أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!














المزيد.....

متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3876 - 2012 / 10 / 10 - 11:46
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


"السؤال" عِلْمٌ وذكاءٌ؛ وفي كثرته، وتكاثره، وأسلوب وطريقة صياغته، وفي التوفُّر على إجابته، ما يَصْلُح مقياساً نقيس به جَوْدة وعافية وحيوية وقوَّة ذِهْن السائل؛ فَقُلْ لي عَمَّا تسأل، وكيف تسأل، أَقُلْ لكَ مَنْ أنت؛ وويَلٌ لأُمَّةٍ مات فيها "السؤال"، أو طَلَّقَتْه ثلاثاً، أو انْتَفَت لديها (على ما تَشْعُر) الحاجة إليه، لاعتقادها (أيْ توهُّمها) أنَّ الله أسبغ عليها نعمة "الأجوبة التَّامة النهائية (ولو على هيئة أجِنَّة وبذور وإشارات)" عن الأسئلة جميعاً، واختصَّها بحراسة وسدانة "الحقائق المُطْلَقَة" التي تَحْتَضِنها وتشملها تلك الأجوبة؛ وكأنْ لا جديد تحت الشمس، ولا أسئلة جديدة يَلِدها تبدُّل ظروف الزمان والمكان؛ مع أنَّ "السؤال" هو، أيضاً، شيء يَضْرِب جذوره عميقاً في "الزمكان (الآينشتايني)".
"المعرفة"، والتي هي سُلَّم نصعده درجة درجة من غير أنْ نَبْلُغ أبداً نهايته؛ لأنْ لا درجة عليا (وأخيرة) له، إنَّما تشبه إناءً مليئاً بـ "الثقوب"؛ وهذا الإناء بثقوبه إنَّما هو "الأجوبة"، التي لكونها "نسبية في حقائقها"، وتنطوي حتماً على "الخطأ"، أو على بذوره، نُشبِّهها بـ "الإناء المثقوب (أيْ المليء بالثقوب)"؛ وكل "ثُقْبٍ" هو "فراغ" لا بدَّ من ملئه؛ ولا يُمْلأ هذا "الفراغ (في الأجوبة، أو المعرفة)" إلاَّ بشيء واحدٍ أحدٍ، هو "السؤال".
و"الأجوبة"، لجهة ماهيتها، على نوعين اثنين: "أجوبة منطقية (أيْ مصنوعة من "مادة" المنطق)"، و"أجوبة خيالية (أيْ يتوفَّر الخيال على نسجها وصنعها)"؛ ولقد أحْسَن آينشتاين فَهْم وإدراك الفَرْق بين النوعين إذ قال إنَّكَ بـ "المنطق" تستطيع الوصول من "الألف" إلى "الياء"؛ لكنَّكَ بـ "الخيال" تستطيع الوصول إلى أيِّ مكان؛ فـ "الخيال"، والذي هو "الرَّحم" الذي منه يُوْلَد ويَخْرُج "الإبداع (والخَلْق)"، يَفوق "المعرفة" أهميةً، وإنْ ليس دائماً؛ و"أُسلوب (طريقة، منهج) المعرفة"، والذي نَقِف على خاصيته الجوهرية في "السؤال (ماهيةً وكيفيةً)"، يَفُوق "المعرفة"؛ فـ "الميزان" أَهَم من "الموزون" أو "الوَزْن".
و"السؤال" يستمدُّ أهميته المعرفية من "أداته"؛ وإنَّ سؤال العِلْم الأهَم هو دائماً الذي يتَّخِذ "لماذا" أداةً له؛ فـ "العِلْم"، أساساً، هو "التعليل" و"التفسير"؛ ولا ريب في أنَّ "لماذا" هي التي بها نتوصَّل إلى "التعليل" و"التفسير"، وهي التي تُمثِّل السؤال المتأتِّي حتماً من الإجابة عن "أسئلة قَبْلِيَة"، منها التي أدواتها "متى"، و"أين"، و"كيف"؛ أمَّا أهمها فهو الذي أداته "هل".
أًمْعِنْ النَّظر في أيِّ سؤالٍ أداته "لماذا"، فَتَجِد، عندئذٍ، أنَّ هذا السؤال ينطوي حتماً على أجابه عن سؤالٍ أداته "هل"؛ فكيف لكَ أنْ تجيب عن السؤال "لماذا لا يستطيع جسيم الإلكترون (مثلاً) السَّيْر بسرعة الضوء؟" إذا لم تَكُن قد أجَبْتَ من قَبْل عن السؤال "هل يستطيع الإلكترون السَّير بسرعة الضوء؟"؟!
إنَّ الإجابة عن سؤالٍ أداته "هل"، مع قياس منسوب "الحقيقة الموضوعية" في هذه الإجابة، وإقامة الدليل على صوابها وصِدْقها، هي التي تؤسِّس "منطقاً علمياً" للسؤال بالأداة "لماذا".
ولو أمْعَنْتَ النَّظَر في أيِّ سؤالٍ أداته "هل"، لوَجَدتَّه على هيئة بِناءٍ، حجارته من "المفاهيم (والتعاريف)"، التي هي "أجوبة"، ثَبُتَ صوابها وصِدْقِها، عن "سؤال الماهية"، أيْ عن سؤال "ماهو (أو ما هي)؟"؛ فسؤال "هل يستطيع جسيم الإلكترون السَّيْر بسرعة الضوء؟"، مثلاً، يشتمل على "مفاهيم (أو تعاريف)" عِدَّة، نشأت وتطوَّرت جميعاً مِمَّا بُذِل من جهد لإجابة "سؤال الماهية"؛ وهذه "المفاهيم" هي: "الجسيم"، "الإلكترون"، "السَّيْر (أو الحركة)"، "السرعة"، "الضوء"، "سرعة الضوء".
وثَمَّة أهمية أخرى للسؤال بالأداة "هل"؛ وهذه الأهمية تَكْمُن في كَوْن أجابته، التي هي دائماً إمَّا "نَعَمْ" وإمَّا "لا"، لا تعفيك أبداً من مسؤولية "تعليلها"؛ فأنتَ مُلْزَمٌ أنْ تَسْتَكْمِل إجابتكَ قائلاً: "لأنَّ..".
ولو كان لي أنْ أُعرِّف "الاكتشاف المعرفي العظيم (أو الكبير)" لَقْلْتُ إنَّه القذيفة "لماذا"، نَقْذِفُ بها كل "بديهية" حَفظناها عن ظَهْر قَلْب؛ فإنَّها لبديهية أنْ تقول إنَّ التُّفَّاحة ما أنْ تَنْسَلِخ عن شجرتنها حتى تسقط إلى الأرض؛ وإنَّه لاكتشاف معرفي عظيم (اكتشفه نيوتن) ذاك الذي أتي من قَذْف هذه "البديهية" بالقذيفة "لماذا"، أيْ "لماذا تسير هذه التُّفَّاحة هبوطاً، ولا تسير صعوداً؟".
و"المعرفة" تَرْتَقي، ويشتدُّ اكتسابها والحصول عليها صعوبةً، مع تَرْك "لماذا" تتكاثر وتتفرَّع؛ فلَمَّا سألَ فيلسوفٌ مريضاً "لماذا تتناوَل الدَّواء؟"، أجابه المريض على البديهة قائلاً "حتى أشْفى"؛ ولَمَّا سأله "ولماذا تريد أنْ تشفى؟"، أجابه؛ لكن بشيءٍ من الصعوبة، قائلاً "حتى أَسعد في حياتي"؛ لكنْ ما أنْ سأله "ولماذا تريد أنْ تكون سعيداً في حياتكَ؟"، حتى أحسَّ باستغلاق الإجابة عليه.
وأنتَ تستطيع أنْ تحس بما أحسَّ به هذا "المجيب" لدى صَدْمِه بالسؤال الأخير إذا ما جَعَلْتَ كل "بديهية" على هيئة سؤالٍ أداته "لماذا"؛ أمَّا إذا توفَّرتَ على إجابته فربَّما تأتي باكتشاف معرفي عظيم.
لكنَّ السؤال بالأداة "لماذا" ليس على سَوِيَّةٍ واحدةٍ؛ فالدرجة العليا من هذا السؤال، وعلى ما أرى، نراها في نَمَطٍ من النَّمَطين الآتيين: أنْ تسأل "لماذا حَدَثَ هذا الذي حَدَث في هذا الزمان، وفي هذا المكان، وعلى هذا النحو؟"، وأنْ تسأل "لماذا يُوْجَد هذا الشيء على هذه الهيئة (أو في هذا الشكل)؟".
إنَّكَ لن تغدو مُكْتَشِفاً معرفياً إلاَّ إذا أجَبْتَ عن سؤالٍ أداته "لماذا"، على أنْ تَتَّخِذ هذه الأداة قذيفةً تَقْذِف بها بديهية ما؛ لكنْ في وسعكَ أنْ تغدو نِصْف مُكْتَشِفٍ معرفيٍّ إذا ما اجتهدتَّ في صُنْع سؤالٍ لَمْ يُجَبْ عنه (إجابة علمية) بَعْد.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
- -وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
- -النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
- جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار ...
- كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!
- هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
- لله يا ناخبين!
- كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
- البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
- مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!
- رِحْلَة نظريَّة في أعماق المادة!


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!