مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 15:34
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
يمكن تشبيه الزواج برحلة طويلة لا تخلو من المفاجات, بعضها ممتع والبعض الاخر موجع. وقد تعترض طريق المتزوجين خلال هذه الرحلة عوائق غير متوقعة, وقد يخيل اليهم انه من المستحيل تخطى بعض العوائق. ومع ذلك يقوم كثيرون بهذه الرحلة بسعادة رغم المشاكل التى تواجههم. فالنجاح فى الزواج لا يقاس بعدد العوائق الى تعترض طريق المتزوجين بل بما يفعلونه للتغلب عليها.
فماذا فى رأيك يعمل على انجاح رحلة الزواج ويجعلها اكثر متعة ؟ يشعر كثير من المتزوجين انهم بحاجة الى " خريطة طريق " تهديهم الى السبيل الصحيح. وافضل خريطة يتكل عليها للنجاح رسمها منشئ الزواج الله القدير. وهذه الخريطة هى كلمته الملهمة, الكتاب المقدس. لكن الكتاب المقدس لا يحل المشاكل تلقائيا بسحر ساحر, بل يتضمن توجيهات عملية تدل المتزوجين الى المسارات التى يجب ان يسلكوها لكى ينعموا بزواج سعيد.
فلنتأمل فى بعض مبادئ الكتاب المقدس الاساسية التى هى بمثابة لافتات تهديك الى المسار الصحيح لتكون رحلة زواجك ناجحة وسعيدة.
- اعتبر الزواج مقدسا. " ماجمعه الله فى نير واحد فلا يفرقه انسان ". ( متى 19 عدد 6 ) انشأ الخالق ترتيب الزواج حين اتى بحواء الى الانسان الاول ادم. والمسيح يسوع اكد ان زواج ادم وحواء شكل بداية علاقة ابدية. وحين قال " ماجمعه الله ", لم يلمح بذلك ان الله هو الذى يقرر من هو رفيق زواج كل شخص. بل كان يؤكد ان الله هو الذى اسس رباط الزواج ولذا يلزم اعتبار هذا الزواج مقدسا.
طبعا, لا يريد الزوج والزوجة ان يجتمعا فى نير واحد فى علاقة باردة وخالية من الحب. فهما يريدان ان يجمعهما رباط زوجى يمنحهما الرضا والسعادة. وبامكانهما الاجتماع فى نير واحد بسعادة اذا طبقا مشورة الخالق العملية المسجلة فى الكتاب المقدس.
وبما اننا جميعا ناقصون, فلا مفر من حدوث سوء تفاهم او وقوع الخلافات. لكن النجاح فى الزواج لا يعتمد فى اغلب الاحيان على مدى التوافق بين الزوجين بقدر ما يعتمد على ما يفعله الزوجان للتكيف مع عدم التوافق بينهما. لذا فان احد ابرز المهارات الاساسية فى الزواج هى القدرة على حل الخلافات بطريقة حبية, لأن المحبة " تجمع كل شئ معا فى انسجام كامل ".
- تكلم باحترام. " يوجد من يتكلم بدون روية مثل طعنات السيف, اما لسان الحكماء فشفاء ". ( امثال 12 عدد 18 ) لقد وجد الباحثون ان معظم المحادثات تنتهى مثلما تبتدئ. فاذا اتصفت المحادثة بالاحترام فى بدايتها, فمن المحتمل جدا ان تنتهى بطريقة محترمة. وانت تعرف كم تكون الاذية قوية حين يتكلم اليك شخص لاتحبه من غير روية. لذلك ابذل جهدك لتجعل كلامك يتصف بالاكرام والاحترام والمودة. توضح امرأة يابانية تدعى هاروكو, وهى متزوجة منذ 44 سنة : " مع اننا نرى واحدنا ضعفات الاخر, يسعى كل منا الى اظهار الاحترام للاخر بالكلام والموقف. وهذا ما يساعدنا على انجاح زواجنا ".
- اظهار اللطف والحنان. " كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض, ذوى حنان ". ( افسس 4 عدد 32 ) حين تنشأ خلافات قوية, من السهل ان يجر الغضب غضبا وراءه. وهذا ما تعترف به انيت التى التى تعيش فى المانيا حياة زوجية سعيدة منذ 34 سنة : " ليس سهلا ان تحافظ على هدوئك وانت تعانى الاجهاد, فأنت تتفوه عندئذ بأمور تثير استياء رفيق زواجك, وهذا مايزيد الامور سوءا ". ولكن حين تسعى لتكون لطيفا وحنونا, تساهم الى حد كبير فى ازالة اية عقبات تقف فى طريقك الى الزواج الهانئ.
- اعرب عن التواضع. " لا تعملو شيئا عن نزعة الى الخصام او عن عجب, بل باتضاع عقلى معتبرين ان الاخرين يفوقونكم ". ( فيلبى 2 عدد 3 ) تنشأ خلافات كثيرة حين يحاول رفقاء الزواج بتكبر لوم شركائهم على المشاكل, بدلا من البحث بتواضع عن وسائل يطيب فيها الواحد خاطر الاخر. فاذا كنت تندفع الى الاصرار على اعتبار نفسك محقا حين يقع خلاف, يمكن للاتضاع العقلى ان يساعدك على قمع هذا الشعور.
- لا تكن سريع الاستياء. " لا تسرع بروحك الى الغيظ ". ( جامعة 7 عدد 9 ) لا تسرع على الاعتراض على رأى رفيق زواجك او الى الدفاع عن نفسك احتجاجا على سؤاله عن شئ قلته او فعلته. اصغ اليه ودعه يعرف اتك تقر بصدق مشاعره, وفكر جيدا قبل الاجابة. فكثيرون من المتزوجين يتعلمون بعد فوات الاوان ان الفوز بقلب رفيق زواجهم اهم بكثير من الفوز فى نقاش معه.
- اعرف متى تلزم الصمت. " كن سريعا فى الاستماع. بطيئا فى التكلم, بطيئا فى السخط ". ( يعقوب 1 عدد 19 ) لا شك ان حسن التواصل هو احدى اهم " اللافتات " التى تدلك على الطريق نحو السعادة الزوجية. ولماذا يقول الكتاب المقدس انه " للصمت وقت " ؟ جامعة 3 عدد 7, لأن الصمت قد يكون وقت الاصغاء الهادف. وهذا الاصغاء يلعب دورا هاما فى فى التواصل لأنك تعرف من خلاله ما يشعر به رفيق زواجك حقا.
- اصغوا بتعاطف. " افرحوا مع الفرحين, وابكوا مع الباكين ". ( روما 12 عدد15 ) لا غنى عن التعاطف فى التواصل الهادف لأنه يتيح لك مشاطرة رفيق زواجك مشاعره العميقة. كما انه يخلق جوا يمكن الزوجين من التفاعل باحترام وكرامة واحدهما مع اراء ومشاعر الاخر. تذكر نيلا فى البرازيل, والمتزوجة من 32 سنة : " حين نتحدث انا ومانويل عن مشاكلنا, اصغى دائما بانتباه الى ما يقوله لكى افهم افكاره ومشاعره ". وحين يتكلم رفيق زواجك, فهو الوقت للصمت والاصغاء بتعاطف.
- تعود التعبير عن تقديرك. " اظهروا انكم شاكرون ". ( كولوسى 3 عدد 15 ) يحرص الزوج والزوجة فى الزيجات المتينة على تبادل عبارات التقدير لما يفعله الاخر. ولكن بالنظر الى روتين الحياة الزوجية اليومى. يهمل بعض رفقاء الزواج هذا الجانب المهم من التواصل ويفترضون ان رفقاء زواجهم يعرفون انهم موضع تقدير. تذكر الدكتورة ايلين واكتل : " باستطاعة معظم المتزوجين ان يعبروا بعضهم لبعض عن مشاعر التقدير, ولكى يفعلوا ذلك يكفى ان يخطر هذا الامر فى بالهم ".
تحتاج الزوجات خصوصا الى سماع كلمات التقدير والطمأنة الحبية من ازواجهن. ويمكنك ايها الزوج ان تساهم كثيرا فى انجاح زواجك وتعزيز خير زوجتك, وخيرك انت, حين تحرص ان تذكر تعليقات ملؤها التقدير على مواقف زوجتك وصفاتها الايجابية.
تلعب الطمأنة دورا هاما سواء كانت شفهية ام غير شفهية. فعندما تقبل ايها الزوج زوجتك قبلة لطيفة وتلمسها لمسة حنونة وتبتسم لها ابتسامة دافئة, فهذا يعنى لها اكثر من مجرد القول " انا احبك ". فأنت بذلك تطمئنها بأنها عزيزة جداعليك وبأنك بحاجة اليها. اتصل بها هاتفيا او ارسل رسالة الكترونية وقل لها انا مشتاق اليك او كيف كان يومك ؟ واذا كنت لم تستعمل هذه التعابير منذ ايام المواعدة, يحسن بك اعادة احياء هذه العادة. واستمر فى تعلم ما يمس قلب رفيق زواجك.
- سارع الى المسامحة. " لا تغرب الشمس على غيظم ". ( افسس 4 عدد 26 ) لا مفر فى الزواج من ارتكاب الاخطاء, سواء ارتكبتها انت او رفيق زواجك, لذا لا بد من التحلى بروح المسامحة. وقد وجد كلايف ومونيكا من جنوب افريقيا المتزوجان منذ 43 سنة ان تلك النصيحة الواردة فى الكتاب المقدس ساعدتهم كثيرا. يوضح كلايف " نحاول ان نطبق المبدأ المذكور ونسارع الى مسامحة واحدنا الاخر, عالمين ان هذا مايرضى الله. وحينئذ تصبح المسألة محلولة ونأوى الى الفراش بضمير طاهر وننام ملء جفوننا ".
تقول انيت المذكور انفا " لازواجا ناجحا بلا مسامحة اذ لولاها لتفاقم الاستياء وعدم الثقة, وهذا مايسمم الزواج. اما المسامحة فتقوى ربط الزواج ويصير الزوجان بالتالى متقاربين اكثر فأكثر ".
اذا كنت قد جرحت مشاعر رفيق زواجك, فلا تستنتج انه سيسامحك وينسى الامر. فتحقيق السلام فى الزواج يتطلب منك غالبا ان تفعل احد اصعب الامورالواجبة على المتزوجين, الاعتراف بالخطأ. ومع ذلك, جد طريقة لتقول بتواضع شيئا مثل " اعتذر ياحبى, لقد اخطأت ". والاعتذار المتواضع يكسبك الاحترام ويساعدك على بناء علاقة قائمة على الثقة ويعطيك راحة البال.
- عش بموجب التزامك. " ليس بعد اثنين, بل جسد واحد. فما جمعه الله فى نير واحد فلا يفرقه انسان ". لقد نذرت نذرا امام الله والناس وعاهدت رفيق زواجك ان تبقيا معا مهما نشأ من مشاكل. لكن هذا الالتزام ليس مجرد اتفاق قانونى. فالدافع الى اتخاذه هو المحبة القلبية المخلصة, كما انه يعكس الاحترام والاكرام اللذين يكنهما واحدكما للاخر والله ايضا. فلا تهدم علاقتك الزوجية المقدسة بالعبث مع الجنس الاخر. وليبق حبك لرفيق زواجك وحده.
- التضحية بالذات تعزز الالتزام. " لا تنظروا باهتمام شخصى الى اموركم الخاصة فحسب, بل ايضا باهتمام شخصى الى تلك التى للاخرين ". ( فيلبى 2 عدد 4 ) احدى الطرائق لتعزيز الالتزام فى الزواج هى وضع حاجات وتفضيلات رفيق الزواج قبل حاجاتك وتفضيلاتك الخاصة. مثلا, يحرص برمجى المتزوج منذ 20 سنة ان يساعد زوجته, التى تعمل بدوام كامل, فى الاعمال المنزلية. يقول " اساعد ريتا فى الطبخ والتنظيف والاعمال الاخرى لكى يبقى لها الوقت والطاقة لفعل ماتحب ".
فى بعض الاحيان يتطلب نجاح الزواج بذل جهود كبيرة جدا, مما يدفع البعض الى الاستسلام. ولكن لا تسمح للمشاكل ان تجعلك تهمل التزامك او تتخلى عن كل مافعلته حتى الان لانجاح زواجك, وخصوصا بعدما قطعتما شوطا من رحلة الزواج معا.
يقول روبرت الذى يعيش زواجا هانئا منذ 33 سنة " اذا بذلت جهدا مخلصا واظهرت انك تريد ان ينجح الزواج, فستنعم ببركة الله " وحين تدعمان واحدكما الاخر فى الضراء وتتشاركان الحياة فى السراء, تقوى عزيمنكما لتواصلا السير يدا بيد فى رحلة الزواج الناجح.
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
