارة ضريح الحسين
لا أدري ؟
إن التأريخ رؤى مشكلة بفسيفساء الرغبة
ومن ينسى ربه سيتيه في أودية السريالية ولا يتذكر في لحية لينين عذابات العمال ودموع الجيال وليل الهور وكمانات معابد أور أو خبز التنور ..سيتيه كما تهت أنا بزيارة الأربعين
ولذت بدمع الحسين فرأتني أمي على بعد ميل من شهقتها وذعرها وحين وجدوني سموني السيد
قلبي أكبر من كتاب الشعر وأطيب من هذا العطر في وردة جوري
حين نسيت دهوري وذهبت أفتش عن أميرة تعلم في الفراش كيف يكون الكبت سبت والاثنين حسين وأول أيام الأسبوع يسوع ..
وأنت ..قودني إلى مراعيك الخصبة أتصيد الدببة وأصنع من فراءها قبعة لذاكرتي البلشفية وبها أستظل من شمس الصيف وأمضي إلى منفاي أو بلواي ..لايهم ..
وسط الماعون يتمدد البزون *..
أمي تضحك ..
فيما تتسلم رايز منصبها وزيرة للبراني *
أمي تبكي .
قرب رأسها تتشاجر فراشتان وتلعبان الختيلة* ..
في الظل صنعنا للطفولة بهجة وفي مقابر أور خبئنا عشق المدرسة وقلنا لكاهنة الزقورة أنصتي لموسيقى القطيع وسلمي لنا على القيصرة كاترين ونوحي معنا لمصاب الحسين وصبي الماء على يد الحواري فالعشاء الرباني انتهى وبعده سيبدأ صلب أشواقنا ومن ينجو سيفر من الجيش ويصير من فرق الأنصار يتأمل في الثلج رغبة القصب وطيران السمك والطير الذي يتمنى له خياشماً يشم فيها الهواء المذاب وأنت أمي تعيشين في دمي ومعك أيضا تعيش أماني الحوراء بأن لا تتكرر دماء كربلاء …
ـ 2 ـ
من الطارق ؟
أنا شيخ الطوارق ..
المسروق والسارق
عادة حين ينزل دمعي مفاجأة أخبئه في عيون المارة
ولأني لا أعرفهم
يضيع دمعي بين القبائل
في الضياع انصياع
لمن ؟
لأولئك الذين كانوا يدركون معنا ماكان ويكون
أنها ميثولوجيا من نوع خاص
أن تجعل الشعر أكلة مقلاة أو قنينة ميرندا
لها نكهة البرتقال وضحكة آمال
آمال من ؟
الطفلة التي وهبت في بيت البيتات* ما تخشاه الآن حين تداوي فيك الزنجية أوروس خشبك اليابس وتقطعه بفأس نهديها وأنت تنحب في مائدة يسوع وتخبئ هذا الدمع عند شرود الغرباء كي لا يضيع دمعك بين القبائل أو يصبح عشبا تأكله ثعالب القطب أو الأيائل ، عندها سيكون وضعك مائل ولن ترى الصورة جيدا ..
تلك التي ينظر بفرح يسوع إلى من سيوشي به ، فيما نحن بصف الأول بالفحم نرسم قوس قزح ..
الزنجية أوروس حبيبة سنغور وسونيكا ونلسن منديلا وباتريس لولمبا وملكة جمال الخرطوم ..
تحرك فيك ما كان نائما منذ أن أحرقت أور على يد أيلام ..
ومنذ أن أعدم الملكيون البلشفي سلام* ..
ومنذ أن غنى حضيري* : عمي يا بلام ..
دهر لاينام ..
هذا الذي يراقصنا السمبا ويذهب بنا إلى الرائيات الخضر ويشد الخصر يجمع دمعتين على راحة اليدين ليتأمل فيهما شدو النقد وموسيقى العد ..
واحد ..أثنين ..ألف ..مليار ..نفوس العشاق
سأشرب هذا الترياق
أموت ..
وأعلن في اللحد قيامة السكوت
ولكني أسمع صوت الطبال
يدق ليوقظني
فلقد جاءت آمال
طفولتي المطرزة بالنغمات وبالإرهاصات وبحكايات الجدات وبآخر السمفونيات
بصوت السعف ورقص الدف ونعي النجف وتلال الآثار
أقرا فيها ما لا يقرأ ..
أزمنة روحية
ومشادات كلامية
وحربا شمالية وجنوبية
وحين تستقر خواطري
أراني أشاهد نهائيات كأس العالم وأشجع فريق السابما
وحين تفوز اليابان على الهند
تغني أم كلثوم قصيدة غاندي
{ الجوع حلم العاشقين ومنديله المكسر }
وهل تتكسر المناديل ؟
نعم لأنها مصنوعة من زجاج القلوب
أيها الجنوب
حين رأيت العشاء الرباني الأخير
بالله كدت أطير ..!

الهوامش :
ــــــــــ
*الطبيخ : الرز في العامية العراقية .
*الدشداشة : الثوب بالعامية العراقية.
* مخفر وانه : مخفر شرطة في منطقة الهور شمال مدينة الطار ضمن الوحدة الأدارية لسوق الشيوخ في ناصرية العراق .
*عانة : عملة معدنية متداولة في العهد العثماني والمالكي بقدر الفلس تقريباً .
* أمدانه : مفرده شعبية توبخ بها النساء أنفسهم أو الآخر وهي شئ من الشعور بالخيبة والتقليل من قدر الآخر .
* أغنية مشهورة للمطربة العراقية وحيدة خليل .
* الصحين : هور كبير ضمن محافظة البصرة .
* البزون : هو ما يطلق على ذكر القطة في العامية .
* البراني : الغرفة الخارجية في البيت العراقية وهي معزولة لاستقبال الضيوف .
* الختيله : وهي لعبة طفولية وتعني الاختباء .
* بيت بيتات : لعبة طفولية شرط المشاركة فيها من الذكور والإناث .
*سلام : القائد الشيوعي سلام عادل احب المقولة المشهورة وهو على مقصلة الموت : نحن أبدان وأفكار فأن قضيتم على أبداننا ، لن تقضوا على أفكارنا .
* حضيري : هو المطرب العراقي الشهير حضيري أبو عزيز .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمعة الله
- اليابانيون يرتدون اليشماغ والدنماركيون يأكلون الجبنة في حي د ...
- بابل وانياب الارهاب
- غرفةحسين الحسيني
- الوردة الأيرلندية
- الليلة على وسادة واحدة ..المسيح والحلاج وسارتر
- جورج حبش يسأل
- العصافير تنشد في الأهوار لثقافة الحب والرب
- رسالة أنتريت الى نابليون وبابليون وكيس النايلون
- رسالة انترنيت الى البابا
- امريكا ورؤى سبتمبر
- نهار في دهوك
- العودة الى حاج عمران
- رسالة انترنيت الى ارشاد منجي
- رسالة انترنيت الى رفيق الحريري
- نبؤة المقال وأيام الحرب على العراق
- ماذا ترك لنا زمن السنيور برايم…………ر…؟
- ذاكرة المكان .. بين المشهد والشاهد تمثال لينين أنموذجاً
- أتحاد الشعب وأتحاد القلب
- ماركس أيها الطيب ..مالذي يحدث بالضبط


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير