احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 16:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
النظام المصرفي بين الأسلمة والتقليدي
ان اختلاف الرأي في فهم الشريعة الإسلامية وخاصة في جانب المعاملات المالية جعلها تخضع لتطبيقات متنوعة وليس تطبيقاً واحداً للمبادئ الإسلامية في المعاملات المصرفية مما أدى الى التنوع في الإطار القانوني الذي يحكم البنوك الإسلامية . فمن حيث التصنيف ...* هناك بلدان إسلامية قامت بتغيير نظامها المصرفي كلياً إلى النظام الإسلامي مثل "ايران".. أو جزئياً كتركيا وقد صدرت في كل من هذه الدول قوانين خاصة بتنظيم هذه المؤسسات المصرفية، * كذلك هناك بلدان إسلامية سمحت بإنشاء بنوك إسلامية تعمل بجانب نظامها المصرفي القائم على النمط الغربي بمقتضى قوانين خاصة أعفتها من قواعد النظام المصرفي السائد وقوانينه بل ومن اشراف البنوك المركزية أو سلطات الرقابة عليها,* واخيرا هناك المصرف الإسلامي الدولي في الدانمرك وهو الوحيد خارج البلاد الإسلامية حيث سمح له بممارسة أنشطة البنوك الإسلامية ويخضع للقانون المصرفي الدانمركي دون أي إعفاءات أو امتيازات، كما أنه في نفس الوقت يخضع لقيود الشرعية الإسلامية .
ولكن اسمحوا لى قبل التعمق اكثر ان استفهم,, هل استطاعت ايران ان تكمل أسلمة نظامها المصرفي كله مع تلك الترسانة من القوانين واللوائح والتعليمات لضبط وتنظم النشاط المصرفي الإسلامي بها ,,,,هل طبقت ايران تلك القوانين والضوابط بحزافيرها دون الالتفاف عليها وخاصة في ظل العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية المفروضة عليها ...اشك في ذلك,,,هل تلك القوانين واللوائح الموضوعة لأسلمة نظامها المصرفي تسمح بالاضرار بأقتصاد الدول المجاورة لها واخص هنا العراق.
اذا ومن هنا وفي وسط خضم الحراك والتغيرات التى تشهدها بلدان الربيع العربي على كافة المستويات وخاصة في هياكلها من اجل الديمقراطية بركائزها الثلاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية،ومنذ صعود التيار الإسلامي لصدارة المشهد فيها , بدأنا نلاحظ بان هناك تغيرا في الهيكلة الاقتصادية وخاصة في ركن التعاملات المصرفية والنقدية وظهور ما يسمى بالمصرفية الاسلامية أو بيوت التمويل ولكن هذه المرة بصورة مباشرة . فمؤيدي هذا التغير يدعون من خلال ذلك الى الوقوف بحزم تجاه الربا ووصد كل الأبواب الخلفية المؤدية إليه،متحججين بان كل زيادة في رأس المال بدون عوض تعد ربآ محرمآ،ويجب تحديد وظائف النقود بدقة حتى لا تخرج عن حدودها المرسومة لها. وأعطاء رأس المال النقدي حقه بشرط أن يدخل مشاركة مع العمل بأية صيغة من الصيغ المعتمدة شرعآ، ويقتسمان الأرباح بعدالة، .ويروا أن الربا عملية لا أخلاقية وغير مشروعة، وهي جزء من آلية استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، فهي مدانة أخلاقيا ولا مبرر لها اقتصاديا,وان الفائدة تحايلآ على الربا،ويصرون على ان تنشأ هذه البنوك بمقتضى قوانين خاصة تعفيها من قواعد النظام المصرفي السائد وقوانينه، بل ومن اشراف البنوك المركزية أو سلطات الرقابة على المصارف.
فالحقيقة أن إسباغ الصفة إسلامية علي أي اقتصاد بصفة عامة هي مسألة صعبة ومعقدة للغاية في وقتنا هذا خلال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية المتواصلة وخاصة البنكية والنقدية..فبدون قوانين وضوابط رقابية على المصارف الدينية وبيوت التمويل وشركات توظيف الأموال فإن كلا من نظامي المرابحة والمشاركة قد يضع المودع تحت رحمة الشركة أو المصرف الديني ومدي أمانته في تحديد نتيجة أعماله, فيمكن أن يربح كثيرا ويزيف نتائج أعماله ليقول إنه لم يحقق ربحا حتي يدفع أرباحا قليلة للمودعين ,ويمكن أن يستخدم الأموال في توظيفات عالية الخطورة ويقامر بأموال المودعين فيقدم لهم أرباحا عالية بعض الوقت لإغراء المزيد من المودعين بالإيداع لديه, لكنه يمكن أن ينهار ويوقع بالمودعين خسائر هائلة تلتهم أصول ودائعهم كلية,وهذا ما حدث فى مصر عندما تم المضاربة في أسواق العملات والأسهم والمعادن النفيسة ومنيت فيها بخسائر ضخمة وانهارت وأضاعت مليارات الجنيهات من أموال المودعين وقدمت تجربة سلبية ونموزج سيئ للاقتصاد الاسلامي..فالقول بأن المرابحة أو المشاركة هي الحل وهي البديل لسعر الفائدة في النظام المصرفي الذي يراه البعض ربويا, فإنه لا مشكلة في وجود كليهما, فالفائدة هي المحفز الاول للادخار ولن تتحول الأموال المكتنزة عديمة الفاعلية إلي مدخرات يمكن توظيفها لتمويل الاستثمار والنهوض الاقتصادي بدون هذه الفائدة التي هى في حقيقة الامر الثمن الذي يدفعه المقترض مقابل إستخدام نقود المقرض وهذا الثمن يكون في صورة نسبة مئوية سنوية,بحيث آلا يفرض معدل باهظ للفائدة على القروض اوتلك الأسعار العالية المفروضة على المقترضين وان يكون معدل الفائدة متغيرا تبعا لحالة الاقتصاد ومعدل الربح فيه, بما ينفي عنها صفة الثبات القديمة التي يسنتد إليها البعض في وصفها بالربوية.. فبممارسة المصارف الاسلامية انشطتها دون أي إعفاء من القوانين المصرفية، وهو بذلك تجربة رائدة لاثبات إمكان ممارسة النشاط المصرفي وفقاً للشريعة الإسلامية وللقوانين المصرفية التقليدية في نفس الوقت تجنبا لما سبق ذكره.واخيرا عندما يبنى الاقتصاد على الكفاءة والشفافية والعدالة والنزاهة التي تحقق الركن الثاني من الدمقراطية وهي الديمقراطية الاقتصادية اذا لا يستدعي الامر لوضع لافتة دينية علي الاقتصاد.
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟