أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الحزب الشيوعي العراقي - بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في تشرين الاول 2012















المزيد.....



بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في تشرين الاول 2012


الحزب الشيوعي العراقي
(Iraqi Communist Party)


الحوار المتمدن-العدد: 3882 - 2012 / 10 / 16 - 01:46
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    



نحو تحالف مدني ديمقراطي واسع للخروج من ازمة نظام المحاصصة
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يوم 12 تشرين الاول 2012 اجتماعا اعتياديا، هو الاول منذ انعقاد المؤتمر الوطني التاسع للحزب في ايار 2012 .
تداول المجتمعون نشاط الحزب وهيئاته القيادية ولجنة الرقابة المركزية ومختصاته ومنظماته ومداولات المجلس الاستشاري ، وثمنوا ما تحقق من تقدم في مختلف ميادين العمل، واقروا مجموعة من التوجهات والاجراءات الهادفة الى تطوير اداء الحزب، ومواصلة بناء منظماته والارتقاء بها افقيا وعموديا، مشددين على ضرورة تماسها الوثيق مع المواطنين وهمومهم، ودفاعها الثابت والدائب عن مصالحهم، ومؤكدين اهمية تحريك الجماهير واستنهاض هممها في النضال لنيل حقوقها.

ونوه الاجتماع بالحاجة الى ادامة الزخم الذي اطلقه انعقاد المؤتمر التاسع ومجراه ونتائجه، والى استلهام ما توصل اليه والانطلاق منه في العمل من اجل المشروع الوطني الديمقراطي البديل.
كما ناقش الاجتماع "موضوعات سياسية" في شأن التطورات التي شهدتها البلاد في الاشهر الماضية على الصعيد السياسي، مشيرا الى احتفاظ تحليلات المؤتمر التاسع في خصوص الصعد الاخرى بحيويتها، وخلص في شأنها الى الآتي :
تؤشر محصلة الأحداث والتطورات السياسية التي شهدتها البلاد منذ انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزبنا في شهر ايار الماضي استمرار وتعمق الأزمة السياسية والاقتصادية - الاجتماعية في البلاد وبجوانبها المتعددة: كأزمة حكم وحكومة وأزمة علاقات وثقة متبادلة بين القوى السياسية المتنفذة. فيما اخذ مسار الاحداث وتداعياتها منحى يثير قلقاً متنامياً لا داخل العراق وحسب وانما على الاصعدة الاقليمية والدولية ايضاً. فخلال الأشهر الأخيرة تسارعت وتيرة انتاج وافتعال الأزمات تزيد الوضع السياسي العام، من جهة، ارباكا وتعقيداً وتوتراً، وتشدد من معاناة الناس وشكواهم. فتداعيات وآثار المأزق السياسي تلقي بظلالها الثقيلة على حياة الناس اليومية من خلال تردي الاوضاع الأمنية وارتفاع عدد العمليات الارهابية وبلوغ اعداد الضحايا مستويات لم تعرفها البلاد منذ سنتين. وترافق هذا التدهور مصاعب واعباء اضافية على المواطنين، ناجمة عن الاجراءات الأمنية التقليدية غير الفعّالة، كزيادة السيطرات وغلق الطرق. كما تؤثر هذه الاوضاع سلباً على حركة الاقتصاد والتجارة وعلى مستوى اداء اجهزة ومؤسسات الدولة وتوفير الخدمات العامة، فتشهد بمجملها انحساراً وتراجعاً، يقابله اتساع في مديات الفساد وتفاقم في المصاعب المعيشية للفئات الشعبية.



العلاقة مع الاقليم
وبجانب ذلك اضيفت إلى الأزمة السياسية عقد جديدة ، لعل اهمها اشتداد الخلافات مع اقليم كردستان حول العقود النفطية وتسديد الالتزامات المالية المتقابلة للاقليم والحكومة الاتحادية ، والحكم على طارق الهاشمي وافراد مكتبه بتهمة الضلوع بالارهاب، والتأزم والتوتر في المناطق "المتنازع عليها" ما حفز الامم المتحدة والولايات المتحدة على ارسال موفدين لتهدئة الموقف. كما عبرت قوى سياسية عديدة عن قلقها الشديد، واكدت ضرورة التنسيق مع الأقليم حسب الاتفاقات الموقعة بخصوص تحريك وتنظيم التواجد العسكري في المناطق المختلف عليها. ورغم الجنوح إلى التهدئة وتخفيف التوتر من قبل الطرفين لاحقاً، فقد تجدد التصعيد والتوتر في الايام الأخيرة إثر اعلان تشكيل قوات دجلة لترتبط بها القوات في كركوك وديالى.

تدخلات دول الجوار
وفيما اشتدت الخـــلافات بين اطراف العملية السيــــاسية المتشاركين في السلطـــة، وامتدت لتشمل المواقف بشـــأن السياسة الخارجية للعـــراق والعلاقات مع دول الجـــوار، إزدادت التدخلات الســـافرة لهذه الدول في شؤون بــــلادنا، وشكــــلّ بعضها خرقاً صـــارخاً لسيادة العراق. ولم تقابل هـــذه التدخلات على الدوام بنفس الرفض والحزم المطلوبين من قبل الحكومة، تعزيزا وتاكيدأ لمباديء واسس علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل لسيادة كل بلد واستقلاله.
ولم تسفر المبادرات المتعددة التي انطلقت من داخل الكتل المتنفذة ومن خارجها، والاتصالات واللقاءات والاجتماعات المكثفة بين قياداتها واطرافها، وسيل الوعود والتصريحات المطمئنة تارة والمثيرة للقلق تارة أخرى، وضغوط القوى الخارجية، الاقليمية والدولية، حتى الآن، عن ايجاد مخرج لأي من الأزمات والمشاكل الاساسية التي تتصارع حولها وبشأنها القوى المتنفذة، ناهيك عن التوصل إلى حل شامل للأزمة .

"التهدئة" بين القوى المتصارعة
وليس ممكناً، ولا متوقعاً، أن تتغلب القوى المتنفذة على عجزها هذا وأن تنجح في ايجاد المخارج والحلول للمشاكل والازمات المتناسلة في علاقاتها المتبادلة وفي الادارة المشتركة لشؤون البلاد، طالما ظلت حبيسة منطق نهج المحاصصة الطائفية والأثنية.
وامام عدم قدرة اي من الكتل المتنفذة المشاركة في الحكم على حسم الصراع لصالحها، ونظرا لنجاح الضغوط والمناورات والاغراءات والحسابات الفئوية والشخصية في احداث تغيير في مواقف بعض قادة واعضاء الكتل لصالح اعتماد الحوار والتفاوض للوصول إلى تفاهمات جديدة، فقد اتجهت جميع الكتل، وبدرجات متفاوتة من الجدية والقناعة، إلى تهدئة الخطاب السياسي والتخفيف من لغة الاتهام والتحريض المتبادل، وإن استمر بعض النواب والسياسيين المحسوبين على تلك الكتل في اطلاق التصريحات النارية والتأجيجية، فيما شرع التحالف الوطني في التحرك لطرح ورقة اصلاح تكون اساسا وخارطة طريق لحل الازمة.وترافق ذلك مع تصريحات متفائلة من بعض أطراف التحالف الوطني حول التفاعل الايجابي من قبل جميع الكتل مع افكار الورقة، وكونها ساهمت في تهدئة الأجواء والتمهيد لاستئناف المساعي لعقد المؤتمر الوطني.
ولكن في الوقت نفسه صدرت تصريحات مناقضة من جانب نواب من التيار الصدري ومن العراقية والتحالف الكردستاني، تنفي وجود الورقة وتشكك بجدية التحالف الوطني ودولة القانون في القيام باصلاحات وتشدد على تنفيذ التعهدات والالتزامات التي نص عليها اتفاق اربيل الذي تشكلت على اساسه "حكومة الشراكة الوطنية". واتضح لاحقاً ان لا وجود للورقة، وانما هناك افكار وتصورات مطروحة على الكتل السياسية من قبل التحالف الوطني، لمناقشتها وصولا إلى توافقات بشأنها.
من جانبه دعا حزبنا إلى الكشف عن ورقة الاصلاح ان كانت موجودة واعلانها للرأي العام، والى الخروج بالمناقشات والمداولات من الحلقة الضيقة لقيادات الكتل المتنفذة. كما اكد اهمية الدور والمسؤولية الملقاة على رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية في تحريك الأجواء وحلحلة الأزمة واتخاذ الخطوات والاجراءات الكفيلة بذلك، سواء عبر ابداء المرونة في المواقف وفي خوض الحوارات والاستعداد لتقديم التنازلات التي تقتضيها المصلحة العليا للبلاد وامنها واستقرارها، والشروع بتنفيذ الاصلاحات التي تسمح بها الصلاحيات التي يمتلكها (في قضايا النظام الداخلي لمجلس الوزراء، وترشيحات الوزراء الأمنيين، والتعجيل بتنفيذ المادة 140، وحسم النقاط الخلافية مع الأقليم بشأن رواتب البيشمركة، وتسديد مستحقات الشركات النفطية العاملة في كردستان) وتفعيل عملية التشاور والتنسيق مع القوى الأخرى وفقا للاتفاقات المبرمة، وذلك لخلق أجواء الثقة بين الكتل والتي تكاد تكون غائبة حالياً.

جهود رئيس الجمهورية
لم تلق دعوة الرئيس الطالباني إلى عقد مؤتمر وطني الاستجابة الفعلية والعملية الجادة من قبل القوى السياسية المتنفذة ، رغم تصريحات الترحيب العلنية التي صدرت عنها. وقد فشل ممثلو الكتل في الاتفاق على جدول أعمال المؤتمر، كما لم يعملوا على خلق الأجواء الايجابية والهادئة في العلاقات بين قواهم وكتلهم تمهيداً للمؤتمر. وبدل ذلك تواصل التصعيد وتبادل الاتهامات وخلق حالات التأزم، مما اضعف فرص وامكانية عقد المؤتمر.
وبرغم ما شهدته البلاد في الفترة التي سبقت عودة الرئيس اخيرا من بوادر تهدئة، وتكثيف للاتصالات بين الكتل، وتواصل اللقاءات والمباحثات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم لايجاد حلول للقضايا العالقة في مجالات النفط والموازنة، والتوصل الى اتفاقات بشأن تسديد مستحقات الشركات النفطية في كردستان وزيادة كميات الانتاج النفطي في الاقليم وتسويقه من خلال شركة تسويق النفط الاتحادية (سومو)، وما اعقب ذلك كله من تصريحات وبيانات رفعت سقف الآمال بما يمكن ان يحققه استئناف رئيس الجمهورية جهوده لجمع الفرقاء حول طاولة "المؤتمر الوطني" والتوصل الى تفاهمات وحلول تخرج البلاد من ازمتها، برغم ذلك فان الرئيس الطالباني يعي جيداً شدة تعقيدات الوضع، وتعدد الجهات والاجندات السياسية الداخلية والخارجية الفاعلة والمؤثرة فيه، وعمق الخلافات وضعف الثقة بين الاطراف السياسية الرئيسية، ما يجعل الوصول إلى حلول امراً مستحيلا بدون تجاوب القوى ذات العلاقة واستعدادها للتحاور وتقديم التنازلات والتعالي على المصالح الفئوية والذاتية الضيقة لما يمثل المصلحة الوطنية العليا.
وإذ يرى حزبنا تعذر امكانية توصل القوى المتنفذة إلى حلول جذرية للازمة، بسبب تمسكها بمنطق ونهج المحاصصة الطائفية والأثنية، فانه يرحب ويدعم اي جهد وخطوة او موقف يهدف إلى التخفيف من الاحتقان السياسي، ويسهم في تشجيع الحوارات حول القضايا المختلف بشأنها بعيداً عن التشنج والتطرف والاقصاء والتفرد. فالتجربة تثبت ان الشعب، وفئاته الكادحة بشكل خاص، هو المتضرر الأكبر من تداعيات ونتائج اشتداد الصراعات والاختلافات بين القوى المتنفذة. لذلك اعرب الحزب عن تأييده واسناده للجهود التي يبذلها الرئيس لجمع القوى المتخاصمة في مؤتمر وطني يناقش ويقر ورقة عمل مشتركة. لكنه نبّه إلى أن اقصى ما يمكن أن تسفر عنه مساعي الرئيس هو ايقاف التدهور والتصعيد في الخلافات، حفاظاً على السلم الأهلي ومنعاً لمزيد من التدخلات الخارجية وللحد من تداعيات التأزم على حياة الناس ومعيشتهم.

نظام المحاصصة ومظاهر العجز
على الرغم من تعمق ازمة البلاد واشتداد مخاطرها وانفتاحها على مختلف الاحتمالات، فإن مواقف القوى المتنفذة والكتل السياسية التي تمثلها لا يزال يتصف بالتعنت وعدم الاستعداد لتقديم التنازلات، وتناقض المواقف والتصريحات العلنية مع المواقف والسلوكيات الفعلية على الأرض، وارتهان العديد من القوى والشخصيات المؤثرة في هذه الكتل إلى دول وقوى خارجية وخضوعها إلى اجنداتها ومصالحها، فضلاً عن الصراع المحموم لاقتسام واعادة اقتسام الحصص في مواقع السلطة والنفوذ، وللسيطرة على المال العام ومصادر الإثراء، وتضارب المصالح المادية للقوى السياسية وعناصرها، والتي نشأت ونمت نتيجة استحواذها على حصص من المواقع في السلطات الاتحادية والمحلية، والصراع على الزعامات السياسية للطائفة والكتل التي تدعي تمثيلها. اضافة إلى عوامل اخرى تتعلق بغياب المشروع السياسي الوطني العابر للطوائف والقوميات، وبتجربة ونضج ووعي الكثير من الشخصيات السياسية النافذة.
ان كل هذه العوامل ذات الصلة الوثيقة بطبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والأثنية، تجعل القوى المذكورة عاجزة عن ايجاد الحلول لمشاكل البلاد المتفاقمة، ومواجهة تحديات توفير الأمن والاستقرار الراسخين، وحماية وتعزيز السيادة الوطنية، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، ومكافحة الفساد الاداري والمالي والقضاء على جذوره وعوامل اعادة انتاجه، وبناء اقتصاد وطني متطور ذي قاعدة انتاجية متنوعة وتقليص طابعه الريعي.

في المجال الامني
وتجلت مظاهرالفشل والعجز هذه في مجالات اساسية عدة، يتصدرها الوضع الأمني حيث اتسعت الخروقات الأمنية من جانب قوى الارهاب وتوالى اقدامها على عمليات نوعية جريئة استهدفت الدوائر والمؤسسات والاجهزة الامنية المسؤولة عن مكافحة الارهاب، ومراكز الشرطة ونقاط السيطرة، اضافة إلى الاغتيالات المتزايدة لضباط ومنتسبي الشرطة والجيش والاجهزة الأمنية ومنتسبي الجهاز القضائي كما طالت وجوها اجتماعية وعشائرية، وكان آخرها عملية هروب أو تهريب العشرات من عتاة المجرمين والارهابيين المحكومين بالاعــــدام من ســـجن تسفيرات تكريت، والــتي ما كان لها أن تتم لــــولا تواطؤ عناصر نافذة بين القائمين على ادارة السجن وحمايته ، وشيوع الفساد في مفاصله. بل ان بعض المعلومات أشّر ضلوع سياسيين في تنظيم العملية، علما بانها لم تكن الحادثة الاولى من نوعها، وهي تؤكد مع سابقاتها ان الخلل لا يكمن في مجرد اهمال او عدم كفاءة أو فساد بعض الافراد، وانما ايضا في الاسس الخاطئة التي تم بناء اجهزة الجيش والشرطة عليها، اسس المحاصصة والولاءات الحزبية الضيقة، وعدم اعتماد الكفاءة والنزاهة والتجربة في توزيع المسؤوليات، إضافة إلى استشراء الفساد والمتاجرة بالمواقع. وتؤكد الاختراقات الامنية المتكررة أن الارتقاء النوعي في اداء الاجهزة الأمنية والعسكرية في مكافحة الارهاب، لا يستلزم فقط رفع كفاءة الجهد الاستخباري وتأهيل وتجهيز الأجهزة الأمنية، وأنما يقتضي أيضاً التوجه الجاد نحو إعادة بنائها على اسس الكفاءة والنزاهة والولاء للوطن، وتفعيل حصر السلاح بيد الدولة. كذلك الحال بالنسبة للاجهزة العسكرية، حيث الحاجة قائمة إلى مواصلة العمل من أجل رفع قدراتها المادية والمعنوية والتعبوية وتحسين تسليحها، وفقًاً لحاجات بلادنا في الدفاع عن سيادتها واستقـــلالها، مـــع الحذر ازاء مخاطر الانزلاق نحـــو العسكرة المـــفرطة.

في مجال الادارة والخدمات
وعلى صعيد تأثير نظام المحاصصة على الاداء الحكومي، لم يعد النقد والشكوى محصورين بالمـــواطنين الذين يعانون من عدم توفر الخدمات رغم انفاق المبالغ الجسيمة، سواء في مجالات الكهرباء والمجاري وتعبيد الطرق أم في ميادين الخدمات البلدية وتوفير مياه الشرب وبناء المـــدارس وتأهيــلها وانشاء المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفـــيات، وسائرمجالات ومياديــن العمل والنشاط التي تقع تحت مسؤولية الدولة، سواء كانت ممثلة بالسلــطة الاتحادية أم بالحكـــومات المحلية في المحافظــــات. فقد بات مســؤولون كبـــار في الـــــدولة يقرون بـــان مشاكــل الحكــــومة و تتركز في موضوع المحاصصــة وتداعياتها. وقد سبق أن صــدرت عن مسؤولين حكـــوميين تصريحات تشير إلى انه لم يتم انجـــاز مشـــروع واحد ذي شأن على مدى السنوات الأخيرة، بسبب ضعف الكفاءة، والفساد في اختيار الشركات المنفذة، والبيروقراطية، والقوانين والتعليمات البالية.

.. وفي المجال الاقتصادي
وثمة اتفاق عام على ان من ابرز مساويء نظام المحاصصة، عدم وجود رؤى مشتركة، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي، بل وعدم القدرة على انتاج مثل هذه الرؤى التصورات والاهداف والأولويات المشتركة. وفي هذا ما يفسر إلى حد بعيد فشل مجلس النواب في الاتفاق على تمرير قوانين اساسية تنظم الحياة الاقتصادية للبلاد، على اساس مفاهيم واضحة ومنسجمة. فلا تزال الدولة تفتقد الفهم الواضح لطبيعة اقتصاد السوق، لذلك نجد اليوم القطاع الخاص، وخصوصاً الصناعي والزراعي والخدمي المنتج، يشكو من الاهمال وضعف الدعم والمنافسة غير المتكافئة التي يواجهها من جانب المنتجات المستوردة نتيجة الانفتاح المنفلت للسوق العراقية. ويظل قانون النفط والغاز معلقـــاً على مدى ست سنـــوات بســـبب الخلافات حــوله، رغم اهمـــيته الكبرى في تنظيم وادارة هـــذا القطاع ، سواء على صعيد تأمــين ترجمة عملية لنص المادة الدستورية 112 على أن "تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز"، او على صعيد توفير اطار وبيئة قانونية واضحة، يتم التعامل على اساسها مع الشركات والعالمية. ومعلوم ان غياب ذلك يعتبر احد الاسباب الرئيسية للخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقليم والمحافظات.
حول مشروع قانون البنى التحتية
وقدمت الخلافات والتقاطعات حول مشروع قانون البنى التحتية مثالاً آخر ليس فقط على التوظيف السياسي الضيق لقضايا مهمة بالنسبة للاقتصاد الوطني خدمةً للصراعات بين الكتل وللحسابات الانتخابية. فهي انما تعكس الارتجال وعدم التنسيق والنظرة الجزئية القاصرة الى البناء والتنمية الاقتصادية. فحيث لا جدال في الحاجة إلى تأهيل البنى التحتية المهترئة في البلاد وانشاء الجديد منها، ولا في فائدة وضرورة الاستعانة بالخبرات الأجنبية واجتذاب مصادر تمويل اضافية لتغطيتها، يتوجب التذكير بان صيغة الدفع بالآجل تلجأ اليها البلدان بعد استنفاد الصيغ الاخرى في التمويل والتعاقد، وبعد ضبط آليات المراقبة والاشراف عليها، وفي ظل وجود خطط واضحة تحدد المشاريع الستراتيجية التي تحظى بالاولوية، الى جانب التوازن والعدالة في توزيعها وبما لا يتعارض مع اعتبارات الجدوى الاقتصادية، كما يجب ان يكون هدف بناء القدرات الفنية الذاتية للعراق ونقل الخبرات والتكنولوجيا حاضراً في هذه التعاقدات. في حين ان المسودة جاءت ناقصة ومفتقرة لكثير من هذه العناصر، وقد اثارت نقاشاً واسعاً لا يزال مستمراً، وهو في جانب منه سياسي بحت، لكنه في جانب آخر علمي ومهني تخصصي، صدرت عنه اضافات وتعديلات مقترحة تعالج ثغراته. كما ان مشروع القانون عكس ضمناً اقرارا باستشراء الفساد في تنفيذ مشاريع الموازنة الاستثمارية، وبالعجز عن مكافحته، وبعدم قدرة اجهزة الدولة على التنفيذ وعلى اصلاح أوضاعها، بحيث اصبح اللجوء إلى التعاقد بالآجل وتسليم المفتاح طريقاً مختصراً يعوض هذا العجز. وثمة ادعاء وتصور خاطئان بان مشاريع الدفع بالآجل لا يمكن ان تنطوي على فساد أو على القليل منه، فذلك يعتمد على العقود وطريقة التعاقد ودقة الرقابة والاشراف على تنفيذها.

تسرب الاموال العراقية إلى الخارج
يضاف إلى ما تقدم احتدام السجالات حول سياسة وأداء البنك المركزي، والحديث عن وجود تراخٍ في وضع الضوابط على عمليات مزاد بيع الدولار إلى القطاع الخاص، والتي تستخدم كما يبدو لغسل الأموال وتهريبها، والافادة منها حتى من قبل دول الجوار التي تتعرض الى عقوبات دولية. وتكشف ارقام المبالغ الضخمة التي يجري تحويلها إلى الخارج عبر هذا المزاد حقيقة كونها تفوق كثيرا قيمة السلع والخدمات التي تستوردها الشركات والجهات التي تقوم بشراء الدولار، وان مصدر هذه الاموال بالدينار هو الانفاق من موازنة الدولة. وإذا ما اخذنا ايضاً بعين الأعتبار القنوات الأخرى لتبييض وتهريب الأموال إلى الخارج، يصبح العراق عملياً مصدِراً للعملة الصعبة في الوقت الذي يبحث فيه عن مصادر خارجية للاستثمار، وهذه مؤشرات اخرى لضعف ادارة الدولة ومختلف مفاصلها المعنية بالأمن الاقتصادي، وعدم وجود رؤى مشتركة في شؤون اقتصادية بالغة الاهمية.
لم يعد خافياً ان تشكيل قوائم الائتلافات السياسية التي خاضت انتخابات مجلس النواب الماضية لم يتم على اساس البرامج السياسية والمنطلقات الفكرية المشتركة، بقدر ما انطلق من اعتبارات تتعلق بالعامل الطائفي وبتدخلات واجندات الجهات الراعية الخارجية، اضافة إلى عامل التحاصص الطائفي والاثني الذي يقوم على تقاسم السلطة والنفوذ والامتيازات. وبفعل قانون الانتخابات غير العادل، والمخالفات الانتخابية، والاستخدام السخي للمال السياسي وللموارد العامة، واستمرار غلبة عناصر الانتماء المذهبي والأثني في تحديد خيارات الناخبين، جاءت التركيبة الحالية لمجلس النواب و"حكومة الشراكة الوطنية" التي انبثقت عنه، بعد عدة اشهر من التجاذبات والصراع بين الكتل السياسية.
حكومة محاصصة .. لا شراكة وطنية
وعلى غرار ذلك لم تتشكل الحكومة على اساس برنامج عمل واضح التوجهات الأهداف والأولويات يعكس شراكة حقيقية في العمل الحكومي، وانما نتيجة توافق على تقسيم الحصص في المواقع الوزارية والوظائف العليا في الدولة. لذا فليس غريباً ان لا يقدّم رئيس الوزراء برنامج الحكومة الى البرلمان، وان تصبح قضايا اساسية في المجالات السياسية والاقتصادية والعلاقات الدولية والأقليمية والأمنية والدفاعية، موضوع اختلاف وصراع ليس بين اطراف حكومة الشراكة وحسب، وإنما ايضا داخل الائتلافات المكونة لكل كتلة منها. وقد انعكس ذلك كله على اداء المؤسستين التنفيذية والتشريعية، والذي تمثل في حالة القصور والعجز في التنفيذ بالنسبة للسلطة التنفيذية ، وعدم القدرة على تشريع قوانين اساسية وضعف الدور الرقابي بالنسبة لمجلس النواب. ولم تسلم المؤسسة القضائية والهيئات المستقلة من الصراع على التوجهات وعلى الحصص، حتى ان بعض قرارات المحكمة الاتحادية تعرض إلى انتقاد منظمات المجتمع المدني وقوى سياسية، نظرا لانحيازها واستجابتها لضغط وتدخل السلطة التنفيذية والقوى المتنفذة. ومؤخراً ثلمت استقلالية هيئات مستقلة كالمفوضية المستقلة للانتخابات ومفوضية حقوق الانسان، اللتين تم تشكيل مجلسيهما على اساس المحاصصة الصريحة.
ان الأزمات المتلاحقة التي تعيشها البلاد منذ الانتخابات الماضية والتي اشتدت وتسارعت في الأشهر الأخيرة، تبدو حصيلة متوقعة ومنطقية لهذه المعادلة المختلة وغير المنسجمة للحكم. وقد يكون من باب المفارقة أن تشهد فترة حكومة الشراكة مزيداً من انحسار وتقلص ما تبقى من رأسمال ثقة بين الكتل والقوى السياسية المتنفذة، وأن يتواصل ويحتدم الصراع في ما بينها، مستترا تارة ومعلناً تارة اخرى، على النفوذ في الدولة وعلى جني المغانم، وداخل القائمة الواحدة على زعامتها وعلى تقاسم المناصب وتمثيل المكون. وقد شملت التمايزات في مواقف القوى السياسية المكونة للكتل جميع التحالفات الكبيرة، بما في ذلك أكثرها تماسكــــاً - التحالف الكردستاني، كما انـــها كشفت التباينات في مـــوقــف الحزبين الكرديين الأساســـيين في التعامل مع الحلول المطروحة للأزمة السياسية. وتصاعدت الخلافات في بعض الحالات لتؤدي إلى انقسامات وانسلاخات عن القوائم، وتشكيل مجموعات جـــديدة. وليــس هناك بالـــطبع ما يمنع حـــدوث تمايزات وانــتقالات مماثــلة على صعـــيد جمهـــور هـــذه الكتـــل وقياداتها المحلـــية، وهو ماحدث فعلا في بعض المحافظات.

تصاعد السخط الشعبي
وإذا كان الحراك على صعيد القيادات محكوما بالمنافسة على المناصب والنفوذ والطموحات والمصالح الخاصة، والعروض والاغراءات المقدمة من الخصوم والمنافسين، فان الحراك في اتجاه الجمهور والقواعد والناخبين يرتبط بمدى وفاء ممثلي القوائم المنتخبين بالوعود والتي اعطوها لناخبيهم، وبأدائهم في مواقع المسؤولية، وبمدى نزاهتهم وكفاءتهم، وبمواقف وسياسة قوائمهم إزاء القضايا الكبرى للبلاد ومصالح وحاجات الشعب، من دون اغفال الاستقطاب الطائفي وتشويه الوعي. وتؤكد مؤشرات المزاج والرأي العام الشعبي في مختلف انحاء العراق، ان هناك شعوراً متناميا بالاحباط وخيبة الأمل في اوساط ناخبي القوائم الكبرى، وان هذا الشعور تحول لدى اقسام واسعة منهم إلى سخط، وان التذمر يتسع إزاء الفشل الحكومي، واستشراء الفساد في المفاصل الحكومية، واشتداد معاناة الناس الناجمة عن تدهور الخدمات وعن ضعف تجاوب المسؤولين مع مطالبهم، وشعورهم التهميش. وبلغ ذلك كله مديات دفعت ممثلي المرجعية الدينية إلى رفع نبرة الانتقاد للسلطة التنفيذية ولاداء مجلس النواب. كما إنه يولّد سخطاً شعبياً متنامياً، يحفز شرائح متعددة من المواطنين على التعبير عن غضبها وعرض مطالبها والدفاع عن حقوقها باساليب واشكال متنوعة مرشحة للتصاعد مع استمرار دوامة الأزمات التي تعيشها البلاد منذ أشهر وضآلة الانجاز في مجالات الخدمات والبناء والاعمار والتنمية.
ومع اقتراب مواعيد الاستحقاقات الانتخابية لمجالس المحافظات في العام القادم ولمجلس النواب في السنة التالية، فإن تطور الاوضاع واستمرار تأزمها، وفشل تجربة حكومة الشراكة الوطنية، يشير إلى ضعف احتمال تجدد الاصطفافات والتكتلات السابقة ذاتها، وانه لا بد من ان تطرا عليها تغيرات وتبدلات، يفترض أن تكشف الأسابيع والأشهر القادمة ملامحها الأولية ارتباطاً بتشكيل قوائم انتخابات مجالس المحافظات.
ولا خلاف في ان الساحة العراقية لا تنشط فيها القوى والفاعلون السياسيون العراقيون حصراً، وإنما تتحرك فيها وتؤثر في مجرياتها اجندات دول وقوى اقليمية ودولية. وربما لعبت هذه الدول والقوى، وما زالت، دوراً حاكماً في توليف وتشكيل واعادة تشكيل الائتلافات والاصطفافات السياسية بالنسبة لبعض الكتل السياسية، التي تحظى بدعم ورعاية خارجيين. لهذا فان العوامل التي ستقرر شكل واسس الائتلافات القادمة لا بد أن تتأثر بالمواقف والمصالح والتطورات في دول الجوار. ومع استمرار وتصاعد الأزمة في سوريا واتخاذها طابعاً عسكريا وعنفياً، ودفع الصراع ومضامين واهداف التغيير المنشود من قبل بعض قوى المعارضة والسلطة في اتجاهات التعصب الطائفي والقومي ، على حساب المطالب التحررية الديمقراطية للشعب السوري، فان احتمالات التغيير في ســوريا والتحسب لها ستلقى بظلالها وتـأثيراتها على مواقـــف وتحركات مختلف القــوى السياسية، كمــا ستـــؤثر على الاسس التــي ستقوم عليها الائتلافات المقبلة للأحزاب والقـــوى، التي تستمد مصادر قـــوتها من التمثيل الطائفي.
تقييد الحريات وانتهاك الدستور
اقترن تعمق الأزمة السياسية بتنامي توجهات مركزة السلطة وتضييق دائرة المشاركة في صنع القرار السياسي، وبتكاثر تجاوزات بعض الأجهزة الأمنية على الحريات من خلال اعتقالات وتضييقات طالت ناشطين وناشطات ديمقراطيين في احزاب ومنظمات المجتمع المدني، وفي اتحادات نقابية وجمعيات مهنية. وقد اشرت منظمات حقوق الانسان خروقات غير قليلة على صعيد الاعتقالات غير الأصولية، وانتهاك حقوق الانسان في السجون وفي عمل المحققين، والتضييق متنوع الاشكال على الحريات من طرف القوى المتشددة والمتعصبة. لكن قضم الحريات لم ينحصر في الممارسات المذكورة ، بل شمل مداهمة النوادي الاجتماعية وغلق بعضها أو عدم اجازة عملها، واصدار تعليمات بخصوص تنفيذ قانون المنظمات غير الحكومية تفرض عليها قيودا اضافية، وتتيح المماطلة والتسويف في منح الأجازة. في حين تتعرض حرية التعبير إلى التهديد مع رفض المحكمة الاتحادية الطعن بقانون حقوق الصحفيين المقدم اليها، وما تضمنه مشروع قانون حرية التعبير من تقييدات. كما أن الطابع المدني للدولة يتعرض إلى الانتقاص في مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا. وتعددت ايضاً الخروقات الدستورية في الممارسات الحكومية وفي التشريعات التي يمررها مجلس النواب، لا سيما في الابواب والمواد المتعلقة بالحقوق والحريات، وباستقلالية "الهيئات المستقلة"، وبتوزيع الصلاحيات بين اركان الحكومة وممارستها من جانبهم. ومع اقتراب مواعيد الانتخابات، تحركت القوى المتنفذة، التي يساورها القلق بشأن ادامة استحواذها على مفاتيح السلطة والنفوذ والامتيازات، لتأمين الاطر التشريعية الملائمة لمصالحها، من خلال سن قانون انتخابات غير عادل، وبسط نفوذها وتأثيرها على مفوضية الانتخابات، وهو ما جرى فعلاً بتشكيل المفوضية الجديدة على اساس المحاصصة، وبطريقة ضربت عرض الحائط وبصورة سافرة المعايير والآليات الديمقراطية والمهنية السليمة. وتنطوي هذه التطورات على مؤشرات تثير قلقا مشروعاً بشأن نزاهة وعدالة الانتخابات القادمة.
الاستحقاقات الانتخابية
يبدو أن الجدول الزمني للاستحقاقات الانتخابية لا يمنح الآماد الزمنية الكافية للكتل الممسكة بالسلطة كي تنتهي من ترتيب اوضاعها وبلورة تصوراتها واكمال استعداداتها لخوض الانتخابات، وخصوصاً التوصل الى تحديد طبيعة التحالفات التي ستقيمها. كما أن الأزمة السياسية المستحكمة، واشتداد الخلافات بين الكتل، والتمايز في المواقف الذي أخذ يظهر بين القوى المؤتلفة داخلها، هذا كله يشير الى احتمال حدوث انسلاخات وتحولات في التحالفات، قد تجد فرصة التحقق عند التوجه الى الانتخابات. وليس مستبعداً ايضاً ان تراود الماسكين بالسلطة والمتمتعين بامتيازاتها هواجس ومخاوف من فقدانها، بسبب قلة المنجز واتساع التذمر وتعمق الفجوة بينهم وبين الاوساط الشعبية المنشغلة بالهموم والمعاناة المعيشية، ما قد يدفعهم، اي الشاغلينمواقع السلطة، إلى التفكير والعمل على تأجيل مواعيدها. وثمة مؤشرات في هذا الاتجاه، منها اقدام مجلس النواب على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات دون المساس بالمادة المتعلقة بتوزيع المقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة، والتي تخالف الدستور وقرار المحكمة الاتحادية بشأن المادة المماثلة في قانون انتخابات مجلس النواب، ما استدعى طعوناً في القانون ستنظر فيها المحكمة الاتحادية قريبا، ومن المرجح أن تصدر قرارا لمصلحتها. وسيستتبع ذلك الزام مجلس النواب بتعديل المادة المذكورة، الامر الذي سيستغرق وقتاً لا يمكن التكهن الآن بمداه. ويجدر الذكر أن مناقشات وصراعات الكتل النيابية حول تحديد عدد اعضاء مجلس المفوضية المستقلة للانتخابات واختيارهم الذي استغرق اسابيع وكان السبب المباشر الذي دعا إلى تاجيل انتخابات مجالس المحافظات عدة اشهر.
من أجل قانون عادل وانتخابات نزيهة
لا تتحقق الانتخابات النزيهة إلا بتوفر عدد من الشروط والمتطلبات، اهمها قانون انتخابات عادل، ومفوضية نزيهة ومهنية ومستقلة حقاً، وضوابط تنظم الحملات الانتخابية وتفرض سقوفاً ورقابة على الاموال التي تنفق من قبل المرشحين. كما تتطلب تعدادا سكانيا يوفر معلومات دقيقة وتفصيلية، تسمح باعداد سجلات وقوائم ناخبين سليمة خالية من الاسماء الوهمية والتزوير. هذا اضافة الى تشريع قانون أحزاب ديمقراطي.
ومع الحديث عن موعد انتخابات مجالس المحافظات في شهر نيسان القادم، فان ايا من الشروط السالفة الذكرلم يتوفر بعد. فالتعديلات التي ادخلها مجلس النواب على قانون انتخابات مجالس المحافظات لم تمس مادته المخالفة للدستور، والتي تحول اصوات القوائم غير الفائزة لصالح قوائم الكتل الكبيرة. ومن جانب آخر يرجح ان يعاد استخدام بيانات وزارة التجارة والبطاقة التموينية لتحديث سجلات الناخبين، وهي البيانات التي تضم حوالي مليوني اسم وهمي، كما صرح وزير التجارة في وقت سابق. اما مفوضية الانتخابات فيصعب التعويل على استقلاليتها وعدم انحيازها، وقد جرى تعيين اعضاء مجلسها من قبل الكتل النيابية وفق تقسيمات نظام المحاصصة.
ومن الواضح ان القوى المتنفذة سوف لن تُقدم على توفير شروط الانتخابات النزيهة، ما لم تضطر إلى ذلك تحت الضغط الشعبي الداخلي وضغط الامم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. وفي هذا السياق، تبرز الأهمية السياسية الفائقة لدعم وتوسيع حملة "لا تسرق صوتي" لتسليط مزيد من الضغط على مجلس النواب من اجل مراجعة قانون الانتخابات وتطبيق قرار المحكمة الاتحادية بشأن توزيع المقاعد الشاغرة حسب الباقي الأقوى. كذلك تبرز ضرورة الانتباه والاستعداد لفضح اي محاولة للالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية بالنسبة لقانون انتخابات مجلس النواب، او لرد دعوى الطعن بقانون انتخابات مجالس المحافظات من قبل المحكمة الاتحادية تحت تأثير الضغوطات المحتملة. لذلك لا بد من تعبئة وحشد المزيد من المشاركة والتأييد للحملة من أجل قانون انتخابات عادل. وان حجم المشاركة في الحملة حتى الآن يدعو إلى الارتياح والتفاؤل بتحقيق الاهداف الموضوعة لها، والوصول إلى مختلف اوساط الشعب، وتوسيع الصلات الجماهيرية المباشرة. ان نجاح الحملة وتحقيق هدفها سيكون مقدمة لتعديل قانون انتخابات مجلس النواب وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بتوزيع المقاعد الشاغرة حسب قاعدة الباقي الأقوى، إلى جانب السعي لجعل العراق دائرة انتخابية واحدة.

تشابك المال والسلطة
اشارت وثائق المؤتمر الوطني التاسع الى تعمق الطابع الريعي للاقتصاد العراقي، وهيمنة الانشطة التجارية والخدمية، وانحسار الصناعة والزراعة والنشاطات الانتاجية عموماً، وتضخم جهاز الدولة، والتفاوت الشديد في سلم الرواتب والأجور، واستشراء الفساد المالي والاداري وما يفضي إليه من تسرب نسبة عالية من تخصيصات الموازنات الحكومية الكبيرة إلى جيوب التجار والمقاولين وكبار السياسيين والموظفين المتنفذين في الدولة. وقد ادى ذلك خلال السنوات الأخيرة الى نشوء شرائح من كبار التجار والسماسرة الطفيليين والمقاولين فاحشة الثراء، وذات صلات ووشائج وثيقة مع كبار المتنفذين في الدولة من الكتل السياسية الحاكمة. وهناك معطيات تشير إلى ان عملية تداخل وتشابك المصالح هذه باتت تنعكس بصورة اكثر جلاء في تبلور علاقات تعاون واسناد متبادلة بين اصحاب الأموال والكتل السياسية المتنفذة، حتى بات معروفاً ان عدداً من كبار التجار والمقاولين ، المستحوذين على نسبة هامة من مشاريع الدولة الكبيرة ، يقومون بتمويل قوائم واحزاب وشخصيات سياسية تملك القرار السياسي والاقتصادي. كما ان بعضهم شرع باعادة تشكيل المشهد السياسي عبر تمويل تأسيس مجموعات ونواتات احزاب سياسسية جديدة. وان احد اهداف هذا الافتعال في خلق الأحزاب والمجموعات السياسية، هو اشراكها في تشكيل ائتلافات جديدة شكلاً ، ولكنها لا تختلف عن الائتلافات القائمة من حيث الجوهر، وتهدف عمليا إلى ادامة سلطة القوى المتنفذة، ولكن بوجوه وخطاب جديدين.

نحو اصطفاف سياسي مدني ديمقراطي واسع
من الواضح ان لا فكاك من أزمة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية إلاّ بتغيير ميزان القوى السياسي في المجتمع، لصالح انصار ومؤيدي المشروع الوطني الديمقراطي، الداعي إلى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية على اساس المواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية. فالكتل السياسية النافذة التي تتقاسم السلطة والمغانم، لا مصلحة لها في انهاء نظام المحاصصة أو الشروع بالخروج منه، رغم معرفتها بمساوئه وانتقادها العلني له. ويتجسد هذا في جميع الحلول المقترحة من قبل القوى المتنفذة، ولا يخرج عنه ما يجري تداوله بشأن حكومة الأغلبية، التي حتى على افتراض توفر شروط تشكيلها فانها ستظل قائمة على اساس المحاصصة بين ممثلي المكونات في التحالف الحاكم.
وإزاء استفحال الازمة السياسية وعجز القوى المتنفذة عن ايجاد الحلول والمخارج لها، وبالنظر الى تداعيات حالة عدم الاستقرار السياسي وغياب الوضوح بشأن تطورات المستقبل، أخذت اوساط متزايدة من الشعب والمجتمع تبحث عن بدائل ذات صدقية للقوى التي كانوا قد منحوها اصواتهم في دورتين انتخابيتين، فخيبت آمالهم وفشلت في تحسين أوضاعهم. وقد استشعرت الكتل السياسية الكبرى القائمة على اساس طائفي هذا التحول في المزاج الشعبي، وادركت خطره على نفوذها ومكانتها، فقامت باجراء تغييرات في اسمائها وعناوينها وبرامجها السياسية، في اتجاه اضفاء طابع مدني عليها. بل ان بعضها اخذ يتحدث عن ضرورة تكوين تحالفات عابرة للطوائف. ولكن ليس هناك ما يشير إلى حدوث تغيير جدي في نهج هذه القوى يخرجها من عباءتها الطائفية.
تتحمّل القوى المدنية الديمقراطية المؤتلفة في اطار التيار الديمقراطي المسؤولية الأولى في الشروع ببناء ائتلاف انتخابي واسع، يعمل على اخراج العراق من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، وتوفير شروط ومستلزمات اقامة الدولة المدنية الديمقراطية، الى جانب برنامج عملي لتحقيق العدالة في توزيع الموارد واستخدام الثروة النفطية. ومن الممكن ان يتسع نطاق هذا الائتلاف ليشمل جماعات سياسية وطنية متنوعة المنطلقات الفكرية، شرط ان يجمعها الالتزام بالديمقراطية والعمل من اجل دولة المواطنة. وتوفر انتخابات مجالس المحافظات فرصة للمبادرة الى اجراء الاتصالات واللقاءات مع الأطراف السياسية المختلفة، للتباحث في المشتركات وتنسيق الجهود من اجل توفير شروط الانتخابات النزيهة.
ويحظى التوجه نحو الشباب والنساء باهمية اساسية ، سيما وان الفترة الأخيرة شهدت مبادرات وتحركات جماهيرية عديدة لمجموعات شبابية، عكست رغبتهم في التغيير، وقدرتهم على ابتكار اشكال جديدة للتحرك والتنظيم، فيما اتخذ الحراك الشعبي اشكالاً متنوعة وشمل شرائح اجتماعية وقطاعات اقتصادية ومناطق جغرافية مختلفة. فقد تم تنظيم العشرات من الفعاليات والنشاطات الاحتجاجية في بغداد والمحافظات احتجاجاً على تردي الخدمات، وبعض التشريعات المقيدة للحريات وللمطالبة بتحسين الاجور وتوفير فرص العمل، كما شهدت العديد من الجامعات اعتصامات واضرابات طلابية من اجل توفير اقسام داخلية وضد التدخلات والقيود على الحريات الشخصية ، وخصوصاً على الطالبات، ولتحسين ظروف الدراسة وغيرها من المطالب المتعلقة بظروف دراسة ومعيشة الطلبة. وفي الاسابيع الاخيرة تصاعدت النشاطات العمالية دفاعاً عن حقوقهم وحرياتهم النقابية ضد التدخلات الحكومية في شؤونها، وشرعوا بتنظيم انتخابات ديمقراطية للجان النقابية يشارك فيها آلآف النقابيين في جميع محفافظات العراق، ونشط ايضاً السنة الماضية المتقاعدون فاسسوا جمعية لهم امتدت فروعها إلى جميع المحافظات العراقية وقاموا بالعديد من المظاهرات والاعتصامات في معظم المحافظات العراقية دفاعاً عن حقوقهم ومطالبهم العادلة.
ورغم ضآلة الدعم الرسمي للثقافة والنشاطات الابداعية وضيق المجالات والشحة النسبية للموارد المخصصة وقلة البنى التحتية الثقافية وتهالكها، تتسم الحركة الثقافية بالحيوية، وهو ما تعكسه الفعاليات والمبادرات والنشاطات التي تقيمها الاتحادات والجمعيات والمنتديات الأدبية والفرق المسرحية ونوادي الشعر والمعارض التشكيلية. وما يبعث الثقة والتفاؤل، القدرات والطاقات التي يختزنها شعبنا والتي تكشف بعضها هذه الفعاليات و الحضور والمشاركة الفاعلة للشباب فيها وامتدادها على جميع المناطق بما في ذلك الاحياء الشعبية.
ويمثل هذا الحراك الشعبي والمجتمعي مؤشراً على الطبيعة النابضة للمجتمع وعلى الطاقات الكامنة التي يمكن التوجه لتفعيلها لصالح النضال المدني الديمقراطي.



#الحزب_الشيوعي_العراقي (هاشتاغ)       Iraqi_Communist_Party#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوع ...
- بلاغ عن أعمال المؤتمر الوطني التاسع
- بيان بمناسبة الأول من أيار
- في الذكرى ال 78 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي حزب للعمل والأم ...
- ايضاح من الاعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي
- ثورة 14 تموز معلم وطني اصيل
- لنجنب شعبنا المزالق الخطرة جراء تعمق الازمة في البلاد
- ليتواصل الضغط الشعبي لاخراج البلاد من الازمة! / بلاغ صادر عن ...
- بيان - مناسبة الاول من ايار ، اليوم العالمي للعمال
- تحية للذكرى السابعة و السبعين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي
- لنسكت -كاتم الصوت-
- يوم ليس كباقي الأيام 8 آذار في أفئدتنا
- نطالب بالإفراج الفوري عنهم
- الإصطفاف مع الشعب خيارنا الثابت
- المجد لشعب مصر البطل! المجد للجماهير صانعة التاريخ!
- تضامناً مع جماهير الشعب الثائرة في مصرالشقيقة!
- النصر لانتفاضة الشعب التونسي الشقيق!
- قضم الحريات باسم مكافحة الرذيلة!
- موقف الحزب الشيوعي العراقي من الازمة السياسية في البلاد في ض ...
- بلاغ عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الحزب الشيوعي العراقي - بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في تشرين الاول 2012