أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - أنتم -فوضويين-...نعم نحن -لاسلطويين-















المزيد.....

أنتم -فوضويين-...نعم نحن -لاسلطويين-


محمد المثلوثي

الحوار المتمدن-العدد: 3876 - 2012 / 10 / 10 - 22:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كل الثورات السابقة لم تفعل سوى أنها قد استبدلت الأسياد القدامى بأسياد جدد. وبرغم الهزات العنيفة والتحولات التاريخية العظيمة التي عرفتها البشرية إلى حد الآن، فان الأمر لم يتجاوز مستوى تغيير شكل السيادة. أما السيادة نفسها، أو الحكم السياسي للبشر، فلقد حافظ على جوهره إلى درجة أن طابعه التاريخي قد تلبّس صورة الوجود الطبيعي. والدولة، هذا الشكل التاريخي الذي اتخذه حكم فئة قليلة من المجتمع على المجتمع نفسه، برغم التبدلات العميقة في أشكال ظهورها، فقد بقيت وكأنها هي الأفق الوحيد الممكن أمام البشرية في إدارة وجودها النوعي. بحيث أصبح وجود الدولة وكأنما هو من طبيعة الأشياء، بل إن هذا الوجود قد اتخذ طابعا متعاليا سواء من خلال ظهور الحكام في مظهر الكائنات الإلهية أو في مظهر ممثلي السماء على الأرض، أو من خلال ظهور الدولة نفسها كوجود منفصل عن المجتمع، أي كجهاز محايد يحوم فوق الأفراد والجماعات وفوق نزاعاتهم ومصالحهم الاجتماعية المتنافرة. وتطبيع وجود الدولة لا يتعلق بالأفكار، أي أنه ليس مجرد خطأ في النظر للطبيعة التاريخية للدولة، بل منشأه الشروط التاريخية الواقعية نفسها التي ظهرت فيها الدولة وواصلت الوجود ضمنها لأحقاب تاريخية طويلة. ففي غياب الشروط المادية للتحرر النهائي من الدولة، ظلت هذه الأخيرة تمثل الميدان الوحيد الذي تقوم فيه الثورات والانتفاضات. وهكذا فان كل تمرد لعبيد الدولة على مر التاريخ لم يكن يجد المادة الواقعية أو الوسائل العملية للاستعاضة عن الحكم السياسي بأسلوب تنظيم اجتماعي جديد لا يخضع لسلطة سياسية فوقية، ولجهاز استعباد قسم من المجتمع من طرف قسم آخر. فكل الطبقات الاجتماعية القديمة كانت، بطبيعة وضعها الطبقي، تحتفظ لنفسها بمصالح خاصة متعارضة مع المصلحة العامة للمجتمع، ولذلك فإنها كانت تمثل إما طبقة سائدة تريد المحافظة على سيادتها تلك، وإما أنها تحمل مشروع سيادة جديدة، أو هي ببساطة لا تتوفر على أفق تاريخي سوى تجديد عبوديتها بتجديد الشكل التاريخي لهذا الاستعباد.
لا شك وأننا نستطيع العثور طيلة الأحقاب القديمة على أفكار وحركات وضعت الدولة موضع السؤال. غير أن هذه الأفكار والحركات ظلت إما فواصل هامشية أو دعوات أخلاقية أو هي ببساطة ظلت مجرد وساوس وهواجس غائمة. وهذا ليس نقصا في الأفكار، بل نقصا في المادة التاريخية نفسها. فقبل ظهور الدولة الديمقراطية الحديثة، كانت الدولة تظهر دائما بمظهر مشخصن سواء من خلال العائلة المالكة أو العائلة الإمبراطورية والسلطان والأمير...الخ، أي أن مالكي وسائل الإنتاج كانوا هم أنفسهم، وبشكل مشخصن، ممثلي الدولة والسلطة السياسية. وهذا ما جعل الدولة لا تظهر بمظهر سياسي، بل بمظهر بطريكي، أبوي... ولذلك فان كل هبة ثورية ضد هذه الدولة لم تكن تستهدف الدولة نفسها بل ممثليها الشخصيين (الملك، الإمبراطور، الأمير...)، باعتبار وأن الدولة لم تأخذ وجودا منفصلا عن المجتمع، ولا تظهر إلا في الأشخاص والسلالات والعائلات، وباعتبار أن كل الطبقات القديمة لا تجد أمامها غير الدولة كأداة لتحقيق مصالحها الخاصة، بما أن هذه المصالح هي بطبيعتها لا تقع ضمن المصلحة العامة لكل المجتمع.
أما الدولة الديمقراطية الحديثة فإنها دولة سياسية بامتياز، أي أنها لا ترتبط في وجودها بالأفراد والعائلات والسلالات الحاكمة، بل بالتساوي الحقوقي لكل أفرادها أمام الدولة. وهكذا اتخذت إدارة الدولة طابعا غير مشخصن، لتتحول إلى "شأن عام" تقوم بتسييره فئة خاصة من المجتمع هم السياسيين والخبراء والتكنوقراطيين، بحيث تختفي علاقة مالكي وسائل الإنتاج بالدولة وراء شبكة من الأجهزة ومؤسسات الضبط الاجتماعي التي لا تتصل بعلاقة مباشرة أو رسمية بالدولة.
وبروز الدولة العصرية واتخاذها هذه الهيئة غير المشخصنة، خاصة بتعميم الانتخاب العام، لا يجد شروطه في تطور الأفكار، أو بروز أفكار "تنويرية" و"العقد الاجتماعي" الوهمي، بل في تطور قوى الإنتاج المادية للمجتمع نفسه، حيث، وبتحول هذه القوى الإنتاجية إلى قوى اجتماعية غير مشخصنة، من خلال بروزها في صيغة الرأسمال الاجتماعي الذي لا يرتبط وجوده بالأفراد أو العائلات والسلالات وتحوله إلى قوة مستقلة بذاتها، فان الدولة قد اتخذت هذا الطابع المجرد والمستقل عن الأفراد.
وفي ظل هذا الواقع التاريخي الجديد فان كل هبة ثورية عميقة ضد الدولة لم تعد تستهدف هذا الممثل الشخصي أو ذاك للدولة، أو هذا الشكل أو ذاك للدولة، بل تستهدف الدولة ذاتها. بما أن الدولة نفسها لم تعد مجسدة في عائلة مالكة أو إمبراطور أو سلطان، بل مجسدة في أجهزتها السياسية ذاتها. فاتخاذ الدولة الحديثة هذا المظهر المحايد قد جعل كل نهوض ثوري لا يجد ميدانه ضمن الدولة بل خارجها وضدها.
وهذه الدولة الحديثة نفسها هي من خلق الشروط المادية لتجاوزها التاريخي، وذلك من خلال التناقض المتعاظم داخلها بين نزوع كل مهمات الإدارة والتسيير نحو اتخاذها طابعا اجتماعيا تعاونيا وبين طابعها السياسي الفوقي الذي تفرضه على تلك المهمات. فكا شأن من شؤون الإدارة الاجتماعية يفقد شيئا فشيئا أي طابع خصوصي مميز، وتفقد بالتالي فئة السياسيين والخبراء والتكنوقراطيين تميزها في أداء هذه الشؤون، ويتضح طابع وجودها الطفيلي، وهكذا فالدولة المعاصرة تخلق بنفسها المادة الواقعية والوسائل العملية لتجاوزها نحو إدارة اجتماعية تعاونية جديدة.
لكن بروز أفق تاريخي لتجاوز الدولة، أي التنظيم السياسي الفوقاني للمجتمع، لا يتعلق فقط ببروز الوسائل والأدوات، بل أيضا ببروز طبقة اجتماعية تمثل مصلحتها الطبقية الخاصة، المصلحة العامة لكل أفراد المجتمع. فظهور طبقة تمثل من جهة أغلبية المجتمع (الأغلبية المستبعدة من الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وبالتالي،المستبعدة من الدولة)، ويمثل مشروع تحررها التاريخي الخاص مشروع تحرر المجتمع نفسه من الحكم السياسي، قد اوجد الفاعل التاريخي الذي بمقدوره استعمال تلك الوسائل والأدوات من أجل إعادة تنظيم الحياة الاجتماعية على أساس تعاوني، حيث يتخلص المجتمع من الزائدة الدودية التي تعيش من امتصاص الثروة الاجتماعية لصالح حشراتها البيروقراطية ألا وهي الدولة.
وبهذا المعنى فلم تكن كمونة باريس سوى إعلان صريح ببداية حقبة جديدة، حيث لم تعد النزاعات الاجتماعية تدور حول شكل الدولة، بل حول وجود الدولة نفسها. ذلك أن هذه النزاعات الاجتماعية لم تعد تتعلق بشكل إدارة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الاجتماعي، بل بإنهاء تلك الملكية الخاصة نفسها، والاستعاضة عنها بملكية اجتماعية، أي بإدارة كمونية للإنتاج، حيث يشارك كل أفراد الكمونة في تلك الإدارة بشكل مباشر وبدون تمثيلية سياسية، أي بدون واسطة الأجهزة البيروقراطية للدولة.
وهذا الإعلان الكموني سيجد صداه في كل الثورات والانتفاضات المعاصرة من خلال البروز التلقائي مع كل هبة ثورية جذرية، للتنظيمات الاجتماعية التي عبرت من خلالها الجماهير المنتفضة عن حقيقة أهدافها ومشروعها المعادي للدولة. فكانت السوفياتات والمجالس واللجان والتعاونيات...الخ تمثل واقعيا الميل التاريخي للبشرية نحو اقتحام أفق تنظيم اجتماعي جديد. وبرغم الهزائم المتتالية، فان إصرار الثورة على إبراز طابعها الكموني يتضح أكثر فأكثر من خلال الانبثاق المتكرر لتلك الأشكال التنظيمية.
أما الدولة فإنها لم تعد تجد في مواجهة القوة الثورية الهدامة التي تستهدفها غير إبراز براثن قمعها، وكشف حقيقتها كجهاز إخضاع لصالح فئة اجتماعية ضد أخرى. وأما الأسلوب الثاني لامتصاص الجموح الثوري فيتمثل في لعبة استبدال النخبة السياسية الحاكمة بنخبة جديدة، وتغيير الديكور الخارجي للدولة من أجل الحفاظ على أساساتها العامة.
وبمثل ما تمثل الديمقراطية الليبرالية الشكل التاريخي الأخير الذي استقرت عليه الدولة، فان الكمونية أو المجالسية...الخ تمثل الشكل التاريخي لمبادرة البشرية بالولوج إلى أفق تنظيم اجتماعي جديد. والصراع الدائر الآن بين النزعة السلطوية المدافعة عن الدولة (أو الوقوف عند "النضال" من أجل تغيير شكلها) وبين النزعة اللاسلطوية إنما هو تعبير عن النزاع العميق بين أسلوب انتاج يقوم على احتكار طبقة اجتماعية لإدارة الإنتاج الاجتماعي واستثمارها بثمار جهد المنتجين الحقيقيين للثروة الاجتماعية وبين أسلوب انتاج يقوم على الانتاج التعاوني، وتوزيع متضامن للثروة الاجتماعية في إطار التلبية المتوازنة للحاجات الفعلية للبشر.
وبطبيعة الحال فان الدولة بالنسبة للسلطويين ليست فقط هي الشكل الوحيد الممكن للإدارة الاجتماعية، وبدونها فان البشرية ستدخل في الفوضى والبربرية، بل إنها بالنسبة لهم (وهنا نتحدث عن السلطويين اليساريين) الأداة والوسيلة الوحيدة المتاحة للتخلص من الحكم السياسي، أي من الدولة نفسها. فهؤلاء السلطويين اليساريين يقرون بأن الدولة هي أداة قهر اجتماعي، وهي مثلما يقولون "أداة الطبقة السائدة من أجل المحافظة على سيادتها الطبقية على المجتمع"، ويقرون أ، الدولة ظاهرة تاريخية ناشئة ويمكن لها أن تزول، وأن المجتمع لم ينهار في غياب الدولة، بل إنهم يضعون "اضمحلال الدولة" كهدف "استراتيجي" لحركتهم، غير أن كل ذلك لا يمنعهم من القول بأن الدولة ("الدولة العمالية"، "الدولة الاشتراكية"، "الدولة الشعبية"...) هي من سيحقق هذا الهدف، وأن هذا الهدف "اللاسلطوي" لن يتحقق إلا من خلال الدولة وبواسطتها. وهذا يعني أنه من الممكن تحقيق "اللاسلطوية" باستعمال أعظم وسيلة سلطوية، ألا وهي الدولة. وهذا القول لا يضاهيه سوى القول بتحقيق الحرية بمزيد دعم العبودية. أو كأن البشرية يمكن لها أن تتخلص من الحكم السياسي عن طريق تطوير وعصرنة أو تغيير شكل هذا الحكم السياسي بالذات، بل والوصول به إلى أكثر الأشكال ديكتاتورية أو ما يسمونه "ديكتاتورية البروليتاريا"، أي تجديد الحكم السياسي باسم ضحاياه بالذات. وليس غريبا أن نرى كيف أن هؤلاء السلطويين اليساريين، وهم "يناضلون" من أجل "الشيوعية" باعتبارها مجتمعا يسير نفسه بدون الحاجة للدولة وأجهزتها البيروقراطية، أي بطريقة لاسلطوية، يستعملون أكثر الوسائل سلطوية واستبدادا، سواء من خلال الأحزاب التي ينشئونها، أو من خلال الأنظمة السياسية التي أقاموها في عديد الدول.
من أجل "القضاء على العمل المأجور" على البروليتاريا أن تعمل أكثر، وأن تنضبط أكثر وتقبل بأكثر أشكال الاستغلال.... من أجل "إنهاء قانون المنافسة البورجوازي" على العمال أن يتنافسوا أكثر فيما بينهم، وعلى الاشتراكية أن تنافس الرأسمالية في السوق العالمية... من أجل "وقف قانون الإنتاج من أجل الربح" على "الاقتصاد الاشتراكي" أن يحقق مردودية أكثر، وأن يراكم كمية أكثر من البضائع بكلفة أقل... من أجل "اضمحلال الدولة" على الدولة الاشتراكية أن تتعملق أكثر وأن تتحكم في كل مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية... من أجل "إنهاء السيادة الطبقية" على البروليتاريا أن تناضل لكي تصبح طبقة سائدة في المجتمع... من أجل "الوصول إلى الشيوعية" يجب تطوير الرأسمالية الوطنية وتحويلها إلى رأسمالية الدولة... هكذا يفكر السلطويون اليساريون: من أجل الوصول إلى الهدف... يجب تدعيم نقيضه. والغاية تبرر الوسيلة. فما دامت النية طيبة، ومادام الزعماء والقادة أوفياء للتعاليم المقدسة، مادام الحزب يمتلك النظرية الثورية العصماء، فان السلطوية ستقود البشر إلى اللاسلطوية، والدولة ستضمحل تلقاء نفسها. وبطريقة سلمية، وفي أفضل العوالم سيسلم الحكام أخيرا سلطتهم للمجتمع. وما على هذا الأخير سوى تسليم أمره لهؤلاء الزعماء ومنحهم ثقته العمياء ليقوده الأنبياء المخلصون إلى جنة الخلد مرورا بالديمقراطية الشعبية وصولا إلى الاشتراكية فالطور الأول ثم الطور الثاني من الشيوعية.
أما السلطوية، كحركة واقعية وليس كتيار إيديولوجي، فإنها قد برزت وتطورت ببروز وتطور شروطها التاريخية. فإذا كانت الطبقات الاجتماعية القديمة تحتفظ، بهذا الشكل أو ذاك، بعلاقة مباشرة بوسائل الإنتاج الاجتماعي، أي أن مشروعها التاريخي قد ظل متعلقا بنظام الملكية الخاصة، وهذا ما جعل نزاعاتها تدور بالضبط في دائرة الدولة ودائرة السيادة السياسية، فان بروز أسلوب الإنتاج الرأسمالي المعاصر استوجب الفصل الكلي والنهائي بين وسائل الإنتاج وبين جزء متعاظم من المجتمع، بحيث أن كل تطور رأسمالي أصبح يعني "تحرير" جزء جديد من المنتجين من وسائل إنتاجهم، أي استبعادهم من دائرة الملكية الخاصة، وهو ما يعني استبعادهم من دائرة الدولة، بحيث أن أفق تحررهم التاريخي لم يعد ممكنا إلا بالخروج من دائرة السيادة السياسية نفسها. فالبروليتاريا الحديثة التي تمثل القسم الأعظم من المجتمع المنفصل عن كل الشروط المادية للإنتاج الاجتماعي لم يعد تحررها الخاص ممكنا بدون تحرير المجتمع كله من الملكية الخاصة، أي من احتكار فئة اجتماعية خاصة لشروط الإنتاج، وهذا ما يجعلها، بطبيعة وضعها الطبقي ذاك، لا تجد في الدولة ميدانا لتحقيق تحررها، بل إن هذه الأخيرة تقف عائقا أمام هذا التحرر. وهذا الواقع التاريخي بالضبط هو الذي يجعل من البروليتاريا طبقة ثورية، وليس العقائد أو النظريات أو بروز "طليعة ثورية" من الأنتلجنسيا المثقفة. وهذا أيضا ما يجعل البروليتاريا طبقة لاسلطوية في كل مرة تدخل فيها ميدان الفعل الثوري. بل إن التضامن والوحدة الطبقية والتنظيم الذاتي والقطع مع المنافسة الداخلية يمثل الشرط الحاسم لتقدمها. ويجعل من برنامجها التاريخي برنامجا لاسلطويا بالضرورة، كما يجعل من وسائل نضالها وسائل لاسلطوية. فبمثل ما تعبر الكمونية أو المجالسية...الخ عن أهداف لاسلطوية، أي الاستعاضة عن الدولة والتراتبية والهرمية بتنظيم اجتماعي تعاوني جديد، فإنها في حد ذاتها تمثل وسائل لاسلطوية. أما الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية (بالمعنى الواسع للكلمة) فإنها تعمل كل ما في جهدها لإعادة الشغيلة إلى حضيرة الدولة، وبث الروح السلطوية في المجالس والسوفياتات بالذات، بل وإعادة النفخ في جثة الدولة باسم هذه السوفياتات والمجالس. وهي في ذلك تحاول دائما إقناع البروليتاريا المنتفضة بأن الدولة، هذا الجهاز السلطوي العملاق، سيكون في خدمة أهدافها اللاسلطوية حالما يكون هذا الحزب أو ذاك في سدة الحكم.
لكن الانهيارات العظيمة التي عرفها الربع الأخير من القرن العشرين للإمبراطورية الاشتراكية السلطوية (وهي محض اشتراكية بورجوازية) وعودة البروليتاريا الثورية إلى مسرح النشاط الثوري مع بداية الألفية الجديدة، وبقدر ما يضع الأحزاب السلطوية (اليسارية منها بالخصوص) أمام انسداد تاريخي، وعقم في خطاباتها الديماغوجية، فإنها تقدم مؤشرات واضحة عن انبثاق تيار لاسلطوي لا يستفيد من أخطائه وأوهامه القديمة فحسب، بل يستفيد من المبادرات الرائعة للجماهير المنتفضة والتي تقدم بنفسها، برغم التردد والتباطؤ والأخطاء، النماذج العملية لإدارة لاسلطوية سواء في علاقة بالوسائل النضالية أو في علاقة بالأهداف التاريخية من أجل التخلص من نظام الاستلاب السياسي ومن حشراته الطفيلية.



#محمد_المثلوثي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيم الذاتي: دروس تاريخية
- نقاش مع صديق اسلامي
- ما هي الاشتراكية؟
- الحركة الاشتراكية والحركات ضد التمييز الجنسي والعرقي
- الحركة الاشتراكية في مواجهة الحركات الليبرالية والدينية
- الطبيعة العالمية لنمط الإنتاج الرأسمالي وأممية الحركة الاشتر ...
- ملاحظات حول المديونية
- تونس: قراءة في الموجة الاحتجاجية الراهنة
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (الجزء ...
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (جزء ر ...
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح (جزء ث ...
- تعقيب على حدث...أو الديمقراطية في بوسالم
- من حق الشغيلة الخوف من الاشتراكية...من واجبنا التوضيح
- ضد ثنائية النهضة/المعارضة
- النضالات الاجتماعية في تونس: الواقع والآفاق
- إفلاس الرأسمالية ومهمات الثوريين
- من ثنائية: يمين أم يسار...الى خيار: رأسمالية أم اشتراكية
- السيرك الانتخابي في تونس..-اليسار يريد انقاذ النظام-
- هل ستسلم الثورة نفسها للسياسيين (جزء ثالث)
- بيان 1ماي لنواصل رفع مشعل الثورة


المزيد.....




- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد المثلوثي - أنتم -فوضويين-...نعم نحن -لاسلطويين-