أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم - الأمير - لمحمد الزرن: يجمع بين النَفَس الكوميدي والواقعية الشاعرية















المزيد.....

فيلم - الأمير - لمحمد الزرن: يجمع بين النَفَس الكوميدي والواقعية الشاعرية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


مساء اليوم الثاني من أيام قرطاج السينمائية لهذا العام احتفت صالة " Le Colisee " الشهيرة بعرض الفيلم الروائي الطويل " الأمير " للمخرج التونسي المعروف محمد الزرن الذي سبق وأن فاز فيلمه الروائي الطويل " السيدة " بجائزة أول عمل سينمائي مناصفة مع فيلم " زمرة الطرقات المعبدة " للمخرج الزائيري جوزي لابلان عام 1996. وقبل بدء العرض الاحتفائي بهذا الفيلم الذي أُستُبعد من المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة لإتاحة المجال لفيلمين تونسيين آخرين اعتقد بعض القائمين على المهرجان أنهما أفضل من الناحيتين الفنية والفكرية لتمثيل تونس في المسابقة وهما " باب العرش " لمختار العجيمي و " كلمة رجال " لمعز كمون، بينما رأى البعض الآخر من النقاد أن أصحاب القرار في تمثيل تونس في المسابقة الرسمية قد ضيّعوا سانحة الحظ لتتويج السينما التونسية بواحدة من جوائز المهرجان المهمة عندما ركنوا فيلم " الأمير " جانباً. قبل بدء العرض ارتقى المخرج محمد الزرن المنصة واقفاً بقامته المديدة، ورأسه الحليق، أمام جمهور غفير ملأ القاعة بطابقيها، مُعرباً عن حزنه العميق لاستبعاد فيلمه من منهاج المسابقة الرسمية، ومع ذلك فقد آثر أن يقدّم بعض ممثليه وعلى رأسهم الأمير " عبد المنعم شوّيات " وعشيقته في الفيلم الفنانة " سنية منقعي ". ثم قال عن الأمير " إنه أمير الشارع الذي يحكي عنا كلنا. " وأضاف قائلاً " إنه روح الحرية، فالشخص الذي لا يحلم لا يمكن له أن يفكر. اليوم في العالم هناك الكثير من الحروب والآلام جعلت الحلم في خطر. " بينما يقول الأمير " أستطيع أن أحقق شيئاً ما، أن ألامس شيئاً ما، هذا الشيء هو حريتي. " كما أعرب الزرن عن فرحه وسروره البالغين بحضور المخرج فريد بوغدير الذي سبق له وأن قدّم الزرن في الصالة قبل سنوات حينما عرض واحداً من أفلامه القصيرة. يا ترى ما هي طبيعة هذا الفيلم؟ وما هي مواصفاته الفنية؟ وهل كان سيفوز لو أنه حظي بفرصة المشاركة مع بقية الأفلام العربية والأفريقية المشاركة بالمسابقة الرسمية؟ وماذا قال النقاد عن الفيلم غب عرضه؟ وهل يرقى هذا الفيلم إلى فيلمه السابق " السيدة " الذي فاز بواحدة من جوائز قرطاج المهمة في عام 1996؟
الواقعية الشاعرية وسينما المؤلف
لابد من الإقرار أولاً بأن ثيمة الفيلم بسيطة، ومستهلَكة، وليس فيها أي جديد يُذكر، لكن البساطة بحد ذاتها ليست عيباً، وحتى التكرار واجترار بعض الأفكار لا يُعد مثلبة إذا كان في موازاتها معالجة فنية من زاوية نظر مختلفة. ولكن السؤال المهم هو: هل هناك معالجة فنية جديدة حقاً؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال هذه الدراسة النقدية المحايدة. يتمحور فيلم " الأمير " حول قصة شاب تونسي فقير، ينتمي إلى الطبقة العاملة، فهو بائع، ومنسّق زهور يعمل في أحد " أكشاك " بيع الزهور الكائنة في شارع الحبيب بو رقيبة، أحد الشوارع الحيوية في العاصمة تونس. يقع هذا الشاب الفقير مادياً في حب امرأة جميلة مطلقة تعمل مديرة لأحد البنوك. وعلى رغم اكتشافنا للقناعات المسبقة التي يؤمن بها المخرج محمد الزرن والتي تسيّد الحب على الفوارق الطبقية، إلا أننا نعترف بأن المخرج، وهو كاتب السيناريو أيضاً، قد نجح في وضعنا أمام شاب مأزوم، أخذت أزمته تتفاقم، وتتصاعد درامياً كلما تقدّم بنا الفيلم إلى أمام، وهذا التأزّم، والشد، والتشويق قد ساعد في تخليص الفيلم من رتابته. فالقصة لم تكن مُملة تماماً وإن انطوت على بعض الحشو والمواقف الزائدة التي كان على المنتج أن يشذبها جيداً. ومن أبرز محاور الشد أن هناك سراً لم يُكشف إلا في اللحظات الأخيرة من الفيلم، وهذا السر هو: مَن الذي يجلب باقات الورود غير الموقعة إلى هذه السيدة الثرية،الجميلة، الجميلة التي تحوم حولها الكثير من العيون النهمة؟ وربما يكون من عناصر التشويق الأخرى هو جرأة هذا الشاب الفقير الذي لا يملك سوى عمله، وأسرته المتواضعة التي سنتوقف عندها لاحقاً الذي يكشف عن هذا السر، ويتحدى العجرفة البرجوازية معوّلا على كسب هذا الصراع الطبقي بمختلف أشكاله وتمظهراته الاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية من خلال تمترسه خلف فكرة الحب النقي الصادق الذي قد يلّين القلوب القاسية أو الساقطة في وهم الفروقات الطبقية. وقد أفاد المخرج كثيراً من ترسيخ فكرة تعنّت دنيا، هذه المرأة المطلقة " سنية منقعي " لمدة طويلة من الزمن وهي تتلقى باقات الورد المصففة بشكل جذاب لا يخلو من لمسات فنية تدلل على حجم هذا الحب، وطبيعة هذا التعلّق العاطفي الذي يقترب من حافة الجنون لبائع الزهور عادل " عبد المنعم شوّيات " لكن هذه المرأة الثرية، العصية، تلين، لتستجيب في خاتمة المطاف وتقبل بحب هذا الشاب الذي ذهب إليها بملابس عادية جداً متسلحاً بثروته الروحية والعاطفية، ومُستخفاً بالمظاهر الخارجية الزائفة. الناقد التونسي ناجي الخشناوي استهزأ من هذه النهاية الساذجة التي " ينتصر فيها الحب في آخر المطاف ككل الروايات الحالمة وقصص الغرام والعشق السريالية التي ولّى زمنها. " وأعتبر أن الزرن " واقع تحت سطوة تلك الفكرة السريالية التي نظّر لها بعض الماركيسيين المشوّهين أو " المتمركسين " والتي تزعم أن الحب كقيمة حضارية متعالية عن التقسيم الطبقي للمجتمعات، بل أنها كالحمامة التي ترفرف بجناحيها بين الطبقتين البروليتارية والبرجوازية. . أي هراء بليد هذا ! " لا شك في أن هناك هوّة " اقتصادية " يصعب ردمها بين هاتين الطبقتين الاجتماعيتين، ولكن الكثير من قصص الحب استطاعت أن تتجاوز هذه الهوّة وتنتصر عليها، وإذا لم يستطع بعض العشاق أن ينتصروا عليها في الواقع فمن حق المخرجين السينمائيين أن ينتصروا عليها فنياً ضمن الحدود التي تتيحها المخيلة السينمائية التي تتحرك ضمن إطار سينما المؤلف كما أسلفنا، هذه السينما المثقلة بالقيم والمعاني الإنسانية الفردية التي ترى العالم من خلال حدقتي الذات، وليس من خلال حدقات الجمع المحايدة أو التي ترى العالم من زوايا نظر مجردة لا تستشعر النبض الإنساني " للفرد الواحد " بحجة قصوره أو محدودية رؤيته أو عدم غوصه بالقناعات والرؤى العامة. حاول مخرج الفيلم أن يكون طريفاً، وساخراً، لكن تهكميته المفرطة أوقعته في المبالغة غير المستحبة وبالذات عندما قدّم لنا صورة الأب الذي يقطع فريضة صَلاته ليصفق فرحاً بتسجيل الهدف في مباراة كرة القدم! أما صورة المثقف التونسي فقد قدّمها بطريقة كاريكاتيرية ساخرة أثارت انتباه البعض واعتبروها كوميديا سوداء هادفة، إلا أنها لم تُعجب البعض الآخر من النقاد السينمائيين. وهذه الفكرة مفادها أن مؤسسة مجلة " المجهول " التي لم تجد مَن يموّلها، وربما هي محدودة الانتشار أيضا، أو أنها لم تبع شيئاً بسبب عزوف المواطن العربي عن القراءة، فتعلن إفلاسها، ثم يتم حجز ممتلكاتها التي تنقل على شاحنة صغيرة يمشي وراءها أغلب العاملين في المجلة كما يمشي المشيعون وراء جنازة! كدلالة على موت الثقافة، وتشييع لأحلام المثقفين في العالم العربي. هذا التأويل الدلالي لم يلق قبولاً لدى الناقد التونسي لطفي العربي السنوسي الذي كتب مقالاً مطولاً عن هذا الفيلم في صحيفة " الصحافة " التونسية، وعدَّ هذه الدلالة " التقاطة بسيطة وساذجة "، بينما اعتبره الناقد رمزي عيّاري هذه اللقطة " مليئة بالدراما تصوّر إفلاس المثقف " العربي في مختلف في الدول العربية كلها من دون استثناء. المأخذ الآخر الذي أشار إليه أكثر من ناقد تونسي أن الفيلم بدا في العديد من لقطاته ومشاهده وكأنه فيلماً تسجيلياً ذا إيقاع بطئ، بل أن الكثير من مشاهده بدت وكأنها مشاهد من دراما تلفازية لأنه ركّز على بعض شخصيات الفيلم ولم ينتبه إلى الفضاء الغني الذي كانت تدور فيه الأحداث، فحتى شارع بورقيبه لم نشاهد منه سوى محلات الزهور، بينما حرمنا من مشاهدة مقاهي الأرصفة، والمحلات التجارية، والمكتبات، والحانات، وأكشاك الصحف، وتمثال ابن خلدون، والمارة الذين يتحركون بشكل عشوائي مُهملاً " عن قصد أو عير قصد ربما " هذه الفضاءات الاجتماعية ثرية الدلالة. أما على صعيد الشخصيات فقد نجح الزرن في انتقاء الشخصيتين الرئيسيتين " عادل " و " دنيا " غير أن الملامح الخارجية لدنيا لم تكن توحي بأنها أكبر من " عادل " بعشر سنوات. ومع ذلك فقد أتقن عبد المنعم شويات دوره، وكان بحق فناناً يتوافر على قدرات تعبيرية تعد بالكثير من الإبداع، كما كان أداء الفنانة " سنية منقعي " مقنعاً وجذاباً ولافتاً للانتباه ضمن إطار الواقعية الشاعرية التي وسمت الفيلم الذي كان لا يخلو من الطرافة والنفَس الفكاهي المرح. كما كان أداء الممثل الشاب " نصر الدين السهيلي " عفويا،ً وتلقائياً، لا تعتريه مسحة التصنّع الممجوجة. أما أداء الفنانين القدامى " مصطفى العدواني، وسلوى محمد، وأحمد السنوسي " فقد جاء منسجماً مع أدوارهم المختلفة التي أمتعت المشاهدين بحِرَفيتها، وقدرتها على إيصال الأفكار الدقيقة ضمن خطابات بصرية تنطوي على أبعاد جمالية وفنية واضحة للعيان. أنجز الزرن عدداً من الأفلام التسجيلية والروائية من بينها " كسّار الحصى 1989، و " يا نبيل " 1993، و " السيدة " 1996، و " نشيد الألفية " 2002.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - بغداد بلوجر - لسلام باكس:الفيلم الذي وُلِد مكتملاً، والمخر ...
- القصّاص الدنماركي الشهير هانز كريستيان أندرسون: في سيرة ذاتي ...
- السلاحف يمكن أن تطير لبهمن قباذي: مرثية موجعة للضحايا الصامت ...
- البرلمان الهولندي يعلن - الحرب - على التطرّف الإسلامي، ووزير ...
- في الدورة الـ - 55 - لمهرجان برلين السينمائي الدولي: جنوب إف ...
- الرئيس الأمريكي في خطابه الإذاعي الأسبوعي يؤكد على دحر الإره ...
- العميان سيشاهدون مباريات كرة القدم في ألمانيا
- الأميرة ماكسيما تؤكد على رؤية الجانب الإيجابي في عملية الاند ...
- قوانين جديدة تحد من إساءة التعامل مع الأطفال الهولنديين
- صورة محزنة لإعصار تسونامي تنتزع جائزة الصورة الصحفية العالمي ...
- مجلس الوزراء الهولندي يتخذ إجراءات صارمة بشأن جرائم الشرف ال ...
- اختتام فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان الفيلم العال ...
- فن الترجمة وملامسة المعاني الحقيقية والمجازية: آراء في ترجمة ...
- في ندوة - المسرح والديمقراطية - في لاهاي: ناجي عبد الأمير، ي ...
- الفنان والمخرج العراقي هادي الخزاعي. . أربعون عاماً من التمث ...
- القاص والروائي العراقي فؤاد التكرلي: الكتابة عملية غامضة ومم ...
- - صائد الأضواء - بين تطويع اللغة المقعّرة وكاريزما الممثل
- مسرحية - تداعيات صالح بن زغيّر - لرسول الصغير وهيمنة البُعد ...
- عصابة شاذة تختطف ثلاث نساء شمال أفريقيات من بروكسل، وتغتصبهن ...
- الفنان والمخرج صالح حسن: قراءة في طفولة الجسد، وتفكيك - شيفر ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - فيلم - الأمير - لمحمد الزرن: يجمع بين النَفَس الكوميدي والواقعية الشاعرية