أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - خمسون وهماً للإيمان بالله [4]















المزيد.....

خمسون وهماً للإيمان بالله [4]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 16:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


50 وهماً للإيمان بالله
غاي هاريسون
ترجمة إبراهيم جركس

الوهم الرابع: الاكتشافات الأركيولوجية تثبت وجود إلهي
((علم الآثار والحفريات الأثرية يشهد على هذا الحدث))
[من مقالة حول دمار مدينتي سدوم وعمورة ضمن كتيّب لشهود يهوه]

لطالما سحرني كلاً من علم الآثار Archaeology وعلم الإحاثة Paleontology. أتذكّر عندما كنت صبياً صغيراً عمليات البحث والتنقيب التي كنت أجريها للبحث عن قناني الكوكا القديمة وهياكل الأسماك في ضفاف الأنهار الموحلة في فلوريدا خلال الوقت الذي كان أبي يصطاد فيه السمك في مكان قريب. كنت دائماً أتأكّد من استخراج كنوزي من الأرض بأسلوب دقيق وحسّاس وحذر، على غرار علماء الآثار الحقيقيين الذين كنت أشاهدهم في برامج التلفزيون الوثائقية. من المثير جداً العثور على قطعة أثرية مصنوعة من قبل الإنسان وإمساكها في يدك ثم تخيّل شكلها والطريقة التي كانت تستعمل بها من قبل. خلال فترة بلوغي أصبحت قادراً على عيش تلك الذكريات الطفولية بشكل فعلي وذلك عن طريق التطوّع بمشروع أركيولوجي في البحر الكاريبي. فلمس شيء ما كان يمسكه بشري آخر قبل عدّة قرون لهو أشبه بالسفر في الزمن. إنّه أمر مثير حقاً. لكنّ علم الدراسات الأثرية ليس مجرّد هواية. بل هو علم قيّم يقدّم لنا طريقة جديدة لتعلّم كل شيء حول ماضينا. فإذا لم نكن نملك سوى وثائق تاريخية للبدء من عندها، فلن نعرف سوى القليل عن أنفسنا ومن أين أتينا. في أغلب الحالات، لا يمكن سوى لعلم الآثار أو الأركيولوجيا الحفر عميقاً في البحث عن الحقيقة. لذلك عندما يمتلك أي أحد دليلاً أركيولوجياً يدعم مزاعمه وأقواله، عندها فقط أميل للاستماع إليه. لسوء الحظ، لقد تعلّمت على مدى سنوات أنّ "أركيولوجيا/علم الآثار" قد جرى التعدّي عليه من قبل بعض المؤمنين الذين قاموا بليّ الحقيقة.
بعض المؤمنين يزعمون أنّ علم الآثار والحفريات الأثرية قد أثبت وجود إلههم. وذلك ادّعاء عريض وجريء للإدلاء به جزافاً. من المثير أنّ بعض المؤمنين يريدون للعلم أن يقول ما عنده في المسائل التي تتعلّق بوجود الإله. لكن المشكلة بالنسبة لهم هي أنّ علم الأركيولوجيا لا يقدّم أي دليل على وجود أياً من الآلهة. لقد تمّ إجراء العديد من عمليات التنقيب حول العالم ولم يتمّ العثور على أي قطعة أثرية مصنوعة تعتبر دليلاً مباشراً على وجود إله واحد حتى. والشيء الوحيد الذي يعثر عليه علماء الآثار هو الدليل بأنّ الإنسان يؤمن بالآلهة.
"علم الآثار الكتابي Biblical archaeology" هو صناعة قائمة بحدّ ذاتها اليوم، إنشاء وتأسيس جمعيات محترفة، نوادي، كتب، مجلات، مواقع إلكترونية، أفلام وثائقية، وحتى رحلات سياحية أركيولوجية إلى الأراضي المقدسة. على ما يبدو إنّ البحث عن الآلهة في رمال الماضي السحيق هو أمر من الصعب مقاومته بالنسبة للعديد من المؤمنين. والحقيقة هي أنّ أغلب علماء الآثار المحترفين في العالم لا يعيرون اهتماماً كبيراً لأي شخص ضمن حقلهم يحاول مطابقة الدليل بنتيجة مصاغة مسبقاً وغير مفتوحة للنقاش وإعادة النظر فيها. فالأركيولوجيا علم وهو ملتزم بقبول الدليل سواءً أكان يدعم فكرة ما في الكتاب المقدس أو لا بفعل ذلك. أنا لا أقول أنّ جميع علماء الأركيولوجيا الذين تحرّكهم دوافعهم الدينية غير أخلاقيين أو غير جديرين بالثقة لكن هناك الكثير من المشاكل عندما يؤمن أحدهم بكامل قواه العقلية أنّه ينقّب من أجل الله.
على الرغم من الغياب الواضح لأي دليل يدعم ولو قليلاً فكرة وجود الله، فبعض المؤمنين يؤكّدون أنّ علم الآثار أو الأركيولوجيا قد أكّد مزاعمهم. في إحدى المرات قابلت مورمونياً لكتابة مقال عن ديانته، على سبيل المثل، وقد قال لي أنّه يؤمن بشكل كامل في أقوال جوزيف سميث ومزاعمه، وذلك أساساً على الدليل الأركيولوجي. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون، إنّ جوزيف سميث هو موجد ومؤسّس الديانة المورمونية، والتي تعرف أيضاً بـ The Church of Latter-day Saint of Jesus Christ. يقال أنّ سميث، عندما كان يعيش في ولاية نيويورك في بداية العقد الثاني من القرن التاسع عشر، قد شاهد ملاكاً اسمه موروني Moroni، وقد قاده ذلك الملاك إلى "الألواح الذهبية". ويقال أّنه قام بترجمة تلك الألواح مستخدما حجراً بلورياً يسمى "حجر الرائي Seer Stone" وكان ينظر من خلال قبعته. أمّا الترجمة فقد أصبحت فيما بعد تحت عنوان "كتاب المورمون"، الوثيقة الأساسية للدين الذي وصل عدد أتباعه إلى أكثر من عشرة ملايين شخص. أمّا الألواح فلم يتمّ العثور عليها أبداً.
بالرغم من أنّ قصةّ جوزيف سميث تبدو غير محتملة، فموضوع مقابلتي قد أخبرني بثقة كبيرة أنّه يؤمن بهذه القصة من دون تردّد. وقد قال مفسّراً أنه ليس بحاجة للاعتماد على الإيمان للاعتقاد بصحّة رواية الكهف، الألواح الذهبية، وكتاب المورمون لأنّ المكتشفات الأركيولوجية قد أثبتت صحّة جميع هذه الأمور. الحقيقة بطبيعة الحال هي أنّه لم يسبق لأي عالم أركيولوجي أن وجد أي شيء يثبت أياً من المزاعم والادعاءات الغيبية والخرافية لكتاب المورمون. غالبية المسلمين، الكاثوليك، البروتستانت، اليهود، والهندوس يطلقون نفس المزاعم عن عقائدهم. سيبدو الأمر وكأن علم الأركيولوجيا قد اكتشف الآلهة عدّة مرّات. لكن هل هذا صحيح؟
المؤمنون الذي يزعمون أنّ علم الأركيولوجيا قد كشف اللثام عن دليل قاطع على وجود إلههم مخطئون ومضلّلون. فلم يتمّ حتى الآن تحقيق أي اكتشاف أركيولوجي يثبت أي قضية غيبية أو ما ورائية. لم يتمّ اكتشاف أو العثور على أي دليل في أي مكان يمكن اعتباره إثباتاً لوجود الله، أو معجزة، أو ملاك، أو جنّي، أو عفريت. صحيح أنّه بالرغم من كل الدعاية وكل المزاعم التي يطلقها المؤمنون لا يوجد ولا قطعة أثرية واحدة من بين ملايين المكتشفات الأثرية حتى هذه اللحظة تشير إلى وجود أي إله. إذن ما الذي يجول داخل عقول هؤلاء المؤمنون جميعاً؟ أنا لا أعتقد أنّهم يكذبون أو أنّهم أغبياء. على الأرجح أنّهم تمّ تضليلهم من قبل أشخاص متحمّسون ويسعون يائسين ليثبتوا للعالم أجمع أنّ دينهم هو الصحيح والحقيقي. باستثناء حالات الدجل والنصب الواضحة الذي يحدث إجمالاً أنّ أحد ما سيعثر على موقع أو تحفة معينة تتطابق بشكل مطلق مع قصة ما ضمن منظومة عقائدية معينة لكنها تبقى لا تقدم أي دليل على وجود إله أو أي شيء غيبي. ثم فجأة تقرير إخباري تضليلي، مكتوب كم قبل صحفي متحيّز وغير موضوعي، ينشر في الصحف والمجلات مركّزاً على أهمية الاكتشاف بشكل مبالغ فيه. المؤمنون بدورهم، ربما يفتقرون لمهارات الشك والتساؤل المنطقي والعقلاني، يتمسّكون به بشكل حماسي ويأخذون في ترديد تلك المزاعم المضلّلة وتكرارها أمام أي شخص يستمع لهم.
كثيراً ما أختم مناقشتي مع المؤمنين الذين يقولون لي ((علم الآثار يثبت وجود إلهي)) بسؤالهم ببساطة بأن يسمّوا لي الاكتشاف الأثري الأكثر إثارة والذي يدعم وجود إلههم. أمّا الإجابة المعتادة على سؤالي فهو الصمت المطبق. بعض اليهود والمسيحيين سيكون جوابهم "مخطوطات البحر الميت". لكني شاهدت المخطوطات معروضةً في متحف إسرائيل بالقدس. بالنسبة لي بدت تلك المخطوطات كوثائق كتبها البشر، وليس الآلهة. إذ أنّها لا تطفو في الهواء من تلقاء نفسها، أو تشعّ بريقاً. إنّها مجرد كلمات مكتوبة على ورق رق، ولا يوجد أي شيء ماورائي أو خارق للطبيعة بشأنها. وعندها سألت المؤمنين كيف يمكن لكتابات قديمة أن تثبت أي شيء آخر غير حقيقة أنّ أصحاب تلك الفترة كانوا يعرفون الكتابة. ويجيب المؤمنون عادةً على ذلك السؤال بالقول أنّها تتضمّن نبؤات أخذت تتحقق. طبعاً ذلك لا يقودنا لأي مكان أيضاً. المسألة هنا هي أنّه إذا كان هناك مثال واحد عن أي دليل أركيولوجي يؤكّد وجود إله معين وبشكل لا يدع أي مجال للشك فيه، ألا تعتقد أّنّك ستسمع عنه؟ ألن يكون ذلك أمر في غاية الأهمية وسينتشر إلى أبعد من حلقة النشرات الإخبارية؟ ألن يلمع اسم العالم الأركيولوجي الذي عثر على ذلك الاكتشاف ويظهر في كل مكان؟ لكن لم يحدث شيء من كل ذلك لأنّ علم الأركيولوجيا حتى الآن لا يملك شيئاً ليقوله حول مسألة وجود الآلهة أو عدمه وجودها.
لسوء الحظ، أغلب المؤمنين يكونون عنيدين بشأن "دليلهم". بالنسبة لهم، إنّ التفسيرات الأكثر عقلانية غير كافية لتغيير آرائهم. وهذا ما نراه في حالة كفن تورين، الذي يذكره أغلب المؤمنين كدليل على أن يسوع كان إلهاً. هذا الكفن الذي يبلغ طوله أربعة عشر قدماً يحتوي شكلاً أو صورة لوجه إنسان تبدو وكأنّها مطبوعة في نسيجه عن طريق الحرق. إنّ الكفن موجود الآن في تورين، بإيطاليا، داخل كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان. لم يتمّ العثور على هذا الكفن من قبل علماء أركيولوجيا لكن تمّ تطبيق مناهج وأساليب أركيولوجية لتحليله.
هل يمكن اعتبار الكفن دليلاً فعلياً على وجود الله؟ المشكّكون يقولون: لا. فعملية التأريخ باستخدام الكربون المشع ترجع عمر الكفن إلى العصور الوسطى، وليس لألفي عام حيث يعتقد أنّ يسوع قد أُعدِم.هم يقترحون أيضاَ أنّ هناك تفسيراً أكثر ترجيحاً وهو أنّ القماش تمّ تزييف صنعه لإثارة المؤمنين المتحمّسين واستجلاب الأموال من الحجّاج، وكان ذلك يعتبر طقساً شائعاً في أوروبا في ذلك الوقت. النقطة الهامة هنا فيما يتعلّق بمعضلة كفن تورين تتمثّل في أنّ بعض المؤمنين ينظرون إليه كدليل أركيولوجي يثبت أنّ يسوع كان إلهاً. وهم يذكرونه وكأنّ العلم قد أكّد هذا الزعم. لكن من الواضح أنّ الكفن لا يثبت أي شيء في هذا الوقت.
هناك خطأ شائع غالباً ما يقع فيه المؤمنون عندما يتعلّق الأمر بالأركيولوجيا وهو المبالغة في تقييم تحفة أو مصنوعة يدوية. إنّ إثبات أنّ الله موجود أمر يتطلّب العثور على شيء خاص جداً ومميّز. على سبيل المثال، إذا كان كفن تورين يحمل اسم يسوع منقوش عليه، وقد تمّ العثور عليه داخل قبر في مدينة القدس مقفل عليه لأكثر من ألفي عام، وعملية التأريخ باستخدام الكربون المشع أكّدت تاريخه، كل هذا غير كافٍ لإثبات أن يسوع كان إلهاً! سيكون الأمر مماثلاً لاكتشاف الألواح الذهبية داخل كهف في مدينة نيويورك. حتى وإن تمّ إثبات أصالتها وربطها بشكل ما مع جوزيف سميث، فذلك لا يثبت صحّة أيّة مزاعم ماورائية غيبية تم ّ نسبها لها. المؤمنون الذين يحبّون شدّ التحف والمصنوعات الأثرية لإدخال دينهم في نطاقها قد يسألون أنفسهم لماذا فشلت الآثار العديدة والمدهشة المكتشفة في مصر في إقناعهم بأنّ الفراعنة كانوا آلهة معلنة في مناطقهم. فوجود هرم يصل طوله إلى 450 قدم ضمّ في إحدى المرات أحد الآلهة هو على الأقل أكثر إثارة للدهشة والتعجب من مجرّد كفن وعليه صورة وجه غبر واضح المعالم، أليس كذلك؟ لقد دخلت عميقاً إلى داخل هرم خوفو العظيم، وتجوّلت لأيام حول الكرنك وتنشّقت الهواء المغبرّ داخل العديد من المقابر الملكية. أمر مذهل حقاً؟؟! نعم. لكن هل هذا دليل على أنّ الآلهة، وليس الإنسان، هي التي حكمت مصر القديمة؟... قطعاً لا.
هنالك الكثير من الأمثلة عن التصوير المبالغ فيه للدليل. مدن سدوم وعمورة العتيقة ربما قد احترقت وتهدّمت إلى آخر حجرٍ فيها لكن هذا لوحده لا يؤكّد أنّ الله هو من أشعل النار في أحد الأيام. ربما قد عثر الأركيولوجيون على بقايا ما كان يشكّل في إحدى الأيام الجدار المحيط بمدينة أريحا Jericho. ماذا يعني ذلك؟ إنّ الوجود المؤكّد لمكان مذكور في قصّة قديمة لا يعني أنّ المزاعم والادّعاءات الخيالية التي تتخلّلها حقيقية. الحجارة التي كانت في أحد الأيام جزءاً من جدار ليست دليلاً أنّ هناك أي شيء غيبي وخارق للطبيعة حدث هنا. ففي النهاية، هناك قصص وروايات عن آلهة متعلّقة حول اليونان القديمة أيضاً. هل تنقيبات علماء الأركيولوجيا في المناطق المذكورة في تلك القصص تثبت أنّ زيوس وأثينا كانا حقيقيين؟ طبعاً لا. فعندما يسجّل البشر أساطيرهم وميثاتهم ليس غريباً أن يدخلوا فيها أسماء مواقع ومدن حقيقية موجودة في العالم الواقعي. لكن هذا لا يعتبر سبباً كافياً للاستنتاج بأنّ القصة حقيقية بشكل كامل.
إنّ فكرة أنّ علم الأركيولوجيا يدعم المزاعم والادعاءات الدينية تذكّرني بتلك التقارير عن "العثور على مدينة أطلانتس الضائعة" التي تعطينا دليلاً واضحاً عن التحيّز المعتاد في الأخبار. يبدو وكأنه في كل عام يعلن شخص ما يمتلك بذلة غوض والكثير من الوقت الفارغ أنّه اكتشف قارة أطلانتس الضائعة. أنا مواقف على أنّ اكتشاف مدينة قديمة مبنية بيد بوسيدون نفسه وكانت مسكونة من قبل عرق فائق أعلى من البشر متطوّر تكنولوجياً سيكون أمراً مثيراً يستحق تسليط ضوء الإعلام عليه. لكن سرعان ما يتبيّن أنّ هذه القصص والروايات مجرّد مزاعم لا تستحق كل هذا الحماس واللهفة عند انجلاء الحقيقة ومعرفة الوقائع. بطبيعة الحال، هذا لا يعني أنّ أطلال أطلانتس التي كتب عنها أفلاطون ليست موجودة مدفونة تحت ترسّبات قاع محيط ما، تنتظر منّا اكتشافها. ليس هناك أدنى شكّ أنّ قيعان المحيطات مليئة بالمواقع الأثرية الرائعة تنتظر أحداً ما منّا ليكتشفها. ذات مرة قابلت روبرت بالارد، مكتشف سفينة التايتانك، ولمحت من خلال حديثة أنه كان دائخاً من كنيّة الكنوز الأركيولوجية التي تنتظر الاكتشاف. بطبيعة الحال، إذا كانت قارة أطلانتس موجودة فعلاً وإذا تمكّن أحد ما من اكتشافها في أحد الأيام، أنا متأكّد تماماً من أنّ هذا الأمر لن يثبت أي شيء غير طبيعي أو خارق للطبيعة حدث للمدينة، قد لا يعدو الأمر أنّ كارثة طبيعي معينّة كانت السبب في غرق المدينة في البحر. قد يذكّرنا ذلك عن الحاجة لوجود أنظمة تحذير تنبّهنا قبل حدوث موجة التسونامي لكنّه لن يثبت أيٍ من المزاعم الغيبية غير العادية التي يطلقها المؤمنون بأطلانتس على اختلاف أنواعهم. الوجود المؤكّد والمثبت لأطلانتس الحقيقية لن يكون سبباً كافياً لإثبات فكرة أن بوسيدون نفسه إله حقيقي. حسناً، إذا ظهر عالم آثار فوق سطح الماء عائماً فوق مدينة غارقة تحت السطح وبيده رمح ثلاثي متوهّج يستطيع تجديد الأطراف البشرية المبتورة، وعلاج لمرض السرطان منقوش على قبضته، يصدر سطوعاً ثلاثي الأبعاد يعرض بوسيدون وهو يقدّم نفسه لأبناء القرن الحادي والعشرين، عندها، وعندها فقط، سيكون ذلك إشارة جيدة وكافية للشروع ببناء معبد جديد لإله البحر. أمّا غير ذلك: قطع أواني فخّارية، أعمدة رخامية، وبضعّة مصنوعات من الخرز، لن تثبت أي شيء عن الآلهة بالرغم من أنّ هناك العديد من المؤمنين الذين يقولون أنّها تفعل ذلك بالتأكيد.
لنكون أكثر وضوحاً، أنا لست ضدّ علم الأركيولوجيا الكتابية، أو الإسلامية، أو الهندوسية، أو البوذية، أو المورمونية، أو أي أركيولوجيا أخرى. فطالما أنّها موضوعية وصادقة وتتّبع نفس الأساليب والمناهج العلمية لعلم الآثار العام، فأنا أؤيّدها. كلّما انغمس في التراب أكثر، كان ذلك أفضل. كلّنا مستفيدون من تكديس معرفة أثر حول الماضي. أنّا لا أبالي كثيراً بمعتقدات عالم آثار معيّن إذا كان بإمكانه أن يعلّمني شيئاً ما عن ماضينا المشترك. بطبيعة الحال، أنا أعتقد فعلاً أنّ الجهود الأركيولوجية المدفوعة بالاعتقاد خطرة أصلاً لأنّ السعي لدعم نتيجة معينة ومصاغة مسبقاً ستهدّد الموضوعية دائماً. هذا التحيّز قد يقود علماء الآثار للمبالغة في تقييم بعض الاكتشافات وإهمال بعضها الآخر. أفضل ما يمكن للمؤمنون فعله هو أنّ يقرؤوا بحذر والتفكير بطريقة شكية [ونقدية] عندما يشاهدون تقارير إخبارية عن اكتشافات يبدو أنّها تدعم وجود إلههم. هل الاكتشاف الجديد دليل فعلي وحقيقي لله، أم أنّه مجرّد تحفة أخرى تركها مؤمنون قدماء عاشوا في الماضي؟
*************************
مراجع الفصل الرابع
McCrone, Walter C. Judgment Day for the Shroud of Turin. Amherst, NY: Prometheus Books, 1999. Everything that shroud-believers need to know is in this book.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسون وهماً للإيمان بالله [3]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [2]
- خمسون وهماً للإيمان بالله [1]
- الله والعلم (2/2)
- الله والعلم (1/2)
- الله والإلحاد
- اختلافات التجربة الإلحادية: بول كليتيور
- الإله: الفرضية الخاطئة
- فيروس الإله [4]
- فيروس الإله [3]
- فيروس الإله [2]
- فيروس الإله: مقدمة
- فيروس الإله [1]
- القرآن في الإسلام (بحث في معصومية القرآن وموثوقيته)
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 3 ترجمة: إبراهيم جركس
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 2
- لماذا يتحوّل الدين إلى عنف؟ 12 ترجمة: إبراهيم جركس
- المأزق الأخلاقي للحروب
- القرآن المنحول [1]
- التاريخ النصي للقرآن (أرثر جيفري)


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - خمسون وهماً للإيمان بالله [4]