أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرم ناجي - تونس بين حزبي النهضة و- نداء تونس- : هل تكون المواجهة ؟















المزيد.....



تونس بين حزبي النهضة و- نداء تونس- : هل تكون المواجهة ؟


بيرم ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 01:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أصدر السيد محسن مرزوق القيادي في حزب "نداء تونس" في صفحته الخاصة في الفايسبوك يوم 10/10/2012 مقالا مختصرا عنونه كما يلي : "بهدوء، بعد اعترافات الغنوشي".
ان هذا النص المكثف القصير هام جدا كوثيقة ، ليست صادرة رسميا عن نداء تونس و لكن، صادرة عن أحد أكثر عناصره نشاطا ذهنيا في الأشهر الماضية ، و هو الدكتور في علم الاجتماع السياسي و اليساري السابق و الناشط في المنظمة العربية للديمقراطية في و الناشرفي موقع مؤسسسة كارنيجي الأمريكية ، الخ.
ان هذه الوثيقة ، على الرغم من طابعها الشخصي ظاهريا، هامة جدا ، و قد تعطينا مؤشرات خطيرة على مستقبل تونس الديمقراطي ان لم ننتبه جميعنا الى المخاطر المحدقة .
اننا سنحاول طرح الأسئلة من موقع حرصنا اليساري الديمقراطي على انجاح " المسار الديمقراطي " بأقل ما يمكن من الأثمان على الشعب التونسي لأن المرحلة حرجة جدا و كما يقال " ان ما يبدو اليوم مجرد خلاف نظري قد يصبح غدا مسألة حياة أو موت".

هذا أولا نص السيد محسن مرزوق بكامله قمنا فقط بتصحيحه لغويا :

"بهدوء، بعد اعترافات الغنوشي:

اعترافات الغنوشي التي جاءت في الفيديو المسرب، لها عدد من الدلالات الجوهرية، نسوقها فيما يلي باقتضاب:

1. طبيعة جماعة النهضة كحركة فاشستية متطرفة كشفها الغنوشي بالاعتراف البائن بعد أن كان الناس يعتمدون على التحليل لإبرازها.

2. ظهر بوضوح أن هذا الرجل متطرف متشدد ولا علاقة له بالاعتدال الذي يعتمده لتكتيك "التقية".

3. أن خطة النهضة لا علاقة لها بتحقيق الانتقال الديمقراطي لا من قريب ولا من بعيد ولا من فوق ولا من تحت. هدفهم فقط الاستحواذ التام على السلطة، وإقامة ديكتاتورية مطلقة لوضع يدهم على خيرات البلاد ومقدراتها ونهبها. والدين ليس إلا حجة. فشعار أسلمة المجتمع ليس هدفا بل وسيلة.

4. أكد الغنوشي في تصريحاته لشباب "السلفية" العنيفة أنه لا يختلف معه إلا في التكتيك لا في الأهداف. وبذلك فإنهم والنهضة ليسوا حلفاء فقط بل شركاء. والتكتيك هو مواصلة خطة التحكم في العقول من خلال إرجاع: المجتمع التونسي إلى عصور الظلام من خلال الدعاية والمدارس والوهابية. ومن جهة ثانية العمل على مواصلة الانقلاب السياسي الصامت بافتكاك وزارات الداخلية والدفاع لإعلان السيطرة التامة على البلاد. هكذا يوجد تقاسم للمهام واضح بين الجماعتين، بل هم جماعة واحدة.

5. يقسم الغنوشي المجتمع إلى مسلمين هو وجماعته بنهضتها وسلفييها يمثلهم والباقي كل من يكون خارجهم بما فيها الأحزاب الأخرى والجيش والاعلام والقضاء والأمن....إلخ. إنه لا يؤمن بالحوار الوطني. وفكره محكوم بمنطق التكفير والهجرة. وهو منطق استئصالي عنيف ينتظر فرصة التمكين ليكشف عن وجهه القبيح. إنه فكر تقسيم التونسيين والحرب الأهلية.

6. هذه التصريحات خطيرة جدا لأنها تنسف تماما كل العملية السياسية الجارية في تونس. فالذين يمسكون بالسلطة في البلاد خرجوا تماما عن التفويض الذي قدم لهم لمواصلة الانتقال الديمقراطي وصاروا يستعملون ذلك التفويض للانقلاب على مجمل العملية التي اشتركوا فيها. إنهم بهذه التصريحات قد فقدوا المشروعية السياسية قبل فقد الشرعية الانتخابية.

7. من الواضح أن جماعة النهضة هم أول قوة ثورة مضادة في تونس. وأن قانون الاقصاء الذين يريدون تمريره ليس سوى محاولة للتصدي للقوة الوحيدة التي تستطيع إيقاف مخططهم الجهنمي.

8. أكد الغنوشي وهو يتحدث بنون الجماعة عن إسلاميي الجزائر أن ولاء النهضة ليس لتونس ولا للوطن ولكن للحركة المتطرفة العالمية المتسترة بالدين.

9. حزبا المؤتمر والتكتل هما شريكان في مشروع الانقلاب مكلفين بالتمويه والتضليل. وإنهما إذا لم يتصرفا فورا بعد انكشاف هذه الاعترافات فقد صارا شريكين في ما يحصل بالعمل والنية.

10. صار من الضروري أن تتعاون كل القوى التونسية الوطنية لإنقاذ البلاد. ومن يتهاون عن ذلك بأية حجة يكون شريكا غير مباشر في الخطة الجهنمية.

11. ستكون لهذه التصريحات تبعات محلية ودولية خطيرة. ويجب أن تؤدي إلى تصحيح استراتيجي جديد ومتكامل."

بعد هذا النص ، وفي نفس اليوم، أضاف التعليق التالي متوجها به الى من سيعلق على الفيديو الذي صدر عن الغنوشي و الذي أقام الدنيا و لم يقعدها بعد في تونس:

" رجائي من الذين يعلقون على فيديو الغنوشي أن يتجنبوا القول بأن هدف الرجل هو أسلمة المجتمع أو الدولة فهذا الحديث يشوش على التونسي العادي الذي سيفهم أن هدف الغنوشي هو تقوية الدين في المجتمع والدولة. وحين يفهم الموضوع بهذه الطريقة لا يفهم المواطن المشكلة في الأسلمة.
فجماعة النهضة يرفعون شعار الأسلمة كوسيلة للاستحواذ على الدولة وخيراتها وإقامة ديكتاتورية مطلقة. يجب الحديث عن الحقيقة الملموسة وهي أن الغنوشي والجماعة يضللون الناس باسم الدين لحكمهم كالنعاج وإفقارهم وسلب خيراتهم وخيرات دولتهم. كما أن رؤيتهم للدين هدفها اعتماد رؤية لا تجلب للمسلمين تفوقا علميا أو نهضة اقتصادية أو رقيا اجتماعيا. يجب اختيار الكلمات جيدا وعدم السقوط في فخ زيف خطاب هذه الجماعات عن نفسها رجاءا."


تتميز هذه الوثيقة ، حسب كاتبها " بالهدوء " و تدلل الفقرة الملحقة بها على سعي فعلي الى ذلك بمحاولة اظهار هدوء ما و لكن الواقع غير ذلك تماما.
ان الشريط الخطير المذكور قديم و اعيد نشره مع تركيب مختصر لفقرات محددة لم تغير معنى الخطاب الأصلي و لكن كثفته ووجهته بطريقة ذكية في وقت اقتراب موعد 23 اكتوبر الذي تنتهي فيه قانونيا صلاحية المجلس التأسيسي الا اذا مدد المجلس لنفسه (و هو سيد نفسه لكونه سلطة تأسيسية) وراهن في نفس الوقت على مخرج سياسي للأزمة يعوض الشرعية القانونية المهتزة بمشروعية سياسية صعبة المنال فعليا بسبب كل ما كررته الحكومة من اخطاء لا تغتفر في حق شعبها .
ان النهضة أبدت في المرحلة الأخيرة رفضها مشاركة حزب" نداء تونس" في طاولة الحوار الوطني التي دعا اليها الاتحاد العام التونسي للشغل و هي تصر على قانون اقصاء التجمعيين بطريقة تستهدف "نداء تونس" لا غير( بما انها تشغل التجمعيين عندها في كل المستويات و تمارس النفاق التام في الموضوع لغايات سياسية حزبية لا غير) نظرا لأنه يبدو ، مع حلفائه، القوة المنافسة الأقوى في الساحة السياسية مما يعني انها تريد الحوار مع الضعفاء فقط .
ان النهضة تدفع الجميع لتركها كل لأسبابه الخاصة و لكن رد الفعل المعارض لها لا يجب أن يكون موازيا في القوة مناقضا في الاتجاه ، يجب أن يكون فعلا مخالفا تماما و من منظور آخر و ليس رد فعل أصلا و هذا ما غاب في الوثيقة التي سندرسها.
في هذا الاطار جاء نص " بهدوء "هذا.
لنر نقاطه الاحدى عشرة و نحاول تفهم "هدوء" نداء تونس ولنا بعدها أن نتصور تواصل حالة عدم الهدوء المحتملة و تأثيرها على البلاد في وقت بدأ فيه السلاح يتكلم في قفصة و بن قردان .
***

يقول السيد محسن مرزوق ان " اعترافات الغنوشي التي جاءت في الفيديو المسرب، لها عدد من الدلالات الجوهرية، نسوقها فيما يلي باقتضاب: "1- طبيعة جماعة النهضة كحركة فاشستية متطرفة كشفها الغنوشي بالاعتراف البائن بعد أن كان الناس يعتمدون على التحليل لإبرازها."

هل النهضة حركة ذات طبيعة فاشستية متطرفة فعلا؟
و هل كان حزب " نداء تونس" يحاول تبيان طبيعتها الفاشستية هذه قبل اليوم مثل ما كان يفعل غيره من القوى السياسية ؟
وهل فعلا هناك "اعتراف بائن" في الشريط من قبل الغنوشي يصور وكأنه جديد تماما مقارنة بكتاباته مثلا؟
عن هذه الأسئلة كلها نجيب بلا و يمكن ان نقول منذ البداية ان السيد محسن مرزوق بعبارة "بهدوء" هذه كأنما يريد التمويه عن عدم هدوئه الفعلي مع الأسف اذ ان موعد 23 اكتوبر اقترب و لا بد من الضغط الى آخر لحظة لتحقيق أكبر ما يمكن من التنازلات السياسية و لو بخطاب غير هادئ لا يختلف كثيرا ، في "هدوئه" و ليس في محتواه طبعا، عن خطاب النهضة نفسه.
لقد كتبنا في رسالة أخيرة للجبهة الشعبية مايلي:
"... يجب اقراركون الحركة الاسلامية المحافظة تقوم بما يشبه ما فعلته الفاشية في أوروبا – مع كل الفوارق التاريخية و السياسية التي يجب توضيحها لأن عدم القيام بذلك سيخدم الاسلاميين أنفسهم- بحيث تهدد ليس فقط الانتقال الديمقراطي بل و كذلك المكتسبات التاريخية و الوضع الراهن في "النسيج الاجتماعي"."(انظر الحوار المتمدن)

ونكرر نفس ما فلناه هنا و لكن نذكر أيضا بما كتبناه في مقال سابق بعنوان "الحركة الاسلامية : دراسة نقدية" منشور في الحوار المتمدن أيضا حيث كتبنا:
"... هنالك من اليسار التونسي من كان يعتبر الحركة الاسلامية حركة فاشية. و رغم نقاط التشابه بين الحركة الاسلامية و الحركة الفاشية في كونهما يرتبطان بفئات و طبقات وطنية و محافظة الا ان الفاشية هي نتاج الدولة-الأمة المتقدمة بالأساس وهي حركة قومية حديثة باعتبار ان مرجعيتها هي الأمة الحديثة ولكن بما ان تصورها عن الأمة قومي-عرقي فهي حركة قومية متعصبة- شوفينية- وهي حركة استعمارية امبريالية بينما الحركة الاسلامية هي وليدة مجتمعات مستعمرة و تابعة ومرجعيتها الأمة /الجماعة الدينية و هدفها الدولة- الأمة الدينية التقليدية على الرغم من أنها – بوصفها حركة عالمية- تطمح هي الأخرى الى نزعة امبراطورية تقليدية قريبة من مصطلح "الامبريالية الاقطاعية" الذي وصف به لينين- سهواعلى ما يبدو- الامبراطورية القيصرية الروسية ."
لقد توجهنا بهذا الكلام لليسار أساسا و لكنه يصلح للسيد محسن مرزوق أيضا و هو الذي يمكن أن يكون استعمل هذا التوصيف تأثرا بيساريته القديمة و ربما ارضاء لليسار الحالي أيضا على أمل التحالف معه حاليا ضد النهضة.
لكننا نقول للجميع ان النضال ضد الحركة الاسلامية لا تخدمه الكلمات و الأوصاف المتطرفة المأخوذة عن سياق أروبي مختلف تماما.ان ذلك قد يخدم الاسلاميين أنفسهم أكثر مما يساهم في فضح طبيعتهم. ان الحركة الاسلامية يجب ان تدرس كحركة وطنية محافظة ورجعية في اطارالشرق العربي الاسلامي رغم نقاط التشايه التي قد تكون عندها مع الفاشية.
من ناحية أخرى ، ورغم ان بعض مثقفي "نداء تونس" درجوا على استعمال مصطلح الفاشية في توصيف الاسلاميين الا ان الحزب نفسه لم يعرف عنه هذا التوجه ، مع الاعتراف طبعا ان الحزب حديث النشأة وانه ليس حزبا تقليديا له مرجعية نظرية موحدة و لم يصدر بعد وثائق رسمية عامة و جامعة.
كما يجب الاعتراف ان بعض هؤلاء المثقفين لم ينتظروا صدور الشريط ليعلنوا هذا. لكن حزب نداء تونس درج على تلطيف موقفه من النهضة و كان دائما يقدم نفسه كحزب "معاضدة" للحكم "الفاشي" وليس معارضة له.
فهل الفاشية يا سيد محسن تتطلب معاضدة أم معارضة ؟
و هل يعني موقفكم هذا انقطاع العلاقات نهائيا مع النهضة أم ان المفاوضات التي يمكن أن تتنازل بعدها النهضة قد تجعلكم تتقاسمون الحكم معها؟ و قبل ذلك هل ستقبلون التفاوض مع الفاشية في طاولة الحوار الوطني التي يقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل ، و لم تقبلون هذه المبادرة أصلا طالما انها تدعو الى الحوار مع "الفاشية"؟

***

في الفقرة الثانة كتب السيد محسن مرزوق ما يلي:

" ظهر بوضوح أن هذا الرجل متطرف متشدد ولا علاقة له بالاعتدال الذي يعتمده لتكتيك "التقية"."
و السؤال هنا: هل ستنقطع العلاقة بينه و بين السيد الباجي قائد السبسي تماما؟
ألا يحق لنا منذ اليوم ان نفهم ان اي لقاء مستقبلي تفاوضي بين حزبكم و حركة النهضة هو تعامل مع الفاشية على حساب الوطن و على حساب الديمقراطية و الثورة في تونس؟
هل انتم مستعدون لتحمل نتائج تحليلكم "الهادئ" ؟
سنرى ذلك بعد أيام قليلة عندما نصل الى 23 اكتوبران كنتم ستكونون أوفياء لتحليلكم ام انكم تستعملونه لغايات الضغط السياسي على النهضة من ناحية و ، ربما، الاستدراج – أو التفريغ- السياسي للجبهة الشعبية لا غير؟
سنرى بعد أيام، ربما، ان كنتم تعتبرون الغنوشي فاشيا ،هو وحزبه، ويمارس "التقية" تكتيكا وانه متطرف و متشدد وماذا ستفعلون معه؟

***

في الفقرة الثالثة كتب :
" أن خطة النهضة لا علاقة لها بتحقيق الانتقال الديمقراطي لا من قريب ولا من بعيد ولا من فوق ولا من تحت. هدفهم فقط الاستحواذ التام على السلطة، وإقامة ديكتاتورية مطلقة لوضع يدهم على خيرات البلاد ومقدراتها ونهبها. والدين ليس إلا حجة. فشعار أسلمة المجتمع ليس هدفا بل وسيلة."
ان هذه الفقرة تواصل، بلغة مختلفة، الفقرات الأولى و الثانية و تربطها تحديدا بمسألة استثمارالانتقال الديمقراطي نحو"اقامة دكتاتورية مطلقة" .
ان ما يهمنا في هذه الفقرة هو جزؤها الثاني أساسا اذ يبدو لنا مناقضا للجملة الأخيرة الواردة في الفقرة التي أضافها لمقال "بهدوء" عندما قال:" " رجائي من الذين يعلقون على فيديو الغنوشي أن يتجنبوا القول بأن هدف الرجل هو أسلمة المجتمع أو الدولة فهذا الحديث يشوش على التونسي العادي الذي سيفهم أن هدف الغنوشي هو تقوية الدين في المجتمع والدولة. وحين يفهم الموضوع بهذه الطريقة لا يفهم المواطن المشكلة في الأسلمة.
فجماعة النهضة يرفعون شعار الأسلمة كوسيلة للاستحواذ على الدولة وخيراتها وإقامة ديكتاتورية مطلقة. يجب الحديث عن الحقيقة الملموسة وهي أن الغنوشي والجماعة يضللون الناس باسم الدين لحكمهم كالنعاج وإفقارهم وسلب خيراتهم وخيرات دولتهم. كما أن رؤيتهم للدين هدفها اعتماد رؤية لا تجلب للمسلمين تفوقا علميا أو نهضة اقتصادية أو رقيا اجتماعيا. يجب اختيار الكلمات جيدا وعدم السقوط في فخ زيف خطاب هذه الجماعات عن نفسها رجاءا."
ان السيد محسن مرزوق يطلب من الآخرين حسن اختيار الكلمات و لكنه لم يتساءل عن المصطلحات التي يستعملها هو نفسه فيشوش هو الآخر على "على التونسي العادي" بسبب مصطلح الفاشية و كذلك للسبب التالي.
ان القول عن الاسلاميين ان " هدفهم فقط الاستحواذ التام على السلطة، وإقامة ديكتاتورية مطلقة لوضع يدهم على خيرات البلاد ومقدراتها ونهبها. والدين ليس إلا حجة. فشعار أسلمة المجتمع ليس هدفا بل وسيلة." و القول ان :" الغنوشي والجماعة يضللون الناس باسم الدين لحكمهم كالنعاج وإفقارهم وسلب خيراتهم وخيرات دولتهم. كما أن رؤيتهم للدين هدفها اعتماد رؤية لا تجلب للمسلمين تفوقا علميا أو نهضة اقتصادية أو رقيا اجتماعيا.." هو قول يشوش أيضا على التونسي المسلم العادي.
ان اتهام الاسلاميين انهم لا يعتمدون الاسلام الا "حجة" و ليس "هدفا" و القول انهم يهدفون الى " وضع يدهم على خيرات البلاد و مقدراتها و نهبها " وانهم يريدون حكم الناس "كالنعاج و افقارهم و سلب خيراتهم و خيرات دولتهم" هو من باب "اساءة اختيار الكلمات" عمدا في السجال السياسي و النتيجة قد تكون عكسية تماما.
ان اتهام الاسلاميين في اسلامهم و اعتبارهم يهدفون الى "سلب الخيرات..." لا غير هو ليس فقط" اساءة اختيار الكلمات" بل هو مخالف للمنطق العلمي و السياسي البسيط القائل ان هنالك اسلامات مختلفة حسب التأويل الذي نملكه للاسلام وان الاسلاميين مسلمون بالتالي مثل غيرهم من المسلمين التونسيين و لكن قراءتهم للاسلام تقليدية و محافظة و نتائجها رجعية سياسيا وهي " لا تجلب للمسلمين تفوقا علميا أو نهضة اقتصادية أو رقيا اجتماعيا." فعلا .
لكن بين هذا و ذاك فارق جوهري. انه من الخطأ علميا و سياسيا الحكم على حركة سياسية بكاملها ، حكما أخلاقيا تقريبا، على انها لا تهدف الى "الأسلمة" بل الى" الافقار و النهب " المالي ، هذا مجاف للتحليل العلمي كما قلنا و خطير سياسيا لأنه يتهم الناس في عقيدتهم و لا يكتفي بنقد فهمهم الخاص للاسلام و تحليل نتائجه الفكرية و السياسية.
ان هدف الحركة الاسلامية ليس "تضليل الناس باسم الدين" للاستيلاء على ثرواتهم" بل ان هدفها هو حكم الناس باسم "تصورها الخاص للدين" ، واذا كان منهم من "يتاجر بالدين" أو "يتظاهر بالدين" فهم أفراد وليس الديمقراطيون من يحكم عليهم في دينهم كما يفعل الاسلاميون في اتهام الناس في دينهم عندما يكونون مخالفين لهم سياسيا.
في رسالتي الأخيرة الموجهة للجبهة الشعبية اليسارية كتبت :" ان الجبهة يجب أن تقول لأنصارها من الشباب خاصة : كفوا عن اعتبار الاسلاميين تجار دين و عن اعتبارهم لا يمثلون "الاسلام الصحيح" فان ذلك غير علمي لأن الاسلاميين مسلمون و لكن لهم قراءتهم الخاصة للاسلام نختلف عنها لا غير.
كفوا عن اتهامهم بالتجارة بالدين لأن ذلك قد يصح على أشخاص محددين و لكنه لا يصح عن حركات سياسية بكاملها.
و كفوا عن تخوين كل من ينتمي الى" نداء تونس" و عن الانجرار أحيانا "وراء شبكات التواصل الاجتماعية" الى القدح الشخصي في قادة الأحزاب السياسية المخالفة و كبار المسؤولين السياسيين فان ذلك كله يضر بالخطاب السياسي و يؤدي الى كارثة سياسية لدى الشباب المتحمس و غير المثقف وغير المجرب سيا سيا والى قرف لدى عموم الشعب من العمل السياسي برمته."

انني أعتقد ان نفس الملاحظة يمكن توجيهها الى السيد محسن مرزوق و بعض مثقفي "نداء تونس" الذين يبدو لي ان الاسلاميين نجحوا في جرهم الى مربع النقاش الديني عوض النقاش السياسي.

***

في الفقرة الرابعة من نص السيد مرزوق ورد ما يلي:
" أكد الغنوشي في تصريحاته لشباب "السلفية" العنيفة أنه لا يختلف معه إلا في التكتيك لا في الأهداف. وبذلك فإنهم والنهضة ليسوا حلفاء فقط بل شركاء. والتكتيك هو مواصلة خطة التحكم في العقول من خلال "إرجاع: المجتمع التونسي إلى عصور الظلام من خلال الدعاية والمدارس الوهابية. ومن جهة ثانية العمل على مواصلة الانقلاب السياسي الصامت بافتكاك وزارات الداخلية والدفاع لإعلان السيطرة التامة على البلاد. هكذا يوجد تقاسم للمهام واضح بين الجماعتين، بل هم جماعة واحدة."

هنا أيضا ينساق السيد محسن مرزوق الى التعميم الخاطئ علميا و سياسيا.
ان وحدة الحركات الاسلامية لا يجب ان تعمي المحللين عن اختلافاتها الفعلية و لا يجب ان تعمي السياسيين عن ضرورة التفريق بين مختلف التوجهات الاسلامية داخل الطيف الاسلامي العام.
ان الاسلام الوهابي ليس الاسلام السني التقليدي حتى عند المتطرفين من الاخوان المسلمين ، ناهيك عن غيرهم. كما ان اسلام حركة النهضة ليس اسلام حزب التحرير و الحركة السلفية و الحركة الصوفية،الخ. انه من الخطأ علميا المبالغة في التأكيد الحصري على كل من"التشابه" أومن "التنافر" بين مكونات الحركة الاسلامية. انه من المهم علميا تحليل الاختلافات التي هي ليست مجرد" تكتيك" سياسي و ليست مجرد "تقاسم مهام" الى درجة القول انهم "جماعة واحدة".
هذه مبالغة علمية كما قلنا و هي "خطيئة " سياسية في نفس الوقت لأنها لا تساعد على التمييز بين الاختلافات السياسية داخل الحركة الاسلامية بل و تساعد على التشويش على المسلمين وحتى على الاسلاميين العاديين الذين نأخذهم بهكذا تحليل في سلة واحدة هم ليسوا فيها فعليا و هو ما يساعد على احتوائهم سياسيا من قبل قادتهم و تنظيماتهم المغلقة.
ان النهضة و السلفيين ليسوا "جماعة واحدة" و ليسوا حتى جماعتين" تتقاسمان الأدوار" بل انهما جماعتان تختلفان فعليا رغم اشتراكهما في المرجعية الاسلامية العامة و ان بينهما تناقضات دينية- سياسية قد تكون كبيرة أحيانا الى درجة استعمال العنف المتبادل الذي قد يصل الى العنف المسلح كما تؤكد على ذلك التجارب العراقية الأفغانية و الصومالية مثلا.
كفوا اذن عن المنطق التبسيطي الذي قد يستعمل بنجاح وقتيا لتحقيق هدف حزبي سياسي مباشر و لكنه يضر بالتحليل العلمي و السياسي العام و بالتالي بمستقبل الشعب و طموحاته في الديمقراطية.

***

.في الفقرة الخامسة من المقال ورد: " يقسم الغنوشي المجتمع إلى مسلمين، هو وجماعته بنهضتها وسلفييها يمثلهم، والباقي كل من يكون خارجهم بما فيها الأحزاب الأخرى والجيش والاعلام والقضاء والأمن....إلخ. إنه لا يؤمن بالحوار الوطني. وفكره محكوم بمنطق التكفير والهجرة. وهو منطق استئصالي عنيف ينتظر فرصة التمكين ليكشسف عن وجهه القبيح. إنه فكر تقسيم التونسيين والحرب الأهلية."

يواصل السيد محسن مرزوق هنا نفس المنطق الوارد في الفقرة السابقة. انه لا ينتبه الى ان الاسلاميين لا يقسمون المجتمع الى مسلمين و غير مسلمين فقط بل كذلك الى مسلمين "حقيقيين" ومسلمين "غير حقيقيين" (مرتدين و منافقين ...) وانهم، وفق منطق "الفرقة الناجية" يكفرون بعضهم البعض أحيانا حتى اذا كانوا جميعهم ضعفاء في المجتمع.
ان مشكلة الاسلاميين ان منطقهم المتزمت في التفكير يجعلهم يسيؤون حتى الى انفسهم حسب المذهب ( شيعة ، أباضية ،سنة، صوفية) و حسب الاختلافات الفقهية ( مالكيون ، حنابلة مثلا ) و حسب الاختلافات المدرسية الكلامية ( أشاعرة ، ظاهرية ) و حسب الاختلافات السياسية ،الخ.
انه من الخطأ اذن الاكتفاء بالقول " يقسم الغنوشي المجتمع إلى مسلمين، هو وجماعته بنهضتها وسلفييها يمثلهم" من ناحية ثم اضافة ان " فكره محكوم بمنطق التكفير والهجرة. وهو منطق استئصالي عنيف ينتظر فرصة التمكين ليكشسف عن وجهه القبيح. إنه فكر تقسيم التونسيين والحرب الأهلية."
ان الفكر الاستئصالي قد يطال بقية الاسلاميين أنفسهم و ان الحرب الأهلية قد تصبح في مرحلة ما بيين الاسلاميين أنفسهم ولنا في الصومال خير دليل و الغنوشي ينتبه الى ذلك بذكاء في شريطه و هو يتلاعب بالسلفيين انفسهم. كما ان مواقف الغنوشي من الصوفية معروفة في كتبه فهو يعتبرهم"خفافيش الظلام" كما بينا ذلك في دراستنا " الحركة الاسلامية : قراءة نقدية " و التي توجد في موقع "الحوار المتمدن" أيضا.
من ناحية أخرى ، و هنا نعود الى السياسة المباشرة ، نود ان نسأل : اذا كان الغنوشي "لا يؤمن بالحوار الوطني..."بل "بالحرب الأهلية" كما تقولون ، فهل تعدون التونسيين انكم لن تتحاوروا معه و لن تتقاسموا معه السلطة لو تنازل اليكم ببعض منها في المستقبل القريب أم انه سيكون "لكل مقام مقال " وقتها؟
سننتظركم و الموعد قريب قد لا يتجاوز الأيام المعدودة و سنسبق حسن النية لنرى النتيجة.

***

في الفقرة السادسة نقرأ:
" هذه التصريحات خطيرة جدا لأنها تنسف تماما كل العملية السياسية الجارية في تونس. فالذين يمسكون بالسلطة في البلاد خرجوا تماما عن التفويض الذي قدم لهم لمواصلة الانتقال الديمقراطي وصاروا يستعملون ذلك التفويض للانقلاب على مجمل العملية التي اشتركوا فيها. إنهم بهذه التصريحات قد فقدوا المشروعية السياسية قبل فقد الشرعية الانتخابية."

هل نسفت العملية السياسية الجارية في تونس حسب "نداء تونس"؟
هل سيتصرف "نداء تونس" مع النهضة و الترويكا كحكم "خرج تماما" عن التفويض الذي قدم لهم لمواصلة الانتقال الديمقراطي؟
هل يعتبر "نداء تونس" ان حكامنا " فقدوا المشروعية السياسية قبل فقد الشرعية الانتخابية"؟
ألا يستعجل السيد محسن مرزوق و يورط حزبه وربما البلاد بأكملها في الدفع الفعلي ، دون وعي ربما و بغاية الضغط لا غير ، باتجاه "الحرب الأهلية" و هو بذلك يسقط في فخ ما يريده الغنوشي ، كما يصوره هو بالذات؟
ان القول ان العملية السياسية نسفت "تماما" و ان الحكام " خرجوا عن التفويض" و يحضرون "لانقلاب" على العملية السياسية و انهم "فقدوا الشرعية..." ما هو الا اعلان "حرب سياسية مفتوحة" قد تؤدي الى حرب أهلية رجعية و مدمرة للبلد وبالتالي الى وقوع في فخ ما يريده أعداء الشعب و البلد و ليس الغنوشي الذي لا نعتقد انه من الجهوزية بمكان يسمح له بتمني ذلك حتى لو كان فكر في المسألة لاحقا، بدليل ان الشريط موضوع النقاش يدلل على حنكة الرجل الذي يلاحظ ان الجيش و الأمن ليسا معه.
من قد يدفع الى الحرب الأهلية في هذه الحالة؟
أليس من الواجب التريث و "الهدوء" كما تقول يا سيد محسن؟
و هل هذا موقف "نداء تونس " ؟
لا أعتقد ،لأن لي أصدقاء فعليون و افتراضيون من نداء تونس لا تخامرهم هذه الأفكار تماما و قد لا تلزمهم أفكارك من حسن الحظ .
لنقل انني لا أتمنى ذلك على الأقل.

***

في الفقرة السابعة نصل الى أمرخطير أكثرواعتراف مهم جدا اذ يكتب السيد محسن:

" من الواضح أن جماعة النهضة هم أول قوة ثورة مضادة في تونس. وأن قانون الاقصاء الذين يريدون تمريره ليس سوى محاولة للتصدي للقوة الوحيدة التي تستطيع إيقاف مخططهم الجهنمي."

الأمر الخطير هو القول بأن النهضة هي" أول قوة ثورة مضادة في تونس". ان هذا التوصيف يعني ، بالنسبة الى "نداء تونس" ان السلطة الحالية هي سلطة ثورة مضادة تريد تمديد حكمها و تعميقه لا غير. و اذا كان الأمر كذلك فان على نداء تونس ان يدعو الى مواصلة المسار الثوري للقضاء النهائي على أول قوة في الثورة المضادة – النهضة- و الا فان الثورة التونسية ستكون قد انهزمت .
هذا يعني ان الحوار الوطني و احتمال الحكومة الوطنية الموحدة و اعتماد الطرق الانتخابية لوحدها في التغيير كلها مسائل مرفوضة .
هل هذا هو موقف نداء تونس؟ سننتظر.
من ناحية ثانية يعترف السيد محسن في الواقع، "بهدوء"، " أن قانون الاقصاء الذي يريدون تمريره ليس سوى محاولة للتصدي للقوة الوحيدة التي تستطيع إيقاف مخططهم الجهنمي." التي يرى انها" نداء تونس" و له الحق في ذلك طبعا.
هل كل ما في الأمر هو المشاركة الشخصية في الضغط السياسي الى النهاية و تصعيد الخطاب قبل 23 أكتوبر أم ان "الهدوء" الوارد في المقال ليس شخصيا بل يعكس فعليا موقف حزب "نداء تونس"؟
و هل وصل الأمر بنداء تونس الى "شيطنة" تامة للنهضة بحيث يوصف مشروعها بالمخطط " الجهنمي"؟
اذا كان الأمر فعليا و ليس مجرد تصعيد لفظي فان هذا قد يدفع الى كارثة سياسية حقيقية في البلد من خلال انقلاب عسكري أو شيء من هذا الحجم لايقاف جهنمية المخطط المعني.
هل هذا خطاب نداء تونس؟
الا يعني هذا ان ما سيحكم العلاقة المستقبلية بين نداء تونس و النهضة هو العلاقة بين "الثورة" و "الثورة المضادة " من عنف وتشنج قد يؤدي بالبلاد الى الكارثة؟
هل أصبح نداء تونس يساريا متطرفا أكثر حتى من اليسارفي الجبهة الشعبية، أم ان في الخطاب عين على النهضة و عين على اليسار لمغازلته ، وربما لتوريطه هوأيضا أو هو تحديدا ( او في تفريغه من مناضليه ) في التصعيد؟
نسأل فقط و نسبق النوايا الحسنة و لكننا ننبه حتى لا يقع ما لم يكن في حسبان أحد.

***

في الفقرة الثامنة نصل الى كارثة أخرى اذ يكتب السيد محسن:
" أكد الغنوشي وهو يتحدث بنون الجماعة عن إسلاميي الجزائر أن ولاء النهضة ليس لتونس ولا للوطن ولكن للحركة المتطرفة العالمية المتسترة بالدين."

أليس هذا تخوينا للرجل و لحزبه؟
ألا نفرق بين ارتباط حزب ما بتنظيم عالمي بسبب تصور نظري- سياسي و بين "الولاء للوطن"؟
ألم تكن للحزب الدستوري علاقات مع أحزاب مغاربية و عربية و عالمية أثناء نضاله الوطني ضد فرنسا و فيما بعد و هو في الحكم ، مع الاشتراكية الدولية مثلا، فهل كان ذلك يعني ان بورقيبة و الباجي قائد السبسي كان و لا ؤهما "ليس لتونس و لا للوطن"؟
ألن يعتمد هذا في اتهام اليسار و القوميين، الذين لهم ارتباطات عربية و عالمية، لتخوينهم ؟
ألم يعتمد بن على هذا الخطاب تحديدا ضد معارضيه ؟
و متى سنكف عن اتهام الحركة الاسلامية بأنها خائنة و عميلة و نفهم انها حركة و طنية محافظة من نوع خاص لها تصورها الخاص عن الوطن الاسلامي الذي يختلف عن مفاهيم أخرى عن الوطن و لكنها ليست – كحركة سياسية- حركة من العملاء و الخونة و "الكومبرادور"غير ذلك من الصفات التي يطلقها البعض عليها جزافا و دون هدوء" علمي و سياسي؟
متى سنكف عن اتهام بعضنا البعض - كحركات سياسية - بالخيانة و متى سنفهم ان الأمر هو اختلاف في حب الوطن من زوايا مختلفة و في تصور الشعب وفق مفاهيم مختلفة عن الهوية و عن صداقات مختلفة لشعبنا وفق البرامج السياسية المختلفة التي نؤمن بها كحركات سياسية كبرى ،و ليس كأشخاص طبعا ، وان من الأشخاص ليوجد الخونة و العملاء و الجواسيس في كل الحركات السياسية بالتأكيد.
متى سنفهم ان الحركة الاسلامية في عمومها هي حركة وطنية تقليدية و محافظة الى حد الرجعية في عديد تصوراتها و لكنها ليست حركة عملاء و خونة بكاملها؟
ألا يسيء هذا الخطاب الى أصحابه أكثر مما يسيء الى الاسلاميين أنفسهم و السيد محسن يدعونا للهدوء عند التعليق على الشريط المسرب؟
هل وصل خطاب "نداء تونس "الى هذا المستوى ام ان الأمر يتعلق فقط بالرأي الشخصي للسيد محسن مرزوق؟

***

في الفقرة التاسعة يرد ما يلي:
"حزبا المؤتمر والتكتل هما شريكان في مشروع الانقلاب مكلفين بالتمويه والتضليل. وإنهما إذا لم يتصرفا فورا بعد انكشاف هذه الاعترافات فقد صارا شريكين في ما يحصل بالعمل والنية."

أولا ماذا يقصد السيد محسن بالتصرف "الفوري"؟
بعد كل ماوصف به النهضة في النقاط السابقة يمكن تصور انه يدعو المؤتمر و التكتل الى كسر التحالف الحاكم و بالتالي الاستقالة الفورية.
فهل موقف نداء تونس هو اسقاط الحكومة الحالية "فورا"؟
وكيف يكتب السيد محسن ان "التكتل" و "المؤتمر" هما "شريكان في مشروع الانقلاب مكلفين بالتمويه والتضليل" و يطلب منهما فيما بعد "التصرف الفوري" حتى لا يصبحا شريكين " بالعمل و النية" ؟
وهل يتصور السيد محسن ان حزبي التكتل و المؤتمر غبيين الى حد ان النهضة تستعملهما من أجل "التمويه و التضليل" و لا يعرفان ما يقع و انهما سينتبهان الآن فقط بفضل الشريط المذكور الى حالتهما؟
أليس هذا انتقاصا من حزبين يحتجان من حين لآخر و يحاولان اظهار اختلافهما مع النهضة و يرفضان بعض مشاريع القوانين و السياسات و لو بصورة غير متماسكة و ليس بالقدر الكافي؟
أليست محاولة سيئة لتهديد الحزبين الصغيرين قد تؤدي الى ادخال البلاد بسرعة في فراغ دستوري قبل الاتفاق على خارطة طريق محددة من قبل الفرقاء السياسيين؟
هل هكذا نتعامل مع الأحزاب السياسية التي يقود رؤساؤها المجلس التأسيسي و رئاسة الجمهورية؟
هل هذا موقف "نداء تونس" أم موقف السيد محسن مرزوق بمفرده؟

***

في النقطة العاشرة نقرأ أيضا:
" صار من الضروري أن تتعاون كل القوى التونسية الوطنية لإنقاذ البلاد. ومن يتهاون عن ذلك بأية حجة يكون شريكا غير مباشر في الخطة الجهنمية."

ما هذا الخطاب؟
تصنيف الى قوى تونسية وطنية و أخرى غير وطنية و مطالبة بالانقاذ و تهديد لمن "يتهاون عن ذلك بأية حجة" ، هكذا ، بأنه " سيكون شريكا غير مباشر في الخطة الجهنمية" ؟
ألا يمكن ان تكون هنالك حجج مخالفة معقولة يا سيد محسن أم انك ترهب الجميع ب"خارطة طريق" حزبك ؟
هل هكذا يبحث حزب ما عن حلفاء لخطته السياسية ؟
و هل هكذا" انقاذ" الأوطان عند "نداء تونس" أم انه مجرد موقف شخصي منكم ؟
و هل وصف خطة النهضة بالجهنمية يعني ان خطتك الانقاذية خلاصية فردوسية بالضرورة ؟
أليس هذا خطابا دينيا سياسيا مقلوبا لا غير و ان كان ضمنيا لاغير؟

***
الفقرة الحادية عشرة تجيب :

" ستكون لهذه التصريحات تبعات محلية ودولية خطيرة. ويجب أن تؤدي إلى تصحيح استراتيجي جديد ومتكامل."
هل هذا الاقرار توقع أم تهديد ام كلاهما معا ؟
لماذا ظهرت الأشرطة بالتزامن مع مقال فى موقع معهد كارنجي الأمريكي يطالب بتحوير وزاري فوري في تونس يحتفل به بعض التونسيين من أنصار نداء تونس مع الأسف؟
أليس حريا بنا أن نرفض التدخل الأجنبي في سياستنا الداخلية من أي طرف كان حتى عندما يمارس ضد خصومنا في الحكم من أبناء وطننا اذا كنا من "القوى التونسية الوطنية"؟
ألم يكن من الأجدر بالسيد محسن مرزوق ان يكتب " يجب علينا ان نقوم بتصحيح استراتيجي جديد و متكامل حتى نتجنب التبعات المحلية و الدولية الخطيرة لهذه التصريحات " على وطننا؟
مرة أخيرة ، هل هذا موقف حزب نداء تونس " أم هو موقف شخصي "غير هادئ" من السيد محسن مرزوق؟
و هل هذا هو "التصحيح الاستراتيجي "المطلوب" يا ترى؟


أرجو الا ينزلق" نداء تونس" نحو هذه الرؤية السياسية كحزب و أرجو أن يسارع السيد محسن مرزوق نفسه الى اصلاح الوضع لأن ذكاءه يؤهله لأن يكون أبعد من الا ينتبه الى نتائج ما كتب.

و أرجو من الشيخ راشد والاسلاميين ان ينتبهوا انه في نهاية المطاف سيخونهم "حلفاؤهم" من غير التونسيين بحثا عن مصالحهم الخاصة و ان الشعب التونسي هو وحده الظهر الآمن لكل القوى السياسية التونسية التي يجب أن تصل الى انجاح المسار الديمقراطي ولو بالتنازل لبعضها البعض وفق موازين القوى الوطنية ، و ذلك شرف سياسي ، و ليس بالتنازل للقوى الأجنبية الضاغطة مهما كانت.

كما أرجو الا يتنطع اليساريون – كما يفعل السلفيون- و يدخلون على الخط في قرع طبول معركة قد تكون رجعية و قد يكونون مجرد أدوات فيها للقوى السياسية الكبرى في الداخل وخاصة في الخارج و سييكونون هم و شعبهم وقودها و ربما بهدف تحريك جبهة الجزائر الشرقية لا غير .
و أتمنى ان يتدخل كل من يستطيع من الجبهات السياسية الثلاثة الكبرى و من الاتحاد العام التونسي للشغل و من المثقفين و المناضلين المستقلين ، بكل الطرق الهادئة فعلا، للحفاظ على تونس السائرة نحو الديمقراطية و التي لا بد أن يتصارع فيها السياسيون – لأن الصراع وجه من وجوه الحياة السياسية الضروري - و لكن من أجل مصلحة شعبهم ووطنهم لا غير.

أرجو أن أكون على خطأ وسأكون سعيدا بذلك حتى لو فقدت أصدقائي الذين يكادون يوجدون في كل التيارات السياسية التي أنقدها لأنني أشعر انها تفقد صوابها في هذه الأيام .
و لكن المهم هو أن تربح تونس و يسلم شعبها.



#بيرم_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبهة الشعبية التونسية: أسئلة مصيرية. (رسالة ثانية )
- مع علم الانسان التاريخي وضد المادية التاريخية : نحو منظور عل ...
- نقد الأصولية الحمراء ...ملحق حول رسائل أنجلز في المادية التا ...
- الجبهة الشعبية في تونس : مساندة نقدية. ( رسالة مفتوحة الى ال ...
- نقد الأصولية الحمراء : نحو تجاوز مادي و جدلي للماركسية.
- الاسلاميون و المقدس الديني:نقد الاستبداد المقدس ( تونس مثالا ...
- تونس : من أجل جبهة جمهورية ديمقراطية مدنية وتقدمية.
- حركة النهضة الاسلامية التونسية: دراسة نقدية.
- ضد التيار في تونس: قوة ثالثة جديدة صعبة و لكنها ممكنة ( رؤية ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...
- الاسلام و علوم الاجتماع : محاولة في الدفاع عن العلم ضد -المن ...


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرم ناجي - تونس بين حزبي النهضة و- نداء تونس- : هل تكون المواجهة ؟