جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3882 - 2012 / 10 / 16 - 16:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المسيحية تدعو إلى المحبة وخصوصا محبة الآخرين وحتى الأعداء وعلى هذا وجب على المسيحي أن يحب المسلم حتى وإن لطمه على خده الأيمن,هذا ما كنت أريد أن أقوله وهذا الذي أهدف إلى إيجاده كدعوة لمحبة الآخرين,ولنفترض مثلا أن لي جارا يعاديني بسبب ديني أو بسبب قبيلتي أو بسبب مهنتي على عادة أصحاب المهن المشتركة حيث يعتبرون أن زملاءهم بالمهنة هم أعداءهم أو لأي سبب شخصي أليس من المفترض بي إن كنت مسيحيا مخلصا أن أحبه وأباركه؟ذلك الذي أعتبره عدوي ويعتبرني عدوا له؟ وأيضا أهدف إلى تغيير وجهة نظر الإنسان المسلم بالآخر وبأن يتطور الدين الإسلامي إلى ما هو أفضل؟ لماذا هنا يغضب المسيحي من مقالي السابق الذي يدعو إلى محبة الآخرين ليقول لي بأن الدين الإسلامي يعادي الكل؟ لنفترض جدلا بأن هذا الكلام صحيح 100% فلماذا إذاً لا نسعى إلى تغيير وجهة نظر المسلم بالمسيحي,هذا كل هدفي, أنا كاتب وصاحب قلم ولست صاحب بندقية والتغيير عندي بالكلمات وليس بالبندقية أو بالمدفع أو بالرشاش, لنكن واقعيين أكثر من ذلك ولندع المحبة تدخل بيوتنا بدل أن يدخلها الشر, البحث عن المحبة والسلام ليس من الضروري بمكان أن يكون من داخل النص القرآني أو التوراتي أو الإنجيلي,لأن كل هذه الكتب السماوية خلطها المفسرون ووشحوها بأوشحة تليق بمقام الحُكام عبر التاريخ وفصلوها على مقاس طبيعة الحكم عندهم,والديانة المسيحية حاربت كثيرا وخصوصا بين البروتستانت والكاثوليك علما أن المسيحية بالنص الثابت تدعو إلى محبة الجميع حتى الأعداء ولنفترض أننا فعلا أعداء يجب عليكم كمسيحيين أن تحبونا وبهذا من الممكن جدا أن تتغير وجهة نظر المسلم بالمسيحي, مقالي السابق ومقالي هذا مجرد اقتراح من الممكن تطبيقه على أرض الواقع وأنا لا أملك بندقية لكي أجبركم على تطبيق وجهة نظري,ما طرحته هو عبارة عن وجهت نظر ليس أكثر ولا أقل فأنا لست خطيبا مسلما على المنبر ولست بطريرك أنا أريد أن أبتعد شيئا فشيئا عن التطرف لكي لا أبدو أنني راديكاليا بمعنى الكلمة للراديكالية لذلك يجب علينا تجاوز هذه الأزمة بأن نخلص الدين من يد الحكام إننا نريد تحرير الدين من قبضة السياسة ونريد للناس أن يعبدوا الله(الرب) بصدق وبأمانة وبأن لا يتركوا الدين تتحكم به الطغمة الحاكمة وذلك لكي ننعم بالمحبة وبالسلام الأبدي,إننا يجب علينا أن نبحث عن العقول والقلوب التي هي مثلنا تبحث عن المحبة والسلام حتى بين أعدائنا الذين يلطمونا على خدنا الأيمن وطالما نحن نبحث عن المحبة بين القلوب التي تفهم الأديان بطريقة عصرية وحضارية بعيدا عن التلوث التاريخي ذلك التاريخ الذي شوه كل الأديان وكانت على مر العصور لعبة بيد الساسة والأباطرة والملوك والحكام والأمراء فطالما نحن نبحث عن السلام والمحبة فتأكدوا جميعا بأن المحبة والسلام يبحثان هما أيضا عنا بين صفحات الكتب وبين المؤسسات المجتمع مدنية, إن أي شيء نبحث عنه إن لم نجده يجدنا هو,وهو مثله في ذلك مثل حب أي شيء فالباحث عن الثراء سيجده وإن لم يجده فمن المؤكد بأن الثراء نفسه سيجد من يبحث عنه,ومثل الإنسان الذي يبحث عن حبيبه أو الذي يبحث عن صديق صادق من المؤكد أن هذا الصديق الصادق هو أيضا يبحث عنه وطالما نحن متلهفون ومتعطشون للحب طالما الحب أيضا متعطشٌ ومتلهفٌ علينا,إننا نبحث عنه وهو بنفس الوقت يبحث عنا,وهذا مثله مثل الله ومثل الموت,فالذي يبحث عن الموت سيجده أمامه وإن لم يجده بالصدفة فمن الطبيعي أن الموت نفسه يبحث عن الذي يبحث عنه,وكذلك الله(الرب) حيث سيجدنا هو إن تعثر علينا نحن إيجاده,فالباحث عن الله والراغب بلقاء الرب(الله) من المؤكد أن الرب نفسه يبحث عنه في شتى الأشكال والصور والعبارات,وبدل أن نضيع جهدنا الكبير وعمرنا الطويل في البحث عن الله وعن حقيقة وجوده المطلقة عندي لهذه المشكلة حل جذري ونهائي وهو أن نبحث عن الإنسان نفسه,الإنسان العصري صاحب السلام الذي يريد حل مشاكل العالم كلها بالكلمة الحلوة التي تجعل الأفعى تخرج من جحرها, إننا ندعي أننا بشر وبأننا إنسانيون ولكن في الحقيقة نحن لم نعثر حتى هذه اللحظة عن الإنسان الذي ندعي وجوده, فهل الإنسان فعلا موجود أم أنه ما زال وهما كبيرا وخرافة يصعب علينا جدا تصديقها.
فأين هو الإنسان الذي ندعي وجوده هل هو الإنسان الصادق أم الكاذب أم المتلون؟ ومن هو الإنسان الذي نبحث عنه فعلا هل هو مثلا الإنسان العاشب أم هو الإنسان اللاحم,وبكثيرٍ من العبارات التي تدمع العين بسببها نستطيع أن نعثر على الإنسان العصري المحب لنفسه كما يحب لغيره,ذلك الإنسان الذي يملئ بطن غيره بالطعام قبل أن يمتلأ بطنه هو، ذلك الإنسان الذي يقاوم الشر ويمنع حدوثه وذلك الإنسان الذي يبحث ليل نهار عن فعل الخير وليس عن فعل الشر, ولنأخذ قسطا من الراحة وبعدها نقوم للبحث عن أعدائنا لا لكي نحاربهم بل لكي نحبهم بناء على ما أوصى به المسيح وبهذا يتحول العدو إلى صديق أنا إذا بقينا مصرين على أن الإسلام عدونا ويجب علينا معاداته فلن يفلح هذا في شيء والذي يفلح أكثر هو تطبيق وجهة نظر الإنجيل ووجهة نظر المسيح نفسه حين يدعونا بأن نبارك أعداءنا وبأن نصلي من أجلهم جميعا وبهذه الخطوة سنجد تجاوبا مع الأديان الأخرى وخصوصا الديانات غير السماوية, يجب أن نبحث عن الإنسان الخير ولنقف في إحدى الأمكنة حيث من المؤكد أن الذي نبحث عنه سنجده قريبا منا هو الآخر يبحث عنا,وهذا مثله مثل الذي ينطلق من بيته باحثا عن شريكة العمر في المدن الأخرى البعيدة عن بيته وفجأة يكتشف بأن التي يبحث عنها تسكن إلى جواره ولا تبعد عنه إلا خطوات قصيرة, وكذلك المحبة من المؤكد أنها قريبة منا وكذلك الإنسان الذي نبحث عن وجوده من المؤكد أنه قريبٌ منّا ويسكن إلى جوارنا.
يجب أن نؤمن إيمانا مطلقا بأننا ما جئنا إلى هذه الدنيا لنعلن الحرب على جيراننا وبأن نحاصرهم لكي يموتوا جوعا بل جئنا لنلم شملنا جميعا.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟