أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - خواطر على ضفاف الطفولة














المزيد.....

خواطر على ضفاف الطفولة


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 05:34
المحور: الادب والفن
    


خواطر على ضفاف الطفولة
ادمن الذاكرة، وامتهن الحنين، وركب بحر الذكر يات. حمل حقائبه مسافرا عبر الزمن. رحلة مضنية وغنية. جاب البحار، وتلقى صفعات التيار. لانت صخور الساحل، ولم يلن عزم الراحل. تجاوز الحدود، تخطى المحظورات، عبر المحيطات، ولا زال يلمس نبض الجذور، ويحس نبع الاعماق، ويستسقي عذب الماء، ويسمع صوت الايام. حاكى الاقوام، وعاشر الانام. سرد حكاياته، تعلم الكثير، وظل، وفيا لاول نهار. حبل السرة مشدود عند جذوع النخل، وحبل جواده مربوط عند النهر. حليب الام لازال طازجا كريما، زكيا. كلما ابتعد زاد التصاقه، وكلما طال به العمر عاد صغيرا. تستجد الاحداث، وتتوالى الايام، ويزداد التحاما مع الماضي.الفكر يسرح هناك. عبر ثقب الاوزون يجد الضياء. امتلئت حقائبه بالتجارب، وتنوعت في دفقها المشارب. كلما زاد وزنها مالت نحو المهد. يعقر ذاكرته دوما نحو الشط الاول، نحو الساحل الابدي، نحو الدرب القديم. يعزف اوتار التاريخ، وينقب جغرافية المكان. تعبت عيونه، لكن شفافية الايام تنير له الطريق. بساطة اهله ترشده الى الحدائق، والجسور. كل نهر يلتقيه يذكره بشطه. كل مساحة ماء تعيده لبيئته. كل بحر يعبره يقوده الى خليجه. ظل ابن الماء، وجنين الملتفى. ربيب شجرة ادم، ونديم المجرى. يستنشق عطر الماء مثل سمكة. يغور الى قاع الشط، يبحث عن لؤلؤة.عن خاتم سقط، وعقد انفرط، عن صديق قديم ظل يذكره، وطفل كاد ان يغرق. تدغدغه نسيمات الهواء فيضحك منتشيا، كطفل يسير اولى خطواته. تداعبه الهمسات فيرقص على اصوات الريح. ينتصب مثل سارية، ويطلق جناحيه مثل شراع. يكلم الشط، وكانه يلقي قصيدة. مثل المسيح يمشي على وجه الماء. يلاعب النسيمات، يداعب الذكريات، ويغتسل بماء المطر. مثل حبات مسبحة تمر كل الوجوه بين اصابعه، تحضر كل الاسماء، وتمرق المسميات. تبتسم الكنى، تضحك الالقاب، وتقهقه المقالب. اصغر الاحداث، واكبر الحوادث. شريط لا ينتهي من الصور الاليفة. يفتح صندوق الزمن، فينسكب كل الماضي. تعود كل الساعات مهرولة نحو المكان الاول. يتجول في ذات الشوارع، يصافح ذات الايدي. يلاقي نفس الوجوه. عبق الطين، والتراب المبلل بمطر خجول. تضايقه رطوبة الهواء، ويحاصره الغبار فيهرب الى صف النخيل يستنجد بعبق الطلع، وخضر السعف، وبواسق الاشجار.هفهفة الاجنحة الوجلة. تراقص الفراشات، وخرير المياه. يخترق البساتين نحو الشاطئ. يبحث عن مرساته القديمة. يلقي نفسه على صخرة شامخة، وحيدة مثله. هو مثل الصخر لن يحترق من جديد. انصهر مع الزمن القديم. تجلد، تصخر، استعصى على ضياع الاديم. تمر به سفينة نوح السومرية. يومئ لها. تقف مستجيبة. تتشرئب الاعناق. يصعد على سلم الايدي الممتدة. يسمع انشودة البحار. يردد ترنيمة الطفولة. اينما سافرت ستعود. انما سافرت لتعود. صعدت السفينة لتعود. الفنارات ترشد الطريق، وتدل الضالين. تقتحم الضباب، وتبدد الظلمات. من رأى منارات الشط، لا يضيع. من راى فنارات الساحل، لن يحير. ضاع كل شئ الا البوصلة. سيعود فالشط، البصرة، الساحل، النهر، الملاعب، حتى المقابر تحتضن الماضي، والجديد. الشط لازال يجري مثل دم العروق. يتدفق مثل ثورات العبيد. مثل شهقات الامل، مثل الطيور العائدة، مثل السماء الواعدة. النخل، والسعف، والشط، والتمر، الناس، وعهدنا العتيد. يظل يحلم بعالمنا السعيد. كل لحظة يولد طفل جديد.
رزاق عبود
1/9/2012



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رابطة المرأة العراقية مصنع المعجزات!
- والي بغداد كامل طلفاح الزيدي يغلق بيت الجواهري!
- غزوة المالكي على الحريات المدنية!
- لماذا يصوم الجياع في رمضان؟!
- في العراق شعب واحد، لاشعوب متعددة!
- قليلا من المرونة، وسعة الصدر يا قادة الحزب الشيوعي!
- متى يمتلأ -زنبيل- حميد مجيد موسى؟!
- الشاعر طالب عبدالعزيز يعلن برائته من البصرة، ويسخر من شطها ا ...
- قتلتنا الفتاوي ما بين الحائري والقرضاوي!
- الحلة، عماد هجول، جواد بكوري، وباعوك يا وطني!
- البصرة يحرقها جحيم حزب الدعوة الاسلامي!
- يهمني جدا من يحكمنا ايها الزميل وليد يوحنا بيداويد! لن نستبد ...
- سوريا:مجازر بعثية برعاية الامم -المتحدة- وصمت الامم -المتحضر ...
- الا يفتقد احد الشاعر خلدون جاويد؟!
- بغداد اكبر مدينة كردية في العراق، فليخرج منها الطائفيون والع ...
- ثمانية وسبعون شمعة ماسية عند اضرحة الخالدين ومثلها عند صرائف ...
- بشار -الاسد- يستأسد على حمص مثلما استأسد اباه على حماه!
- المرأة اسمى
- العام العاشر على الرحيل المفجع للرائد المجدد محمود البريكان!
- مسلسل خيال علمي مصري من اخراج السلفيين وانتاج الاخوان المسلم ...


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - خواطر على ضفاف الطفولة