أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رؤى جعفر - ثالوث الفرات الاوسط















المزيد.....

ثالوث الفرات الاوسط


رؤى جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 3884 - 2012 / 10 / 18 - 21:02
المحور: الادب والفن
    


1. ثالوث وصفه الكثيرون بالسهل الممتنع ,نعم هوسهل ممتنع فلمجرد الحديث عنه أحتاج لمساحة أكبر من مساحة الأوراق. إذ تضيق حدودي وحدود لغتي البسيطة مع حدود أوراقي عن استيعاب عظمة هذا الثالوث , الذي قلما نجد نظيرا له في هذه الأيام .جمع أعمدة هذا الثالوث بين الثقافة والأدب والبحث الأكاديمي وعرفوا بموسوعيتهم ,فمن غير الممكن تصنيفهم على تخصص بعينه فهم أساتذة أجلاء ونقاد كبار وشعراء مجيدون ملكوا ناصية اللغة العربية حتى تخالهم الخليل بن أحمد الفراهيدي .وان تكلموا الانكليزية لتشك بأنهم عرب , أما مايحملونه من تواضع وحسن خلق فهو تواضع العلماء الكرماء والصالحين الأتقياء, فهم ممن يعنيهم القول المأثور(أفضل العلماء أكثرهم تواضعا) يشهد بتعاملهم الإنساني ورقة طبعهم ولياقة فعلهم كل من عرفهم .على رأس هذا الهرم الشامخ العلامة الدكتور علي جواد الطاهر (رحمه الله) الذي جادت به الحلة الفيحاء إذ ولد فيها وأتم دراسته الابتدائية والثانوية في مدارسها ,ليكمل دراسته الجامعية بعدها ويحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس .درس الدكتور الطاهر في الكثير من الكليات العراقية وتلمذ له الكثير من أساتذة الوقت الحالي وكان رائدا من رواد كلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة بغداد ,له عشرات الأبحاث والدراسات والمؤلفات الأدبية والنقدية و(تميز علي جواد الطاهر بدراساته الأدبية على المستوى الأكاديمي وهي دراسات تتصف بالحرص الشديد على الأناة في الحكم والدقة في النظر إلى الجزئيات من أجل بناء كلي متكامل ,والجمع المتنوع بين دراسات تهتم بالتراث وأخرى تهتم بالاتجاهات الأدبية المعاصرة مثل كتابه "مقدمة في النقد الأدبي " و"دراسته عن الشعرالحروالتراث" )1 .أما عمود المثلث الثاني العلامة الدكتور عناد غزوان(رحمه الله) وهو من مدينة الكرم والضيافة الديوانية ولد في رحابها ودرس في مدارسها,حصل على شهادة الدكتوراه من المملكة المتحدة بريطانيا.وعاد بعدها للعراق ليتقلد الكثير من المناصب منها عمادة كلية أصول الدين ورئاسة قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة بغداد فضلا عن ترأس اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في الأيام الأخيرة من حياته إلى غيره من المناصب الأخرى لايقل الدكتور عناد غزوان أهمية عن الدكتور الطاهر فهو قمة من قمم الأدب والنقد وتدين له العربية بالفضل الكثير .عرف بثقافته الواسعة وعلميته العالية (لم يكن أستاذا مخصصا , ولا ناقدا أو مترجما,ولا أديبا أو لغويا وفقيها فحسب بل كان موسوعة علمية )2 . جمع بين التراث والحداثة كان (يضع قدما راسخة في التراث وقدما أخرى في المعاصرة يجمع الخطى بينهما في بوتقة واحدة فهو حين يكتب أطروحته في الدكتوراه في القصيدة العربية التراثية يترجم كتاب ت.س اليوت )3 . أما مايكمل ثالوث فراتنا الأوسط العلامة الدكتور محمد حسين الأعرجي (رحمه الله)ولد العلامة الأعرجي في مسقط رأس الكون* مدينة العلم والعلماء ومحط رحال الأنبياء مدينة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) النجف الأشرف . ودرس في مدارسها ونهل من منابعها الثرة حتى أكمل دراسته الثانوية فيها . وتوجه إلى بغداد ليكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب جامعة بغداد قسم اللغة العربية ,وحصل منها على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها عن أطروحته الموسومة الصراع بين القديم والجديد ,التي أشرف عليها الدكتور الطاهر وكان الدكتور عناد غزوان أحد أعضاء لجنة المناقشة. تلك الأطروحة الأنموذج والتي لاتضاهيها أطروحة أخرى لا في الدراسات الأدبية القديمة ولا الحديثة منها .إذ دلت على ذكاء الدكتور الأعرجي وسعة أفقه بما خرج به من استنتاجات واستنباطات خاصة به وحده فلم يكتب ليتعلم بل كان يكتب ليعلم , وهذا ماشعربه الدكتور الطاهر منذ الوهلة الأولى التي درس فيها الأعرجي على يديه . فأطروحة الدكتور الأعرجي كانت وما تزال منهلا عذبا للدراسات الأدبية القديمة والحديثة , ومن يطلع عليها يجدها حاوية على أربع دراسات في وقت واحد جمعها بذكائه واجتهاده وإخلاصه في دراسة واحدة قل أن نجد لها مشاكل من الدراسات الأخرى . وبسبب المضايقات السياسية التي تعرض لها العلامة الأعرجي هاجر العراق مكرها في نهاية سبعينيات القرن الماضي ليعود إلى العراق بعد زوال الحكم البائد حاملا معه أضعاف ما خرج به من مؤلفات أدبية ونقدية مختلفة العصور .فكانت أمه كلية الآداب قبلته الأولى فعمل تدريسيا فيها وأعاد لقسم اللغة العربية بريقه ورونقه بعد ما غشيته الظلمة لعهود طوال . وأنا ممن حباهم الله بشرف التلمذة على يديه لتبهرني ثقافته الموسوعية وسعة أفقه واطلاعه فلم تكن محاضرة الأدب العباسي مقتصرة على معلومات تخص العصر العباسي فحسب بل كان يخرج المحاضرة من تحجرها وتقوقعها لتكون محاضرة أدبية علمية شاملة فيحلق بنا بعيدا في الأدب والدين والتاريخ وشتى العلوم والمعارف. وكان(رحمه الله) لايرضى بتسليمنا وقناعتنا بأفكاره وآراءه , إذ كان يسألنا دائما عن سبب قناعتنا بأفكاره ويطلب منا مناقشته وطرح أفكارنا ليبني فينا صفات الباحث الجيد وينمي قدراتنا العقلية وأكثرما تعلمته من شيخي وأستاذي الأعرجي الوفاء لجميع الناس لاسيما أساتذتي ,إذ لم يمر يوم دون أن يذكر الطاهر وفضله عليه أو الدكتور غزوان .وكان يتحدث عنهما حتى خلتني رأيتهما من قبل وتلمذت لهما فكان يصورهما أبدع تصوير واصفا علميتهما وموضوعيتهما في البحث فضلا عن وصفه تواضعهما وإنسانيتهما الراقية . وأذكر ذات يوم أقام قسم اللغة العربية في كليتنا حفلا تأبينيا بمناسبة ذكرى وفاتهما التي تصادف في الشهر نفسه وكان الأساتذة الأجلاء يقدموا شهاداتهم بالفقيدين .فوقعت عيناي على أستاذي الأعرجي ورأيت الدموع تنهمر من عينيه كمن فقد أباه لتوه . شكل الأعرجي ثالوثا متميز مع أستاذيه الطاهر وعناد غزوان, فحمل الثلاثة الثقافة نفسها , والموسوعية نفسها, والدقة في نقل الحقيقة بلا رتوش . كما حمل الجميع حسن الخلق ورجاحة العقل ورهافة الحس والذوق وكان التواضع يتوجهم فكانوا بناة لصروح علمية وأدبية حقه ,وصناع طلبة أكفاء .تركوا لنا إرثا لايقدربثمن .إلى جانب ذلك كان الثلاثة من منطقة الفرات الأوسط والثلاثة يجيدون الانكليزية فضلا عن تدريسهم في دول أخرى غير العراق ,وشاءت الصدفة أن يتوفى د.عناد غزوان في الشهر نفسه الذي توفي فيه د.الطاهر .وفي مفارقة أخرى كان د.الأعرجي يحمل ملامح د.عناد غزوان الشكلية وصفات د.الطاهر الخلقية فجمع الله فيه أستاذيه( رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جناته)فان كان في نشر العلم زكاته فهم خير من نشره. نحمد الله الذي خلقهم ونشكر الفرات الأوسط الذي أنجبهم وطابت أرض العراق التي حوتهم. الهوامش 1مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية 2 حكمت علاوي: الدكتور عناد غزوان رجل موسوعي ,جريدة الصباح ,بغداد 14 /9/2005 3محمد حسين الأعرجي :التراث والمعاصرة ,جريدة البينة ,بغداد 15 /6 /2006 *جملة يعرف بها الشاعر حسين القاصد مدينة النجف الاشرف



#رؤى_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صاحب الامتياز الدكتورمنذر رديف أم الدكتورمحمدابراهيم
- الناقد العراقي بين ضبابية الفهم والتسرع في الحكم (قصيدة الى ...
- انتباه ....احذرواسياسة الهدم من الداخل
- الى البصرة قبل أوان مربدها
- نقمة عربية أم قمة عربية
- الى المرأة في يومها


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رؤى جعفر - ثالوث الفرات الاوسط