أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - مرسى والاخوان اوجعتهم الحقيقة















المزيد.....



مرسى والاخوان اوجعتهم الحقيقة


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 17:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مما لاشك فيه ان اكثر ما ينقصنا فى حياتنا السياسية والثقافية وفى مختلف جوانب العمل العام هو ( الحوار ) الذى يعد جوهر الديمقراطية وقلبها النابض .... فالديمقراطية تقوم على التعددية المفتوحة والاختلاف فى البرامج والآراء بين المتعددين والتنافس الحر بين هؤلاء المختلفين !!!! وفى كل ذلك تبرز اهمية الحوار ... فلا قيمة للتعددية بدون حوار .... والا صارت هى والواحدية صنوان ... والمقصود بالحوار ليس فقط ان نتكلم , ولكن ايضا ان يسمع كل منا ما يقوله غيره !!! وان ينصت الى ما يسمعه ... اى ان يفتح عقله وليس فقط اذنيه !!!... وعندئذ يمكن ان يجد كل منا جانبا مقبولا لديه فيما يقوله الآخر ... فيتفق معه فيه بينما يختلفان على غيره !!! وهذا هو السبيل الوحيد لان نختلف مع بعضنا البعض دون ان نتبادل الاتهامات !!! فليس خافيا على احد مدى التدهور الذى وصل اليه الجدل العام فى بلادنا على نحو يحمل مزيدا من المخاطر ويدفع الى قلق اضافى على المستقبل !!!...

ان تدنى اللغة السياسية وهبوطها الى قاع لاتبدو له نهاية يدفع بعض الذين لايستطيعون استخدام مثل هذه اللغة الى الانصراف عن العمل العام نأيا بأنفسهم عن اجواء لاتليق بهم ... ولا يقود ذلك الا الى مزيد من طرد العملة الجيدة لمصلحة العملة المزيفة فى اكثر صورها انحطاطا ... لقد كان هذا هو اهم اسباب محنة بلادنا التى نشعر بها كل يوم امام قوى اقليمية ودولية توسعا فى الفجوة التى تفصل بيننا وبين العالم !!...فعلى مدى عقود من الزمن تواصل طرد العملة الجيدة ومحاصرتها بفعل تفضيل الولاء على الكفاءة , فضلا عن تأثير اعتبارات الشللية والمصالح الخاصة الضيقة !!! وابلغ مثال على تحكم المصالح وصفقات الظلام رفض الرئيس المصري محمد مرسي الخميس، ما نشر الأربعاء عن وزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي ورئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق الفريق سامي عنان، مؤكداً على ضرورة احترام قادة القوات المسلحة....وقال مرسي، في تصريح خلال حضوره إحدى التدريبات القتالية نفَّذها الجيش الثالث الميداني الخميس، “باعتباري رئيساً للجمهورية وبصفتي قائداً أعلى للقوات المسلحة، أُشدِّد على الاحترام الكامل للقيادات الحالية والسابقة للقوات المسلحة”....وأضاف “ليس سراً أنني على اتصال دائم بالمشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وكان آخر تلك الاتصالات أمس الأربعاء، وأنني أرفض ما نُشر عنهما تماماً وأستشيرهما في بعض الأمور”....وكانت صحيفة (الجمهورية) المصرية نشرت في صدر صفحتها الأولى، الأربعاء، تقريراً حمل عنوان “قلاع الفساد تترنح .. قرار منع المشير طنطاوي والفريق سامي عنان من السفر خارج البلاد”.....وتسبب خبر قلاع الفساد تترنح قرار منع المشير طنطاوي والفريق سامي عنان من السفر خارج البلاد المنشور في صدر الصفحة الأولى بجريدة الجمهورية في إقالة جمال عبد الرحيم رئيس تحرير الجريدة....وتضمن الخبر ان جهات قضائية سوف تصدر خلال ساعات قرارا بمنع المشير والفريق من السفر وكان مصدر قضائى مسئول قد نفى ما نشرته “الجمهورية” عن هذا الموضوع....


وأثار ما نشرته الصحيفة ردود أفعال واسعة، وأعربت القوات المسلحة، على لسان مصدر عسكري مسؤول، عن استيائها الشديد من الإساءة البالغة لقادتها ورموزها، مطالبة وسائل الإعلام بتوخي الدقة والحذر في تناول الأخبار التي تخص القوات المسلحة “لما لها من تأثير سلبي يمس أمن مصر القومي”....وفي وقت لاحق، أصدر رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى للصحافة أحمد فهمي، قراراً “بوقف رئيس تحرير صحيفة الجمهورية جمال عبد الرحيم، عن العمل إلى حين بت المجلس الأعلى للصحافة في الأمر”... مرسي يحاول تفادي أي مشاحنات مع قوات الجيش او القضاء ويؤكد ذلك تراجعه عن اقالة النائب العام من منصبه وتعيينه سفيرا لدى الفاتيكان....لان هناك اتفاق بينه وبين طنطاوى وعنان على خروجهم خروجا آمنا فى مقابل تسليم مصر لجحافل طيور الظلام الاخوانية !!! واليكم التحليل السياسى للموقف ... مما لاشك فيه ان ما بين 11 فبراير و12 أغسطس عام ونصف بالتمام، مرت مصر خلالها بعشرات الأحداث والمواقف الخطيرة التي أثرت سلبًا على النسيج الوطني والبناء الاجتماعي والسياسي للبلاد، وفي كل مرة كان التشاؤم هو سيد الموقف، والآمال تتضاءل، وحلم الحرية والاستقرار يتبخر شيئًا فشيئًا، عام ونصف من التوترات الاجتماعية والتجاذبات السياسية والخروقات الأمنية والاضطرابات والإضرابات الوظيفية والإدارية، حتى بدا للعيان أن الهيكل الأساسي للدولة بمعناه المتعارف عليه على وشك الانهيار، وأصبحت مصر مرشحة بقوة لدخول نادي الفشل الدولي الذي يضم العديد من الدول الفاشلة بالمعيار الواقعي وليس بالمعيار الأمريكي، مثل العراق ولبنان وباكستان، والسر وراء ذلك كله يتلخص في كلمة واحدة؛ عسكرة السياسة....

الجدير بالذكر ان العسكر في أي دولة ثابتة سياسيًّا ومستقرة مؤسسيًّا له دور واحد وهو حماية البلاد خصوصًا حدودها الإستراتيجية من أعدائها والدفاع عن مصالحها الحيوية ضد أي عدوان خارجي، وهذا أمر متعارف عليه دوليًّا وتاريخيًّا، وفي أية مرحلة ينسى الجيش هذه المهمة ويشتغل بغيرها سواء كان الاشتغال بالسياسة أو الاقتصاد أو أي أمر آخر، فإن العواقب تكون وخيمة على العسكر والدولة كلها، وهو ما حدث في مصر تمامًا، فالمجلس العسكري قد أصبح المسئول الفعلي عن البلاد بعد تنحي السجين المخلوع مبارك بسبب غياب القيادة السياسية للثورة، وقد دفعت البلاد والثورة غاليًا جدًّا بسبب هذا الخطأ القاتل، وإذا كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يحض على اختيار أمير وقائد لثلاثة فما فوقها، فكيف بثورة شعبية عارمة بالملايين تهدف للإطاحة بنظام ديكتاتوري متجذر أن تشتعل وتحقق أهدافها بدون قيادة؟! دفعت البلاد غاليًا من فترة انتقالية طويلة ومليئة بالتوترات والاضطرابات والخلافات بسبب قيادة سياسية بلباس عسكري.....

غياب القيادة السياسية للثورة جعل العسكر يطمعون في السلطة يومًا بعد يوم في ظل صراعات سياسية مريرة بين القوى الحزبية والثورية، وأسهم المجلس العسكري بقراراته وإجراءاته السياسية في تعقيد المشهد السياسي حتى تململ الناس من الثورة وبدأوا يتذمرون منها علانية، ولعبت الآلة الإعلامية والمؤسسة القضائية دورًا كبيرًا في تدعيم موقف العسكر في السلطة وفي تشويه القوى السياسية خاصة الثورية منها، وحتى بعد انتخاب مرسي وجد مرسى نفسه محدود الصلاحيات مكبلاً بإعلان دستوري وضع ليغل يد الرئيس ويحجم سلطاته، وأصبحت مصر بعد انتخاب الرئيس في حال أشد سوءًا من قبل، إذ أصبح ثمة ازدواج في السلطة بين الرئيس المنتخب وبين مجلس عسكري عيَّنه مبارك قبل خلعه، وأصبح للبلاد رأسان متصارعان وفي أتون هذا الصراع انفجرت عشرات الأزمات اليومية في البلاد بسبب رفض كثير من المسئولين الدولة وأغلبهم من العهد البائد تنفيذ توجيهات مرسي لعلمهم بأن السلطة الحقيقية في يد العسكر، وهذه الازدواجية السلطوية جعلت البلاد على شفير الانهيار المؤسسي، خاصة وأن سلطة العسكر قد فاقت سلطة الرئيس المنتخب.....

بعد أن رَثَى المراقبون والمحللون الثورة المصرية ونَعَوْها، تساءل الناس ما الذي دفع الرئيس مرسي للاطاحة بطنطاوى وعنان وقادة المجلس العسكرى بتلك الصورة المفاجئة؟ ولماذا لم يعترض أحد من قادة المجلس على الأمر؟ وكيف مر بسلاسة دون أن يتناطح في طنطاوي وعنان عنزتان؟ وهل لمهارة الإخوان السياسية وكفاءتهم التفاوضية دور في ذلك؟ أم للخطة الذكية التي وضعها مرسي في اختراق الجيش وشق صفه لصالح الثورة دور في تسهيل هذه القرارات الكبرى؟ أم أن كلمة السر كانت في صراع المصالح والمناصب بين رجال مبارك؟!!...بالنظر لسير الأحداث في مصر خلال تلك الفترة نستطيع أن نقول: إن كلمة السر في الإطاحة بطنطاوي وعنان هي "كرم أبو سالم" فالمجزرة التي وقعت على الحدود المصرية والتي راح ضحيتها شباب مصر الأطهار من حراس الحدود وفي ساعة الإفطار وفي شهر رمضان المبارك هي التي فتحت الطريق أمام مرسي ليتخذ هذه القرارات وكان لها تداعيات حاسمة وخطيرة أنهت الصراع السلطوي لصالح مرسي وذلك كله بتدبير وتوفيق من الله وحده سبحانه...

إذ اتضح أن القيادة العسكرية ممثلة في طنطاوي وعنان كانت على علم بالهجوم مسبقًا وأن أجهزة الاستخبارات قد رفعت تقريرًا بذلك قيل الحادث بيومين ودخول مراد موافى حلبة الصراع هو كلمة السر فى الاطاحة بطنطاوى وعنان ... إذ وقع صراع عنيف بين طنطاوي ومراد موافي رئيس المخابرات العامة على خلفية اتهام مرسي للمخابرات بالتقاعس عن أداء دورها، وشعر موافي أن النية مبيتة لعزله وتحميله المسئولية وحده فدخل في مشادة عنيفة مع طنطاوي في اجتماع الأمن القومي .... ورغم أن اختيار مراد موافي لهذا المنصب كان من طنطاوي، إلا أن طنطاوي لم ينس لموافي ما قام به قبل المجزرة المشار اليها بشهر من تسريب أخبار صفقات السلاح التي كان يعقدها مبارك وحقق بها ثروة مهولة، وهو الأمر الذي سيورط طنطاوي في المسألة مما سبب له حرجًا بالغًا، ودفع مرسي لطلب الاطلاع على خطط التسليح ومصادره وتمويلاته في اجتماع مع المجلس العسكري في 20 يوليو الماضي بحسب تصريحات حزب الحرية والعدالة، مما جعل طنطاوي يشتد على موافي في الاجتماع ويعلو صوتهما على بعضهما البعض فيه، ثم خرج موافي على وسائل الإعلام الأجنبية وهي وكالة الأناضول التركية بتصريح خطير ألقى فيه باللائمة في المجزرة على طنطاوي وعنان، وهو التصريح الذي أنهي حياته المهنية على أسوأ ما يتمناه قائد عسكري كبير وهو الإقالة المهنية وهو ما دفعه للانتقام من طنطاوي وعنان بصورة لم يتخيلها أحد....

مراد موافي شخصية بالغة الخطورة، وكان الذراع اليمنى واحد تلاميذ الهالك عمر سليمان، وعلى يديه تربى وتعلم منه كيف يحتفظ بصناديق سوداء عن الساسة والمسئولين، وجهاز المخابرات من أهم وأخطر الأجهزة السيادية في أي بلد، وهو خزانة الأسرار لكل ما يجري في البلاد، ومن ثم فإن اللعب مع هذا الجهاز ورئيسه يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة والدهاء وهو ما غاب عن طنطاوي وعنان.... مراد موافي بعد الإطاحة به فتح صناديقه السوداء وكان فيها من الأسرار الخطيرة والكافية ليس بالإطاحة بطنطاوي وحده بل بالمجلس كله....

وموافي لم ينتظر حتى يخرج قرار إقالته لينتقم إذ قرر هدم المعبد على رأس من فيه على طريقة شمشون الجبار ، وكانت أولى خطواته رفع تقرير عاجل للرئاسة أن ثمة مؤامرة كبرى تستهدف إهانة الرئيس والنيل منه في جنازة شهداء كرم أبو سالم، وأن هذه المؤامرة متورط فيها حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية ونجيب عبد السلام قائد الحرس الجمهوري بالتعاون مع أزلام عكاشة ومدير الأمن العام، وهو المخطط الذي أدى للإطاحة ببدين وعبد السلام وكلهما من أعضاء المجلس العسكري ومن المقربين لطنطاوي خاصة بدين، ثم كانت الضربة الثانية بعد صدور قرار الإطاحة بموافي ومن معه، إذ تم حرق توفيق عكاشة صنيعة العسكر والذي تم استغلاله بقوة في تشويه الثورة والثوار ، إذ تم تسريب مقطع الفيديو الخطير لعكاشة وهو يدافع عن "إسرائيل" ويهاجم العرب ويفتخر بصلاته مع الصهاينة وكيف أنه زار الكيان الصهيوني 4 مرات، ثم كانت الضربة الثالثة وهي ضربة من العيار الثقيل لم تعرها وسائل الإعلام كثير اهتمام لوقوعها في أتون الأحداث الملتهبة إلا أنها كانت كلمة الفصل في مسيرة وطموحات وخطط طنطاوي، وهي حادثة ضبط كمبيوتر شخصي لوحى "آي باد" مزود بشرائح دولية مع السجين المخلوع مبارك، بعد تسريب المخابرات خبر هذا الكومبيوتر لمؤسسة الرئاسة التي كلفت أحد المقربين منها بضبط هذا الكومبيوتر وتسليمه لها قبل العبث بمحتوياته، وبفصح الجهاز تكشفت الكثير من الأسرار والاتصالات الخطيرة بين مبارك وشخصيات سيادية ونافذة في الداخل والخارج، وإن كانت التقارير لم تفصح عن فحوى هذه الاتصالات إلا أن من المرجح أن يكون السجين مبارك قد أجرى اتصالات مع طنطاوي وعنان وغيرهما من قادة العسكر وكذا في الخارج، ويبدو أن الأسرار التي كانت موجودة على الجهاز من الخطورة بمكان جعل باقي قادة العسكر لا يعترضون على هذه الإطاحة المهينة لطنطاوي وعنان.....

ومن هنا جاءت فكرة الخروج الآمن لطنطاوى وعنان وباقى عصابة المجلس العسكرى وهذا ما افصح عنه مرسى احد اطراف المؤامرة على الشعب المصرى حينما صرح على خلفية اقالة رئيس تحرير الجمهورية حيث كانت صحيفة الجمهورية الحكومية كتبت في عنوانها الرئيس يوم الاربعاء الماضى "قلاع الفساد تترنح" واكدت ان قرارا سيصدر خلال ساعات بالمنع من السفر للرئيس السابق المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوى الذي كان كذلك وزيرا للدفاع ولنائبه السابق الفريق سامي عنان الذي كان رئيسا للاركان من السفر على خلفية اتهامات لهما بالفساد.... لذلك قال سى مرسى "يتعين على أبناء القوات المسلحة أن يعوا أن كل ما ينشر بشأنهم ويكون عاريا عن الصحة ما هو إلا مجرد محاولات للوقيعة ولكن ذلك لن يحدث"...واعتبر الرئيس المصري، المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين ان "البعض يثير أمورا خاصة بالقوات المسلحة للتأثير على أبنائها، وأنا أقول لكم لا تتأثروا بذلك فحقوقكم وأموالكم وممتلكاتكم محفوظة، بل أؤكد لكم أن إنفاقكم قد ازداد خلال المرحلة الماضية على التدريب والمعدات ورفع درجات الاستعداد القتالي، وذلك بتأييد من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة"...وشدد مرسي على انه لا مساس "بأموال ومدخرات ومخصصات القوات المسلحة وأن كل ما يقال فى هذا الأمر محض افتراء وكذب ولا مجال له"... لقد ذاب الثلج وبان المرج مرسى اتفق معهم على الخروج الآمن لهم ولاموالهم !!! فى سبيل جلوسه على كرسى الحكم بأمان تام !!!ما ذكرته يبدو متناغما إلى درجة كبيرة، مع ما أعلنه المتحدث الرسمى للرئاسة، ياسر على من أن مرسي، كلف وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة الجديد، الفريق أول عبد الفتاح السيسى، ببحث سبل تحسين الأوضاع المالية والمعيشية لأفراد الجيش كافة، فى أقرب وقت ممكن..... فى المقابل سبب قبول عدد من جنرالات المجلس العسكرى، ممن سبق أن تعاونوا وعملوا تحت إمرة المشير طنطاوي، مفاجأة الإطاحة به، بتقلدهم «وظائف مربحة»، الأمر الذي «أغرى رئيس هيئة قناة السويس الجديد الفريق مهاب مميش، القائد السابق للقوات البحرية، لمغادرة موقعه في المجلس العسكري» مع الوضع فى الحسبان المهام المالية التي أوكلت إلى الأخير، ومنها أن يصبح الآمر الناهى فى الممر الملاحى الأهم فى العالم، ومن ثم كلى يقين لفرضية أن مرسي لم يكن ليقدم على خطوة إخراج المشير ونائبه من المشهد نهائيا، إلا عبر «الاتفاق مع عدد من جنرالات المجلس العسكرى الـ19».... «الحرس القديم سيدير المملكة الاقتصادية الكبرى للجيش»، من خلال تولى عدد من قيادات المجلس العسكرى، وظائف مدنية ترتبط بالكيان المالى الضخم للقوات المسلحة، مما يجعلهم على رأس المتحكمين فى الاقتصاد العسكرى، الذى يمثل وفق مصادر متعددة، ما يتراوح بين 10 الى 40%، من إجمالى الاقتصاد المصرى...

مما لاشك فيه أن صغار الضباط لا يستفيدون بامتيازات الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، وأن كبار القيادات هم من يقطفون الثمار كلها، وعليه فإنهم قد يضطرون مستقبلا إلى الدفاع عن مكاسبهم، إذا ما حاول الرئيس المساس بماليات القوات المسلحة وهذا يكشف سر مقولة مرسى لهم :"البعض يثير أمورا خاصة بالقوات المسلحة للتأثير على أبنائها، وأنا أقول لكم لا تتأثروا بذلك فحقوقكم وأموالكم وممتلكاتكم محفوظة، بل أؤكد لكم أن إنفاقكم قد ازداد خلال المرحلة الماضية على التدريب والمعدات ورفع درجات الاستعداد القتالي، وذلك بتأييد من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة"... وقوله ايضا : انه لا مساس "بأموال ومدخرات ومخصصات القوات المسلحة وأن كل ما يقال فى هذا الأمر محض افتراء وكذب ولا مجال له"!!!... فى حين لا يزال المستثمرون الأجانب يعتبرون نفاذ جنرالات الجيش في الاقتصاد المدني، واجتزاءهم جزءا منه، عائقا أمام بناء اقتصاد السوق الحر في مصر، خصوصا أن معظمهم، كالمشير مثلا، بدؤوا حياتهم العملية، قبل فك التحالف المصرى السوفييتى السابق، على يد الرئيس الراحل أنور السادات، فى عام 1979، حينما كانت لسياسة اقتصاد الدولة الموجه، الكلمة العليا، وهو ما لا يزال مسيطرا على العقلية الاقتصادية العسكرية في مصر!!...أن خيار أول رئيس ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، فى تاريخ مصر، كان عدم الاقتراب أو المساس، ولو مؤقتا، وخلال تلك المرحلة بالذات، بالامتيازات المالية والاقتصادية التى يتمتع بها الجيش، أو تقع تحت تصرفه، وربما أيضا استمالة عدد من مساعدى المشير باستمرار تلك الامتيازات، أو تقليدهم مواقع مدنية ذات ثقل اقتصادى...تلك هى الصفقة القذرة بين مرسى والعسكر !!!..

وحتى لا تتوه الحقائق فأننا يجب ان نقر ونعترف بأننا شعوب تصحو وتنام على تناقض فج بين ما نسمعه عن مراتب الحرية ودرجات الديمقراطية، عبر ميكروفونات أجهزة الحكم، وبين ما نعانيه من نقص في المعلومات الأساسية وتقييد للحريات العامة، وانسداد في شرايين التواصل بين الحاكم والمحكوم، ومضايقات مشددة وعقوبات مغلظة تحد من حرية الكتاب والصحافيين وكل المشتغلين بالعمل العام، تفرضها قوانين شديدة التخلف، ابتداء من قوانين المطبوعات، حتى قوانين الطوارئ، وبينهما بالقطع قوانين العقوبات والقوانين الجنائية!!!..صحافتنا مقيدة، وصحافيينا عجزة بفعل فاعل، فالخطوط الحمراء والصفراء والسوداء تنسج بيوتاً للعنكبوت، يصعب على هواء الحرية اختراقها، وقيود التحكم في إصدار الصحف، كما في الأحزاب والجمعيات، وعقوبات حبس الصحافيين في قضايا الرأي والنشر، لاتزال سيدة الموقف، ولا تكاد دولة عربية، تخلو من هذه القيود والعقوبات والعقبات الكؤود، وباستثناء الأردن فإن حبس الصحافيين أصبح سلوكاً عادياً تمارسه البيروقراطية الحاكمة المتحكمة كما تمارس طقوس المأكل والمشرب المليكانيكية!.. فلا النهار نهار ولا الليل الليل، وحين تسود البلبلة ويقع الارتباك، تنشط جحافل الظلام لخنق بشائر الإصلاح ونسائم الحرية !!!..وإذا كانت القوانين المتعسفة والعقوبات المغلظة سالبة الحرية، بما فيها عقوبات حبس الصحافيين والكتاب في قضايا الرأي والتعبير، وصولاً إلى عقوبات التكفير - على غرار ما حدث لنصر أبوزيد بالأمس، وما يحدث اليوم مع الكتاب والصحافيين - هي عقوبات شائعة، من مشرق الوطن العربي إلى مغربه، فإن عقوبات الخطف والضرب، وحتى القتل دخلت حديثاً على خط الترويع، كما جرى في اليمن ومصر، وإن ظل صحافيوها أحسن حظاً، مع كل ذلك، من الصحافيين في العراق الآن الذين يقتلون بالجملة - قتل مايزيد عن 55 صحافياً عربياً وأجنبياً منذ الغزو الأميركي للعراق - وكذلك من الصحافيين في الجزائر، الذين قتل 64 منهم خلال فترة اشتداد الصدام الدامي بين الدولة والجماعات الإسلامية المتطرفة....

في ظل هذ القوانين المتشددة والعقوبات المغلظة، التي يجري تطبيق بعضها وفق تشريعات جائرة، ويجري بعضها الآخر خارج نطاق القانون والتشريع أصلاً، كما في حالات القتل والخطف والاعتداء الجسدي والإيذاء النفسي، يصبح طبيعياً أن تختنق الحريات العامة، وخصوصاً حرية الصحافة والرأي والتعبير، ويصبح منطقياً أن تصنف صحافتنا كلها في البلاد العربية جميعاً، ضمن السجل الأسوأ أو الأسود، في التقارير الدولية المحترمة...إن أفضل دولة في العالم فيما يتعلق بحرية الصحافة، هي الدنمارك وتحتل المرتبة الأولى، وأسوأ دولة هي كوريا الشمالية وتحتل المرتبة الأخيرة رقم 167، والدول العشر الأفضل هي بالترتيب، الدنمارك، وفنلندا، وايسلندا، وإيرلندا، وهولندا، والنرويج، وسلوفاكيا، وسويسرا، ونيوزيلندا، ولاتفيا من واحد إلى عشرة...أما الدول الأسوأ العشرة الأخيرة في الترتيب فهي، كوريا الشمالية برقم 167، وكوبا 166، وبورما 165، وتركمانستان 164، وأريتريا 163، والصين 162، وفيتنام 161، ونيبال 160، والسعودية 159، وإيران 158... الملاحظ على مستوى الصحافة العالمية ان أهم الدول الغربية الديمقراطية لا تحتل المقدمة، إذ تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية عشرة، وفرنسا في العشرين، والولايات المتحدة الأميركية في الثالثة والعشرين، وبريطانيا في الثلاثين، وإيطاليا في التاسعة والثلاثين، تليها إسبانيا في المرتبة الأربعين....الى جانب إن جميع الدول العربية، لا تظهر في ترتيب المئة دولة الأفضل، باستثناء لبنان الذي جاء في المرتبة 87، ثم الكويت في 103، وقطر 105، والأردن 121، والمغرب 126، وفلسطين تحت السلطة الوطنية 127، والجزائر 128، ومصر 129، والصومال 130، والسودان 132، واليمن 135، والإمارات 137، وموريتانيا 138، والبحرين 143، وجيبوتي 145، والعراق 148، وتونس 152، وليبيا 154، وسورية 155! ولاحظوا دائماً أن ترتيب الدليل والسجل يضم 167 دولة... الغالبية العظمى من البلاد العربية تعاني من النظم الفردية، التي لاتزال تتحكم بقوة في الصحافة وكل وسائل الإعلام الأخرى، وتعرقل استقلاليتها وتفرض قيوداً مشددة على حريتها وتتعرض بالعقوبات المشددة للصحافيين، والدول الأشد في هذا المجال هى : سورية وليبيا وتونس، وميّز بينها وبين حالتي المغرب والجزائر التي تعاني الصحافة المستقلة فيهما من المضايقات والمحاكمات !!..

قد نجد البعض من حملة المباخر الصحافية يدّعوا كالعادة بأن الصحافة حرة تماماً، وأن كاتب هذا التقييم من الأعداء الألداء الذين يحترفون تشويه الصورة وتزييف الواقع كما هو حالهم دوما !!..لكن الواقع الذي نعيشه ونعايشه يقول للأسف إن صحاقتنا مكبلة بالقيود وتحكمات القوى الغاشمة وان الإنكار والاستنكار لا يغيّر الواقع الاسوأ إلى الأفضل، لكن الذي يغيّره حقاً هو أن نعترف بقصورنا وأخطائنا، ثم نبدأ الإصلاح الحقيقي فوراً قبل فوات الأوان، بدلاً من وأد الحرية في سراديب الظلم والظلام الاخوانى ، والاكتفاء بالحديث عن الحرية في سرادقات المناسبات، بينما الأيدي الخفية تضرب وتعصف في الظلام ثم تختفي محتمية بأمن لا نعرف سره أو مصدره...لذلك كصحافى نقابى ارفض إيقاف رئيس تحرير صحيفة "الجمهورية" الحكومية جمال عبدالرحيم عن ممارسة مهام منصبه وتكليف زميله السيد البابلي ليحل محله مؤقتاً بعد نشر الصحيفة خبراً عن توجيه اتهامات بالفساد للرئيس السابق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي ونائبه السابق سامي عنان، ومنعهما من السفر... هذا الايقاف جاء مجاملة للفاسد طنطاوى ولصبيه عنان وهو امتداد ل"تصفية حسابات" مع جمال عبدالرحيم، وهو في ذات الوقت وكيل نقابة الصحفيين المصريين، بعد أن نشر في صحيفة الجمهورية "أسراراً خطيرة عن جماعة الإخوان"....إنها تصفية حسابات واضحة مع رئيس تحرير صحيفة المفروض أنها مملوكة للدولة.... و لا يعمل لدى محلات مرسي اخوان ولا لدى رئيس مجلس الشورى وإنما لدى الشعب المصري... الجماعة ما زالت تسعى إلى الهيمنة على الصحف ووسائل الإعلام المملوكة للدولة... لذلك يجب علينا ان نقف بجوار جمال عبدالرحيم احتجاجاً على محاولات الإخوان المسلمين السيطرة على الصحافة ومؤسسات الإعلام المملوكة للشعب.... والمطالبة بفتح تحقيق في البلاغات المقدمة ضد طنطاوي وعنان والتي تتهمهما بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين واتهامات بالفساد المالى وغيرها !!..واعتماد معايير مهنية ومقاييس دولية متعارف عليها، أهمها استقلالية الصحف، وسلامة الصحافيين، وحرية الرأي والتعبير، وحرية تدفق المعلومات، والغاء الرقابة، و العقوبات... إلخ...لان هناك عشرات من القضايا منظورة أمام المحاكم، بل هناك أحكام صدرت ضد صحافيين فعلاً، الأمر الذي أشاع ارتباكاً في كل الصفوف، فلا النهار نهار ولا الليل الليل، وحين تسود البلبلة ويقع الارتباك، تنشط جحافل الظلام لخنق بشائر الإصلاح ونسائم الحرية !!..لقد كان المتوقع أن تكون دولة مركزية محورية بحجم مصر، ذات التقاليد البرلمانية والدستورية، بتجاربها الديمقراطية منذ منتصف القرن التاسع عشر حين انتعشت فيها دعوات الإصلاح المبكرة، هي السباقة في «ارتكاب فعل الإصلاح الديمقراطي» قبل غيرها، وخصوصاً فيما يتعلق بحرية الصحافة والتعبير وبضمانات العمل الصحافي والفكر الإبداعي، إلا أن تلكؤ الآلة البيروقراطية، بما تضمه من مستشاري السوء وترزية القوانين، قد حالت دون ذلك حتى اللحظة، وهل هناك دليل أقوى من التسويف والتهرب الحكومي من تحويل قرار مرسى بإلغاء عقوبة حبس الصحافيين هذه، إلى تعديلات تشريعية مستحقة ليصبح الإلغاء قانونياً!!..



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسألونك عن الثورة( قل : الوطن او الموت)
- الافعى الاخوانية تسعى لكى تنهار الدولة مدنيا وتقوى اخوانيا
- روسيا وسوريا خير مثال على ان الطبيعة هى التى تحكم
- ثقافة طبق الفول وحمير الاخوان
- مريم المقدسة
- صرخة فى وجه الحسبة
- ائتلاف شباب الثورة ورقة التوت الاخيرة التى فضحت الجميع
- لا حذاء للديمقراطية يامرشد الاخوان
- عفوا نحن فى زمن جاهلية الاخوان
- الماسة والاحجار
- ما المانع اذا ايها القدر!!!!!
- يامرسى اللى اختشوا ماتوا
- ما احوج اقباط مصر لمناضل يخلصهم من ظلم الاضطهاد!!!
- هل يستطيع الشعب السعودى الثورة على هذا النظام الموالى لاسرائ ...
- احبك يا بحر الرقة والحنان
- فض الاشتباك بين اشكالية اسلام النص واسلام التاريخ
- الاسبرطية والشيوعية والتحريضية الاخوانية الكفاحية هى المشروع ...
- البلوتوث الانسانى(التخاطر عن بعد)
- لن تستطيعوا فهم ما يجرى حولكم حتى تفهموا النظام العولمى
- الأخضر الإبراهيمي هو القنطرة لاستعادة تركيا مجدها السياسى فى ...


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - مرسى والاخوان اوجعتهم الحقيقة