أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عاطف - بعد الموقعة: خَيَال في مرتبة مينا دانيال؟















المزيد.....

بعد الموقعة: خَيَال في مرتبة مينا دانيال؟


محمد عاطف

الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


يعرف رواد وقاطني وسط البلد والمناطق السياحية العتيدين مهنة "الخرتي" جيدًا، وهو شخص يقوم بتقديم خدماته من خلال بعض أكاذيب وحيل تهدف لكسب ثقة "الزبون/الضحية" الذي سيتم امتصاص دماؤه حتى أخر قرش في جيبه، تلك اللحظة التي تتزامن مع اختفاء "الخرتي" إلى الأبد، وهناك نوع من "الخرتية" أكثر ذكاءًا لا تتوقف علاقته بالضحية على توريطها في شراء ما لا تحتاج من أجل الحصول على "جشطة/ عمولة"، بل يسعى لمد جسور من الثقة تؤهله نحو مزيد من "المصالح"، وأحيانًا ما يبتسم الحظ - في يوم هو الحلم الأثير لدى جميع "الخرتية"- إذا ما وقع على زبون "يافت/ غني" و"حلو/ طيب" ينقل "الخرتي" إلى مستوى مادي أعلى بعد اتفاق على "شراكة" أو "عمل" أو "زواج" والأخيرة عادة ما تكون الأكثر والأسهل حيث لا تتطلب سوى بعض "فحولة" تكفي حتى انتهاء فترة عقد الإيجار.
رامبرانت السَمَان والثورة
"الخرتنة" بعد فترة من الزمن، وخاصة إذا ما كانت متوارثة، تتحول إلى أسلوب حياة، ودائما ما يرى "الخرتي" كل من حوله عبارة عن مشروع "مُستَغَلين" أو "زباين"، وبشكل أو بأخر - لا مجال لذكره الآن- هناك حب عميق يكنه أهالي قرية "السَمَان/ نزلة السمان" للسادات "الخرتي الأول" ومن بعده مبارك "الراعي الرسمي للخرتنة" لفترة تزيد عن 30 عام، ويلفت نظر أي زائر للمنطقة بسهولة وجود صورة مبارك بمنازل العديد من أهالي نزلة السمان، ولعشرات السنوات ارتبط اسم قرية نزلة السمان عند أكثر الناس بمنطقة الأهرامات والسياحة، إلا أنه ارتبط بعد الثورة بـ "معركة الجمل" التى خلفت أكثر من 11 قتيلًا وما يزيد عن 2000 مصاب من شباب مصر الذين كانوا يدافعون عن ثورتهم ضد "الراعي الرسمي للخرتنة".
عالم "السَمَان" به من الخصوصية والتفاصيل ما يكفي لإبداع عشرات الأعمال الفنية، والبحوث الاجتماعية، وكذلك عالم "يناير" الذي يجعل من الصعب على أي مبدع تجنب الثورة في عمله أو على الأقل تبعاتها التي لحقت بكل ما يحيط بنا من قضايا متنوعة، كما أنه ليس من السهل عليه أيضًا تناولها دون زج رؤيته السياسية نحوها، ورد فعله تجاه نتائجها بالسلب أو بالإيجاب، لكن لا يمكن تقبل عمل إبداعي أو بحث اجتماعي عن تلك "السَمَان" أو "الثورة" بذهنية "مستشرق" كالتي اتحفتنا بفيلم "بعد الموقعة".

منطق مفقود

يبدأ فيلم "بعد الموقعة" بمشهد مضطرب - تستمر حالته مع المشاهد في أغلب الفيلم دون داعى حقيقي سوى كسر رتابة ايقاع الأحداث- لمجموعة من الحقوقيات جالسات في ما يشبه حلقة النقاش ينتقدن مسار خطاب الثورة، مع تطعيم المشهد بلقطات توثيقية من حوادث التحرش التي حدثت للناشطات يوم المرأة العالمي 8 مارس 2011 بميدان التحرير، وتبدو منة شلبي متقمصة تمامًا دور الناشطة السياسية "ريم" من خلال حوار- يبدو فيه محاولة صناع الفيلم القرب من لسان حال الشخصيات بشكل طبيعي – للأسف ظهر وكأنه يتعمد الزج بكلمات تهدف طوال الوقت لتعريف المشاهد بأن الممثل "مذاكر" الشخصية، ثم يأخذك "الخرتي" سريعًا إلى المكان المراد تسويق "بضاعته/ خطابه" إليك وهو قرية نزلة السمان التي تستدر تعاطف المشاهد بداية من الطريق إليها عبر مشهد ظهر "للزباين/ المشاهدين" وكأن حصانًا يحتضر بينما هو مشهد طبيعي لحصان يستمتع ببعض الكسل على الرمال في يوم حار.
تنتقل الأحداث سريعًا لتظهر بعد ذلك مأساة أهلي نزلة السمان الذين تنفق دوابهم من الجوع بسبب كساد حركة السياحة بعد الثورة، حيث تتعرف منة شلبي "ريم" على باسم سمرة "محمود" الذي يعمل " خيال / خرتي" وتتعاطف معه رغم كونه أحد بلطجية "معركة الجمل" بعد ما شاهدته من معاملة سيئة يتعرض لها من نشطاء "الرفق بالحيوان" جراء فعلته، وإذ بها سريعًا تخرج معه في رحلة على حصانه إلى سفح الهرم ظهر منها قبلة ساخنة!!
حشاش جائع
تستمر أحداث الفيلم التي يظهر منها محاولة "ريم" الطلاق من زوجها لإحساسها المفاجىء بالغربة معه، لكن مشهد ظهوره الوحيد تقوم فيه "ريم" بعلاقة حميمة معه، ربما تحاول بها كسر حالة الافتتان بـ "محمود الخيال"، في محاولة يائسة أشبه بمحاولتها التقرب من أسرته ومن أهالي قريته، رغم كل تحذيرات المحيطين من حماقة هذا الفعل، ولا تفلح أيضًا باقناع أحد زملائها بالاقتناع بوجهة نظرها أن إدانة "خيالة" نزلة السمان جاءت للتغطية على الفاعل الرئيسي المبهم، حيث لا يخرج زميلها من تلك المحاولة سوى بـ "جلسة حشيش" يزيد الجالسين فيها عن 5 أشخاص من أصدقاء وجيران "محمود" ويُلاحظ بمنطق بسيط أن كمية الحشيش التي يتعاطاها هؤلاء الخمسة تكفي لشراء "عليقة/ علف" تكفي خمسة خيول لعدد من الأيام!!
وتصر "ريم" على علاقتها بـ "محمود" رغم محاولتها البعد من وقت لأخر، وبعد مشهد مدرسي لها في وسط القرية تخطب في أصدقاء "محمود" معلنة أنه لا "يخرتن" عليها وأنها أحبت أهل القرية جميعًا وتريدهم الخروج من كوكبهم المغلق، حتى تعلم وهي تمضي وقتًا سعيدًا مع أسرة "محمود" عقب عرض فني بالحصان أعاد ولده إلى المدرسة التي تركها بسبب تهكم الأطفال عليه وعلى ابيه، أن صديقتها في خطر أثناء اشتراكها في مسيرة يوم 9 أكتوبر الدامي، فتهرول إلى هناك حيث المشهد الأكثر استفزازًا في الفيلم الذي يعيد إلى الأذهان السؤال عميق المغذى الأكثر شهرة في السينما المصرية "إيه اللي جاب القلعة عند البحر؟" أو بالأحرى "إيه إللي جاب نزلة السمان لماسبيرو؟" حيث يصر "محمود" على الذهاب مع "ريم" ويصاب إصابة بالغة ترك يسري نصرالله نتيجتها مفتوحة لينتهي الفيلم مع مشهد "محمود" وهو يصعد بخياله إلى قمة الهرم!

الخرتي الطيب

تسجل عدسة الفيلم بعين "المستشرق" الحياة اليومية لأهالي نزلة السمان والخيالة، مطعمة ببعض المشاهد الانسانية كحديث "محمود" عن الضرر الذي حاق بأهالي منطقة "العلواية" بنزلة السمان جراء الجدار الذي تم بناؤه حول الهرم مشبهًا إياه بـ "الجدار الاسرائيلي العازل" وبما يوحي أنه من نتائج الثورة بينما تم بناء هذا الجدار عقب حادث الأقصر الشهير بمعبد الدير البحري عام 1997 والذي أدى لتراجع السياحة في مصر لعدة سنوات بعدها. ومشهد أخر لأحد "الخيالة/ الخرتية" يظهر بشخصيته الحقيقية في الفيلم لينتقد "ست البيت المصرية آكلة المحشي" بشكل ساخر في حديث لا يمل "الخرتي" في الطبيعة ترديده من أجل إضحاك "الزباين" واعطائهم ايحاءًا بالقرب والمودة، ويتضح من ذلك المشهد أن صانع الفيلم قد "اشترى" تلك الحيلة أثناء محاولته تعلم "الخرتنة"، كما شغلته محاولة فهم لهجة أهالي السَمَان المميزة عن توجيه شخوصه بالقرية نحو الحديث بها.
أحيانًا ما يكون "الخرتي" في بداية فترة عمله، وخاصة إن لم يكن متوارثه، طيبًا ويكرم "زبونه" من وقت لأخر بدعوة رخيصة لأكل "وجبة مصرية" أو عدم استنزافه بالكلية تاركًا له بضع الجنيهات التي تكفى ثمن "توصيلة المطار" في رحلة العودة إلى بلاده، هكذا يحسب لصانع "جنينة الأسماك" و" احكي يا شهرزاد" بعض مشاهد الحوار الواقعية كمشهد نساء القرية مع "ريم" وهن يتكلمن بعفوية في وقت واحد لا يمكن تمييز ماذا يقولون، وهذه طبيعة الأحاديث التلقائية بعيدًا عن كليشيهات مؤلفو الدراما، من ناحية أخرى قدرته على رصد التفاوت الطبقى الصارخ في القرية بعمل زوجة "محمود" في فيلا أحد أثرياء القرية الملاصق لمنزلها، رغم أن "الفرع الفقير" في أي من عائلات نزلة السمان الكبيرة لا تعمل نساؤها لدى أخرين من خارج العائلة، كما يحسب ليسري نصر الله تركه مساحة صغيرة لنفسه استطاع الفكاك بها من الانحياز الكامل لنزلة السمان خاصة في مشهد الرائعة سلوى محمد على مع "ريم" ونصيحها بأن "الخيالة" يظهرون هكذا أمامها فقط، وأداء سلوى محمد على وناهد السباعي يستحق التوقف والتحية لتلقائيتهم المعهودة، مثلما أداء منة شلبي وباسم سمرة يستحق التوقف والاندهاش لمبالغته الغير مبررة، خاصة وأن باسم سمرة كان يقوم بدور يجب أن يكون هو الأسهل بالنسبة له طوال رحلته في عالم التمثيل. ويبقي ليسري نصر الله تطويعه لإمكانات المتمكن دائمًا صلاح عبد الله في دور "الحاج عبد الله" المعادل الموضوعي للعديد من أصحاب الملايين بنزلة السمان، الذ أقر في أحد أهم المشاهد الرئيسية في فيلم أن "مصر هترجع زي مكانت وأحسن بس من غير حسني مبارك" وهي إشارة تدل أن الفساد استطاع ترتيب أوراقه ثانيةً لخوض المرحلة الجديدة.

بين البايع والشاري

جاهد صناع "بعد الموقعة" في تبرير فداحه تبرئته الكارثية لفصيل من عناصر الثورة المضادة عن طريق تسويق أن الفيلم "ليس سياسيًا"!! وهو بالفعل يبدو بعد أقل من 20 دقيقة على بداية الفيلم "للزبون/ المشاهد" كبعض "منمنات" أو "حديث نفس" لـ "خواجة" جرى تسويقها في صورة فيلم سينمائي حول مصر مابعد 25 يناير.
وحده "الخرتي" من يستطيع الجمع والتوفيق بين أشخاص متعددين من أجل استنزاف "الزبون" قدر الإمكان، ومن أجل تدعيم علاقاته بهؤلاء الأشخاص بما يضمن مصداقيته عندهم ورفع عمولته تقديرًا لمهارته في جلب "الزباين" طوال الوقت لشراء سلع مختلفة ومتنوعة، بدءًا من بائع التي شيرت مرورًا بـناسج السجادة والجواهرجي وجميع من لديه ما يبيعه، وكذا جميع من لديهم أفكار متنوعة وزوايا مختلفة لقراءة الثورة من السبكي مرورًا بالكردي انتهاءًا بالتليفزيون الفرنسي، لكن هناك دائمًا في الأفق من يسميه "الخرتي" بـ "الزبون الأصفر/ صعب المنال" من يعلنها صريحة فور ظهور "الخرتي" في طريقه What Do You Wanna Sell?”/ أنت عايز تبيعلي إيه؟” معلنًا أنه لن يشتري "بعد الموقعة" لا سياسيًا ولا سينمائيًا لأنه ببساطة "مش زبون"، رافضًا الانسحاق وراء "خرتي" لا يتورع عن وضع خَيَال في مرتبة مينا دانيال من أجل "المصلحة".



#محمد_عاطف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا واليسار وعبير صبري
- قضية مسرة.. والانتقام من الثورة بأثر رجعي
- ليحرقونا جميعًا.. إن استطاعوا
- القبطي الحائر بين المادة الثانية والمادة السابعة من الدستور
- لا استقلال للقضاء دون استقلال الطب الشرعي
- أي دولة مدنية نريد؟
- الأقباط يدقون أجراس الثورة في ماسبيرو


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عاطف - بعد الموقعة: خَيَال في مرتبة مينا دانيال؟