أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - ذاكرة بسبعة أيام














المزيد.....

ذاكرة بسبعة أيام


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 3877 - 2012 / 10 / 11 - 09:21
المحور: الادب والفن
    




ليلتنا مزركشة بالتماعة المحاق، نجومها تخبوا فوق الغمام المزق في السماء. عبق ريح مشربة بمسك الليل توقظ فينا أحلاما بالخصب نرويه بماء السراب. وغصن زيتونة يميس بأزهاره وقد امتدت مياسمها تغازل فراشات المساء، والطيور استوطنت المزاريب بعد أن هجرتها مياه الأنواء. ومن سباتها خرجت الجذاجد لتعزف ألحانها النشاز دونما كلل لتمعن في الآرقين بالعناء. هوذا الفصل القائظ يبعث إلينا بآخر الرسائل عن دنوه الوشيك.

اليوم الأول
خرجنا وقد علقنا السدر المشبع بروائح البصل في نهاية قصبة لنلوح بها في السماء، نطارد خفاشا بين الحواري لساعات طوال من كل مساءات عطلتنا الرتيبة، إن أوقعناه نبادله في الغداة بدرهمين من كسب عراف يرهبنا حاجباه المقطبين. ومن الباكرة وقبل الرواح ننصب فخاخا حمراء من نحاس لعصافير البر نختار لطعمها خبزا أحمر، ونرابض لها في اسطبل عن غفلة من حارسه الأعرج حيث تختلط الروائح والحشرات والمتسولون.

اليوم الثاني
ثم نبدأ يوما مختلفا بالنزول إلى الوادي، حيث سنسبح في مياه اختلطت بروائح الحلفاء، ونعرج في عودتنا على وسط المدينة فنهاجم فتيان القصبة بما جمعناه من خضر متعفنة، ويحتدم العراك بين حواريها الضيقة، ومن ضل منا وسلك دريبة لا مخرج لها تلقى عقابا من الأعداء. ولا تنتهي القلاقل إلا باندحار فرقة منا أو بتعالي استنكارات المصلين القاصدين المسجد للمغرب والعشاء . نتسامر على الكلام المكرور. وينتصف الليل ولما نزل بعد نطوف بين الأحياء. ونتسلل إلى المنازل بقليل قبل أن يخرج لصلاة الفجر الآباء.

اليوم الثالث
في الطريق إليه يصطف الباعة وتختلف المبيعات، ملابس جديدة ومستعملة، دراجات، حصائر وزرابي، أغراس ومبيدات وغير هذا. نحمل في أيدينا قففا ننوي التبضع. نراقب في طريقنا إلى باب السوق الكبير كل الوجوه، منها من نعرفها فنبادلها التحايا السريعة، والعديد منها تبدو غريبة وقد أنهكها الثقل الذي تتأبطه من أكياس ملؤوها باكرا مما جاد السوق بما جد من بضائع. نصم آذاننا عن دعوات متسول يفترش زربية ينادي أهل النيات الحسنة كي يجودوا بما شاءوا. ندخل عبر باب كبير متحاشين العربات الحديدية التي يدفعها العتالون وقد حملوها مقتنيات الناس. وبعد أن ننتهي من الشراء نسلم متاعنا إلى حمال سيوصلها دونما حاجة إلى مرافقته. ومكوثنا يطول متجولين بين حلقيات الرواة وطاولات النرد إلى أن تفرغ جيوبنا فنرجع على أعقابنا خائبين.

اليوم الرابع
كل واحد منا سيدفع نصف درهم لحكم المباراة، ثم ننطلق في مطاردات ومراوغات فكبوات واحتجاجات وتتوالى الأهداف سراعا، لنا وعلينا، لتنتهي المقابلة من دون صافرة وبنتيجة مبهمة. فنطالب جميعنا الحكم بالغنيمة، نتجمع حوله صارخين متعثرين في أقدامنا الصغيرة، فيلوح غاضبا مزمجرا إلى السماء بقبضته القوية فيرخي ما بها من قطع نقدية، فنتدافع إليها ونتعارك، وأكيد قد احتفظ لنفسه بمبلغ مهم ليغادر الملعب معبرا عن خيبة أمله لقراره بالتحكيم للصبية.

اليوم الخامس
نطوف بين أركان المدينة، من مشارف الوادي إلى ما وراء القبور الرخامية المنبوشة ثم صعودا إلى غابات الصنوبر فنزولا عبر حقول الزيتون، نبحث عن نعال البلاستيك الممزقة، وعن أسلاك نحاسية أو قطع ألمنيوم، سنبيع كل هذا إلى تاجر بدرهم أو إثنين، فاليوم تعرض السينما جديدها الأسبوعي.

اليوم السادس
نحكي بكل زهو عن مغامرات بطل الأمس لآذان تتلقف كل التفاصيل لتعيد الحكي وباستزادة، ثم نتوارى بين الحيطان إلى نهاية صلاة الجمعة فنسأل من حضرها عن موضوع خطبتها تحسبا للإستفسارات أمام قصعة الكسكس.

اليوم السابع
للحسون نرابض في عيون الماء وقد زرعنا لها شراكا بلاصقات دسسناها في سعوف الحلفاء. نحتجز الطرائد الصغيرة في أقفاص صنعناها من خشب وأسلاك لربائط التبن نجمعها من متلاشيات الحضائر، لنقايض بها كرة أو جروا أو نحررها جذالى في سواد المساء. نقضي حمرة المغيب بدماء متدفقة متسارعة في العروق على أركان الدروب، نتطلع إلى رفلة حسناء قد تمر، أو نقول، قد مرت ولم نكن، حتى لا يخيب أبدا فينا الرجاء.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما المركزية
- سدُم ذاكرة أو المساء السبي
- النجعة الجبلية
- قصص قصيرة للوفاء
- قصص قصيرة حتى لا ننساكم
- قصص قصيرة جدا
- قصة قصيرة: طريق جرادة
- قصة قصيرة: التيه
- قصة قصيرة عيساوة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - ذاكرة بسبعة أيام