أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خديجة صفوت - قاموس الاستحواذ: حصار المعارضة الاقتصاد السياسى لانيميا الفكر التنبؤى و استبداد التنظيم الإنتقائي















المزيد.....



قاموس الاستحواذ: حصار المعارضة الاقتصاد السياسى لانيميا الفكر التنبؤى و استبداد التنظيم الإنتقائي


خديجة صفوت

الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 22:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قاموس الاستحواذ:
الجزء الاول:
الطبعة الاولى
حصار المعارضة الاقتصاد السياسى لانيميا الفكر التنبؤى و استبداد التنظيم الإنتقائي.
خديجة محمد صفوت:

إهداء
 إلى كل من يتعلق بعشم قد يبدو بائرا او مستحيلا كالقبض على الجمر
و يقول باسترناك:
"لا يضيرني أن ينافسني على حب لارا ندا لها الا انه يجرحنى ان يعشقها من هو ادنى منها".
في دكتور زيفاجو و كأنه يترنم بانشودة للديمقراطية الحقة او للكرامة الفكرية ان شئت(ي).
 
و اقول : تدفع عبودية الرأسمالية ما بعد الصناعية الفرد- و قد أخذت الاخيرة بخناقه-الى الركض وراء اوهام زائلة و خيارات غير قابلة للتحقق فيما يسلم بعضنا  وبالمقابل، بما يسمى عبودية النمط الشرقى العامة  General Oriental Slavery. و قد ادعى  ماركسيولوجيون انها تدفع الفرد الى لاطراق ما بين قدمية والرنو الى الماضى. و لعل الرأسمالية ما بعد الصناعية ونمط الانتاج الشرقى يلتقيان حول بيع اوهام باهظة: إحداهما بالجنة الخرافية على الارض عند اضرحة الاستهلاك ثوابا فى الرب و السوق و تعبيرا عن الوطنية و الاخرى  بالجنة فى السماء لقاء اضاح بشرية لالهة عقائد مخترقة.  


ء


قد يبقى عمل معظم الكتاب العرب مغترباً غريباً متوحداً وقد غابت كوى تطل به على رفاقية العمل الجماعى و لو بالقراءة والتعليق. و يبقى ذلك العمل متوحدا من خشية-كما نبهتنى مرة واحدة من معارفى- السرقات و قد انتشرت بلا تحفظ. و كنت حاولت الخروج من وحدة العمل المتفرد فاعطيت جوانبا من هذه الدراسة للصديق الاستاذ محمد بشير (عبد العزيز الصاوى) و مرة اخرى للاستاذ سيد احمد بلال وزوجته الاستاذه هويدا واخرين. و كنت قد اعطيت نسخة كاملة منه لدار الكنوز تسليم صديقى الدكتور رغيد الصلح فافادنى بعضهم بملاحظة مفيدة و راقت بعض مسلمات القاموس فاصدر رغيد عنها فى مقالاته الاسبوعية مما ذكر لى هو بعضا منه فى بيته باكسفورد و لا بأس.
جدول المحتويات
 
جدول المحتويات
جدول المحتويات 3
تقديم 6
إعادة قراءة فئات الحصار التحليلية من اسفل: 8
هل الرأسمالية استثنائية ثقافية أم فيروس غرب أوربى؟ 9
هل الاستعمار وظيفة مجتمعات مفقرة بالحروب تضيق باكتظاظ سكانها؟ 11
تنويعات على المراكمة الرأسمالية: 13
التواطؤ الدولى على شعوب العالم باسم شعوب العالم. 14
أثمة سبيل لمقاومة المظالم المعولمة؟ 14
تراتبات مادة البحث الاولية و الفصول: 15
جمر التعلق بعشم يبدو بائرا : 16
مغبة طرح اسئلة تشارف الخطيئة المميتة: 18
مغالبة الاحداث المعاصرة و وعورة البحث: 22
الفصل الاول 30
اعادة قراءة بعض فئات الاستحواذ التحليلية من اسفل 30
اسماء تصادر واقع المسمى: 30
2-مسميات بلا معنى او مصادرة على مطلوب ما تدعيه: 33
الامبريالية الافقية-العولمة والامبريالية الرأسية-الكوننة: 40
التعريف الرسمى للعولمة-الكوننة: 40
كالفينية الطوباوية الغربية و تبكيت الخمس دقائق: 50
تبكيت الخمس دقائق و فظائع العولمة والكوننة: 50
اعتراف تبكيت الخمس دقائق: 54
هل وفرت الكنسية الغربية كيمياء عقيدة الارتياح على الخطأ؟ 55
وجهى عملة نكوص البرجوازية الصناعية و رموزها: 57
نظريات مبادئ "التنمية" الرأسمالية و مرادفاتها "التنويرية" 60
هل الفكر النشوئي الداروينى اليتوبي فاشية معمشة ام معلنة؟ 64
الفصل الثانى 66
مادة الدراسة الاولية واعتباراتها الاصطلاحية-المنهجية 66
الرقابة بالإغفال و الخلاف على الحقيقية: 68
الرقابة الديجتالية على الافراد والمجاميع وتنميط العقل البشرى: 74
انا فرويد ومدرسة التحليل النفسى الجديدة: 76
الفرويدية والسلطة: 78
إلغاء ذواكر الناس والسيطرة عليهم: 78
التحليل النفسي وإشاعة الديمقراطية بالاستهلاك: 79
السلع و الفحولة و الحب والدولة : 81
التحليل النفسى و الديمقراطية ما بعد الليبرالية: 81
اصوات الناخبين و ارباح الصناعات شيئ واحد: 83
مجتمعات الفرص و الخيارات: 84
التحليل النفسي والجمهوريات الرئاسية الدكتاتورية : 84
جريرة الاكاديميين والمثقفين ام محنتهم؟ 85
أثمة علاقة مريبة بين الصمت و الكلام الذى لا يقول شيئا و ما بعد الحداثة؟ 86
الفصل الثالث 90
تجريم الفكر الاشتراكى و ابلسة الحركات الشعبية 90
اصولية براديجمات التخلف و تخلف المنهجية: أثمة اشد تآمرا من سوط تهمة النظرية التآمرية؟ 92
-محنة النظر و ازمة "التنمية" الرأسمالية: 93
سياقات الحصار و فرضيات البحث المحورية: 94
من يدفع ثمن صناعة التاريخ الرسمى المتكاذب بطبعه و نتائجه؟ 95
من يتواجه مع من كوظيفة لاستقطاب الكوننة؟ 96
-اعادة كتابة التاريخ من اسفل: 97
-آليات الحصار بتكريس الاختلافات و فرض السواسيات المزعنة: 98
بربرة "التجانس" بالمساواة الانتقائية و عنف الاستحواذ الدارويني: 101
الحضارة الغربية البيضاء": أثمة ما هو اشد فحشا من الرأسمالية بتنويعاها؟ 104
تنويعات فحش الحضارة الغربية المعاصر: 106
لماذا تعسكر الحركات الشعبية؟ تنويعات على قاموس الاستحواذ الكلاسيكى: 110
هاجس تهديد تكاثر العوالم الثالثة و الرابعة للحضارة الغربية: 112
متحف تاريخ البشرية مستحوذ على تراثه: 114
زعر الرأسمالية بتنويعاتها من الانتفاضات الشعبية: 121
الفصل الرابع 130
اعادة قراءة فئات الاستحواذ التحليلية 130
اصولية نظريات التخلف وتخلف المنهجية: 131
تجريم الفكر الاشتراكى وابلسة الحركات الشعبية: 132
هل الحروب و التوسع الافقى و الرأسى مترادفات؟ 135
تدويل المشكلات القومية و تنويعات الاستعمار المجدد: 137
1-هل ثمة علاقة طردية بين خصخصة الاقتصاد و الحرب و المرتزقة؟ 138
2-القوات المسلحة والمرتزقة و المجتمع المدنى: 139
الغزو وتنويعات المراكمة الراسمالية: 140
ثقافة الحرب بتنويعات الحصار الرأسمالي الرأسى و الافقى: 146
هل ورقة توت الكوننة وظيفة صيرورة زعامة العالم قوة واحدية بلا غريم؟ 150
أيقيض تفكيك مفصلة الحصار الأمل فى التغيير؟ 150
قانون الفوضى المنظمة و الموارد المتاحة:الرساميل و الطاقة المادية و اللامادية: 151
تراتبات الحصار المنهجى الذاتى و العام: 154
الفصل الخامس 157
لنصطلح على بعض المفهومات:خلفيات بعض الفرضيات المحورية لأنيميا الفكر التنبؤى 157
1-الحصار ما بعد الليبرالى و"فتل" Spinning او نسج الكلام الذى لا يقول شيئا: 157
2-مسميات بلا معنى او عكس ما تدعيه :"التحديث" و التصنيع - التكيف الهيكلى-"التنمية"–النمو"- "اللحاق"-Catching-up "الاصلاح" الاقتصادى: 158
هل ثمة نمط انتاج اقطاعى شرقى كان او غربى؟ 159
هل المراكمة الرأسمالية الصناعية و ما بعدها مصادرة على مطلوب نشوء وارتقاء نمط الانتاج Mode of production الشرقى؟ 160
1-الاقطاع الغربى: 161
2- الاقطاع الشرقى: 163
3-قياسات ماثلة: 163
4- رأس المال اقدم ملكية اقتصادية– فكرية -ثقافية منذ المشاعية البدائية: 167
2-هل الرأسمالية الغربية بتنوعاتها قميص جنون على نشوء وارتقاء غيرها؟ 168
ربما كان من المفيد ان نتفق-قدر الممكن-على: 168
4-رأس المال ما بعد الصناعي و البدائل الرهنية: 169
الفصل السادس 175
هل انهى موت الايديوليوجية و التاريخ الاستحواذ واستعلاء النظر من أعلى؟ 175
الخندقة بعناد مغيب ( بضم الميم وفتح الغاء) عن قدر يحيق به : 175
-حصار الثنائيات التنويرية وما بعد التنويرية للبدائل النظرية-المنهجية: 177
هل تغيرت الرأسمالية حقا أم نكصت الى تنويعه علي نفسها؟ 178
قدسية الاكاديميا الغربية الليبرالية والماركسيولوجية ومغبة الكفر بهما: 180
1-أتحاصر النظرية التآمرية الفكر والتنظيم ؟ 182
مجازفة التحدى بلا ضمان العاقبة. 182
2-تواجه الاختلافات الثنائية الازلى منهجيا: 188
هل تجارة الرقيق والعمل المقيد وظيفة التوسع الرأسمالي النظري التنظيمى افقيا و رأسيا؟ 191
هل تجارة الرقيق والعمل المقيد وظيفة التوسع الرأسمالي النظري التنظيمي افقيا ورأسيا؟ 194


تقديم
اسطورة تفوق الغرب و عربدة الرأسمالية
لم يتحدث ملوك انجلترا الانجليزية حتى موت فيكتوريا فى 1901 و لم تنشأ اللغة الانجليزية حتى عصر جيوفرى تشوسر Chauser Geoffrey حوالى 1343-1400 الذى ألف كتابا بالانجليزية العامية بعنوان حكايات كانتيربرى Canterbury Tales فى تسعينات القرن الرابع عشر1390s و لم تكن الانجليزية مكتوبة باى شكل حتى نهاية القرن الرابع عشر. و كان معظم ملوك انجلترا على الاقل اميّين حتى القرن الثانى عشر. و مع ذلك فقد جوّد الغرب قدرة ابداعية على قول اشد الاشياء لا منطقية كونها تمثل تناقضا صارخا مع الحقيقة الماثلة. فقد ادعى الغرب ان لا شئ قبله الا ما خلا اليونان و احتفظ لما عدى الاخيرة و ما عداه بمفهوم العصور المظلمة. و لا يملك الغرب تفسير ما وصل اليه من حضارة وهو الذى لا يملك سوى ثقافة النهب و السلب بما فى ذلك سلب و نهب حضارات من سبقوه و اختزل الحضارة الانسانية فى الحضارة الغربية. و لم تنفك تلك الحضارة ان اصبحت حضارة اعرابية استثنائية سبئية و قبالية- و قد باتت نحتكرها تباعا توليفة من الافانجليين الانجلوامريكان تحت راية المسيحية اليهودية Julio- Christianity ممن اسميهم فى بحث اخر اليسوعوقراط أى المسيحيين الصهاينة- خصما على الغرب نفسه.  
وبمقابل الهيمنة الفاجرة على تاريخ من عدى الغرب واليسوعوقراط و ترويعهم و ترهيبهم فان قليل من امعان النظر يسمح بالقول بان معظم العرب و المسلمين يغاضب الغرب الرأسمالي و ينطح الصخر فيما لا يزيد على عبارة عن محاولة محاججة التاريخ الغربى الماثل بالالحاح و حسب فيما تنفطر ارواح معظمنا لاننا لا نملك ابعد من الغضب المدمر, ذلك اننا لم نمفصل لنا برنامجا مكافئا. وبما أننا لم نصغ برنامجا مكافئا لما يحل بنا إذ اننا لم ننحت لغة ذلك البرنامج البديل فإنه لم يعد لنا حتى اطار نظرى او باراديجما ناهيك عن نظرية بديلة. و العكس صحيح فى دائرة جهنمية مغلقة. فحيث لم نتعين على مواجهة قاموس الاستحواذ بقاموس مكافئ فقد عز علينا بالنتيجة ابداع بديل لمشاريع الاستحواذ الباكرة و الماثلة و المحتملة بالضرورة. و لعل كل من يمعن النظر حريّ بان يستبصر أن تاريخ اوربا–الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها على الخصوص-يتمأسس فوق محض حادثتين كليهما مفبرك يحاول هذا البحث التعين بلا مبالغة على اثباتهما.
1- "اكتشاف" اليونان وادعاءه بصورة مطلقة و كاملة خصما على العرب و المسلمين. و كان اليونان مثلما كانت روما حصاد الشرق و قد شارف اليونان مستعمرة وادى نيلية مثلما كانت روما عبارة عن قرية من بيوت من الطين حتى استحوذت على قرجاح. و من المفبد تذكر ان اهم فلاسفة اليونان جاء من الشرق و من وادى النيل و من بابل و فارس و من اسيا الصغرى و الكبرى. فهيرودوت اهم مؤرخى اليونان و خصوم اليونان بالرورة و الغرب بالنتيجة -كان-آسيويّاً الا أنه اختار دور سلمان رشدى فقام باضطهاد نفسه بالذراية بثقافة عظيمة لحساب ثقافة اقل اصاله جراء الضغينة وشخصنة المواقف من الاحداث الكبرى. و كذا فيثاغورس وبارثاجراس وغيرهم كثر ممن سوف احاول الاشارة اليه وجيزا فى مكان اخر.
-كما أن ما يسمى ب "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" توحي وكأن العالم الجديد لم يكن مكتشفاً سلفا. وحتى يستقيم هذا السيناريو أفرغ العالم الجديد من سكانه الاصليين ليغدو أرضاً بلا سكان و بلا تاريخ ناهيك عن الاقرار بان سكانه كان لهم حضارة او حتى ثقافة. و قد نشأ مع ما يسمى ب"الاكتشافات الجعرافية الكبرى" سيناريو او اطار نظرى غيرى نظير لفكرة ارض الميعاد وبالتالى شعب الله المختار. و قد باتت كل ارض وطأتها بطون اقدام الغربيين حق مباحا لهم بما سمى " حق الفتح" The   ز   Right of Conquestو الارض ملكا لهم و سكانها اما امواتا او منصرين حتى الموت او-و عبيدا فى خدمة الغربيين مثل ابناء كنعان اللذين وعد يهوا  يهوا ابناء يافيث بان يجعل ابناء كنعان  خداما له.
على انه من المفيد تذكر ان الغرب و الغربيين لا يتفوهون بكل ذلك علانية الا فى ذلات لسان او كما يحدث ان يقع امثال جورج ووكربوش فى الخطأ غير المقصود او المقصود مثلما يلقى بحجر فى الظلام. ذلك ان اجندة ارض الميعاد و شعب الله المختار تدار تحت راية الرأسمالية التى يلاحظ الناس فى كل مكان علاقتها بالعمل الحى فى اعادة انتاج نويعات العبودية فى درجات المقياس بالالوان الطبيعية او باثمال بالية.   
المهم أنه مثلما كان التراث الذى "اكتشف" به اليونان و روما وادى نيليا و قرطاجيا فإن العلم و المال الذى "اكتشف" به العالم الجديد كان علم ومال الخلافات الاسلامية وبخاصة الاندلس. و حيث لم يتعلم الغرب ادعاء حصاد حضارات وثقافات من عداه  خصما على من عداه وحسب وانما نكرانهما على من عداه حتى تتيسير ابلسة غير الغربى فابادته. وقد راحت الرأسمالية بتنويعاتها تسلب فائض عمل من عداها و تجوعه وتضوره وتروعه نفسيا و ذهنيا و ماديا فيزعن للمهانة بل للعصف بجريرته و لون عينيه. وليس الترويع و التجويع و المهانة من سماة التراكمات العددية الشعبية ممن لا وجوه لهم و انما ايضا من سماة ما يسمى بالصفوة و النخبة و المثقفين العالم ثالثيين مثلما كان حظ نظائرهم الاوربيين الغربيين فى القرن الرابع الى الثامن عشر. يلاحظ ذلك اكثر ما يلاحظ فى غير الغربى ممن لم يخرج من قريته الا فى طريقه الى عاصمة غربية. ذلك ان الاخير يجد نفسه/ها و قد واجه ما يشارف عين اعصار فجوة ثقافية عارمة فى الغرب. و ما لم يتدارك امر نفسه فقد يستسلم لغواية تلك الثقافة الباهرة و عناصرها المادية ذات الالوان الطبيعيّة و اللامادية المخاتلة ذات اللغة الالقة بدورها مما يخطف لبه و يأخذ بتلابيبه بلا فكاك[1]. المهم، كانت المسيحية الغربية قد تماهت مع الرأسمالية منذ القرن السابع عشر و العكس صحيح، فقد غدت المسيحية الافانجلية  والرأسمالية صنوان وصولاً الى تماهى الرأسمالية ما بعد الصناعية و الافانجلية المتطرفة او المسيحية الصهيونية.
    
إعادة قراءة فئات الحصار التحليلية من اسفل:
يتعين هذا البحث على بضعة امور منها محاولة تسجيل و لو طرف من الفواحش التى ارتكبتها الحضارة الاوربية الغربية فى المجتمعات المهزومة ب"الاكتشافات" و "الفتح" و "التنوير" وغيرها من مفردات ما اعرفه بقاموس الاسحتواذ. كما يحاول التعين على استبصار ما قد يبدو بعضا من "المادة الخام" للاستحواذ المادي واللا مادي و قد تمثلا فى سردية تكاملت فوق خلفية احداث مساوقة فى اوربا الغربية-الانجلوساكسونية على الخصوص وصولا الى وريثتها الانجلو امريكية. و يحاول البحث مناقشة العنف الفعلى والتنظيمى الرأسمالي بتنويعاته وخاصة الانجلو ساكسونى ووريثه الانجلو -امريكى. و استخدم المادة الخام المذكورة تباعا فى محاولة فك مفصلة واعادة تعريف المفهومات المنهجية الرأسمالية فما بعد الرأسمالية. و اعرف الرأسمالية فى الحال وحيزا حتىتعريفها تباعا بانها نهاية ا لرأسمالية البرحوازية الوطنية فى كل مكان ونكوصا على عليها وعلى رموزها جميعا و ليس  ليس نشوءا عليها و كذا كافة المابعدويات كالجداثةو ما بعد الحداثة الخ كونها نكوص وتشويه لما سبقها.
و قياسا تستدعى محاولة فك مفصلة تلك المفاهيم المنهجية التعين على تأمل شرائح او طبقات فوق اخرى من تلك المفهومات فى السياق الزمكانى الغربى و غير الغربى-العربى و الاسلامى على الخصوص. واستخدم تلك المادة "الخام" مرارا لسبر غور فاستبصار حلقات حصار البدائل و قد بات اى بديل، ان وجد، رهينا. وازعم ان ارتهان البدائل على مر تاريخ المجتمعات المهزومة بالاستحواذ المادى و اللا مادى يتمثل بدوره و البنتيجة بوصفه وظيفة طبقة فوق طبقة من التدليس. و ازعم ان كل طبقة اتصلت بتحور Mutation تنويعات الاستحواذ المادى و اللا مادى على مدى اكثر من 5 قرون و الاحرى منذ الصليبيبات الشرقية على فلسطين و مصر الغربية على الاندلس والخلافة العثمانية و ما تنفك تعبر عن نفسها صراحة فى صليبية ما بعد رأسمالية تباعا.
هل الرأسمالية استثنائية ثقافية أم فيروس غرب أوربى؟
كانت اوربا الغربية قد تعرفت باكرا على التوسع فى امبراطوريات غيرها فادركت باكرا ان الثروة متناهية. وقد تمحورت تجربة الغرب الامبريالية على مفهوم الثورة والسلطة المتناهيان.لقد اقرت لله تعالى بقوة سلطة لا متناهية على العباد غير ان سلطة العرش، ثم السلطة الوضعية من بعدها، ما لبثت ان راحت تنافس الكنيسة والله فى السلطة على العباد-و ان ادعت تمثل الله تعالى على الارض-سوى ان مفهوم تمثل الله على الارض لم يكن يخضع لاعتبارات السلطة الاقطاعية الشرقية او/و الاسيوية التى اتصلت باعادة توزيع وتشارك الثروة و الالهة الخ.
وازعم ان الرأسمالية كنمط انتاج واعادة انتاج استثنائية ثقافة شمال غرب اوربية. و ازعم ايضا انها بدأت مع النهب و السلب وبه اكثر مما تمأسست على و نشأت عن الاقطاع الشمال غرب اوربى. و ان سفر تكوين الرأسمالية الشمال- غرب اوربية والجنوب-غرب اوربية نشأ مع الصليبية الثالثة والرابعة. وأن الصليبية الثالثة لم تكن حملة دينية فلم تكن لها صلة بالمسيحية سوى الاسم –مثلها كمثل الحرية المتينة و الصقر النبيل الخ-اذ كان الحماس الدينى قد فتر فكان الدافع قد نشأ عن اكتشاف الصليبيين ان المجتمعات الاسلامية كانت تفيض بثروات و ان المدن الاسلامية كانت عامرة بكنوز فيما كانت المجتمعات الاوربية متخلفة و قد افقرتها الحروب الاهلية و الدينية و حروب الوراثة والغزو والغزو المضاد على مر تاريخها الوثنى وحتى دخول المسيحية فى القرن السابع الميلادى فيما كانت المدن الاوربية قرى كبيرة و لم يكن عدد سكان لندن او باريس اكثر من بضعة الاف. فحتى وقوع حريق لندن الكبير والطاعون الاول والثانى كانت لندن عبارة عن مقر الحكومة الرسمى حيث قصر وستمنستر ولم يكن يسكنها مع ذلك سوى المفقرين وشذاذ افاق من الطبقات الدنيا وتجار ومضاربون ومغامرون ممن راح يؤلف البرجوزية الصغيرة تباعا بينما راح ما يسمى بالطبقات الوسيطة ثم الطبقات المتوسطة ينشأ تباعا بدوره. وكان رأس الكنيسة والملك والاعيان يعيشون خارجها تلك المدن. و قد بقيت باريس عبارة عن عدة قرى بعد الثورة الصناعية الفرنسية وكانت الاخيرة قد بدأت وازدهرت فى ليون و حواليها لوقت طويل وقد راحت الطبقات الوسيطة البازغة و المستثمرين فى صناعة النبيذ وفى التجارة فيه يسكنون الريف بعيدا عن القرى والمدن الصناعية. وكان الاقطاع الغربى بدوره قد تمأسس فى مراحله الفطيرة على نهب الامراء المسلح لبعضهم بعضا فيما كانوا يستلبون فائض انتاج الاقنان من ناحية وكانت حروب الامارات الاقطاعية الاوربية فيما بينها قد اتصلت حتى القرن التاسع عشر. و قد ورثت الكنيسة المسيحية الكاثوليكية ذهنية اكتناز الذهب والفضة واستلاب الثروات باسم الدين وراحت تستلب فائض انتاج المؤمنين باسم المسيح والتوبة والتكفير والغفران حتى راحت تبيع صكوك الغفران.
و قد سوغت المسيحية الخروج فى الغزوات والحروب التوسعية فى اوربا نفسها وفى الصليبيات المتعدة سواء فى بلاد المسلين- العرب-او فى اوربا نفسها ثم ما لبثت المسيحية ان وقفت وراء "الاكتشافات الجغرافية الكبرى". و كانت الكنيسة والعرش يتنافسان على الاستلاب فى الداخل والخارج الى ان قيّض للعروش هزيمة سلطة الكنسية والاستفراد بكل من السلطة فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر. هذا وان كانت الارستقراطية الاوربية الغربية تبدو وكأنها اسرة كبيرة من حكام الشعوب الاوربية الا ان العلاقات بين الارستقراطيين كانت علاقات براجماتية غايتها التحالفات والتحالفات المضادة ضد بعضهم بعضا عن طريق النسب والتصاهر وفيما بينهم مجتمعين على الشعوب الاوربية. وقد ترسب النهب والسلب من اجل المراكمة، ومن ثم توفر امكانات الحرب والتوسع فالثروة واحتكار جمع المال والتجارة او/و المضاربة، فى مسام جلد تشكيلات السلطة الاوربية ولم تتنقى منه حتى الان.
و لما انفصلت التجارة والاستحواذ على الفائض عن طريق التجارة بالربح والمضاربة، غدا التجار شريحة من شرائح السلطة بالمال حيث احتل المال مكان النسب والحسب Purse in place of birth أو/و بمصاهرة الارستقراطية التقليدية الكلاسيكية فالانقلاب عليها وتصفيتها الا ما خلا رواسب زخرفية بلا حول لا تزيد عن حفريات متحفية تجلب السواح،ملوك اوربا المعاصرين، فغدا بعض التجار والمغامرين، من امثال ولتر رالى وكريستوفر كولومبس وكابتين كوك و غيرهم فى قلب السلطة. ثم راح التجار والمضاربون  يحتكرون شرائح السلطة تباعا فوق رأس كافة الشرائح السلطوية فى كل مكان وقد تحول الساسة واعضاء البرلمان الى محترفين مدفوعى الاجر وخدام للسلطة المالية التجارية الاقتصادية فيما غدت الكنيسة بلا حول ولا قوة لها بدورها وراح الكتاب والمفكرون يضعون انفسهم فى خدمة الساسة وفى خدمة اسياد الساسة.
    
هل الاستعمار وظيفة مجتمعات مفقرة بالحروب تضيق باكتظاظ سكانها؟
كان تاريخ قيام الامارات والممالك الاوربية قد اتصل ببضعة اعتبارات اساسية وقد تمأسست هذه الامارات والممالك على، وراحت تصدر عن ما اعرفه بـ"العنف المؤسس" Institutionalised Violence و كان الاخير قد بقى عنفا فوقيا رسميا اكثر منه عنفاً شعبيّاً. و قد تمحور الاول وما برح يتمحور حول الصراع السلطوى والثروة فيما راحت الشرائح السلطوية الاوربية الغربية تسقط ذهنية العنف على ثورات العامة/الانتفاضات الشعبية فراحت تصفها بـ"الهوائية" المتذبذبة/التلقائية/غير المنظمة/و بالتماس على غيرها من ثورات وانتفاضات الشعوب المهزومة الشعبية، فيما راحت الشرائح السلطوية الاوربية الغربية/الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية من بعدها على الخصوص بوصف ان الاخيرة وظيفة صدفة تاريخية فى نشوء او نكوص الرأسمالية بتنويعاتها-و ما برحت تتمأسس على عمليات التشارك فى استلاب تشارك اقتسام فائض العلم الحى بـ:
-تجنيد الايدى العاملة على الارض فى الزراعة من اجل الطعام وضمان دخل شرائح السلطة/الدولة/الامارة/ الاقطاعية/المملكة/الكنيسة من الخراج والضرائب و فائض الانتاج من اجل التجارة فى المحاصيل.
-         توفير و تجنيد أعداد المقاتلين من اجل حروب التنافس على الالقاب والثورة والحروب التوسعية الداخلية والاوربية ثم الحروب التوسعية الخارجية فيما وراء البحار.
-         صناعة وتزويد المقاتلين نيابة عن مراكمي الثورة والسلطة بالسلاح عن طربق ضرائب الحرب و الاتاوات من التجار.
-         تشارك المغامرة مع التجار بارسال الاساطيل والجنود وراء المغارمين والقراصنة والمبشرين ورفع اعلام دولهم فوق الموانئ والاراضى التى استولوا عليها بالقوة او/و بالتحايل و الخديعة من شركات الهند الغربية الى "اكتشف منابع النيل" الى بناء خط السكك الحديدية من كايب تاون الى القاهرة الى "الاكتشافات الجغرافية الكبرى الى "اعادة فتح السودان" الخ.
مولت الملكة اليزابيث اولى حملة ووتر رالى الى العالم الجديد الذى عاد محملا بالثروات ولم يلبث ان راح يغازل الملكة ويكاد يخطف لبها لولا انها كانت قد "نذرت نفسها عروسا لانجلترا". و قد بلغ عائد الملكة اليزابيث الاولى 5000% من اصل ما استثمرته فى تمويل حملة القرصان وولتر رالى Walter Raleigh الى العالم الجديد فى شكل غنائم عينية من الفضة والذهب و الاحجار الكريمة إضافة إلى ما اتاها به من هدايا تقربا من العرش لغرض فى نفسه وقتها. و كان اهم واكبر المغامرين الاسبان قد ابحروا باسم الملك والكنسية. فقد كان كريستوفر كولومبس قد حصل على دعم و مباركة الملكة ايزابيلا و زوجها الملك فيرديناند بل زوداه بالسفن و العتاد بادعاء ان ما يقوم به كريستوفر كولومبوس حرى بان يؤلف ثوابا عند الله . و قد بنت ايزابيلا اضرحة ونصبا تذكارية وكنائس غير مسبوقة فى تنافس مع الاثار المعمارية الاندلسية فتكريس سلطة المملكة المسيحية آناً وتطلبا للحظوة لدى الله و استدعاءا لرضاه فبركته تعالى فى رفع المرض العضال عن فيرديناند آناً أخر.
  كانت اوامر الملك جورج الثالث التى اصدرها للكابتن جيس كوك -1728-1779-الذى إكتشف استراليا-فى نهاية القرن الثامن عشر!!!-وهو بسبيله الى جزر البهاما: " "عليك بحصر النبات و الحيوان والمعادن النفيسة وغير النفيسة و مصادر الماء و الارض و فوق كل شئ احصاء السكان. و عليك معاملة الاهالى بما يليق بوحشيتهم ولا يفوتنك ان تسخو فى اغداق الهدايا التافهة عليهم فتبهرهم حتى يتوفر لك تطويعهم. و لكن عليك بالحذر من ان تقع فى كمين يصنعه لك الاهالى. ان الاهالى دائما خبثاء فلا تقع فريسة اساليبهم البربرية[2]. ويتم القضاء على الاساس المادى لمجتمع وثقافة و تاريخ مدغشقر و تاريخ و مجتمع و ثقافة سكان جزيرة الساندويش اذن باسم الحضارة الانسانية و من اجل "تطوير" مدغشقر و جزيرة الساندويتش Sandwich Islands فى جزر الباهاما.
واجادل ان القضاء على التاريخ والثقافة ليس سوى وجه اخر لابادة شعب ما فان لم يكن بالسيف فبالعصف النفسى والروحى كما حدث و يحدث تباعا مع سكان استراليا الاصليين وسكان كندا الاصليين حيث ينتشر الادمان والميسر والامراض التناسلية بينهم فيما يروح التبطل والاعتماد على الكفالة الاجتماعية يأخذان بتلابيبهم فلا ينفكون يبيدون انفسهم بانفسهم بالانتحار والجريمة. وحيث يأخذ الايدز يحصد افريقيا جنوب الصحراء بحيث يتنبأ البعض بان مجتمعات بكاملها/بوتسوانا، قد تنقرض فى غضون سنوات،وتفرغ جنوب اقريقيا من فئات سكانية فى مجاميع الاعمار الاقتصادية المنتجة كعمال المناجم وغيرهم. ويعترف احد الكتاب بان ثمة من يصرح قائلاً "لأن ثمة اعداد زائدة منهم-الافارقة-فربما كان تلك هى طريقة الله فى معادلة الارقام There are too many of them it is God s way of keeping numbers".
و فى نفس الوقت يروج بيض فى تسمانيا وفى الولايات المتحدة و كندا يدعون اصولا ابوروجينية او "هندوامريكية" اصلية على سبيل المودة او-و الاحرى استباقا لصدور قانون استرجاع اراضى السكان الاصليين[3]. و قد غدت الحروب التوسعية والحروب من اجل انقاذ القدس من دنس الكفار و قبر المسيح و العذراء من ايدى المسلمين و نصرنة الاقوام المتبربرة من الوثنية انقاذا لارواحهم و باسم "قيم" الرجل الابيض و دفاعا عن الديمقراطية و ضد الفاشية وباسم العالم الحر وتحرير الكويت والحضارة و العدالة الامتناهية والصقر النبيل والعدالة المتينة الخ-باسم الشعوب الغربية بحيث راحت تلك الحروب تصور تباعا و كأنها دفاعا عن "الامن القومى" الغربى.
 
تنويعات على المراكمة الرأسمالية:
من المهم تذكر انه وإن كان واردا وضع الغرب، اوربا و الولايات المتحدة، فى سلة واحدة على امتداد مرحلة صعود الولايات المتحدة لزعامة العالم منذ نهاية الحرب العالمية الاولى او،  على الخصوص منذ مابين الحربين وحتى نهاية التسعينات من القرن العشرين، فإن ثمة عمليات متضمنة و كامنة يمكن بها:
1-التفريق بين الاطراف الاوربية نفسها. فالمانيا مثلا قد تقف فى مواجهة المراكمة الامريكية-ما بعد الرأسمالية حتى النخاع إذ أنها تؤلف ما يسمى "بيت اوربا الاقتصادى الساخن" كونها اقوى اقتصاد فى اوربا إلا ان المانيا تعود فتجد نفسها مرة اخرى مرتهنة باتفاقية اقتصادية بينها وبين الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر مما ييسر لرأس المال الامريكى والرساميل الضيفة على الولايات المتحدة شروط مزاتي للاستثمار فى المانيا
و قياسا تقف فرنسا بوصفها تمثل أقتصاداً مستقلاً لتاريخها بعد "اشتراكى" راسب عن الثورة الفرنسية مرة و كـ "ثقافة" تتقابل تاريخيا مع نظيرتها الانجلو ساسونية و الانجلو امركية بوراثة الاخيرة للاولى
-ان الاقتصاد البريطانى والذي كان الاسبق من غيره في التحول من البرجوازية الصناعية الى الرأسمالية ما بعد الصناعية-العولمة-الكوننة الخ  منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية-ان لم يكن منذ ما بين الحربين-فقد كان الاحرىبه –مع كل تجربته الامبريالية التاريخية الباكرة وعلاقةالحب والكره بين بريطانيا و الولايات المتحدة-بان يستبين طريقه عبر فخاخ الكوننة-الرأسمالية ما بعد الصناعية على الخصوص. فمع أن بريطانيا راحت تضع الاساس المادى وتنشئ البنى التحتية و الفوقية للرأسمالية ما بعدالصناعية اختيارا او-و ازعانا إلاّ انها كانت اول من راح يعود فيتراجع عن بعض تمثلات الاخيرة و لو داخل بريطانيا نفسها فيما لم تبرح رساميلها –الهاربة منذ نهاية السبعينات الى الولايات المتحدة-و شركاتها متعددة الجنسيات تتمأسس على شرط مراكمة الاخيرة فى الامتدادات و"الهوامش".
-ان اروبا و الولايات المتحدة قد تقفان من شعوبهما و من بعض شعوب الامتدادات مثل ما يقف ابوان افترقا عن ابنائهما يزاود كل منهما على طلب ود الابناء من خشية او-و تحييدا لسخط الابناء فانتفاضهم عليهما مما قد ينذر بعدم استقرار تجد الذهنية الغربية نفسها -و كانت قد صدقت مزاعمها و افتراءاتها و أبسلتها للانتفاضات الشعبية-فى فزع دائم منه فى درجات المقياس المدرج لتجربة كل منهما على مدى مئات السنين من تاريخ كل منهما سواء الرسمى أو المفبرك و خصوصياته الثقافية.
 
التواطؤ الدولى على شعوب العالم باسم شعوب العالم.
 
أثمة سبيل لمقاومة المظالم المعولمة؟
 
تقول مقدمة وثيقة الامم المتحدة نحن شعوب الامم المتحدة سوى انه كان من الواجب ان تقول الوثيقة نحن الدول المتحدة على شعوبنا قاطبة. و ربما كان افضل ما ترتب على فوضى انهيار ما سمى طويلا بالقانون الدولى-مما لم يزد على خروج على القوانين التى تحمى الدول قاطبة فى المقياس المدرج خصما على مصالح البشرية جمعاء-هو سقوط الاقنعة مرة واحدة والى الابد. لقد بقي البداهي ماثلا حتى خذق البداهي أعين العالم فراح العالم يجأر بان امريكا تذري بالمؤسسات الدولية و تتجاوز القانون الدولى. و قد راح النظر المتكاذب الغشاش يلح على تكريس واجهات مظهرية لما لا وجود له كالامم المتحدة مثلا التى لا تتحد سوى على شعوبها والقانون الدولى الذى هو ليس سوى خروج على القانون. فكيف خلقت الامم المتحدة مثلا فاقدة المصداقية اصلا و جسرا لتجاوز القانون الدولى؟ كانت الامم المتحدة مجعولة هيكليّاً لان تفشل فى ادنى اختبار ديمقراطى فيما يتصل بالقيام بمسئولياتها الدولية. فالامم المتحدة مسئولة عن مصالح شعوب العالم اجمع نظريا سوى انها تبقى عاجزة هيكليّاً ومعنويا عن القيام بهذه المسئولية. فان كان من مسئوليات الامم المتحدة التوسط بين الدول عندما تختلف مصالحها وتتدخل كلما تجاوزت دولة ما القيم المرعية فى معاملة رعاياها الا ان الدول الاعضاء لا تزيد على ادانة الدولة المتعدية فيما تخفف الوطأة فلا تجرؤ على ايقاع عقوبة على تلك الدولة بالمقابل. ذلك ان معظم الدول ضالعة فى ممارسات لا تمت للعدالة بشئ و لو على الاقل فيما يتصل بالتقصير فى الصرف على صحة وتعليم شعوبها فيما تنفق اموالا طائلة على السلاح. وترتيبا لا تفعل الدول الاعضاء فى الامم المتحدة شيئا للدفاع عن مصالح البشرية اذا تعارضت تلك المصالح ومصالح الدول الاعضاء. وتتواطأ معظم الدول مع امريكا على شعوب تلك الدول. لقد كانت امريكا تصدر عن فزعها المقيم من الشعوب عندما راحت تضع مصالح الدول التى تتشارك واياها التواطؤ فوق مصالح الشعوب.
و كانت الادارات الامريكية السابقة حصيفة تدرك ان عليها التستر على استلاب العالم اجمع سواء استلاب دول غنية او مفقرة اذ ارادت امريكا الحفاظ على هيمنتها على العالم. فقد كان واضحا ان ازعان الدول الغنية للهيمنة قبل و بعد الحرب العالمية الاولى وصولا الى ما بعد الحرب العالمية الثانية يتطلب قدرا من المساومات حول توزيع الثروة المستلبة و لو بصورة فارقة بين المتواطئين على عمليات الاستلاب العالمى. فقد راحت امريكا تؤسس نظاما سياسيا عالميا كان حريا بان يغوى الدول الاخرى بانها شريكة فى ذلك النظام و مشاريعه الاقتصادية. وقد كان من حق الدول الاوربية الغربية المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية وحليفها الاكبر الاتحاد السوفيتى أن تشارك في غنائم ما بعد الحرب و لو وجيزا. غير أن التفاوض الامريكى بشأن قيام الامم المتحدة كان بحيث يوفر لامريكا الحق فى تعطيل اى مشروع للامم المتحدة قد يتعارض والمصالح الامريكية ومصالح من يأكل فتات مائدة مصالح امريكا خصما على من لا تستحبه امريكا دولا و شعوبا.
 
تراتبات مادة البحث الاولية و الفصول:
يقع البحث فى جزئين يمكن اعتبار كل منهما مستقل بذاته كما يمكن قراءتهما معا. و تقع الفصول بوصف ان كل منها قد يقرأ منفصلا. و اقترح ان ثمة محاولة فى ترتيب الفصول منطقيا لعل المفهومات تتسلسل بدورها فى نوع من التراتب الجدلى. و ينقسم البحث الى ثلاثة اقسام يتناول الاول الخلفيات النظرية التاريخية الاقتصادية السياسية للديمقراطية الليبرالية- ربما الماركسية-بتنويعاتها المفهوماتية المجردة و الاجرائية و المفهومات المتعالقة معها فى سياق الامبرياليات الاربع من "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" "حتى الرأسمالية الصناعية-العولمة و ما بعدها :الكوننة. و تواصل المجادلة التفريق تاريخيا و نظريا ومنهجيا بين العولمة الامبراطورية الثالثة والكوننة الامبريالية الرابعة فى القسم الاول. و فيما اعرف الكوننة تباعا تعرف هذه المجادلة العولمة بعشية انحصار هيمنة البرجوزاية الصناعية ورأس الصناعى الخاص ورأس المال الوطنى الخاص ومشروعيهما القوميين-"التنويريين" Enlightenment-based فيما بين الربع الاخير من القرن التاسع عشر لحساب الكوننة-الامركة-الكوكلة-المكدنة-مشروع القرن الامريكي الجديد منذ عشية الحرب العالمية الاولى او غب الثلاثينات من القرن العشرين على اقسى تقدير.
 
جمر التعلق بعشم يبدو بائرا :
تحاول هذه الدراسة عقد قياسات بين تنويعات الرأسمالية واستبصار تنويعات الاستحواذ المتصل استعصاءا على غواية مطارحة ما كان العهد قد طال به غزلا. واذ قد " تقترف" هذه المجادلة ما قد لا يقترفه سوى الخرقاء ممن قد يغويهم الدرب غير المطروق ان واجههم خيار بين دربي غابة الواقع و فلصفته-من الفالصو- بدهاء غير مسبوق. و لربما تبدت فداحة التعلق بالعشم-فى بيداء كل شئ -هاجسا بائرا تتفاقم معدلات بواره تباعا وربما بات ذلك الهاجس باهظا. لذلك كله ورغمه لا معدي من قول ما أجدنى معنيه بقوله والله غالب مرة اخرى !! فلم يعد ثمة ما قد تسلبنا إياه الكوننة وقد غدونا كمثل شواهد القبور لا تشبه ولا يشبها شئ او أحد–في زمان-كئيب و بيداء عزلة وشتات وغربة في غربة-قد يبدو معه الجنون هو الاستجابة "المعقولة" الوحيدة ازاء وضع الاشياء الراهن. و قد غدا و بقي بعضنا فى ذلك يجمع دالات الامل و العشم فى التغيير كمثل ما تجمع نملة قوت شتاء لم يسبقة صيف يذكر.
و رغم او بسبب غربة- فى "الغرب" ما يربو على ربع قرن- و اغتراب اكاديمى ومكانى وغيره لم يكن التوحد العميق والغربة فى غربة الشتات والفكر والتيتم الذى احله انقضاء مرحلة من مراحل التجريب و الخطأ فى التطبيق الاشتراكي تبحث هذه الدراسة كغيرها "عن الحقيقية و لا تسأل عن الوعاء الذى قد تؤتى عنه الحقيقة". على ان الفكر والعمل حريان-رغم افتقارهما احيانا الى رفاقية متصلة باليقين-يقيضان كوة على كل من منهج و مفردات تخص الواقع العربى. واجادل ان ربما قيضت الغربة والشتات ادراكاً أعمق بان واقع العوالم المهزومة بالرأسماليات المذكورة وبخاصة واقع العوالم العربية والاسلامية كان قد حشر لزمان طويل فى مناهج بحث وفى مفهومات لا تخصه. فقد صودرت نوافد الابداع الفكرى العربى والاسلامى فى تلك المناهج فلم يقيض للفكر العربى والاسلامى حتى تعريف تلك المفهومات اجرائيا. و كان الواقع العربى بهذا الوصف حريا بان يتبدى منه ما تمثل طويلا فى حصار عام وخاص وحسب فلم يزد على التعبير عن الاحباط العام والخاص فوصم بالعنف باكرا.
و اذ تمثلت الكوننة فاتصلت-منذ ما بين الحربين على الاقل فى ثورة مضادة -معلنة وخفية-متسترة- كالعادة- خلف معميات مسميات ملغمة-و عنف فعلي و رمزي-حتى اذا كان عنفا "اليكترونيا"- غير مسبوق –فقد لا يقابل ذلك العنف سوى عنف مكافئ. و ترتيبا فربما تخاطر هذه الدراسة بقول ما قد يثير الجدل. و لا معدي من قول ما أجدني معنيه بقوله. فلم يعد ثمة ما قد تسلبنا إياه الدنيا و قد غدونا كمثل شواهد القبور لا نشبه ولا يشبهنا شئ او أحد –في زمان -كئيب و بيداء عزلة و شتات و غربة في غربة- قد يبدو معها الجنون هو الاستجابة "المعقولة" الوحيدة ازاء وضع الاشياء الراهن. و تكونن الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة-مثلها مثل نهايات "الحضارات"-الثقافات-المتسيّدة ماعداها بعنف-الافقار والغنى بالمراكمة العنيفة على نحو غير مسبوق. و ترتيبا فقد تستدعى الكوننة بالاستقطاب لحظة قادمة لا محالة-بمحض استلاب اغلبيات منتجي الثروة فى كل مكان-فى مواجهة الكوننة بعنف غير مسبوق حتى ولو على صعيد رفض التخلف النظري والتنظيمى. فلعل هذه اللحظة فى الزمان تغدو اللحظة التى قد تسبق المستقبل مباشرة.
وفي حين أنني احاول استقراء ما قد يراه البعض مشارفا لعشم غيبي-اجادل انه ان كانت هذه المرحلة-من نشوء او نكوص الراسمالية-قد لا تؤلف اكثر من جملة اعتراضية فى تاريخ البشرية فعلى تلك اللحظة تجاوز الانتقائية. وقد مفصل تاريخ البشرية-اللاحق لما يسمى ب "الاكشافات الجغرافية الكبرى" الامبرياية الاولى وما يسمى ب " التنوير"-الامبريالية الثانية-فمثلج تاريخ اوربا الغربية و الرأسمالية الصناعية-الكوننة-الامبريالية الرابعة-فقد اجتزأت تلك المفصلة ثلاثة ارباع تاريخ البشرية. و قد تجاوزت تلك العمليات كل ما هو متشابه ومتبادل الاعتماد الى كل ما هو مختلف و غير متشابه و مستقطب فى ثنائيات تنويرية باسم يوتوبيا صناعية بتكريس العنف و الصراع والتنافس.
فقد راحت الرأسمالية ما بعد الصناعية- الكوننة-المكدنة-الكوكلة-الدزننة-تصدر عن يوتوبيا ثورة معلوماتية تكنولوجية ديجيتالية فلا تزيد الكوننة بدورها عن تكريس ثنائيات ما بعد تنويرية اعرفها تباعا بوصفها ليست اقل و لا اكثر من عنصرية عرقية فاشية لم تزد سوى ان استبدلت العرق والنوع بالذكاء. و لقد بات الاصدار عن "معرفة" و "علم" قد لا يزيد عن "معرفة" وعلم اصوليين-"دكتاتوريين" يدفع للتساؤل عن جدوى مجادلة علم و معرفة بهذا الوصف. كيف لا نصف واقعنا بصورة " علمية" الا اذا اصدرنا عما يقوله اخر غريم تاريخي-ثقافي-ناهيك عن خصومته السياسية الاقتصادية-مغرض موضوعيا-بلا مراجعة لما يقول ذلك الاخر منذ الرحالة الى ما بعد الداروينيين Post-Darwinist؟
 
مغبة طرح اسئلة تشارف الخطيئة المميتة:
مع أني ادرك ان اسئلة كتلك التى يطرحها البحث قمينه بان توصم بجحود "تراث الانسانية"-البيضاء الغربية بالضرورة-فالرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية-الا اننى ازعم انه اذ تقصي انتقائية البشرية الرأسمالية ما عداها خارج الانسانية-البشرية-لا تترك خيارا سوى مجادلتها. و كانت الكاثوليكية تتطلب الايمان بلا مجادلة فتتعقب الملحدين و الكافرين بالالحاح عليهم او-و تعاقبهم بجريمة الكفر او تنصر الوثنيين قصرا فقد كانت البشرية حرية بان تستقطب بين مسيحيين و ملحدين او-و وثنيين-يسهل اقصاءهم خارج حظيرة الايمان والبشرية قاطبة. وان راحت أوربا الغربية تجأر ب”العقلانية” التى غدت نقيض الايمان والعاطفة تقلصت البشرية مرة اخرى اذ حشرت فى سواسية عقلانية تقصي كل ما لا تراه عقلانى او عاطفى. و قد راحت الرأسمالية تنادى بديمقراطية-انتقائية-و بالتحضر و الحداثة انكمشت البشرية مرة ثالثة فغدت قاصرة على الديمقراطيين اذ ابعد كل ماعدا الاخيرين انتقائيا أو-و صوغت عمليات دقرطتهم بالقوة و "تحديثهم" خصما على خصوصياتهم الثقافية والتاريخية فى نفاق و وصولية سياسة[4].
و قد منحت الرأسمالية ما بعد الصناعية نفسها فاحتكرت الحق فى تجاوز اللامساسات و المحاذير والمفهومات الاخلاقية و المعنوية و كل عرف او قانون او انذار Caveat يحوط تلك اللامساسات ومصادرة منظومات قيم و اخلاق من عداها. فما ان ادعت الراسمالية ما بعد الصناعية سيادة الحضارة حتى راحت تبشر بالتحضير والتحديث و الدمقرطة و تمكين المرأة فقد غدا كل من صنفتهم الرأسمالية ما بعد الصناعية فابعدتهم خارج حظيرة المتحضرين ما بعد الحداثيين بربري ارهابي خليق بمحاور شر على الحضارة. و مع تقلص البشرية تقلصت الارض الصالحة للحياة فقد صار اكثر من نصف البشرية الحقيقية زائدا عن الحاجة خليقا بالابادة والتنكيل بالحروب الى الاوبئة الى المجاعات والتصحر. و قد باتت جريرة او طائلة ادعاء- تطاول غير "علمى"-بمعنى الاصدار عن معرفة لا تصدر اقتهارا عن "جسم معرفى" رأسمالى يدعى انتقائيا نسبا انسانوياً-جزاء من يتجاسرعلى مساءلة ذلك الجسم المعرفى الانتقائى "الانسانوي". ذلك ان الاصدار عما يخالف ذلك الجسم المعرفى الانتقائى بات باكرا فى غياب المجادلة يشارف مجازفة مهلكة. ألا يرقى الاحجام عن طرح الاشكالية-من خشية-التورط المتواطئ-فى صمت طال-الى الخيانة؟
كان سفر تكوين هذه الانتقائية ان تقسيم العمل الفكرى التنظيمى الرأسمالى قد اوكل للمفكرين والمثقفين تصنيف الواقع ب"حدية" متجردة كشرط ل "الموضوعية" فامتلك المفكرون والمثقفون نقاء المهنية Professionalist Puritanism. و بالمقابل احتكر الساسة نيابة عن الحكام خطاب واجندة التغيير فغدا المفكرون والمثقفون رهناء الخطاب السياسى. و قد غدا المفكرون والمثقفون رهناء الخطاب السياسى على مشارف الخروج على "موضوعية" المهنة لاجتراح حيدة التجرد التجديف "النظرى" مما يوقع تحت طائلة تهمة النظرية التآمرية؟ وقد يصاب معظمنا بالزعر من الوقوع تحت طائلة تهمة النظرية التآمرية يبقى معظمنا رهين خطاب معنى بتخلف و تكريس و بربرة واقعنا جميعا. وأجد صعوبة فى فهم انزعاج متهم بالقتل فى أن يوصف بقلة الادب؟ أم ان قلة الادب ترقى الى الى التجديف؟
اصبح اطلاق نعوت-سالبة-تجريمية –او/و تهم بحق من يختلف على سياسات الكوننة فى العالم الاول نفسه دارجا-وقد سيق معظمنا للانضباط فى الاتفاق-بلا تحفظ-كما الشياه, وقد غدت وصمة تهمة "التمرد" على او عصيان ممارسات الكوننة فى العالم الاول أو/و "العداء للتحديث والتقدم" فى العوالم الثالثة والرابعة جاهزة مسبقاً ومسلطة. وأجادل-بثمن خيارات باهظة-ان اعتاق الفكر والتنظيم وكانا كتفا فى قميص جنون القول المؤسسى-المقتهر لقوة ومال المؤسسة-السياسية-الاقتصادية-العسكرية-الاكاديمية-بضرورة ونتيجة تماس حتموي-لا يعتق العوالم الثالثة والرابعة المحاصرة المستحوذ على خالص فائضها وحدها. والسؤال فيما يتعلّق بما اذا بقيت "مبادئ نظريات التنمية"-الرأسمالية الصناعية-الامبريالية الثالثة والرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة مرادفاً لـ"التنوير" الكلاسيكي للامبريالية الثانية او-و مخاتلة ما بعد تنويرية؟[5] وكانت "مبادئ نظريات التنمية" الرأسمالية الامبريالية بتنويعاتها التى تدرس اليوم قد كرست مرادفات ومتضمنات مفهومات "التنوير" الامبريالية الثانية فابقت عليها.
و قد قمت بتدريس مبادئ نظريات التنمية Principles of Development Theory كمادة اساسية فى مركز دراسات التنمية الذى تموله وكالات العون المالي الكبرى كالبنك الدولى وامثاله بجامعة ويلز وغيرها بسخاء. و لم يقيض طوال فترة تدريس تلك المادة توفر مراجع او مرجعيات "من اسفل" ان صح القول، اى من وجهة نظر المخضعين لـ"التنمية" حول تلك النظريات او مبادئها-فيما بقيت اعداد المنظرين العالم "ثالثيين" و"رابعيين" اندر من حبات ماء فى غربال الاستبداد النظرى-التسييد او التمركز الاكاديمي بالارهاب الاكاديمي والمهني. ان كان ذلك هو طبع المؤسسة الاكاديمية الغربية-الرأسمالية بالضرورة فهل هناك ثمة معدي من اختراق حجب النظر المؤسسى الاكاديمى بالوصف اعلاه لصالح بديل يرى الى وجهة نظر مكافئة مقابلة لا يستقيم دونها التعرف على واقع مستقطب دون فكاك فى مسلمات حرية بان تنغلق دون التعرف عليه؟
ان راح الانضباط حتى الجنون فى صف الاكاديميات الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية الام-بشرطيات الكوننة-حديديا فقد بات الانضباط المذكور يشارف الضبط والربط "الايديولوجيين" العسكرين-ان صح التعبير بغض النظر وفى عين الديمقراطية والتعددية الحزبية بدأً بحقوق الانسان على نحو خاص. ألم يئن اوان مجادلة كيف تأتى وما برح يتأتى ان تبقى معرفة تحتكر الحقيقة باستدعاء "حبرية بابوبة"Pontificate -بمحض سيطرة لا تقبل جدلا او مراجعة او محاسبة-معرفة موضوعية-"علمية؟ واجادل ان "معرفة" كهذه و"علم" كهذا قد لايزيد عن "معرفة" وعلم اصوليين-"دكتاتوريين". اذاً كيف يتعين علينا الا نصف واقعنا بصورة "علمية" الا اذا صدرنا عما يستدعيه "آخر" غريم تاريخى-ثقافى- ناهيك عن خصومته السياسية الاقتصادية-مغرض موضوعيا- بشأننا بلا مراجعة لما يقوله ذلك الآخر منذ الرحالة الى ما بعد الداروينيين Post-Darwinist؟
و ادرك ان اسئلة كتلك التى يطرحها البحث قمينه بان تصم المتسائل بجريرة جحود "تراث الانسانية"-الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية –الانجلو امريكية. وأجادل ان انتقائية البشرية الرأسمالية-اذ تقصي ما عداها خارج الانسانية-البشرية-لا تترك خيارا سوى المساءلة. كيف-و قد احتكرت الرأسمالية بتنويعاتها العلم وحدها- يتوقع مقاومة الاصدارعن علم الرأسمالية وحده تحت جريرة او طائلة التجاسر على من يتجاوز ذلك "العلم" فالتجديف؟ لماذا يشارف ذلك التجاوز مخاطرة مهلكة؟ الا يرقى الاحجام عن طرح الاشكالية-من خشية-الى تورط متواطئ فى صمت طال؟ وأجادل بثمن خيارات باهظة ان تكتيف الفكر والتنظيم واعتقالهما لا يخضع العوالم الثالثة و الرابعة المحاصرة المستحوذ على خالص فائضها وحدها. ذلك ان قميص جنون القول المؤسسي المقتهر لقوة وسيطرة المؤسسة-السياسية-الاقتصادية- العسكرية-الاكاديمية تستلب بضرورة ونتيجة تماس حتموى العوالم الثالثة والرابعة و العصر حجرية بتكاذب النظريات والبراديجمات على الواقع فلا تنتج المعاهد و الجامعات الغربية تنويعات الاكاديميين والمفسدين علميا بتيسير الحصول على درجات لمن لا يستحقونها او-و بيعها وحسب وانما يعاد انتاج الكفاف المنهجى والانينيو النظرى فالتخلف فى التخلف وانما تتم غواية الموهوبين والمبدعين من طلاب الدرجات العلمية فى الغرب لابقائهم فى الغرب فحرمان اوطانهم من مواهبهم وابداعاتهم فى تنويعة على الاستحواذ على خالص وفائض عمل المهزومين فى كل مكان. فاذ استقطب حصار بالوصف اعلاه مجمل الحياة السياسية والثقافية والاكاديمية-الفكرية-فى ثنائيات لا فكاك منها ولا خيار لا يزيد المتوفر من "الخيار" او المعدوم بالاحرى على الازعان للابتزاز والارهاب. ذلك ان تراوح الخيار بين ابيض واسود يتغافل الوان طيف الواقع وتنويعاته فلا يترك سوى ما ليس دونه سوى مجاسفة التحدى بلا ضمان العاقبة. واذ ينشد كل منا ويسعى الى القبول-المصادقة-التصديق فكل ما يرومه القائل او الراوى ان يهز مستمعوه او قراؤه رؤوسهم موافقة-تفهما-فهما لما يقول ويردد كساقية بلا ماء فكأن المطلوب اعادة انتاج المعروف المتفق عليه فى كل مرة كساقية بلا ماء.
و قد بات على بعض الكتاب العرب-فى غياب و تغييب البدائل النظرية والتنظيمية-اعادة انتاج ما كان قد غدا بائرا منذ ستينات القرن العشرين او-و اقتباس المتوفر فى سوق الافكار و المبادئ الرأسمالية بمغبة عسر الهضم النظرى والمنهجى. وما ينفك بعض الكتاب يكرر على السامع او القارئ ما يعرف السامع او القارئ سلفا او ما يمكن أن يتعرف عليه بلا جهد–بدون دخول في وعر الكلام او الخروج عن مألوف القول او الفكر من اجل الفهم والتفاهم. فكفى المؤمنين شر امعان النظر. ورغم أن الثورة التكنولوجية وفرت للعرب و نظائرهم فضاءات البث المرئي على نحو غير مسبوق وقيض الشتات تجاوز محاذير ومساسات الرقابة والتعقب إلاّ ان التعامل مع تلك التسهيلات الرهيبة قصر عن ابتكار اشكال التعامل مع تلك التسهيلات بصورة اوقع و اكثر تأثيرا.
واجادل ان كل من الكبت الطويل وحرقة الرغبة فى قول ما اغلق الباب فى وجه قوله ربما تدفع البعض الى ادمان التوفر على تكرار واعادة ما يعرفه الكل فـ"تناغم" الكل فى جوقة يوافق فيها الكل الكل بلا زيادة. و تقاس بعض برامج الفضائيات العربية بعدد مكالمات المشاهدين لمقدم وضيوف الحلقة التلفزيونية فيضمن الاول اتصال رزقه ويحظى الاخيرون بما هو اقل من شعبية اكروبات السيرك القروى. وغالبا ما لا يزيد المشاهدين محترفي الاتصال الهاتقى بالبرامج المذكورة عن متخصصين يتعينون على الاتصال فى كل مرة وبغض النظر عن موضوع الحوار ليسمعوا مقرراتهم المدرسية او-و يشنفون اذانهم هم انفسهم بسماع اصواتهم هم انفسهم و غالبا ما يعدون خطبا مسبقة تتعين على ارهاب ضيوف البرامج احيانا.
وقد لا يتغير ما يرغب معظمهم فى قوله فى كل مرة ترغب "وجهات نظر" بعض المشاهدين و المشاهدات عن سماع ما يقوله الضيوف. و لعل المشاهدون والمشاهدات لا يرغبون فى سماع ما يقوله ضيوف البرامج التليفيزيونية اصلا فكل ما يرغبوه هو مساع اصواتهم هم فى برامج اسئلة وتعليقات المشاهدين. و يبدع بعض المشاهدين فى تحويل النقاش الى قضاياهم التى تخصهم هم بآراء مسبقة ناجزة منتهية فى كل مرة, فلا يحاور بعضهم الا قليلا فيغدو الحوار مساجلة بين الطرشان. و قد يحتاج الاتصال ببعض الفضائيات لتسهيلات الاتصال العالمي لخطوط الهواتف الخاصة التى قد لا يملكها كافة المشاهدين, وحتى اللذين يمتلكون هواتفا بتسهيلات عالمية قد لا يملكون قدرة مادية على تكبد ثمن المكالمة. فلا يجتزأ حوار المشاهدين وضيوف البرنامج فى كل مرة فى جماعات تملك هواتف موصلة بخطوط دولية و انما بجماعت مقتدرة. وغالبا ما لا تزيد تلك الجماعات عن ان تكون افراداً باجندة مسبقة متنهية جاهزة ناجزة.
وقد تجتزأ "استجابات المشاهدين" فى تلك الجماعات فتبدو تلك الجماعات وكأنها تمثل وتعبر عن "الرأى العام العربى" او قد يدعى ان تلك الاستجابات تعبر عن "الشارع العربى". و فيما يبقى الامر ملتبسا سواء بالغفلة او-و بالاستسهال تستقطب تلك الجماعات من عداها ويغييب الشارع العربى. و قد يكون مفيدا الانتباه الى ان الشارع العربى بات مؤلفا من اغلبية تملك تليفيزيونات وهواتف بتسهيلات الاتصال العالمى. على ان اخطر ما يحدث هو ان كل برناج يغدو مثل اى برنامج اخر. و فيما تفرض الخطب السياسية وتصريحات تبرئة الزمة نفسها على بعض برامج القنوات الفضائية السياسية يجف التحليل السياسى وتقل الاضافات وتتحول المساجلات الى تبادل ما يعرفه المشاهدون والضيوف فلا تزيد المقابلات التليفيزيونية على تكرار واعادة تكرار الحوار حتى درجة الملل. فان شاهدت برنامجا مرة فقد شاهدت معظم البرامج.
و اخيرا وفى ختام هذا التمهيد ارجو ان اقترح ان ابواب وبعض المحاور الفرعية لهذه الدراسة-كمثل التعريفات الاجرائية لبعض المفردات والمسلمات-قد يصح أن تقرأ بحد ذاتها. اى يمكن قراءة المفهومات و كأنها تعريفات اجرائية Operationalized definitions of concepts قائمة بذاتها الا انها قد لا تستقيم دائما خارج سياق الفصول الثلاثة الاولى كما يمكن قراءة الفصول كما لو كانت مستقلة. فقد حاولت قدر المستطاع جعل الفصول تقرأ فى معظم الاحيان مستقلة بدرجة ما عن بعضها البعض. وفيما يحاول البحث التوفرعلى تحليل الظواهر التى يسعى لمجادلتها فى السياق فان من الممكن ايضا قراءة بعض فقرات البحث قائمة بذاتها وكأنها تعريفات اجرائية لمفهومات ومسلمات او فئات تحليلية ذات خصوصية ثقافية-سياقية-تاريخية contextual Cultural and historical categories of analysis. هذا و قد وضعت مرادفات اجنبية كلما لزم الامر وذلك من اجل تيسير التعرف على المفردات الاجنبية ونحت بعض آخر تحديا لآحابيل الكتمان وقد انغلق بعضها على نفسه كحافة سكين مسنون shut up on itself like a knife.
مغالبة الاحداث المعاصرة و وعورة البحث:
ان كانت "تنمية" العالم رأسماليا-بالوصف اعلاه و تباعا-تثير اسئلة مما قد لا يملك البحث الاجابة عليه كافة فإنه ربما كان واردا محاولة التعرف على بعضها وتعريفه. وقد لا يضير طرح اسـئلة جديدة ولوعلى سبيل فتح كوى على مجادلة ما قد لا يملك بحثا منفردا التوفرعليه مؤكدا. وفى محاولة الدراسة تحليل حصار الكوننة فكريا و تنظيميا-واقتصاديا بالطبع-للتشكيلات الاقتصادية الاجتماعية وتنظيماتها وامكانات او-و تغييب شروط نشوء مواجهه الكوننة بالمعارضة المنظمة واكثر بالمعارضة الشعبية المسماة غير منظمة العفوية فى تعالق تلك الظواهر وغيرها بصورة متصلة ومتعاصرة تصل الدراسة ما امكن من جملة الظواهر التى يعتقد انها تتناسب طرديا ومحصلاتها فيما يسمى بالدراسة متعددة المناهج. ولعل الظواهر الاقتصادية الاجتماعية مما يتعين مقارنته وتحليله عبر كل من معايشة مشاركة واعتراك ما لم يكن يخلو من مشاق فلم يكن معدي من التأمل والبحث واعطاء الظواهر مسميات اكثر قابلية للطواعية المنهجية و اقل انغلاقا.
 وان احاول تجريد حقائق الحصار العام و الخاص- بغاية مفصلة "قاموس" بديل مكافئ لقاموس الحصار و الاستحواذ التاريخيين فقد تبدى هذه المجادلة ما قد يبدو "انجراح" غاضب. و قد كان الانجراح ذاتى ربما فان الغضب تاريخي يستهدف كل من و ما كان قد جوع الفكر والتنظيم حتى الانيما الى ان تضور الفكر والنظر والتنظيم او كاد احيانا كثيرة. واذ ينشد كل منا و يسعى الى القبول-المصادقة-التصديق فان كل ما يرومه القائل او الراوى ان يهز مستمعوه او قراؤه رؤوسهم موافقة-تفهما-فهما: كأن المطلوب اعادة انتاج المعروف المتفق عليه فى كل مرة كساقية بلا ماء.: ان يقول الكاتب و يكرر على السامع او القارئ ما يعرف السامع او القارئ سلفا او ما يمكن أن يتعرف عليه بلا جهد–بدون دخول في وعر الكلام او الخروج عن مألوف القول او الفكر فى محاولة الفهم و التفاهم و كفى المؤمنين شر القتال الفكرى. و قد قد تقذف مجادلة الاكاديميا الغربية-الرأسمالية بتنويعاتها ومناهج بحثها ليبرالية-ما بعد ليبرالية-ماركسيولوجية-و محاولة الانعتاق من محاصرتها لما عداها-الى دائرة الكفران فقد تشتكل المجادلة بوصفها معادية للغرب اطلاقا.
و ليكن فان اجادل تباعا و فى الفصلين الاخيرين-استقراءا-ما قد يراه البعض مشارفا لعشم غيبي فقد لا تؤلف  هذه المرحلة من نشوء او نكوص الراسمالية اكثر من جملة اعتراضية فى تاريخ بشرية يتعين عليها الا تكون انتقائية. ذلك ان الكوننة تتمثل و كأنها ثورة مضادة -معلنة وخفية-متسترة-كالعادة-خلف معميات مسميات ملغمة-و عنف فعلى و رمزى متصل, و قد لا يكافئ عنف الكوننة سوى عنف مماثل. و قد حاولت التوفر على مرادفات أجنبية كلما لزم تيسيرا للتعرف على المفردات الاجنبية. ورغم أن معظم الحقائق الواردة فى بعض اجزاء هذه الدراسة و بخاصة المعاصرة منها مما تتوفر عليه اجهزة الاعلام و الانترنيت و غيرها من ادوات الاتصال المعاصرة الا ان هذه الدراسة تصدر بنفس القدر عن المصدرات و الكتب و المراجع. ولما كان بعض الكتب والمصدارت قد يغدو قابلا للبوار لحظة صدوره نتيجة لسرعة الاحداث فان بعض الحقائق الواردة فى المراجع و الكتب يتم تحقيقها ومضاهاتها ب "التطورات" او التحولات التى تطرأ عليها تباعا و بقدر الامكان.
و يحاول جسم النص التوفر قدر الامكان على تفكيك فاعادة مفصلة ونحت بعض مفردات بديلة يرجى ان تكون اقل تمركزا ثقافيا فأكثر جدلية-تؤلف الهوامش و الشرح على المتون مادة خام فى حقائق واحداث وارقام وتواريخ وامثلة. فبقدر ما توفر حقائق واحداث موضوعية-ما امكن-ادلة على الحصار والاستحواذ فقد يقيض الاصطلاح علي فتجريد المادة الخام ما مكن الاصطلاح "من اسفل" على ملامح الواقع العربى- بتركبيبته وخصوصياته. و ربما قيض ذلك منهجية مكافئة لقاموس الحصار والاستحواذ الغربيين التاريخيين بوصفهما وظيفة فحش الرأسمالية بتويعاتها والرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة-الامبريالية الرابعة على الخصوص. و يتوفر القسم الاول على التعرف على السياقات العامة والتاريخية وتعربف المفهومات المحورية فيحاول ايضا نحت مفهومات جديدة كلما ضاقت المفهومات بالظواهر التى يتم تحليلها. من ذلك "الاكتشافات الجغرافية الكبرى و"التنوير" "التنمية" و "النمو" و"اللحاق" والديمقراطية الليبرالية و ما بعد الليبراليةPost-Liberal  و تنويعات الاخيرة والمفهومات المتعالقة معهما كمفهوم الطبقة فى حد ذاتها Class-in-itself والدولة والمجتمع المدنى والمنظمات المسماة غير حكومية الخ-و ذلك من قلب ما غدا دارجا -منذ السبيعنات حتى نهاية الثمانينات او منتصف التسعينات، على الخصوص "الاصطلاح" عليه دون تعريفه كال "ما بعدويات"  Postisms أو Neoisms مما يستغلق بطبعه و يرفض التعريف تقصدا.
واذ تبدو هذه المابعدويات-الحداثوية والثانئيات التنويرية عديمة المعنى-مسلمات ضارة بالاحرى بكل من النظر والتنظيم منتهية ترهب "ما بعد التقليدية"-نظيرتها او-و رد فعلها بدورها و ترهب كلاهما البدائل. واذ يعنى البحث -فيما يعنى، و ربما فى اهم ما حاول التوفر عليه، استبصار التنويعات على كافة الحان أو أنغام التشكيلات السابقة على الرأسمالية من الاسراتية Dynastic -الخراجية Tributary الى التقليدية- الحديثة الى ما بعد الحداثوية -ما بعد التقليدية فقد تقيض التنويعات والقياسات تجاوز الثنائيات-التنويريةُ Enlightenment Dichotomies- الانتقائية Selective الاجتزائبة Reductive الحتموية Determinist المنغلقة على نفسها close-ended الناجزة المنتهية Fixed. وقد تستوى الثتائيات المذكورة فى تنويعاتها المستقطبة ليبراليا و نظيرتها ما بعد الليبرالية Post- Post-Liberalو احيانا الماركسويولوجية Marxiologist تفريقا للاخيرة عن الماركسية-اذ تتجاوزان او-و تتغافلان عن الوان طيف الواقع. و اجادل ان ما بين الحديث و التقليدى كان متصلا حتى نشؤ ظاهرة ما بعد الحداثة غير المعرفة.
فما قد يشار اليه بالحديث قد يكون تقلديا محدثا او تنويعاً على التقليدي. و يجأر ما بعد الحداثيون بالحداثة و ما بعدها و كأنها ارتقاء على ما سبقها. كما أنهم لا ينفكون يصمون كل ما لا يستحبون بالرجعي. و يصفون ما يستحبونه بالحديث فى خصام مع ما لا يستحبونه بوصفه متحلف و تقليدى على الاقل ورافض للتحديث. إن ما بعد الحداثة تحتكر الحداثة و تنذر بتحديث كل شئ على شاكلتها غير المعرّفة. فكل شئ ينبغى تحديثه. و يبقى التقليدى بدوره غير حديث بالطبع ومناقض ومخالف للحديث فى طلاق فلا لقاء بينهما. لقد قضى على فكرة المتصل فى نشوء الظواهر الاجتماعية. إن الحديث قد ينشأ عن التقليدى و يطوره و يصدر عنه و لو فى بعض ملامح وخصوصيات المجتمع المعين بيد أن التقليدي قد يفرز ما بعد تقليدى. وقد يؤلف ما بعد التقليدى رفضا للحديث او ما بعد الحديث او-و تنويعة ناكصة على التقليدى او تشويها له. واحيانا قد يؤلف ما بعد التقليدى عن كيمياء نكوص أو- و عن عجز عن النشوء. فقد تتمثل تنويعات للقومية فى تظهرات فاشية و قد تتمثل فى دعوات اثنية عرقية انقسامية.
و اجادل ان النظريات الداروينية الاجتماعية تتوفر على تفسير مجتمعات الحضارات الاسراتية Dynastic السابقة على الراسمالية والطبقات و قد ابقتها اما عرضة للتجاهل او للتبسيطية اللاعملية او-و للاستحواذ والاختزال مرة. ومن ناحية أخرى، وهو الاهم، فقد انتج اختلاق ثنائية تعسفية بين النظرية الماركسية ونمط الانتاج الاسيوى او الشرقى اختزالا اضر بالاخيرة فلم يساعد على قراءة الاولى قراءة موضوعية. و اذ تحاول هذه المجادلة ان تصدر قدر الممكن عن قراءة بعض مسلمات الماركسية المتصلة بالفئات التحليلية لانماط الانتاج-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations فى سياق كل من النظرية الماركسية-رأس المال- و براديجما نمط الانتاج الاسيوى او الشرقي معا فان تعريف واعادة تعريف المفردات حريّ ان يتعامد سياقيا Contextually Interdependent. و قد كانت الاولى فائقة للنظرية Mega Theory و الثانية باراديجما متعامدة Interdependent Paradigm فقد لا تستقيم مفاوضة واحدتهما-النظرية الماركسية الام-بدون الاخرى-براديجما النمط الاسيوى-و لعل العكس صحيح ايضا.
و يحاول القسم الثانى للجزء الاول اعادة قراءة بعض السياقات التاريخية كـ "النهضة" و "المبدأ الانسانى" Humanism و محاصرة الفكر الغربى-الاكاديميا الام The Mother Academy للنظائر المحلية البديلة. واناقش التشكيلات ما بعد القومية والبدائل الرهينة بوصفها فائض انتاج كل من الاستبداد الغربى والشرقى وقد تعين الاخيران على التواطؤ على التاريخ الشعبى ولم تتركا سوى مشوهات لما يشارف الشهادات الذاتية. و اعرف "شروقة" التشكيلات الاقتصادة الاجتماعية Socio-economic formations بوصفها تداعيات او استطراد فى مشروقات نظرية فتطبقية. و ازعم ان الاخيرة بدائل لما كان حريا بان يتم التعرف عليه بوصفه تنويعات لنظائر غربية. وقد تمثلت تلك الكائنات المشروقة اكثر ما تتمثل فى طبقات فى "حد ذاتها" او تشكيلات سابقة على الطبقات و فى مجتمع مدنى رخو غير قابل للنضوج مهدد من خارجه يتفاقم تقلص هوامش وشرط نشوئه من خارجه ومن خلفه ومن بين يديه.
و يجادل القسم الثالث ما اعرفه بـ "الصدفة التاريخية" لصيرورة الولايات المتحدة زعيمة العالم وغيرها من مفردات الحصار التنظيمى Organisational Siege بعمليات Processes و قد تعامدت الصدفة فألّفت سياجا على منهجية نظر وتنظيم بعض فصائل المعارضة-العربية وغير العربية "منظمة" و "غير منظمة"-"تلقائية"-"غوغائية". و يأمل هذا القسم استقراء مسار الحصار الذى كانت بعض فصائل المعارضة العربية-بخاصة بعض معارضات الشتات قد منيت به ومحاولة التعرف على واعادة تعريف مفردات ما قد تصاب به بعض المعارضات العربية فى المنافى من فيروس الديمقراطية الغربية ما بعد الليبرالية Post-Liberalواحابيل النظر الغائم تحت سماء التعميش الملحاح على النظر وبسياط وشرطيات المصادرة على الفكر الملهم فقد تغدو بعض تنظيمات المعارضة معه اقل من عديمة الفائدة بالغياب الطويل عن الواقع المحلي او تغدو مخترقة او متواطئة.
وتحاول المجادلة فى القسم الثالث و الاخير التعرف على وتعريف وتحليل التحديدات الفكرية والتنظيمية التى تمنى بها المعارضة المنظمة والتلقائية-العفووية-غير المنظمة-انتفاضات الفلاحين والبدو والجياع و الخبز والشارع - مثلها كمثل نظائرها السابقة على الطبقات-من الثورات الشعبية التى يعج بها تاريخ المنطقة على مر الاف السنيين. و تناقش بعض فصائل المعارضة بتنويعاتها اعلاه فى مواجهة تنويعات الدولة ما بعد القومية Post-Nation State-ما بعد التقليدية-الاسلاموية-او الحاخامية وغيرها.و كانت الاخيرة قد راحت تتمثل مرة فى تعددية احزاب الطريق الثالث The Third Way وفى جمهوريات رئاسية-اسراتية وراثية احيانا-كوظيفة للممارسات الاقتصادية ما بعد الرأسمالية المتصلة بالكوننة او الامبريالية الرابعة و مشاريعها ما بعد القومية عابرة الحدود.
وازعم ان رأس المال ما بعد الصناعي-ما بعد "التنويرى"-المالي-المبدون قد راح يتسيد بتاريخ و تنظير وتنظيم مكونن عابر الحدود القومية على نظائره السابقة عليه وترتيبا باتت الدولة المذكورة- فى العالم الاول و الثاني والعوالم الثالثة و الرابعة والعصر حجرية على السواء-فى المحاور و تراتبات الهوامش-تواجه بدورها حصار لا معدى معه امامها من استدعاء الحس القومى-تكاذبا-وإدعاء القيام على مشروع يعيد لـ "الامة" امجاد عصر ذهبي لم يكن او-و انقضى زمانه. لقد قضت الكوننة على الدولة القومية والسيادة والعزة القومية-فى غياب وتغييب المشروع القومى فلم يبق للدولة ما بعد القومية والاحزاب السياسية الحاكمة او المعارضة شيء. لقد تعين احلال تنويعات الجمهورية الرئاسية Presidential Republic مكان الدولة القومية والجماعات الشبيهة بالمنظمات غير الحكومية-الكوانجوز-مكان البرلمان والمنظمات غير الحكومية مكان المعارضة بتنويعاتها و تراتبات المجتمع المدنى على احباط القدرات البديلة للتفكير والتنظيم البديل[6]. وتحاول الدراسة اعادة تعريف المعارضة بتنويعاها "المنظمة" و"العفووية" "الدهمائية" "غير المنظمة" باستمداد فكر وتنظيم الرأسمالية بتنويعاتها بقليل او بلا ابداع فى مفصلة الواقع المنظمة والمجتمع المدنى سياسيا وتنظيما والمفهومات المتعالقة كالتعددية وكما تحاول اعادة تعريف الديمقراطية ما بعد الليبرالية وغيرها من مفردات قاموس الفكر ما بعداللبيرالى فى السياق-اجرائيا.
و قد لا تجد الدراسة معدى من ان تنحت مسميات-مفردات جديدة كلما لزم وبقدر المستطاع. واذ يتصل تعريف المفهومات واعادة تعريفها اجرائيا ومجادلتها عبر النص فان الفصول، من الاول الى الرابع، تحاول التوفر دفعة واحدة على الوصول الى اصطلاح او تفاهم على المفاهيم-و لو لمصلحة الجدل.
ويناقش القسم الثانى حصار الطبقات المتوسطة والوسطية بالتماس الدولة الرهينة بالوصف اعلاه وتباعا. و اجادل ان الطبقات فى "حد ذاتها" Classes-in themselvesاوالتشكيلات السابقة على الطبقات والدولة و المعارضة بتنويعاتها المذكورة اعلاه ترتهن لان تلك "الظواهر" حرية بان تحاصر بالبدائل المشبوهة، كما تحاصر تلك البدائل بدورها بتنويعات الاستبداد الفكرى والتنظيمى الرأسمالي ما بعد الصناعي-الكوننة-و بالجمهورية الرئاسية Presidential Republic والمنظمات المسماة غير حكومية-فى افضل الشروط. واجادل ان الاخيرتين راحتا-بدقرطة فضاءات الرساميل عابرة الحدود القومية خصما على فضاءات رأس المال الوطنى و اللوبى الرأسمالى الوطنى و العمل الحى بتنويعاته المهنية الماهرة وغير الماهرة واللوبى العمالى. ويتمثل دقرطة فضاءات الرساميل عابرة الحدود خصما على ما عداها فى الابقاء على تنويعات الطبقات فى "حد ذاتها Classes-in-themselves التشكيلات السابقة على الطبقات Pre-class socio-economic formations والدولة و المعارضة بتنويعاتها المذكورة اعلاه و المجتمع المدنى الخ فى حالة تشارف الجمود.
و تساوقا تأخذ الديون الخارجية بخناق الدول والشعوب المهزومة-حيث تبلغ مديونية افقر دول العالم 100 مليار دولار. و ترتيبا تغدو اى عملية -مفرغة المحتوى فكريا و سياسيا-مخترقة من كل جانب[7]. وافترض ان الطبقات او شبه الطبقات قد تنكص الى اشباه مشوهة- تشكيلات السلطة و المجتمع المدنى الخ. فشروقة المجتمعات العربية تبقى فوق كل شئ وبعد كل شئ وظيفة ظاهرة الدولة ما بعد القومية Post-Nation State اوالجمهورية الرئاسية Presidential Republic و المنظات غير الحكومية و الجماعات الشبيهة بالمنظمات غير الحكومية-الكوانجوز-قابلات فى تقاسم فائض وخالص العمل الحى وكيلات عن وسمسارات فى عمليات الاستلاب لحساب المراكمة ما بعد الرسمالية /الكوننة. و ارجو ان اقترح فورا ان ابواب هذه الدراسة وبعض محاورها الفرعيّة-مثل التعريفات الاجرائية لبعض المفردات والمسلمات-قد يصح أن تقرأ بحد ذاتها. اى يمكن قراءة المفهومات و كأنها تعريفات اجرائية Operationalised definitions of concepts قائمة بذاتها الا انها قد لا تستقيم دائما خارج سياق النص. وقد حاولت قدر المستطاع جعل الفصول بحيث تقرأ فى معظم الاحيان مستقلة بدرجة ما عن بعضها البعض.
و فيما يحاول البحث التوفرعلى تحليل الظواهر التى يسعى لمجادلتها فى السياق فانه من الممكن ايضا قراءة بعض فقرات البحث كأجزاء قائمة بذاتها و كأنها تعريفات اجرائية لمفهومات ومسلمات او فئات تحليلية ذات خصوصية ثقافية-سياقية-تاريخية contextual Cultural and historical categories of analysis. هذا و قد جعلت مرادفات اجنبية، كلما لزم الامر، من اجل تيسير التعرف على المفردات الاجنبية الى جانب محاولة تعريفها اجرائيا. لذلك اذ يحاول جسم النص التوفرعلى القاموس اعلاه فان معظم الهوامش والشرح على المتون تؤلف مادة خام واحيانا امثلة و حقائق" وادلة جدلية على الحصار والاستحواذ تتم محاولة تجريدها فى النص.


الفصل الاول
اعادة قراءة بعض فئات الاستحواذ التحليلية من اسفل
 
تنزع الدراسة الى تجاوز مناهج بحث احداث فبركات تدليسا للغة فيقارب البحث فى الواقع ببراديجمات حرية بان تتسم بالتركيب وربما ببعض الوعورة احيانا. و لعلنا نصدر دون ان نقصد عن صيحة الشاعر الفرنسى رامبو-وهو غير رامبو الذى تذرى الافلام الامريكية باسمه فى مسلسلات مبتذلة-بان " آه يا روحى لا تطمحى الى المستحيل بل فاستنفذي حدود الممكن" حين نغالب فنحاول:
أ-تجاوز طغيان مفرادات لغة الصليبيات الفكرية والايديولوجية من الصليبيات من الاولى الى الرابعة و الخامسة فالسابعة وصولا الى "الاكتشافات الجغرافية الكبرى". وربما صدرت بعض مفردات تلك اللغة باكرا عن تشويه تاريخ قرطاج ووادى النيل وما بين النهرين الاسراتيين.
ب-تجاوز لغة "التنوير" و "المبدأ الانسانوي" الى مدلسات مفاهيم الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامركة الخ.
ب-تعرية اللغة الاعرابية الاستثنائية القبالية المراوغة المتسترة على مقاصد خطابها و مراميه فعلى أجندتها
ج-نزع اقنعة معمار مفاهيم لغة الاخيرات جميعا فى ثلاث اجزاء واحد تلو الاخر بالبحث الدؤوب.
د- التعين بالمقابل على نحت بدائل لمفردات تلك اللغة.   
وربما كان مفيدا مقابلة بعض المفردات المحورية فى قاموس السردية الغربية قبل محاولة التعين تفكيك اهم الفئات التحليلية الرأسمالية الغربية. و اجادل فيما يلي بأن تلك السردية تعينت على نعت من عداها بما بها وإلصاق خصوصياتها المعلقة فى رقبتها هى بمن عداها هى بحيث يسقط شر الممارسات الرأسمالية بحق اغلبيات الناس فى كل مكان على ايّ بادرة انعتاق بين الاخيرين من الرأسمالية وهكذا. و تغدو محاولة الانعتاق من ربق الاستعمار والرأسمالية عقيدة الشر والاتحاد السوفيتى جمهورية الشر وضحايا معارك التحرر على الجانبين مسئولية المناضلين من اجل التحرر. ولا يتضح التخاتل فيما يتضح فى تسمية الاشياء بغير اسمائها و حسب و انما بمسميات تصادر حقيقة الظواهر الماثلة.   
اسماء تصادر واقع المسمى:
كان مفهوم الحرب الصليبية من اجل تحرير القدس تزويقا لحملات نهب بيزنطة والقدس ومدن الشام مثلما كان الاستباق الدفاعى واسلحة الدمار الشامل ذريعة لاجتياح العراق


 والحرب على الارهاب حجة لتوسيع الامبراطورية الامريكية ونهب ثروات المجتمعات الاسلامية والعربية وغيرها مما تمثلت تنويعات عليه فى يوغسلافيا و تتمثل تباعا فى السودان والصومال و ايران و غيرها.
 المهم كانت اوربا مفلسة وكان الصليبيون شذاذ افاق ومعدمين خرجوا ليراكموا ثروات او-و يصنعوا امجاد باسم مملكة الرب والثواب وانقاذ رفاة العذراء من ان يدنسها الكفار. وقد اقامت اوربا دوقيات فى الشام باسم حماية الاماكن المقدسة والعذراء من تدنيس الاقوام البربرية الوثنية المتوحشة. و كانت اوربا تواجه تغيرات اقتصادية اجتماعية فى بعض المدن -الدول فى جنوب القارة زيادة على تحولات ديمغرافية ونوازل سياسية او-و اقتصادية وكوارث طبيعية واوبئة الى اضطرابات سياسية وهجرات عنيفة من و الى اوربا الغربية والشرقية. الا انه حيث كانت الصليبيات حملات اشفاء لمشاكل محلية تمثلت فى هجمات بربرية و تدافعا نحو ثروات الشرق الا ان تلك الحملات البربرية تلفعت بعباءة التقوى والجهاد فى سبيل الرب مما نناقش بعضه فى مكان اخر.
و قياسا أطلقت مفردة التوسع على النهب والسلب والاكتشاف على الاستعمار وصار هناك حق في الفتح Right of Coquest منذ وقت مبكر تحت ألوية تشابه ألوية الحرب على افغانستان و العراق الخ. و بات الفتح يعنى الدمقرطة والاخيرة تنويع متقدم على المفهوم المدلس لقائمة طويلة في قاموس الاستلاب والاستحواذ مثل "التحديث" و يعنى اعادة هيلكة ملكية وسائل الانتاج العامة بحقنها بعلاقات عمل القطاع الخاص وسمي بيع ثروات ومقدرات الشعوب في المزاد العلنى خصخصة وسمي اعادة انتاج علاقات الانتاج القنية والعبودية العولمة الكوننة الرأسمالية ما بعد الرسمالية. و يقول تونى بلير لنقابة عمال المطافئ ان الميزانية لا تحتمل رفع مرتباتهم الا بشرط تحديث قطاع المطافى الذى بقي قطاعا عاما منذ منشأه الا بما يسمى التشارك الرأسمالى الخاص.  
و السؤال الذى يمنع طرحه جملة وتفصيلا وإلا وقع سائله تحت طائلة تهمة تعاطي النظرية التآمرية أى التجديف بحق الالهة الرأسمالية ما بعد الصناعية على الخصوص هو كيف يجوع الناس باسم التحديث والتصنيع فى بلادنا و يشردون و يتعطلون عن العمل؟ كيف تنقضي أهم سنوات العمر المنتج بالفرد او معظم سنوات اعمار الافراد من الشباب فى البحث بلا طائل عن عمل او فى عمل بلا طائل؟ كيف لا تنشأ رقابة شعبية تتجاوز الاحزاب والطوائف السياسية على الدول التى تمارس تلك السياسات؟ كيف يثرى افراد علنا فى فساد معلن كل صباح ولا تكون هناك جهة غير الاحزاب المخترقة والمساومة والمعارضات المقموعة والمبعدة والمشردة او فى الشتات بلا قاعدة شعبية –تحاسب هؤلاء او لا تفعل؟ لماذا لا تنظم جماعات تشمل كافة المتضررين من تلك الممارسات الصلفة ممفصلة اللغة ملغمة المفردات علنية وقحة لا مستحية؟ كيف لا يكون ثمة كشف حساب يومى ورقابة شعبية على ما يدور على مر السنين و تعاقب الحكومات؟ اعجب كيف تجلس شعوبنا وتتلقى مهانة مذلة - بالمن المستعرض به على شاشات التليفزيون - صدقات من العون الغذائى المشبوه- على طريقة الامريكى القبيح؟ [8]كيف يصار الى ان نذعن لما يأتينا وما يوقع علينا من مظالم وما ينهب من ثرواتنا علنا وما يفرض قسرا صلفا -علينا من علاقات ملكية عبودية وعلاقات عمل عبودية-سواء بالالوان الطبيعة فى افضل الاحوال- بارقى وسائل الانتاج - أو باسمال موحلة رمادية او نيلية؟ اليس ممكنا ان تقيم الشعوب رقابة شعبية تتجاوز الاحزاب و الطوائف السياسية الدينية والقبيلية على هيئات "العون" المالى العالمية وعلى حكوماتها التى تقوم بدور السمسرة فى عمليات النهب المنظم لاقواتها وتطالب بمحاسبتهم؟ . اقول محاسبتهم ولا اقول تقديمهم للمحاكمة واقول رقابة شعبية للمحاسبة وحسب ولا ادعو لثورة بعد.
2-مسميات بلا معنى او مصادرة على مطلوب ما تدعيه:
يجادل هذا البحث "سفر تكوين" أو قاموس الحصار التاريخي الاقتصادي السياسي النظري التنظيمى للشعوب "اللا غربية"- العربية على الخصوص-في سياق زماني-مكاني وعلى خلفية استلاب تلك الشعوب- "من أسفل". وازعم أن ما اعرفه بـ "الإمبرياليات الأربع": "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و ما يسمى بـ "النهضة" و "المبدأ الانسانوي" Humanism الإمبريالية الأولى-والثورة الصناعية الانجلو سكسونية الثانية ونظيرتها الفرنسية وما يسمى "التنوير" و اعرفه بالإمبريالية الثانية-فالبرجوازية الصناعية-ما اعرفه بالعولمة: الإمبريالية الثالثة وصولا إلى الرأسمالية ما بعد الصناعية-المكدنةMacdonalization -الكوكلة- Cocalization-الكوننة-الإمبريالية الرابعة-لم تزد عن آليات حصار ما عداها تباعا. فان كانت المراكمة الثقافية والمادية الرأسمالية البدائية والفطيرة والرخوة وصولا الى تنويعاتها الاخيرة وظيفة ومحصلة اجتياح القدس ونهب القسطنطينة والاستمداد عن الأندلس فـ"الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و"الفتح" عبورا بقرصنة ما رواء البحار وصولا الى ضعضعة الخلافة العثمانية فتقسيمها الخ فان شعوب و أقوام و أقاليم "مكتشفة" و"مفتوحة" تعين عليها إما أن "تتنصّر" جبرا باسم الحضارة والمسيحية الغربية أو أنها "بربرت" فأبلست و-أو استلب تاريخها و ثقافتها فقيض ادعاؤهما تباعا. ذلك أن شعوب المناطق "المكتشفة" و "المفتوحة"-و لم يكونوا راغبين في أن يكتشفوا أو ينصروا أو يحدثوا –لم يلبثوا أن اصبحوا فوجدوا أنفسهم وقد فقدوا أراضيهم وثرواتهم فورا وتباعا وثقافاتهم غالبا ومعتقداتهم أحيانا. ولم يلبث مشروع الرأسمالية ما بعد الصناعية أو ما اعرفه بالكوننة-الامبريالية الرابعة-أن راح بدوره يكرس عنف تنويعات مجددة ملتبسة ب "التصنيع"-"اللحاق"-"النمو"-"التكييف الهيكلى"-"التنمية"-"تحرير الاقتصاد"-"التطبيع"-"الأسواق الحرة"-"التجارة الحرة" فلم تزد الامبريالية الرابعة بدورها عن استلاب شرط الديمقراطية الاقتصادية فاحباط الديمقراطية السياسية بشعائرية تعددية حزبية-جمهوريات رئاسية مفبركة-منظمات "غير حكومية" تخترق فتستبق المجتمع المدنى-حقوق إنسان انتقائية-بوصفها تنويعات ديمقراطية "ما بعد ليبرالية" خصما على الديمقراطية الليبرالية مما لا يزيد-فى المقياس المدرج-عن استلاب وارتهان فحصار فكر و تنظيم البدائل قاطبة.
وازعم أنه حيث استقطب "التنوير" و ما يسمى ب"المبدأ الانسانوي" شعوبا وثقافات في ثنائيات ما بعد تنويرية ما بعد صهيونية لا متناهية Infinite Post-Enlightenment/post-Zionist- Dichotomies منذ القرن الثامن عشر فقد راحت الرأسمالية بتنويعاتها تفرض مرة اخرى  وتباعا سواسية مذعنة فتجتزئ البشرية-منذ "الاكتشافات الجغرافية الكبرى"- بين اقوام-"متحضرة"-و متخلفة غير قابلة للتطور عليها ان "تتطور" و "تتحدث" فلتحق بـ"البشرية". ذلك انه ان كانت الكاثوليكية الغربية قد تطلبت-منذ الصليبيات الاربع-"إيمانا بلا مجادلة" تعقبت غير الكاثوليك "الملحدين" الكفرة أو-و نصرت "الوثنيين" قصرا فتقلصت البشرية تباعا بين كاثوليك و ملحدين أو-و وثنيين-كفرة خارج حظيرة الإيمان. ثم راحت أوربا "التنويرية" تجأر ب"عقلانية" أوقفت نقيضا للإيمان والعاطفة فتقلصت البشرية مرة أخرى إذ حشرت بجنون في عقلانية تقصى ما تصمه بالتلقائية-العاطفية أي الدهمائية-اللاعقلانية فتؤبلسه. ثم راحت البرجوازية الصناعية تجأر بحضرنة امتداداتها-انتقائيا-فانكمشت البشرية مرة ثالثة بايقاف "الإنسانية" على المتحضرين المحدثين وإقصاء من عداهم أو-و سوغت عمليات "تحديثهم" بالقوة او-وتجريمهم لقصورهم ودونيتهم. وان جأرت الرأسمالية ما بعد الصناعية بديمقراطية ما بعد ليبرالية بما بعد حداثوية-لا معرفة ترفض التعريف وتتطير منه-خصما على خصوصيات الاقوام المستقطبة الثقافية-التاريخية في أصولية مخاتلة تعلن موت التاريخ والايديولوجية تدليسا-فقد راحت تنفى من عداها-باجندة انتهازية ملفقة حسب الطلب-خارج حظيرة الديمقراطية ما بعد الحداثوية الى "جمهورية الشيطان" او-و تقصيه بوصفه إرهابي خليق بـ"محاور شر" يغمط الحضارة الغرب-الولايات المتحدة-الامبريالية الرابعة على تقدمها و ثرائها بضغينة موتورة مخربة. سوى انه حيث تتستر الامبريالية الرابعة-الكوننة-الصليبية الثامنة على حقيقة طبيعتها المتأصلة بقوانين اعادة انتاجها لنفسها بوصفها مجعولة لتطوير مناطق وفئات وشرائح سكانية وأقليات خصما على أخري فقد اجتزأت البشرية بالنتيجة مجددا-بأصولية السوق و ضرورة ثنائيات ما بعد تنويرية-ما بعد حداثوية-معولمة-مكوننة-فى أقليات مكوننة الثراء وتراكمات عددية لا وجوه لها زائدة عن الحاجة خليقة بالإبادة تباعا بالحروب-الأوبئة-المجاعات-التصحر-بجريرة لون جلدها و عيونها.
فان بقيت الفئات النظرية التحليلية الرأسمالية-بتنويعاتها قاطبة والماركسيولوجية بدورها-ناجزة وجاهزة ومطرقة فى نرجسية غربية غير محتشمة، منغلقة على نفسها تتطير من التعريف أو/و ترفضه رفضا-أحاول مجادلة فاستبصار حصار الرأسمالية بتنويعاتها لما عداها وعنفها الاقتصادي السياسي الثقافي-"الحضاري"-المتصل على مدى خمسة قرون ان لم يكن منذ الصليبية الاولى-"من اسفل"-وحصار العرب الذاتي والموضوعي و ما إذا كان ثمة فكاك مع خناق الفئات التحليلية وبراديجمات "الصليبية الثامنة"-وقد غدت حقلا من الغام فوضى معلومات-تدعى ثورة معلوماتية و بسببها-فتبتز فكراً وفعلاً وترتهن البدائل بما يشارف الإرهاب النظري الأكاديمي بسياط الصواب السياسى-Political Correctness-النظرية التآمرية أو/و تهمة العداء للسامية. فان كانت مفهومات ولغة الأقوياء حرية بان تغدو مجددا وفي كل مرة قوية جامعة مانعة سيدة اللغات فهل يغدو الحق بدوره وكأنه مع القوة أو القوة هي الحق Might Is Right ؟ وهل تواطأ كل من القوة و"الحق" و"ثورة "-أو فوضى المعلومات على أى تنويع أو بديل للامبريالية الرابعة-الكوننة؟ أم هل تؤدي أزمات الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة الذاتية والموضوعية-مما يبدوا أن بعضه جاء ليبقى طويلا-بالإمبريالية الرابعة مثلها كمثل نظيراتها السابقة؟ أم ثمة لا محالة تنويعات للسخط العام على الحصار مما قد يكتسح في طريقه ما لا سبيل إلى احتماله طويلا؟
والسؤال ما اذا بقيت "مبادئ نظريات "التنمية" الرأسمالية الصناعية: الامبريالية الثالثة والرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة مرادفة لـ "التنوير" الكلاسيكي الامبريالية الثانية؟[9] ام ان نشر "الحضارة"- "التحديث"-"التصنيع"-"النمو"-"التقدم"-"التنمية"-"الاصلاح الاقتصادى"-التطبيع"-"اقتصاد السوق" وغيرها من مرادفات عنف "الاكتشافات" و"الفتح" والنصرنة والحروب العالمية والمحليّة Localised World Wars الباردة والساخنة؟ ولعل السؤال هو: هل انتهى نهب وسلب مقدرات العرب وغيرهم من الشعوب المهزومة؟ ؟ والسؤال الاشد اهمية ليس كيف يتعامل العرب مع الغرب-"الحضارة"-الثقافة الغربية الرأسمالية و لكن كيف يتعامل الغرب-الرأسمالية مع العرب ومن عداهم من غير الغربيين؟ و ربما كان السؤال الاكثر مواتاة للبدء هو: هل ثمة ما هو اشد فحشا مما يقصد الاوربيون بالانسانية او البشرية او الحضارة؟
و تلتقط فى حماس واحتفال مفردات ومسميات كـ "التحديث" و التصنيع - التكيف الهيكلى- "التنمية "- "النمو"- "اللحاق"- Catching-up "الاصلاح" الاقتصادى وغيرها فننهمك فى اثبات قدرات اكاديمية-نظرية على تعاطي تلك المفردات واستخدامها بشهية أو بدناءة "فكرية" منقطعة النظير.على انه قد يقيض فى زمان الاحباط الخاص والعام -وفوضى المعلومات ومناهج البحث و المقابلة-التعميش ان توخذ المفردات-كمثل ما تطلق مناهج البحث و المفردات والكلام-على عواهنه، ومن ذلك مفردة ومنهج البحث فى "التحديث" . ففيما يلاحظ ان عمر "التحديث"-قبل ان يمنى بما بعد الحداثوية -اقل من مائة عام لا اكثر فان كلاهما- مفردة الحداثوية و"التحديث" و مابعدهما ليستا كغيرهما سوى مفردات او الغام لغة البرجوازية الصناعية و خطاب اليمين الجديد و ما بعد اليسار من بعده تباعا. فقد ورث اليمين الجديد الرأسمالية ما بعد الصناعية و اليمين الجديد و من بعده-و قد اخذ ينتعل أحذية اليمين الجديد مؤخرا - - اوما اعرفه بما بعد اليسار- الطريق الثالث The Third Way- مشبوه الاصل ملتبس الشعارات بالنتيجة مفردة الحداثوية غير المعرفة اوالمعرفة انتقائيا أو-و اجتزاءا[10]. ففيما يعلن ما بعد اليسار-الطريق الثالث The Third Way حربا شعواء على ورثة اليمين الجديد-المحافظين-يتمسح ما بعد اليسار-الطريق الثالث -بمسوح او ينذر نفسه لتحديث المجتمع او للحداثة فيما يشبه رسالة سماوية تعد طوباويا بعدالة اجتماعة-بعيدة المنال بمحض مواضعات ومتغيرات الكوننة- فى صليبية اخلاقية اومعيارية تراوح بين موسى والانجيلية او الافنجيلية. لذلك فقاموس خطاب كل من اليمين الجديد و ما بعد اليسار- الطريق الثالث The Third Way السياسى–كغيره-ليس -فيما اجادل-اكثر من احبولة تستدرج المجتمعات من اغناها الى افقرها على "التحديث" على طريقة "التنمية "ما بعد الصناعية او وفق النموذج الامريكى أى امركة الحكومة و الانتاج[11].
 
يحاول هذا الجزء من البحث في الفئات التحليلية التالية:
-تأمل فتحليل حصار الرأسمالية بتنويعاتها البرجوزاية الصناعية على الاقل و ما بعد الرأسمالية على نحو خاص لما عداها/
-التعرف على ملامح و تراتبات حصار الرأسمالية بتنويعاتها لما عداها رأسيا و افقيا.
-التعين على التعرف على بعض مفردات قاموس الاستحواذ الرأسمالى بتنويعاته فاعادة تعريفها.
واذ تحدق هذه المجادلة مباشرة فى عين ميثيلوجيا التاريخ الغربى-تاريخ الراسمالية-ومناهج البحث فى الراسمالية-مبرقع كسالومى-لا تعتذر عن مواجهة ذلك التاريخ-ومناهجه بما كان، كتاريخ و مناهج و مدارس تفكير للغرب، قد كال لغيره من الاقوام المقهورة والشعوب المهزومة, فقد عمش تاريخ و مناهج بحث و مدارس فكر الغرب على من عداه و ابلس الشعوب التي استحوذ على خالص و فائض انتاجها باسم "بشرية" انتقائية. و كانت تلك البشرية الانتقائية وما برحت لحساب "تفتح" و "ارتفاء" الغرب-الرأسمالية الصناعية بتنويعاتها خصما على ما عداها-العرب و كل من وما هو غير غربى بالضرورة. و لم يكن معدى من كتابة التاريخ ومناهج بحث ومدارس فكر الغرب بغاية انتاج تخلف مناهج البحث فى تحليل واقع غير الغربى-السابق على الرأسمالية والمستقطب فيها. و ترتيبا تعيد الرأسمالية بتنويعاتها تكريس تخلف واقع غيرها على مر خمسة قرون تباعا.
وازعم ان مفهومات ومناهج بحث وبراديجات الراسمالية كانت وما برحت غير قابلة للتعريف فى معظم الاحيان و بقيت رافضة للتعريف مرات فهى بطبيعة نشوئها منغلقة على نفسها على مر خمسة قرون. و ازعم ان رفض وعدم قابلية مفهومات ومناهج بحث و براديجمات الرأسمالية للتعريف كان حريا بان يؤدي الى ابهام الاستحواذ-المراكمة الشرسة مما ابقى على مفردات الاستحواذ و المراكمة مبهمة ابهاما متقصدا. فقد تعينت مسميات متكاذبة و "القة" معا مثل "عبء الرجل الابيض" The White Man s Burden-النصرنة- "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" The Great Geographic Discoveries-"التنوير" Enlightenment-"المبدأ الانسانوي" Humanist Tradition  جاثمة فوق صدر وآخذه بتلابيب ومطبقة على رقاب مفكري  ومثقفي  ومتعلمى العوالم المهزومة. ويؤدى حاصل جمع ما تقدم الى اسدال غمامة على بصر وبصيرة الشعوب المهزومة بتلك المسميات وسكان المجتمعات الغربية الغنية نفسها وقد اعمى عليها سقط قول و تكرار قول الكلمات البلاستيكية.
واجادل انه اذ غدت اللغة "بلاستيكية" مطاطة فقد غدا مختلف الناس يستخدمون مفردة ويعنون  بها اشياء مختلفة وقد جعلت حدود الغاية وراء الكلمة بحيث تبقى فائدة الكلمة بقدر ما يتعين للكلمة من مرونة للتكييف مع وقبول حمولات متغايرة من المعانى. وقد طمست المسئولية الغريزية ازاء اللغة-بانتقائية التقصد-لم تعد الكلمة الطيعة تملك تحمل-بشد و ضم الميم-او-و احتمال المادة الموضوعية العلمية فلا تبلغ ما قصد بها وحسب وانما غدت اللغة حقلا من الالغام. و فيما تبدو الكلمة البلاستيكية طيعة تملك قدرة على حمل كافة "فصائل التعبير" داخلها ولا تملك حمل فصيلة واحدة فان الكلمة الطيعة البلاستيكية تفقد قدرتها على الدقة. و قد كان التخصص قابل لتنمية واغناء نفسه بتطورات جديدة فيه فالتخصص يغدو مائعا مع المفردات البلاستيكية الطيعة التى تعبر عن فصيلة تعبير واحدة-تخصص واحد-فيما تستدعى دفعة واحدة فصائل تعبير متغايرة. و لعل بلاستيكية الكلمة كانت مرة وظيفة اضطراب الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة-وحيرتها الفكرية والتنظيمية اذ لا تجرؤ الرأسمالية ما بعد الصناعية- الكوننة-مثلها كمثل زوجة ابيها البرجوزاية الصناعية-العولمة-على تسميه الاشياء باسمائها فتقتصد فى قول الحقيقة فى افضل الشروط مرة ومرة لان الاقتصاد فى قول الحقيقة من شأنه التعين على مفردات متكاذبة.
 وكانت الكوننة قد اشادت مظلة فضفاضة تدعى احتواء الكل فان مفهوم العولمة و سليلتها الكوننة مثله كمثل كافة مفرادات قاموس الاستحواذ Dictionary of Expropriation البلاستيكة حري بالا يسع شيئا ولا احدا. و قد نفى قاموس الاستحواذ البلاستيكى كل بديل فيسر مصادرة خلق شرط اى بديل للرأسمالية ما بعد الصناعية. ولم تلبث مبادئ العالم الحر"-"التصنيع"-"التحديث"-"التكييف الهيكلى" Structural Adjustment (مع ماذا و لصالح من؟) التطبيع"-حيث يفترض ان كل مالا يبارى-مبنى للمعلوم-او كل ما لا "يستوعب"-يقاوم ممارسات الرأسمالية-غير طبيعى- شاذ-"الاصلاح الاقتصادى"-ان اخذت بالباب الشعوب المهزومة مرة اخرى. فلم تكن تلك الشعوب قد ضورت حتى بات الفتات يسحرها و انما بات كتابها و مثقفوها و مفكروها،-ان وجدوا، كائنات وظيفية فى تيسير عمليات الاستلاب مثل اسلافهم ما قبل الرأسماليين السابقين على الطبقات.
و لم تنفك مفردات كـ "الطريق الثالث The Third Way"-او-وطقسية "التعددية الحزبية" Ceremonial Multi-Partism-شعائرية "حقوق الانسان" Ritualistic Human Rights-"حق تقرير المصير"-"ما بعد الحداثوية الخ ان باتت مسبحة جديدة للتسبيح بحمد الأنفتاح ما بعد الرأسمالى الصناعي. و لا يزيد التسامح المذكور عن غفران الفظائع للحلفاء انتقائيا و تاكتيكيا. وكان النظام العسكرى البورمي نفسه "ثمرة" نشاط الغرب-الولايات المتحدة فى جنوب شرقى اسيا عندما كان الاخير يؤلف مشارف المنظومة الاشتراكية سابقا. و تلاحظ(ين) كيف ساهمت نفس الجهات فى اقامة نظام ديكتاتوري عسكري فى بورما-ميانمار-ثم ما انفكت ان راحت تتوعد ذلك النظام ان قيد حركة سان سوتشى زعيمة حزب التجمع الوطنى البورمي و الحاصلة على جائزة نوبل كلما قررت أخذ الخروج فى نزهة او راحت تتمشى من وقت لآخر خارج منزلها. و يتأجج التراشق الدوري بالالفاظ بين الغرب و حكومة بورما العسكرية سوى ان الغرب لا يزيد عن التهديد بالحصار الاقتصادى كلما عطلت بروقراطية العسكر صدور تصرح للسيدة سان سوتشى فى احدى رحلاتها دون ان تنقطع العلاقات التجارية بين الغرب و بورما.
و تلاحظ(ين) ايضا كيف يتواطأ المجتمع الدولى-امريكا ووزراء الخارجيات الاوربية الغربية-بالانقلاب على النظام القائم فى كمبوديا ليقيموا نظام الخمير الحمر الدموي. فقد قامت امريكا بقصف الفلاحين الكامبوديين المسالمين سرا واقالت الامير سيهانوك فى 1979 فأفسحت الطريق أمام حركة الخمير الحمر تباعا وصولا الى الابادة الجماعية للشعب الكمبودى. و كانت قوات بريطانية قد دربت الخمير الحمر على ما قاموا بتنفيذه ابان ما سمى بحقول القتل Killing Fields. كان ريتشارد نيكسون وهنري كيسينجر بادرا بغزو كمبوديا الذى "لم يكن خطأ و انما كان جريمة"[12]. و لم يلبث نيكسون ان حصل على جائزة نوبل للسلام. و تنتهك حقوق الانسان الكمبودي اوغير الكمبودي العادي بصورة يومية ولا ينبرى النواب البرلمانيين والنائبات البرلمانيات للتجرؤ باحتجاج او عريضة. ويتخصص أمثال آن كلويد والبارونة كوكس والنائبة اما تومسون و ويليام شوكروس الذى كان صحفيا متمرداً عاص لم ينفك ان بات من اهم المعتذرين عن السياسات الامريكية الامبريالية بشأن نكبات احاد الافراد او بعض اقليات العوالم المنكوبة. فبقدر ما ناسب ويليام شوكروس الصفوات المالية العالمية بقدر ما لمع اسمه او رفع سعره اكثر من أى شئ آخر. فلا يزيد التعاطف بنصف قلب او بحبات الفؤاد عن احتكار حيازات من اجل أجندة نفخ الذات. و ازعم ان اؤلئك الانتهازيين هم تنويعة هينة على قراصنة شبه القارة الهندية فيما تشارف حيازاتهم ابعاديات واقطاعات امتدادات الامبراطورية مجازا.
 
الامبريالية الافقية-العولمة والامبريالية الرأسية-الكوننة:
كيف آل حال الشعوب المهزومة بالرأسمالية بتنويعات الاخيرة فى المقياس المدرج الى التفرج فى افضل الاحوال دون الفعل؟ هل العولمة–الكوننة وراء نكبة تلك الشعوب الفادحة تلك؟ ما هى هذه العولمة-الكوننة؟ اهى اتصال أم انقطاع عما لحق بالعرب منذ 500 عام؟ على الرغم من اننى اجادل العولمة والكوننة تباعا وفى فصلين مستقلين الا اننى استهل هذه الفصل بما يعن للبعض من بعض أسئلة حول سفر تكوين وتعريف العولمة-الكوننة اجرائيا. هل العولمة هى عولمة رأس المال؟ ام موت الايديولوجيا بعد "نهاية" الشيوعية؟ هل هى خصخصة كل ما على الارض من مقدرات وبشر وتصدير خالص وفائض العمل الحى؟ ام ضبط شرط هجرة العمل الحى فى عميات تشارف تجارة الرقيق الاطلنطية؟ هل تتمثل العولمة-الكوننة فيما قد لا يزيد على رموز معينة تخص العولمة-الكوننة بالاحرى وتدل عليها متمثلة فى:
-الهاتف النقال-الموبايل والبريد الاليترونى
-شبكة الاتصالات الاليكترونية-الانترنيت
-الماركات المسجلة Logos
-الماكدونالد
-مقاهى ستار بكس Star Bucks Cafes
-ثقافة التبضيع
-استهلاك السلع المادية والذراية بالسلع غير المادية وثقافة وخصوصيات المنتجين الثقافية
-الامركة-الامبريالية الثقافية.
 
التعريف الرسمى للعولمة-الكوننة:
يعرف برنامج الامم المتحدة للتنمية United Nations Development Progamme (UNDP) العولمة بانها اصبحت المصطلح المتعارف عليه فى وصف الاثار الاقتصادية الاجتماعية والسياسية بعيدة المدى لتحولات الحالة على المستوى العالمى والاقليمى والقومي والمحلى بحيث تقلصت الفضاءات والزمن وغياب الحدود مما ادى الى ربط حياة الافراد والجماعات على نحو اعمق واشد كثافة واكثر مباشرة من اى وقت مضى[13]. و من المفيد تذكر كيف ادى ارتباط حياة الناس بتدافع المعلومات والسلع الى تغييرات كيفية فى طريقة التفكير واسلوب الحياة وفى تعرفهم على انفسهم واعادة تعريف الهوية والطريقة التى تغيرت بها حدود الدولة القومية او-و تقلصت والمؤسسات والاعمال الاقتصادية وتصورهم لاساليب تحقيق غاياتهم ومصالحهم الفردية والجمعية.
واذ يعرف الكثيرون العولمة بنشوء "شبكة و اقتصاد رقمي عالمي" Global digital Network economy مع انخفاض ملحوظ فى تكلفة الاتصال والمعلومات زيادة على تفاقم ظاهرة اندماج الشركات والاعمال متعددة الجنسيات" المتخصصة فقد راح تدفق الاموال الى ذلك فى شكل ما يسمى بالاستثمارات الاجنبية المباشرة Foreign Direct Investments(FDIs) يؤلف الى ذلك بعدا هاما من ابعاد العولمة منذ الثمانينات متصلا بدوره مع تحول ملحوظ فى البيع بالجملة والقطاعى وقد اخترقتها حرمة واسعة للتجارة الالكترونية منذ التسعينات من القرن الماضى[14]. و فيما كانت الاستثمارات الاجنبية المباشرة قد راحت تحابي المجتمعات المتضورة من حيث راس المال المالي و العمرة براس المال البشري من العمل الحي حيث تنخفض اجور العمل-مثل جنوب شرق اسيا والصين وبعض الدول العربية وبعض دول امريكا اللاتنية-فى الثمانينات الا أن تلك الرساميل ما لبثت ان راحت تهاجر مرة اخرى الى حيث العمل الماهر فى اوربا والولايات المتحدة وبعض دول امريكا اللاتينية، كالمكسيك والبرازيل مثلا، منذ نهاية التسعينات من القرن العشرين.
واجادل انه في ما راحت تلك الرساميل تترحل متبدونة من مكان الى اخر كل عشر سنوات او يزيد فانها كانت تركب موجة البحث عن اقصى الربح بتخفيض سعر التكلفة خصما على الاجور فى كل مرة. فاذ كانت اجور العمل الحى فى المجتمعات الرأسمالية الصناعية الغنية قد بقيت مرتفعة فقد كانت حرية بان ترفع سعر التكلفة وتؤدى الى انخفاض معدلات الربح فى علاقة عكسية. لكن، ما ان تعينت معظم الدول الاوربية و الولايات المتحدة على الخصوص فى كسر ظهر الحركات المطلبية تباعا ودفع العمل لحي الى مواجهة البطالة او قبول اجور اقل وساعات عمل اطول مع ضمانات اجتماعية اقل فاقل فقد عادت تلك الرساميل فراحت تستثمر مجددا فى المجتمعات الغنية فيما رحلت مهاجرة مرة اخرى عن المجتمعات المتصورة رأسمالية مثل ما كان يمسى بـ "النمور الاسيوية" و نظائرها فى امريكا اللاتينية. 
و يقول المدافعون عن العولمة ان حاصل جمع ممارسات العولمة المتمثلة فى نشوء الاسواق العالمية وتشجيع عمليات التطبيع وتحرير التجارة وسيولة الرساميل مسنودة بوسائل الاتصال وبالتحولات السياسية والتشريعات اللازمة يؤثر عل نحو ملحوظ فى مجمل الاقتصاد العالمي والاقليمي والقومي والمحلي. لكنني اجادل تاثير محصلة العولمة بالوصف اعلاه من حيث التفاوت الهائل فى توزيع الدخول بين المنتجين بحيث يغدو الا معدى من مواجهة تلك المحصلة بوصف انها الية تركيز للغنى والافقار فى مقياس مدرج للعدالة الاجتماعية او-و عدمها فيما بين المجتمعات وداخل كل مجتمع على نحو يلاحظه الناس فى كل مكان. فقد يتركز حجم التجارة وحركة الرساميل المالية على الخصوص على نحو اقليمي اكثر منه معولم او-و بصورة انتقائية بحيث تتجاوز كل من التجارة العالمية وحركة الاموال المذكورة بعض الدول وتحابى بعضها. وقد كانت بعض الدول العربية قد نجحت فى اغراء تلك الاستثمارات-مصر-تونس-المغرب-و تفاوض سريا على عضوية استثنائية فى المجموعة الاوربية-الا ان الدول العربية كانت قد اجبرت منذ نهاية السبعينات على الالتزام بما يسمية صندوق النقد الدولى و البنك الدولى بـ "سياسيات التكييف الهيكلى" Structural Ajustment policies(SAP) حتى تتأهل لدخول الاسواق المفتوحة للتطبيع و تحريرالاقتصاد.
 و قد راحت البنوك الاجنبية-و كان لديها من السيولة غب ثورة البترول فى 1973-5 من الرساميل ما لم تكن تجد ما تفعله بها-تغرى بعض الدول العربية-مصر و السودان مثلا-فى نهاية السبعينات-و كانت كلاهما تملكان فائضا فى ميزانيتهما العامة والتجارية وقتذاك-على استدانة-ما يسميه البنك الدولى ب " تمويل التكييف الهيكلى" Structural Adjustment Loans-(SAL)-بسعر فائدة منخفض الا ان سعر الفائدة ما لبث ان راح يرتفع حتى صارت على تلك الدول ديون خارجية بما يساوى الناتج القومى الاجمالي لبعضها فى التسعينات. على انه ربما كان من المفيد تذكر ان وقوع الدول المساماة نامية وتلك التى تسمى اقل نماء تحت هيمنة صندوق النقد الدولي والبنك الدولى ليست قاصرة على الدول المذكورة. و قد راحت العولمة تطال كافة الدول من اغناها الى اشدها افقارا فان معظم الدول الصناعية الغنية كانت بدورها قد راحت تنضبط فى شرطيات تلك الاليات و نظائرها مثل الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفة الجمركية الحرة–الجات The General Agreement of Free Trade and Tarrif-(GATT)-وريثتها منظمة التجارة العالمية The World Trade Organisation على التوالى.
و كانت الاولى قد انشأت بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وأنشئت الثانية منذ 1995 فيما انشئ صندوق النقد الدولى والبنك الدولي ابان الحرب العالمية الثانية بما يسمى مشروع البريتون وودز Briton Woods مما ساعرفه فيما بعد. و كانت تلك الهيمنة قد تمأسست على تحرير الاقتصاد كما ذكرنا، كما فرضت خصخصة المقدرات القومية و بيعها بعد تعويم اسهمها فى اسواق الاسهم التى كان انشاؤها قد فرض بدوره على الدول بلا انتقاء حتى قبل بدء الخصخصة وتمهيدا لها. وقد يقول دعاة اقتصاد السوق وتحرير الاسواق وحركة المال والسلع والخدمات بترك الاقتصاد لقوى السوق لتتدبر قوى السوق امر تقويم الاقتصاد بآليات قوى السوق الخاصة دون تدخل الدولة القومية إذ راحت هوامش حركة وحدود الدول القوميّة تنحسر شيئا فشيئا فيما راحت قوى السوق تطلق عقال شراهتها بلا حدود او تدخل لصالح اقتصاد يكرس الثروة فى ايد اقل فاقل و يستقطب الافقار على نحو غير مسبوق.
ويؤكد نقاد العولمة ان نظرية ترك تدبير الاقتصاد لقوى السوق دون تدخل بما يشارف مبدأ الفيزيوقراطيين فى القرن التاسع عشر لم يضف سوى احلال ما يسمى بـ "الاورثوزكسية الاقتصادية الجديدة" باقتصاد اعرفه بما بعد الفيزقراطية او "دعه يعمل دعه يمر" حيث تتداعى حدود كل شئ امام الاموال والسلع الثقافية المادية والخدمات مما يترتب عليه ظواهر اجتماعية-ثقافية-اقتصادية تدفع الى تبادل اعتماد عابر للحدود و تكامل شديد الكثافة[15]. واذ تتداعى الحدود المذكورة كوظيفة لتكامل-ثقافي واقتصادي واجتماعي-لا انتقائيا فلا يكترث للخصوصيات الثقافية اذ يجعل من التجربة الغربية-الامريكيةعلى الخصوص-معيارا فلا معدى من تكريس الميل نحو رفض الهيمنة الغربية-الامركة-التى كانت قد غدت محورية فى اعادة تشكيل العالم المعاصر[16]. و اجادل ان ذلك التشكيل كان قد راح يفرض نمط انتاج وتنظيم للحكومة ذى خصوصية ثقافية معينة هو ما اعرفه بنمط الانتاج الشمال امريكى مما ساعرفه وجيزا فيما بعد. المهم، من المفيد تذكر انه فيما راحت عمليات "التشكيل" او اعادة تشكيل المجتمعات تلك بـ"التنمية" او "اللحاق" و "الاصلاح الاقتصادى" الخ فقد راح التنمويون من الرجال النساء "ينزلون"ميدان عملهم بوسائل لا انتقائية تعمل-بضم التاء وكسر الميم-كمثل اسلافهم المبشرين والكونكستادوريس Conquestadors فيجتزئون او-و يستهترون بالخصوصيات الثقافية للمجتمعات المختلفة من الغنية والمفقرة على السواء فيتجاوزون مراحل تطور المجتمعات تجاوزا استفزازيا فيما راحت النسويات المغاليات-ممن اعرفهن ب"النسوقراط"- Feminocrats- يبشرن بدورهن فى كافة النساء ويتحدثن باسمهن و يمثلنهن بلا اننقاء مما اجادل انه غدى خصما على النساء والرجال والاطفال-و قد اشعلن الحرب على كل من يخالفهن من النساء وعلى كافة الرجال و الاطفال[17].
 لعل مفردة العولمة- الكوننة Globalisation قد ابقيت رغم اشتمالها على اهم و اخطر تفاصيل حياة الافراد واستقطابهم معا غير معرفة بصورة كافية ان عرفت اصلا. و يدفع عدم او على افضل الشروط تعريف العولمة- الكوننة اجتزائيا الناس الى التفكير بالعولمة–الكوننة دون الوصول الى تعريف شاف غالبا. و على الرغم من ادعاء العولمة-الكوننة لسوسيولجيات مطلقة مجردة لا معرفة غير قابلة للاختبار ولا تصمد لاختبار-الا ان العولمة-الكوننة انقائية ولا انتقائية في الوقت نفسه. اذ يختلف فهم العولم –الكوننة لدى فرد اومجاميع عنه لدى فرد او مجاميع آخرين ومن مجتمع الى آخر ومن منظور ثقافى الى آخر. فقد يرى كابينشى أوجاوي الكاتب اليابانى ان مسار العولمة-الكوننة-مفيد وجيد وجديد. فالعولمة-الكوننة ليست امتدادا لما سبقها. و ترى فاندانا شيفا Vandana Shiva الاكاديمية البيئية الهندية المكافحة ان العولمة-الكوننة-تفرض شروط سواسية قمينة بالقضاء على التنوع الذى هو اصل النشوء والارتقاء.
 واذ يتخذ التطور-الناشئ-الصاعد-الى أعلى والى الامام خصوصية معينة الا ان العولمة-الكوننة- تفرض سواسية الذوق والسلوك والميول والمحاصيل. فتخصيص مساحات واسعة من الارض لزراعة نوع واحد من اجل التصدير خصما على تنويع المحاصيل من اجل السوق المحلى لا تقضي على تنوع المحاصيل وحسب وانما تؤلف خطرا على الارض وما عليها. ويستلب عدم التنويع المزارع الصغير وقد يقضي على اسلوب حياة مجاميع عريضة من اغلبيات المنتجين والمنتجات. وقد راحت العولمة-الكوننة تتجاوز تعريف تقسيم العمل الدولى فتستقطب قوى العمل الحي بين منتجي السلع الرخيصة بالعمل المسترخص اللا مسيس-فى جزر او مناطق التجارة الحرة ومناطق الصناعات التحويلية الحرة للانتاج المجزأ من ناحية. وتستقطب اخرى فى انتاج السلاح والسلع الكاملة او الخدمات والمال من ناحية. و من ناحية ثالثة راحت العولمة-الكوننة تخلق عمالة "طيبة" تستمتع بادائها اقليات فيما خلقت عمالة "قذرة" بلا حقوق او باقل الحقوق وبأجور متدنية وبعلاقات عمل قني يتعين الاغلبيات على القيام به فى غياب ضمانات القطاع العام والسلع والخدمات العامة. و فى ونفس الوقت اخذت العولمة-الكوننة تتوفر على خلق شروط اختلطت بها ادوار النساء والرجال والاطفال والاباء والامهات والابناء.
وفيما يفقد الافراد حظهم من التفاعل مع الحياة تباعا يتقلص دورهم فى تشكيل حياتهم ومصائرهم و في المساهمة المتوفرة على الوقت والطاقة فى اختيار زعاماتهم وفى فرض آراتهم المسياسية تنفرد الدول قدر المستطاع بمواجهة الشركات متعددة الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية و امبريالية الماركات المسجلة مدافعة عن هويتها و ثقافتها القومية- فرنسا والنمسا والمانيا مثلا. سوى ان جبرية سواسية العولمة- الكوننة The Globalised Compulsive Uniformity -صدفة او تقصدا-لا تلبث ان تأخذ بالتسوية بين الاختلافات الثقافية والسياسية بالامركة-الامبريالية الثقافية وتنظيم الانتاج والحكومة- الجمهوريات الرئاسية-الا ان تسوية الاختلافات الثقافية والسياسية تنذر بردود افعال جماعية على تلك السواسية المزعنة فى شكل بؤر الاحتجاج على رموز العولمة-الكوننة السلعية المادية مثل الكولكة والمكدنة و احذية اديداس- ونايكى-الخ-على اعلام العولمة-الكوننة-الثقافية مثل ميردوخ و ديزنى اى الامبريالية الثقافية. وعلى صعيد آخر فقد الفت خصوصية العولمة-الكوننة-مناخ انتشرت خلاله افكار وقيم تتستر وراء الديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير.
و ريما قدمت العولمة-الكوننة رموزا لها و رفعت أعلاما عليها و نجوما و قادة و غيرهم مما اجادله تباعا- سوى ان تلك الرموز والاعلام تتسم بخصوصية جديدة تختلف بها العولمة-الكوننة-الامبرياية الرابعة عن سابقاتها من الامبرياليات. فعولمة-كوننة-الثلاثين او الاربعين عاما الماضية التى تساوقت و بداية ثم نهاية مسار اجتياح فسقوط المنظومة الاشتراكية والنظم الاشتراكية من الاقتصاد المخطط الى هوامش الرفاهية شئ، و عولمة-الخمسين عاما السابقة على ما اسميه الكوننة شئ اخر. فقد راحت الاخيرة تعيد هندسة العالم بالمؤسسات المالية الكبرى غب الحرب العالمية الثانية وقد الفت عولمة المائة عام السابقة البعد الاستعمارى الكلاسيكى. واجادل ان عولمة الخمسمائة عام الماضية بـ"الاكتشافات الجغرافية الكبرى" توسعا ارضيا وسرقة ثروات ونبات واشجار وحيوان واعشاب وزهور وحكمة العوالم المكتشفة الشعبية وتاريخهم فعولمة التاريخ شئ ثالث.
وكانت الاخيرة الفت الامبريالية الاولى يليها "التنوير"- فالحركة "الانسانوية" بوصفهما يؤلفان الامبريالية الثانية فالبرجوازية الصناعية-العولمة-الامبريالية الثالثة، والامركة-الاستعمار الثقافى-الكوننة-الامبريالية الرابعة. ذلك اننى اجادل ان الامبرياليات المتعاقبة على مدى الـ 500 عام الماضية تعريفا ب "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" اى الامبريالية الاولى فما يسمى بـ "التنوير" والمبدأ الانسانوى"-اى الامبريالية الثانية كان قد تمأسس على كل من التوسعات الارضية وبتوحيد تاريخ بشرية-بيضاء. وكان ذلك من خلال الاستحواذ على ثقافات عدا ثقافات اوربا الغربية وادعائها وظيفة كل من "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و"التنوير" تباعا. واعرف البرجوازية الصناعية-بالامبريالية الثالثة:عولمة التصنيع الهزيلة Universalization of industrialization- بتصنيع اكثر من 36 دولة من دول الهوامش خلال الاربعين عاما الماضية تصنيعا "جزئيا".
وكان التصنيع المذكور قد تمأسس على امركة علاقات العمل فى افضل الاحوال. وقد اتصلت ثقافة العمل بجنون عظمة وحماس العامل الامريكى الذى لا يجد وقتا للحياة خارج ساعات العمل او الاشغال المتعددة كيما يملك العامل اقتناء سلع و متاع. سوى ان العامل المذكور قد لا يجد الوقت للتمتع بتلك المقتنيات و تفوته الحياة فلا يدركها الا متفرجا يشاهد احداثها على التلفزيون او الانترنيت من الحب الى الاغتيالات السياسية الى كوارث يوم القيامة. و قد تردى العمل الحي فى معظم الاحوال الى علاقات تشارف القنانة تباعا فى المقياس المدرج. و كانت الرأسمالية ما بعد الصناعية Post -Industrial Capitalism -الامبريالية الرابعة-أي ما أعرفه بالكوننة وريثة البرجوازية الصناعية –العولمة-الامبريالية الثالثة تخلق شرط ارتهان الشعوب "المكتشفة" المهزومة على مر 5 قرون باستقطاب البشرية مجددا فى ثنائيات لا متناهية منذ الربع الاخير من القرن التاسع عشر وصولا الى الحرب العالمية الاولى. وقد كرست الامبريالية الرابعة امركة- العالم بالاستعمار الثقافي بمستهلكات مادية و غير مادية.
 
 
يصحح
واجادل تباعا كوننة الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة للغنى والافقار:
- بالاصالة عن الرساميل عابرة الحدود القومية.
 -بسمسرة الجمهوريات الرئاسية-البرلمانية و الاسراتية Dynastic
-الدولة ما بعد القومية Post-Nation Stateبوكالة الجماعات الشبيهه بالمنظمات غير الحكومية-الكوانجوزQuasi-Non Governmental originations (QUANGOs)
-تجاوز الاخيرة للبرلمان بشقيه. و تفسق تلك العملية بالديمقراطية البرلمانية-بمجلس العموم ومجلس اللوردات معا
-باختراق المنظمات المسماة غير حكومية للمجتمع المدنى او الاحرى استباق تحققه. و كان المجتمع غالبا هشا فى المجتمعات المسماة نامية فيما لم ينفك ان بات مستهدفا فى المجتمعات الغنية.
-حلول ما اعرفه ب "ما بعد الديمقراطية" او "الديمقراطية بما بعد الليبرالية" او ديقراطية العبيد مكان الليبرالية البرلمانية التى عرفناها على عهد البرجوازية الصناعية. و تصدر الاولى عن تمثل ديقراطية اثنية انتقائية-لاقليات الرجال-واحاد النساء من المحظيات الملكيات-خصما على و باسم اغلبيات المنتجين-العامة-الغوغاء-الدهماء.
و اجادل انه اذ كرست تلك العمليات Processes اقصاء المجاميع الشعبية- العامة-الدهماء-الغوغاء-فى غفلة من اليسار التقليدى-تشارف الخديعة احيانا-فقد تواطأت بعض فصائل الطبقات المتوسطة والوسيطة بالتماس النشط او/و المزعن. و كان ذلك التواطؤ قد حل بين بعض فصائل من تلك الطبقات- تحت سياط اليمين الجديد-المتطرف-الاوثوذوكسية الاقتصادية الجديدة New Economic Orthodoxy-NEO- منذ ما بين الحربين حتى الثمانينات, و كانت تنويعات اليمين الجديد ما بعد التقليدية قد احتلت مكان اليمين التقليدى ما بين نهاية السبعينات وتباعا فيما تكاذب الطريق الثالث The Third Way منذ نهاية الثمانينات تباعا فى حصار العمل الشعبى. هذا فيما راحت الرأسمالية ما بعد الصناعية تأخذ بخناق اى بديل آخر. فما بين دول راحت تتخذ دور الكيانات القرصانة وبين فصائل بعض الفئات المتوسطة والوسطية التى كانت غالبا تتقاسم مع الدولة خالص وفائض العمل الحى استلب العمل الشعبي بوصفه التعبير الشعبي نشاط "غير ديمقراطى" باسم ديمقراطية "نيابية" تسلم امرها لجماعت فائقة للبرلمان والعملية الديمقراطية الليبرالية-البرجوازية الصناعية. ففيما راحت الرأسمالية ما بعد الصناعية تصم العمل الشعبى المباشر بوصفه عمل  معادي للديمقراطية فتشعل حربا على الحقوق الجمعية-غير المنظمة-خارج التنظيمات المطلبية التى كانت قد دجنت-و التنظيم التلقائى التاريخى للاحتجاج الشعبى و قد كسرت العضلة المطلبية البريطانية.
لاحظ(ي) الجدل الدائر حول الاحتجاجات الشعبية "غير المنظمة" مطلبيا التى يتزعمها ما يسمى بالتحالف الريفى The Countryside Alliance وشركات النقل الصغيرة بقيادة عمال الناقلات وسائقي الشاحنات و الجرارات و التاكسي ابان ازمة البترول فى الاسبوع الثانى من سبتمبر 2000 فى كل من بريطانيا وفرنسا. و لا تنزعج الحكومة الفرنسية لما يسمى فى التراث الديمقراطى الفرنسى بالعمل او النشاط المباشر Direct Action وهو تعبير يقارب النشاط "التلقائي" أى "غير المنظم" تستجيب الحكومة الفرنسية لمطالب تلك الفئات بتخفيض سعر الوقود لكن الحكومة البريطانية تجرم العمل التلقائى المباشر بتهمة انتهاك الحقوق الجمعية لعامة الشعب البريطانى فترفض الاستجابة لمطالبهم بوصف ان العمل التلقائى حري بان يشارف الفوضوية اذ يفتئت على حقوق الاخرين فى مزاولة حياتهم العادية فى الوقت الذى يتمتع به الاحتجاج بشعبية واسعة بين افراد الجمهور.
ومن المهم تذكر ان تلك الحركة كانت رغم ذلك قد انتظمت فى معظمها اعضاء من الطبقات المتوسطة والوسيطة غير ان كل من الحكومة و النقابات تدفع بان تلقائية الاحتجاجات تشارف الفوضووبة اذ تصدر عن العمل المباشر مما يتعارض مع حق الافراد فى مزاولة اعمالهم اليومية المشروعة. وفيما لا تجد الحكومة والنقابات فى انفسهم رفضا لمبدأ حق تلك الفئات الديمقراطى فى التعبير عن مطالبها الا ان حق الافراد فيما يسمى ب "التبادل التجارى المشروع" يعلى على حق المحتجين. واذ ترى الحكومة ان الازعان لمطالب تلك الفئات خارج على تقاليد الحكومة البريطانية تؤخذ كل من الحكومة والحركة النقابية البريطانية وقد اسقط فى ايديهما-إزاء اندلاع الاحتجاج "غير المنظم" الذى قام به سائقو الشاحنات والجرارات والتاكسى على ارتفاع اسعار البترول. و لم يفتح الله على النقابات التي كانت فى اجتماع كان مقرر سلفا مع رئيس الوزراء بكلمة فيما يجأر رئيس الوزراء ان "هذه ليست هى الطريقة التى تقرر بها سياسات الحكومة البريطانية ولن نرضح لاساليب غير ديمقراطية This is not the way to make policy in Britain and never will be" ".
و فيما راح رئيس الوزراء يجمع حوله الخبراء والمستشارين واطباء الكلام المغزول ويستدعى جماعات الوزراء واحدة تلو الاخرى وكانه يترأس وزارة حرب و يعلن وزير المالية من علياء اللاتراجع : "ان هذه القضايا تحسم بالميزانية و ليس بمواجهات واعتصامات Such issues are resolved by budget and not by barricades & Blockades " و ربما كان واردا التساؤل فورا ما اذا كانت نظريات التغيير الاجتماعى القائمة والمسموح بها قد توفرت وما برحت تتوفر على ارهاب البدائل الشعبية المحتملة بالاستلاب الفكري والتنظيمي؟ وما اذا كان حصاد ومحصلة ذلك الاستلاب ان بقيت انماط الانتاج-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations السابقة على الرأسمالية-المجتمعات العربية-مما يؤلف-فى درجات المقياس المدرج-مع غيره "الحوش-الفناء-الخلفي" وحقل تجارب ومستودع موارد الرأسمالية الصناعية المادي واللامادي-معولم بمواضعات ومتغيرات البرجوازية الصناعية- مما اشير اليه بالامبريالية الثالثة؟ هل ثمة سبيل-مع الاقتهار الاقتصادى والسياسى الخ-ان تلحق تلك التشكيلات-انماطا لانتاج وقد شوهت تشويها-مجددا بالرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة؟ أم ان شرط نشوء الكوننة هو ايضا شرط نكوص تلك التشكيلات مجددا على نحو متسارع الى اشباه مشوهة فى كل مكان؟ أثمة سبيل مع الاقتهار الاقتصادى السياسى التاريخى الخ ان تلحق تلك التشكيلات بالكوننة ام ان شروطا نشوء الكوننة هو ايضا شرط نكوص متسارع عام لكافة المستقطبين فى الكوننة-فى درجات المقياس المدرج-الا ما خلا قبائل عابر القوميات من الرجال والنساء المكوننين خصما علىغيرهم فى كل مكان؟ تأسيسا على هذه الفرضيات هل سارعت الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة-الامبريالية الرابعة بالتالى بعمليات استلاب شروط نشوء المستحوذ علي فائض وخالص عملهم الحي ومن ثم على شرط نضوج وارتقاء تشكيلاتهم الاقتصادية الاجتماعية على نحو غير مسبوق مما قد يترتب عليه نكوصها على نحو متسارع الى اشباه مشوهة منها؟
فكيف يتأتى احتفال البعض بالكوننة؟ الا يؤلف المنعطف الآني لحظة فى الزمان الحاضر قد تسبق المستقبل مباشرة؟ Could this moment in the present become the moment that is directly before the Future? OUR FUTURE? قد لا يكون احتفال بعض او معظم الغربيين الاغنياء-و بالتماس- بعض المفقرين بالرأسمالية بتنويعتها وآفاقها اللامتناهية فى تطوير العالم على شاكلتها مدهشا او لا متوقع اوغريبا الا انه قد يفوت على اغلبنا ان الرأسمالية بتنويعاتها وبطبعها تطور-جدليا-مناطق وفئات وشرائح من السكان واقليات على حساب اخرى فى كل مكان. فكيف يتأتى احتفال المستلبين بالرأسمالية بتنويعاتها المقصيين عن مشروع الرأسمالية بتنويعاتها من "العولمة" الى ما ما اعرفه بالكوننة الا ما خلى استلاب خالص وفائض عملها الحي فى تنويعات ملتبسة كـ "التصنيع" و "التطبيع" و "الاصلاح" الاقتصادى"-تطبيع الاقتصاد"-"اقتصاد السوق" تحريرالاقتصاد"-التجارة "الحرة"- شعائرية تعددية حزبية-حقوق انسان إنتقائية وغيرها من ممفصلات قيم ولغة الاقوياء القوية؟[18] والى ذلك ما اذا غدا شبه حتموي ان تنتفي شروط الثورة على الاستحواذ والاستلاب المادى-بالاستلاب الفكرى والتنظيمي بالضرورة والنتيجة معا؟
أى كسر ظهر نظرية التغير الاجتماعى وبعض فصائل المعارضة بتنويعاتها "الواعية" المنظمة" والشعبية "اللاعقلانية"-"العفووية"-غير المنظمة جميعا؟ ام هل راحت بعض المعارضات-وقد انخرضت بدورها فى استتفاه العامة والزراية بها-فلم يعد فكر وتنظيم المعارضة يتمأسس على العمل الشعبى؟ و ما اذا كانت المعارضات لا تواجه دولها وانما تواجه قبائل الرجال والنساء المكوننين-الامبريالية الرابعة-الكوننة-الولايات المتحدة مما لا يجد بعض المعارضات معدى معه سوى التواطؤ معه؟ و لماذا غدى سعى بعض المعارضات للاطاحة بالانظمة التى تتواجه معها لا يفرق بين النضال والانتهاز واحيانا التواطؤ مع العدو المشترك؟ وهل تستبدل بعض المعارضات سيدا محليا بسيد خارجي بعمى وطنى؟ وغير ذلك مما أحاول مجادلته او-و اطرح مزيداً من الاسئلة حوله ولو على سبيل فرضيات بحوث لم يتم التوفر عليها بعد مما يستدعى التأمل طويلا ويستصرخ مزيدا من البحث.
 
كالفينية الطوباوية الغربية و تبكيت الخمس دقائق:
هل ثمة سبيل لمواجهة الكوننة-الامبريالية الرابعة-الولايات المتحدة رأس رمح الكوننة سوى بكوننة المعارضة او-و بالثورة عليها؟ ام هل ما برح "اعتراف" تبكيت الخمس دقائق-الذى كان قد قيض للرأسمالية الصناعية بتنويعاتها-الكوننة على نحو خاص-"غفران" تبكيت خمس دقائق غفرانا مجددا بعد ارتكاب فظائع مجددة كل صباح انتقائيا وحسب الطلب بحق غيرها؟
تبكيت الخمس دقائق و فظائع العولمة والكوننة:
تؤلف سيبرنيستا قاع اليأس. و يبدو الان انه كان علينا الوصول الى قاع اليأس قبل ان ندفع الطرفين الى التصالح باكرا وقد ادرك المجتمع الدولى فشله المخزي بترك الامور تصل الى ذلك الحد من العنف الدموي. ان المرء يشعر بالندم على ترك الامور تصل الى وصلت اليه قبل العمل الجاد الصارم على احلال السلام فى يوغوسلافيا. و قد وقف دوجلاس هيرد وزير الخارجية البريطانية الاسبق امام تسليح المسملين فمنع عنهم السلاح و هو يجأر بان السماح بالسلاح للمسلمين حرى بان "يخلق ساحة متكافئة للعنف" levels the killing field. ويعبر دافيد أوين احد المتفاوضين فى عمليات احلال السلام ابان اجتياح البوسنة-بعد ان اخذ الخطأ مفعوله-عن التبكيت بعد اكثر من 10 سنوات فى حديث اذاعى يقارن بين سيبرنيستا وفظائع الجيش الاسراائيلي فى مخيم جنين-الثلاثاء15 ابريل  2002
ويأتي الاعتراف بعد ان يكون الخطأ قد اخذ مفعولة حتى اليوم فيما راحت الرأسمالية ما بعد الصناعية تجأر به فى التشدق بـ "الشفافية". و تبقى اسرار الجرائم والفظائع التى ارتكبها الغرب بحق البشرية وبحق الشعوب المستعمرة مخفية حتى يفرج عن بعض الحقائق بقانون سرية الوثائق ليتم البوح-"تبكيتا و تكاذبا-فالتمسح بالمغفرة. ولا يؤلف الاعتذار سوى اشفاءا معلنا على جرم ارتكب خفية فيحظى المجرم-فى القانون البريطانى مثلا-بمعاملة افضل فى السجن مما يحظى به مدان يصر على براءته فلا يعترف. وتخفف عقوبة من يعترف بجرمه ويفرج عنه باكرا فيما يحرم من يصر على براءته من تخفيف العقوبة او اطلاق سراحه باكرا. و يصر المعتدى عليه او ذووه على اعتذار المتهم والتعبير عن اسفه لما ارتكب حتى بعد الحكم عليه بالعقوبة على ما ارتكب.
فهل كانت دعوة نيشته للوعي على تكاذب الكنسية ونفعية السلطة الوضعية-الاوربية الغربية-بالسعي نحو سعادة لذة بلا الم قد تمأسست على الاخلاق –المسيحية الغربية؟ و افرق بين المسيحية الاوربية الغربية والافانجلية الامريكية من بعدها و بين نظائرهما الشرقية. ام قيضت نفعية السلطة الوضعية تجاوز الجنة مثلها كمثل ما فعلت التوراة مع اليهود؟ ام باتت نفعية السلطة الوضعية الاوربية الغربية رد فعل علي الاولى؟ وكان نيشة معني بما يمكن تعريفه بـ "سلالة الأخلاق المسيحية" الغربية The genealogy of Christian Values . و بقي نيتشه ينكر الحياة الاخرى طويلا-حتى شارف اجله فطلب الغفران بدوره على فراش الموت, ذلك انه كان لا يرى فى المسيحية الغربية سوى خداعها للمؤمنين فايهامهم وغوايتهم بثواب الجنة ووعدها شريطة ان ينسحب العامة فلا يدخلوا مع شرائح السلطة فى الصراع حول السلطة والثروة. ولم توحي المسيحية للعامة بان مواجهة اصحاب السلطة والثروة حري بان يرد العامة دهماء فيصوغ العصف بهم وحسب وانما تسم مواجهة العامة لاصحاب السلطة والثروة بالضغينة وعدم التواضع مما يحرم العامة من نعيم الآخرة. ورغم ان نيتشه كان من اهم دعاة الاخلاق البروتستانتية مما صوغ بصورة مباشرة او غير مباشرة الثروة فالقوة الا انه يقول بان ثمة "فرية"-احبولة-"سمينة" ضخمة في المسيحية تجأر بأن الإنسان التقي المتواضع لله يرفض السلطة الثروة لان المحبة و التواضع يوصلان إلى الجنة. فالعدالة والحياة الأخرى رهينتان بدفع الفرد للانسحاب بعيدا عن اغراء السلطة و الثروة.
و كان دفع الناس للانسحاب بعيدا عن اغراء السلطة قد تعين على خلق مناخ كف Inhibiting الناس عن السعي بداءة إلى السلطة و الثروة –اى ترك اللذين فى السلطة وشأنهم فيترك الاخيرون الفرد وشأنه مرة. ومرة ثانية يسر كف واحباط سعي الناس الى السلطة للذين في السلطة مخادعة المستلبين. بالمقابل تعد المسيحية الناس بسلطة غير مثبتة تهب ثراء غير معرف بصورة "عقلانية" مرة ثالثة. فقد كانت “العقلانية” قد عرفت بوصفها البحث عن المصلحة الفردية بكل وسيلة إذ أن تحقيق المصلحة الفردية يحقق مصلحة المجتمع وبقيت “العقلانية” تصدر عن تلمودية نفعية لا ترعوي. الا انه ما ان اعيد تعريف مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد باتت اللذة الوقتية العابرة تعبيرا عن المصلحة الفردية.
ذلك ان النفعية كانت قد راحت تعلي مبدأ اللذة وتفادى الالم فبوعد بين الناس العاديين وبين الطموح بوصفه مدعاة لمغامرة قد لا تحمد عقباها. ونادت فلسفة القرن التاسع عشر بالاخلاق-المسيحية-فى عمل الخير واتباع قوانين العقل والتفاعل مع الغير بتلك القوانين. ولما كانت قوانين العقل هى التى تقرها السلطة على ضوء مصلحة الاقوياء الاثرياء فقد ترك الناس المغامرة للمغامرين. وكان الفيلسوف كانت يرى فى مقاومة الفرد لنفسه ونوازعه الفطرية مصارعاً ذاته هي سبيل الفرد الى أعلى نموذج لـ "ألبطل الاخلاقى", و يزعم كانت ان "البطل الاخلاقى" ينعم ويزدهر بفعل الخير واتباع المبدأ الاخلاقى على الرغم من الصراع الذى قد ينشأ داخل الفرد والتنازع بين الخير والشر وربما بسبب انتصار الفرد فى تلك المعركة الازلية بتفضيل فعل الخير.
ذلك أن انتصار الفرد فى ذلك الصراع يجعل الفرد وانتصاره فى ذلك الصراع يتألقان بصورة اشد بريقا[19].
وكان أرسطو يقول بـ"البطل الدينى" الذى يتبع الاخلاق والقيم لان من واجب الفرد ان يكون اخلاقيا و خيرا فقد رآى أرسطو بان البشر يقومون بفعل الخير لان البشر مجبولون على الخير والقيم الاخلاقية. وقال كانت بالمقابل ان ما يفعله الفرد يتأتى عن كون الانسان المعقول حري بان يتبع قوانين العقل ويتفاعل مع الغير على اساس مبدأ الموقف الذى يجد الفرد نفسه والآخر فيه. و إن وضع الفرد نفسه مكان الشخص الذى امامه يتبين له ما اذا كان ما يفعله هو نفسه مقبولا ام لا.
و كان سقراط يرى ان من الافضل ان تكون حكيما شقيا من ان تكون ابلها سعيدا. و يستطرد بأن ميل سيد النفعيين بان كل ما هو سار وممتع يقع فى عداد الخير وان اسمى لذة هى تلك التى تتجاوز الالم.
ولم تلبث النفعية Utalitarianism ان راحت تقول بان حياة الفرد تتصل بالمنفعة وتفادى الالم فالنفعي المثالى الكلاسيكى يرى ان السعادة تقوم على حسابات لا يهم فيها سوى نتائجها. و قدانسحبت القيم الاخلاقية فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر الى بيداء اللا اخلاق فباتت الاخلاق نائية حتى ان بعضها اشد بوارا من ان تشمله قواميس ما بعد الحدايثة وقد احتل مكان الاخيرة “الرشد” او العقلانية والانضباط واحترام "القانون الطبيعي او-و الوضعي" تخاتلا. و فيما غدا “الرشد” او “العقلانية” سبيلا تحقيق كل من النجاح والسعادة واللذة فقد تعين القانون الطبيعى على تسويغ السلطة العليا للفرد الاوربى الغربى-الانجلو ساكسونى-و الانجلو امريكى من بعده ولم ينفك القانون الطبيعى ان تمثل فى فبركة اوربية غربية تختم على كافة القوانين الاخرى و تتجاهلها وربما "تبربرها"[20].
و قد بقى "القانون الطبيعى تجسيدا للبرجوازية الصناعية منذ القرن التاسع عشر حتى اجتياح الرأسمالية ما بعد الصناعية للاخيرة. واناقش العلاقة الجدلية بين النفعية وتفريد الفرد-ما بعد الرأسمالي-بتفريغ دواخله من كافة القيم والمحازير الاجتماعية ومن ثم من أى تبكيت او لا مساس بحيث يغدو الفرد المفرد لوحا نظيفا تسطر فوق صفحته مجددا رغبات فرد اناني مفرد على نحو يوقف نزوعه نحو تحقيق حاجاته فذاته-و قد "تحرر"تدليسا-من سلطة الدولة-قضية معلاة على ما عداها فنشأت حركات القضية الواحدة Single Issue Movements خصما على كل من الحركات الجمعية وحركات القضايا المصيرية فى مكان اخر. وكان تفريد الفرد بعنف الاستلاب النفسى قد بدأ فى الخمسينات على أيدي مدرسة انا فرويد للتحليل النفسى. وكرس تفريد الفرد فى السبعينات مجددا بفلسفة تتمثل فى أنا انا I am me و تباعا حتى عشية فوصول رونالد ريجان الى السلطة فى ثمانينات القرن العشرين على الخصوص. ففيما كانت الاشتراكية تطالب الفرد بالتنازال عن ذاتيه للذات الجماعية فقد راحت الرأسمالية ما بعد الصناعيّة تغوي الافراد بجعلهم "طلقاء" او "تطلق سراحهم" من قيود الدولة.
و كان ريجان يجأر ابان حملته الانتخابية الاولى "سوف اطلق سراحكم باعفائكم من ثقل الحكومة" I shall let you loose. و قد حرضت فلسفة السوق الفرد فراحت تشظيه فتوقفه فى عراء السلطة الجمعية وخارج وفوق المجتمع برفض فكرة المجتمع والطبقة والتمايز بحسب الطبقة والسن واللون والنوع. وقد راح الفرد المفرد يؤكد وجوده بـ"التعبير الذاتى" وقد "امتلك" ناصية القرار الفردى و بـ "فرص" و"خيارات" استهلاك السلع. لقد غدت تنويعة "انا اتسوق واستهلك فانا موجود" ترجع لحن تنويعة سعادة تفادي الالم بلذة الاقتناء والاستهلاك. و ترتيبا بات كل من وما يقف امام خيارات الفرد الاستهلاكية "عدوان" يستدعي مواجهته بالعنف وصولا الى الحرب. فقد زوق ذلك "العدوان" بهذا الوصف وكرس حتى بات مكونا للذهنية الفردية كونه وظيفة "حسد" وضغينة غير الغرب على الغرب أو-و كون الحرب دفاع عن مبادئ العالم الحر-الملكية الخاصة-الدميقراطية تكاذبا.
وكان النفعيون الجدد تعينوا على اعادة انتاج المفاهيم الابيقورية الهيلينية-القرن الرابع-بان سعادة الفرد توجد فى النزوع الى الملذات العليا والدنيا والقيم المرغوب فيها. لقد باتت النفعية الجديدة تنويعاً على سعادة الاستهلاك فيما باتت التوبة المسيحية الغربية باعتراف تبكيت الخمس دقائق وسيلة السلطة الوضعية الاوربية الغربية لارتهان الفرد الانجلوامريكى على الخصوص باريكة محللي الفرويدية الجديدة النفسيين مما فصلته فى مكان اخر. ام هل قيض "اعتراف" تبكيت الخمس دقائق للرأسمالية بتنويعاتها الليبرالية وما بعد الليبرالية على نحو خاص-"غفران" تبكيت خمس دقائق مجددا وفى كل مرة ترتكب الرأسمالية ما بعد الليبرالية ما بعد الرأسمالية على الخصوص فظائع مجددة كل صباح انتقائيا وحسب الطلب بحق غيرها؟  
 
اعتراف تبكيت الخمس دقائق:
كانت الكنيسة الغربية قد قيضت ما اسماه نيتشه عقيدة الارتياح على الخطأ. ذلك انه لما كانت اوربا الاغنياء الغربيين قد ارتاحت على رضى ثيولوجى يبلو آثام فظائع الاثرياء الاقوياء فقد كان خاطر الاغنياء الاقوياء يطيب مرة ومرة اخرى يدعو رضى الاثرياء الاقوياء العامة للتسامح مع فقرهم بضمان الجنة للفقراء وحدهم مرة اخرى- اذ "اسهل على جمل ان يلج سم الخياط من ان يدخل ثرى الجنة". وكان الاثرياء و ما يبرحون يفسقون بفقرائهم و بشعوب الامتدادات وقد ضمنوا جنة الارض مرة بالنهب و مرة باعتراف مسيحى يغفر لهم خطاياهم. و ازعم ان جريرة نيتشه وتكفيره فاتهامه بالجنون لم تكن بسبب عنصريته وحسب وانما لانه كان قد دمغ المسيحية الغربية-الكاثوليكية-بانها عقيدة او دين "الارتياح و الرضى الزائف" عن النفس بالاعتراف الكاثوليكى فى كل مرة فيتبلد حس المذنب بالرضى الثيولوجى فى كل مرة. فالمسيحية-على حد قوله-تبلد احساس الفرد بالاثم والخزى بالاعتراف مرة بعد اخرى الى ما لا نهاية.
واجادل ان مبدأ ما يسمى بـ "الشفافية" قد لا يزيد عن تنويعة على الاعتراف المسيحى-شريطة ان يكون الخطأ قد اخذ مفعوله. وكانت الفسلفة الغربية والفكر الاجتماعى الليبراليين الغربين قد ادعيا التعين على الحرية والارادة الحرة فتمأسسا على الديمقراطية الليبرالية وما بعد الليبرالية. سوى ان الفلسفة والفكر الاجتماعيين الغربيين تعينا بالوصف اعلاه على غفران جرائمهما بحق البشرية غير البيضاء بمحض الاعتراف بالخطأ بعد ان يأخذ الخطأ مفعوله. ولم يكن ذلك الاعتراف سوى تنويعة على الاعتراف المسيحى. فلم تؤلف علاقة بروفيومو-رئيس حزب الاحرار البريطانى فى السبعينات بكريستين كيلر مثلا ولا معاشرته المثلية لاحد عارضى الازياء المشهورين جرما فى قيم السياسية البريطانية وانما كان ما أودى بمركز ومستقبل بروفيومو هو انه ظل ينكر ويكذب فلم يعتذر. ويلاحظ كيف أن ما يقصر عما يؤلف اعتذارا امام مجلس العموم من جانب ستيفين بايرز وزير المواصلات البريطانى كان حريا بان يقيض للوزير انقاذ رقبته ومستقبله السياسى لو انه فعل وقتها. فمنذ ان سربت جو مور مستشارته الخاصة رسالة اليكترونية عصرية الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 بـ"ان ذلك هو افضل وقت لدفن" انباء الوزارة السيئة" او غير الشعبية-استفحلت الحرب الاهلية بين مستشاري الوزير الخصوصيين واعضاء الخدمة المدنية حتى الاسبوع الاخير من فبراير 2002. و لما لم يكن معدى من ان "يعتذر" الوزير عما تبدى و كأنه انكار للوقائع لم يجد الوزير اعتذاره شيئا. فلو ان الوزير اعتذر لضمن جنة الدنيا السياسية بالبقاء فى موقعه راضيا مرضيا عنه من قبل رئيس الوزراء وأقرانه بالنتيجة.
و ازعم انه ما ان راح البرلمان يحل مكان الكنيسة ويحل الاعتراف بالخطأ امام مجلس العموم مكان الاعتراف بالاثم امام الكاهن فقد راحت الديمقراطية الليبرالية ترتاح على محض اعتراف تبكيت خمس دقائق. فقلما توفرت الفسلفة الغربية والفكر الاجتماعى الليبرالي الغربي على مسئولية الحكام ازاء محكوميهم هم ولا ازاء الشعوب المهزومة من منتجي فائض وخالص العمل الحي المادي وغير المادي سواء فى المجتمات الغربية الغنية نفسها او فى الامتدادات الا بقدر ما تقيض النظريات الاجتماعية و"العلم" آليات تكريس الاستحواذ ومن ثم السيطرة. وكانت حكومتا المحافظين والعمال "الجديد" قد بقيتا تطمنان الشعب البريطانى بان لحم البقر صالح للاكل وان ليس ثمة خطر من مرض جنون البقر على البشر الى ان راحت اعراض تنويعة من ذلك المرض تنتشر بصورة لم تعد المغالطة العلمية والسياسية والاقتصادية ممكنة. وما ان ظهرت الحقائق الموضوعية لم يزد الوزراء والسلطات الطبية والعلماء سوى ان "اعتذروا" لذوي الضحايا والمصابين ووعدوا بـ "تعويض" مالي "تكفيرا".
 
هل وفرت الكنسية الغربية كيمياء عقيدة الارتياح على الخطأ؟
ان كانت الكنيسة الغربية قد قيضت ما اسماه نيشه عقيدة الارتياح على الخطأ اجادل ان الفسلفة الغربية والفكر الاجتماعى الغربى-و كانا-و قد ادعيا التعين على الحرية والارادة الحرة-الا انهما قلما توفرا على مسئولية الحكام ازاء المحكومين والشعوب المهزومة من منتجى فائض وخالص العمل الحي المادي وغير المادي سواء فى المجتمات الغربية الغنية نفسها او فى الامتدادات الا بقدر ما تقيض النظريات الاجتماعية و"العلم" آليات تكريس الاستحواذ ومن ثم السيطرة. وقد كانت مفاهيم الحرية والارادة الحرة تستدعى مواجهة متراتبات الارث السلطوى الاقطاعي والقنانة لم يتعين فلاسفة البرواجزية الصناعية على ابعد من الديمقراطية البرلمانية الليبرالية التى ما تبرح تفزع من اي عمل شعبى فيما لم تزد الرأسمالية ما بعد الصناعية وقد راحت تصدر الديمقراطية ما بعد الليبرالية-او ما بعد الليبرالية-مما اناقشه تباعا و فى فصلين مستقلين فى مكان آخر-سوى ان الديمقراطية الليبرالية قد غدت اشد تخلفا بمرور مئات السنين على بداياتها التى لم تتغير او تطور على نحو يواكب "تطور" الرأسمالية الصناعية او نكوصها. ويلاحظ ذلك فيما يلاحظ فى آخر الديمقراطيات الليبرالية الغربية واحدها-الولايات المتحدة-فى تخلف النظام الديمقراطى الدستورى الامريكى مما راح يسلمه الى ما يشارف التلاعب والتزوير فى اوراق ونتائج الاقتراع العام وفى نتائج العملية الديمقراطية جميعا.
و ازعم ان ادعاء اطلاق الحريات قد لايزيد احيانا عن عملية "اختطاف" للديمقراطية بخاصة كلما كان اطلاق الحريات فى عراء البدائل وقد كسر ظهر التنظيمات الشعبية-و المطلبية وأفرغ المجتمع المدنى والاحزاب السياسية من محتواهما بالعصف او-و المتابعة والمصادرة و الرقابة او-و بطول بقاء احزاب المعارضة فى بيداء احتكار احزاب السلطة للسلطة-فى المجتمعات المفقرة والمجتمعات الغنية-فى المقياس المدرج. وازعم ان تلك الكيمياء كانت حرية بان تتعين على خلق شرط ما يسمى بالعمل الشعبى المباشر اى العمل الشعبى خارج التنظيمات والمؤسسات الرسمية والاهلية المتعارف عليها والمسموح بقيامها.
وقد كانت مفاهيم الحرية والارادة الحرة تستدعى مواجهة متراتبات الارث السلطوى الاقطاعى والقنانة فلم يتعين فلاسفة البرواجزية الصناعية على ابعد من الديمقراطية البرلمانية الليبرالية التى ما تبرح تفزع من اى عمل شعبى فيما لم تزد الرأسمالية ما بعد الصناعية اذ راحت تصدر الديمقراطية ما بعد الليبرالية-او ما بعد الليبرالية-مما اناقشه تباعا وفى فصلين مستقلين فى مكان اخر-سوى ان الديمقراطية الليبرالية قد غدت اشد تخلفا بمرور مئات السنين على بداياتها التى لم تتغير او تطور على نحو يواكب "تطور" الرأسمالية الصناعية او نكوصها. و يلاحظ ذلك فيما يلاحظ فى آخر الديمقراطيات الليبرالية الغربية و احدها-الولايات المتحدة-فى تخلف النظام الديمقراطى الدستورى الامريكى مما راح يسلمه الى ما يشارف التلاعب وا لتزير فى اوراق و نتائج الاقتراع العام و فى نتائج العملية الديمراطية جميعا.
و لم تعد احزاب المعارضة تتنفس فتعيش فى مناخ و كيمياء و شرط التوفر على تنمية و بناء نفسها فلم تعد احزاب المعارضة فى كل مكان تملك-فى المقياس المدرج-القدرة على ولا الاستعداد المتصل فى الزمكان للوصول الى السلطة. فاهم اعمدة الديمقراطية معارضة فاعلة ومجتمع مدنى نشط وواسع وعميق ومنتشر فى كافة ارجاء المجتمع وقضاء مستقل ودولة محددة الواجبات ازاء الفرد و الجماعات المختلفة بغض النظر عن اعراق تلك الجماعات او انتماءاتها السياسية او ولاءاتها الجمهورية وإلا كنا بصدد نظام الحزب الواحد. ولعله غير خاف على الكثيرين فى كل مكان ان الحرية ليست مرادفا للديمقراطية. وقد كان مفهوم الحرية مرادفا لدى الكثيرين بالديمقراطية الا ان الحرية لم تعن دائما الديمقراطية وانما تتعين الديمقراطية على قدرة الافراد والجماعات على تنظيم انفسهم حول مصالح مشتركة. ويلاحظ كيف انه كلما ادعيت الحرية من حرية السوق الى حرية الاختيار والفرص كلما تقلصت هوامش ديمقراطية حركة الافراد والجماعات على تنظيم انفسهم اما بسبب قصور الديمقراطية السياسية وحدها على توفير شرط العمل التنظميى او-و بسبب نشر الوهم بان الحرية-حتى التسيب الاباحي فى الحرية مما يدفع الافراد والجماعات الى لامبالاة رضى كونهم "احرار" فتزييف الارادة الفردية و الجمعية.
ومن المفيد تذكر ان الفلسفة الليبرالية لم تتوفر-ولو بمحض انغلاقها بوعورة على نفسها-فى اشد احوالها تعاطفا مع غير الحكام او-و خصاما و تنافسا على السلطة مع الحكام-سوى على ان تجأر من عليائها بتحرير اقليات افراد ممتازين من العلماء والمفكرين اكثر مما تتعين على تحرير المحكومين من العامة. وقد "هبطت" مقولات الفلسفة الليبرالية الى المؤسسات التعليمية الرأسمالية فغالبا ما لا تزيد معظم تلك المقولات عن ان تفاقم التجهيل المتقصد او الجهل اللاواعي-وجهي عملة الصلافة، بما يوفر للافراد والمجاميع أقسى قدراتهم من اجل تنظيم انفسهم فالعمل من اجل تحقيق مصالحهم والوعى بالجرائم التى ارتكبت وترتكب باسمهم فى الامتدادات.
وجهى عملة نكوص البرجوازية الصناعية و رموزها:
كانت البرجوازية الصناعية تتوفر على قيم الوطنية ولو تكاذبا وعلى الدولة القومية فتمأسست على مفهوم المجتمع والجماعة والاسرة والجوار رغم انها كانت وراء تضعضع الاسرة الممتدة باجتياج اقتصاد الكوخ فخلخلة الريف لحساب الانتاج السلعي الصناعي فى الفابريكات الكبرى فقد انتجت الى ذلك تعاضدات مهنيّة ومنظمات مطلبية بوصف ان الاخيرة كانت من رواسب الطوائف الحرفية الاقطاعية السابقة. وقد خرجت من رحم الدولة القومية الاحزاب السياسية العمالية فقد خلقت البرجوازية الصناعية بروليتاريا صناعية باتت تواجه الاولى فيما بقيت الاخيرة تصدر بعد عن قيمها وقيم البرجوازية معا. ويزعم بارثيس Barthes: 1988 ان البرجوازية الصناعية تقوم باحلال نفسها مكان الطبيعة والقانون الطبيعي والأمة والانسانية فتحييد فكرة الانسان بحيث تعلي الانسان البرجوازى -الطبقة البرجوزاية وقيم الانسان البرجوازى على الانسان غير البرجوازى - الطبقات غير البرجوازية وتحرم او تؤبلس وتصمت عن قيم من عدا الانسان البرجوازى سواء كان بروليتاريا-عاملا صناعيّاً او كان مزارعاً أو فرداً عالم ثالثيّاً. وقد كانت البرجوازية الصناعية قد طرحت نفسها فى مشخصنات قومية انسانية إذ ان الرأسمالية ما بعد الصناعية الكوننة راحت -وقد نأت بعيدا عن الحدود القومية وحلقت فوقها وفوق كل ماهو قومى- تحيّد تلك الشخصنة بل تحل مكانها لاشخصنة فى الادارة والاتصال والقيم والمعايير والعلاقات الانسانية. لقد راحت القيم التربوية والتعليمية ما بعد الحداثوية تتوفرعلى تكريس رضى الافرد والمجاميع عن انفسهم مما عاد ففاقم بدوره من تجهيل وجهل فصلافة معظم افراد ومجاميع الغربيين عموما ازاء الفظائع الماضية بحق الشعوب المهزومة حتى استقطبت الكوننة الكل بلا انتقاء. وازعم ان ذلك كان وجهي عملة نكوص البرجوازية الصناعية فنشوء ما بعدها مما كان قد راح يتمثل منذ السبعينات على الاقل فى تدني بعض المؤسسات البرجوازية الصناعية وبخاصة مؤسسة الاعلام والمؤسسات التعليمية فلم يعد التعليم يملك ولا كان معني بدفع الافراد والمجاميع الى تحقيق اقصى قدراتهم بقدر ما فاقم من الجهل العام. واجادل انه ان كانت المسيحية الغربية قد شغلت الناس بالموت والتفكير فيه فالتكفير عنه ازاء الآخرة فقد كان الموت قد احتل بالمفاهيم الكنسية الغربية ما بات الجنس يحتله اليوم من حياة الناس العاديين.
سوى ان الجنس و ممارسته لم يتوقفا عن اخلاء مكانهما من آن لآخر للموت وقد بات الموت لحظة تحقق قومي احيانا فتمثل البكاء العام فى تنويعة على التطهر[21]. واجادل ان الرأسمالية بتنويعاتها كانت قد سعت-بتوق طوباوي-بالمعنى الكالفني Calvinist وما تنفك الرأسمالية ما بعد الصناعية تنشد "غفراناً" مؤقتاً بـ "تكفير"-مؤقت-بخمس دقائق-فتدعى ديمقراطية او شفافية او كشف "حقائق. سوى ان الحقائق تبقى "مصنفة" Classified بقوانين تصنيف المعلومات التى تشترط للكشف عن المعلومات مرور ثلاثين عاما فتمتنع المعلومات والحقائق على المؤرخين والباحثين الى ان يفوت اوان واهمية الكشف عن الحقائق الموضوعية. ولا يزيد قانون المصنفات عن كونه تقليداً يتم الخروج عليه انتفائيا او-و مد فترة التصنيف الى ما لا نهاية. فما زالت مثلا وثائق الحماية على فلسطين غير قابلة للاطلاع عليها. وما تبرح حقائق تتصل بفظائع خمسة قرون خافية. بل بقيت فظائع الكنيسة الكاثوليكية بحق العمل والمعرفة وعلماء ومفكري ما يسمى بعصر النهضة الاوربية الغربية محجوبة حتى نهاية القرن العشرين، فلم تنشر محاكمات جوردانوا برونو ولم يفك تصنيف كتاب جاليليو جاليللى "الحوار" بوصفه من المحرمات الكنسية حتى عام 1992. لم يكشف عن الحقائق الا بشريطة أن يكون الخطأ قد أخذ مفعوله و-أو-حسب ما يتفق وحساسية اسرار مخبوءة وهكذا تبقى بعض تلك الحقائق خافية مخفية الى ان يفوت اوان اهميتها وحتى تغدو بلا اهمية تذكر او تنسى دون الاعتراف بفظاعتها. لقد اعتذر البابا فى 12-3- 2000 بمناسبة الالفية عن فظائع الكنيسة الكاثوليكية فى الحروب الصليبية على الاراضي المقدسة وضد الاسلام وعن محاكم التفتيش وحملات الفاتحين الاوربيين Conquistadors والمبشرين فى امريكا الشمالية والجنوبية الوحشية ضد الاهالي الاصليين فى العالم الجديد وفى كل مكان. على ان "حقائق" واسرار فظائع مجددة قد تقترف بحق المفقرين الغربيين انفسهم وغير الأوربيين كل صباح[22]. أليس غريبا ان يقيض الازعان لارهاب سوط النظرية التآمرية او-و يغفر فى كل مرة للرأسمالية بتنويعاتها فظائعها الحالة بالضرورة فى كل مكان-مع التحولات العنيفة المصاحبة بالنتيجة للرأسمالية بتنويعاتها مما قد يصاب معه بعضنا بفقدان ذاكرة جماعي فلا يني يحتفل بالرأسمالية فى كل مرة؟
يشوقني كثيرا تأمل مبعث بعض مظاهر التفاؤل الساذج بالرأسمالية مجددا والرأسمالية ما بعد الصناعية –الكوننة والتماهي مع ديمقراطية الرأسمالية الغربية بتنويعاتها وقد قيضت شروط اعادة قراءة تاريخ وسجل الرأسمالية بتنويعاتها. ففيما يبقى فكر وتنظيم الرأسمالية بالوصف اعلاه وبما اجادله به تباعا- تبقى "ديمرقراطية" الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية –الانجلو امريكية امرا باعثا على حلم طوباوي –بالمعنى الكالفني غالبا-بان يقيض لغير الرأسماليين بتنويعاتهم –مثل ذلك الحلم البديع ولا ينتبه الحالمون الى كيف يتوفر للغرب–بمسيحية غربية تماما- "دغدغة ضمير" الرأسمالية بـ "اعتراف" جزئي موقوت. فاذ يقيض "غفران" يومي عن فظائع الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية –الانجلو امريكية- تسمي الرأسمالية اعترافها اليومى بتبكيت الخمس دقائق ديمقراطية "ليبرالية" او "ما بعد ليبرالية" حيثما يتفق ومرحلة "تطور" او نكوص الرأسمالية والفكر والممارسة السياسية التنظيمية. ويتم ذلك بعد مرور ثلاثين عاما او خمسة قرون شريطة أن يكون الخطأ قد أخذ مفعوله و-أو-حسب ما يتفق وحساسية اسرار مخبوءة حتى فوات اوان قيمة الاعتراف او "الكشف"عن الحقائق[23]. و كانت الهيريفورد كورانت Hereford Current News احدى كبريات صحف ديترويت نشرت اعتذارا من 800 كلمة على الصفحة الاولى عدد الخميس6-7- 2002 عن الاعلانات التى كانت تنشرها فى القرن التاسع عشر حول مزادات بيع العبيد وحول الجوائز التى كان يعد بها اصحاب العبيد الفارين من يقبض على العبيد ويعيدهم لإسيادهم. وذكرت الجريدة المبالغ المعتبرة التى حصلت عليها مقابل تلك الاعلانات. ففيما تعمش الرأسمالية بتنويعاتها على "حقائق" واسرار ترتكب فظائع مجددة بحق المفقرين الغربيين انفسهم وغير الأوربيين كل صباح. وفيما كانت الرأسمالية عبورا بتنويعاتها السابقة على البرجوازية الصناعية الى البرجوازية الصناعية-العولمة- قد استلبت ما قدر بخمس ارباع فائض انتاج البشرية المادى واللامادي وابادت شعوب بكاملها تحت رايات "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و"الفتح" و"التنوير" و"التحديث" الخ باسم بشرية-بيضاء داروينية انتقائية- ما تنفك الشركات متعددة الجنسيات-صناعة الكيماويات تمارس التجريب واعادة التجريب على البشر بشراسة تفوق التجريب على الحيوانات فيما تواصل شركات التعديل "اكتشافات" ما هو قائم فى الطبيعة فاحتكاره والسيطرة عليه مثله كمثل الارض والبشر والماء والفضاء الخارجى الخ. لاحظ(ي) حملة منظمة الصحة العالمية لتطعيم اطفال افريقيا مما يقدر اقلية من العلماء انه تسبب فى نشرالايدز من فصيلة 1 و 2 فى دول جنوب الصحراء وغرب افريقيا: زائير والسنغال وبورندي الخ[24]. و يقدر ان عدد ضحايا الايدز بأنه قد يبلغ مع نهاية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين فى افريقيا جنوب الصحراء ما يفوق عدد ضحايا كافة حروب القرن العشرين.
أليس غريبا ان يقيض ارهاب سوط النظرية التآمرية او-و يغفر فى كل مرة للرأسمالية بتنويعاتها فظائعها الحالة بالضرورة فى كل مكان-مع التحولات العنيفة المصاحبة بالنتيجة للرأسمالية بتنويعاتها فيصاب معه بعضنا بفقدان ذاكرة جماعي فلا يني يحتفل بالرأسمالية فى كل مرة؟
 ومن المشوق كثيرا تأمل مبعث بعض مظاهر تفاؤل بعضنا الساذج بالرأسمالية مجددا والرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة والتماهي مع ديمقراطية الرأسمالية الغربية بتنويعاتها فى حين قيضت بعض شروط اعادة قراءة تاريخ وسجل الرأسمالية بتنويعاتها وما تجأر متغنية به وما تلح على ترداده وما تعد به وما تمنى به سواها من الحرية و المساواة والديمقراطية الخ عرى طاقم قيم الرأسمالية الاخلاقى على نحو غير مسبوق. ففيما يبقى فكر وتنظيم الرأسمالية متكاذبا تبقى "ديمرقراطية" الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية امرا باعثا على حلم طوباوي-بالمعنى الكالفيني غالبا-بان يقيض لغير الرأسماليين بتنويعاتهم-تحقق مثل ذلك الحلم البديع[25]. وازعم ان أفكار كالفين وفرت لقادة الحروب الاهلية الانجليزية واستعمار العالم الجديد توليفة من الكالفينية وافانجلية المهاجرين الاوائل التطهرية Putitanism ذريعة تبرير الحروب "الاهلية" فالتوسع والاستعمار من بعد بوصف ان الاخيرين ثواب فى الرب. غير ان الحالمين بسذاجة تشارف الخديعة او-و الماواطئين-لا يتنبهون الى كيف تتفر الرأسمالية بتنويعاتها، من الفطيرة الى ما بعد الرأسمالية التي تتوفر-بمسيحية تلك التوليفة البراجماتية الغربية تماما-على "دغدغة ضمير" الرأسمالية بـ "اعتراف" جزئي موقوت. فإذ يقيض "غفران" يومي موقوت فظائع الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية-تدعى الاخيرتان-ان اعترافهما اليومى وتبكيت الخمس دقائق-ديمقراطية "ليبرالية" او "ما بعد ليبرالية" حيثما يتفق ومرحلة "تطور" او نكوص الرأسمالية والفكر والممارسة السياسية التنظيمية.
 
نظريات مبادئ "التنمية" الرأسمالية و مرادفاتها "التنويرية"
قد تبدو هذه المجادلة عاشمة بعد فى التغيير الاجتماعى إذ أن قاموسا للاقتصاد السياسي للاستحواذ من الصليبية الرابعة على الاقل عبورا ب "الاكشافات" الجغرافية الكبرى-الإمبريالية الاولى وما يسمى "النهضة" الى ما يمسى بعصر "التنوير" Enlightenment و"الانسانوية" Humanism الامبريالية الثانية-قد يساعد على تبيّن وتبيان الاقتصاد السياسي للمعارضة والعمل الشعبي بدورهما. وقد يتصل تبيان الاقتصاد السياسى للمعارضة فى كل مكان فى المقياس المدرج بدوره بما يسمى بولمة نمط الانتاج البرجوازى الصناعى انتقائيا-الامبريالية الثالثة الى لا انتقائية الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة-الامبريالية الرابعة. ويلاحظ الناس فى كل مكان كيف غدا الانضباط فى صف الاكاديميات الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية الام-كمثل الانضباط حتى الجنون فى شرطيات استحواذ الكوننة-حديديا يكاد يشارف الضبط والربط "الايديولوجيين" المعسكرين- Regimented المبيدقين-ان صح التعبير بغض النظر عن وفى عين "الديمقراطية" والتعددية الحزبية بدءً بحقوق الانسان على نحو خاص. ذلك انه ان كان قاموس الاستحواذ التاريخي قد افرز مفردات قابلة لأن تحقن بمعنى ونقيضه دفعة واحدة فقد تعيّن على المؤسسة الاكاديمية الام ان تخاتل او-و نتنج وتعيد انتاج براديجمات فصلية يتم الدفاع عنها بنفس الحماس الذى يتم به نقدها والتبرؤ منها فى كل مرة بعد هدمها كلما افتضح امرها.
ويجادل هذا البحث "صفر تكوين" أو قاموس الحصار التاريخي الاقتصادي السياسي النظري التنظيمي للشعوب "اللا غربية"- العربية على الخصوص-في سياق زمكان وعلى خلفية استلاب تلك الشعوب- "من أسفل". وازعم أن ما اعرفه بـ "الإمبرياليات الأربع": "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" وما يسمى بـ "النهضة" و"المبدأ الانسانوي" Humanism الإمبريالية الأولى-وقياس الثورة الصناعية الانجلو سكسونية الثانية ونظيرتها الفرنسية وما يسمى "التنوير" واعرفه بالإمبريالية الثانية-فالبرجوازية الصناعية-ما اعرفه بالعولمة: الإمبريالية الثالثة وصولا إلى الرأسمالية ما بعد الصناعية-المكدنةMacdonalization -الكوكلة- Cocalization-الكوننة-الإمبريالية الرابعة-لم تزد عن آليات حصار ما عداها تباعا. فان كانت المراكمة الثقافية والمادية الرأسمالية بتنويعاتها وظيفة ومحصلة اجتاح القدس و نهب القسطنطينة و الاستمداد عن الأندلس ف"الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و"الفتح" عبورا بقرصنة ما رواء البحار وصولا الى ضعضعة الخلافة العثمانية فتقسيمها الخ فان شعوب و أقوام وأقاليم "مكتشفة" و"مفتوحة" تعين عليها إما أن "تنصر" جبرا باسم الحضارة والمسيحية الغربية أو أنها "بربرت" فأبلست و-أو استلب تاريخها وثقافتها فقيض ادعاؤهما تباعا. ذلك أن شعوب المناطق "المكتشفة" و "المفتوحة"-و لم يكونوا راغبين في أن يكتشفوا أو ينصروا أو يحدثوا –لم يلبثوا أن اصبحوا فوجدوا أنفسهم و قد فقدوا أراضيهم وثرواتهم فورا و تباعا وثقافاتهم غالبا ومعتقداتهم أحيانا. و لم يلبث مشروع الرأسمالية ما بعد الصناعية أو ما اعرفه بالكوننة-الامبريالية الرابعة-أن راح بدوره يكرس عنف تنويعات مجددة ملتبسة بـ "التصنيع"-"اللحاق"-"النمو"-"التكييف الهيكلى"-"التنمية"-"تحرير الاقتصاد"-"التطبيع"-"الأسواق الحرة"-"التجارة الحرة" فلم تزد الامبريالية الرابعة بدورها عن استلاب شرط الديمقراطية الاقتصادية فاحباط الديمقراطية السياسية بشعائرية تعددية حزبية-جمهوريات رئاسية مفبركة-منظمات "غير حكومية" تخترق فتستبق المجتمع المدني-حقوق إنسان انتقائية-بوصفها تنويعات ديمقراطية "ما بعد ليبرالية" خصما على الديمقراطية الليبرالية مما لا يزيد-فى المقياس المدرج-عن استلاب وارتهان فحصار فكر وتنظيم البدائل قاطبة.
و ازعم أنه حيث استقطب "التنوير" وما يسمى بـ"المبدأ الانسانوى" شعوبا وثقافات في ثنائيات ما بعد تنويرية ما بعد صهيونية لا متناهية Infinite Post-Enlgihtenment/post-Zionist- Dichotomies منذ القرن الثامن عشر مرة فقد راحت الرأسمالية بتنويعاتها تفرض مرة اخرى وتباعا سواسية مذعنة فتجتزئ البشرية-منذ "الاكتشافات الجغرافية الكبرى"- بين اقوام-"متحضرة"-ومتخلفة غير قابلة للتطور عليها ان "تطور" و"تحدث" فلتحق بـ"البشرية". ذلك انه ان كانت الكاثوليكية الغربية قد تطلّبت-منذ الصليبيات السبع-"إيمانا بلا مجادلة" فقد تعقبت غير الكاثوليك "الملحدين" الكفرة أو-و نصرت "الوثنيين" قصرا فتقلصت البشرية تباعا بين كاثوليك و ملحدين أو-و وثنيين-كفرة خارج حظيرة الإيمان. ثم راحت أوربا "التنويرية" تجأر بـ"عقلانية" أوقفت نقيضا للإيمان والعاطفة فتقلصت البشرية مرة أخرى إذ حشرت بجنون في عقلانية تقصي ما تسمه بالتلقائية-العاطفية أى الدهمائية-اللاعقلانية فتؤبلسه. ثم راحت البرجوازية الصناعية تجأر بحضرنة امتداداتها-انتقائيا-فانكمشت البشرية مرة ثالثة بايقاف "الإنسانية" على المتحضرين المحدثين وإقصاء من عداهم أو-و سوغت عمليات "تحديثهم" بالقوة او-وتجريمهم لقصورهم ودونيتهم. وان جأرت الرأسمالية ما بعد الصناعية بديمقراطية ما بعد ليبرالية بما بعد حداثوية-لا معرفة ترفض التعريف وتتطير منه-خصما على خصوصيات الاقوام المستقطبة الثقافية-التاريخية في أصولية مخاتلة تعلن موت التاريخ والايديولوجية تدليسا-فقد راحت تنفي من عداها-باجندة انتهازية ملفقة حسب الطلب-خارج حظيرة الديمقراطية ما بعد الحداثوية الى "جمهورية الشيطان" او-و تقصيه بوصفه إرهابي خليق بـ"محاور شر" يغمط الحضارة الغرب-الولايات المتحدة-الامبريالية الرابعة على تقدمها وثرائها بضغينة موتورة مخربة. سوى انه حيث تتستر الامبريالية الرابعة-الكوننة-الصليبية الثامنة على حقيقة طبيعتها المتأصلة بقوانين اعادة انتاجها لنفسها بوصفها مجعولة لتطوير مناطق وفئات وشرائح سكانية وأقليات خصما على أخري فقد اجتزأت البشرية بالنتيجة مجددا-بأصولية السوق وضرورة ثنائيات ما بعد تنويرية-ما بعد حداثوية-معولمة-مكوننة-فى أقليات مكوننة الثراء وتراكمات عددية لا وجوه لها زائدة عن الحاجة خليقة بالإبادة تباعا بالحروب-الأوبئة-المجاعات-التصحر-بجريرة لون جلدها وعيونها.
وقد بقيت الفئات النظرية التحليلية الرأسمالية-بتنويعاتها قاطبة والماركسيولوجية بدورها-ناجزة جاهزة مطرقة فى نرجسية غربية غير محتشمة ومنغلقة على نفسها تتطير من التعريف أو-و ترفضه رفضا-أحاول مجادلة فاستبصار حصار الرأسمالية بتنويعاتها لما عداها وعنفها الاقتصادي السياسي الثقافي-"الحضاري"-المتصل على مدى خمسة قرون ان لم يكن منذ الصليبية الاولى-"من اسفل"-وحصار العرب الذاتي والموضوعي على التعيين. وما إذا كان ثمة فكاك مع خناق الفئات التحليلية وبراديجمات "الصليبية الثامنة"-و قد غدت حقلا من الغام فوضى معلومات-تدعى ثورة معلوماتية وبسببها-فتبتز فكراً وفعلاً وترتهن البدائل بما يشارف الإرهاب النظري الأكاديمي بسياط الصواب السياسى-Political Correctness-النظرية التآمرية أو-و تهمة العداء للسامية. وقد كانت مفهومات ولغة الأقوياء حرية بان تغدو مجددا وفي كل مرة قوية جامعة مانعة سيدة اللغات فهل يغدو الحق بدوره وكأنه مع القوة أو القوة هي الحق Might Is Right ؟ وهل تواطأ كل من القوة و"الحق" و"ثورة "-أو فوضى المعلومات على أى تنويع أو بديل للامبريالية الرابعة-الكوننة؟ أم هل تؤدي أزمات الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة الذاتية والموضوعية-مما يبدوا أن بعضه جاء ليبقى طويلا-بالإمبريالية الرابعة مثلها كمثل نظيراتها السابقة؟ أم ثمة لا محالة تنويعات للسخط العام على الحصار مما قد يكتسح في طريقه ما لا سبيل إلى احتماله طويلا؟
والسؤال هو ما اذا بقيت "مبادئ نظريات "التنمية" الرأسمالية الصناعية: الامبريالية الثالثة والرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة مرادفة لـ "التنوير" الكلاسكي الامبريالية الثانية؟ أم ان نشر "الحضارة"- "التحديث"-"التصنيع"-"النمو"-"التقدم"-"التنمية"-"الاصلاح الاقتصادى"-التطبيع"-"اقتصاد السوق" وغيرها من مرادفات عنف "الاكتشافات" و"الفتح" والنصرنة والحروب العالمية والممحللة Localised World Wars الباردة والساخنة؟ ولعل السؤال هل تنتهى هزيمة الشعوب بانهاء نهب و سلب مقدراتها؟
بقيت "مبادئ نظريات "التنمية "-الرأسمالية بتنويعاتها التى تدرس اليوم تكرس مرادفات ومتضمنات مفهومات "التنوير" الامبريالية الثانية. و قد قمت بتدريس مبادئ نظريات "التنمية " Principles of Development Theory كمادة اساسية فى مركز دراسات "التنمية " جامعة ويلز الذى تموله وكالات العون المالى الكبرى كالبنك الدولى وامثاله بسخاء. و لم يقيض طوال فترة تدريس تلك المادة توفر مراجع او مرجعيات "من اسفل" ان صح القول اى من وجهة نظر المخضعين لـ "التنمية " حول تلك النظريات او مبادئها- فيما بقيت اعداد المنظرين العالم "ثالثيين" و"رابعيين" اندر من حبات ماء فى غربال الاستبداد النظرى / التسييد او التمركز الاكاديمى جميعا. والسؤال الاشد اهمية هو كيف تتعامل الرأسمالية-"الحضارة"-الثقافة الغربية الرأسمالية مع الشعوب المهزومة ومع العرب والمسلمين وغير الغربيين؟ وربما كان السؤال الاكثر مواتاة للبدء هو ما إذا كان ثمة ما هو اشد فحشا مما يقصده الاوربيون بالانسانية او البشرية او الحضارة؟ و قد كانت اوربا-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية قد سعت اولاً وأخيراً للبحث عن الاختلافات وخلقها وتكريسها الاختلافات بالاصرار على اغفال التنويعات اغفالا فلم تكن غايتها المعلاة ان تلمع نفسها-تاريخها وممارساتها على مدى 500 عام فيما استقطبت العالم فى ثنائيات لا متناهية فى طلاق بائن لا لقاء بينه ولا وئام معه وحسب.
هل الفكر النشوئي الداروينى اليتوبي فاشية معمشة ام معلنة؟
تغلغلت مفهومات الفكر النشوئى الارتقائى الداروينى-التنويرى-اليوتوبى الذى يسقط نظرية اصل الانواع ومفهوم البقاء للاصلح على منظومة القيم والاخلاق الاوربية الغربية فقد استقرت تلك المفهومات فى مسام التراث الاجتماعى الرأسمالي بتنويعاته. ولا ينبغى الاعتقاد بان "سيادة" العقل و“العقلانية” على الدين والفكر العلمي على اللاعلمي لا تفضي بصورة ما الى افكار لاعلمية او معتقدات وهواجس ومخاوف كانت قد ألّفت وما تبرح تؤلف ما يشارف عصاب ارث ثقافي رأسمالي غربي ازاء غير الغربي. فلقد تبقت فيما يسمى بـ "العلم"-رواسب من "ما قبل" العلم Pre-Science او حتى الميثولوجيا-Mythologies -الاسطورة Myth و لو بغياب اختبار الفرضيات على مر الزمان اليس واردا:
-هناك ثمة زعم بأن اشكال من الفكر "العلمي" الغربي تعتبر مما يمكن ادراجه فى خانة الفكر شبه الديني او الدوغماتي الحتموي. أفلا تخرج تلك الدوغماتية العلم بالتالى عن دائرة العلم الذى من طبعه الشك وطرح الاسئلة ؟ الا تبقى مقولة العلم بالوصف اعلاه نسبية بـ "التحيّز" العقلي المعرفي لما يدركه العقل فى حدود العقل التاريخي المعين "المحدود" بالزمان والبشرية الانتقائية-البيضاء-و بالمجتمع والسلطة الوضعية والقدرة النفسية التكوينية للفرد الذى يُعمل العقل فى لحظة معينة ومجتمع معين؟ واجادل مرة ثالثة ان العقل حصيلة نسبية فى الزمان وفى المكان. فاذا كان العقل حصيلة الزمان والمكان والانسانية فكيف يكون العقل خارج الزمان والمجتمع وفوق الانسانية والطبيعة والطبيعى وكأنه آلية منتهية او مفهوم مطلق خارج المجتمع و فوق الطبيعة والطبيعى والزمان والمكان فى و قت واحد؟
- هناك ثمة زعم بأن على غير الغربى ان يبدأ فى اعادة النظر في ومن ثم الاعتداد بما بقي فى حساب "المجاهيل" من المعارف مما بقي خارج وسابق على "العلم" الاوربى الغربى؟
وإذ اجادل بأن كوننة المراكمة الرأسمالية ما بعد الصناعية- الامبريالية الرابعة-كانت قد اتصلت منذ الحرب العاليمة الثانية على الاقل فيما اتصلت بما اعرفه بـ"الخصوصية البدوية اليهودية الاستثنائية" فلعل اخطر الفروق بين العولمة والكوننة ما برح غير متعرف عليه وراء التاريخ الرسمى للكنسية الكاثولكية منذ الصليبيات السبع والسرديّات الرسمية Official Narratives منذ القرنين الثامن والتاسع عشر على الاقل والحرب العالمية الثانية على الخصوص[26]. وفيما اعرف الكوننة: الرأسمالية ما بعد الصناعية Post Industrial Capitalism الامبريالية الرابعة- تمييزا لها عن الامبريالية الثالثة :العولمة-اجادل ان مشروع الكوننة ما بعد القومي ما بعد "التنويري" يتمأسس بالمقارنة مع العولمة-الامبريالية الثالثة-على ادوات الانتاج عالية التقنية بصورة غير مسبوقة مما جعل من الممكن مراكمة رأس المال عبر الاكوان حيناً ببيع المال كسلعة خصما علىالانتاج الصناعي السلعي وفي غيابه حيناً آخر وبعلاقات عمل تقترب من العلاقات العبودية احيانا وبعلاقات انتاج وملكية ادنى من العلاقات الاقطاعية -القنية مرة ثالثة. ولعل التوفر على فك مفصلة الابنية "النهضوية"-"الغربية"-"التنويرية"-"الداروينية"-"اليوتوبية" الفاشية-البرجوازية وما بعد البورجواية على الخصوص-و كانت قد القيت على عواهنها طويلا -يغدو مهمة منهجية معلاة. ففيما يطلق "الكلام" على انه اكاديمي "علمي" منتهي وجاهز فانه، إضافة الى ذلك، يغدو احيانا-و بخاصة فى ظروف الشدة : الكوارث الطبيعية-سقوط المحاصيل-الحروب-الانكماش -التضخم-انحسارالوفرة-انكسارالخط البيانى لاعادة التوزيع الانتقائى-الفارق Differential او ما يسمى بالعدالة الاجتماعية فى المتروبوليتات نفسها، يغدو النظر آحادي الجانب–متطيراً من اى بديل او نظائر-مكتف فى قميص جنون النظر الشاخص فى تهيؤات للواقع اكثر منه متأملا للواقع-واحيانا متجاهلا قصدا للواقع. فالمفردات الانتقائية المنغلقة على نفسها غير القابلة لبدائل او لغيرها ترفض فيما ترفض كل من المجادلة والتنويعات حتى على لحنها هى: مما اعرفه احيانا بالفكر -و التنظيم -الارهابي الاصولي رغم ادعاء وربما بسبب ادعاء العلمانية مما اعرفه بالعلمانوية المطلقة المنتهية بدورها بالاحرى.


الفصل الثانى
مادة الدراسة الاولية واعتباراتها الاصطلاحية-المنهجية
 
يقول ناعوم تشومشكى فى اقدم دراساته الانثروبولجية حول اللغة-قبل ان يتحول الى مفكر سياسى "ان ليس ثمة متحف تاريخ للبشرية ولا طفولة بشرية و انما "يولد الناس بمعارف مسبقة" لا يختلف فيها بل يتساوى بها الغربى و غير الغربى." فقد عرف غير الغربى الديمقراطية قبل الغربيين و لم يتعلمها منهم بل ان اميين غير غربيين يمارسون الديمقراطية فى حياتهم العادية دون او وقبل ان يسمع بالديمقراطية الغربية بزمان طويل". وازعم ان مسبقات الفكر والنظر الرأسمالية كانت حرية بان تصادر جدلية العلاقة بين "تقدم" الغرب و"تخلف" غير الغرب على كافة الاصعدة فتكريس مواضعاتها حتى الجنون. وتحاول هذه المجادلة الوصول الى بعض الاستخلاصات بشأن بعض القضايا الآنية الملحة والاحداث المتسارعة. فربما كان واردا طرح اسـئلة جديدة حول العلاقة الجدلية بين الاعتبارات المنهجية والتاريخية شديدة التركيب والتجزئة التى تسمي نفسها مناهج "علمية" مما يصادر على مطلوب حل المشكلات بل يتعين على تعقيدها. وكانت تركيبية المناهج وانتقائيتها وظيفة الاستلاب الفكري لما عدا الغربى فواقع الشعوب المهزومة الموضوعي وقد تعينت تلك التركيبية والانتقائية على التعميش على واقع غير الغربي فى المقياس المدرج ليبقى مختنقا بمفردات التحيز واللاعلمية. وكانت تلك المفردات قد حبست فى نفسها هى وانغلقت على وجودها وقد تصدر عن مصالح الرأسمالية بتنويعاتها.
و قد كانت الاستخدامات النظرية والمنهجية الدارجة قد بقيت "عمليات" لامادية تتصاحب مع وتتمأسس على عمليات النهب المادية بالضرورة بوصف الاخيرة وظيفة للاولى وبالنتيجة لم تزد الغاية من ورائها غالبا عن أن تكون بعثاً للاضطراب فى الناس والفوضى فى الاشياء. ولعل أيّ قاموس بديل يحتاج ان يتعين على تعريف واعادة تعريف تلك الاستخدامات-بالوصف اعلاه-من وجهة نظر المستحوذ على خالص عملهم وتراثهم وتاريخهم والتشكيلات الاقتصادة الاجتماعية Socio-economic formations-انماط الانتاج- التى كانت يوما تخصهم فتدل عليهم. ويعني البحث -فيما يعنى باستبصار التنويعات الموضوعية لواقع المجتمع الانساني تجاوزا لما اسميه الثنائيات "التنويرية" Enlightenment Dichotomies بوصف ان الاخيرة تعينت على وباتت انتقائية Selective اجتزائبة Reductive و حتموية Determinist منغلقة على نفسها close-ended ناجزة منتهية Fixed. ويعنى البحث -فيما يعنى بالتعرف قدر الممكن على تعريف تنويعات او ألوان طيف التشكيلات التنظيميّة السابقة على الرأسمالية من التشكيلات:
-الاسراتية Dynastic -الخراجية Tributary
-تشكيلات القرون الوسطى الاوربية شبه الخراجية Tributary
-الحديثة الى ما بعد الحداثوية
-التقليدية-ما بعد التقليدية
تحاول هذه المجادلة ان تصدر قدر الممكن عن قراءة من اسفل لبعض مسلمات الماركسية المتصلة بالفئات التحليلية لانماط الانتاج-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations فى سياق كل من النظرية الماركسية وبراديجما نمط الانتاج Mode of production الاسيوي او الشرقي معا. وازعم ان الماركسية فائقة للنظرية Mega Theory ونمط الانتاج الاسيوى او الشرقى بوصف الاخير براديجما متعامدة Interdependent Paradigm مع الاولى وانه قد لاتستقيم مفاوضة واحدتهما-النظرية الماركسية الام-بدون الاخرى-براديجما النمط الاسيوى-و لعل العكس صحيح ايضا.
تصدر هذه المجادلة عن الاقتصاد السياسى للظواهر التى تتناولها فتتأملها وتحاول مقاربتها ومقارنتها تحليليا فتأخذ فى نفس الوقت عن مفهومات تعدد مذاهب علم الاجتماع والانثروبولوجيا الليبرالية بعد اعادة قرائتها. وقد يتعامد تعريف واعادة تعريف المفردات سياقيا Contextually Interdependent. ذلك ان القضايا الرئيسية للبحث فى السياق الذى تمت فيه تستدعى احداثها الاخذ بتعدد المناهج بغاية التعين على الموضوعية قدر الممكن. و فيما تبعث الاحداث المتعاصرة المتسارعة وحالة سيولة الظواهر وانصهارها الناتج عن كونها تبدأ وتنتهى-فى لمح البصر احيانا او ربما قبل ان يقيض استبصارها على الاضطراب الفكرى. وترتيبا تتبدى المفهومات-ان تبدت-فطيرة هلامية سائلة بعضها فوق بعض وبلا ملامح كافية للتعرف. وقد كانت "جزئيات" ايّ واقع تتبادل بداهة وبالضرورة فى كل مكان التاثير والتأثر بالنتيجة-فالتعرف على وتعريف احداث اوسع واكثر تنويعا قد تستدعى معاصرة متصلة قدر المستطاع ذلك أن:
1-الواقع لا يمكن فهمه مجزأً فى تخصصات كلاسيكية بحثية مما كانت مناهج البحث الغربية قد حشرته فيه تجاهلا او تواطؤا او تقصدا.
-تؤكد ثورة المعلومات فجأة و بليل  على "ما بعد حداثوية" مشبوهة وتدعو لها.
-الواقع رغم كوننة الحقائق والظواهر لم يكن يوما غير مكونن-على الاقل فى المجتمعات العربية.
-واقع المنطقة التي يقع فيها العالم العربى كان قد كونن بالامبراطوريات الاسراتية الوادي نيلية وغربيا منذ الغزو الرومانى
-لم يعد الواقع الموضعي العربي-بعد ولا كان يوما-ممكنا تجزأته كما انه لم يكن يوما قابلا للتجزئة الا بمناهج بحثية لاعلمية زبالية Clientage-like اقطاعية كانت قد الحت على الدراسات الاجتماعية البرحوزاية.
-و قد تأخذ تجزئة الواقع- برجوازيا-بخناق الدراسات الاقتصادية–الاجتماعية فتكرسها خصما على اعادة النظر فيه.
 
 الرقابة بالإغفال و الخلاف على الحقيقية:
قد يخطر لقارئ ان يسأل عما يبرر ما قد يبدو وكأنه اطراق طويل فى تاريخ–الرأسمالية بتنويعاتها من الامبراطورية الاولى الى الثالثة-الانجلو ساكسونية على الخصوص ومحصلة تجريتها الديمقراطية الحديثة والمعاصرة والانجلو امريكية الرابعة- الكوننة. ولعل البعض قد لا يرى جدوى فى ذلك الاطراق وقد لا يرى علاقة عضوية بين حصار العوالم الثالثة و الرابعة وبخاصة اؤلئك اللذين يصرون على ان لم يصيبنا الا ما نستحقه بجريرتنا واؤلئك اللذين يرددون نغمة قصور العقل العربى. وأكثر ما تخشاه هذه المجادلة تهمة تجديف قد يوجهها بعض المحتفلين بسيرة العولمة-الانجلوساكسونية على الخصوص-والكوننة-الانجلو امريكية تحديدا للكافرين لأفضال الغرب علينا.
فما هو سفر تكوين تلك العصابة التى اسدلت على بصائر مفكري ومثقفي ومتعلمي العوالم الثالثة و بخاصة الرابع؟
من المفيد تذكر ان مناخ انتشار الفكر القومى كان قد خلق شرط نشوء التخصصات العلمية الضيقة. ولم تلبث  التخصصات العلمية ان تكرست فى الجامعات الغربية فى القرن التاسع عشر مع نشوء القومية. وكانت القومية قد تمأسست فوق علم الاثار فقد كان علم الاثار اهم محور لكل من القومية والسيادة القومية. وكان بعض دعاة القومية الاصولية يقولون انك اذا انحنيت والتقطت حجرا فسوف تعثر على اثر من اثار اليهود مثلا. فمن يعقوب واسرائيل واسحق وداوود  وسليمان ثمة اثر فى كل مكان. وفى التنافس على عراقة المحتد او القدم وبخاصة الاقدمية فى احتلال الارض و الموارد فقد غدا من المهم ازالة أثار الاخر للقضاء على قوميته[27].
تسعى هذه المناقشة فيما تسعى الى تأمل فمحاولة اعادة قراءة الامبريالية الثالثة عبورا بما سبقها كتراتبات حصار موصوف تباعا والتعرف على ما تصار اليه هوامش الامبريالية الرابعة الكوننة-الاوطان العربية الافريقية-فى غياب الحوار العام وتغييب وحصار الذات الفردية والجمعية. واجادل تغيب الحوار وحصار العام والخاص بوصفهما موضوع الكوننة وغايتها فقد راح الاضطراب الفكري والتنظيمي العنيف-غب سقوط حائط برلين على الاقل-يفرض ضرورة توفر شديد الوعورة على البحث فى الظواهر الاقتصادية الاجتماعية فرضا فيلزم البحث والباحث الزاما بالتوفر على مجادلة شديدة الوعورة بدورها. وقد كانت الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة-الامبريالية الرابعة قد وفرت فتوفرت على ثورة المعلومات وقد عادت الكوننة ففرضت نوعا من الرقابة شديد التركيب والدهاء بمحض اغفال الحقائق Censorship by Omission
 فقد تتوفر الصحافة والإعلام على خبر او "قصة" خبر على صفحات الصحف الوطنية والشعبية وفى الاخبار المذاعة والمبثوثة لايام و ايام فتشغلان الناس بتلك "المعلومات" التى غالبا ما تكون للاثارة مغزولة محبوكة مذهلة. ولا يذكر ضرب العرق يوميا منذ "نهاية" حرب الخليج الثانية مرة واحدة على مر اشهر وان ذكر على الاطلاق لا يحظى الخبر بما يثيره غيره من الاثارة الصحفية الاعلامية. و قد تعينت ثورة المعلومات على "وفرة" المعلومات وتدفق الادلة على قارعة الطريق الا ان الكوننة-الامبريالية الرابعة عادت فارغمت الكل على الاتفاق مع الكل. و باتت وفرة "الادلة" تتطلب توسعا يحتاج احاطة البحث بآفاق وقدرة على التعمق فى البحث. ويلزم ادراك عمق ما يراد الوصول اليه الباحث على الغوص عميقاً للوصول الي ابعاد الواقع الموضوعى فحقيقة الاحداث المتسارعة. الا ان الاجماع بات وكأنه حصار على اى اختلاف بحيث قد يوصم الاختلاف بالتجديف او حتى بالكفران فيعاقب عليه بالاعدام-الاكاديمي-المدني.
وتصدر اوليات مواجهة الرأسمالية عن بداهة معرفة العدو "اعرف عدوك". فالمعرفة الرأسمالية متسترة بطبعها متناقضة بمحض قصور العلماء والمتخصصين عن تنسيق نتائج عملهم. فقصور العلماء والمتخصصين عن تنسيق نتائج عملهم ليس وظيفة المنافسة على المخصصات والتمويل وعلى خدمة اسيادهم وحسب وانما يتعين ذلك القصور المتعمد على تكريس الفوضى المذكورة اعلاه. وازعم ان ذلك القصور المتقصد وظيفة عجز العلم والمعرفة الرأسماليين الاتساق مع انفسهما. فالعلم الرأسمالى متناقض بتكوينه لمحض كونه بقي او ابقي عاجزا بعزوفه الاختزالى المتأصل عن احتواء المعرفة الانسانية. ذلك ان الرأسمالية تسمى عادة اشياء باسم واحد و-أو لا تسمى الاشياء باسمائها ابتداء باسمها هي فلا تجرؤ الرأسمالية على النطق باسمها هى Does not dare call its own name وهويتها المتاصلة فيها. واجادل بأنه لما كانت المعرفة قوة فقد كان على ثورة المعلومات اسقاط جماعات من حساباتها فيما وفرت معلومات متخصصة لجماعات "متخصصة" فغدت المعلومات المتخصصة تتعارض مع معلومات "متخصصة" اخرى. وتروح الجماعات المتخصصة تتناحر حول المعلومات "المتخصصة" فلا يبقى سبيلا لحسم الجدل. وما ان ينفى السبيل لحسم الجدل يسلب الخلاف، او يكاد يسلب، الكل اية معرفة مصطلح عليها فإن تعين على امثالى تأمل تلك الاحداث طويلا ودائما فقد تتوفر محاولة المساهمة بقدر ما من التجريب فى وتحليل واقع تلك الاحداث والمرحلة التى احكم فيها حصارنا وما تلاها فى مقابلة الاقتصاد السياسي لظاهرة الحصار العربى. فالحصار مثله كمثل كافة الظواهر فى تنويعات لا متناهية يتبادل الاعتماد مع ويتظهر فيما اراه اذ ابحث عنه فى تنوعات وفى مقياس مدرج للظاهرة . فقد يغدو تعدد المناهج اكثر موضوعية فى النظر لان الاحداث تتبادل التاثير والتاثر بصورة واضحة وشبه بديهية مما يمكن معه اقتراح أن:
-تشلمنا تراتبات الحصار الذى نجد انفسنا داخله وذلك الذى ندخل احابيله بارجلنا وتراتب ثالث للحصار والمحاصرة كغيرنا بواقع ادوات التخصص المهني الاكاديمي النظري الضيقة أو لا فى اجتزاء التاريخ الانسانى سواء تاريخ المجتمعات الغنية او المفقرة -يرجع فيما يرجع الى ان الواقع لا يمكن فهمه مجزأ فى تخصصات كلاسيكية بحثية ولا فى احداث معزولة.
-لم يعد الواقع كما تؤكده-مجددا-ثورة المعلومات واقتصاد السوق والاستهلاك بعد ممكنا تجزئته-فلم يكن يوما قابلا للتجزئة إلاّ جريا على المنهج البحثي-اللاعلمي-الاقطاعي الشمال غرب اوربى.
-كانت ما بعد الحداثوية الاكاديمية والفنية والتعبيرية والمنهجية-او اللامنهجية-قد دفعت بعض الباحثين والاكاديميين والمفكرين الى رد فعل متسرع مقتهر فى مواجهة تطلب الاسواق واجب النفاد ومن اجل السوق والاستهلاك.
-كان الباحثون والاكاديميون والمفكرون-و قد سقطت الحدود القومية مخلفة حدودا اما ما بعد قومية او ما قبل قومية فى كل مكان-حريّون بالاخذ، والمناداة بليل، بالانفلات الكامل من  التسيّب المنهجي
-ألقى الباحثون والاكاديميون والمفكرون بالتخصص الضيق جانبا-وكأنه لم يكن-متباعدين عنه او متبرئين منه متحللين من الضوابط القديمة حد الفهلوة والبهلوانية البحثية.
-راح بعض الباحثين والاكاديميين والمفكرين يغدون-و لم يعد معدى امامهم-و قد وجدوا انفسهم مطالبين بتعدد المناهج-من اجل السوق والاستهلاك-انهزاميين.
-تعينت انتهازية الاخيرين على تسويغ صيرورة الباحث الاكاديمي على الخصوص والمفكر-"حكواتى" او محض "راوي " story teller[28].
-حتمت صيرورة الباحث محض راوي عدم التعرض لتعريف مفردات النظر انضباطا فى تنظيم السواسيات الخانقة وقد تجاوزت الخصوصيات بانواعها.
-باتت الصيرورة الاخيرة ورفضها مقتهرتين و ضارتين.
ذلك انه فيما راح موالي الكوننة الخلص- من ائمة الاصولية الاقتصادية او الارثوزوكسية الاقتصادية الجديدة المشار اليها يقدمون فروض الطاعة باحتفالية طافحة بما بعد الرأسمالية الصناعية-و قد باتوا خداما مخلصين بلا تحفظ لدوغما اقتصاد السوق او "الاصلاح" الاقتصادى او "اقتصاد الباب المفتوح" Open Door Economy او اقتصاد التصدير الخ بولاء اعمى او-و بانتهازية واعية فقد اقصى من عداهم الى بيدائه الخاصة والعامة. وما تنفك اغلبية أؤلئك الموالي يعيد-بسوء نيه وتواطؤ او بسذاجة تشارف الخديعة-انتاح وترديد مسلمات بائرة ترفض التعريف والبديل معا. وفيما تملأ اصوات اؤلئك الموالي فضاء الفكر والتنظيم كالأوانى المستطرقة يتحول العالم الى مالا سبيل الى التعرف عليه[29].
- إله الفخار وأواني النظريات المستطرقة:
اذ نتنافس ونتبارى في امتلاك ناصية فكر ونظريات وبراديجمات الغرب-الرأسمالية-الليبرالية حيناً والماركسيولوجية حيناً آخر على نحو يفتقد الالهام والإبداع-ألا يشارف نشاط كهذا رياضة اكاديمية ذهنية فى افضل الشروط؟ فهل للحصار النظري التنظيمي الذاتي وظيفة الحصار التاريخي-الثقافي الموضوعي؟ أم العكس؟
حتى يتسير الوضوح والموضوعية قدر المستطاع مع تراتبات الحصار على الفكر والتنظيم البديل. ربما كان من المفيد الاصطلاح ما أمكن، ثم التوفر، على وصف وتحليل ما اسميه الخناق الاكاديمي. وأزعم أن الأكاديمي هو محصلة ووظيفة الخناق الاقتصادي في القدرة على التنظيم والخناق السياسي على فضاءات التفكير. وأجادل أن الخناق الاكاديمي النظري اشتد وتفاقم بوصف انه وظيفة تكريس سواسيات مزعنة وارتهان البدائل على عهد الكوننة تواطأً من قبل بعض العلماء والمثقفين وتآمرا على الحقيقة او من خشية ومن مساومة من قبل كثير من الباحثين من اصحاب الوظائف الرسمية ازاء مخدميهم او تطلبا للحظوة والنشر والشهرة التي يحتكر منابرها ودور نشرها أصحاب المصلحة في تجزئة الحقيقة على حساب الدراسة الموضوعية ولحساب أنصاف الحقائق لغرض فى نفس يعقوب لا يصرح بغرض الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية الا لماما ان صرح بغرض اطلاقا. فليس من طبع يعقوب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية التصريح بغرضه وإلا افتضح.
 وحتى عندما يقول احدهم بغرض يعقوب-البرجوازية الصناعية والرأسمالية ما بعد الصناعية فان القائل بما لا ينبغى التفوه به هالك لا محالة او مجهول مجهل به مستلب لا يحظى بالنشر ناهيك عن زيوع الصيت والشهرة بل قد ينكل به خاصة إن كان من غير الغربيين من الاكاديميين والمفكرين. ذلك انه من البديهي أن الحقيقة لا يمكن فهمها ومن ثم تحليلها-بادعاء انها تعبر عن نفسها فى جزئيات منفصلة- فى"حيازات" اكاديمية للعلوم الاجتماعية وفروعها فائقة التخصص الدقيق. فالتخصص الدقيق لا يزيد عن ان يعبر اكثر ما يعبر عن قوة العضلة الاكاديمية وتمكن الباحثين من ادواتهم المتخصصة فى التجزئة فتتفاقم التجزئة في حيازات كالملكية الخاصة تحاط باسوار شائكة ما بين التخصصات المختلفة المعزولة بعضها عن بعض وكل منها رهينة لخشية كل منها من الاخرى. وإذ تتم حراسة تلك التخصصات بشراسة والدفاع عنها حتى الموت فان محصلات "العلوم" الغربية-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية المجتزأة بين افرع تخصصات مختلفة حتموية ومنتهية مطلقة تغدو غير قابلة للجدل حيناً وموسمية و-حسب الموضة الأكاديمية والفكرية والفنية والسياسية بالأحرى الدارجة- حيناً آخر.
و قد لا يتعين على الاقوام المهزومة ان تخضع للتجارب المعملية والنظرية وحسب وانما تغدو القياسات التى ترتب "علوم" الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية محصلات نظرياتها المجتزأة وبرديجماتها الموسمية ويغدو البحث "العلمى" الاكاديمى رياضة عقلية اكثر منه "مشروع" يسعى للمعرفة الكلية والموضوعية والتعرف على الحاجات الحقيقية وحل المشكلات الحقيقية للناس الحقيقيين من الاقوام المهزومة:
 -تخلق تقاليد الرياضة العقلية-للاكاديميا الراسمالية الانجلوساكسونية والانجلوامركية-بتجزئة الواقع فى تخصصات وحيازات اكاديمية يتقاتل على حدودها و"حواشاتها" المتخصصون-تخلق طوال التاريخ اشباه على شاكلتها على طول الطريق كمثل اله الفخار الفرعونى حابي و بنفس علو صوت تلك الاشباه فيعتقد بكل من قوتها غير المتنازعة وبهيمنتمها شبه المطلقة على غيرها[30]. واذ تصدر الهة الفخار من الاصول والاشباه كمثل الاوانى الفخارية اصواتا كلما مرت عليها الريح فان اصواتها تعلو على غيرها وتصادر على مطلوب غيرها- فلا يقيض لغيرها ان يسمع له صوتا. بل ان الهة الفخار واشباهها تغدو بمثابة سوط مسلط يرهب كل من تسول له نفسه "الانحراف" عن الصف الفكرى الاكاديمى الموصوف محروس بقوة الاقتداء واحتكار الحقيقة معا من قبل اصوليات اكاديمية اقتصادية ايديولوجية من كل صنف سواء كانت ما بعد حداثية او ما بعد تقليدية Post-Traditoinal.
5-ان ما بعد الحداثوية الاكاديمية والفنية والتعبيرية والمنهجية-او اللا منهجية-مثلها كمثل ما بعد التقليدية او النكوص والحنين الى ماض لم يكن اصلا والإطراق فيه كانت قد خلقت مناخا صار به البحاث في حيرة "كاسراب البط الداجن عندما تمر فوق سمائه اسراب البط البري"[31]. فاذ اخذ الاذعان و-أو الاضطراب الفكري والتنظيمي والخشية على المهن بتلابيب مفكري الكوننة ومن ورائهم حواريهم غير الغربيين ازاء ما لا طاقة لهم به ولا حول لهم عليه فاخذوا ينادون بليل بالتسييب والانفلات من التخصص المنهجي الضيق حد الفهلوة والبهلوانية البحثية بالقول بان الباحث قد يجد نفسه وقد غدا مطالباً بتعدد مناهج خدمة للسوق فلا يجد الباحث معدى من ان يغدو محض "راوِ " story teller. : أى التسيب من تخصص لاموضوعي الى تسيب "ما بعد موضوعى" اخر.
لذلك فان هذه الدراسة تحاول فكاكا من اسر ما تجده رياضة اكاديمية تضع عينها على "القبول" والترجمة تكريسا للمستقبل البرجوازي الخاص والباع المهني واشد ما تطمح اليه هذه الدراسة قبل كل شي هو مراكمة مفردات يتم تعريفها اجرائيا من قلب تجربة حياتية واكاديمية وكفاحية فى السودان وفى اوطان عربية وافريقية اخرى و فوق وبعد كل شئ تجربة ما يقارب خمس وعشرين عاماً فى الغرب-تحت ظل او فى "ذل" البرجوازية الصناعية-ابان تحولات ما بعد الرأسمالية المتسارعة بالالوان الطبيعية مما اعاد تشكيل الغرب والعالم وقد تم كل ذلك واكثر تحت ابصارنا وقد مني العرب-مني جيلنا وقد عاصرناها جيلا مكتوبا عليه تلك المعاصرة ومع ذلك فنحن جيل الستينات الذى عاصر شباب العالم والامل-المتوهم اكثر منه موضوعي-فى التغيير-اذ عاصر جيلنا صليبية قد تفوق اجتياح غرناطة فى صليبية جديدة او ما بعد صليبية- انظر(ي) الفصل الاخير. فإن اشرعت تلك الفترة لي مزيداً من الكوى على فهم سياقات ما يحدث لنا فى تنويعاته او فى مقياس مدرج منه فان هذه المحاولة سودانية -عربية افريقية بقدر ما هى متعددة التناول للاحداث التى كانت النظريات والمفاهيم الغربية- الرأسمالية- الليبرالية والماركسيولوجية "التنويرية" قد مفصهلتها: هى حرقة مقيمة ان يقيض فك مفصلة تلك المفهومات والمسلمات تاريخيا ومنهجيا تيسيرا لفهمها "من اسفل".
الرقابة الديجتالية على الافراد والمجاميع وتنميط العقل البشرى:
يحضع الفرد والمجاميع فى اسوأ الشروط لتلصص كاميرات اليكترونية Close Circuit TV(CCTV) على الطريق وعند النواصي وفى مداخل وداخل المحلات التجارية والمصارف والمراحيض العامة وكلما سحب الفرد مالا وكلما أستخدم بطاقة ائتمان او ابتاع بطاقة قطار او حافلة او طائرة وكلما ملأ بطاقة او جلس في مقهى او مطعم او ارتاد مسرحا او سينما او شاهد برنامجا تلفزيونيا او طلب كتابا او صرف روشتة دواء او حلل بوله او دمه او قص شعره أو كلما دفع قيمة ملابس او بقالة الاسبوع أو ثمن بترول سيارته او نظافتها او تبرع لمؤسسة خيرية، وكلما فعل او ترك شيئا: كلما عطس او ظرط فان رقما ينزل على حاسب جهنمي بتفاصيل لا تخدم السوق والتسويق ومزيد منه وحسب وانما تضع تحت تصرف الامن و الدولة :الاخ الاكبر. و لعل مفهوم "الاخ اكبر الاوريلي" Orwellian Big Brother الذى كان قد علق فى رقبة الاتحاد السوفيتي كدالة على الستالينية والستار الحديدي رجع فغدا معلقاً فى رقبة الرأسمالية نفسها وبخاصة ما بعد الصناعية-الامركة-الكوننة. ذلك ان الاخيرة لم يبق لها ورقة توت تغطي بها عريها الماثل رغم وربما بسبب ان فصائل من "الطبقات" الوسيطة النغلة هى التى كانت قد راحت تتعين على تيسير وراثة الرأسمالية ما بعد الصناعية العسرة من البرجوازية الصناعية. وتجد كل من تلك الجماعات النغلة واسيادها المكوننة محاصرة باصولية شروط كوننة وجودها وبقائها فى سلطة سمسارة. فكيف حاصرت تلك الجماعات وسادتها من عداها؟
تجأر النظريات النفسية والاجتماعية ما بعد الحداثية ما تبرح بان ليس ثمة ما يسمى بالشخصية وانما هناك وعاء يحمل معارف وخيارات ونماذج منمطة من المعلومات حول الذات والاخرين. وان تلك النماذج المنمطة للعالم الذاتى والخارجي هى التى تخلق التلقائية فى التعامل مع الناس والاشياء فى العالم الخارجي على الخصوص. وتؤكد تلك النظريات على اهمية تكريس التلقائية لدى الفرد فالتلقائية تسهل الحياة. ومن المهم التوقف عند التلقائية فهى ليست تلقائية فطرية وانما هى تلقائية برمجة العقل على التلقي بمناويل القبول والرفض اللذان يشارفان الميكانيكية العقلية او اللاعاطفية. وكان ذلك التلقي اتصل باكرا واستدعى مفهوم “العقلانية” ثم “العقلانية” الحديثة مما اناقشه فى مكان اخر. وازعم ان العقل الانساني الغربي وغير الغربي بالتماس كان قد درب على جعل قائمة بحسنات و سيئات ما يصادفه من الناس والاشياء فيقرر العقل او النفس او الشخصية على اساس حاصل طرح الثانية من الاولى العلاقة بأؤلئك الناس وبتلك الاشياء. فمن الذى يتعين او ما هى الجهة التى تتعين على:
-تفريغ الوعاء المسمى شخصية من كل شئ؟
-توفير النماذج المنمطة للعالم الذاتى و الخارجى؟
-تصنيف الناس والاشياء فوضعها فى خانة الحسنات والسيئات الخلقية او سمات الرقي العرقي والانحطاط ؟
 كانت انا فرويد قد تعينت على استدعاء نزوع ابيها سيجموند فرويد لاعادة ترتيب المجتمع بتكريس الانضباط الاجتماعى. و كانت مدرسة انا فرويد تحقق ما يعتبر استباقا لحلول فتجاوز شرط قوانين الفوضى التى كان ابوها سيجموند فرويد قد عاصرها فى الامبراطورية النمساوية. فقد كانت تلك الفوضى هى التى دفعته وبعض اليهود الى الهجرة من فيينا الى بريطانيا ثم الى الولايات المتحدة. وازعم انه حيث يمكن تحليل الفرويدية بوصفها صفووية تتعين على امراض النخب بالضرورة فالفرويدية تتخصص بالنتيجة فى امراض المرأة من الهستيريا الى عقدة الاحساس بالقصور. و يرجع فرويد عقد المرأة العاطفية فامراضها النفسية الى ان المرأة تتبول وهي جالسة القرفصاء فيما يتبول الرجل واقفا وكأنه يتبول على العالم. ويرجع فرويد ذلك الى حجم بظر المرأة لانه اصغر من حجم عضو الذكر نتيجة عقاب الالهة للمرأة لانها تبولت على النار المقدسة. سوى انه رغم ما يبدو من تخصص الفرويدية فى الافراد نساء ورجال الا ان ذلك التخصص يستدعى تضمينا وبالتنكل By default موضوعا ابعد و اكثر تركيبا من احاد النساء والرجال. و اجادل ان الفرويدية بدأت وما تبرح كارهة للشعوب تتطير من الحركات الشعبية. و كان فرويد 1856-1939-قال فى كتاب نشر فى 1927 بعنوان "مستقبل وهم" The Future of an Illusion حول الدين او العقيدة-وكانت فوضى تسريح الافراد بعد الحرب العالمية الاولى وانتشار الافكار الاشتراكية العلمية والاشتراكية القومية- ولم تكن قد وصمت بالفاشية بعد-ان الجماعة ايّ جماعة تحتاج ان تحكم ويسيطر عليها. وان التحكم فى اى جماعة والسيطرة عليها يتمأسسان على قوانين تنظم حياة تلك الجماعة على نحو يتجاوز فوضى التعدد الفكري والتنظيمي.
و كان فرويد ترك فيينا ممتعضا لان فيينا كانت تمر بمرحلة اتسمت فى اعتقاده بالفوضى. وكانت الامبراطورية النمساوية تضم 22 مليون نسمة من اعراق واثنيات مختلفة تتعايش داخلها فى سلام حتى نهاية القرن التاسع عشر. ورغم ان الامبراطورية النمساوية كانت تعبر عن الانسجام الاثني والعرقي الا ان العداء للسامية ما انفك ان ظهر فى نهاية القرن التاسع عشر مع انتشار الفوضى فى ارجاء النمسا فلم تلبث النمسا ان غيرت دستورها 8 مرات فى اقل من عقدين عشية الحرب العالمية الاولى. وقد دفع العداء للسامية بعض اليهود للهجرة الى اوربا الغربية ثم الى الولايات المتحدة. وقد ركز فرويد فى كتابه المذكور على اهمية تكريس الانضباط الاجتماعى خصما على الحرية الجماعية لحساب ما بات من وقتها حرية الفرد الا ان "مستقبل الوهم" او غيره من المصدرات اليهودية لم يتعرض لا لحقيقة ان النمسا كانت مثال الانسجام الاثني ولا لإيجابية الحركات الشعبية التى راحت تنتشر فى اوربا ولا لماذا باتت النمسا فى نفس الوقت معادية للسامية؟   
 انا فرويد ومدرسة التحليل النفسى الجديدة:
يقول التحليل النفسي بتغيير الكيفية التى يعمل بها العقل ويعدلها فيتغير الفرد بصورة غير محدودة. وفي نهاية الاربعينات طبقت التجارب النفسية التحليلية على الافراد للسيطرة على القوى الحقيقية فى عقول الامريكان وعلى قيم مئات القيادات الامريكية وعلى القوات المسلحة الامريكية غب حرب الهند الصينية. وكانت تجارب التحليل النفسى الفرويدي قد صممت للانفار واخرى للعائلة الامريكية. وكان الفرد يشجع على استعادة طفولته وتجاربه اثناء الحرب وكان الهدف "جعل الفرد عقلاني يتحكم فى مشاعره وعواطفه" واندفاعته والانصياع لقوانين الدولة ثم كبح قيم التساؤل حول الواقع سواء كان الواقع شريرا او طيبا. إن انصياع الفرد-حسب مدرسة انا فرويد فى التحليل النفسي واتباعها-الى ما تشير به الدولة والقانون والسلطة يخلق الفرد النموذجي. و كانت انا فرويد قد جاءت مع ابيها من فيينا فى 1938 الى بريطانيا قبل ان ترحل الى الولايات المتحدة. وسرعان ما غدت انا فرويد زعيمة المجتمع العلمي فىالتحليل النفسي فى امريكا. وكانت انا فرويد تدعى امتلاك تشخيص وعلاج الفرد فتحريره من نوازعه البربرية العنيفة بالتأثير على دوافعه ومحيط حياته من المدرسة الى رفاق الشارع. و كان تحرير الفرد من نوازعه البربرية وظيفة معرفة دواخل الفرد لدفعه الى الازعان لقوانين المجتمع باستدعاء اللاوعي. و قد نجحت تجارب انا فرويد و تحولت الى كاهنة السيطرة على حياة الفرد. وقد اغوت نظرية ضرورة تحرير الفرد وتطويعه السلطة الامريكية فاصدر هارى ترومان-1884-1972 الرئيس رقم 33 للولايات المتحدة-1945-1953 -قانون الصحة النفسية ومول الجامعات ومعاهد البحوث بوضع ملايين الدولارات تحت يد الدكتور هيو كاميرون Hue Cameron والان ميرى Alan Murrey و قد ترأسا المشروع. وكان الاخوين ويل و كارل ماجنانيماس William & Bill Magmanumus من اشد المتحمسين لمدرسة انا فرويد. وكان ويل ماجنانيماس طبيب القوات المسلحة فاستعان بانا فرويد فى تحليل افراد القوات المسلحة نفسيا بتشجيعهم على ان يعيشوا التجارب العنيفة التى اختبروها فى القتال.
و ربما كان مفيدا تذكر ان ترومان بات رئيسا فى 1948 بعد وفاة روزفيلت-و كان ترومان نائبه ثم فاز فى 1945 على توماس ديوى-فيما يعتبر حتى اليوم مفاجأة, ويغري القياس بينه وبين جورج ووكر بوش الابن فيما يتصل باحلال بدايات اشكال التدخل الامبريالي الامريكي العسكري تباعا بالاستطراد فى انه كان اول من اعترف بدولة اسرائيل ودعم التقسيم فى 1948. وكان ترومان هو الذى امر بالقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناجازاكى وتوريط بريطانيا وغيرها فى ديون ما بعد الحرب العالمية الثانية وارسال القوات الامريكية الى كوريا الجنوبية وطور سياسة منح الدول "المستهدفة للتدخل الشيوعي" معونات عسكرية واقتصادية بما يسمى مشروع ترومان Truman Doctrine وقد بادر بسياسة الاصلاح الاقتصادى داخليا بما يسمى بالمصافقة العادلة Fair Deal.
وكان داوود فيرنيز David Ferneiz ابن عم فرويد اول من ادخل صياغة عقل الفرد بالتحليل النفسي فى الصناعة بالاستجابة للاعلان بالطريقة التى يستحبها الافراد فاستهلاك السلع التى تنتجها الصناعة وتسويقها بالاعلان عنها. وقد اجرت الاستخبارات الامريكية احصاءا واسعا فى 1947 بغرض استخدام نتائج الاحصاء على وسيلة مستحدثة لـ "غسل الادمغة". وكان معظم القائمين على مدرسة التحليل النفسي والذين راحوا يؤمنون بها يعتقدون انهم اوصياء على "المصلحة الوطنية". وقد كانوا يرون ان يحدث استهداف عميق فى البشر بحيث يمكن لإستهداف البشر العميق ذاك تحويل البشر الى ما يروق للقائمين على المصلحة الوطنية بإحباط قدرة الناس علىالتفكير المستقل وترك التفكير فى مصلحتهم والإنسياق لما يقوله زعمائهم لان التفكير المستقل قد يقود الى ما لا تحمد عقباه.  
وكانت مدرسة انا فرويد للتحليل النفسي تؤكد على ضرورة التحكم فى قوى النفس البشرية الخطرة وتعد الافراد بالسعادة وبأن يعودوا أسوياء ان لجأوا للتحليل لحل مشاكلهم او-و لتطلب الراحة والرضى. وقد اخذت هوليوود بالتحليل النفسى واخرجت افلام شهيرة ابطالها شخصيَّات مضطربة ومحللين نفسيين تنتهي نهايات سعيدة وراضية نتيجة التحليل النفسي. وكانت مارلين مونرو من اشهر "المرضى" النفسيين. و كان عدد من مشاهير النجوم قد عرف بالادمان على التحليل النفسي مثل تشيلستى هولم Cheleste Holm وهيو رانجيلHue Rangel ومارلين مونرو, وكانت مارلين مونرو قد وقعت تحت سيطرة الدكتور رالف جرينسون الذى اقنعها بانه تبناها وانه واسرته أسرتها التى تفتقدها وصار يغذيها بالمسكنات حتى تسعد بالتحول الى شخص اخر ابان الفترة التىانتهت بانتحارها. وما يبرح الغرب يعد الناس ويحضهم على "التحول" الى اشخاص أفذاذ بالتخلي عن انفسهم لأطباء متخصصين فى بناء الشخصية السعيدة الناجحة[32].
 
 الفرويدية والسلطة:
اخذت السلطة الامريكية عن الفرويدية الجديدة التطويع الذاتي لـ"الذات" بقصر الشعب الامريكي على الانصياع للسلطة باعتقاد "ان الشعب قمين باستدعاء نوزاع عنفية ان ترك وشأنه". ذلك ان ثمة "روح شيطانية بربرية كامنة تتقمص الشعب" ما تنفك تطفو على سطح "الجماعية" الامريكية American collectivity وعمدت الاستخبارات المركزية الامريكية والبنتاجون والجيش إلى الاستعانة بتجارب التحليل النفسى الجديدة على المهاجرين وعلى العائدين من القتال للولوج الى ارواحهم باعتقاد أن البشر مدفوعون بقوى مدمرة وحشية وغير راشدة-لا عقلانية-و ان معدلات العقلانيين الى اللا عقلانيين بين الشعب الامريكى تميل نحو ارتفاع نسبة الاخيرين, كانت نتائج بحوث التحليل النفسي الجديد قد اقنعت السلطات الامريكية بان داخل كل امريكي عنف ووحشية مما يظهر فى اندفاع الامركان لتأييد الحرب والرعونة التى يستجيبون بها للاثارة. غير ان التحليل النفسي الجديد اوصل السلطات الامريكية إلى الاعتقاد بوجود نزوع لدى الامريكيين نحو اللاديقراطية فى الكيفية التىتنتشر بها عدوى الفوضوية والعنف التعبيري فى تنظيم كيانات ومنظمات المجتمع المدنى التى من شأنها ان تغدو معادية للديمقراطية. لم تدّعي "العلوم" النفسية انها تفهم ذلك وحسب وانما ادعت امتلاك القدرة على خلق بل صناعة "الفرد الديمقراطي" الذى ينضبط فى برامج ومشاريع ومخططات السلطة القائمة ويقيم منظمات اهلية تصب فىالسلطة القائمة ولا تواجهها.
 
إلغاء ذواكر الناس والسيطرة عليهم:
يحاول التحليل النفسى الغاء ذواكر الناس حتى يسيطر على تصرفاتهم بخلق لوح نظيف يسهل ان يسطر عليه ما يراد تسطيره. ويحقن الأفراد بمواد كيماوية وصدمات كهربائية فيصابون بفقدان الذاكرة تماما الا ما خلا الوظائف الاساسية كالتنفس والمشي نتيجة للكيماويات واللسعات الكهربائية. ثم يبرمج الفرد فيغدو شخصا اخرا تماما حيث يصحو او يفيق فلا يفعل اكثر من ترديد: "انا على سلام او مرتاح مع نفسي"
وكانت تلك الوسيلة قد غدت آليّة السلطة لغسل ادمغة الناس من اجل المصلحة الوطنية بوصف ان السلطة وصية على الناس وعلى مصلحة الناس العليا. و كانت مدرسة انا فريد للتحليل النفسي ترى ان ثمة استهداف عميق فى البشر ينبغي استغلاله من اجل تحويل الافراد الى ما يراد منهم فعله اكثر مما يريد الافراد انفسهم فعله لان الافراد اكثر ميلاً الى الاندفاع العاطفي بما لا يمكن التنبؤ به فالسيطرة عليه وبما يحتمل وقوع شرور كثيرة. ويؤلف الميل العادي والاندفاع البشري قوى خطرة فى النفس البشرية .
و قد راحت الصناعات فىالخمسينات والستينات تأخذ بالتحليل النفسى فيما يسمى بتحليل ذهنية الاستهلاك من اجل تسويق السلع بخلق حاجات للافراد يلبيها السوق بالاستهلاك المادي. وقد اعتمد تحليل ذهنية الاستهلاك على اثارة احساس الفرد بالذنب ان رآى سلعة و لم يستهلكها. وجعلت ربات البيوت مثلا يشعرن بالذنب ان لم ينتجن فطائر مماثلة لتلك التى تنتج آليا او-و استهلك اعداد الفطيرة وقتا اطول مما يستهلك تسخين الفطيرة المعدة سلفا فاقلعت ربات البيوت عن اعداد الوجبات فى المنزل ورحن يباهين بشراء الوجبات المعدة التى لا يستغرق تسخينها ثوان. وقد جرى اغواء المرأة الى ذلك بان اشيع ان الوقت الذى يوفره الاعتماد على الوجبات هو وقت للمرأة تقضيه فى مناشط تستهويها لم تكن تجد لها وقتا ومن ثم تحررالمرأة من عبودية الاعمال المنزلية.
وقد غدت السلع تعطي الفرد المستهلك احساسا بالرضى الداخلي والمساواة فالكل يستهلك نفس السلعة مرة ومرة اخرى ينتج السوق حسب الاذواق بغض النظر عن السن والنوع واللون والطبقة فغدا الاستهلاك هو الذى يصنف الناس وليس السن والنوع واللون والطبقة. وقد كانت سواسية الاستهلاك تخضع الافراد للانضباط فى المجتمع عن طريق السوق كما ان تلبية الصناعات للحاجات الفردية تخضع الفرد مرة ثانية لتلك الصناعات التى تنتج ما يشبع حاجاته من السلع أو الاحرى تفبرك تلك الحاجات فتشبعها بسلع مادية. فكلما تماهى الفرد مع السلع كلما شعر بالثقة والامان والاقدام فالنجاح فى الحياة فالخروج الى العالم.
 
التحليل النفسي وإشاعة الديمقراطية بالاستهلاك:
تفشى التحليل النفسى فى المجتمع الامريكى "ليس لمساعدة الافراد على "التكييف" وانما لعلاج الجماهير من اعراض الامراض المستوطنة فى النفس البشرية". وقد تحول التحليل النفسى عن مساعدة المرضى على تجاوز الالم والمشاكل النفسية الى دعوى بأن التعاسة والالم نوع من الضعف وان على الفرد أن يكون سعيدا وناجحا. وقد تحول التحليل النفسى الى آلة للسيطرة على الافراد وعلى المجتمع. وقد راحت الاعمال والصناعات والساسة يندفعون نحو استخدام نتائج التحليل النفسي. وكان الاف المشاهير مثل تنيسى و ليامز و آرثر ميللر يهتمون بالتحليل النفسى اذ ظهرت صفوة جديدة بقيادة ادوارد بيرنيز أبن عم سيجموند فرويد و انتون فرويد ابن زوج انا فرويد بين الكتاب والساسة والفنانين ممن يؤمن بان الجماهير عاجزة عن الممارسة الديمقراطية اذ تركت و شأنها. و عليه ينبغى خلق الديمقراطية بالاستهلاك المنمط الذى ينمط الفعل بدوره بقيادة تلك الصفوة فهى التى تملك ادراك الشروط التى تشكل المجتمع الديمقراطي .وقد منح التحليل النفسى لتلك الصفوة سلطة عظيمة على المجتمع الامريكى . واصبح ادوارد بيرنيز قوة فى حد ذاته فى مساعدة الولايات المتحدة على مواجهة الحرب الباردة وازاء تفجير الاتحاد السوفيتىلاول قنبلة ذرية فى 1953 وكان مستشار رزفلت ابان الثلاثينات. وكان بيرنيز قد انشأ عام 1920 اول جمعية لعلم النفس كما كان مستشار لايزنهاور ابان الثلاثينات.
الا ان كتاباً ومفكرين امثال هيربيرت ماركوزو و هيذر هيوز و لويلا بارسونز راحوا من ناحية اخرى يهاجمون مدرسة التحيل النفسى فيتهمونها باستخدام الاعلام والاعلان لافساد المحتمع و لتحويل الناس الى سلع. وقال ماركوزو ان التحليل النفسي يخلق شعبا شيزوفريني يعاني من فصام جماعي للشخصية.
وقد أكد مهاجموا مدرسة التحليل النفسى ان ادعاء ان للافراد نوازع مدمرة ومحاولة ضبط تلك النوازع هو الذى خلق العدوان والعنف اذ خلقت مدرسة التحليل النفسى افرادا عاجزين عن التكيف مع الانسانية. فقمع النوازع الانسانية لم يلبث ان خرج عدواناً وعنفا على الذات والمجتمع. بل اتهم البعض مدرسة التحليل النفسى بالعنصرية. وقال مارتن لوثر كينج "ان من يتكيف مع العنصرية غير متوافق وعنصري. وان من يتوافق مع الاخذ من المفقرين لاعطاء الاثرياء ومن المستضعفين للاقوياء لا يكون إلا ظالماً وإلا متكيفاً" ويمكن اسقاط مقولة مارتن لوثر كينج على الارهاب. فما يسمى "ارهابا" قد لا يكون احيانا كثيرة سوى توافق مع الظلم.
 عصر الانا-The Age of the Self
يعتقد ان مدرسة التحليل النفسى كانت قد خلقت ما يسمى بمجتمع الاقرار الذاتي الفوري Instant gratification society. وكانت السبعينات والثمانينات صفر تكوين ما يسمى "بعصر الانا". فقد كانت فلسفات وفكر التنظيم الاجتماعى قد تمأسست حتى نهاية الحرب الثانية على الضبط الاجتماعى الذى يكرس من ناحية مفهوم الترابط والتضامن بالحس الاجتماعى والانتماء الاجتماعى مرة و تتمحور حول ضبط السلوك والاتجاهات الاجتماعية لحساب السلطة. غير ان مفهوم الضبط الاجتماعى راح يتحول منذ الخمسينات وصولا الى الثمانينيات من الترابط بالانتماء الاجتماعى الى تفريد الفرد وتذرره باطلاق نوازعه الانانية وغرائزه غير الراشدة لاشباع رغباته فتحقيق الذاتي اذ تقول فلسفة التحليل النفسى مطبقة على ميول الفرد الغريزية الانانية بان " لك ما تريد فليس ثمة ما هو مستحيل عليك" فغدا التسوق أفضل واكثرمدعاة للرضى من التفكير. سوى ان الاستهلاك وتحقيق رغبات الافراد المطلقة رهينة بوفرة قد يعاد توزيعها انتقائيا شريطة توفر السوق على الربح واقصى الربح خصما على المنتجين فى كل مكان بما فيهم الامريكان انفسهم وبفرص العمل فى اسواق العمل. سوى انه كان عهد الانا قد اشرع اطلاق عنان التنفيس كنقيض للكبت فوفر عصر الانا للاعمال مصدرا هائلا للمراكمة غير ان التنفيس بالاستهلاك كان حريّاً به ان يواجه ازمات اقتصادية و تضخم ومعدلات عطالة فلم يكن قابلا للاشفاء الدائم, واجادل ان الرأسمالية تلجأ الى ما اعرفه بالاقرار الذاتى-الجماعى-القومى-الشوفيني كلما عجزت عن توفير الاقرار الذاتى الفردي. فاشعال شعارالحرب وحافة الحرب ودق طبول الحرب والحرب نفسها تغدو وسائل ناجزة للاشفاء الجماعى كلما احبط السوق تطعات الافراد الذين كانوا قد أوهموا بان رغباتهم مجابة حينا وحيناً آخر تغدو الحرب وسيلة لجم صف افراد مفردين فى مواجهة عدو مشترك وبعيدا عن مواجهة الدولة وحينا ثالثا لتسويغ الاحباط وحينا رابعا دفاعا عن فرص العمالة الامريكية.
 
السلع و الفحولة و الحب والدولة :
كان فيرنيز ابن عم فرويد قد جأر فى 1920 بربط السلع برغبات الفرد بحيث ينظر الفرد الى السلعة بوصفها اداة تجعله سيد موقفه فحلاً محبوباً وليس لان السلعة تلبي حاجة مادية. وقد اخذت الصناعات عن العلاج النفسى فغدا بيرنيز وكان عمره 100 عام وقتها على رأس الحملة التى كانت قد راحت فى الثمانينات تغدو مصدر الهام اصحاب الصناعات لرفع معدلات تسويق السلع بتنويعة من العلاقات العامة تنشر فكرة ان استهلاك سلعة معينة يعتبر باعثا على السعادة والرضى عن النفس وان العكس صحيح فعدم استهلاك تلك السلع بعينها مدعاة للاحساس بالقصور فالتعاسة. و كانت الصناعات قد راحت فى السبعينات تستلهم مدرسة انا فرويد فالتحليل النفسى فى جعل الاعلان يستدعى رغبات الناس الدقيقية. وقد استدعى الساسة البريطانيون متخصصين فى علم التحليل النفسى في مجال الاعلان والعلاقات العامة من الولايات المتحدة لمساعدة مارجريت ثاتشر على تكريس فكرة ان كل فرد مفرد وغير متساو يعمل لما وكما يريد وينفق ما عنده حتى يشبع رغباته فيحقق اناه. وحين يستهلك الفرد يصبح السوق الحر هو الذى يوفر حاجات الفرد. واذ يستهلك الفرد يخدم الفرد نفسه باشباع رغباته. فالفرد هو الذى يخدم نفسه ولا يخدم الدولة كما ان الدولة ليست هى التى تخدم الفرد بحيث يوهم الفرد بانه قد تحرر من الدولة فيما يتعين فطام الفرد من الاعتماد على الدولة فى نفس الوقت. وكلما اعتاد الفرد على اشباع رغباته على هذه الصورة ازدهر السوق وكرس الاعلان وسيلة لمعرفة رغبات الفرد بالتسويق وهكذا.
  
التحليل النفسى و الديمقراطية ما بعد الليبرالية:
راحت فلسفة الرغبات الفردية تصنف الافراد حسب رغباتهم و قدرتهم على الاستهلاك ومشترواتهم تأسسيا على استطلاعات الرأى  عبر جماعات منتقاة  Focus Groups تركز على عينات من المستهلكين للتعرف على دواخل الافراد حسب ما يستهلكون و ليس حسب الطبقة اوالنوع او السن او اللون. و قد اطلق على تلك المجاميع المفردة تعريف الطبقات الاجرائية الجديدة The New Operational Classes[33]. وكان الاعلان قد ركز على سبع ماركات مسجلة لغواية الافراد بتلك الماركات بحيث يعبر مستهلكوها عن دواخلهم مما راح الساسة يستخدمونه فى حملاتهم الانتخابية. ويتعين الساسة على الماركات المسجلة لتلك السلع خلال خطبهم وإبان المقابلات المتلفزة الخ. وراحت الصناعات تستكتب الصحفيين والكتاب مقالات يذكرون فيها اسماء تلك السلع-عرضا- او-و يصور بعض المشاهير من النحوم والساسة والكتاب وامامهم تلك السلع من المأكولات والمشروبات او يرتدون موضات وازياء بماركات مسجلة بعينها أو يقودون سيارات بتلك الماركات المسجلة وهكذا. واذ بات استهلاك تلك السلع يوحي بالمساواة بين الافراد العاديين وبين هؤلاء المشاهير راح السياسيون يجأرون بدمقراطية الاستهلاك. وعلى صعيد اخر راحت بعض مدارس الصحافة الشعبية-مثل جريدة الصن لصاحبها روبرت ميردوخ - تخلق لدى الناس اهتمامات تستحب الخبر المثير والفضائحي اكثر مما تهتم بهموم القضايا الحقيقية للناس. و كان ريجان وكلينتون من انصار تلك الديمقرطية.
و قد ادعت مدارس الفرويدية الجديدة ان الفرد لا يزيد على رغبات و حاجات و عواطف لا واعية و من ثم فاستباق تلك الرغبات و العواطف و الحاجات اللاواعية حري بان يعفي الفرد من التفكير مرة و يوفر للساسة والصناعات مرة أخرى تلبية تلك الحاجات. و قد استخدم ريجان تجربة الصناعات فى غواية الافراد على التصويت له بوصف انه سيحررهم من الدولة فيما سقط غريمه ماريو كومو لانه حض على التضامن و على التآسي فكما كان ريجان قد انكر أن يبقى الفرد بحيث يتأزم لمصيبة غيره او يأسف لها فقد دعى بان ليس من واجب الفرد و لا مسئوليته ان يهتم الا بنفسه. فالفرد غير مسئول عن غيره. و قد عزى المحللون النفسيون سقوط  الديمقراطيين فى الولايات والعمال فى بريطانيا مرة بعد اخرى لعدم مرونة الاخيرين قياسا إلى الجمهوريين اللذين اتسموا بالمرونة. ومن ثم راح الديمقراطيون والعمال يلجأون الى الجماعات المنتقاة بقيادة فيليب جولد و ماديسون و تلاميذ فيرنيز اللذين تحولوا الى فيلق متنقل يجوب القارات ليقدم وصفات ناجعة للفوز فى الانتخابات العامة وفى وضع السياسات العامة الخ بتحديث الاحزاب كحزب العمال "الجديد" الذى تعين عليه ان يترك خطاب اليسار “العقلاني” جانبا و يلجأ الى مخاطبة رغبات وعواطف الافراد بلغتهم واستدعاء النوازع الانانية والمادية الكامنة-حسب التحليل الفرويدى-فى دواخل الفرد.
و قد استدعى حزب العمال الجديد ما سمي بالطريق الثالث او الوسطية. و قد باتت وسطية يسار اليمين الجديد او الطريق الثالث تجأر بخطاب سياسى يتعامل مع الناخبين كما تتعامل الصناعات مع المستهلكين. فقد راح الساسة يوهمون الافراد بانهم لا يستجيبون لشروط الفردية-الانانية-تحقيقا لرغبات الناخبين الانانية. ذلك ان الناخبين باتوا يرفضون رفع الضرائب فيما تعينوا على المطالبة  بخدمات اجتماعية و سلع عامة و غيرها متهربين من مسئوليتهم فى مواجهة تمويل تلك المطالب.  وكان من جراء انانية الناخبين انهم رفضوا ان يساهم دافع الضريبة فى رفع العبء عن من لا يملك دفع الضريبة فلم يعد ثمة استحياء فى التصويت لبرامج رفع الدعم لاعالة او تحسين احوال الشرائح المستهدفة من العاطلين و كبار السن و الاطفال. و قد سجلت ميزانية كلينتون بعد شهرين من وصوله للسلطة للمرة الثانية 300 مليار دولار عجزا فلم يكن امام االادارة الامريكية حيال تحقيق رغبات دافعي الضريبة من الناخبين بالوصف اعلاه سوى تخفيض ميزانية الرعاية الاجتماعية مباشرة الى تخفيض منصرفات الدولة بتخفيض العمالة فى الدولة فتسريح مزيد من العاملين لينضموا الى جيش العاطلين و قد تقلصت ضماناتهم الاجتماعية والرعاية الاجتماعية و كانت قد تقلصت اصلا.
 
اصوات الناخبين و ارباح الصناعات شيئ واحد:
أصبحت الضرائب هى المحك فى فوز او سقوط مرشح سواء يمين او يسار الوسط مما كرس وسطية شاعت بين الاحزاب القديمة والجديدة بحيث لم يعد ثمة ما يفرز بينها الا قليلا فيما اخذت احزاب اليمين واليسار–ان وجدت احزاب بهذا الوصف-تتنافس على الاجندة السياسية. على أن اخطر ما ترتب على ذلك الخطاب أنه اذ كان الناخبون قد فردوا بهذا الوصف فقد غدا الناخبون اقل فاقل ولاء لحزب بعنيه. ذلك انه ان غدا ولاء الفرد لنفسه و لتحقيق رغباته فلم يعد يفرق ان صوت لحزب او اخر طالما ان الحزب المعين يعده بتحقيق رغباته هو. فما ان رفع كلينتون الضرائب فى 1994 حتى عاد الناخبون بعد وعدهم جينجريدج –رئيس مجلس الشيوخ علىعهد ريجان-الى الجمهوريين فى انتخابات الكونجرس مما حجم سياسات الديمقراطيين باغلبية جمهورية. ولم يلبث كلينتون ان عين ديك موريس وهو اقتصادى شرس مستشارا له. وديك موريس من اللذين كانوا قد خلفوا الايديولوجية وراءهم و اعتنق نظرية مخاطبة الناخبين  على طريقة مخاطبة الصناعات للمستهلكين-بقوانين الصناعيين فالاستجابة الى اهواء الناخبين و رغباتهم الانانية معلنا ان الاصوات فى السياسة تعادل الارباح فى الصناعة كلاهما شئ واحد. والواقع ان السياسة كانت قد راحت تسترضى الصناعات و الاعمال فيما راحت الصناعات تشتري الساسة يمينا و يسار فلم يعد ثمة ما يفرق بين الاحزاب مما يتضح فى كيف اغدق كينيث لاى-مدير شركة اينرون للطاقة- وواحدة من كبريات الشركات الاميركية- على الشيوخ ديمقراطيين او جمهوريين. و كان روزفلت قد دعى ابان الازمة الاقتصادية الكبرى فى الثلاثينات العاملين الى تكوين تعاضدات ووتعانونيات و تشجيعها على خلق نظم للكفالة الاجتماعية لمواجهة الازمة مما اتصل على مدى ما يقرب من 50 عاما قبل ان تعصف به مدرسة تفريد الفرد باستبعاث انانية ومادية تحقيق الرغبات الفردية خصما على التعاضد والتعاون. على انه بينما فبركت حاجات الفرد القادر على الاستهلاك فى المجتمعات الغنية والمفقرة علىالسواء فإن الاستقطاب العنيف بين الغنى والافقار بربر حاجات الاغلبيات فى المجتمعات الغنية والمفقرة على السواء.
                    
مجتمعات الفرص و الخيارات:
حيث كان التحليل النفسى وراء تفريد الفرد من حمايته الفطرية مرة فقد ذرر الفرد مرة اخرى واوهم بحقوق فردية من حق التعبيرالفردي الطافح الى حرية الاختيار الفردي لما يريد خصما على الحقوق الجماعية فنشأ ما سمي بمجتمع الفرص ومجتمع حرية الاختيارات. و قد راح ما سمى بمجتمعات الفرص والخيارات يتمأسس على ايهام الفرد الذى كان قد استلب اهم حقوقه فى العمل مدى الحياة مثلا و تقلص مشاريع الكفالة بانه سيد قدره و انه حر يختار ما يريد طالما و أينما اراد. فغدت للفرد حرية اختيار العلاج الذى يريد و حرية اختيار والديه وحرية تطليقهم وحرية المثليين والسحاقيات فى "الانجاب" و حرية امرأة فى الستين فى الحمل والولادة وحرية تفصيل ملامح الفرد حسبما يراه جمالا وحرية البقاء شابا لأطول مدة ممكنة وحرية استنساخ نظير له و هكذا. و قد كرست الامم المتحدة فوضى الحرية الفردية باعلان حقوق الانسان الذى له ان يفعل ما يشاء واستصدرت قوانين ومواثيق حول حق الطفل وحق المرأة على جسدها فيما عصف بحق الحياة وحق تقرير المصير وحق النضال من اجل التحرر الوطنى. و اجادل انه كلما فرد الفرد فى المجتمعات الغنية-و لو فى المقياس المدرج-كلما تفاقم تفريد الفرد سلبيا فى المجتمعات المفقرة بالافقار.
  
التحليل النفسي والجمهوريات الرئاسية الدكتاتورية :
خلق تفريد الفرد فى المجتمعات الغنية بالوصف اعلاه مناخ انفراد اقليات لامنتخبة احيانا بالسلطة والثروة. وقد خلقت تلك التنويعة من "الديمقراطية" الجديدة كيمياء موازية فى المجتمعات المفقرة قيضت هيمنة اقلية غير منتخبة أو منتخبة بمدلسات شعائرية التعددية الحزبية بالافقار الاقتصادي اغلبيات الافراد جراء مشاريع "التنمية" وخصخصة المقدرات القومية الخ. و قد ذررت تلك المشاريع الفرد اقتصاديا فذرر الفرد مكانيا واجتماعيا فيسرت عمليات العصف بالحريات والحقوق الجمعية تباعا. و فيما عصفت التنمية و الخصخصة بالحربات المدنية والحقوق الجمعية خلقت احبولة مجتمع الفرص و الخيارات المتوهمة. فلم تكن تلك الفرص و الخيارات خليقة بالتوفر إلا لاقليات وحسب خصما انتقائيا على اغلبيات فى المقياس المدرج. و كانت الرأسمالية ما بعد الصناعية قد وعدت فى منتصف ثمانينات القرن العشرين-فيما وعدت-المجتمعات الغنية بعصر الرأسمالية الشعبية. وكانت تلك الرأسمالية الشعبية تجأر بتمكين الافراد بالامتلاك اسهما فى الاستثمارات الرأسمالية و كبريات والاعمال الصناعية. و لم تلبث الرأسمالية ما بعد الصناعية ان راحت تدعم اعلاء حملة الاسهم على المستهلكين وكان الاخيرون قد فضلوا باكرا فى سبيعنات القرن العشرين على المنتجين وهكذا.
و بالمقابل كان تفريد الفرد بالافقار الاقتصادى فالسياسي و الثقافي جميعا حري بان يقصي اغلبيات المنتجين اللذين يؤلفون وكانوا قد الفوا "المجتمع" على مر الاف السنين لحساب مستهلكين مرة و مراكمين شرسين للثروة سماسرة للتنمية و التطبيع و بالخصخصة تعيينا. وقد استغرق الفرد مرة فى اشباع رغباته الفريدة اما بالاستهلاك او بالصراع من اجل بقاء يتندى يوميا فلا يستهلك سوى يومه سعيا وراء وجبة انخرطت شرائح سلطة نغلة فى احتار السلطة تحت مسميات كالجمهورية الرئاسية التى تستلب العملية الديمقراطية. و قد كانت المجاميع الشعبية قد فرغت بالتفريد المفقر من الطاقة على التنظيم وراح ما يسمى بالمنظمات غيرالحكومية يحتل مكان المجتمع المدني والاهلي معا مما اخلى الساحة لتعددية حزبية مفرغة المحتوى معلقة فى فراغ غياب المجتمع المدنى. فكيف ترك فضاء الفكر والتنظيم هكذا لقمة سائغة لاعداء الفرد والمجاميع الشعبية معا؟
 
جريرة الاكاديميين والمثقفين ام محنتهم؟
 يهاجم نعوم تشومسكى اكاديميي ومثقفى اليمين وعلى الخصوص اكاديميى اليسار بوصف انهم فرطوا فراحوا على الاقل يمالئون الحكومات فيما استنكف معظمهم عن قول الحقيقية فتحولت الجامعات الى صناعات للخبرة اكثر منها منابر لتوضيح ما ينغلق من سياسيات الحكومات ناهيك عن قول ما ينبغى قوله. وكان نعوم تشومسكى قد حمل الاكاديميين والمثقفين مسئولية غض النظر عن الحقيقة والتستر على سياسيات الحكومة فى مقال فى النيويورك تايمز فى 1962. واذ يتهم نعوم تشومسكى الاكاديميين والمثقفين بالتخلى عن مسئوليتهم "الطبقية" التاريخية ازاء الاشياء والقضايا والناس فى مواجهة الحكومات يرى ان الاكاديميين و المثقفين اصبحوا زائدين عن الحاجة الا ما خلا ما يتوفرون عليه بوفاء منقطع النظير من خدمة الرساميل والصناعة التى راحت تقتحم مراكز البحوث والجامعات فتغرقها فى عالم الخبرة الموات للمال والسفر والمغامرة دون رقيب. وقد اخذ الاكاديميون والمثقفون يميلون نحو موقف لا يقطع بشئ فقد راحت مراكز البحوث والجامعات تغدو اكثر فاكثر عزوفا عن ان تقطع بشئ يهم الناس العاديين ولم يعد شيئا يهم الناس يوضح للناس. و يقول ناعوم تشومسكى ان الولايات المتحدة- لم تتعين على التصريح بسياساتها الدفاعية طوال الحرب الباردة مثلا-الا ماخلا ابان بضعة سنوات-ما بين 1969 الى 1971-على الاكثر.الا ان الولايات المتحدة راحت ترفع ميزانيات الدفاع والتسلح بعد سقوط حائط برلين ببضعة اشهر بذريعة توفر بعض دول العالم الثالث على تكنولوجيا سلاح متقدم وما يؤلفه ذلك من خطر يهدد مصالح الولايات المتحدة.
 
أثمة علاقة مريبة بين الصمت و الكلام الذى لا يقول شيئا و ما بعد الحداثة؟
الواقع أن من الموضوعي التنبه إلى كيف ترتب على حالة التمويل ورفع يد الدولة عن دعم البحث والجامعات دفع الكثيرين الى تفادي التورط فيما قد يترتب عليه حرمانهم من التمويل و ربما الوظيفة. وقد راح الاكاديميون والمثقفون يصمتون عازفين عن قول شيئ في افضل الشروط او أن بعضهم بلغ حد بيع روحه من اجل التمويل. واجادل ان كان قد ترتب على مناخ الكف العام Collective inhibition كيمياء كف عام collective and general inhibition يتحاشى التورط فيروح الاكاديميون والعلماء يلوذون بالصمت او-و يبرورن الكلام الذى لا يقول شيئا بان " ليس ثمة حقائق فى العالم ما بعد الحداثي وان اصرار الاكاديميين والمثقفين على يقينات حري بان يدفعهم الى مشارفة الخيانة"[34]. بمعنى اخر ان أى يقين حري بان يباعد ما بين الاكاديميين والمثقفين وما بعد الحداثة. و اذ يتصل صفر تكوين ما بعد الحداثة بمرجعيات ما قبل حداثية الا ما خلا فوكو عن كيركاجارد و هيجل و التوسير و دريدا و لوتار فقد غدت ما بعد الحداثة تؤتى عن و بالفكر التنويري و الميتاثيوري او النظريات الكبرى. و اجادل ان ما بعد الحداثة كانت اذ تصدر عن اسوأ تفسير لعدمية نيتشة راحت تتغاضى عن أو الاحرى تتبرأ من ادعائين محورين لـ "التنوير" الحضارى الغربي و هما "عبء" الرجل الابيض و القيمية المسيحية. فعلى الرغم من فحش كل من عبء الرجل الابيض وانتقائية القيم المسيحية الاوربية الغربية تجاه غير الاوربي-غير الغربى الا ان محض الادعاء كان حري بان يثير الجدل او يخلق كيمياء وخز الضمير فلم تصدر ما بعد الحداثة عن تبلد الضمير بل تصويغ النجاح و الشهرة و المال و السعادة باى ثمن فيما تراوغ مواجهة ثمن تلك الامتيازات فتحيط مغبة ما بعد الحداثية على غيرها من الشعوب المقهورة-ثمن ما بعد الحداثة بالصمت العميق او-و بتبكيت الخمس دقائق و بعد ان يكون الخطأ قد اخذ مفعوله. اليست علاقة ما بعد الحداثة بالصمت المريب و بتبكيت الخمس دقائق كقمينة بالتأمل العميق؟
 ويرى تشومسكى ان موقف الاكاديديين والمثقفين من السلطة يقيض للاخيرة صناعة وفبركة التراضي والاتفاق واجبار الرأى العام على تراضي واتفاق مزعنين حيث راحت القوة المركزة Concentrated Power "تطوع" و "تجند" الرأى العام فى المجتمعات الديمقراطية الغنية. فقد يستحيل فرض التراضي بالقوة ولا تجد السلطة القائمة سوى ان تلجأ الى تطويع وتجنيد الرأى العام بما يسميه تشومسكى ب "التراضي" المقتهر Concession by coercion . و اجادل انه فيما تكرس السلطة المركزة التراضي المقتهر يكرس التراضي المقتهر السلطة فى ابد اقل فأقل. فان تقيض اساليب و ممارسات فرض الانضباط على الاصوات المستقلة تستخدم القوة والسلطة المركزة تكميم افواه المعارضين فتكا تؤدى بايّ معارضة راديكالية مما ادى الى سقوط معظم الاكاديميين والمثقفين فى خندق التراضي وتجنب توضيح ما يغمض على الناس من ممارسات السلطة القائمة فتفاقم تركيز السلطة مرة فى وسيطة خانقة-تتسربل فيما يسمى بما بعد الحداثة-و قد راحت تتبدى و كأن لا فكاك منها و مرة اخرى فى ايدي اقل فاقل خصما على العملية والممارسة الديمقراطية "الشعبية". ذلك انه حيث قد تغدو ما بعد الحداثوية تلك مرادف لوسطية الطريق الثالث فان مفارقة الطريق الثالث غدت بدورها و كأنها تشارف الخيانة.
و يهاجم معظم الاكاديميين و المثقفين المنبتين على الخصوص تشومسكى فيتهمونه بالتبسيطية المتشائمة وب "الفوضوية" والخيارية بمعنى الليبرتاريانوية libertarianism -و بان ما يقوله نعوم تشومسكى غدا قابلا للتنبؤ به. و يرى معظم الاكادميين و المثقفين المتواطئين مع الوضع الراهن و المنتفعين به ان تشومسكى قد يجد نفسه و قد وقع فى خندق اليمين الذى كان دائما معاد للاكاديميين و المثقفين فنعوم تشومسكى يخدم اليمين من ناحية. و من ناحية اخرى يرى اخرون ان هجوم نعوم تشومسكى على الرأسمالية لا يزيد سوى ان يصدر عما يشارف النظرية التآمرية[35]. و لا يرد على مثل تلك الاتهامات سوى احصاء اليكتروني حول ما اسميه "اكاديمية تشومسكى المكافحة" النشطة سياسيا. فرغم وربما بسبب ان نعوم تشومسكى بقي مكافحا نشطا بلا فتور او تراجع على مر 40 عاما فقد بقيت مؤلفاته مقصية منذ خمسينات القرن العشرين عن "سوق" الافكار المتداولة بين المثقفين والاكاديميين "الرسميين" حتى العشر سنوات الاخيرة-بعد حرب الخليج الثانية تحدديا.
وكان تشومسكى ومايبرح يقف فى مواجهة الرأسمالية متوحدا فيما انخرط معظم انداده فى "التراضي" مع الاوضاع القائمة ان لم ينشطوا متنافسين على استرضائها و خدمتها. و لعل ذلك الموقف الذى استعدى اقران تشومسكي كان قد جعل تشومسكي اكثر المثقفين شعبية بين القراء العاديين فى العالم. ذلك ان تشومسكى يعتبر حسب الاحصاءات الرسمية للرسائل الالكترونية التى ترد الى او حول تشومسكى اكثر المؤلفين مرجعية The most quoted . و يقدر معدل استدعاء اسم نعوم تشومسكى و مؤلفاته على الموقع الالكتروني بشبكة الانترنت Web Site  بـ 3000 مرة مقابل كل استدعاء للبورنوجرافيا الديجيتالية-الجنس الفاحش-او شقراء عارية و غيرها من اكثر المواقع الالكترونية شعبية. المهم ربما امكن مجادلة هجوم الاكاديميين والمثقفين الموالين لليمين الجديد و الطريق الثالث على التوالى بوصفه عداء للاكاديميين والمثقفين المكافحين النشطين سياسيا Militant activist academics . ففى حين كانت بعض فصائل الاكاديميين المهادنين للسلطة او-و المتواطئين و المتعاونين حرية بان تقف غالبا فى مواجهة بعضها البعض لان بعضها صار لا يثق فى البعض الآخر فقد خلقت تلك الفصائل النغلة لمناصبة العداء لبعضها و نفسها فهى بطبعها و تركيبها اكثر رغبة عن الثفة فى اندادها وفى الناس العاديين-العامة-الدهماء-الغوغاء-جميعا.
و كان ذلك قد وفر لتلك الفصائل النغلة تطورا و نشوءا يشارفان البداوة رائحين غادين بين اليمين واليسار والمخدمين والممولين وكل من يدفع الاجر والثمن. فقد خدمت تلك الفصائل البدوية او الاعرابية فكريا النغلة تاريخيا ما بعد حداثوية-الرأسمالية ما بعد الصناعية الحداثة-البرجوازية الصناعية-و الاقطاع من قبلهما. و لعل كوميديا-ما بعد الحداثوية Nomadic post-modernist comedy البدائية تلك وظيفة تقطيع اوصال الواقع فى تخصصات ضيقة متحاربة مرة ومرة اخرى لكون الغرب-الرأسمالية تتمتع بعد وقبل كل شئ بنوع من صلافة الجهل والكبر باثاروية sensationalism تعزف عن الاصغاء فالتحاور. و يعزف الجهل الصلف عن الاصغاء ناهيك عن تبادل الحوار يقعي البحث ونتائج البحث عند التوليفية والتحليلية التركيبية synthesis فيحلق فى فراع الواقع الموضوعى او-و يتدنى الى الدوران فى تبسيطية لا تخليقية مفرغة. وازعم ان تلك التبسيطية التخليقية المفرغة تؤلف اخطر التحديات التى تواجه الفكر الموضوعى وتنفى شرط التنظيم الشعبى البديل للصلافة المذكورة.
 




الفصل الثالث
تجريم الفكر الاشتراكى و ابلسة الحركات الشعبية
 
" ليس تاريخ البشرية سوى ادعاء واهم متكاذب".او ما معناه: نيشته
يحاول البحث تأمل وتحليل التحديدات الفكرية والتنظيمية التى تعنى بها بعض فصائل المعارضة الحديثة "المنظمة" والمعارضة التلقائية-العفووية-"غير المنظمة"-انتفاضات الفلاحين وبدو الصحراء والبحر والجبل و ثورات الجياع و الخبزو الظمأ و الشارع. ان امعان النظر فى ظاهرةالمعارضة بتنويعاتها و الانتفاضات المذكورة قد يقيض افتراض ان الاخيرة قد لا تعنى بما كانت نظائرها السابقة على الطبقات-من الثورات الشعبية التى تعمر تاريخ المنطقة قد منيت به على مر الاف السنين وحسب وانما تعنى "ثورات" اكثر "تنظيما" نسبيا كان قد تم استعداؤها-كالثورات المخملية- بمصير مشابه. فهل يبقى من فكر وتنظيم تغير اجتماعى لحساب اغلبية مجاميع الاعداد المتراكمة لمن لا وجوه لهم سوى الحصار؟ ام هل تتكافل الكوننة و ثورة المعلومات ام تفيق البشرية "البيضاء" وغير البيضاء بالتماس تباعا من فقدان ذاكرة طال؟ و هل ان ثمة بديل لعنف الثورة المضادة المكوننة سوى عنف مكافئ حتى لو كان عنفا "اليكترونيا"؟ و أجادل ان الاطاحة بالنظم والفكر والتنظيم الاشتراكى بصورة دائمة أو مؤقتة حسبما ترى(ن) وبالاقتصاد المخطط مركزيا-القطاع العام-والبرامج اشتراكية التوزيع تباعا كان قد خلق عالما شديد الفوضى والخطر على الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة اذ راحت انتفاضات شعبية وحركات الاحتجاج على الكوننة تطل برأسها فى كل مكان[36]. واجادل بأن تكونن الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة-باسوأ مما كانت نظائرها من مراحل نهايات "الحضارات"-الثقافات-المتسيّدة-الافقار والغنى بعنف غير مسبوق-قد يستدعي بالنسبة للرأسمالية ما بعد الصناعية لحظة عنف قادمة لا محالة بمحض الاستلاب العنيف لاغلبيات منتجي الثروة فى كل مكان فاحتمال مواجهتها بعنف غير مسبوق.
 ذلك انه ان كان اسقاط الاشتراكية قد بشر بعالم ما بعد طبقى او فوق الطبقات "ما بعد أيديولوجى" أو يعتقد انه يتجاوز الايديولوجيات-متجانس فكريا وتنظيميا وتراتبيا ولا يتهدده خطر الشيوعية فان سقوط المنظومة الاشتراكية وكوننة الغنى والفقر حري بان يخلق مناطق رفاهية وأمن ومناطق افقار متعاظم تهدد بمخاطر وبحروب أهلية وانتفاضات شعبية و الخ. واجادل ان أسباب مجددة لتنويعات احتجاج كانت حرية بان تنشأ بين مجاميع متزايدة على
حصار نفق الاحباط المظلم وعلى تحلل مجتمعات بكاملها وتدنيها الى مجتمعات الجمع والالتقاط فيما قد لا يبقى ثمة ما يجمع أو يلتقط. فاذ تحل فوضى الاشياء والافكار والحياة العادية الرحيمة بعاديتها بالافراد و الجماعات و المجتمعات فقد لا يبقى سوى القمع المنظم مما قد يفرز غالبا نوعا من التمسك بـ"استمرارية" بليدة تتدنى بأدمية الانسان الى محض بقاء بلا معنى-فلا بديل لها سوى المخاطرة. فقد يتبدى مع المخاطر المحدقة من كل مكان و مع حلول الفوضى "المنظمة" و كأن خشية عامة مبطنة تتلبس الناس فيغدو سقوط الطغيان-الذى كان قد تعين على العصف بكل بديل-و كأنه نذير بمخاطر مجهولة. ذلك ان احتمال سقوط الطغاة المعاصرين ازاء السخط العام والعصف المستمر ينذران بدورهما-فى غياب البدائل-بمخاطر لا قبل لاحد بها. 
و كانت غواية كل من حركة سوليداريتى Solidarity البولندية فى السبعينات و جلاستنوت و البيروستريكا السوفيتية فى منتصف الثمانينيات و ثورات الجمهموريات الاشتركية المخملية في نهاية الثمانينات حرضت على ما سمي وقتها بـ"الديمقراطيات الجديدة" على الثورة بشعار حقوق الانسان وطقسية التعددية الحزبية. و اجادل ان شعار حقوق الانسان وطقسية التعددية الحزبية لم يكن مقصود بهما حقوقا جمعية اقتصادية تنظيمية. و لا كان-مقصود بتلك الثورات كافة العوالم الثالثة والرابعة والعصر الحجرى على الخصوص. فزيادة على خيانة الولايات المتحدة-غير المعلنة-لمبادئ حقوق الانسان فان الولايات المتحدة تنسحب فى مواجهة ضرورة تطبيق حقوق الانسان فى الولايات المتحدة نفسها-اذ لم توقع الولايات المتحدة على وثيقة حقوق الانسان فتطبق حقوق الانسان ان طبقتها بصورة انتقائية-فى افضل الشروط-و لا ترفع اصبعا ان لم يناسبها ان ترفع اصبعا ان انتهكت حقوق الانسان او استهتر بالتعددية الحزبية فى مجتمعات بعينها. تنقلب وصفة" الديمقراطية السياسية مفرغة المحتوى-فى ما لا يزيد عن شعائرية تعددية حزبية- قد ترتد الى نحر المجتمع الامريكى-الامة الامريكية-مرة اخرى. و لا تزيد الولايات المتحدة ان تفرض تلك الوصفة مفرغة المحتوى على امريكا الجنوبية-مثلا-فى تشريد ملايين العمال الموسميين فيدفع بهم للهجرة غير المشروعة الى الولايات المتحدة بتواطؤ و مساعدة المزارعين الامريكان فى مواسم حصاد البطاطا و البرتقال والبطيخ وغيرها من المحاصيل. و يقدر عدد المهاجرين من كولمبيا مثلا باكثر من 3 ملايين عامل موسمي كوظيفة لحالة عدم الاستقرار الاقتصادى و الافقار المتزايد و الحرب المتصلة بين الغواريين والحكومة الكولومبية. و قد يتصل الحوار و ينقطع بين الجبهة المسلحة للثورة الكولومبية( فارك) Fronte Columbiana Revolutionaria -FARK و الحكومة بسمسرة الولايات المتحدة لا تنهي مشكلات كولومبيا من تجارة المخدرات و الاستقطاب العنيف بين الافقار والغنى زيادة على عدم الاستقرار "ترتد" الى و "تندلق" على عتبة الولايات المتحدة من جراء تلك الوصفة حيث يغرق "بارونات" او اباطرة مخدرات الاسواق الامريكية و الاروبية على نحو يبدو ان سلطات مكافحة المخدرات ألاوربية ألامريكية اصحبت تقف شبه عاجرة ازاءه. هذا فيما انتشرت ظاهرة الفساد بين بعض الساسة و رجال الامن الموكول لهم مكافحة المخدرات. و قد بلغت كمية المخدرات المصدرة من امريكا الوسطى و شمال امريكا الجنوبية ما قدر ب 600 الف طن متري فى صيف 1999 قدرت قيمتها ب 90 مليار دولار على شكل رساميل او اموال "مغسولة" Laundered Money. و فيما تدور الا موال المغسولة Laundered Money قد تؤلف بعدا من  رأس المال الهاربFlight Capital Flight Capitalتعتبر تلك الرساميل مشروعة اذ تجد المصارف الاوربية و الامريكية التى" تستضيفها" صعوبة فى ضبطها. وفيما تمول تجارة المخدرات حركات تحرير كولومبيا المسلحة التى تسيطر على ثلثي كلومبيا فان الحكومة "الديمقراطية" التى تدعمها الولايات المتحدة تجد نفسها فى حالة حصار لا تنجدها منه الاستخبارت الامريكية ولا الوجود العسكرى الامريكى فى كلومبيا بصورة متصلة من ناحية.
 ومن ناحية اخرى تصرف الولايات المتحدة مبالغ طائلة وعلى نحو مستمر ايضا فى محاولة مساندة الحكومة الحالية فى مواجهة خطر سقوط كلومبيا فى ايدى الثوار. اى ان الديمقراطية السياسية وحدها بدون الديمقراطية الاقتصادية ما كانت و ليس مقيضا لها ان تقدم وصفة ناجعة لدرء تهديد أمن الولايات المتحدة وحماية مصالحها مما قد يرجع بدوره الى قانون "الفوضى و السيطرة المعلوماتية" او- برغم الاخيرة. و قد عرفت الولايات المتحدة الى ذلك بالتعين المنظم على هجمات متعاقبة من الثورات المضادة محليّاً وعالميا على كل من الحركات المطلبية الفئوية المنظمة و الحركات الشعبية "التلقائية"-"العفووية"-"غير المنظمة"-"الغوغائية" فى كل مكان منذ احباط الثورة الفنزويلية فى القرن التاسع عشر و ثورات شعوب امريكا اللاتنية على مر القرن العشرين تباعا عبورا بالمكارثيات الاربع الى الانقلابات العسكرية على حكومات العالم الثالث المدنية غب الاستقلال السياسي باسم التحديث بتدخل الاستخبارات المركزية الامريكية النشط الى الثورة المضادة على المنظومة الاشتراكية فى الثمانينات والتسعينات.
 
اصولية براديجمات التخلف و تخلف المنهجية: أثمة اشد تآمرا من سوط تهمة النظرية التآمرية؟
اجادل تباعا انه كان قد ترتب فيما ترتب على اعلاء حقوق الافرد انتقائيا وعلى شعائرية تعددية حزبية لا تخفى "ان لا بأس بالديمقراطية سوى انها تجعل الناس احرارا" و تجريم الحركات الشعبية ان كرس تخلف المجاميع المنتجة لحساب اقليات فيما ضمر ان لم ينعدم فكر التغيير الاجتماعى فتخلف البحث فى التخلف و حل مشكلات التخلف لحساب "تقدم" و "نمو" و "تنمية" و " الحاق" اقليات محلية بانداد فوق قوميين. و فيما كرس تخلف المجاميع المنتجة فى العوالم الثالثة والرابعة على الخصوص فنشوء عوالم عصر حجرية فقد عمشت نظريات و براديجمات "التقدم" و"النمو" و"اللحاق" و "الاصلاح" على تخلف منهجية البحث فى التخلف باصولية غدت معها مجادلة الاخيرة تجديفا. و قد كانت المؤسسة الاكاديمية الام و بالتماس او-و بازعان اخواتها غير الشقيقات او بنات زوجها فى الامتدادات معنيات بالتستر على فوضى ان لم يكن عرى النظر الاجتماعى من الموضوعية التاريخية. لا تعتذر هذه المجادلة عن المروق عن سراط الانضباط المعوج فيما يمسى ب"الحيدة" Neutrality وما يدلس فى الحكم الخالي القيمية او غيرالقيمي Value Free Judgment ما يمسى بوجهة النظر المتوازنة The Balanced view و اجادل ان لا سبيل ل"حيدة" علمية مع العين الاوربية الغربية التى كانت دربت على الا ترى سوى ما دربت على رؤيته [37]فغالبا ما تشارف الحيدة" التواطؤ فيما لم تزد "وجهة النظر المتوازنة" سوى ان توازنت بخارطة ذهن و بمعمار لغة الاستحواذ لحساب صفوف الغالبين خصما على المغلوبين. فان تحاول هذه الدراسة-قدر الممكن-التوفر على تجريد و مفصلة قاموس الحصارDictionary of Siege  والاستحواذ التاريخى-فلا معدى من ان تتوفر على تجريد قاموس الاستحواذ Dictionary of Expropriation من اسفل ان صح التعبير-اى من وجهة نظر المغلوبين المخضعين للحصار النظرى والتنظيمى و الاقتصادى المستقطبين بتنويعات عمليات استحواذ اتصلت خمسة قرون منذ سقوط غرناطة على الاقل-بوصف ان الحصار وظيفة الاستحواذ-استلاب الفائض المادى وغير المادى.
-محنة النظر و ازمة "التنمية" الرأسمالية:
فى بحثى الدائم عن مقابلة لا تخنق موضوع الدراسة اجادل بصورة دائمة نظريات و طروحات الغرب حول الواقع غير الغربى- العربى بالذات. و من هنا ايضا اتأمل المفردات المستخدمة كأهم ابعاد منهج ترتيب الاحداث بالنظر اليها فى سياقها الذى يخصها و يدل عليها و من ثم اجادل أن اللغة التى تناسب المادة تنفرز بدورها بدون تقييد الواقع و الاحداث فى مسميات لا تصفهما كما هما على الارض. لذلك اوسع سياق النظر بقدر الامكان كما ارسله عبر و من خلال احداث تتبادل و السياق المباشر قياسات ارحب ومن ثم تسمح بقدر من اليقين النظرى و المنهجى :اى اجهد فى ايجاد طرح يقيض له الارتياح على كل من الزمان والمكان .و كنت قد توفرت على هذه الدراسة عبر سنوات و فى مجتمعات عديدة اذ بدأت بملاحظات و خلاصات وصفية وتاريخية مقارنة على هدى تجارب شخصية فى العمل العام قضيت سنوات من العمر الباكر و متوسط العمر ايضا فيه و ما برحت و لو على سبيل معاصرة مخلصة فى التعاصر و الاهتمام بهموم ذلك الواقع كهاجس دائم بلا فرار و لا رغبة فى الفرار. فقد كانت تلك الملاحظات المعايشة قد اخذت تفرز بدورها ما يبدو لغة تخص الظاهرات التى كانت قد تمت ملاحظتها ومعايشتها ابان حركة التحررالوطنى ابان الستينات فى مصر والسودان والجزائر ثم فى غيرها من الاوطان العربية و الافريقية التى عشت و عملت فيها او عاصرتها عن كثب مثل الموزانبيق و زيمبابوى وجنوب افريقيا. و قد كانت تجربتى المهنية والسياسية الكفاحية قد قيضت لى النظر و اعادة النظر فى ظواهر التحرر الوطنى والتحرير المسلح ومترتباتها بعد الاستقلال بصورة شبه متصلة. و قد اتصلت معاصرتى ومراقبتى عن كثب واحيانا زيارات متكررة لبعض تلك المجتمعات مما قيض استبصار تلك الظواهر تحت مجهر تجربة ما يقرب من ربع قرن فى الغرب-الرأسمالي البرجوازي الصناعي يتحول بثبات و بجنون معا و بصورة متسارعة نحو ما لا يمكن تجاهله منذ السبعينات و الثمانينات حتى التسعينات الى الرأسمالية ما بعد الصناعية اى ما اعرفه بالكوننة-الامبريالية الرابعة.
سياقات الحصار و فرضيات البحث المحورية:
اذ تحاول هذه الدراسة التنبيه على ما كان ربما قد أسقط فاغفل قصدا اوعمش عليه على مر خمسة قرون من التاريخ غير الغربى-العربى بالذات-والافريقى غالبا-تتعين الدراسة بالضرورة على البحث فيما اغفل و ما يبرح يغفل منجزات وانتصارات الشعوب و الاقوام الفذة على مدى الخمس قرون الماضية على الاقل ثمنا للاحتفال بمنجزات و تكريس الاحتفال بالمنجزات الرأسمالية بتنويعاتها من الفطيرة المترددة الى البرجوازية الصناعية فالرأسمالية ما بعد الصناعية فهذه الدراسة معنية فيما هى معنية بمحاولة عرض وتحليل الجانب الاخر من تلك العملة الفريدة -الرديئة بالنتيجة-بسوء الاستعمال-من الاحتفال بتاريخ اوربا-الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية و التعميش على غيرها على مر خمسة قرون على الاقل. و قد راحت العملتين الاخيرتين تطردان غيرهما من عملات تاريخ البشرية على مدى خمسة قرون باكرا و منذ الصليبيات الشرقية و الصليبيات على الاندلس. و قد تعينت الاولى على اقصاء "الاخر" بصورة منظمة. و قد تمأسس التاريخ الرسمى و تاريخ البشرية "البيضاء" على الاقتدار المادى و اللامادى فلعل بعض الارقام التالية تتعين على القاء بعض الضوء على من يكتب و يعيد كتابة تاريخه و من يقصى من التاريخ بوصف ان اقصاء من عدى الغرب وظيفة و ثمن كتابة تاريخ بتاريخ اوربا-الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية.
من يدفع ثمن صناعة التاريخ الرسمى المتكاذب بطبعه و نتائجه؟
يقدر معدل تراكم ثروة اغنى فردين فى العالم ب 4000 مليون دولار فى الساعة و يبلغ متوسط دخل 50% من سكان العالم 2 دولار فى اليوم ودخل 20% دولار واحد. و قد يملك 4% من سكان العالم 40% من الثروة بينما يتضور اكثر من 30% من سكان العالم حتى الموت. و تكاد بعض المجتمعات ان تنمحى عن الوجود فيما يوجد ما يقدر ب 620 مليون متشرد Homeless من الشباب فى العالم و يموت طفل فى العالم-معظمهم فى العالم الثالث و الرابع و العصر حجرى كل 3 دقائق. و تعبر نسب الاستهلاك عن التوزيع الفارق للثروة مرة اخرى حيث يستهلك 20% من سكان العالم 86% من السلع ويستهلك 40% من سكان العالم 13% من السلع و يستهلك 1% من سكان العالم 60% من السلع. وفيما تدفع الدول الافريقية المفقرة ما قدر ب 40 مليون دولار يوميا مقابل سداد ديونها للمؤسسات المالية الكبرى وحدها تنخفض قيمة العملات الافريقية بنسبة 20% منواليا. و تدفع زامبيا مثلا مرتين ما تنفقه على التعليم والصحة سدادا للديون الخارجية فلا يفاقم افقارها الحالى وانما يتصل الافقار فى المستقبل القريب وربما البعيد.
ولا يقتصر الافقار على مجتمعات العالم الثالث والرابع والعصر حجرى المفقرة. و يعتبر وسط ويلز و اجزاء من ايرلندا الشمالية-الكاثوليكية على الخصوص-عوالم ثالثة و رابعة احيانا. فما يبرح شمال ويلز يعيش فى مرحلة سابقة على تحولات ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث لا توجد تدفئة و لا مراحيض داخلية. و قد  بقيت جزيرة بارزلى Barsley  المسماة ب "الجزيرة المقدسة" الواقعة عند شواطئ ويلز الغربية على ما كانت عليه قبل الف عام. و لا يوجد ماء أو غاز او كهرباء او مواصلات سوى قوارب بدائية تحمل زوار الجزيرة من و الى مقاطعة ويلز. و لم يدخل التلفاز فى دير الا عند موت البابا يوحنا الثانى عشر حتى يشاهد الرهبان مراسم دفن الحبر الكاثوليكى الاكبر.و يتدنى مستوى معيشة اكثر من 30% من الاسر البريطانية بصورة متصلة و يسقط اكثر من 20% من الاطفال تحت خط الفقر فى اغنى المجتمعات و يبلغ عدد الاميين 14 مليون نسمة فى بريطانيا اى بواقع حوالى 20% من تعداد السكان فى الوقت الذى يتواصل ارتفاع نسب العطالة بين فئات سكانية على مر ثلاث اجيال. و قد قدر عدد العاطلين بين العمال الصناعيين 173 مليون فى 1977 و قد راحت ارقام العطالة ترتفع حتى بداية الثمانينات-1982-الى 220 مليون فيما يسمى بمجتمعات المعرفة التكنولوجية Knowledge societies.
و اذ خلقت فرص عمالة جديدة فى التسعينات تباعا فقد كانت تلك العمالة مؤقتة رخيصة و لم يعد من معدى امام معظم العاملين الصناعيين فى المجتمعات الغنية انفسهم وفى الانخراط فى العمالة المؤقتة الرخيصة و قد يدعى ان نسب الاجور قد ارتفعت بصورة عامة سوى ان نسب الدخول الحقيقية انخفض على نحو متعاظم فى كل مكان فيما ارتفعت نسب العطالة بصورة غير مسبوقة فى المجتمعات الغنية والمفقرة معا. فقد يتدنى اجر العامل الامريكي الى 27 سنتيم فى الساعة ويقدر ان متوسط اجر العامل الامريكى قد انخفض بنسبة 20% عما كان عليه فى السبعينات. وبينما تقدر نسبة مستخدى الانترنيت فى العالم ب 20% فان 95%  من هؤلاء هم من سكان المجتمعات الغربية الغنية. و يتفاقعم ما قد يعرف ب "التمايز الديجيتالى" Digital distinction or differential بين الشمال الغنى و الجنوب المفقر كما يتفاقم داخل المجتمع الواحد حتى فى المجتمعات الغنية[38].
 
من يتواجه مع من كوظيفة لاستقطاب الكوننة؟
غدت ثقافة الكوننة تبضع كل شئ حتى الطفولة فراحت الكوننة تعادى قيما حضارية كانت البشرية قد تعينت عليها على مر الاف السنين. و اجادل ان الصراع القادم هو بين الرساميل ما فوق القومية و المجاميع المستلبة و تراتبات المجتمع المدنى-ان ابقت المنظمات غير الحكومية فيه رمق بعد-و قد اغلقت الاموال عابرة الحدود ابواب الدولة و الرحمة فى وجه المنظمات الاهلية التقليدية فيما راحت المنظمات غير الحكومية تستعدى الاموال عابرة الحدود على المجتمع المدنى. وتنتشر حركات السخط بين الطلاب والمهمشين و يواجه بعض المنتجين كالفلاحين المصريين فى خريف عام 1997 البنك الدولى و المزارعين الفرنسيين رموز الكوننة فى منتصف صيف 2000 . و قد لا تواجه حركات الإحتجاج الشعبى التلقائية الدولة التى تقوم بالسمسرة النشطة نيابة عن الاخيرة وتواجه تلك الحركات المصالح المالية المكوننة. و تواجه الاحتجاجات الشعبية-المصالح المالية والتحارية المكوننة-الامبريالية الرابعة-بوصف انها حركات "معادية للرأسمالية. و رغم وصم تلك الاحتجاجات الشعبية-"غير المنظمة"-ب"التلقائية" و "الفوضووية" و تهمة غياب القيادات المنظمة فسرعان ما تنشأ لها قيادات و يغدو بعض قادتها ابطال قوميين.
و من ذلك ايضا تنشأ جماعات و تحاول احزاب امريكية معادية للرأسمالية أن تنشأ لاول مرة. فقد نزل رودلف ميدا Rodolph Meda الليبرالى الاخضر مرشحا فى انتخابات رئاسة الجمهورية الامريكية فى نهاية 2000. وكان رودلف ميدا زعيم الحزب المعادى للرأسمالية قد بدأ حياته السياسية فى ستينات القرن العشرين بانشاء حركات حقوق العمل ثم راح يجمع الناس فى السبعينات حول قضايا البيئة ثم استقطب المستهلكين فى مواجهة الشركات متعددة الجنسيات فى الثمانينات. وقد غدا رودلف ميدو من ابرز معارضى منظمة التجارة الخارجية منذ التسعينات وراح ينافس المرشحين الديمقراطى و الجمهورى فى انتخابات رئاسة الجمهووية فى نهاية 2000 على ورقة تستدعى فصل المؤسسات السياسية عن التنظيمات والمنظمات و الشركات العالمية. و حاول ميدا الترشح لا انتخابات خريف 2004 تباعا غير انه حوصر بالدعاية المضادة و بعمليات اغتيال الشخصية. و قد تملك المؤسسة السياسية السيطرة على و احتكار وسائل الاعلام فلا يجد غرماء الرأسمالية فضاءا للتنفس.
 
-اعادة كتابة التاريخ من اسفل:
يدعى كثير من المنظرين و المؤرخين و علماء الاجتماع الغربيين- والاسرائيليين والصهاينة بالذات كتابة التاريخ غير الرسمى بما يسمى" اعادة كتابة التاريخ" بحيث يستبق بعضهم كتابة التاريخ "من اسفل" اى اعادة كتابة التاريخ الحقيقي مرة اخرى. ولا ينتهى هؤلاء الى اكثر من نوع من الاعتذار الضمنى ان تم عن احداث تاريخية فيما يروحون يعيدون انتاج التاريخ الرأسمالى الغربى الابيض-الذكورى او النسووقراطى Feminocrats على السواء بتحليل الاحداث على نحو ليبرالى جديد من اعلى مرة اخرى. فاذ ينتهى معظم هؤلاء و قد اعادوا انتاج التاريخ بتعديلات احصائية او تاريخية و حسب لا يعتذرون عن الجرائم التى ارتكبها التاريخ الغربى-الرأسمالى بحق الانسانية من قريب او بعيد وانما اقصى ما يتوصلون اليه هو الحيرة فى كيف قيض لبعض الشخصيات التاريخية من المستعمرين ان تتناقض مع نفسها و كأنها بهذا الوصف كانت قمينة بالا تفعل[39]. و تتمأسس هذه الحيرة المفبركة او التواطؤ حول كيف يتأتى ان يقف هؤلاء الافراد اعلام على التاريخ و ابطال قوميين بين مواطنيهم حتى الان و قد بشروا بمستقبل مجيد للبشرية باسم الانسانية فيما اتسمت سياسياتهم و ممارساتهم بالعنف فى المستعمرات و فى مجتمعاتهم على السواء فى درجات المقياس المدرج. و تتغدى بل تقف خلاصة بحوث معظم هؤلاء المؤرخين و البحاث عند ذلك فلا تتقدم قيد انملة فتصل الى النتيجة الوحيدة الماثلة مثولا و هى ان الانسانية او البشرية لم تكن فى اعتقاد هؤلاء سوى انسانية او بشرية بيضاء اوربية غربية بالاحرى. و عليه فليس ثمة سبيل لاعادة كتابة تاريخ الشعوب المخضعة للاستعمار باشكاله سوى التوفر على كتابة ذلك التاريخ من اسفل.
-آليات الحصار بتكريس الاختلافات و فرض السواسيات المزعنة:
ان تقبل الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية على انها تراث انساني شئ و ان نتعامل معه بهذا الوصف شئ اخر. ذلك ان اهم من هذا وذاك هو كيف يتعامل الغرب-الرأسمالية مع غير الغرب. من هنا يغدوغاية فى الاهمية بل من الخطورة بمكان ان يتم قبول ما يقوله الغرب-الرأسمالية بانواعها عن نفسه/ها و ما نقول به عن غيرها بلا تحفظ و لا مراجعة غالبا بل بقبول مزعن احيانا حتى وقت. ذلك ان الاشد ضررا هو عدم تأمل ما يقول الغرب-الرأسمالية بعمق جدلى تاريخى. و قد كانت كافة الحضارات – الثقافات المتسيدة السابقة على الرأسمالية بما فى ذلك الحضارات الاسراتية Dynastic و الاسلامية و غيرها قد اكتسحت غيرها و استوعبتها و احتوتها او حتى ذوبتها فان الغرب-الرأسمالية الصناعية و اكثر وبصورة اشد عنفا الرأسمالية ما بعد الصناعية لا تكرس و حسب تاريخها وكأنه تاريخ البشرية و انما تطيح بكل حضارة -ثقافة- تاريخ عداها. فهل يمكن القول بانه وارد قبول مثل ذلك المشروع على انه تراث انسانى؟ هل الثقافة الغربية-الرأسمالية ثقافة ارث متشارك مع البشرية؟ هل تاريخ الغرب-الرأسمالية الصناعية تاريخ البشرية بكاملها حقا؟ هل الثقافة الغربية-الرأسمالية ثقافة تتشاركها البشرية بكاملها؟
ان تأمل ادعاء ان الغرب-الرأسمالية الصناعية قمين بان يلقى ضوءا كافيا على حقيقة ان البشرية التى تتحدث عنها الرأسمالية هى بشرية بيضاء-رجولية حتى الستينات-و توليفة من الاولى و شريحة من اقليات النساء صاحبات امتيازات superiority معلاة لا تزيد عن امتيازات رجولية فى اسوأ تنويعاتها معلاة على غيرها ممن اسميهن بالنسوقراط و بالتالى لا تعنى محصلة ذلك اكثر و لا اقل من الاقوام الممتازة رجالاً و نساء فىغياب وتغييب من عداهم ومن عداهن. و السؤال من ثم ما اذا بقيت "مبادئ نظريات "التنمية" الرأسمالية الصناعية: الامبريالية الثالثة و الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة مرادف لـ "التنوير" الكلاسيكي الامبريالية الثانية؟[40] ام ان نشر "الحضارة" و "التحديث" و"التصنيع" و "النمو" و "التقدم" و "التنمية" و "الاصلاح الاقتصادى" و"التطبيع" و"اقتصاد السوق" الخ مرادفات للعنف بـ "الاكتشافات" و "الفتح" و الحروب العالمية و الممحللة البادرة والساخنة؟ و ربما كان السؤال الاكثر مواتاة للبدء ان ما معنى كلمة حضارة التى يتشدق بها الغرب. و اليس ثمة ما هو اشد فحشا مما يقصد الاوربيون بالانسانية او البشرية او الحضارة؟
اذ اجادل ان اكثر المفردات مدعاة لسوء الاستخدام هى مفردة او كلمة حضارة ازعم ان تلك المفردة- لا تطلق او تستخدم كما تستخدم مفردة الديمقراطية و الحرية والعدالة الغربية-على عواهنها و انما تستخدم تبريرا للعصف بالغير- الانسانية و الحضارة بوصف ان الغير برابرة متوحشون غير متحضرين. وقد كانت مفردة الحضارة قد اتخذت لها تعريفات متفاوتة منذ ان راحت بريطانيا الاليزابيثية-نسبة الى اليزابيث الاولى-تصف نفسها بحاملة الحضارة البدوية و تتعشق المتوحش النبيل الى ان باتت الحضارة تعنى-الثورة -بتاثير الثورة الفرنسية-ثم راحت البرجوازية الصناعية- الامبريالية الثالثة- العولمة- تدعى القانون الطبيعى و الامة البيضاء الراقية ثم الجنس الابيض النقي عبورا بادعاء الرأسمالية ما بعد الصناعية-الامبريالية الرابعة-الكوننة-التقدم التكنولوجى خصما على البيئة و مصير الكرة الاضية و من عليها لحساب الرأسماليين ما بعد الصناعيين -اصحاب المال المكونن. و اذ راحت اوربا الغربية تجعل ذوقها معيار لكل شئ و لحضارات الاخرين تبريرا فقد بررت العصف بغيرها بلا خجل بل بمشروعية ناجزة فى ذلك الفعل باسم الحضارة.  
 و ازعم ان اوربا-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية كانت قد سعت اول واخر واكثر ما سعت الى البحث عن و خلق وتكريس الاختلافات و من ثم الخلافات بالاصرار على اغفال التنويعات اغفالا فلم تكن غايتها المعلاة ان تلمع نفسها-تاريخها و ممارساتها على مدى 500 عام فيما استقطبت العالم فى ثنائيات لا متناهية فى طلاق بائن لا لقاء بينه و لا وئام معه وحسب. وانما ينبغى تذكر ان الرأسمالية الشمال غرب اوربية-الانجلو ساكسونية-التى كانت قد"ارتقت" من نمط الاقطاع الشمال غرب اوربى فما لبثت ان احتوت و كرست انماط انتاج سابقة عليها فقد كانت حرية بان تعمش على تلك العلاقات و تصوغها بمسميات مدلسة فيما راحت تعيد انتاج علاقات القنية ان لم يكن العبودية بانتقائية سياقية فى الزمكان فى المقياس المدرج فى الاطراف. و كانت الرأسمالية ما بعد الصناعية من ناحية اخرى و قد "ارتقت" بدورها من علاقات الاقتصاد العبودى- قفزا على الاقطاع و البرجوازية الصناعية حرية بان تكرس علاقات الملكية والانتاج "النهابة" المتمأسسة على تجرية و ذهنية المهاجرين المستوطين وعلاقات العمل العبودى الراجعة الى تجارة الرقيق عبر الاطلسية بلا انتقاء فى مناطق نفوذها هى الاخرى.
 و قد كانت فئات و شرائح من سكان المجتمعات الام و الامتدادات قد الحقت بالطبقات المالكة والحاكمة فلم يكن لتلك الشرائح والفئات تراث سابق و لا كان مقيضا لها ان تنتح تراثا مغايرا لتراث المالكين و الطبقات الحاكمة الا ما خلا ما يمس لحم الاولى الحى كلما مس لحمها الحى وحسب. من ذلك كيف راح اعضاء تلك الفئات والشرائح يجأر بالشكوى من علاقات العمل و ساعات العمل ما ان راحت علاقات العمل وعلاقات انتاج الكوننة تتجاوز التمايز الطبقى اذ غدا استلاب العمل الحى- فى المقياس المدرج لا انتقائي فى كل مكان. ذلك ان علاقات العمل أو ساعات عمل البروليتاريا لم تكن افضل منها منذ بداية الفرن العشرين حتى نهاية القرن الا ما خلا فترة وجيزة - بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الربع الاخيرة من القرن العشرين. وقد كان معظم اعضاء تلك الشرائح و الفئات اما ألحق بالمالكين و الحكام او-و ألحق نفسه بالاخيرين فلم يكن معدى من ان يتنكر هرلاء لاصولهم الاولى او-و اجبروا على نكران تلك الاصول بحيث نادرا ما تعين على اعادة انتاج تراث الطبقات المحكومة الا بقدر ما حمل معه من رواسب القنانة مما اجادل انه قيض ملامح كل من العلاقة بين افراد تلك الفئات والشرائح والمالكين و الحكام من ناحية و بينهم و بين المحكومين من ناحية اخرى مما يمكن اسقاطه على علاقة هؤلاء الافراد نيابة عن الحكام و اصالة عن انفسهم مع الشعوب المهزومة متمثلا فى تقابل امتيازهم مع و تكريس وضاعة و قصور المحكومين و الشعوب المهزومة خصما على العدل فالمساواة والعدل بين الحكام و زبالتهم و بين الاخيرين و المحكومين والشعوب المهزومة. و اذ كنا نحن العرب و كافة غير الغربيين قد انخرطنا كل–مزعن مرغم–او طوعاً فى التغنى باوربا الغربية فانضممنا الى جوقة تلميعها بحماس احتفالى- فان هذه الدراسة اذ تبحث عن القياسات والتنويعات لا تجد مبررا لمزيد من البحث عن الاختلافات ومن ثم الاحتفال بالغرب–الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية بوصف انها فريده لا يقوم عليها سوى اقوام افذاذ.
ولعله من المفيد تذكر ان مفهوم المساواة فى الذهنية الاوربية الغربية لا يعنى العدالة بين البشر قاطبة انما المساواة بين متجانسين. فاذ يلح كل من التراث الانجلو ساكسونى و وريثة انجلو امريكى على ادعاء المساواة والعدل بوصف انهما دالتى الحضارة الغربية-الرأسملية بتنويعاتها المذكورة فإن الحضارة الاوربية الغربية لا ترى ان سمات الانحطاط العرقى تقف حائلا دون تجانس البشرية في المساواة والعدل وحسب وانما تقف سمات الانحطاط الثقافى دون المساواة والعدل بين البشر. و قد لا يخلق الله البشر متساوين متجانسين عرقيا و لونيا فلا اقل من ان تخلق الحضارة الرأسمالية البشر متجانسين ثقافيا بحيث يجبر البشر على سواسية مزعنة بالتخلىعن عقائدهم وتقاليدهم واسلوب حياتهم فيعتنقون المسيحية وقيم البيض او-و يتكييفون هيكليا و يصنعون اجتزائيا و ينمون فيلحقوا ب"الاصلاح" من اجل تجانس البشرية حتى يعم "عدل" و"مساواة" متوهمين مكلفين مفرغين من المعنى ان حدثا[41]. و ربما كان من المفيد تذكر كيف ان مسيح اوربا الغربية اذ يخلص النصارى والعالم النصرانى فان تخليص الناس بتنصيرهم يخلص العالم بخلاص النصارى نصرة لمسيح عالم سواسية نصرانية. و كلما الحت اوربا-الرأسمالية على انها علم على الرقى والحضارة و التنمية و النمو و اللحاق و التطبيع و الاصلاح الخ و الانصاف والعدالة و الرحمة و رقة الفؤاد كلما افتضح ان ليس ثمة سوى الظن فى ادعاءاتها بل قد يتعين افتراض عكس ما تدعى تماما احيانا و ربما غالبا.
بربرة "التجانس" بالمساواة الانتقائية و عنف الاستحواذ الدارويني:
اذ اجادل ان العنف طبيعة كامنة فى الرأسمالية بتنويعاتها منذ نشأتها الاولى اعرفها تباعا بما كانت قد افرزت من "ثقافة" العنف و الاستحواذ و السيطرة على من عداها. فمن اجل فرض "تجانس" باسم المساواة والعدالة او-و خلق لا تجانس يبرر العنف والاستحواذ و السيطرة تتعين الرأسمالية بتنويعاتها الغربية-فى داروينية شرسة-على تطويع من عداها فيما يشبه الضغينة على غيرها من الاجناس والشعوب و ما سبقها من ثقافات و حضارات. و قد استحوذت الرأسمالية بتنويعاتها على وادعت التاريخ الرسمى للانسانية والتاريخ الشعبى للبشرية فقد راحت الرأسمالية بتنوعاتها الصناعية و ما بعد الصناعية على الخصوص تؤبلس الاجناس والشعوب و تعمش علي او-و تدعي ما سبقها من حضارات و ثقافات خصما على اصحابها.
 واجادل ان الرأسمالية بالوصف اعلاه كانت حرية بان تخلق شرط استقطاب تاريخ الرأسمالية الرسمى والتاريخ الشعبى فى كل مكان فيما قد يشارف مواجهات ثقافية-عرقية على الاقل-عنيفة لا مفر منها باسم وتحت راية الحضارة الانسانية والبشرية والديمقراطية والحرية و العدالة والمساواة. على انه من المفيد تذكر ان اوربا الغربية-الرأسمالية بتنويعاتها-اذ لا ترى وحسب ان سمات الانحطاط الخلقية-العرقية-اللونية تقف حائلا دون الحضارة الاوربية الغربية بل يرى الاوربيون الغربيون-ترى الرأسمالية فى اللاتجانس الثقافى سمات انحطاط تقف حائلا دون بشرية-نصرانية- بيضاء-متجانسة ثقافيا. و يقف قصور الاجناس اللا اوربية عن النصرنة مبررا لعدم مساواتهم بالنصارى فدون المساواة والعدل بين البشر. و قد كان الاوربيون قد قطعوا اطراف السكان الاصليين فى العالم الجديد واستراليا اذا لم يتخل السكان الاصليين عن عقائدهم واسلوب حياتهم فيعتنقون المسيحية وقيم البيض من اجل تجانس البشرية فقد كان الاوربيون يسعون الى ارساء قواعد "مساواة" و " عدل" بين بشرية متجانسة بارغام السكان الاصليين على النصرنة حتى يتجانسوا فيعدل بينهم و بين البيض[42]. و فيما قد يبدو تقطيع اطراف غير النصارى عنف غير مبرر فان تقطيع اطراف غير النصارى لا يجعل الكفرة لا متجانسين مع النصارى روحيا وحسب وانما خلقيا و بدنيا فيستعبدوا او-و يعزلوا عن التجانس فالمساواة فالعدل فى المفهوم الغربى- الرأسمالى[43]. و ربما كان من المفيد تذكر ان المسيحية الاوربية تدعى او-و توقن انه اذ يخلص مسيح اوربا الغربية النصارى والعالم الغربى النصرانى فان تخليص الناس بتنصيرهم يخلص العالم و بالتالى فنصرة مسيح عالم سواسية نصرانية يخلص النصارى[44].
وإذ لا تعني المساواة فى الذهنية الاوربية الغربية العدالة والمساواة بين البشر قاطبة فان الذهنية الاوربية الغربية تدعى فقط أن المساواة و العدل توجدان بين متجانسين. وكان مفهوم المساواة و العدل والتجانس قد استقر فى تضاريس الخارطة الذهنية الغربية-الرأسمالية بمعنى سواسية تشارف سواسية العشب بين البشر والا عزل من لا ينضبط فى او يستعصى على الانضباط او يقصر عن السواسية بحيث غدا "التقدم" و النمو" واللحاق" و "التنمية" و"الاصلاح الاقتصادى" مشروط بالتجانس ووظيفته دفعة واحدة. و يمكن اسقاط طاقم مفاهيم المساواة والتجانس فالعدل على التجانس الطبقى فان تصم طبقة الحكام المحكومين-والشعوب المقهورة بالتماس- بكافة صفات اللاتجانس الثقافى والخلقى تبرر طبقة الحكام لا مساواة الحكام والمحكومين-والشعوب المقهورة بالتماس-والعنف ضد المحكومين-والشعوب المحكومة- بجريرة لا تجانسهم اى انحطاطهم. ومن الجدير بالذكر ان الرأسمالية لم تبدأ بادعاء تحضير وتحديث ونشر المساواة والعدالة بين المحكومين من الشعوب الاوربية نفسها الا مع نهاية الامبراطوريات الاوربية الغربية اى بعد مرور ما يزيد على اربعة قرون من انتشار اوربا الغربية على الخصوص بآلية "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" فوق اربعة اخماس البسيطة و مراكمة ثورات غير مسبوقة بالاستلاب والنهب باسم نشر الحضارة و بالتوسع الكولونيالى الكلاسكيى خلال قرنين بعد التنوير باسم المبدأ الانسانوي. فيما خلا قوانين الفقر 1834 التى تعينت على ما يشارف مستعمرات العمل- للقادرين جسديا على العمل- و ملاجئ الايتام تحت وصاية الكنيسة من اجل ضبط تزايد اعداد الفقراء وقد انهكت تبرعات المحسنين. و قد سجل تشارلز ديكنز تلك التجارب الاجتماعية فى رواياته اوليفر تويست و ديفيد كوبرفيلد و قصة مدينتين فى النصف الاخير من القرن التاسع عشر.
لم تبادر بريطانيا مثلا بمشاريع عدالة اجتماعية او مساواة تذكر او تنسى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. ذلك انه ما ان انحسرت "رسالة" الامبراطورية الانجلو ساكسونية-و قد غابت عنها الشمس تباعا- حتى راحت الامبراطورية تدعى-بعد اجتياج الامبراطورية-و تعيد انتاج مفاهيم رسالة الحضارة الانسانية فى المجتمع البريطانى لاول مرة فى تاريخها بخلق نظم الرعاية الاجتماعية و الصحية و لو وجيزا فيما لم تكن مفاهيم خطاب العدالة والمساواة -بالرعاية الاجتماعية-اقل انتقائية فى فرض سواسية التجانس كشرط للعدالة والمساواة. و اجادل فى مكان اخر بأن نظريات التجانس و المساواة والعدالة لم تبرر التفرقة العنصرية و الثقافية فالسيطرة والاستحوذ بل سوغت تنويعات العبودية المتسترة و المنقولة معا. فكيف اتصلت مفصلة و "صفر تكوين" الذهنية الغربية واسطورة امتياز الرجل الابيض "حامل عبء" تحضير الاقوام البدائية "المتبربرة " متوحشة او-و نبيلة؟
 
الحضارة الغربية البيضاء": أثمة ما هو اشد فحشا من الرأسمالية بتنويعاها؟
فيما ينذر الاوربيون الغربيون انفسهم من وقت لاخر لقضايا نبيلة مثل تحريم العبودية ومكافحة العنصرية و الدفاع عن الديمقراطية و الحرية الا ان احد لم يستفد من تلك الدعاوى سوى دجاجة وحيدة وابو القنفذ ابان الشتاء و حوت فى بحر الشمال و زرافة تدعى فيكتور و لبؤة تدعى ستيلا واسد يدعى ديميترى[45].
ففيما يجتاج الفقر و العوز العالم من اقصاه الى اقصاه و يستقطب الغنى و الفقر المكوننين يملك اغنى 240 فردا فى العالم 47% من ثروة العالم ويملك اغنى 3 افراد فى العالم ما يعادل ميزانية افقر 48 دولة فى العالم. و يملك 15 فردا ما يفوق حاصل جمع الناتج المحلى الاجمالى لدول جنوب شرقى اسيا. وتبلغ ثروة 32 اغنى فرد من اغنياء العالم ما يفوق ما تملكه الصين ذات ال 1.2 مليارا نسمة. وتنفق اوربا الغربية 11 مليار دولار على الايسكريم و 17 مليار على طعام الحيوانات المستأنسة Pet Food و 105 مليارا على الكحول و 400 مليار على المخدرات و 470 مليار على التسلح فيما يتشرد 25 مليون طفل فيتخذ الواحد منهم من نواصى الشوارع مسكنا و قد جند اكثر من 10 ملايين طفل فى سن الخامسة الى الثانية عشر فى الحروب الاهلية فى كل مكان من حرب الخليج الاولى-ايران- العراق الى ساموزا-نيكارجوا-الى الخمير الحمر-كامبوديا الى الحروب الافريقية جنوب الصحراء. و يعانى 125 مليون طفل فى العالم من سوء التغدئة و يموت طفل كل ثانية فى العالم هذا و لا يزيد ما يحتاجه تعليم اطفال العالم تعليما اوليا عن 6 مليار دولار ولا يزيد توفير الرعاية الصحية الاولية و العلاج و ماء الشرب النقى للمفقرين من سكان العالم عن 82 مليار اى محض 2% من ثروة ال 240 غنى من اغنى اغنياء العالم. و تنفق بعض الدول العربية المفقرة ثلاثة اضعاف ما تنفقه على الصحة و التعليم على خدمة ديونها الخارجية للدول الغربية وحدها-البنك الدولى و-او اغنى دول العالم. تفوق ديون افقر دول العالم لاغنى دول العالم اكثر من 200 مليار دولار.
واذ تصدر الكوننة الاوبئة للعالم الثالث والرابع فإن الولايات المتحدة تبقى مسئولة وحدها عما يقدر ب 35% من انتاج الغاز المتسبب فى الاحتباس الحرارى.Green House Gas Emissions و فى كتابه النهر The River يقول ادوارد هوبر Hooper ان فيروس الايدز كان نتيجة تجارب اجراها عالم امريكي فى الخمسينات. و كانت تلك التجارب تأخذ انسجة جلدية من اكباد و طواحيل قرود وشابمانزى تحتضن بطبعها فيروس الايدز دون ان ينتقل الى البشرعلى مر السنين لصناعة امصال منها مصل شلل الاطفال. و قد جرب المصل ما بين الخمسينات و الستنيات من القرن العشرين على الاطفال الافرقيين على الرغم من ان الاطفال الافريقيين كانوا يتمتعون بحصانة طبيعية ضد شلل الاطفال. و لم تك ثمة سجلات او تقارير طبية معملية حول تلك التجارب و انما بقيت مخفية حتى صدور كتاب ادوارد هوبرEdward Hooper. و يقول هوبر ان نتيجة التلاقح الجينى بين الفصائل بقيت غير مختبرة فتم اختبارها لاول مرة على الاطفال الافريقيين لـ"مصحلة العلم". و كان من جراء حملة منظمة الصحة العالمية لتطعيم اطفال افريقيا ان انتشر الايدز من فصيلة 1 و 2 فى دول جنوب الصحراء وغرب افريقيا: زائيري و السنغال و بورندي الخ[46]. و قد يقدر عدد المصابين بالايدز فى العالم بـ 39 مليون يبلغ عدد المصابين بالإيدز فى افريقيا 20 مليون[47].
واذ تمول الشركات الكبرى العلماء تغدو "مصلحة" العلم اكثر اتصالا اليوم من اى وقت مضى بالربح. فعلى الرغم من ان البحث فى الاوبئة المستوطنة زهيد الا ان انتاج عقار علاجها باهظ لا يملكه المفقرون فلا ينتج عقار لعلاج الامراض المستوطنة بين المفقرين. ذلك انه قد تبلغ نسبة مبيعات الشركات الكيماوية اكثر من 80% فى الغرب الغنى بينما لا تتعدى 1% فى المجتعات المفقرة. ولا ينتج عقار لعلاج اوبئة المفقرين حتى اذا تشارك المفقرون وباءا ينتشر بين البشر والحيوان. بل غالبا ما ينتج عقار لعلاج الحيوان دون البشر. من ذلك مرض النوم الذى قضى عليه فى الستينات الا ان نسب الوفيات راحت تتضاعف عشر مرات فى الحقبة الاخيرة بظهور تنويعة جديدة من ميكروب مرض النوم. و يصيب الوباء اكثر من 25% من السودانيين فى جنوب السودان فى العشر سنوات الماضية فيما يقضى المرض على اكثر من 300 الف نسمة سنويا. وقد لا يصيب وباء مرض النوم الاغنياء فلا امل فى اختراع علاج للتنويعة الجديدة لميكروب مرض النوم. ذلك لأن الرعاية الصحية قد تركت للسوق الحر فلم يبق سوى عقار قديم بائر خطر مصنوع من محلول خام الزرنيخ يتآكل معه المعدم الذى تصنع منه ابر التطعيم. و لا يجد بعض الاطباء معدى من المخاطرة باستخدام الزرنيخ او-و استخدام عقار انتج لعلاج البقر فى علاج البشر من الجنوب السواداني بمغبة احتمال وارد فى ان يقضى عليهم. و كانت شركة جيليت قد توصلت لاكتشاف جديد مفاده ان علاج ميكروب مرض النوم يقضى على شعر الوجه لدى النساء الا ان انتاج العقار من اجل القضاء على نمو شعر الوجه-الشوارب على الخصوص- لا يؤلف املا للمفقرين فلا يجد العقار سبيله الى المفقرين لعجز دولهم عن مقابلة تكلفته[48].
أثمة بربرية أكثر مما يقصد الاوربيون بالانسانية-البشرية-الحضارة؟[49]؟
تنويعات فحش الحضارة الغربية المعاصر:
انقرض جاموس عشيرة من عشائر قبيلة البلاك فوت اللذين يعيشون فى مونتانا على حدود الولايات المتحدة و كندا او كاد. و ما ان انقرض جاموس الهنود الحمر او كاد حتى تقوض اسلوب حياة تلك العشيرة. و ما ان تقوض اسلوب حياة تلك العشيرة حتى غدت الارض بلا قيمة ثقافية لها فشارفت الاقوام التى بلا هوية لها مما سهل العصف بها. و كان المهاجرون الاوربييون الى امريكا الشمالية-الولايات المتحدة-يقطعون اطراف الاهالى ان رفضوا التخلى عن معتقداتهم و اسلوب حياتهم. و قال المستعمر الفرنسى بيير دى لا بيريه عام 1892 و قد تحركت فى صدره خفافيش الضغينة على برابرة يجلسون فوق ارض بلا صاحب و ثروة حيوانية عظيمة: "إن إقدامنا على ترك شيئ يحول بيننا و بين الثروة و العمالة المتوفرة يمثل جرماً بحق الحضارة الانسانية"[50]. كان بيير دى لا بيريية يشير للجنوب الاقسى لجزيرة مدغشقر-حيث احتمى السكان لوقت طويل بسياج تين شوكى كثيف ازاء التوسع الفرنسى. و قد قام المهاجرون البيض الىالعالم الجديد بالقضاء على وإبادة الآلاف من الجواميس التي كانت بعض قبائل السكان الاصليين تعتمد عليها اقتصاديا وثقافيا وعبادة بل كان الجاموس اسلوب حياة كاملة مثله كمثل الابل فى الصحراء العربية و الخيل بين قبائل الكاشين Kachin فى مرتفعات بورما [51] و القبائل الاناضولية ابان ما يسمى بـ"غزو القبائل الجرمانية" للامبراطورية الرومانية المقدسة الخ.
 و اذ اتصلت صعوبة اخضاع الاهالى على المستوطنين الاوربيين -الفرنسيين وغيرهم طويلا فلم يقيض الاستيلاء على اراضي و قطعان الاهالى او-و جباية الضرائب فقد تعين القضاء كل ما يحول دون "الحضارة الانسانية" بالوسائل المعتادة وغير المعتادة. فلم يتورع دى لا بيير فدس حشرة فتاكة اودت بالتين الشوكى غذاء الاهالى مواشيهم. و اذ انتشرت المجاعة بين السكان الاصليين خرج الناجون قسرا و ما بقى من قطعان مهاجرين نحو الشمال فتم الاستيلاء على الماشية كما قيضت ايدى عاملة مسترخصة او عملا اجباريا لاراضى المستوطنين الى ضرائب للحاكم.
ولا غرابة فشركة ريو تنيتو التى تنقب عن المعادن فى رمال جزيرة مدغشقر تتعين على مشروع يمتد لمدة 60 عاما من شأنه تكريس شرط ضعضعة موارد الجزيرة. فجزيرة مدغشقر جنة السواح و غابة فارينتى موطن اهم و اندر فصائل الطيور و الحيوان المعرضة للانقراض جراء كل من السياحة و افقار الاهالى بحيث يقتطعون الاشجار من اجل البقاء, و تطالب جماعات حماية البيئة بجعل جزء من أفضل ما بقى من الغابة من اجل تكوين محمية بيئية. الا ان ريو تينتو ترفض هذا الشرط فيما استقطبت كافة الجماعات التى كانت حرية بان تعارض مشروع التنقيب. و الى ذلك فان ربو تينتو التى كانت مسئولة عن اشعال حرب أهلية دامية سوف تأت بعمال من جنوب افريقيا حيث ينتشر الايدز مما يعرض سكان الجزيرة لانتشار الايدز بينهم. و بالمقابل فان مرض الايدز لم يسجل وجودا ملحوظا الا بقدر ما قد لا يزيد على 2% من السكان[52].
 
 
هذا و كانت اوامر الملك جورج الثالث التى اصدرها للكابتن توماس كوك -1728-1779-الذى إكتشف استراليا-فى نهاية القرن الثامن عشر!!!-وهو بسبيله الى جزر البهاما: " "عليك بحصر النبات و الحيوان والمعادن النفيسة وغير النفيسة و مصادر الماء و الارض و فوق كل شئ احصاء السكان. وعليك معاملة الاهالى بما يليق بوحشيتهم ولا يفوتنك ان تسخو فى اغداق الهدايا التافهة عليهم فتبهرهم حتى يتوفر لك تطويعهم. و لكن عليك بالحذر من ان تقع فى كمين يصنعه لك الاهالى. ان الاهالى دائما خبثاء فلا تقع فريسة اساليبهم البربرية[53]. ويتم اذن باسم الحضارة الانسانية و من اجل "تطوير" مدغشقر و جزيرة الساندويتش القضاء على الاساس المادى لمجتمع و ثقافة و تاريخ مدغشقر و تاريخ و ثقافة سكان جزيرة الساندويتش Sandwich Islands فى جزر الباهاما. واجادل ان القضاء على التاريخ والثقافة ليس سوى وجه آخر لابادة شعب ما فان لم يكن بالسيف فبالعصف النفسى و الروحى[54].
هذا وقد تواطأت بريطانيا مع موجابى حين راح يدير مجازرا فى المتابيلى بل تحتفل ب"ابطال" المجازر.و كانت دعوى الحكومة البريطانية المحافظة يومذاك: "ان نجاح تجربة زيمبابوى فى امكانية قيام مجتمع ينسجم فيه البيض والسود قد يغوى جنوب افريقيا فشجعهم على احتزاء التجربة" [55]. ففيما كانت مجازر المتابيلى على اشدها فى 1983-4 زار كبار الساسة البريطانيين زيمبابوى واستقبل كبار الزيبمابوين فى لندن على الرغم من علم الحكومة البريطانية بالمجازر فيما كان دونالد تريلفورد Donald Trelford يكتب فى 1984 تقاريرا عن المذابح فى الاوبزيرفر. و كانت بريطانيا تقدم اعانة سنوية قدرها 57 مليون لزيمبابوى ملكت بها الضغط على موجابى سوى انها لم تحرك ساكنا فى الوقت الذى كان بارينس شيرى قائد "الفيلق الخامس" و مدير عمليات ابادة المعارضين من المتابيلى لموجابى يشرف على عمليات التطهير القبلى والحفلات الجماعية لإغتصاب نساء المتابيلى فيما كان موجابى يمنع العون الغذائى عن المنطقة فى منتصف الثمانينات ابان سنوات القحط و الجفاف "حتى يجوع المتابيلى حتى يأكلوا اطفالهم فيستسلمون"[56]. و فيما راح جيفرى هاو Jeffery Howe يجأر مرددا ان مجاذر المتابيلى "قضية جانبية فالقضية الرئيسية هى جنوب افريقيا بكاملها و مسألة تعايش البيض والسود" كان الفيلق الخامس يقوم بابادة المتابيلى وحرق قراهم ومدنهم[57]. و فيما كان بارنيس شيرى يشرف على قبور جماعية لضحايا قدرت اعدادهم بما بين 5 الى7 الاف من النساء والرجال والاطفال لم يكن المسئولون البريطانيون يلقبون بارنيس شيرى باعزاز ب "المسيح الاسود" The Black Messia بوصف انه-كما صور اصورن-كان "يوزع العدل بالقسطاس" وحسب و انما يدعى شيرى بعد عامين من المجاذر الى لندن وتستضيفه الكلية الملكية للدراسات الدفاعية The Royal College for Defence Studies.
و قد قام بارينس شيرى-بدعوة من موجابى الذى كان قد رقاه الى رتبة قائد القوات الجوية وجعله ذراعه الايمن بتنظيم و تنفيذ مواجهة المعارضة و المزارعين البيض مختلقا ومدربا و محرضا لما يسمى بـ"حركة قدامى المحاربين" من فلول ثورة التحرير. و قد كانت الثورة قد استقلت بزيمبابوى فاحلت حكومة سود مكان حكومة المستوطنين البيض فى 1981 سوى ان الاخرين وكانوا و مابرحوا يؤلفون اقلية لا تزيد على 2% من تعداد السكان و بقوا يسيطرون على اكثر من 80% من اخصب الاراضى و يحتكرون انتاج الغذاء و تصديره. وقد كانت زيمبابوى من اخصب وأغنى واكثر الدول الافريقية تطورا واكتفاءا ذاذتيا فقد كانت زيمبابوى تصدر المنتاجات الغذائية بحيث اعتمدت بريطانيا مثلا في مجال منتجات اللحوم المعلبة وغيرها على منتاجات زيمبابوى حين قاطعت بريطانيا منتجات الارجنتين ابان حرب الفولكلاند فى 1981 . سوى ان زيمبابوى لم تلبث ان غدت تستورد المواد الغذائية الاولية و قد ارتفع التضخم بنسبة 1000% و انخفض مستوى معيشة اغلبية السكان حد مشارفة المجاعة فى بعض المناطق وغدا متوسط عمر الفرد 37 عاما. و تعود بريطانيا تسمسر مجددا لحساب الشركات متعددة الجنسيات فتدعم المعارضة و البيض و تقاوم سياسة اعادة توزيع الاراضى و تهدد منفردة وعبر الكومنولث بالمقاطعة الاقتصادية فيما تقف زيمبابوى على شفا مذابح مجددة و ربما حربا اهلية ان سقط نظام موجابى فى انتخابات مارس 2002. فقد اثرى موجابى و حاشيته ومحاسيبه و انسبائه على الطريقة الافريقية العالم ثالثية و صدر و حاشيته رساميل هائلة الى الغرب مما يلقى بمصير زيبابوى الى شقى رحى كل من اتصال نظام ديكتاتورى دموى مرة او-و وصول المعارضة بقيادة جوردون تسانجاراي بمساندة البيض الى سلطة دولة مفلسة وقد كرست تقاليد ومفاهيم الفساد وسوء استغلال السلطة والممارسات السياسة و المالية المشبوهة.
    
 لماذا تعسكر الحركات الشعبية؟ تنويعات على قاموس الاستحواذ الكلاسيكى:
  قد لا تكن تلك وحسب سياسات منعطف تاريخى يتصل بالاكتشافات والتوسع فى القرن الثامن و التاسع عشر. اجادل على ضوء ما تقدم وغيره وغيره من الممارسات الفاحشة ان ذلك المنعطف اتصل بمفردات وممفصلات مدلسة و تحت الوية سياسات و شعارات "دبلوماسية" استلاب قد لا تزيد على و لا تنقص عن نظائر سابقة حتى القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين فى تنويعات على لحن الاستحواذ الكلاسيكى فى قاموس استحواذ ما بعدوي Dictionary of Post-Classical Expropriation. و ربما تلقى متغيرات "تطوير" و لحظة "تطوير" الامتدادات ضوءا على عقلية "التنوير" والانسانوية فى القرن الثامن عشر الى منتصف التاسع عشر الى ما اعرفه بـ"ما بعد "التنوير" فى القرن العشرين و الحادي والعشرين. فان خيل او خطر لاحد ان "التنوير" الكلاسيكى قد انتهى اوعدل عمليات " حضرنة" وانسنة الاهالى المتوحشين فما يتم بعد-فى امريكا اللاتنية على الاقل-على عهد "التحديث" والديمقراطية ينفي مثل ذلك الخاطر بعنف. ذلك ان احفاد الفاتحين الاسبان Conquistadors ما برحوا يحتكرون السيطرة على وحكم شعوب المايا فى جواتيمالا والازتيك و الانكا على مدى خمسة قرون منذ "اكتشاف" القارة فى الثلث الاول من القرن الخامس عشر ولكن كانوا قد قضوا على الاهالى فى علميات ابادة ما زالت التقارير تترى حولها. هذا فيما بقيت السلطة القائمة وقفا على احفاد الاسبان يطورون وينمون شعب المايا-واحفادهم الازتيك و الانكا-باشعال حروب متصلة لابادة الاهالى فقد قتل الاسبان 70 الفاً من شعب المايا فى عصرية واحدة يوم "فتح" الاسبان امبراطورية المايا الزاهرة فى 1532 ونهبوا وقوضوا حضارتها على نحو شبه كامل وابادوا على مدى خمسين عاما اكثر من 5 ملاييين من شعب مسالم قرر الا يرفع سلاحا فى وجه الغزاة لان نبوءة " فلكية إلهية" كانت قد انذرتهم بوقوع "الكارثة" فى ذلك العام.
و قد قتل ما يقدر ب 100 الف مايان Mayans ما بين السبعينات حتى اليوم- وحسب- ناهيك عن المذابح القديمة-بتهمة النشاط الهدام. ولم يقيض-على مدى خمسة قرون منذ "اكتشاف" القارة- لفرد من المايا ان يولى مركزا فى سلطة بلده حيث بقى كل فرد من المايا بربري ومخرب والعكس صحيح. وان بقي كل واحد من الاهالي بمحض لون جلده و ملامحه بربري مشتبه فيه بوصف انه مخرب فكل فرد من الاهالي قتيل بجريرته. ولما لم يعد ثمة جمهورية شيطان و ستار حديدى و ستالينية يسقط عليها عداوة الغرب – الرأسمالية ما بعد الصناعية الملفقة فقد جرت فبركة اعداء وغرماء جدد او تجدد عداوات تاريخية سابقة على الفور وبعنف وشراسة. ففى وجه ابالسة جدد فبرك على الفور ما ينبغى بالضرورة -الاقتصادية الاجتماعية - النفسية- ان يحل على الفور غرماء جدد او مجددين مكان "جمهورية الشيطان" اعداء مشتركين للاوربيين – للغرب-للرأسمالية ما بعد الصناعية مثلها كمثل البرجوزاية الصناعية من قبلها، ومن ثم ترددت عبارات" الارهابيون العرب والمسلمون" على الرغم من ان الارهاب كان قد انتشر باكرا بين الاوربيين وعلى ارض اوربا نفسها منذ منتصف القرن وعلى الخصوص منذ بداية السبعينات. وكان الارهاب بين الاوربيين وفى اوربا فى 1970 ما دعى للاعتقاد ان الارهاب يتظهر على نحو حرب عالمية ثالثة اكثر مثولا من تواجه حلف لاطلنطى و حلف وارسو. فليس دى لا بيير وكابتن كوك سوى مثالين على افراد قيض لهم استحواذ شعوب بكاملها بسلطة ملوكهم واساطيلهم بالقضاء على الاساس المادى لاقتصاد و ثقافات الشعوب. ويتحول الافراد من شذاذ الافاق غالبا-الى ابطال قوميين وقديسين بل يغدون مرجعيات مؤسسية لـ" العلم" والمعرفة الانسانية حول الشعوب. فزيادة على المراكز الممتازة التى تقيض لهم فى اوطانهم فانهم يغدون ملوكا غير متوجين فى المستعمرات يملكون ما لا يحلمون به من الثروة والسلطة فى اوطانهم وإن عادوا بعد "مدتهم" فى المستعمرات قبل وبعد الاستقلال تدفع السمتعمرة او الدولة المستقلة رواتبهم مدى الحياة ومعاشات زوجاتهم من بعدهم مربوطة بمؤشرات تكاليف المعيشة والاسعار .Index Linked فمن طور من ومن ما يبرح يطور من ؟ [58]
 
هاجس تهديد تكاثر العوالم الثالثة و الرابعة للحضارة الغربية:
يبدأ هذا الهاجس و ينتهى بحرب الاعداد. و تصرح اسرائيل علنا بخشيتها الدائمة من القنبلة الديموغرافية. ولا تتحرج من التعبير عن ذلك الهاجس فى سياسات وممارسات عدوانية تشارف الابادة العرقية البطيئة. و تتمثل ايضا فى كتاب الانتقام المفتوح ليس على قتل الفلسطينيين وتدمير الاساس المادى لعيشهم و ثفافتهم و حضارتهم و ذاكرتهم فقط و انما على التمثيل بمن يقتله الاسرائيلى سواء كان طفلا/طفلة أو شيخا او امرأة. فقد قتل الجنود الاسرائيلون هيفاء هندية بتهمة انها طعنت مجندة اسرائيلية بسكين مطبخ واصابتها بجروج طفيفة فى 5 اكتوبر 2005 ومثلوا بجثتها و بخاصة برحمها الولود بصورة شنيعة شملت اعضاءها التناسلية بآلة حادة. و يقول صحفى فى مقال بصحيفة "العرب" بتاريخ الثلاثاء 3 يناير 2006 ان هيفاء هندية و كانت اما لخمسة اطفال قد تعرضت لطعنات فى المنطقة الحساسة من الجسم بما فى ذلك المهبل الذى جرى تقطيعه. و يقول الكاتب على لسان الطبيب الشرعى لمنطقة تابلس الدكتور سمير ابو زعرور "ان التهتك الذى اصاب الجهاز التناسلى لا يدع مجالا للشك بتعرض الشهيدة لتمثيل لم ير له مثيلا". فلماذا هذا الغل الدفين الذى يعبر عن نفسه ما ان تسنح فرصة الانتقام من التمثيل باعضاء المرأة غير الغربية التناسلية؟   
يتطير العلماء من خصوبة امرأة غير غربية سواء افريقية او عربية او اسيوية. و ينخرط العلماء فى تجارب محمومة حول كيفية التحكم فى السكان فى العوالم المفقرة فيما تتناقص الاعداد فى المجتعات المتحضرة باخفاض نسبة المواليد الخ. و تنطلق حملات تعقيم الاهالي فى امريكا اللاتينة و شبه القارة الهندية باسم التجريب او-و خفية. فتعقم النساء دون علمهن. و تصرف الامم المتحدة مليارات الدولارات على تنويعات برامج هاجسها الوحيد تقليل اعداد غير الغربيين فيما يسمى مرة تنظيم الاسرة و تحديد النسل" و "صحة المرأة التكاثرية" Reproductive Health . وتهدد خصوبة المرأة الفسطينية مستقبل دولة اسرائيل. و كان احصاء ميلز غرب نهر الاردن الاحصاء الوحيد. و كان اكثر تفصيلا من حيث البروفيل السكانى و الخصائص الديمغرافية لكل فئة. و كان من اهم نتائجه ان نسب الخصوبة تتفاوت بين العرب و اليهود و بين العرب المسلمين و غير المسلمين على نحو اقلق اليهود بصورة كبيرة. و يقول بيرنارد شتاين ان تعداد بيت لحم من العرب المسيحين راح يتناقص بهجرة الاخيرين فى بداية القرن العشرين الى امريكا اللاتنية ازاء تكاثر العرب المسلمين بحيث غدا تعداد العرب المسيحيين فى سانتياجو يفوق تعدادهم فى بيت لحم.
 و تسجل نسبة الانجاب فى احصاء ميلز بين العرب بـ 53% لكل الف فلسطينى و 23% لكل الف يهودى و يقول الاحصاء المذكور بان نسبة الانجاب بين المسلمين فى 1932 كانت تسجل أعلى نسبة فى اى مجتمع فى العالم. ذلك ان عدد اطفال الاسرة الفلسطينية المسلمة يبلغ 8.5 طفلا و يبلغ عدد اطفال الاسرة الفلسطينية المسيحية 6.5 طفلا فيما بلغ عدد اطفال الاسرة اليهودية 4.5%. سوى ان نسبة الوفيات بين الاطفال الفلسطيين ترتفع بالمقارنة مع نسب الوفيات بين الاطفال اليهود. و يقول برنارد شتاين ان اليهود انخرطوا فى السعى وراء حل المسألة الديمغرافية فمحاولة ضبط الهجرة اليهودية على ضوء اسقاط احصاء مسح قاموا به فى 1938-1939 حول الرجال والنساء فى سن الخصوبة و الانجاب حتى يؤثروا على خارطة السكان بحيث يتساوى بالهجرة اليهودية تعداد الجماعتين العربية و اليهودية فى 1948. وكان ميلز يفترض ان على اليهود تشجيع هجرة 12 الف يهودى حتى يتساوى تعداد الجماعتين فى 1948 ثم عدل الرقم فى 1938 الى 15 الف مهاجر يهودى على ان يبقى تعداد الفلسطينين ساكنا بلا زيادة. و كان بعض العلماء قد "اكتشف" عبر دراسات انتثروبوميرية على الانثى السوداء و العربية انها اخصب النساء قاطبة.
 و كانت الابحاث "العلمية" فى شبه الجزيرة الهندية و افريقيا اثبتت ان حجم بظر المرأة غير الغربية و بخاصة السوادء كبير بصورة ملحوظة مقارنة مع بظر المرأة البيضاء مما أدى الى "تخلف نشوئى" لدى المرأة السوداء بعث بينهم قلقا "علميا" فيما اثبت براديجماتهم الداروينية مجددا. و قد كانت الداروينية قد "اثبتت" ان اعضاء فصائل الذكور والاناث الراقية تميل نحو الاحجام الفارقة بحيث تتميز اعضاء التذكير واعضاء التأنيث على نحو واضح فان التباس حجم عضو الانثى الافريقية يقربها الى الخنثى Androgen و قد يؤدى الى اضطراب عواطفها فلا تعدو تتصرف كمثلي Homosexual لا هو بالذكر و لا بالانثى[59]. و من ثم ان أعطت الطبيعة السود ميزة فيسيولوجية فقد اعطت الطبيعة البيض العقل والذكاء. و يدهش البعض بل ينشطون في حملات منع الختان و تثبت النسووقراط بربرة و توحش الاقوام غير الغربية اذ تمثل بجسد المرأة بقطع البظر. سوى ان الاهم هو ان مثلجة التمايز التشريحى بين الغربي و غير الغربى ما تنفك تصل مجددا و فى كل مرة الى اطروحة او اخرى مفادها تحديدا و باختصار:
1-ان الانسان الاوربى ارقى الاجناس فى علاقة طردية مع او بسب المناخ و كأن المناخ الاوربى فريد لا يماثله مناخ على وجه الكرة الارضية.
2- ان superiority العرقي فرضية تسعى لاثبات نفسها بمعنى ان الجنس الاوربى يتجاوز كافة احتمالات الاختلاط مع اجناس اخرى بحيث يقف الاوربيون اجناسا خالصة
3-و بالتالي فان أي حضارة غير أوربية بين اجناس "اقل امتيازا" سابقة على "الحضارة " الاوربية تحتاج ادلة لاثبات وجودها اصلا ومن ثم الاقرار ان اقر بنسبتها الى تلك الاقوام المنحطة بالقياسات و المقارنة الاوربية الاجتزائية غير العلمية.
4- ان معظم او كافة ما سبق اوربا جمل اعتراضية وشرح على متون تاريخ الامتياز العرقى الاوربى superiority بدليل قدرات الاخير على اشادة اهم و اكبر الحضارات بل اهم حضارات البشرية.
5- تصبح بشرية المستقبل-مع الطروحات شبه المعلنة و برامج مواجهة تكاثر خفية بالاوبئة و الكوارث والحروب و الابادة بالمجاعات بشرية بيضاء
متحف تاريخ البشرية مستحوذ على تراثه:
ان كان قد تبدى وكأن الولايات المتحدة تلتزم ما يبدو وكأنه ابادة او تدميرا ذاتيا وتدمير غيرها باسم الحضارة او الثقافة الغربية– الرأسمالية- بخاصة الكوننة-ومبادئها The United States seems committed to degrading itself and the world فان زخم و قوة دفع الكوننة يبدو وكأنه غيرقابل لان يوقف. فقد يترتب على الدفع الذاتى للكوننة-الامبريالية الرابعة غيرالقابل للايقاف افتراض ان الكوننة اذ تلتزم خلق شروط انحطاط العالم بعنف اقتصادى وخلافه فقد لا ترقى قوة دفع الكوننة الى ابعد من الخراب الاقتصادى وخلافه. فالعنف الاقتصادى وخلافه قد يستعدى عنفا مكافئا. و لان عري الامبراطور المفاجئ لم يكن باديا للكثيرين من قبل و حتى سقوط حائط برلين او ربما بعد ذلك بوقت ما بل لعل البعض ما يبرح يعتقد ان الامبراطور يرتدى تلك الحلة التى يصفها له الدجالون و يمعنون فى تعداد روعتها- فقد اصيب بعضنا و بقى بعضنا مصاب بفقدان ذاكرة جماعى. على ان حصاد تجربة سقوط الاشتركية او الفكر اشتراكى مؤقتا -او بصورة دائمة وفق قدرة كل منا على الاستبصار و العمل الصبور و الامل -مما يجده الكثيرون منا مرا - قد ترك اغلبنا و قد اصيب بالاحباط و ربما بلا ملاذ سوى الخاص احتماءا من و على حساب العام ان بقى ملاذ خاص بعد. فمحاولات كهذه التى اجادلها انيا تطمح على اسحياء فى استجلاء صيرورة عالم مكونن المصير و استبصار مساراته لفهم و تحليل ما يصار اليه حالنا نحن العرب و من يشبهوننا و من هم كمثلنا مهزومون ف "فى الهم شعب".
فتعريف "الحضارة" الغربية و"التقدم" و"التطور" ينبغى ان يتجاوز خارطة الذهن و معمار اللغة والمفردات و منهاهج الالحاح الدارج على الخاطر- على مر خمسة قرون منذ الامبريالية الاولى حتى الرابعة- بحيث يتعين بتحرير اللغة و الذهن والخاطر التحرر من حصار ممفصلات الخمسة قرون الماضية. ذلك انه يغدوغريبا وغير قابل للتبرير على الاطلاق -و لو بمواضعات ادعاء الرأسمالية – ليبراليا و ماركسيولوجيا - ان الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية تؤلف دائما "نشوءا" وارتقاءا على ما سبقها وبالتالى "تطويرا" على و "تنمية" و "نموا" و "اصلاحا اقتصاديا" و " تحديثا" لما و من تستقطب من العالم-أليس غريبا الا تنتج الرأسمالية فى تنويعات ودرجات الاستتقطاب نظائر للكتاب و المفكرين الغربيين – الاوربيين والامريكيين -سوى حفنة من امثال فرانسيس فوكوياما و سلمان رشدى وبيلا بلاسا -بين مفكري الامتدادات والتوسعات المستقطبة؟ الا يدعو للتأمل حقا انه فيما تستقطب الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية الاخيرة على الاقل العالم تباعا وعلى نحو متسارع عبر القرن العشرين من اوله الى اخره اقتصاديا وتدعى تشكيل العالم على شاكلتها لا تنتج شاكلة في ومن العوالم الثالثة و الرابعة على مفكريها؟ اليس محيرا الا يوجد مقابل متكافئ من مواهب الامتدادات مفكرين انداد لنظائرهم الغربيين دليلا على تحديث و تنمية الامتدادات؟ كيف لا ينشأ من هؤلاء الا ما خلا من يهاجر او يهجر قسرا من رأس المال البشرى- العقول- و من ثم تحولهم رصيد مهجن فى صفوف المفكرين والعلماء الغربيين –الراسماليين على حساب اهلهم مثلهم كمثل الرساميل والثروات المادية والثقافية المستحوذ عليها؟ و عليه الا يكون واردا ان يتجاوز البحث فى تلك الظواهر- الحضارة-التقدم- النمو- التنمية وغيرها البعد النوعي من تراكمات الفكر والتنظيم الرأسمالي ما بعد الصناعي –وريث الفكر البرجواي الصناعي بالنتيجة- الى البعد الكمي؟ الا تبقى المسألة مجددا مسألة منهجية اكثر منها فلسفية؟ ومن هنا الا يغدو واردا التساؤل فيما كيف تعين ان يبقى فكر التغير و الثورة العربية ليس وحسب محاصر و انما بقي يحاصر نفسه باستعارة ممفصلات لغة الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية منذ سقوط الاندلس وحتى اليوم فلا ينى يحتفل بالرأسمالية فيما ما يبرح يصدرعن فرضية:
-ان الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية قابلة لان تفرد اذرعها الى الهوامش- الاطراف- الامتدادات باكثر او اقل من الاستحواذ ؟
-ان البرجوازية الصناعية قابلة لان يعاد انتاجها فى الهوامش- الاطراف و الامتدادات؟
-ان اعادة التوزيع الفارق –او ما يسمى بالعدالة الاجتماعية- فى المحاور لم يشوه الطبقات المناظرة للبرجوازية الصناعية –البرليتاريا عندما قيض للاخيرة –البروليتاريا الصناعية –تقاسم فائض انتاج العمل الحى فى الاطراف -الهوامش- مع البرجوازية الصناعية؟
-ان تستعصى الطبقة العاملة الصناعية على المساومة على دورها التاريخى فى التغيير- الثورة- وفق المقولة الماركسية من انها فى المجتمعات الاوربية الشمالية الغنية ليس لديها ما تفقده سوى قيودها ؟
ان مراهنة الحركات التاريخية للتغيير والثورة على تلك الطبقة غير قابلة للتحقق؟
هل كانت اوضاع البروليتاريا الصناعية حقا بحيث ما كانت - على الاقل منذ الربع الاول من القرن العشرين - لاتفقد سوى قيودها بالثورة على البروجوازية الصناعية؟ كيف يفسر اشتراك البرولتاريا الصناعية فى الحروب الاستعارية التوسعية من حرب القرم على الاقل حتى الحربين العالميتين و الحروب العالمية الممحللة - Localised world wars- سوى برشوة و شق البروليتاريا الصناعية؟ هل كانت اليبرولتاريا الصناعية حرية بان "تتحد" متضامنه مع شعوب العوالم الثالثة والرابعة من اجل القضاء على البروجوازية الصناعية والاستعمار كلاسيكى كان او جديد اومجدد وهى التى عنيت البرجوازية الصناعية بان تتقاسم و اياها فائض انتاج و عمل الامتدادات الحي فى برامج اعادة توزيع ولوكان فارقا-ومنذ الحرب العالمية الثانية؟
 و الى ذلك :
-لماذا و كيف يتأتى ان تتوفر المجتمعات الرأسمالية على اعادة توزيع معتبرة و على حساب من؟
-كيف تفوق معدلات ذلك التوزيع نظيرتها فى المجتمعات الاشتراكية حتى ما بين الحربين؟
هذا وزيادة على ذلك كيف لا يتم التساؤل الوارد حول و محاولة الاجابة منهجيا و ايديولويجيا على:
-كيف ان بناء الاشتراكية لم يملك اكثر من ان يعيد انتاج تنويعة اقرب الى الرأسمالية مع اعادة توزيع تتناقص فى تناسب طردي وارتفاع نسبة اقتهار النظم الاشتراكية للسوق العالمى؟
-هل بقى تعذر بناء الاشتراكية وظيفة ذلك الاقتهار فى كل مكان اكثر منه دالة غياب الديمقراطية السياسية التى هى نتيجة و ليست سببا ؟
-و اخطر لماذا منيت حركات التحرير المسلحة بالفشل –اذ لم يكن واردا ان تكون قابلة للنجاح –فيما تم تشجيع حركات الاستقلال؟
-كيف تأتى التواطؤ غير المتحفظ مع حركة "تفكيك" بل الاحتفال بتصفية الامبراطوريات السابقة على الرأسمالية –العثمانية بالذات –لحساب الامبراطوريات الاوربية الغربية الرأسمالية؟
•-         ما هى الاسس المنهجية و التاريخية للاحتفالية الطافحة بفبركة دول قومية بليل عشية "الاستقلال" خصما على الامبراطوريات السابقة على الرأسمالية؟
لماذا تشجع كل امبراطورية راسمالية من الامبراطوريات الاوربية الغربية الى الامبراطورية الامريكية حركات "الاستقلال السياسى" و حق تقرير المصير؟
•-         اليس واردا افتراض ان تصفية امبراطورية لحساب اخرى يتطلب كيانات اصغر فاصغر من الكيانات الكبرى الى الكيانات القومية ذات الدول القومية الى الكيانات الاثنية –العرقية التى لا مقومات لها؟
-و الاشد مدعاة للاستهوال ايمكن ان تكون غاية الحروب الاثنية- مما كان قد اشعل منه ما يزيد عن 152 حربا "عالمية ممحللة" Localized World Wars بضحايا معظمهم مدنيين غير غربيين- التطهير العرقى المتخذب لمسلمي كوسوفو على حساب الصرب ؟
الم يتأتى عن تلك الحروب – و التطهير العرقى- تلك الكلمة المشئومة – والمجاعات والاوبئة الغامضة التى تساوقت معها –القضاء على اعداد متزايدة من سكان العوالم الثالثة و الرابعة و العصر حجرية؟ [60]
- اليست تلك الحروب محض احلال شروط تنافس على موارد متناقصة مع اصحاب تلك الموارد الاصليين على غرار سكان مدعشقر وغيرها تماما ؟[61]
-الا يترتب على عدم المسئولية العلمية Scientific Irresponsibility ما تمنى به البشرية من امراض غامضة من مترتبات التكنولوجيا الحديثة و من سوء استخدام و تبديد وتخريب البيئة والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية مما يفاقعم الصراع حول والتنافس على الموارد - مما يكون سادة القوم انفسهم قد خلقوا شروط تضعضعها- مع غياب وتغييب الشعوب بالاستلابها و الاستحواذ على خالص عملها بعنف ؟[62]
-اليس حقيقيا أنه كلما تزايدت الثروة والقوة فى ايد اقل فاقل كلما تفاقم صراع المتنافسين عليها اكثر وا كثر فى كل زمان ومكان ؟ [63]
ولعله ليس صدفة - ربما-ان تكون كل من اسلحة الدمار الشامل –مما يسرته "حرب النجوم" - مرة اخرى اداة انتاج واعادة انتاج الكوننة : الامبريالية الرابعة. و اذ يصبح بناء على هذه الفرضية القابلة للاثبات بيسر الا تغدو الثروة و القوة المراكمتان عبر عمليات الكوننة اكثر أو اقل من وظيفة و دالة معا على اجتزاء البشرية بين اقوام تملك تاريخا و مستقبلا قابلين للاستمرار و اقوام بلا تاريخ وحسب وانما قد يبرر ما حل و ما قد يحل بتلك الاقوام- التى بلا تاريخ - فى المستقبل فان الحصار ليس حصار مكاني وحسب. ان الحصار يغدو بهذا الوصف و الى ذلك مبارزة بين ثقافات و سجلات و "تواريخ" الاقوام التى هى جديرة و تلك التى فقدت جدارتها بسجل او بتاريخ بشرى .ومن هنا ربما كان وراد الزعم بان محاولة كتابة التاريخ من اسفل – من وجهة نظر الاقوام المخضعة- غير الجديرة بمستقبل يليق بالبشرية- هو السبيل الوحيد – ان وجد سبيلا بعد و لم يغدو الامر و كأن الاوان قد فات-لادراك مصدر وغاية الحصار. على انه من المهم الى ابعد الحدود التنبه على ان عمليات اعادة كتابة التاريخ غدت بدورها "غاية" مدعي كتابة تاريخ "منصف" فيما لا يزيد هؤلاء المدّعون عن ان يتقاسمون الثقافات بالتخصص فيها وحرمان غيرهم من الاقتراب منها برياضة – ثقافية منهجية – جديدة . و يتسابق المفكرون والكتاب والمؤرخون الصهاينة و فصائل من الغربين انفسهم فيما يشبه حركة "الاكتشافات الكبرى" بحق الفتح و استعمار الامتدادات و رسم حدود جعرافية جيوبوليتيكية على اعادة رسم حدود و اقتسام حيازات " فكرية" و"تاريخية" و"ثقافية" :"جيوبوليتيكية" جديدة, و قياسا على ذلك فانه فيما تنكر على الاقوام المتصل استلابها الحقيقة والتاريخ والحكمة والثقافة والمعرفة يحرم على الاقوام المستلبة استخدام حكمتهم والاصدار عن تاريخهم و ثقافتهم وحكمتهم الشعبية الا باذن من ادعياء جدد. فلا يتم ادعاء تواريخ و سير و حكم شعبية و حضارات -مما سأتعرض له فيما بعد- وحسب و انما يتم ادعاء "حق اختراع" فصائل و "انواع" بالهندسة والتعديل الجينى-السلالي للخلايا البشرية - و مراكمة فصائل و انواع تحتكرها بنوك اثنية و نباتية جينية على حساب ما كانت الشعوب قد انتجته و جودته بحكمتها الشعبية على مر الاف السنيين.
 هذا فيما يتم تحريم تداول او استخدام حصاد تلك الحكمة علي اهلها ما لم يبتاعونها فى الاسواق و قد اعيد تغليفها و تعليبها وتسميتها. اى انه بنفس القدر و فى نفس الوقت يتم و كان قد تم نقل حضارات و شواهد حجرية واعمال فنية و مدن بكاملها وعقول وحسب بل اجناس منتخبة جينيا Genetic Selection و رساميل لا تحتاج لاكثر من ضغط زر اليكترونى على حاسوب او مضاربة على الانترنيت: باختصار ادعاء و نقل كل ما هو "متقدم" و "عريق" و "راق" و "جميل" و ثرى الى العوالم الاولى وعوالم لا عراقة لها ابعد من الفيس بريستلى و نظائر "مقتدرة" بثورات محتفرة من باطن الارض و حسب لا تتعدى اسطورة "عراقتها" بضعة عقود من زمان غريب. لكل ذلك و غيره مما ساعرض له تباعا فقد لا يتأتى انقاذ تاريخ الاقوام المستلبة ثقافيا و اقتصاديا خروجا من الحصار سوى اعادة النظر فى المقولات الجاهزة فى الكلام المغزول من انصاف الحقائق والاقتصاد فى الحقيقة و الاكاذيب والاساطير فيما يجري التآمر على أو اغتيال الفكر الجيد خفية او علنا ويحاصر فى اركان ضيقة وراء الظلال. و قد لا يمكن التعرف على ابعاد الحصار بداءة ما لم يكرس التحرر الفكرى الايديولوجى فى "حرب تحرير للاكاديميا" و السيرة الشعبية التاريخية من اساطير و احابيل التاريخ "الرسمي" ل "البشرية" التنويرية- الداروينة او ما بعد الداروينية بالاحرى. فقد كان قد تم باسم ذلك التاريخ الملفق للبشرية و تحت رايته تشريد السكان الاصليين فى اربعة من الخمس قارات الاصلية و ابادة مواشيهم وتلويث علف مواشيهم و ابادتهم كلما دعى حال ادعاء امتلاك الارض وما عليها. و ساعود الى هذه النقطة اذ ازعم الا سبيل الى الخروج من حصار الكوننة سوى بكتابة التاريخ الشعبي و بالحركات الشعبية. فسواء ابصرنا او نظرنا و لم نبصر فسوف تتمحور حركات الاحتجاج والحركات من اجل التغيير المقبلة لا محالة حول استلاب و استحواذ الرأسمالية ما بعد الصناعية- الامبريالية الرابعة- الشركات عابرة الحدود القومية – المتعاظم على المقدرات المادية و غير المادية لاغلبيات الناس فى كل مكان[64].
كيف تأتى اتصال ابلسة الشعوب وتجريم "العامة"- "الغوغاء"- "الدهماء" بالتواطؤ التاريخى و النظري و التنظيمي على ادانة حركات احتجاج وثورات العامة - الدهماء -الغوغاء ؟ اليس اقصاء الشعوب -الغوغاء -الدهماء-العامة واحتجاجاتهم عن التاريخ وتجريمهم آلية عزل ما يسمى بالفئات الحديثة-التشكيلات- او الطبقات- المتوسطة والوسيطة مما كان و ما برح يدعى تاريخيا احتكار ريادة و قيادة التغيير؟ أكان ثمة سبيل يوما وهل ثمة سبيل بعد للتغير و العدالة الاجتماعية سوى الثورة؟ و قد كان تعريف العلم: ان يتم التخمين بامر او افتراض امر ما يكمل بالتقدير ثم يضاهى ما تم تخمينه باختبار قدرة الافتراض على التكرار بالاختبار مرة بعد مرة فكيف يتأتى ان يدعى " العلم" – الاكاديميا الغربية – الانجلو امريكية تحديدا انها تملك اجوبة على كل سؤال حول "التخلف" و لا تطيق بل لا تسمح باختبار "علمها" سوى بفرضياتها هى حول التخلف؟ كيف لا تسمح بمجادلة الاسباب التاربخية للتخلف؟ اثمة اعمق تعريف للدكتاتورية–او التطرف – من رفض وتغييب المساءلة والمجادلة[65]. و قد سمحت الاكاديميا الغربية ب "كيف" تأتى "تخلف" ما قد يعادل 45 سكان العالم لحساب 15 وإهمال السؤال "لماذا" وتكريس اتصال التخلف فيما يبقى السؤال الاخير- مما لا يقترفه النظر الانجلو ساكسونى-و الانجلو امريكى-ممنوع –شبه محرم- يشارف التجديف.
لذلك فان ما تحاول هذه الدراسة وصفه من الظواهر الاقتصادية الاجتماعية المقارنة وتحليلها كان قد تم و يتم عبر معايشة ومشاركة ومعترك ما لم يكن يخلو من مشاق مما لم يكن من معدى معه من تأمل و البحث فيه عن كل بارقة من الامل فينا وفيما يحدث لنا فى نفس الوقت الذى احاول فيه اعطاء تلك الظاهرات مسميات اكثر قابلية للطواعية المنهجية و اقل انغلاقا. وقد غدوت وبقيت فى كل ذلك اجمع دالات الامل و العشم فى التغيير كمثل ما تجمع النملة قوت شتاء لم يسبقة صيف يذكر. ورغم او بسبب الغربة و الاغتراب الاكاديمى والمكانى وغيره لم يكن التوحد العميق والغربة فى غربة الشتات والفكر ويتم - بضم الياء و تسكين التاء- الاشتراكية والعمل الاجتماعى المفتقر الى رفاقية متصلة باليقين– لم تكن تلك الغربة الموصوفة سوى كوة على كل من منهج و مفردات تخص الواقع العربى. ذلك اننى ازعم ان تلك الغربة والشتات قد قيضتا ادراك ان ذلك الواقع قد حشر لزمان طويل فى مناهج بحث وفى مفهومات لا تخص الواقع العربى فلم يعد ما يتأتى بتلك المناهج وعبر تلك المفهومات مجمل ناهيك عن "كل" الواقع وانما غدا الواقع العربى محض ما تبدى لنا منه. فقد كان واقعنا الموضوعي وبقى مختنقا معمش عليه بكل من التحيز واللاعليمة و بالانتقائية والتجزئة التى تسمى نفسها مناهجا "علمية" و بمفردات محبوسة فى نفسها هي و منغلقة على وجودها الذى هو الغرب- الرأسمالية الصناعية وما بعدها او نكوصا عليها. ومن حسن او سؤء الطالع ان سقط المعسكر الاشتراكى مع نعي وتأبين التاريخ والايديولوجية و قد اعلن -فى الواقع -موت كل ايديولجية وكافة الايديولجيات -الا ما خلا ايديولجية الكوننة وما تعاصرمع الكوننة من ثورة وحرية المعلومات. واجادل انه ما ان سقط المعسكر الاشتراكي مؤقتا او سقطت فكرة الاشتراكية بصورة مؤقتة او دائمة فان الرأسمالية- ما بعد الصناعية - ما لبثت ان تعرت لحظة ان وقع جورباتشوف و ريجان اتفاقية مالطا و قد تفاقم عري الرأسمالية البرجوازية الامبريالية الثالثة فورا واعلن موتها فور اول مؤتمر اوربى لـ "توحيد الاوربيين" المنعقد فى براتسلافا عاصمة سلوفاكيا 1989 .
زعر الرأسمالية بتنويعاتها من الانتفاضات الشعبية:
لم تكن الولايات المتحدة جادة - يوما- فى المناداة بحقوق الانسان - المطلق- فبقي اشد ما يثير زعر الولايات المتحدة الانتفاضات الشعبية و حركات الاحتجاج الجماهيرية. فان كان مبدأ حقوق الانسان فى الواقع مبدأً متكاملاً شاملاً- اذا ما طبق بصورة موضوعية فى اطار القيم الجماعية والفردية الاساسية والخصوصية الثقافية للحقوق الانسانية الاجتماعية و الاقتصادية والتاريخية و السياسية- فإن الحقوق -من حق العمل والحياة و حق تقرير المصير- اى تطبيق حقوق الانسان تطبيعا غير متحزب و غير انتقائي- بقي منتقصاً و مشتبه فيه. ومن ثم فان لم تتوفر التعددية وحقوق الانسان على الحقوق الاساسية من حق العمل و حق الحياة جميعا فان مرحلة تطور المجتمع الانساني الراهنة تتسم بالعنف الاقتصادى و السياسى و الاجتماعى و الثقافى ضد الانسان–الرجال و النساء والاطفال: الجماعات و الشعوب و الدول و لو فى شكل حرمانها من التنظيم الذى يخصها ويدل عليها و يعبر عن مصالحها الجمعية ولو بالديون الخارجية التى استعبدت امما و شعوبا بكاملها منذ نهاية السبعينات. ذلك ان مبادئ الديمقراطية البرجوازية الصناعية اليبرالية و الانجلو ساكسونية- ما بعد الليبرالية بالذات تتصل فيما تتصل:
-اولا: بتفريد الفرد تفريدا يعزله عزلا منظما عن الجماعة فتذرذره بحيث يكاد يغدو كمثل الشطية اوالذرة Atom لا يطوع وحسب من اجل التنافس العنيف فى سوق العمل و انما يسهل تغريبه و ابلسته حسب الطلب.
-وثانيا: تستبعد الديمقراطية الانجلو ساكسونية و تتطير من مفهوم الجماهير والطبقة وتعمش عليهما وتدفع للاستعرار منهما او-و تحيطهما بتصينفات ذااتية خادعة[66].
فقد ابقى الفكر الليبرالى مفهومي الجماهير و الطبقة شبه مجرمين (مبنى للمجهول) Criminalized فلا يتم الحديث فيهما او عنهما او اشارة اليهما و بالتالى لا يؤلفان مكونا من مكونات مناهج البحث الانجلو ساكسوني. و يترتب على ذلك الا يشار الى الحقوق الجمعية او المصالح الطبقية - الا ما خلا حقوق الطبقات العليا خفية. فليس ثمة ما هو اشد مدعاة لفزع الفكر والتنظيم الغربي الليبرالي ونظيرهما ما بعد الليبرالي -الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية من الفكر التقدمي مما كان قد وصم بالتحريض على العنف - الثورة.
 و يلاحظ ذلك اكثر ما يلاحظ فى الفكر الرسمى البريطانى-الملكى الانجليزى علىالخصوص- انه كلما نضحت الافكار الشعبية الجمهورية او- و تحققت الجمهورية و لو وجيزا حتى ترفع الة الفزع المرتهن بالعنف الذى تشيعه الطبقات الحاكمة نفسها.فتتهم الافكار الرسمية الشعب- العامة الغوغاء بالعنف. و كان استخدام مفردة العامة بمعنى الغوغاء او المجاميع الهوائية المتقلبة Mobile Vulgus منذ 1690 قد انتشر فى وصف المجاميع الثائرة  لتعنى عامة الناس فما خلى الطبقات الحاكمة و وكلاءها. وكانت المفردة تستخدم ايضا بمعنى المترحلين المتجولين شذاذ الافاق فى تقابل مع النبلاء Nobility بوصف ان الاخيرين مستقرين لانهم اصحاب اطيان مستقرة على حقوق و امتيازات تاريخية. و توصف المجاميع الشعبية - العامة بالتنقل و الحراك المكانى Mobility[67] . و كان تكريس التطير من اى فكر وتنظيم "شعوبي" قد تكرس فى بريطانيا- التى فقدت اهم مستعمراتها- الولايات المتحدة -بالثورة -و قد تساوقت الثورة الامريكية و الثورة الفرنسية وارهاصات ثورات الفلاحين فى المانيا و انجلترا و المجر و روسيا القيصرية.
و قد استقر التطير و الفزع من التغيير "الدموى"- من اعدام الملوك و الارستقراطيات و " الاعتداء" على او-و تأميم الملكية الخاصة فى اعصاب بريطانيا و وريثتها الولايات المتحدة من بعدها مرمزا فى قدسية المليكة الخاصة بوصف انها اهم "مبادئ العالم الحر". و قياسا على ذلك غدا مفهوم الجماهير الشعبية The masses و مفهوم التمايز الطبقى بل مفهوم الطبقة مفهومات "مشبوهة" فبقيت انتفاضات ما يسمى بالغوغاء-العامة و الصراع الطبقى مرة فحشا تنظيميا منهجيا ينبغى التوبة عنه فور بل قبل تظاهره فقد ينتاب هاجس الصراع الطبقى الطبقات الحاكمة ليل نهار من ناحية. و من ناحية اخرى ما برح التقسيم الطبقى و من ثم التحليل الطبقى و الصراع الطبقى و الثورة تعد كفرانا اكاديميا يدان من يقترف التهجس به كفرضية لفهم وتحليل الواقع و من ثم حل المشكلات الاجتماعية من قريب او بعيد بالزندقة الاكاديمية فيصدر بشأنه حكما بالاعدام المدنى- الاكاديمى[68].
 و افترض تاريخيا و جدليا أن الرأسمالية بتنوعاتها تخشى المجاميع الشعبيةا- اذا ما لم يلتفت اليها -بوصف انها جديرة بحمل جنين الصراع الطبقى لا تتربص بالملكية الخاصة-ضغينة- و حسب وانما قد تنذر بالتغيير والثورة[69]. و اجادل مرة اخرى ان الرأسمالية بتنويعاتها كانت قد سعت لتفريد الفرد و اعلاء حقوقه على قوق الجماعة فيما يتمظهر فى اوضح و اقوى اشكاله في اعلان مبادئ الحقوق الدستورية الامريكية -The American Bill of Rights- انظر(ى) بعد.
واجادل انه اذ تبقى الرأسمالية-بتنويعاتها على الفرد مفردا من اجل التنافس فى السوق مرة و من اجل القضاء على شروط تضامنه فى تعاضدات مما قد يفسر عجز المجاميع الشعبية عن النشوء تنظيميا صاعدة الى طبقات فى حد ذاتها ناهيك عن طبقات من اجل ذاتها-فى الغرب مثلا-فان الرأسمالية كانت قد نجحت فى تفتيت الجماعات-المجتمعات العالم ثالثية و رابعية و مجتمعات العصر الحجرى الى ذرات من افراد مفردين بالافقار العنيف مدانون يركضون وراء عمالة مسترخصة فى اسواق مسترخصة او-و وراء عمل زراعى موسمى تأصيلا على خصخصة الارض المشاع خصما على الملكية الجماعية.
 
 و على الرغم من تطير الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية من العنف -الشعبى و الانتفاضات الشعبية - و الحركات الجماهيرية فقد كانت الديمقراطية الاوربية - الانجلو ساكسونية بالذات و من بعدها الانجلو امريكية- على الرغم من ذلك و بسببه تحديدا- قد اتصلت عضويا بمفهوم العنف الفوقي باسم الشعوب الاوربية و بالحروب. فعلى الرغم من ان الحروب الاوربية كانت قد اندلعت اكثر ما اندلعت بين تشكيلات السلطة نفسها اكثر منها بين السلطة والمحكومين فقد الصق العنف الشعبى بتلك الحركات والحروب. لذلك فان التنبيه على خلفيات وادب الديمقراطية فى التراث الاوربى الغربى يتألف و يؤلف بعدا هاما و محوريا فى حصاد فترات متصلة من العنف- من الحروب الاهلية و التأمر و التحالفات والتحالفات المضادة بين تشكيلات السلطة و الارستقراطية الاوربية اكثر مما هو حصاد حروب اهلية بالمعنى الحرفى او انتفاضات شعبية.
ذلك ان الحروب الاوربية - والحروب الامريكية من بعدها -كانت فوقية سلطوية اكثر منها شعبية و قد اتصلت على مر اكثر من قرنين فى المجتمعين الانجلوساكسونى و الانجلوامريكى بالصراع على السلطة والثروة اكثر منها حروبا بين الشعب والسلطة او-و ثورات او انتفاضات شعبية مما يجعل مفهوم العنف السياسى و التنظيمى امراً شديد التركيب و الاهمية معا[70]. تفهمت بريطانيا فى 1644 وفرنسا فى 1789 ان العروش فى خطر من الثورات الشعبية فأدركت شرائح السلطة باكرا ما قد تلحقه الحركات الشعبية بها ما لم تكبح. فقد تمثل السخط الشعبى فى ثورات كادت تكتسح كل شئ فى طريقها لا تطمح بالسلطة القائمة و انما تقطع رؤوس الملوك مثلما فعلت بتشارلى الاول فى انجلترا و لويس الرابع عشر فى فرنسا. فاستقر ذلك الدرس فى ذاكرة الشرائح السلطوية متحدرا الى الرأسمالية.و قد راح اعداء الجمهورية يجأرون بان الثورات لم تأت بالديمقراطية و انما اشاعت ما سمى بالرعاعية Mobocracy
و إذ توصم الثورة الفرنسيّة بالعنف مرة و بالتحول الى حركة رعاع فإن الفوضى التى لحقت بالثورة الفرنسية كانت قد ترتبت على كل من سيطرة اليعاقبة وعلى نشوب الحرب مع روسيا و بروسيا مما نشر حالة التطير المعهودة التى تتمثل مع مواجهة عدو خارجى. ذلك ان فرنسا سرعان ما تحولت الى دولة بوليسية تبحث عن و تتعقب عدوّاً داخليّاً تسقط عليه تطيرها مما احل استبداد جمهورية بوليسية مكان استبداد العرش.
و رغم ان الحروب كانت سلطوية إلاّ ان مئات الآلاف من الناس العاديين راحوا ضحية الحروب السلطوية الاروبية منذ القرن الخامس على الاقل و ما بين القرن السابع عشر و حتى بداية القرن الثامن عشر[71]. و قد كانت تلك الحروب قد كادت ان ترسى قاعدة الا يأخذ المتحاربون اسرى حرب بل يقضي الطرف القوى على الطرف الاخر بلا رحمة مما يبدو انه ترسب فى موقف السلطة ازاء معارضيها فى بعض المجتمعات المستقطبة. و فيما اتصل تاريخ الولايات المتحدة بالعنف ضد الاهالي الاصليين ثم ضد العبيد فان العنف السلطوي ضد الحركات الشعبية مؤرخ له بتاريخ طويل من كل من التطير والتصفية منذ الحرب الاهلية فى القرن التاسع عشر عبورا بعنف اصحاب المال ضد العمال الى موجات الثورة المضادة الامريكية الداخلية- المكارثيات الاربعة  منذ الخمسينات الى حركة الحقوق المدنية الافروامريكية فى الستنيات و ضد حركات التحرير فى كل مكان حتى اليوم[72].
و كانت مجاعة القطن اثرت فى مناطق الصناعة الانجليزية ابان الحرب الاهلية الامريكية على نحو اختلف من منطقة الى اخرى فقد كانت بولتون تستخدم القطن المصرى و كانت مدن مثل بلاكبيرن فى لانكيشير تصل معدلات العطالة بينها عدديا نحوا مخيفا كما بلغت نوعيا حد الموت جوعا فاثارت كارثة ازمة القطن الرأى العام. وقد انتشرت مطابخ الحساء و ارسل بعض العمال فى قطع الاحجار فثار عمال القطن. و كانت الصورة الرسمية تجأر برصانة العمال و احتمالهم للازمة فيما القى اللوم على الحرب الاهلية الامريكية فى تجويع المصانع من القطن الامريكى و هلاك الناس جوعا فى قلب انجلترا الصناعى. و يتضح كل من اعتماد بريطانيا على المواد الخام الامريكية ابان الحرب الاهلية و فزعها من حروب التحرير حتى اذا كانت واجهة مظهرية لعمليات استعباد العمل الحي مجددا فى مسميات جديدة حيث كان القطن الامريكى اساس صناعة النسيح بوصفها احدى دعائم الثورة الصناعية فى اواسط انجلترا و فى الحسائر الموازية من البشر. و قد قامت الحرب الاهلية الامريكية بين الجنوب و الشمال لتحرير العبيد فى وقت كانت فيه بريطانيا تحتاج قطن الجنوب لمصانع لانكشير فشلت مصانع لانكشير تماما حيث قاطع العمال البريطانيون القطن الامريكى تضامنا مع منتجى القطن من العبيد. و كان ماركس و انجليز نظما حركة تضامن بين عمال النسيج فى اواسط بريطانيا مع منتجى القطن من عبيد الجنوب ابان الحرب الاهلية فاضطرت بريطانيا لتكثيف مشاريع زراعة القطن فى مستعمراتها مثل مصر و السودان تعويضا عن القطن الامريكى. الا ان درس الاضراب العمالى العام بقى ماثلا فى الذاكرة العمالية و الشعبية لوقت طويل ليس بوصفه عقوبة تفرضها الرساميل على العمل الحى ان تجاسر فاحتج او تحدى الرساميل بالتضامن العمالى.  
و قد بقى العنف البدنى وظيفة الاستعباد فاستلاب الفائض بكل اشكاله سواء فى المحاور او فى الاطراف بحق المستلبين من الذين يلقون حتفهم فى معارك هى بطبعها فوقية الغايات فقد كان العنف ايضا موجه ضد تراث المستلبين بحيث تتقلص هوامش حركتهم اقتصاديا و بالتالى تنظيميا و سياسيا و ثقافيا بالاستلاب و مزيد من الاستلاب المترتب على مزيد من الاستحواذ العنيف على الفائض باشكاله المادية و الثقافية و التاريخية جميعا[73]. لذلك من المهم التنبه ايضا و بصورة عميقة على ان تراث و ادب الديمقراطية السياسية و الاقتصادية الغربية كان قد اسقط عنف شراح السلطة الالهية–الملك و الكنيسة والارستقراطية على فلم تلصق صفه العنف بكل من المجاميع الشعبية المحلية وحسب وانما على الغرماء الخارجيين فى الامتدادات المستقطبة. فقد وصمت اوربا –السلطة الالهية و الارستقراطية الاقطاعية باكرا و من بعدها البروجوازية الصناعية-السخط و المشتركين فى السخط عليها- بالاحتجاج او الثورة - بالدهماء او الغوغاء على الرغم من ان كل من الملك و الكنيسة و الارستقراطية لم تكن وحسب عنيفة فى مواجهة الشعوب- العامة- الغوغاء -الدهماء -الارقاء- فى الداخل و الخارج -و انما و الاهم كانت شرائح السلطة و الطبقات المالكة و ما برحت عالة على هؤلاء تتفنن فى استلابهم باسم الدين والملك و الامتياز التاريخى للحكام و المالكين-الاقطاعيين-مثلها كمثل اوعلى تنويعة نظائرها الشرقية. و ازعم ان النظائر الشرقية اذ كانت و ما برحت تستلب الدهماء الغوعاء من منتحي الخراج العاديين الا انها لم تكن تعصف بمنتجى الخراج بنفس القدر وذلك ربما رجع الى طبيعة ما يسمى بالاستبداد الشرقى وبسببه و–او نتيجة لطبيعة العمل الحى الذى يملك بدائل فى النمط الشرقى- خارج دائرة السلطة -"الاقطاعات" المكية - السلطانة-الكهنوتية العشائريه بالنزوح المكانى عن دائرة تلك الانظمة العرفية بالهجرة الى البوادى و الى ارض لاصاحب لها فالارض لا صحاب لها بالمعنى الاقطاعى الغربى مرة. ومرة و هذا هو الاهم لندرة العمل الذى كان و بقى لوقت طويل يؤلف بعدا هاما للثروة–الاجتماعية-و شرط من شروط المراكمة محتكرة لمن يملكون تجنيد العمل الحى بعلاقات القرابة او-و الزبالة او الادعاء و تلفيق الانساب العبادية الخرافية. و فى غياب تطوير العمل التاريخى-الالة-المتصل نسبيا -يبقى العمل الحى اهم مصادر فائض الانتاج و خالص العمل الا بقدر ما يغدو الايواء و القوت اجرا.
و لان السلطة كانت ممثلجة فى قوى خارجية عبادية تخص كافة الناس يقوم عليها وكلاء عنهم و لان الثروة كانت تبدو اجتماعية اكثر منها مادية يرمز لها زعماء و"آبأء" و شيوخ و رؤوس قبائل و حكام جماعات تنتسب الى قراتبات عبادية متشاركة فلم ينكر دور العمل "الشرقى" الحى فى التراكم الاانه اقصى من تقاسمها مع ذلك بالاساطير و الاسلاف و مع ذلك لم يتم اقاصاؤه تماما- و لو باعادة توزيع فارق كلما حلت الكوارث الطبيعية او سقطت المحاصيل او شح المطر. و اجادل ان الخصوصية الشرقية - الاسيوية لطبيعة و مكانة العمل الشرقى الحى بهذا الوصف ابقت - للعمل الحى-فى المقياس المدرج -فى مناطق ما يسمى نمط الانتاج الاسيوى - الشرقى- بعد رسملة الاقتصاد- اى بعد احلال توليفة من نمط الانتاج الرأسمالى الصناعى و ما بعد الرأسمالي فى جزيرة ايبريرا و فى جنوب اوربا-اللاتينى- قدرا من الرعاية و الحماية مقارنة مع نظيره الانجلو ساكسونى والانجلو امريكي ممثلة فى تشريعات العمال الصناعيين ازاء المخدمين فى الاسواق التى كانت قد اعيدت هيكلتها لصالح رأس المال ما بعد الصناعى خصماعل العمل الاوربى الحى. فاذ كان الاقرار بدور العمل الشرقى الحى فى مراكمة ثروات الحكام - زعماء القبائل - فان الثروة كانت قد بقى فى مجتمعات النمط الشرقى رمزا لمجد الجماعة مما تغدو معه ثروة الاباء الزعماء الحكام - ممثلىالاسلاف الاسطوريين او الحقيقيين مصدر فخار متشارك بين افراد الجماعة, و يترتب علي تشار الاسلاف القيقيين او المفبركين بالتالى واجب هؤلاء الحكام ازاء اتباعهم واقرباهم بالمقابل. و من ثم فقد كان العمل العمل الحى بانواعه من سخرة القرابة حتى العمل المسترق حرى الى ذلك بان يحصل تحت النمط الشرقى على شكل من "الرعاية الاجتماعية" ولو بمحض العلاقات القرابية مفبركة او حقيقية تتصل باصول مشتركة و بعبادات تدعى الرحمة.
و الى ذلك لم يؤلف العمل الحى- العامة- الدهماء الاتباع - الاقرباء الفقراء خطر على الشرائح الحاكمة كوظيفة ل "الترتيبة" الاقتصادة الاجتماعية - القرابية - العبادية-الممثلجة-لم يؤلف العمل الحى-العامة- الاتباع -الاقرباء الفقراء اذ لا يدخل العامة مع شرائح السلطة فى تنافس على السلطة و لا على الثروة الا بقدر ما قد ينتفض العامة والعبيد دوريا كلما تعرض النظام الذى تعودوا عيه لهزة سياسية او كارثة طبيعية الخ بزعامة احاد من صفوفهم فسرعان ما يلحق الاخيرون بشرائح السلطة فيفقد العامة -والعبيد قيادات فيما تتخلخل صوفوفهم فتتسكح شروط نشوئهم الى اعلى فى تنظيم -طبقى- او شبه طبقى او سابق على الطبقى.
و بالمقابل فقد دخلت الشرائح السلطوية الاوربية الشمالية الغربية بانواعها الوضعية والايدوليوجية متواطئة فيما بينها على العمل الحى او متنافسة عليه فيما بينها فى نزاع دائم على العمل الحى مرة باقصائه اقصاءا منظما عن السلطة سوى ما خلا ما يستلب منه فيلحق بالدوائر الخارجية لصفوف الحكام او بانكار دوره فى مراكمة الثورة. على انه لما كانت الخارطة الذهينة الاوربية الغربية تصدرعن وتتمحور -بحصاد اربعة قرون أو اكثرمن العنف الرسمى الفوقى الممأسس Institutionalised Violence اكثر منه العنف الشعبى-حول الصراع السلطوى فقد اسطقت الذهنية الاوربية الغربية عنفها على ثورات الفوغاء العامة "الهوائيين" المتذبذبين عديمى التنظيم. و على الرغم من ان الثورات الشعبية الفورية الاندفاعية قليلة و متفرقة عبر التاريخ الاوربى الموضوعى الا ان الحركات الجماهيرية وصمت بغياب “العقلانية” والمرجعية المؤسسية Institutional reference . و اذ لم تكن الحركات الشعبية – الغوغائية-الهوائية -عنيفة -بالمقارنة مع عنف الطبقات الحاكمة- فان عنف الكنيسة و الملك والارستقراطية كان اشد بما لا يقاس. سوى ان اوربا ما انفكت ان كرست ثقافة او تقليد وتراث الفزع المفبرك من العامة و قد اسقطت على الحركات الشعبية-الغوغاء-الدهماء-ما كانت الطبقات الحاكمة نفسها قد اشعلته فى شكل حروب اهلية – دينية و توسعية دارت رحاها بين شرائح السلطة الفوقية اكثر مما كانت انتفاضات شعبية.
 و فى الوقت الذى اشاعت اوربا فيه الفزع من العنف الشعبى فقد قيض الاستلاب العنيف للرجال "الاحرار" الحرية فى ملكية خاصة منأسسة علىالاستحزاز التاريخىالطويف و على فائض وخالص العمل الحى مرة و احتكار التنظيم بقدرة الملكية الثورة عليه, بقدر راحت الشرائح الاوربية الشمال غربية تكرس فيما كرست عجز الكتل الجماهيرية -الشعب-الغوغاء العامة الدهماء–الارقاء عن التعبير التنظيم و التعبير الديمقراطى فعدم جدارتها بالحرية ومن ثم بالسلطة فان قياس على تلك التنويعة الباكرة لعجز العامة قد يمكن قياسها على مسلمة عجز و لا مبالاة الشعوب الشرقية-العامة الدهماء بما يدور بين الشرائح السلطوية لانهم نادرا ما ينتفضون الا عقب ازمة فى توارث السلطة القائمة و-او كارثة طبيعة لاعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الازمة الكارثة . و قد كان العامة قاصرون-بطبعهم عن العمل “العقلاني” المتزن فان عدم احقية الطبقات الشعبية -الدنيا للحكم تتمثل فى انتفاضها لاعادة الوضع الى ما كان علهي فى كل مرة. و قد صدقت اوربا اللاسطورة التى كانت هى نفسها قد نسجتها حول نفسها كما نسجت الاساطير و الخرافات حول غرماءها فى كل مكان. و لعله من هنا يمكن القول ان استلاب الغوغاء اقتصاديا ليس اكثر و لا اقل من عملية منظمة لتكريس العجز السياسي و القصور التنظيمي–الديمقراطي-للشرائح البديلة فى مواجهة الطبقات الحاكمة"[74].و يلاحظ ذلك اكثر ما يلاحظ فى اخطر ما تمنى به تلك الشرائح فى ان الحس الطبقى و الوعى الطبقى اللذان يترتب عليهما نشوء الطبقة تنطيميا كحزب سياسي لتلك الشرائح البديلة كان وما برح متأخرا و يتسم بالتردد فيما تمنى شرائح تلك الفئات السابقة على الطبقات بالحصار و العصف الدائمين قبلما و كلما اوشك ان يقيض لها ان توجد - طبقيا- بهذا الوصف.
 


الفصل الرابع
اعادة قراءة فئات الاستحواذ التحليلية
يقول ناعوم تشومسكى فى اقدم دراساته الانثروبولجية حول اللغة-قبل ان يتحول الى مفكر سياسى-ان ليس ثمة متحف تاريخ للبشرة وليس ثمة طفولة بشرية و انما "يولد الناس بمعارف مسبقة" لا يختلف فيها بل يتساوى بها الغربى و غير الغربى. فقد عرف غير الغربي الديمقراطية قبل الغربيين و لم يتعلمها منهم بل ان اميين غير غربيين يمارسون الديمقراطية فى حياته العادية دون و قبل ان يسمع بالديمقراطية الغربية بزمان طويل.
لا يقتصر قاموس فئات الاستحواذ المادي واللامادي التحليلية على ما كانت اوربا -الغرب و ما برحت الرأسمالية بتنويعاتها تصف به نفسها وتاريخها وانما تستقطب تلك الفئات التحليلية تصنيف المخضعين لها فى تراتب ارقى و ادنى. فإذ تصنف الرأسمالية بتنويعها فئات تحليل ومفردات ونظريات واقع وتاريخ وثقافات المخضعين تدليسا-بالنتيجة لا تني الرأسمالية بتنويعاتها تدلس تاريخها ومراحل تطورها هى نفسها بالضرورة بحيث لا يتعين ايقاف تلك الفئات-المفردات-النظريات على اقدامها وانما الاحرى يتيعن قلبها ظاهرا باطنا او-و إلقاء بعضها فى سلة مهملات الفكر والتنظيم غير العلمي-غير الموضوعي. واذ قد يتعين قلب فئات الاستحواذ التحليلية باطنا ظاهرا كالجورب لا اضع معظم فئات تحليل مفردات قاموس اغلب النظريات الغربية حول التغير الاجتماعى بين قوسين استرابة فيها و حسب و انما اموت وبى شئ من اغلب مفردات وفئات تحليل ومعظم النظريات الغربية حتى يتيسر لنا قراءتها من اسفل. و قد كانت معظم فئات التحليل والنظريات الليبرالية وما بعد الليبرالية Post-LiberalPost-Liberalعلى الخصوص والماركسيولوجية بدرجة ما وبالتماس المرتهن خادمة للرأسمالية بتنويعاها تباعا من البرجوازية الصناعية الى الشركات متعددة الجنسيات- البنك الدولى- حلف الاطلنطى- منظمة التجارة العالمية- صندوق النقد الدولى-الكومنولث- المجتمع الدولى- السلام الدولى وآلياتهم من الحكام ورؤساء الجمهوريات الرئاسية الخ فلا معدى من ان يتعين المخضعون ليس فقط على اعادة قراءة فئات تحليل ونظريات الرأسمالية بتنويعهاتها حول نفسها من وجهة نظر المخضعين وانما فئات تحليل واقع وتاريخ المخضعين من الصليبيّات الى الثورة العربية- الأوربية-حركة الخلافة- حركات الاستقلال- الحركات التحريرية وصولا الى "التصنع"-"التحديث"-"الحضرنة"- "الاصلاح الاقتصادى"-"التطبيع"-"النمو"-"اللحاق"-"التنمية"-"تحرير الاقتصاد"- "الاسواق الحرة"-"الخصخصة".
 وإن تكون بعض الفئات التحليلية-المفردات-النظريات الرأسمالية الاصولية تشارف على رفض اى مجادلة فقد لا تقيض براءة بعض تلك الفئات-المفردات-النظريات الرأسمالية من جريرة احتكار الفكر والتنظيم بطغيان غير علمى لا معدى معه من ان تقع بعض الفئات التحليلية-المفردات-النظريات - الممارسات الرأسمالية ما بعد الصناعية على الخصوص- تحت طائلة تدليس التاريخ والواقع- فى افضل الشروط. و ان تقاوم هذه المجادلة ادمان الرياضة الذهنية الاكاديمية-المرتهنة بازعان غياب وتغييب البدائل – فإنها تطمح فى المساهمة فى اعادة قراءة الفئات التحليلية المذكورة اعلاه وادناه تباعا مما كان قد ألف و يؤلف مختبرات تجريب واعادة تجريب استحواز المادى واللامادى -النظرى التنظيمى على الشعوب المقهورة المخضعة لتلك النظريت والمفهومات. و قد قيض ان تؤتى التعريفات البديلة "من اسفل": من وجهة نظر المخضعين لتلك المفاهيم وانماط الانتاح- التشكيلات الاقتصاديّة الاجتماعية Socio-economic formations-وكانت قد استقطبت بلا فكاك فارتهنت بمشاريع الامبرياليات الاربع-فقد يتعين لبدائل تلك المفهومات والشعوب المخضعة لها فكاكا من الارتهان.
وكان قد ترتب فيما ترتب على اعلاء حقوق الفرد انتقائيا وإعلاء شعائرية تعددية حزبية لا تخفى "ان لا بأس بالديمقراطية سوى انها تجعل الناس احرارا". فتجريم الحركات الشعبية ان كرس تخلف المجاميع المنتجة لحساب اقليات فيما ضمر، ان لم يكن قد إنعدم، فكر التغيير الاجتماعى فتخلف البحث فى التخلف وحل مشكلات التخلف لحساب "تقدم" و "نمو" و "تنمية" و" لحاق" اقليات محلية بانداد فوق قوميين. و فيما كرس تخلف المجاميع المنتجة فى العوالم الثالثة والرابعة على الخصوص وتم إنشاء عوالم عصر حجرية فقد عمشت نظريات وبراديجمات "التقدم" و"النمو" و"اللحاق" و "الاصلاح" على تخلف منهجية البحث فى التخلف باصولية غدت معها مجادلة الاخيرة تجديفا.
 
اصولية نظريات التخلف وتخلف المنهجية:
قد تقذف مجادلة الاكاديميا الغربية-الرأسمالية بتنويعاتها ومناهج بحثها ليبرالية وما بعد ليبرالية وماركسيولوجية ومحاولة الانعتاق من محاصرتها إلى ما عداها-الى دائرة الكفران فتشتكل المجادلة بوصفها معادية للغرب اطلاقا. واذ تحاول هذه المجادلة التحديق مباشرة فى عين ميثولوجيا التاريخ الغربى-تاريخ الراسمالية-ومناهج البحث فى الراسمالية-مبرقع كسالومي-لا تعتذر المجادلة عن مواجهة ذلك التاريخ- ومناهجه بما كان قد كال لتاريخ و منهج-غيره من الاقوام المقهورة بتعميش و ابلسة باسم "بشرية" انتقائية ولحساب "تفتح" و "ارتقاء" الغرب-الرأسمالية الصناعية بتنويعاتها خصما على ما عداها مما هو غير غربي بالضرورة- قاعدة انتاج تخلف منهج البحث وفئات تحليل واقعه فتعيد تكريس تخلف واقعه على مر خمسة قرون. فقد أُبهِمَت مفردات ومفهومات ومناهج بحث وبراديجات الراسمالية-المراكمة الشرسة-على مر خمسة قرون-ابهاما متقصدا-وراء مسميات "القوة"-"عبء الرجل الابيض" -النصرنة-"الاكتشافات الجغرافية الكبرى"-"التنوير"-"مبادئ العالم الحر"-"التصنيع"-"التحديث"- "الاصلاح الاقتصادى"-"لتطبيع"- فيفترض ان كل مالا يبارى-مبني للمعلوم-او كل ما لا "يستوعب"-يقاوم ممارسات الرأسمالية-غير طبيعي- شاذ-"الطريق الثالث The Third Way"-او-و "التعددية الحزبية"-حق تقرير المصير-"ما بعد الحداثة" او- و الحداثوية الخ. ترى الرأسمالية ما بعد الصناعية-الطريق الثالث The Third Way-ان ينبغى تحديث كل ما هو قائم - و لا يعرف التحديث و لا ما هو المقصود به. واذ قد يعتقد ان التحديث مفردة تعود الى اعادة هيكلة ٌRe-structuring كل شئ على "الطريقة الثالثية" فقد غدا كل ما هو سابق علي الطريق الثالث The Third Way فى حاجة لان يحدَّث- Should be Modernised وفوق ذلك جميعا تحديث الاحزاب الحاكمة بتنويعاتها بحيث تغدو على افضل تقدير يمين الوسط. و من ثم فقد صار حزب العمال البريطانى-حزب العمال الجديد، متقابلا تقابلا بيِّنا مع حزب العمال القديم واليسار التقليدى-القديم تحديدا اكثر منه مع اليمين الجديد. و تصرف دولة حزب العمال الجديد-الطريق الثالث The Third Way ما يقدر بـ 3.5 ميلون استرلينى سنوايا على الدعاية الانتقائية Selective Briefing لممارسات دولة الطريق البريطانى الثالث المتكاذبة فى الوقت الذى وصلت فيه نسبة الامية بين السكان 14 مليون نسمة اى بواقع حوالى 20% وقد بقيت نسب العطالة بين فئات سكانية تتصل بعد على مر ثلاث اجيال فيما يوجد ما يقدر بـ 620 ألف متشرد Homeless من الشباب[75].
 تجريم الفكر الاشتراكى وابلسة الحركات الشعبية:
يحاول البحث تأمل وتحليل التحديدات الفكرية والتنظيمية التى تمنى بها بعض فصائل المعارضة المنظمة والتلقائية-العفووية-"غير المنظمة"-انتفاضات الفلاحين وبدو الصحراء والبحر والجبل و ثورات الجياع و الخبز والشارع. ان امعان النظر فى تلك الظواهر قد يقيض افتراض ان الاخيرة قد لا تمنى بما كانت نظائرها السابقة على الطبقات-من الثورات الشعبية التى تعمر تاريخ المنطقة قد منيت به على مر الاف السنين وحسب وانما تمنى "ثورات" اكثر "تنظيما" نسبيا كان قد تم استعداؤها-كالثورات المخملية- بمصير مشابه. فهل يبقى من فكر وتنظيم تغير اجتماعى لحساب اغلبية مجاميع الاعداد المتراكمة لمن لا وجوه لهم سوى الحصار؟ و هل هناك ثمة بديل لعنف الثورة المضادة المكوننة سوى عنف مكافئ حتى لو كان عنفا "اليكترونيا"؟ وأجادل ان الاطاحة بالنظم والفكر والتنظيم الاشتراكى بصورة دائمة أو مؤقتة حسبما ترى (ن) وبالاقتصاد المخطط مركزيا-القطاع العام-والبرامج اشتراكية التوزيع تباعا كان قد خلق عالما شديد الفوضى والخطر على الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة اذ راحت انتفاضات شعبية وحركات احتجاج على الكوننة تطل برأسها فى كل مكان [76]. ذلك انه ان كان اسقاط الاشتراكية قد بشر بعالم ما بعد طبقى او فوق الطبقات "ما بعد أيديولوجى" أو يعتقد انه يتجاوز الايديولوجيات-متجانس فكريا وتنظيميا وتراتبيا لا يتهدده خطر الشيوعية- فان سقوط المنظومة الاشتراكية وكوننة الغنى والفقر كان قمين بان يخلق مناطق رفاهية و أمن ومناطق افقار متعاظم تهدد بمخاطر وبحروب أهلية وانتفاضات شعبية  الخ.  واجادل بأن تنويعات أسباب مجددة لاحتجاج كانت حرية بان نشأت بين مجاميع متزايدة على الاحباط وعلى تحلل مجتمعات بكاملها الى مجتمعات الجمع والالتقاط فيما لم يعد ثمة ما يجمع أو يلتقط.
 و قد كانت قد تمت غواية كل من حركة تضامن Solidarity البولندية فى السبعينات و الجلاستنوت و البيروستريكا السوفيتية فى منتصف الثمانينيات وثورات الجمهوريات الاشتركية المخملية في نهاية الثمانينات وتحريض ما سمى وقتها ب "الديمقراطيات الجديدة" على الثورة بشعار حقوق الانسان و طقسية التعددية الحزبية Ceremonial Multi-Partism اجادل ان شعار حقوق الانسان وشعائرية التعددية الحزبية لم يكن مقصود بهما حقوقا جمعية اقتصادية تنظيمية ولا كان مقصود بها كافة العوالم الثالثة والرابعة والعصر الحجرى. فزيادة على خيانة الولايات المتحدة-غير المعلنة- لمبادئ حقوق الانسان فان الولايات المتحدة تنسحب فى مواجهة ضرورة تطبيق حقوق الانسان فى الولايات المتحدة نفسها-اذ لم توقع الولايات المتحدة على وثيقةحقوق الانسان فتطبق حقوق الانسان ان طبقتها بصورة انتقائية- فىافضل الشروط- ولا ترفع اصبعا ان لم يناسبها ان ترفع اصبعا ان انتهكت حقوق الانسان او استهتر بالتعددية الحزبية فى مجتمعات بعينها.
و تنقلب وصفة" الديمقراطية السياسية مفرغة المحتوى-فى ما لا يزيد عن شعائرية تعددية حزبية- فترتد الى نحر المجتمع الامريكى-الامة الامريكية-مرة اخرى. اذ لا تريد الولايات المتحدة ان تفرض تلك الوصفة مفرغة المحتوى على امريكا الجنوبية-مثلا-فى تشريد ملايين العمال الموسميين فيدفع بهم للهجرة غير المشروعة الى الولايات المتحدة بتواطؤ ومساعدة المزارعين الامريكان فى مواسم حصاد البطاطا والبرتقال والبطيخ وغيرها من المحاصيل. ويقدر عدد المهاجرين من كولومبيا مثلا باكثر من 3 ملايين عامل موسمي كوظيفة لحالة عدم الاستقرار الاقتصادى والإفقار المتزايد والحرب المتصلة بين الغواريين والحكومة الكولومبية. ويتصل الحوار وينقطع بين الجبهة المسلحة للثورة الكولومبية( فارك) Fronte Revolutionaria Columbiana-FARK والحكومة باشراف وسمسرة الولايات المتحدة لا تني مشكلات كولومبيا من تجارة المخدرات والاستقطاب العنيف بين الافقار والغنى، زيادة على عدم الاستقرار، "ترتد" و"تندلق" على عتبة الولايات المتحدة من جراء تلك الوصفة.
 ذلك ان " بارونات" او اباطرة المخدرات يغرقون الاسواق الامريكية و الأوربية على نحو يبدو ان سلطات مكافحة المخدرات الأوربية الامريكية اصحبت تقف شبه عاجزة ازاءها. هذا فيما انتشرت ظاهرة الفساد بين بعض الساسة ورجال الامن الموكول لهم مكافحة المخدرات. و قد بلغت كمية المخدرات المصدرة من امريكا الوسطى وشمال امريكا الجنوبية ما قدر بـ 600 الف طن مترى فى صيف 1999 قدرت قيمتها بـ 90 مليار دولار. و يدور ما يقدر بـ 700 مليار دولار حول العالم، اى ما يعادل 16% من مجموع الناتج القومي الاجمالي فى العالم، فيما يسمى بالاموال المغسولة Laundered Money. و قد لا تملك الشركات المشروعة نشر اموالها حول العالم بينما تملك الاموال المشبوهة إمكانيّة الانتشار فى العالم في شكل ذهب ومضاربات وتجارة مخدرات وغسل اموال. و يمكن ايداع الاموال وسحبها بلا وثائق بصورة مشروعة فى ولاية ايوا على نحو يفوق مخاوف امريكا مجتمعة فى المصارف المالية المشبوهة. وتؤلف حركة الاموال المغسولة بعدا من رأس المال الهارب Flight Capital- فقد تعتبر تلك الرساميل مشروعة وتجد المصارف الاوربية و الامريكية التى" تستضيفها" صعوبة فى ضبطها. وفيما تمول تجارة المخدرات حركات تحرير كولومبيا المسلحة التى تسيطر على ثلثى كلومبيا فان الحكومة "الديمقراطية" التى تدعمها الولايات المتحدة تجد نفسها فى حالة حصار لا تنجدها منه الاستخبارت الامريكية ولا الوجود العسكرى الامريكى فى كولومبيا بصورة متصلة من ناحية. و من ناحية اخرى تصرف الولايات المتحدة مبالغ طائلة وعلى نحو مستمر ايضا فى محاولة مساندة الحكومة الحالية فى مواجهة خطر سقوط كولومبيا فى ايدى الثوار.
اي ان الديمقراطية السياسية وحدها بدون الديمقراطية الاقتصادية ما كانت وليس مقيضا لها ان تقدم وصفة ناجعة لدرء تهديد، وحماية أمن، مصالح الولايات المتحدة مما قد يرجع بدوره الى قانون "الفوضى والسيطرة المعلوماتية". وقد تعنيت الولايات المتحدة الى ذلك على هجمات متعاقبة منظمة من الثورات المضادة محليا وعالميا على كل من الحركات المطلبية الفئوية المنظمة والحركات الشعبية فى كل مكان منذ نهاية القرن التاسع عشر. فقد كانت الولايات المتحدة قد اختبرت تنويعات الفوضى والحركات الانفصالية بعد نهاية الحرب الاهلية. و كانت الفوضى انتشرت فى الغرب الامريكي مما اكسبه وصمة " الغرب المتوحش" Wild West. و كانت هناك عصابات تصول وتجول فى غياب ومع انهار سلطة القانون فراحت تلك العصابات تمسك القانون بيدها وتوقع العقاب على غرمائها وتنهب البنوك وتطلق سراح المجرمين فاشاعت الرعب. و قد اسقطت السلطة الوليدة على كل من يعارضها أو حتى ينتقد سياساتها وصمة التخريب والارهاب بالتحريض. وراحت السلطة الامريكية تصم الحركات العمالية من بعد بالارهاب وادانت قياداتها بالتحريض.
وقد راحت الولايات المتحدة تصدر عن تراثها هى ذى الخصوصية التاريخية والثقافية المعينة وعن فولكلور وذاكرة المهاجرين لشعبية فى الاوطان الام قبل الهجرة الى العالم الجديد. وقد تمثل ذلك الارث فى ميل الولايات المتحدة الى احباط الثورات الشعبية من الثورة الفنيزويلية و ثورات شعوب امريكا اللاتنية تباعا ومحاربة الشيوعية فى كل ما يتمثل من نقد للسلطة الامريكية وكل ما يتمثل وكأنه انتفاض للانظمة التى توالي الولايات المتحدة او تلك التى تنافسها فى مناطق نفوذها  واى احتجاج على سياسات امريكا الخارجية. و كانت المكارثيات الاربع قد قننت ممارسات القمع ضد الحركات الشعبية فى كل مكان من الانقلابات العسكريةعلى حكومات العالم الثالث المدنية غب الاستقلال السياسي فى الخمسينات والستنيات تباعا وفي اوربا الغربية بتدخل الاستخبارات المركزية الامريكية النشط. وقد راحت الولايات المتحدة تصدر ثورات مضادة على من يختلف معها ابان الحرب الباردة فى الستينات وباسم "التحديث" فى السبعينات و باسم دقرطة المنظومة الاشتراكية فى الثمانينات والتسعينات مما اعرض له تباعا ناهيك عن تأجيج الحروب الاهلية او-و العالمية الممحللة Localised international wars.
هل الحروب و التوسع الافقى و الرأسى مترادفات؟
كان الغرب/البرجوازية الصناعية قد وعدت نفسها بالا تشعل حربا عالمية ثالثة. سوى ان الغرب/ الرأسمالية ما بعد الصناعية اشعلت ما يقدر بحوالى 393 حرب عالمية ممحللة Localised و اكثر من 3,880 حالة شدة لحساب قوى الرأسمالية ما بعد الصناعية-كمثل حرب الخليج الاولى والثانية و حروب يوغسلافيا السابقة و غيرها من الحروب الممحللة على ارض غير ارضها وخصما على غيرها. و يتكبد الغرب ضحايا تذكر او تنسى ولا يدفع ثمن دفعه تلك الحروب وانما يدفعه غير الغرب. وقد أدى تفاقم تلك الحروب وشدة الاتلاف المبين للارض وما عليها إلى تكريس الافقار و مفاقمة الاستعباد. و تجبر الاطراف المتحاربة بالوكالة عن الرأسمالية ما بعد الصناعية على التسلح حتى الاتلاف خصما على انتاج الحياة فتقضي تعويضات الحرب والتأمين على ارواح وصحة قوات "الحفاء" من جنود امريكا وبريطانيا وغيرها على ما قد يتبقى للمتحاريين بالوكالة[77]. و كان التسلح والحرب دائما وسلية للقضاء على اضعف اطراف القتال و افلاس دولهم.
 
 
و قد خرجت الخلافة العثمانية مدينة فافلست وأجبرت دول المحور-المانيا وايطاليا والنمسا على دفع تعويضات مدمرة لفرنسا وغيرها. وقد ادت الحرب العالمية الثانية الى القضاء على المانيا و الخلافة الاسلامية-تركيا و تصفيتهما فيما حولت اليابان الى مجرة فى فلك الرأسمالية ما بعد الصناعية. و اذ دمرت حرب الخليج الاولى اكبر واقوى و اغنى دولتين فى منطقة الخليج فقد جمدت اموال ايران. وقد خرجت السعودية والكويت مدينتان للولايات المتحدة بعد حرب الخليج الثانية.
و لا تكتفى الرأسمالية الصناعية بالتحريض على وخلق اسباب الصراع الاقليمى فتبيع السلاح للاطراف المتواجهة ولا من جراء الحرب نفسها و حسب. بل ما تلبث الرأسمالية الصناعية ان تسارع الى مناطق الخراب الذى تسببت فيه الحرب فتتدافع وتتنافس الشركات الغربية على عقود اعادة تعمير مناطق الخراب. وغالبا ما يكون خلق التوتر فالحروب وظيفة اجندة الاستحواذ على مقدرات بعينها او-و ضمان احتكار مقدرات وسلع استراتيجية بعينها. فلو كان الجزر هو صادر الكويت الاساسى لما قامت حرب الخليج الثانية. وقد لا تراكم الدول الصناعية بيع السلاح وخلق التوتر فاستخدام السلاح ودمار المتحاربين فكيف تتأتى كل تلك الثروات؟ من الجدير بالذكر ان صناعة تجارة السلاح تؤلف نسبا عالية من الناتج القومى الاجمالى للدول الصناعية. هذا وفيما اصبحت الاسلحة الحديثة عارمة التدمير فان التدمير الذى جاءت به الاسلحة المستخدمة فى الحروب الصليبية لا يعادل الدمار الذى احدثته ما تحدثه شظية سلاح عصرى فى ثوان. و تخترع الرأسمالية الاسلحة المدمرة من القنبلة الذرية التى تقضي على الارض وما عليها ثم القنبلة الهيدروجينية التى تقضىعلى البشر وتبقى على العقار ثم القنبلة الاثنية التى تقضي على السود والملونين وتبقي على البيض.
ذلك ان اسلحة دمار غير مسبوقة اخذت "تقزم" اهوال الحروب والممارسات العنيفة السابقة فيما اخذت الاسلحة العصريةعالية التقنية تستهدف المدنيين العزل انتقائيا. فزيادة على ضحايا الاكتشافات والفتوحات والحروب الاستعمارية فقد راح ضحية اعادة فتح السودان اكثر من 200 الف انصارى-انصار المهدى- فى عصرية واحدة من يناير 1898 ولقي اكثر من 700 الف مدني بينهم 26 الف طفل وامرأة حتفهم فى معسكرات الاعتقال ابان حرب البوير فى نهاية 1902. وقد بلغ عدد ضحايا الحروب الغربية الرأسمالية ملايين من المدنيين العزل. فاذ راح 13 مليون روسى ضحية الحرب الالمانية -الروسية ابان الحرب العالمية الثانية فقد كان 90% منهم مدنيين عزل. وعلى الرغم من ان اليابان كانت قد هزمت بالفعل فقد اصرت الولايات المتحدة على إلقاء قنابلها الذرية غير المجربة من قبل على المدنيين فى هيرشيما وناجازاكى فيما ابيدت مدن نتيجة للمقاومة الشعبية المدنية : دريزين Dresden - ستالينجراد- بورسعيد.من بعدهما.
 وتشعل الحروب ضد الشعوب فيتجدد الدم فى شرايين الحاكم المفرد المطلق- رئيس الجمهورية الرئاسية Presidential Republic فيبقى ونظامه منيعان فان بقاء الطاغية فى السلطة وتكريس سلطته وظيفة الحروب العالمية الممحللة والحروب الاهلية-معلنة او غير معلنة. و ازعم ان الحروب المعلنة على "الطغاة" والديكتاتوريين تضع المعارضات فى محنة الخيار بين خندقين كليهما باطل. فان وقفت المعارضة مع الغزاة باسم "تحرير" الشعب تجد نفسها فى خندق ما يشارف الوقوف الى جانب الطاغية والعكس صحيح. فقد انتشرت خطابات واجندة لا تترك خيارا سوى خندقي الباطل منذ سلمان رشدى وحربي الخليج وصولا الى الحرب على الارهاب. و تمنى المعارضات بالتشرزم فى كل مكان مجددا مما لا يتمثل فى المجتمعات المفقرة و شبه المفقرة وحسب وانما فى المجتمعات الغنية كما فى العراق والجزائر والسودان واليمن ومصر والمغرب ونيجيريا واندونيسيا والفليبين وكثير من الدولة الامريكية الجنوبية والصرب وروسيا والولايات المتحدة- انقاذ المختطفين الامريكان فى ايران والكونترا واحتلال جرانادا وقصف افعانستان والسودان الخ و بريطانيا-الفولكلاند و حرب الخليج الثانية وكوسوفو و ضرب العراق مجددا غب الثلاثاء 9 نوفمبر2001 تحت راية العدالة المتناهية والصقر النبيل الخ.
تدويل المشكلات القومية و تنويعات الاستعمار المجدد:
فيما تدول المشكلات الاقليمية وعمليات فك اشتباك جانبي الحروب الاهلية لا تجد الامم المتحدة سبيلا الى لعب دور حاسم فى الساحة فيما يقع العبء على القوات المسلحة القومية والدول القومية صاحبة المصالح فى المنطقة المعينة. فتقوم تلك الدول صاحبة المصلحة بما تخفق فيه الامم المتحدة مثل القوات المسلحة الاسترالية فى تيمور الشرقية و البريطانية فى سيراليون والقوات او-و قوات المترتزقة فى افريقيا مما غدا دوره مسوغا طالما ان رأس الدولة الشرعي وراء طلب الشركات الخاصة للمرتزقة مثل ساند لاين Sand Line. على انه من الجدير بالملاحظة ان التدخل فى المشكلات الداخلية للدول يبرر باسم حل المشكلات المستعصية او-وفك اشتباك جانبى الصراع او الحرب الاهلية من اجل "الحفاظ على استقلال الدول القومية" لا تخاطب الاطراف الخارجية المتدخلة فى الصراع المدنيين موضوع الشدة ولا تخاطب الشعوب موضوع الشدة اى الشعوب التى يتم التدخل فى شئونها و باسمها و انما تخاطب مواطني الدول المتدخلة و برلماناتها و الرأى العالم العالمى من اجل تمرير خطابها هى و اجندتها بحجة ان تلك الحروب غير قابلة للتنبؤ باتجاهاتها و نتائجها.
 و قد تجأر الدول المتدخلة فى شئون تلك الشعوب المستلبة اولا و اخيرا ولا يتم التدخل لتفادى نشوب الصراع و انما يتم بعد تفجره وتعقده رغم ان التدخل الاول اقل ثمنا على كل مستوى سواء من حيث الضحايا من المدنيين او-و اقتصدايا او ماديا. فقد راح ضحية الحروب الاهلية فى العشر سنوات الاخيرة 5 مليون مدني و قطعت اطراف ملايين اخرى عنوة اما لاشاعة الارهاب او-و نتيجة للالغام-اذ تستهدف الحروب المدنيين. وقد لا يكلف تفادي حدوث المشكلة أصلا كما فى كوسوفو مثلا ضحايا مدنيين او غير مدنيين و ما لايزيد على 8 مليار فقد كلفت الحرب واعادة الانشاء والتعمير ما يربو على 30 مليار دولار[78].
1-هل ثمة علاقة طردية بين خصخصة الاقتصاد و الحرب و المرتزقة؟
و قد تتصل الحروب الاهاية و مناطق الشدة بنقص الموارد والصراع على الموارد يفاقم شرط الشدة بسقوط اسعار المحاصيل و انخفاض الطلب على المحاصيل بصورة دورية او-و نتيجة اختراع محاصيل بديلة. وأدى فرض خصخصة الاقتصاد من ناحية ومخاطر تناقص الموارد من ناحية أخرى إلى انتقاء شرط الاقتصاد الخاص واستتباب السلام معا. ان سقوط اسعار المحاصيل او-و الطلب على المحاصيل فى السوق العالمى حريّ بان يخلق مناخ شدة غالبا ما يؤدى الى الحرب. وقد انخفض انتاج الكاكاو من مائة ألف طن سنويا الى 60 الف، وأدى ذلك الى ان استشرت التجارة السوداء فى الكاكاو حتى بلغت 20 مليون دولار فى 1999 من ناحية فى نفس الوقت الذى انتشرت فى ساحل العاج ظاهرة اختطاف الاطفال من كل مكان بما فى ذلك الدول المجاورة ثم تشغيلهم كعبيد على قطاعات زراعة الكاكاو فى ساحل العاج من ناحية اخرى مما راح يهدد بحروب بين ساحل العاج و المجتمعات المجاورة او بين الاثنيات داخل المجتمعات كمثل ما حدث بالنسبة لرواندا. فاذ انخفض سعر البن عام 1994 بسبب السوق العالمى ارتفع احتمال انخراط اعداد متزايدة فى صفوف متحاربين فجرت العداوات القديمة بينهم بيسر مرة و مرة اخرى بغواية الارتزاق بالحرب من ناحية. ومن ناحية اخرى ان اردت خلق اقتصاد خاص فان استخدام قوات خاصة يعود فيخلق عبئا على قطاع عام متدهور مما قد يدفع الى اعادة توسيع دائرة مسئولية وانفاق القطاع العام. ويجادل المدافعون عن دور المرتزقة بان المرتزقة يقومون بحماية الدولة وبالتالى فان مشروعية دورهم فى حماية الدولة من شأنه ان يكسبهم مشروعية-دولية-فى نفس الوقت الذى تطرح فيه مسألة سيادة و مشروعية الدولة القومية مرة اخرى كقضية ما برحت غير محسومة فى سياق كوننة القرار الاقتصادى.
2-القوات المسلحة والمرتزقة و المجتمع المدنى:
وإذ لا يستشار الذين اضيروا بالحرب فى الحل ولا فى اقرار السلام اللاحق للحرب فان ما يترتب على الحرب من خراب عام وخراب المؤسسات الاهلية يطرح فراغاً تملؤه جهات مختلفة اخرها الجهة الاهلية المعنية بقيام تلك المؤسسات. وقد لا ينفع كثيرا وجود ما يسمى بالمنظمات الحكومية فى ملء الفراغ المذكور. وغالباً ما تخفق معظم المنظمات غير الحكومية والاهلية غب الحرب فى القيام باعادة الحياة المدنية ومؤسساتها الى عاديتها الاولى الى الحفاظ على الامن والنظام و البناء والتعمير فتقوم القوات المسلحة مثل K Four فى كسوفو مثلا بكل من بناء الطرق و المدارس و المنشآت و قوات الامن فيما قد يتعين عليها الى ذلك رعاية او تيسير عمليات قيام ما يسمى بالمجتمع المدنى و تبنى ما يسمى الان بـ "الطبقة السياسية" على ان تكون الاخيرة "معتدلة". و قد لا يختلف مثل ذلك المشروع مهما كانت دوافعه المعلنة عن تيسير علميات "الاستقلال" السياسي غب ما يسمى بـ "تصفية" الاستعمار الكلاسيكى ابان الستينيات.
و ربما جاز القول بان اشعال الحروب العالمية الممحللة يخدم حكام الدول الغنية على نحو مشابه فيما لا يقل شعب اغنى دولة فى العالم-الشعب الامريكى-فيما يتصل بالقرارات التى تتؤخذ باسمه ونيابة عنه فى الوقت الذى يتميز فيه الشعب الامريكي بغفلة خطيرة حول القضايا الكبرى و مكونات السياسة الخارجية الامريكية على نحو مقلق حيث يعزل الشعب الامريكى عزلا مخيفا داخل قارة تنطوي على نفسها اما صلافة او-و كوظيفة للتعميش على العالم خارج الولايات المتحدة وعلى ما يدور فى العالم بوصفه شيئا لا يعنى الشعب الامريكى[79]. وتتمأسس الرأسمالية ما بعد الصناعية فيما تتمأسس منذ نهاية القرن التاسع عشر ولا تني تتمأسس على النهب فى شكل الاموال المغسولة والخصخصة المتقهرة لشروط صندوق النقد الدولى الخ و على علاقات العمل العبودي-فى التعامل التجاري-الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين والمكسيك-على الاقل-وانما على دقرطة مناخ وشروط حركة الرساميل المالية والخدمية فى نفس الوقت الذى ترفع الاسوار عالية فى وجه حركة البشرالمفقرين فى كل مكان[80].
الغزو وتنويعات المراكمة الراسمالية:
اجادل تباعا ان المراكمة الرأسمالية بتنويعاتها ما كانت تقيض سوى بالغزو و النهب والسلب مما اعرض له تباعا. و افترض انه ما كان ليقيض للاقطاع الشمال غرب اوربى "النشوء" نحو الرأسمالية بتنويعاتها و الاخيرة "الارتقاء" صاعدا تباعا سوى بالحروب المحلية و الاوربية انتهاءا بحروب القرن السابع عشر حتى القرن العشرين. و ان الحروب العالمية الممحللة Localised international wars ليست سوى امتداد للغزو فالنهب تحت مسميات متكاذبة معمشة. فأعرِّف تنويعات المراكمة الرأسمالية بالامبرياليات الاربع بوصف ان انماط الانتاج Mode of production الرأسمالي-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations-كانت قد افرزت-منذ ما يسمى ب "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" تنويعات افقية و رأسية.
و اجادل ان نمط الانتاج Mode of production الاقطاعي الغربي الذى كرس خلال اكثر من 8 قرون ما كان له ان ينشأ صاعدا نحو الرأسمالية التجارية و الميركانتالية سوى بغنائم الصليبية الرابعة فى 1204 و ما تلاها بالنهب والسلب. فقد ألف سلب المساجد و الكنائس العربية ونهب الاثار والثروات ابان الصليبية الرابعة على قسطنطينة-اسطنبول ثروات عظيمة لممولي الحرب من النبلاء و الامراء و الملوك و التجار على الخصوص مما يعمر به الادب الاوربى الغربى. وكانت الدول الاوربية الشمالية قد استدانت من امارة البندقية رساميل لتمويل سفن و جيوش باسم الصليبية الرابعة الا ان الصليبية الرابعة لم تكن سوى حملة لنهب اسطانبول. و قد كانت الحروب الصليبية قد عادت على اوربا مثلها كمثل حملات القرصنة المنظمة-بمقدارت و ثروات و ثقافات عظيمة منذ القرن الحادى عشر-فان الثروة السابقة على الاكتشافات الكبرى كانت قد روكمت بتمويل التجار و الامراء والنبلاء والملوك المغامرين فى حملات القرصنة.
لقد دعم التجار والملوك و مولوا الحروب الصليبية فقد ساند الملوك ورجال الدين والامراء المغارمين. وكان بعض رجال الدين والامراء يقودون حملات النهب والقرصنة بوصف ان الحرب و الغزو و القرصنة المعلنة و المتسترة وراء مسميات ملفقة–كعهدها-كانت تعميرا لارض الله واستثمارا رأسماليا تجاريا وفير الربح فحلال على المؤمنين من ناحية كما كانت الحرب على الوثنيين ثوابا عند الله من ناحية اخرى، و كانت ولاءً للعرش من ناحية ثالثة. فقد كانت اى عقيدة سوى عقيدة الملك كفرا و خيانة تتربص بالعرش و الكنيسة الدوائر. و كان الغزو و الحرب الى ذلك دليل ابداع التوسع فى الارض نشرا لـ"الحضارة" مرة و بـ "حق الفتح" Right of Conquest فقد كان التوسع الارضي رسالة مسيحية ثم غدا عقلانيّاً مستنيراً[81]. وازعم ان "حق الفتح" بهذا الوصف تنويعة على ما اعرِّفه بنمط اللا انتاج الاعرابى الاستثنائى. و كنت تأملت هذا المفهوم طويلا فعرفته فى دراسة من ثلاثة أجزاء بعنوان :"قاموس الاستحواذ: مفاهيم وفئات تحليلية أولية لقاموس الاستحواذ المادي واللا مادى و ارتهان البدائل بتنويعاتها".
المهم انه ان كانت الحروب الاوربية منذ الحروب الدينية عبورا بحملات النهب والربح وبعولمة المراكمة بين اوربا ونفسها فقد كانت معظم حروب القرن السابع عشر حروبا بين القوى الاوربية الكبرى اما على العروش او على وراثة او خلافة الامبراطورية الرومانية المقدسة الى ان ورثت الامبراطوية النمساوية الامبراطورية الرومانية واحتفطت بذلك الادعاء حتى نهاية الحرب العالمية الاولى. واذ غدت الحروب التالية حروبا فيما بين الدول الاوربية على الموانئ التجارية مع الخلافة الاسلامية وعلى المحطات الخارجية الاستعمارية فى شبه القارة الهندية و غيرها و على مزيد من التوسعات تحولت الحرب الى آلية سيطرة عنيفة على ماهو غير اوربي بالتقاسم والتواطؤ الاوربي. فاذا تجاوزنا الحروب الدينية فى القرن السابع عشر فان الصراعات الاسراتية Dynasty الانجليزية وحدها بين ال او بيت لانكستر House of Lancaster و ال يورك House of York التى اتصلت عشرين عاما حول الوراثة والتاج فى القرن الخامس عشر ما بين اعوام 1455-1483.
و قد اندلعت احدى عشر حربا أهلية فى انجلترا اطلق عليها حروب الورد او الوردتين Wars of Roses - الحمراء لبيت لانكستر و البيضاء لال او بيت يورك[82] و كل منهما يدعى الاحقية فى العرش. فقد كان كل من آل او بيت لانكستر و آل يورك يدعى احقية فى العرش اى فى السلطة الالهية بقوى سلاح و اعوان و جيوش كل منهما ليس الا . و لما كانت سلطة التاج الهية فقد كان عصيانها امر يشارف الكفران فغدت الحروب الوراثية حروبا دينية. و قد الحق معظم المؤرخين والكتاب-نفاقا فى السلطة القائمة وخشية من بطشها وعلى رأسهم شكسبير-متكاذبين-مفهومات مفادها ان العصيان عمل ناب شاذ وينبغى ان يقابل باشد العقاب. ففى حين كان شكسبير مثلا كاثوليكي من العصاة المنظمين ضد السلطة القائمة وكان عضوا فى جماعة كانت تتآمر علي اليزابيث الاولى الا انه اضطر الى التخفي وراء تصريحات لا يؤمن هو بها تسترا على نشاطه السياسى. وحين ورثت معظم شرائح الارستقراطية الكلاسيكية وشرائح السلطة الاقطاعية التقليدية الدولة مجددا اعادت كتابة تاريخها وكتابة تاريخ تلك الفترة. فعلى الرغم من ان الرعايا المقصودين كانوا من الارستقراطية وشرائح السلطة الحاكمة فى صراعاتها الدورية الدائمة حول السلطة فقد وصم العامة او الدهماء بالعنف فاسقطت السلطة التقليدية صفات كالعصيان والتمرد والعنف والعنف الغوغائي على تلك الحروب. و مع ان الحروب الاهلية لم تتعدى اى منها فى الواقع اشهرا معدودة الا ان الارستقراطية كانت قد تكبدت خلالها خسائر كبيرة فى ارواح تلك الطبقة زيادة على الخسائر المادية مما ترك لدى تلك الطبقة والطبقات الحاكمة عموما ذكرى فظائع الحرب بحيث استقر الفزع من اى شكل للعنف فى التعبير او ما قد يشبه العصيان او التمرد او الحروب الاهلية فى عقول الطبقات الحاكمة من بعد مما ترتب عليه فيما يبدو ان نذرت البرجوازية الصناعية الا يتكرر مرة اخرى. فان اعتور السلطة البرجوازية خور ماثل ازاء العمال ابان الثلاثينات استدعت البرجوزاية هاجس تركة ممثلجة متوهمة مع "العامة" فعادالذعر منهم ينتابها مجددا.
 الا انه اذ لم تأت الحرب والغزو الخ بالقرصنة بالربح والغنائم و حسب و التنافس عليها فقد ترتب على الغزو انه كلما تزايدت غنائم طرف كلما تناقصت حصة اخر منها. فقد يسلب الغرماء نصيب جانب فى النهب بالتوسع، والتوسع كلما تزايدت قدرتهم على التوسع فالانتصار على غرمائهم فالنهب خصما على فرص انتصار الغرماء مستقبلا وهكذا فى علاقة جدلية بين التوسع فالمراكمة ومزيد من التوسع فالمراكمة و هكذا. و كانت الاستثمارات قد وفرت ما يسمى ب " الاكتشافات الجغرافية الكبرى" بمساندة وتمويل أصحاب المال من الفارين من الاندلس غب سقوط غرناطة من ناحية وبمساهمة الملوك والامراء المغامرين و القراصنة النشطة فيما يسمى بـ" شركات الهند الغربية" فلم يقيض سقوط التجارة فى ايدى المغامرين والقراصنة و انما قيض استيلاء القراصنة الانجلو ساكسون على تجارة نظائرهم الهولنديين اعتبارا من نهاية القرن الثامن عشر. فقد راحت انجلترا ترسل قوات مغامرين مثل الاخوة ويلزلي Wellesley- وكان ارثر أصغرهما غدا دوق ويلنجتون Duke of Wellington واحد من اهم ابطال الانجليز- للاستيلاء على الولايات و الامارات الهندية واحدة تلو الاخرى. و قد كانت الرتب العسكرية تشترى فقد كان كل فاشل يشتري رتبة فى الجيش ليحقق مجدا عسكريا فيرقى فى صفوف الجيش و يعتبر بطلا قوميا مثل وينجتون و غردون و كتشنر و نيلسون و غيرهم.
و كانت فرص المراكمة البدائية والثروة من المعادن النفيسة تتسع فى مغامرات فيما وراء البحار بفتح او-و اكتشاف او الاستيلاء على مناطق لحساب انجلترا. كان القراصنة الهولنديون قد سبقوا غيرهم منذ نهاية القرن السادس عشر فى عمليات القرصنة الاوربية فيما وراء البحار الشرقية فاستقروا عند شواطئ شبه القارة الهندية-جافا وغيرها من الجزر جنوب شرقى اسيا قبل ان يأخذ نظائرهم الانجليز فى تحديهم و مغالبتهم فالانتصار على "الشركات" الهولدنية و تمت تصفيها لصالح الانجليز. و كانت الملكة اليزابيث الاولى قد مولت حملة مرتزقة انجليز لتصفية شركة الهند الهولندية على اساس المناصفة بين المرتزقة والعرش تحديا للهولنديين. وقد استولت قوات المرتزقة البريطانية على معظم موانئ شبه القارة الهندية فى 1600 باسم العرش. وقامت اهم القلاع التجارية فى كلكتا فى 1770. ثم استولت بريطانيا ب " شركات-او فابريكات Factories الهند الشرقية" على شبه القارة الهندية فى 1857 و ما حواليها وعلى الموانئ الصينية تباعا بعد سحق التمرد الهندي فى 1957-8.
لقد كان ثمة اكثر من نصف مليون مسلح هندى فى العشرينات من القرن التاسع عشر جيوشا فى الممالك والسلطنات الممتدة من بيهار الى البنجاب و كان قوام التمرد جيش السيخ و قد دربه المرتزقة الفرنسيون. و قد حاول الانجليز اشاعة سياسة سلمية بين الهنود و لم ينفك التبشير الإنجيلي أن انتشر بين الهنود و سكان بورما وغيرهم من الاسيويين فى امتدادات انجلترا وقد أزعج المبشرون الإنجليز تسلح الهنود مسلمين و هندوس و اثار امتعاضهم تحريم المسلمين للخنزير و الهندوس للبقرة و غيرها من المعتقدات الغريبة على المسيحية الغربية فراح المبشرون و المغامرون الانجليز يهينون الهنود المجندين فى صفوف شركات الهند الشرقية مسلمين وهندوس جراء كل من عقيدتهم واثنيتهم. و فيما كانت اوربا متورطة فى الحروب النابليونية فى 1856 و قد اتصلت 20 عاما قام التمرد الهندى فى 1857-8 و كانت غايته اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل الاطاحة بملوك المغول وملكاتهم وسلاطينهم السابقين سوى ان التمرد سحق و انتهت شركات الهند الغربية و قضى على تلك الممالك و السلطنات حيث باتت الهند مستعمرة انجليزية. الا ان معظم من عمل بالهند اختار البقاء فى الهند و لم ترق له العودة بعد أن قيضت له الهند الترقي و غدا بعضهم أصحاب ثروة و جاه و خدم و حشم. وقد غدا من كان محض عامل بريد او موظف صغير فى السكك الحديدية أو مستشار مخاتل لدى بعض الملوك والأمراء سيد القوم بين السكان الاصليين و صاحب لقب ارستقراطى نبيل و حسيب و نسيب للأرستقراطية في بريطانيا [83].
و كانت عمليات الاجتياح تتخذ طابع التحايل لافتعال قتال فمعارك ينتصر فيها الانجليز بوصفهم اولا مستعدين للقتال و قد بيتوا النية ورتبوا مسبقا توقيت القتال ولتفوق سلاح الانجليز على سلاح الامراء و الملوك و الحكام فى تلك المناطق مما كان له دور هام فى هزيمة الاخيرين. فقد هزم ارثر ويلزلى-الذى صار دوق ويلنجتون-مثلا الحاكم الهندى تيبو صاحب Tippoo Sahib و نصب نفسه هو حاكما على سيرنجاباتيم. فان لأبلى المغامر الصغير بلاء حسنا و صنع مجدا و ثروة بالاستيلاء على ولايات الجنوب الغربى ثم عاد الى انجلترا و منح وسام الفروسية[84]. و كان الاستعمار يعمل على خديعة و اغراء حكام الولايات بالديون مثلما حدث للبنغال بوصفهما وسائل مجربة. فيغوي بعض الحكام بحياة اسراف و مجون و يرحل الى انجلترا حيث يحاط بالمحتالين وهكذا استعمرت انجلترا شبه القارة الهندية، وبنهب و سلب ومراكمة ثروات من شبه القارة راحت بريطانيا تتحول الى اكبر امبراطوية تباعا اذ قيض لها الاستحواذ على مقدرات وفائض انتاج ما يعادل حجم الجزر البريطانية 120 مرة.
و قد تسارعت عمليات الاستيلاء الاوربى الغربى على مناطق متزايدة فقد قيض سقوط اساطيل وموانئ واساطيل تجارة الخلافة الاسلامية تباعا للبرتغاليين منذ القرن الخامس عشر وقيض استيلاء الانجلو ساكسون اكثر من غيرهم علي تلك الموانى من بعد وصولا الى تصفية التجارة الاسلامية نهائيا باجتياح الخلافة العثمانية فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر. وكان الاستيلاء على الموانئ الصينية قد قيض بعمليات مماثلة لما تم فى شبه القارة الهندية بالاحتيال و الابتزاز و بافتعال المعارك باسم التجارة الحرة فالاستيلاء على الموانى الصينية. و كانت حربا الافيون فى 1839-42 و 1856-1860 قد ختمتا على مصير الصين-التى كان تعداد سكانها مئات اضعاف تعداد سكان الجزر البريطانية-لحساب انجلترا تباعا و خصما على غيرها.
على انه ان لم تكن حرب التحرير الامريكية 1775-ضد بريطانيا بمناصرة الفرنسيين-اعداء بريطانيا الالداء و منافسيها الازليين على وراثة الامبراطورية الرومانية المقدسة-سوى اخر تنويعات الصراع الاوربى-الغربى-حول التوسع الامبريالى الا ان انتصار بعض الولايات فى حرب الاستقلال الامريكية ارسى قاعدة عمليات ومسارات كامنة بصورة عميقة ظهرت مترتباتها تباعا. فقد اتصلت تلك المترتبات العميقة بالحروب الامريكية حتى الحربين "العالميتين" لحساب الولايات المتحدة فقد صعدت الولايات المتحدة ما بين الحربين كاحدى اكبر قوتين عالميتين بعد هزيمة المانيا وايطاليا تباعا بديون الحرب العظمى الطائلة. لقد كانت ديون الحروب الاوربية قد خلقت شرط نهاية بريطانيا و فرنسا-الرأسمالية الصناعية كقوى عظمى فكرست مصالح الولايات المتحدة بضرورة "الدفاع" عن تلك المصالح ما بعد الرأسمالية تباعا[85]. فما ان حلت الباكس امريكانا Pax Americana مكان الباكس بريطانيا Pax Britannia فقد غدا واضحا-بامعان النظر-ان الحرب العالمية الاولى والثانية و ما بعدهما من حرب الهند الصينية و فيتنام وصولا الى حربي الخليلج و البلقان -لم تكن سوى حروبا امريكية. لقد جرّت امريكا اوربا الي تلك الحروب التى كانت حروبا امريكية اكثر مما كانت حروباً اوربية بذريعة و تحت شعار الحرية و الديمقراطية و محاربة الشيوعية. و لعل قياسا على ذلك ما يبرح قائما فى الحروب العالمية الممحللة التى تديرها الولايات المتحدة تحت تنويعات على الشعارات المذكورة اعلاه وصولا الى الحرب على الارهاب.
واجادل ان غاية تلك الحروب لم تزد كالعادة عن النهب والسلب و الاستحواذ و السيطرة. فلم تكن تنويعات الحروب السابقة من حرب السنوات السبع الى حرب تحرير امريكا بسياسة و ممارسة "الاكتشافات" و "حق الفتح" و"الانتداب" و"الحماية " منذ ان بدأت فى القرن الخامس عشر موقوفة على تلك الفترة وحدها. ولا كانت الحروب العالمية ولا الاحداث التاريخية التى غيرت وجه الارض وسكانها سوى وظيفة السعي الى النهب و السلب تحت مسميات معمشة و حسب. ذلك ان "الغزوالافقي الارضي الانجلو ساكسوني وغيره اسلم مكانه لغزو رأسي "لا ارضى" -انجلو امريكي-اللذان لم ينتهيا حتى اليوم وبالتالى الاستحواذ. و اذ اجادل انه قد كانت حرب السنوات السبع العالمية اخر حروب اوربا الغربية مع نفسها الا ان حرب التحرير الامريكية كانت قد اضافت البعد الامريكى لاول مرة. و قد لا تبدأ الحروب العالمية بالحربين العالميتين و انما بحروب عالمية وسابقة على البرجوازية الصناعية-الامبريالية الثالثة- العولمة افترض ان الحروب العالمية كانت قد بدأت بحرب السنوات السبع 1756-63 اوربية بين اوربا و نفسها او-و لصالح اوربا فيما اضاقت حرب التحرير الامريكية بعدها بسنوات البعد الامريكى بعدا عبر اطلنطى لاول مرة.
 و لعل حروب النهب المعلن او الممفصل باسم الحرية كانت قد استقرت منذ ذلك الوقت فى نخاع السياسة والاقتصاد الاوربي-الرأسمالية بتنويعاتها وصولا الى البرجوازية الصناعية الانحلو ساكسونية على الخصوص و الانجلو امريكى-الرأسمالية ما بعد الصناعية بالوصف ادناه من بعده ما ان انتقل مركز القوى عبر المحيط الاطلنطى. فما ان انتقل مركز الثقل عبر الاطلنطى حتى تعاظم دور الولايات المتحدة -والعكس صحيح وما ان تعاظم دور الولايات المتحدة-الرأسمالية ما بعد الصناعية فى السلب و النهب حتى انتقل مركز ثقل النهب والسلب-لحساب المصالح الامريكية-الرأسمالية ما بعد الصناعية تحت شعار ما يمسى بمبادئ العالم الحر و باسم "الحرية" و الديمقراطية" منذ حروب جنوب شرقى اسيا الى حربى الخليج الثانية و حرب البلقان و ما بينهما و ما بعدهما. و كانت الحروب غربية-رأسمالية تتبادل الاعتماد و الاستعمار الكلاسيكي مع نشوء البرجوازية الصناعية: الامبريالية الثالثة-العولمة. و كانت الحروب المذكورة تتمأسس على مزيد من نهب و سلب المستعمرات لنشر "الحضارة" الغربية باسم الانسانية او الانسانوية. وراح البعد الرأسالمي الانجلو امريكى يضيف ذريعة " تنمية الامتدادات والاطراف تحت الوية "الاصلاح الاقتصادى" و "التنمية" و "دقرطة" تعددية حزبية طقسية ما بعد ليبرالية و "حقوق انسان" سياسية خصما على حقوق الانسان الاقتصادية. ولم تزد تلك الذرائع على ان تتمثل فى "حروب" غير معنلة على المنتجين.
و لعل حروب النهب المعلن او الممفصل باسم الحرية كانت قد استقرت منذ ذلك "الاكتشافات الجغرافية الكبرى" و"الفتح" والتبشير فالنصرنة و "نشر الحضارة و"التنوير" الخ فى مسام السياسة و الاقتصاد الاوربي- الرأسمالية بتنويعاتها. و كانت المراكمة الاوربية الغربية قد اتصلت بالحروب منذ الصلببيات الاربع الى المراكمة الانجلو امريكية-الرأسمالية ما بعد الصناعية اذ انتقل مركز القوى عبر المحيط الاطلنطى. فما ان انتقل مركز الثقل عبر الاطلنطى حتى تعاظم دور الولايات المتحدة -والعكس صحيح. فما ان تعاظم دور الولايات المتحدة-الرأسمالية ما بعد الصناعية فى السلب و النهب حتى انتقل مركز ثقل النهب والسلب-لحساب المصالح الامريكية-الرأمسالية ما بعد الصتاعية تحت شعار ما يمسى بمبادئ العالم الحر و باسم "الحرية" و الديمقراطية" منذ حروب جنوب شرقى اسيا الى حربى الخليج الثانية و حرب البلقان و ما بينهما و ما بعدهما.
ثقافة الحرب بتنويعات الحصار الرأسمالي الرأسى و الافقى:
اجادل انه حيث غدت الحروب من يومها آلية حملات نهب و سلب من اجل الربح فان الرأسمالية والحرب و الغزو و النهب و السلب غدت مردافات. و كانت دول اوربا تستدين من التجار احيانا من اجل اشعال وتمويل الحروب ثم تعود فتدفع ديون الحرب. و كانت الدول المتحاربة ترتهن للدائنين. ذلك ان من يربح من الحرب كان غالبا افراد من الارستقراط او التجار والمغامرين. وما يبرح الى يومنا هذا. و من هنا اجادل بأن المراكمة توفر للرأسمالية الصناعية - الامبريالية الثالثة -العولمة كل من الاليات اعلاه. لقد وفرت الحروب و النهب و السلب و الاستحواذ للرأسمالية فضاءات و اجزاء ثقافية من الحضارات التى توسعت داخلها. فقد قيضت الحضارة الاسلامية علم الفلك ومسك الدفاتر الخ مما قيض قيام ما يسمى بـ "الثورة الصناعية" فى اوربا الغربية. و كان نمط الانتاج Mode of production الاقطاعى الغربى سائدا دون غيره فى اوربا الشمال-غربية مقارنة بدول جنوب اوربا التى كان الاقطاع الشرقى يسودها, ذلك ان عوامل نشوء مماثلة لم تتصل فى الاخيرة على الرغم من الكشوفات التى قادها البرتغاليون والاسبان. ذلك ان اساطيل الاخيرين سرعان ما سقطت بدورها للاوربيين الغربيين-الانجلو ساكسون على الخصوص-فى العالم الجديد و استرالآسيا Austral-Asia. و قد ورث التوسع الانجلو امريكى امتدادات البرتغاليين و الاسبان فى امريكا الجنوبية و فى اجزاء من جنوب شرقى اسيا-الفليبين و ماندانوا و اوكينانوا و ماكاو من ناحية و استقطابت تلك الامتدادات  فى تناسب عسكي مع التوسع الفرنسى من ناحية اخرى.
 و اجادل ان "الاكتشافات الجغرافية الكبرى"- الامبريالية الاولى- فـ "التنوير" -الامبريالية الثانية الى الرأسمالية الصناعية -العولمة: الامبريالية الثالثة وصولا الى الرأسمالية ما بعد الصناعية-الكوننة- بالامبريالية الرابعة-كانت قد الفت تنويعات راسمالية افقية على نفسها و على قياسات اخرى اعرض لها تباعا. هذا فيما عدا تنويعات الرأسمالية اليابانية والصينية-الكونفيوشية-المهجنة-فان الرأسمالية الاوربية نفسها كانت قد افرزت تنويعات رأسية لاتينية-فرنسا-شبه جزيرة ايبريا-و انجلو ساكسونية و انجلو امريكية-كوريثة للاخيرة فيما تتصل الرأسمالية الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية واحدة متمأسسة على الاقطاع الغربى و الاخرى على ذهنية القضاء على الغريم فابادته ان لزم الأمر-السكان الاصليين وتنويعة من العمل العبودي مما اتصل فى علاقات الملكية والانتاج فان الرأسمالية الكونفيوشية تتمأسس على القرابة والعائلة والعلاقات الاسرية فى كل من المراكمة وعلاقات الملكية-الجماعية لرأس المال-علاقات الانتاج الابوية-الشرقية -الاسيوية بالاحترام المتبادل بين المتنافسين و الولاء فى مكان العمل و ضبط النفس ازاء الخلاف بالتناغم بموازنة اراء الاخرين و احترام السلطة القائمة.
و فيما تصدر الرأسمالية الكونفيوشية - الآسيوية عن الملكية الجماعية الاسرية -القرابية لرأس المال - تشارف مفهوم الثروة القبلية من ان ثروة وسلطة رأس القبيلة ثروة وسلطة القبيلة جماعيا-ومن ثم احترام السلطة القائمة هرميا- فانها لا تتوفر على ما يسمى بالتخصص الضيق ولا على تقسيم العمل. ومن ثم فقد الفت الامبرياليات الاربع بالذات و ما برحت تؤلف تراتبات حصار-يتصل فى علاقة انكسار طردية مع نشوئية الرأسمالية فى تنويعات صاعدة او نكوصية. فقد تمثلت الامبريالية الرابعة-الكوننة-فى توسع افقي لم يلبث ان غدا افقيا افقية تاريخيا-ثقافيا-سياسيا-اقتصاديا. فحصار الرأسمالية الموصوفة اعلاه يتمحول رأسيا حول توسع مكاني- جيوبوليتكيى. و كانت الشعوب المستحوذ علي ثرواتها واقدراها و بخاصة الشعوب العربية قد استقطبت فى كل من الحصار و التوسع الافقي و الرأسي تباعا منذ سقوط موانئ تجارة الخلافة الاسلامية للمغامرين و القراصنة الاوربيين فى القرنين الرابع والخامس عشر و عبورا باجتياح غرناطة فى نهاية القرن الخامس وانتهاءا بانكسار حركة الخلافة فى الربع الاخير من القرن العشرين لحساب اوربا الغربية- انجلترا-فى 1924[86].
فلا معدى من مجادلة ان الرأسمالية بتنويعاتها تحاصر ما عداها من انماط الانتاج. و انه قد لا يبقى مرة اخرى من سيرتنا-نحن العرب-الافارقة وغيرنا-سوى سيرة الحصار الاوربى-الغربى-الرأسمالية بتنويعاتها و بخاصة الانجلو امريكية-الكوننة- لنا. ذلك انه اذ تواجه المعارضات الشعبية التلقائية-التى كانت قد وصمت باكرا بانها تلقائية ومن ثم "غير منظمة" الانظمة القائمة لا تعصف بها الانظمة القومية وحدها وانما تتواجه و قوات السلام و المجتمع الدولى ان لم تخترقها الاستخبارات الامريكة مسبقا و باكرا قبل ان تنشأ صاعدة الى ند و بديل للانظمة القائمة. و كانت الدول القومية بدورها قد اخصيت فغدت دولا ما بعد قومية تدافع عن مصالح ما بعد قومية خصما على شعوبها. و لم تلبث بعض فصائل المعارضة "المنظمة"-و شرائح الطبقات و الفئات الوسيطة ان عصف بها بدورها. ذلك ان الاخيرة كانت قد اطيح بها او-و شرزمت فى افضل الشروط ولم تلبث الكوننة أن اعادت هيكلتها او-و احلت نظائر نغلة مكانها. فلم تعد تلك الشرائح و الفئات تملك مواجه السلطة القائمة-الدول ما بعد القومية حتى ان رغبت.
 ذلك انه ان واجهت المعارضة الدول القائمة وجدت نفسها فى مواجهة الامبريالية الرابعة-الكوننة- الشركات متعددة الجنسيات-حلف الاطلنطى-الكومنويلث-الولايات المتحدة. وكانت الرأسمالية قد تعاهدت على الا تشعل حروبا فيما بين الدول الغنية فلم تعد الرأسمالية ما بعد الصناعية تدخل حروبا فيما بينها و لا حروبا مباشرة مع الدول النامية. الا ان الرأسمالية ما بعد الصناعية اخذت تبيع دول العوالم الثالثة والرابعة و العصر الحجرى -و-أو الحركات الانفصالية والعرقية داخلها- سلاحا بديعا رائعا متقدما مطورا باستمرار على ارقى التقنيات المتوفرة -بمبالغ طائلة. و لا تبلغ ميزانيات الحرب والصرف على السلاح نسبا عالية من ناتج الدول المسماة نامية القومي و المحلي الاجمالين و انما تخصم على ارزاق المفقرين وعلى اقوات الاغلبية منهم. و لم تعد الحروب تشعل ضد دول الا فى حالات يائسة. و ان قد تندلع معارك و تشعل حروب ضد الطغاة فان تلك الحروب تشعل باسم شعوب الطغاة- امعانا فى الاحبولة الرأسمالية ما بعد الصناعية السياسية العسكرية.
ولا يقيض بالضرورة والنتيجة لتلك الشعوب تمثيل ديمقراطي فى القرار السياسى او العسكري. و لا دور لتلك الشعوب الا ماخلا ان الشعوب تروح كـ "خسائر موازية" فى جميع الاحوال. و اذ يتقاتل المفقرون فيما بينهم لحساب الرأسمالية ما بعد الصناعية فمن المهم جدا التوفر على النظر والتنظيم المتكافئ مع واقع محاصر حتى الجنون والا فقد يجانب النظر و التنظيم الاجابة النظرية والتنظيمية على العنف الموجه ضد الشعوب المهزومة الصواب. ولا يبقى بالمقابل المتأمل سوى ان يتوفر على النظر فاستبيان وادراك لخيار الآخر مرة واحدة و الى الابد. فالطبيعة العنيفة المتأصلة فى شروط انتاج واعادة انتاج الرأسمالية البرجوازية الصناعية والرأسمالية ما بعد الصناعية من بعدها بالذات وتاريخهما و شروط نشوئهما - او- نكوص الاخيرة الحقيقى جريا لهما في سبيل مواجهة ذلك العنف الموصوف. فهل حقا لا تبقى الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية لماعداها شيئا سوى سيرة حصار متصل؟ و هل ستفاجئ المعارضات الطوعية التلقائية -غير المنظمة-الانتفاضات الشعبية-كل من الكوننة والمعارضات المنظمة؟
هل ليس ثمة سبيل لمواجه الامبريالية الرابعة - الكوننة سوى بثورات تلقائية غير منظمة؟ اجادل ان أساليب ووسائل بعض فصائل المعارضة المنظمة التي يعاد انتاجها-في فراغ أحداث متسارعة بدورها-لا تزيد من داخلها وبالاحداث المحيطة باحداث الداخل والمستقطبة لها والتي تعيد تشكيلها على نحو دينامي كبير -بدورها –عن وسائل ربما غدت شبه بائرة. لذلك فربما كان من الحيوي الاطلال عبر الكوة التى انفرجت بصورة متعاظمة على سيرة الرأسمالية الصناعية بتنوعاتها -الانجلو ساكسونية و الانجلو امريكية ما بعد الصناعية بالذات ابان الحقب الثلاث او الاربع الماضية على الاقل-فقد تسمح بتوفر النظر ومن ثم التنظيم ازاء تنويعات العنف الموجه ضد الشعوب والافراد و الحكومات فى الاطراف. وقد لا يبقى من فكر وتنظيم تغيير اجتماعى لحساب اغلبية مجاميع الاعداد المتراكمة لمن لا وجوه لهم ازاء الثورة العالمية المضادة سوى عنف مماثل. فقد تعينت الثورة المضادة على اجندة –معلنة خفية- متسترة- كالعادة- خلف معميات مسميات ملغمة- و فظائع معلنة و خفية تميزت بها مرحلة نشوء او نكوص الراسمالية الى الكوننة-الامبريالية الرابعة.
 
هل ورقة توت الكوننة وظيفة صيرورة زعامة العالم قوة واحدية بلا غريم؟
 لعل الكوة التى تكشف ستر- الرأسمالية ما بعد الصنناعية-الكوننة-ما كانت لتتوفر سوى بصيرورة زعامة العالم الى قوة واحدية لا غريم لها تعلق عليه فظائها او-تبررها به. و قد كانت الكوننة قد توفرت علي تحايل على الحقيقة بالاقتصاد فى الحقيقة وانصاف الحقائق و الاكاذيب على الرغم من او بسبب ثورة المعلومات وحرية المعلومات مما تمأسس بداءة و بالضرورة على وبشرط سقوط البرجوازية الصناعية وانهيار سيادة الدولة القومية وتحولها الى دولة اسميها ما بعد قومية-فقد غدا العالم مع ذلك يطل على نحو غير مسبوق على حقائق موضوعية تاريخية ان امعن بعضنا النظر فيحاول فك مفصلة لغة الكوننة الملغمة المدلسة. واجادل انه فيما تقف الولايات االمتحدة كأقوى دولة فى العالم واكبر مستودع للرساميل المكوننة فان العلاقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا رائحة غادية لصالح الاولى على نحو عنيف. و تقف بريطانيا اليوم دالة على ما قد يشارف كوننة تبعية بريطانيا المباشرة للولايات المتحدة من ناحية. وقد قدرت الاستثمارات الاجنبية لبريطانيا فى صيف 1999 بـ 250 مليار استرلينى كما قدرت الاستثمارات الاجنبية الامريكية فى بريطانيا بـ 48% مقارنة مع اوربا التي تبلغ استثماراتها في بريطانيا38% و اليابان 7%. وتبلغ نسبة الرساميل الامريكية المستثمرة فى الخدمات 40 % والاوربية 22% ولا يعنى ذلك ان بريطانيا غدت مملوكة للرساميل عابرة الحدود القومية الامريكية على الخصوص بل تحدد الرساميل عابرة الحدود القومية ما يستثمر فى الانتاج السلعي و يستثمر فى القطاع الخدمي البريطاني وما يتبدى في تصدير رساميل خالصة Net Capital الخ. مما اناقشه تباعا. والقول انه بسبب استقرار اكثر من راسب اوربى غربي-بريطاني على الخصوص-فى الثقافة و الفكر والتنظيم الامريكى مما ورثته الولايات المتحدة الامبراطورية الرابعة فان تأمل اوربا - بريطانيا على الخصوص يغدو مشروعاً وارداً و هاماً فى اعادة قراءة تاريخ الرأسمالية بتنويعتيها الرأسمالية وما بعد الرأسمالية عبورا بما اعرفه بالاقطاع الشمال-غرب اوربي ومن ثم محاولة استشراف واعادة تعريف لغة ومنهجية تحليل حصار الرأسمالية لما عداها.
أيقيض تفكيك مفصلة الحصار الأمل فى التغيير؟  
قد لا تطمح هذه الدراسة الى تفكيك مفصلة اكثر من بعض عناصر حصار اهم مكونات الامبرالية الثالثة-الانجلو ساكسونية على الخصوص-لمعظم العوالم الثالثة والرابعة –تاريخيا و اقتصاديا الخ-بوصف ان العولمة كانت قد الفت مقدمة اشرس صفوف جحافل الكوننة الزاحفة وتحليلها  وإنما تحاول قراءة التاريخ من اسفل فقد يقيض استشراف ما قد يؤلف كوى يمكن من خلالها الاطلال على بعض من الامل فى التغيير. وقد كانت نظريات و براديجمات و مفردات النظر الغربي بتنويعاته قد توفرت على البحث فى تاريخ اوربا الغربية-الرأسمالية الصناعية بتنويعاتها على التوالى فقد راحت اوربا الغربية-الرأسمالية-تتوفر على متحف لتاريخ بشرية بيضاء مختزلة فى صورتها التى كرستها لنفسها معتمة على ما عداها بتناقض فاضح حول الماضي والتاريخ الانسانى, و قد توفرت الاكاديميا الغربية على ادعاء فتحليل اوربا ناشئة صاعدة فراحت تقارن اوربا الناشئة الصاعدة على مر تاريخ اوربى غربى مختزل بالضرورة مع "حاضر" غير الاوربي وقد اختزل الاخير بالنتيجة بدوره فى اوربا المختزلة فى نفسها وكأن ذلك التاريخ لم يقعى شاخصا فى لحظة "فتحه"-نصرنته-تحضيره بالاكتشافات الجغرافية الكبرى-الامبريالية الاولى-وحسب. وانما حرصت اوربا الغربية-الرأسمالية بتنويعاتها البرجوازية الصناعية-الامبرليالية الثالثة-العولمة-و ما بعد الصناعية-المراكمة عابرة الحدود-الامبريالية الرابعة-الكوننة-تعقد قياسات بين البرجوازية الصناعية العولمة وما بعد الرأسمالية-الكوننة و بين ماصير الاخيرتان اليه حال غير الاوربى وقد حنط كوظيفة للمراكمة الرأسمالية بتنويعاتها فى تناقض غير محتشم لمناهج بحث الرأسمالية وتاريخها هى ومع جدلية التطور الاقتصادى الاجتماعى.
و اجادل تباعا انه فيما كانت العولمة الانجلوساكسونية تؤلف اشرس تنويعات البرجوازية الصناعية فان وريثتها الكوننة-الانجلو-امريكية عموما والتاريخية بنوع خاص لا تستضيف اعلى نسب من الرساميل -المادية و اللامادية-عابرة الحدود و-او الشركات متعددة الجنسيات وحسب وانما قد تحدد الرساميل والشركات-كاستثمارات عابرة الحدود القومية ملامح الكوننة الانجلو امريكية حيث تستعير الشركات-الرساميل عابرة الحدود ضيفة الولايات المتحدة-خواص رأس المال الامريكى "الفطرية" مما سنعرض له تباعا. وان تجادل هذه الدراسة بأن أوربا-الغرب-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية كانت وما برحت ابعادا اساسية لحصار العرب وغيرهم من الشعوب السابقة على الرأسمالية الصناعية-السابقة على الطبقات فان الاطراق فى سيرة الرأسمالية بتنويعاتها و بخاصة العولمة- الانجلو ساكسونية تحديدا و الكوننة يستوجب تأمل كل من بريطانيا-انجلترا-و الولايات المتحدة اكثر من غيرهما. ذلك ليس لان الاخيرة وريثة الاولى و لكن ربما تعين بقياس بين انجلترا و الولايات المتحدة التعرف على كل من الملامح التاريخية والخصوصية الثقافية للراسمالية الانجلو ساكسونية و الانجلوامريكية على التوالى و ما كانت كل منهما قد أسهمت به فى حصار ما عداها. و لماذا؟ و ليس وحسب كيف؟
قانون الفوضى المنظمة و الموارد المتاحة:الرساميل و الطاقة المادية و اللامادية:
 واجادل ان "الفوضى التلقائية" قد تحل كوظيفة و محصلة للاختلال او الفوضى المنظمة-اى معدلات توفر الطاقة-الموارد-مستويات معيشة مصطنعة-الثروة-فان بناءا منظما على اساس تلك الطاقة-الموارد-الثروة-و نسب توزيعها بين الافراد-حتى و لو كانت نسب التوزيع فارقة-قد يخلي مكانه لبناء اقل تنظيما واشد فوضى تلقائية منظمة معا. ذلك انه اذ يحل بناء اقل تنظيما فقد يرتد اختلال التنظيم الى نفسه فى درجات متفاوتة من الفوضى التنظيمية والاضطراب الفكري و لو على مستوى او-و كوظيفة لانهيار اسواق المال[87]. قد يتعين مثل ذلك الاضطراب كمحصلة لمبدأ القصور الحراري او-و قانون المعلومات والسيطرة السبيرنطيقية فيفرض نوعا من الفوضى المنظمة. وقد يجرب النظام المهيمن-او- و الثقافة الميهمنة-تحديدا نسبا أعلى- وان بقيت عشوائية مع ذلك-من الفوضى و-او تضعضع معدلات الطاقة المتاحة-الموارد المتوفرة-مما كان الافراد قد تعودوه وكانوا قد وعدوا به بوصف انهم اقوام ممتازة لها حقوق معلاة على غيرها. والى ذلك فقد يتمثل رد الفعل الاولي بـ "نموذج عالى التنظيم"-بكل سيبرنطيقا المعلومات والسيطرة من ناحية و بناءا مؤسسيا يتمحور حول نسق ايديولوجى-ثقافى-شديد المفصلة من ناحية اخرى حريّ بان يتمظهر فى درجات من الانثروبيا Entropy دوريا. و لا تلبث معدلات تلك المراكمة تستقر فى مسام الراسمالية ما بعد الصناعية حتى تغدو معدلات تلك المراكمة خصوصية مميزة للمحاور دون غيرها بهذا الوصف. وتتفاقم المراكمة بهذا الوصف الفوضوي هكذا فى حلقة جهنمية مفرغة.
وبالمقارنة يتم لكبار المالييين والرأسماليين وكبار اثرياء المحاور الاستحواذ على رساميل مبدونة بضعط زر اليكترونى وحسب. فما ينفك مضاربون كبار وصغار ينمون "عادة" او "ثقافة" مراكمة ثروات فردية سريعة فى اسواق المال والسندات-يوميا تصل بعضها إلى معدلات فلكية وغير مسبوقة. وتمثل تلك الثروات رساميل وثروات قومية مستحوذ عليها خصما على غيرهم فى كل مكان. واذ تخلق تلك المراكمة اغنياء جدد تقيض لؤلائك الاغنياء الجدد مستوى معيشة يغدو معه الحق فى الثروة وفى مستوى معيشة مرتفع على نحو ملفق "امتيازا" جديدا للممتازين الجدد. ويشارف الامتياز الجديد الامتياز superiority التاريخي المدعى للبراجوازية الصناعية بحيث يصعب علي الممتازين الجدد كاسلافهم الممتازين التاريخيين تصور التنازل او الاستغناء عن ذلك الامتياز كحق مكتسب. ويؤلف الامتياز الجديد ذريعة للحرب مثلما كان نظيره قد فعل. فقد احتربت فئات ومجاميع وطبقات سابقة بدورها ومارست "تطورا" او نكوصا مماثلا[88].
 المهم ربما فاقمت قدرة راس المال على المراكمة ما بعد الرأسمالية-بنسب فلكية-فوق رأ س الحدود القومية-بما يسمى بالتجارة اليكترونية E. Commerce or Electronic Commerce- فى اسواق المال وبيع المال كسلعة- التهديد الماثل بالفوضى و-أو تكريس الفوضى فى المحاور. وقد يتضح منوال الفوضى المعلوماتية والادارية فى قيام وسقوط الكيانات-الحضارات-الثقافات الكبرى مع تسارع ضعط المركز على الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة-المدن على القرى والبادية-خراج-فائض-بعض الهوامش. وترتب على الضغط المذكور خروج الجماعات الاخيرة على السلطة المركزية. واذ قد تخرج بعض الجماعات المنتجة على السلطة المركزية يتفاقم تناقص الموارد. و يغدو السبب نتيجة وتعود النتيجة فتغدو سببا كموضوعة البيضة والدجاجة. وقد تتفاقم معدلات نقصان الموارد ويتفاقم الضغط عليها مما يترك السلطة المركزية أمام خيار الترحل الى مكان اخر وراء الموارد بانواعها.
وعلى الرغم من ان تلك العمليات Processes تتصل بدرجة تطور التكنولوجيا المتاحة للاستحواذ وبالفضاءات المتوفرة لحركة تلك الكيانات فان كافة الكيانات الكبرى تتجزأ فى المقياس المدرج فى -حالة من الفوضى. و تنداح الفوضى الى الاطراف أو منها. وقد يكون خيار الترحل الى فضاءات جديدة بغاية اعادة انتاج او انعاش الكيان الاكبر من الامور التي تؤدى الى نشوء تنويعة جديدة من الاخير تكون على حساب الاصل حينا وحينا آخر تحل حالة الفوضى النهائية فى الاصل بصورة تتصل بدرجة تطور وسائل الانتاج المتاحة ومعدلات الاستحواذ على الموارد المتوفرة. على ان ترحل- توسع فضاءات الكيانات الكبرى بقى بدوره وظيفة تطور فى وسائل الانتاج المادى واللامادى. وتضغط الاخيرة على الموارد المتاحة. وترحل الكيانات الكبرى الى فضاءات التوسع المتاحة-او-و الى الخارج كمثل ما تتصرف الرساميل الهاربة و هجرات العقول العنيفة[89].
لقد كانت مرحلة النزوح الى الخارج وظيفة تقدم فى وسائل الانتاج المادية واللامادية الا ان تلك المرحلة كانت قد تواكبت مع تضعضع دولة الخلافة فى الجزيرة العربية فى بغداد ودمشق. واجادل انه ربما كان ذك التضعضع قد بدأ تباعا فى الاطراف الامبراطورية فى ثورة الزنج فى البصرة فى 869-883 و ثورة البابيك فى جبال قرطاجة فى 817-838 و القرامطة فى الكوفة فى 877 . وربما رجع قصور الثورة الزراعية فى الخلافة الاسلامية عن ان يتصل الا بقدر ما قيض على نحو متقطع ما بين القرنين السابع الى التاسع ثم من القرن الحادي عشر الى الثالث عشر قد كرس عجز الاولى على مقاومة الاختراق اللاحق تباعا.
تراتبات الحصار المنهجى الذاتى و العام:
تتراتب هذه المجادلة على حقائق مما يصدرعن ويحلل احداث متوفرة اليوم بصورة غير مسبوقة عبر وسائل الاتصال فتلك الاحداث من ثم "طازجة" ومعاصرة وجاهزة ويومية ويمكن مضاهات نتائجها مع بعضها البعض ومراجعتها واعادة صياغتها دوما من واقع وفرة وحرية المعلومات عبر ثورة المعلومات مما يرجى ان يؤلف تنويعات الحصار الذاتى والعام. ومما قد يوفر على الباحث ان يأخذ عن احداث بوصف انها مادة اولية بلا انتقاء فيما قد تفرض المراجع والتقارير والارا شيف الرسمية انتقاء. وقد اصبحت كثير من مكونات المعرفة مبذولة للكافة شبه مجانية عبر اجهزة الاتصال ووسائل الاعلام فلم يعد العلم والمعرفة حكرا للخاصة من البحاث وغيرهم. لذلك فليس ثمة سبيل لادعاء معرفة زائدة كثيرا فيما يخص المعلومات الواردة اكثر مما يمكن ان يتوفر لمن يتابع الاحداث والاخبار. على ان متابعة الاحداث والاخبار وحدها لا توفر ابعاد فهم الحقيقة بدون فرضية وبراديجما تطمح لان تكرس ما هو ابعد واوسع منها فتستدعى التراكم المعرفى اكثر منها براديجما موسية حسب الموضة. كما ان ثمة ابعد من ان ينظر المرء ولا يرى او ان يسمع دون ان يصغي- فتحليل الاحداث فى سياقاتها المتعالقة يتطلب بصيرة ان لا حدث او خبر يتم بغير ان تكون له اندياحات تؤثر فىغيره و انه ليس ثمة ظاهرة او حدث معزول ولا يتم حدث فى فراغ من الاحداث المحيطة به المتبادلة و اياه التاثير و التاثر. ومن ثم لا يزيد البحث فى الحصار التاريخى والمنهجى والحضارى السياسي الخ جميعا عن ان يحاول تحليل موضوعه من خلال المبزول والمتوفر على الرغم من او ربما بسبب تسارع من المعلومات المتعامدة فى تشابكها وتبادلها التاثير والاعتماد و التاثر وفى ترابطها و من ثم محاولة تفسيرها بعضا بعض فى كليات هى بعد هام من الحقيقة الموضوعية غير قابلة للتجزئ او التجزؤ.
وقد كانت معظم الحقائق الواردة فى بعض اجزاء هذه الدراسة وبخاصة المعاصر منها هو مما تتوفر عليه اجهزة الاعلام والاتصال-الانترنيت والصحف والتليفزيون ونشرات الاخبار وتقارير الصحفيين والافلام الوثائقية اكثر مما هى من بطون الكتب والمراجع الا اننى استعرت-كما ذكرت سابقا -من تجربتى فى العمل السياسى فى السوادان ومصر وعملى مع حركات التحرير فى غينيا بيساو و جزر الرأس الاخضر وانجولا وموزانبيق وزمبابنى وجنوب افريقيا و نيكاراجوا و على مر اكثر من ثلاثين عاما معاصرتى المشاركة فى الجزائر وفلسطين وبعض المعارضات الاخرى كتيمور الشرقية والبوليساريو وايرلندا الشمالبة. وقد ترتب على تلك المعاصرة حصاد يلح على السؤال فى كيف و لماذا انكسرت كافة حركات التحرر الوطنى والتحرير المسلح تباعا عن بكرة ابيها صبيحة الاستقلال السياسى؟ ولماذا وكيف حوصر اليسار التقليدى وكان ولعله ما برح يحاصر نفسه بنفسه؟ كما تتصل هذه الدراسة بمعاصرة المجتمع البريطانى خلال ربع قرن اعتقده من اهم ما مرت به بريطانيا فقد كان لتلك التجربة "الغريبة "والمغربة- اثر فى استبصار ابعاد من حصار الحركات الشعبية التحريرية كايرلندا والولايات المتحدة وحرب البوير. وكانت بريطانيا قد اعتركت باشكال وعلى فترات متفرقة حروبا اهلية حول حركة تحرير ايرلندا منذ ان احتلها الملك هنرى الثانى القرن الثانى عشر حتى ما تحول الى حرب اهلية شبه معلنة عشية الحرب العالمية الاولى كما اشعل اخرالحروب الاهلية الايرلندية فيما يسمى بالاحد الدامى منذ 25 عاما مما ما برحت قضية التحقيق فيه متصلة حتى اليوم بينما اتصلت معركة الاحد الدامى فى حرب اهلية منهكة منذ السبعينات بلا من القرن العشرين بلا انقطاع حتى اتفاقية الجمعة الحزينة فى 1998.
وفيما بقيت بريطانيا حتى منتصف السبعينات تعتقد متكاذبه متوهمة فى افضل الشروط انها دولة عظمى لا تطالها " بربرية" الحروب الاهلية بوصف انها ما برحت بريطانيا العظمى تتصرف وتصدر عن عظمة متخيلة بلا سند. وقد تمظهرت مرحلة نكوص بريطانيا فيما تتمظهر فى نوع من الاقتدار الشبيه بتدفق الغدير قبل ان يغيض او رقصة المذبوح. ذلك انه فيما كانت الرساميل البريطانية قد اخذت ترحل اوتهرب تباعا منذ 1979 الى الولايات المتحدة برفع سقف رأس المال المصدر الى الخارج مما خلف الدولة البريطانية كمثل حافظة نقود فارغة الا من "الفكة- مما ما لبثت به ان اضطرت بريطانيا موضوعيا الى مواجهة حقيقة انها غدت دولة من الدرجة الثانية تابعة ملحقة بصورة لا ملتبسة للولايات المتحدة. و اعتقد ان معاصرة بريطانيا ابان مرحلة محورية فى نكوصها الى ما صارت اليه تباعا من وقتها وحتى صدور هذه الدراسة مما يمكن اعتباره معاصرة تجربة اجتماعية–اقتصادية ذات دلالة معينة. لذلك فربما وفرت هذه التجربة بما صاحبها من البحث و الملاحظة المشاركة كوة لا بأس بها على التجربة الرأسمالية او ما بعد الرأسمالية المعاشة. بقدر ما يقيض للمرء من معاصرة التاريخ الرسمى الملفق المعقم المزين فان امعان النظر فى التاريخ الرسمى الملفق المزين يقيض بدوره قياسات على الواقع وانصاف االحقائق. فان غدت اقوى الدول الاوربية محاصرة بمسارات نشوء او نكوص الرأسمالية الصناعية الى الرأسمالية ما بعد الصناعية فان تنوعات حصار الدول القومية والمعارضات -العربية وغيرها- يمكن قياسه فى المقياس المدرج على نظائر متروبوليتانية كمثل الدولة والمعارضة البريطانية.


الفصل الخامس
 لنصطلح على بعض المفهومات:خلفيات بعض الفرضيات المحورية لأنيميا الفكر التنبؤى
 
أليس واردا والامر على ما هو عليه-وفق ما وصف وجيزا اعلاه-ان يغدو التسييب ما بعد الليبرالى والتعتيم الماركسيولوجى قميص جنون على النظر والتنظيم من اجل التغيير الاجتماعى؟ ذلك ان التسييب المفاجئ فيما يتصل بالمناهج والنظريات فى افضل الشروط او الضلال النظرى والمنهجى ما بعد الحداثى فى اغلبها كان قد ادى - بعد اعلان موت الايديولوجية والتاريخ والانهيار المؤقت للاشتراكية - الى اضطراب نظرى عظيم فيما صادر التنظيم من اجل التغيير الاجتماعى مكتوفا حتى الاختناق. فهل التسييب النظرى تنويعة اخرى مجددة لخدمة اسياد جدد لا اكثر ولا اقل؟ وقد كان معظم البحاث خداما للمال واصحاب المال والسلطة- اليس واردا ان يأخذ معظم الباحثين يتقاتلون فى كل مكان- بوعى او بلا وعى- على خدمة اسواق المال المفتوحة على مصراعيها؟
1-الحصار ما بعد الليبرالى و"فتل" Spinning او نسج الكلام الذى لا يقول شيئا:
لاحظ الناس فى كل مكان كيف اخذ الكثيرون منا يزاود على بيع القطاع العام بالمزاد العلنى وعلى تصويغ ما بعد الليبرالية Post-LiberalPost-Liberalاو الفيزوقراطية الجديدة من "ان افضل حكومة هى اقل حكومة" فيتغافلون عن او يغفلون او نيساقون الى التستر على تدخل الدولة لصالح الافراد والجماعات المكوننة خصما على رأس المال الوطنى واللوبى العمالى مما يكاد يقضى على اللوبى الرأسمالى الوطنى ويعصف بفاضاءات التفاوض على الاجور وعلى مشاريع الكفالة والخدمات والسلع الاجتماعية العامة. فان لم يعدم هؤلاء ان يغضوا الطرف عن تدخل الدولة لصالح الاعمال والاستثمارات عابرة الحدود القومية وعلى الاقتهار العام بخصخصة كل شئ من الثروات والارض والماء والبشر فان البحاث الرسميين –ومن تبعهم من الغاوين بالتماس او الاذعان- اصبحوا منوطين بالتعميش على سياقات الاسواق الحرة والخصخصة. ومن ثم فقد زين هؤلاء ممارسات الكوننة ك "التصنيع" Industrialisation و"التحديث" Modernisation و"التنمية " Development و"اللحاق" Catching-up و"التطبيع" Liberalisation و"الاصلاح" الاقتصادى Economic Reform  فتكريسها على مر الثلاثين عاما - على الاقل- تباعا لصالح الاستمارات الاجنبية :راس المال عابرالحدود القومية- الولايات المتحدة او الامبريالية الرابعة. وفيما تتجاوز ثروات


خاصة- لافراد معدودين – ميزانيات دول بكاملها فان "غازلى الكلام" الذى لا يقول شيئا و لغتهم التى يتعين عليها ان تكون القة لا تجرؤ على ان تسمى الاشياء باسمائها تبقى على مفردات لغة الكوننة و مفهوماتها غير قابلة للتعريف - بطبعها المتكاذب - لان لغة الكوننة -كغيرها من قاموس الاستحواذ ِ Dictionary of Expropriation الرأسمالي بتنويعاته- تصدر فى الواقع عن حقل من الغام المفردات غير المعرفة قصدا. ان فتل او تدوير او تلفيق الكلام لا يستهدف التاريخ الشعبي ونظريات التغيير وحسب وانما يصدر فى التحليل النهائي عن محنة نظر Intellectual Dilemma وأزمة "تنموية" رأسمالية او ما بعد راسمالية Developmental Impasse فائقة لم يعد يستقيم معهما فتل او تدوير اوتلفيق الكلام. وفيما يتساوق بالنتيجة عجز موازنة فى محللة Deficit in the Indigenisation of theory and Methodology النظر والمنهج -المصطلحات الاجرائية ذات الخصوصية التاريخبة والثقافية -مع المحنة النظرية والأزمة التنموية فان القصور النظرى والمنهجى العام يغدو حصارا عاما.
2-مسميات بلا معنى او عكس ما تدعيه :"التحديث" و التصنيع - التكيف الهيكلى-"التنمية"–النمو"- "اللحاق"-Catching-up "الاصلاح" الاقتصادى:
قد يقيض فى زمان الاحباط الخاص والعام - وفوضى المعلومات ومناهج البحث والمقابلة-التعميش ان توخذ المفردات-كمثل ما تطلق مناهج البحث والمفردات والكلام-على عواهنه ومن ذلك مفردة ومنهج البحث فى "التحديث" . ففيما يلاحظ ان عمر "التحديث"-قبل ان يمنى بما بعد الحداثوية -اقل من مائة عام لا اكثر فان كلاهما- مفردة الحداثوية و"التحديث" ومابعدهما كغيرهما ليستا سوى مفردات او الغام لغة البرجوازية الصناعية وخطاب اليمين الجديد و ما بعد اليسار من بعده تباعا. فقد ورث اليمين الجديد الرأسمالية ما بعد الصناعية واليمين الجديد ومن بعده- وقد اخذ ينتعل أحذية اليمين الجديديد مؤخرا - اوما اعرفه بما بعد اليسار- الطريق الثالث The Third Way- مشبوه الاصل ملتبس الشعارات بالنتيجة مفردة الحداثوية غير المعرفة اوالمعرفة انتقائيا أو-و اجتزاءا[90]. ففيما يعلن ما بعد اليسار-الطريق الثالث The Third Way حربا شعواء على ورثة اليمين الجديد-المحافظين-يتمسح ما بعد اليسار-الطريق الثالث The Third Way-بمسوح او ينذر نفسه لتحديث المجتمع او للحداثة فيما يشبه رسالة سماوية تعد طوباويا بعدالة اجتماعة-بعيدة المنال بمحض مواضعات ومتغيرات الكوننة- فى صليبية اخلاقية اومعيارية تراوح بين موسى والانجيلية او الافنجيلية. لذلك فقاموس خطاب كل من اليمين الجديد و ما بعد اليسار- الطريق الثالث The Third Way السياسى–كغيره-ليس -فيما اجادل-اكثر من احبولة تستدرج المجتمعات من اغناها الى افقرها على "التحديث" على طريقة "التنمية "ما بعد الصناعية او وفق النموذج الامريكى أى امركة الحكومة و الانتاج[91].
هل ثمة نمط انتاج اقطاعى شرقى كان او غربى؟
- أم ان انماط الانتاج الشرقية والغربية تنويعات على بعضها؟
يتحسر الكثيرون منا على اننا لم نراكم رأس مال صناعى بل ان بعضنا ينوح علنا فى المؤتمرات الدولية باكليا على مصير العرب الذى هو بجريرتهم قبل ان يدينهم غيرهم "فلان العرب كسالى لا يملكون ثروة "[92]. المهم اذا كان رأس المال و الرأسماليين من اقدم ان لم يكونوا اقدم التشكيلات الاقتصادة الاجتماعية Socio-economic formations – باستثناء المشاعية البدائبة- بهذا الشكل التبسيطى-فان الرأسمالية الصناعية مع ذلك اقصر انماط الانتاج- التشكيلات الاقتصادة الاجتماعية Socio-economic formations اجالا. ومن ثم فان ادعاء ان نمط الانتاج الشرقى-الاسيوى يتظهر اكثر من غيره فى انه اتصل وما يبرح يتصل دون ان يرقى الى مرحلة اعلى ان هو ليس وحسب تدليس منهجى وانما مخاتلة تاريخية. وفيما قد يعود سوء فهم بعض الماركسيولوجيين الى ان مسلمات ماركس كانت تصدر عن كل من ضعف علاقة مجادلة النمط المسمى شرقى جراء كون ماركس لم يذر الهند مثلا قبل ان يتورط فى تصريحات نظرية بهكذا خطورة حول النمط الآسيوى او الشرقى مرة. ومرة أخرى لم يجد الماركسيون فى قلبهم تصحيح الالتباس الماركسى غب زيارة ماركس للجزائر. وربما كان تأصل الترحل والبداوة فى تراث ماركس الذهنى والتاريخى بوصفه يهودى وربما عاد ذلك بالاحرى على نحو اشد مضاءا الى ضغينة الفلسفة الاوربية الغربية على نظيرتها الشرقية و غيرتها المتأصلة فيها علي الاخيرة. و اجادل ان الميل الى الاجتزاء المعروف فى الفسلفة والنظريات الغربية كان و بقى حريا بالا يرى فى غيره سوى تشوهات ثم ما يلبث ذلك الميل ان يكرس تشوهه النظائر غير الغربية بحصار الاستحواذ النظرى والتنظيمى والعملى على مر خمسة قرون وما ينفك تباعا.
 فاذ قيض للرأسمالية بتنويعاتها "النشوء" المتسارع والمتعاظم عن الاقطاع الغربى فذلك "النشوء" وتسارعه غير المسبوق يتسم بمتغيرات فريدة لمحض كون النشوء المتسارع والمتغيرات المذكورة تيسر فيما تيسر بدورها مزيدا من عوامل وآليات واسباب ومتغييرات الاستحواذ على فضاءات-اجتماعية-اقتصادية - ثقافية كان قد قيض للرأسمالية دون غيرها ذلك "النشوء" والنضوج بتنويعاته من البرجوازية الصناعية-الامبريالة الثالثة والعولمة-الكوننة الامبريالية الرابعة-مشروع القرن الامريكى الجديد. فاذا قدر عمر الاقطاع الشرقى بمئات السنين فان ذلك ربما رجع فى المحصلة الاخيرة الى ان الرأسمالية بتنويعاتها منذ الرأسمالية الميركنتالية وكانت قد استوعبت الاقطاع مع نهاية القرن السادس عشر دون ان تنشأ عليه بصورة نهائية قد تحولت الى قميص جنون او مصادرة على مطلوب نشوء من عداها لكافة الاسباب والمتغيرات الموصوفة انفا وتباعا.
هل المراكمة الرأسمالية الصناعية و ما بعدها مصادرة على مطلوب نشوء وارتقاء نمط الانتاج Mode of production الشرقى؟
فيما يلى محاولة للتعرف على قسمات كل من الاقطاع الشمال غرب اوربى
كونه افتراضا سفر تكوين السلالة التنويعات الرأسمالية من الفطيرة الى ما بعد الصناعية. وازعم ام تلك الفرضية لم يقيض لها مجادلة بالفدر الكافى بل قبلت كمسلمة نظرية منهجية من قبل كل من منظومة المفاهيم الليرالية المحورية و نظيرتها الماركسيولوجية على الخصوص. وازعم ايضا أن كل من الاستزلام النظرى والمنهجى الذى ألفه معظم المفكرين غير الغربيين لنظائرهم الغربية فركنوا اليه وارتاحوا عليه والارهاب الفكرى الذى تمارسه المؤسسة الاكاديمية الرأسمالية بتنويعاتها من البرجوازية الصناعية وبخاصة سليتها ما بعد الصناعية كانت بدورها حرية بان تقضى على عادة الابداع فى الخصوصيات النظرية فالتنظيمية لما عدى تلك المؤسسة وسيدتها الرأسمالية بانواعها.
واجادل ان استقطاب نمط الانتاج Mode of production المسى شرقى اواسيوى وعمليات تكريسه كانت قد قيضت منذ نهايات الاقطاع الغربى و بدايات الرأسمالية السابقة على الصناعية الثورة الصناعية مباشرة. الا ان مجادلتى هذه قد تمنى بالاحباط او تتهم بالمغالاة بسبب من التاريخ الرسمى للرأسمالية. وكانت البرجوزاية الصناعية -فى منتصف القرن الثامن عشر-اهم ما عنى ماركس بتعريفه وقد ما بقى تاريخ الاقطاع العربى محض تكهنات مختلف عليها حتى الان فان تاريخ الرأسمالية بتنويعتها-من الميركتتالية عقب سقوط غرناطة فى القرن الخامس عشر وقيام الدويلات والمدن التجارية الايطالية حتى البرجوازية الصناعية وبدايات الرأسمالية ما بعد الصناعية -بقى تاريخ لا طبقى ليبراليا فيما لم تمفصل الماركسية بصورة كافية اكثر من حتموية نشوء الرأسمالية "طبقيا"-عن الاقطاع. ذلك ان مفهوم الاقطاع الغربى لم يبقى ملتبس و غير متفق على خصائصه بين كل من ماركس و موتيسكيو-بالذات-وحسب-وانما بقيت الاقطاعات الالزامية-Fiefdoms بمعنى منح ما قد يشبه حيازة للارض Fiefs مقابل خدمات للملك-واحيانا للكنيسة او الامير الاكبر غير معرفة بصورة كافية تماما من ناحية[93] . و من ناحية اخرى كان ضعف السلطة المركزية واستهدافها الدائم لغرماءها فسقوطها و قيامها على نحو دورى فى مواجهة غرمائاها المحليين-الريفيين وبدو البحر او الجبل-الاقطاعيين خصوصية اخرى ل "ألاقطاع الغربى".
 ذلك انه لم يتعين قيام سلطة مركزية موحده فى اوربا-حتى عشية قيام الرأسمالية الفطيرة و على نحو ماثل غب الثورة الصناعية كما ذكرنا فى مكان اخر-الا بالاتفاقات اوالتحالفات والتحالفات المضادة بصورة مستمرة و انما بقيت تلك الاقطاعات باسم اصحابها حتى القرن الثامن عشر على الاقل ثم تألفت من مجموعها مقاطعات مابرحت تعرف حتى اليوم بنفس اسماء البارونات و الاشراف و الامراء "الاقطاعيين" ان شئت. فهل حقا نمط الانتاج الغربى تمثلا للنشوء و الارتقاء عن النمط العبودى وصولا الى الرأسمالية؟ و هل اتصل نمط الاقطاع الشمال غرب اوربى مثلا لفترة وجيزة مقارنة مع نمط الاقطاع الآسيوى او الشرقى؟  و هل انتهى الاقطاع و العبودية تماما؟ و هل ما برحت الرأسمالية بتنويعاتها تحمل فى احشائها ابعاد او تنويعات من انماط الانتاج السابقة عليها و متناظرة معها؟
1-الاقطاع الغربى:
اذ كانت الماركسية قد تعينت-فى اللوحة الخماسية لمراحل تطرو المجتمع -على تعريف نمط الانتاج Mode of production الاقطاعى الغربى على اواخر ايامه و بعد " الاكتشافات الجغرافية الكبرى" على اقل ان لم يكن منذ الصليبية الرابعة قد كان النمط المذكور قد حقن بابعاد راسمالية تتصل بالتراكم بلاستحواذ على فضاءات افقية بالتوسع و رأسية بالقرصنة و النهب و السلب فان اللوحة الخماسية لم تفسر وجود النمط الاسيوى فى اوربا الجنوبية و كما لم تستوعب النمط الشرقى - الاسيوى كبعد من ابعاد المراكمة المذكورة. و فيما اجادل ان نمط الانتاج Mode of production الاسيوى-او الشرقى تنويعة على نظيره الغربى فربما كانت ثمة الى ذلك تنويعات على نمط الانتاج Mode of production العبودى-اوالاقتصاد المتمأسس على العبودية فى نمط الاقطاع الغربى و حتى فى نمط الانتاج Mode of production الرأسمالي الصناعى حتى بداية القرن العشرين و فى نمط الانتاج Mode of production الرأسمالي ما بعد الصناعى حتى القرن الواحد والعشرين.
 و قد كانت عبودية العمل الحى قد تمثلت فى نمط الانتاج Mode of production العبودى و الاقطاعى فى العمل الحى المنقول اما على حدة و مع الارض التى هو عليها فان تمثل العمل العبودى فى الرأسمالية بتنويعاتها يتمثل نمط انتاج ما يبرح يتمأسس على العمل العبودى الحى المنقول- فى المجتمعات الغربية-كندا عمالة رخيصة من شبه القارة الهندية-اليابان عمالة مسترخصة من امتداداتها الامبراطورية السابقة فى جنوب شرقى اسيا-الولايات المتحدة عمالة شبه مستعبدة باجر التضور اوبلاه من المكسيك و كولومبيا و غبرها من حوشها الخلفى فى امريكا الجنوبية الى اتصال مأسستها على علاقات العمل شبه العبودي فى الصين الشعبية بآلية التبادل التجارى المعروفة-اسرائيل عمالة فلسطينية وجنوب لبنانية "مقيدة" و عمالة جنوب شرقى اسيا الرخيصة[94]. و تتألف العمالة المقيدة شبه المسترقة فى توليفة شرقية تتمحور حول استرقاق العمل الحى بالديون الريفية فيما اعرفه بمديونية الفلاحين Enslavement by indebtedness Complusion or او الشيل عندنا فى السودان ومديونية البدو معا و-أو بالخراج الى قنانة الارض بالهزيمة وغيرها-مما لم يقيض له التعريف بعد. و عليه اجادل مرة اخرى نمط الانتاج الرأسمالي حريّ بان ينتج تنويعات عليه من الرأسمالية اليابانية و الصينينة الكونفيوشية -ما بين الرأسمالية الصناعية والعلاقات الابوية الصناعية-سليلة الاقطاع الاسيوي-الى الرأسمالية الصناعية الاوربية-سليلة الاقطاع الغربى-الى رأسمالية ما بعد صناعية مخاتلة نغلة Spurious-بالتعريف الاجرائ لمراحل التطور ماركسيا.
2- الاقطاع الشرقى:
لعله من المفيد تأريخ كل نمط من انماط الانتاج الغربية الشرقية-التشكيلات الاقتصاديّة الاجتماعية Socio-economic formations على التوالى بحيث يستطاع القول بان الانماط "الشرقية" السابقةعلى نشوء الرأسمالية بتنويعاتها-لم تكن فيما خلى التنويعة الاخيرة للاقطاع الشرقى-ام كانت-بالمقارنة مع نظائرها الغربية-اطول آجالا ولا اكثر عنادا ولا مقاومة للتطور. وقد كانت وبقيت هناك مقارنة-ضمنية–تتم غالبا–ان لم يكن علانية-بين الرأسمالية ونمط الانتاج الاسيوي او الشرقي بيد أن القياس بين نمط الانتاج الاقطاعي الاسيوي الشرقي ونمط الانتاج الاقطاعي الغربي بقي يثابر على التعميش على قسمات نمط الانتاج الغربي ان لم تتجاهلها تماما تقريبا بحيث مرت الفئات التحليلية فوقها مرور الكرام تأريخيا ونظريا ومن ثم لم يكن من معدى من ان يبدو نمط الاقطاع الغربي وكانه ليس وحسب مرحلة عارضة-وجيزة- تم عبورها-ارتقاء المجتمع الاوربي-الى بواكير الرأسمالية-الى نمط الانتاج الصناعي بتنويعاته مرة ومرة بادعاء ان الاقطاع الغربي انقضى تماما ما ان نشأت الرأسمالية :أى ان ليس ثمة تنويعات على الاقطاع الغربي مثله مثل كافة الانماط –التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية-Socio-economic formations.
جادلت فى مكان آخر ان نمط الانتاج الجنوب غرب-اوربى كان وبقي الى وقت طويل يتمأسس على نمط الانتاج المسمى آسيوى على الرغم من مبادرات البرتغاليين والاسبان في محصلة نصيبها من كل من قرصنة اعالى البحار والاستيلاء على موانئ التجارة الاسلامية و" الاكتشافات الجغرافية الكبرى". و قد كان الاقطاع الشمال غرب- اوربى قد اتصل فى انجلترا مثلا بين 1066- لاحظ كيف يتوافق هذا التاريج مع الصليبيات السبع- الى 1800 او 1850 اى حوالى ثمانية قرون وفي فرنسا منذ الممالك المتنازعة بين ملوك الفرنجة والممالك الغربية فى 884 ميلادية وحتى الثورة الفرنسية-حوالى نهاية القرن التاسع فى 1789 : اى تسعة قرون من الاقطاع الاسيوى-الشرقى بمفهوم يشابه مفهوم الاقطاع الشمال غرب اوربى.
3-قياسات ماثلة:
حتى لا يتصل الزعم بان نمط الانتاج الشرقى-الاسيوى آسن غير قابل للنشوء وعنيد يقاوم التطور فربما كان من المفيد نظريا وتنظيميا مقارنة انماط الانتاج الغربية الشرقية من الاقتصاد العبودي الى الاقطاع بتقدير اعمارها فى الزمان والمكان. واجادل ان النمط الاقطاعي لم يزد عن توليفة من الاقتصاد العبودي و نمط اقطاعي شمال غرب اوربى-جنوب غرب اوربي او شرقي. وقد كان للاخير خاصية ثقافية عبادية متشاركة ذات صلة بالاسلاف -حقيقية او-و ملفقة-تتصل بالتحالفات والتحالفات المضادة بين السلطة والعبادة المركزية والسلطات والعبادات المحلية المركزية لكن الاول لم يكن يتعين على قرابات ملفقة او حقيقية تتصل باسلاف وعبادات متشاركة لاسباب ذكرت فى مكان اخر. كان المجتمع العبودى فى اسبارطة قد اتصل من عام 815 قبل الميلاد الى 192 قبل الميلاد اى حوالى 523 عام وفى مقدونيا من 650 الى 68 قبل الميلاد اى 582 عاما و فى روما - الكلاسيكية-القديمة من 753 الى 30 قبل الميلاد اى حوالى 620 عاما و فى الامبراطورية الرومانية من عام 30 قبل الميلاد الى 475 ميلادى اى 505 عاما .اما الاقطاع الغربى فقد اتصل فى انجلترا بين 1066-1850 اى منذ نهاية ما يسمى بالعصور المظلمة من القرن الاول الميلادى حتى العصور الوسطى - الى القرن الخامس عشر.اى حوالى ثمانية قرون وفى فرنسا منذ الممالك المتنازعة بين ملوك الفرنجة والممالك الغربية فى 884 ميلادية وحتى الثورة الفرنسية اى حوالى نهاية القرن التاسع فى 1789 : تسعة قرون.
وبالمقابل اتصل الاقتصاد العبودي الشرقي-الاسيوي-غير المنقول وتنويعات العبد المعتق و العبد المقاتل والرهائن الملكيين والمحظيات الملكيات والغرباء والمهاجرين الوافدين ممن يطلق على أحدهم الغريب الحكيم The Wise Stranger بين ممالك الاسرات الاولى فى 2925 قبل الميلاد حتى نهاية الممالك الاسراتية Dynastic الوسيطة 1756 قبل الميلاد. قد تظهر تنويعة من الاقتصاد العبودي و الاقطاع المسمى اسيوي او شرقي فى الاسرة الثامنة وربما فى الممالك الصغرى المتساوقة فيما بينها حتى 1540 قبل الميلاد حتى الاسرة الخامسة والعشرين. وربما كانت تنويعة ما يسمى بالاقطاع الشرقي قد نشأت مع نهاية الممالك الجديدة-من الاسرة الثامنة عشر فى 1539 قبل الميلاد الى 1978 قبل الميلاد والاسرالثالثة والعشرين الى الخامسة والعشرين اى امتدت 947 عاما. وربما كانت الممالك الصغرى من 950 قبل الميلاد الى 305 قبل الميلاد حتى الممالك البطليمية فى عام 30 قبل الميلاد قد توفرت على او قيضت لها شروط توليفة من الاقتصاد العبودي والاقطاعي بنسب اعلى من الاخير مع تناقص البعد العبودي بالوصف اعلاه وان جادلت فىدراسة اخرى ان تنويعات العبودية الموصوفة اعلاه بقيت خصوصية سلطوية تتصل بتيسير الوراثات العسيرة وبادعاء الاستمرار والاستقرار الميثولوجى. ومما قد يرجح ان البعد الاقطاعى اخذ يعلب على التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations- نمط الانتاج حيث دخلت الساقية والشادوف كوسائل انتاج منذ القرن الثالث قبل الميلاد الا اذا لم يكن واردا استخلاص نتيجة من علاقة سببية تبسيطيّة. ذلك انه فيما قد تتطور وسائل الانتاج فى خط صاعد شبه دائم من الخطاف او السنارة الى الحاسوب ومن الحصان والبعير الى الكونكورد الا ان علاقات الانتاج-وعلاقات الملكية-لا تتطور فتنشأ صاعدة فى علاقة طردية مع الاولى بل قد يعود الناس الى السير على الاقدام واستخدام الدراجة الخ.
ربما كان من المفيد ملاحظة ان وادى النيل الاسراتى غير قابل-كغيره من المجتمعات-لان يجمع في كوم واحد وان تنويعات نمط الانتاج Mode of production المسمى اسيوي-شرقي لا يمكن تكويمها بدورها فى كومة واحدة. و اجادل ان نمط الانتاج Mode of production الاسيوى-الشرقى كان الى ذلك قد اشتمل-اقتهارا فى معظم الاحيان على كافة الانماط المذكورة اعلاه مما بقي راسخا الى بعض الانماط المتقدمة نسبيا التي نكصت به الى انماط او تنويعات على انماط الانتاج القائمة ابان فترات التوسع والحروب والجفاف مما شهدته المنطقة كما ان الفيضانات التى عرف بها نهر النيل مما لم يكن من معدى معه من زعزعة السكان والمدن وفق تصرفات النهر والمجال المائى -المياة الجوفية-غير المنتظمة من فيضانات وتحاريق وما بينهما. على انه من الممكن الزعم بصورة اكثر يقينا بانه ما ان غزا البطالمة ثم الرومان من بعدهم وادى النيل حتى بدأت اول تنويعات تحنيط التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية وحصارها بتبادل اعتماد مقتهر-إلى مستوى اوسع مما كانت تخضع تلك التشكيلات له من حصار الخراج و الحروب التوسعية فيما سبق: اى تنويعات الاستحواذ على فائض الامبراطوريات الاسراتية Dynastic الوادي نيلية السابقة على الغزو الروماني. ومن هنا فلعله يمكن القول بان تنويعات اخرى-ناشئة او ناكصة-من نمط الانتاج Mode of production الشرقى تكون قد حلت مع حلول الرومان ثم مع السيطرة العربية- الاسلامية- اللاحقة فى 642-وحتى بداية العصر المملوكى فى 1250. وبالتالى فان تنويعات النمط المسمى اسيوي او شرقي اتصلت على الاقل ما بين 332 قبل الميلاد و 642 ميلادية : اى ما يقرب الألف عام. فاذا كان ممكنا افتراض ان العصر المملوكى- التركى :1250-1805 حتى الثورة الفرنسية احل تنويعة جديدة لنمط الانتاج Mode of production الشرقي مابين القرن الثالث عشر وبداية القرن التاسع عشر فان تلك التنويعة اتصلت حوالى 650 عاما [95].
و من ثم اجادل ان عمر النمط الاقطاعي بتنويعاته المسماة شرقية لم يطل -فى وادى النيل عن نظائره الغربية اى عن عمر الاقطاع الشمال غرب اوربي كثيرا وربما كان موازيا لعمر الاقطاع الاوربى الجنوب غربي- شبه جزيرة ايبيريا -الى ان حل او تمأسس فوقه نمط الانتاج Mode of production الرأسمالي منذ القرن الحادي عشر وبالحروب الصليبية الاربع الى القرن الرابع عشر والخامس عشر مع سقوط اساطيل الخلافة الاسلامية التجارية-غب "إكتشاف" بحر العرب كمعبر جنوبي الى الشرق الاقصى مما قضى على الاسس التى كانت قد تقيض بها احتكار التجارة الاسلامية للموانى وتجارة توابل ومحاصيل الشرق الاقصى فانتهت تلك الموانئ الى سيطرة المغامرين الاوربيين-عبورا باجتياج الاندلس حتى العولمة انتهاءا بالكوننة. على ان اهم ما يعنى هذه المجادلة هو انه لم يحدث فى تاريخ مراحل ونشوء المجتمع ان قفز مجتمع فوق مرحلة تطور الى اخرى اى من الاقتصاد العبودي الى الرأسمالية مثلا. وازعم ان العكس غالبا صحيح[96]: ان ينكص مجتمع من مرحلة تطور او تنويعة الى مرحلة او تنويعة سابقة بمراحل[97]. والواقع ان نشوء "النمور" الاسيوية الاربع عن نمط الاقطاع الشرقي الى نمط الانتاج Mode of production الرأسمالي ما بعد الصناعى لم يكن اكثر من امتداد هوامش ضيقة للرأسمالية ما بعد الصناعية فيما وراء بحار الدول الصناعية الغنية -و ضواحي الامبراطورية اليابانية سابقا - يابان ما بعد الحرب العالمية الثانية-مما تم في "جيوب" و "بؤر" محدودة داخل مجتمعات محدّدة. و بوصف ان اغلبية "النمور" الاسيوية لم تكن سوى مدن- دول فان علاقات العمل والملكية وتنظيمها بقيا بسبب ذلك متصلان بعلاقات انتاج وملكية اقل من اقطاعية فيما انتقلت علاقات العمل الاقطاعية الشرقية او حتى العبودية الى علاقات العمل الصناعى[98].
 ذلك انه ما لم "تتفرد-من التفريد-المواهب اليابانية"-فان ولاء راس المال اليابانى الخاص للدولة القومية والحدود القومية والمشروع القومى سيكبل تلك المواهب فيمنعها من "التحرر" و"اللحاق" بالتطور الحال فى الاقتصاد الكونى[99]. ومن ثم يمنع راس المال الصناعى اليابانى الخاص ان ينعتق ليلتحق بغيره من الرساميل والراسماليين ما بعد القوميين اى بالجماعات ما بعد الرأسمالية الصناعية المكوننة. فيترتب على ذلك ان يواجه راس المال اليابانى مشكلات خطيرة وحاسمة فى عمليه المنافسة الحرة فى التجارة الحرة على الاسواق المكوننة الحرة والعمالة المكوننة التى تسمح-بسعر تكلفة اقل على حساب الاجور وفرص اعلى للفائدة والربح والمراكمة عابرة الحدود. ولربما كانت ثمة استثناءات على القاعدة فى حالة اليابان مثلا. وعلى الرغم من ان اليابان والولايات المتحدة يمثلان استثناء فقد بقي من غير الوارد-حتى الان-نشوء مجتمع من مجتمع اقطاعى الى مجتمع راسمالى صناعى. ويقف الاستعمار الرأسمالى او الامبريالية بتنويعاتها و تمثلاتها-البنك الدولى ورصفائه او-و "تنموية" الامم المتحدة عوائق ناجزة على مثل ذلك "النشوء". ذلك انه من المعطيات شبه استحالة ان تتطور الهوامش على حساب المحاور -اردت تبسيط-مع سيادة الرأسمالية الصناعية وما بعدها على مسار الاقتصاد العالمى فى كل مكان فى درجات المقياس المدرج.
4- رأس المال اقدم ملكية اقتصادية– فكرية -ثقافية منذ المشاعية البدائية:
و من ناحية اخرى اذا كان تعريف رأس المال بانه امتلاك عناصر انتاج او وسائل انتاج من شأنها ان توفر مزيداً من نفسها باستغلال العمل الحي -فان رأس المال الذى هو اقدم اشكال الملكية او "الحيازة"- بهذا الوصف ليس ظاهرة نادرة او وقفا على اى مجتمع او على اى جماعة. ذلك ان الفكرة التى خلقت او كانت وراء اختراع رأس المال-فى شكل وسيلة انتاج تؤلف بدورها كل من ملكية ووسيلة انتاج لتكريس الملكية الخاصة لم تكن نادرة بحيث لا معدى من ان لا يبقى رأس المال بهذا الوصف اذ لم يراكم بمعدلات عالية فان رأس المال يبقى اذن امتلاك عناصر انتاج او وسائل انتاج ذهنية ومادية من شأنها ان توفر مزيداً من نفسها او- تنويعاتها المادية عن طريق ابداعات العمل الشعبى غير المادية مما تدعيه الجماعات المالكة لوسائل الانتاج -الحاكمة -او نظائرهم من الممتازين -من الابداعات الفردية والجمعية الشعبية للناس العاديين لنفسها. ويؤلف رأس المال المادي وغير المادي فى تراكمه فى شكل ثروة مادية وغير مادية فى المكان وعلى مر الزمان حصادا يصبح به ممكنا انتاج العمل التاريخى أى الآلة او وسائل الانتاج الاعلى تقنية من العمل اليدوي مما هو فى الواقع ليس سوى حصاد كل من العمل الحى Living Labour والابداعات الفردية والجمعية الشعبية جميعا. فالحربة وشبكة الصيد والرمح المسموم وفخ الصيد هي وسائل انتاج تطور عن طريق مراكمة مزيد من فائض وخالص العمل الحي فتمثل فى شكل حصاد ابداعي للعمل التاريخي Historic Labour : اى ادوات انتاج-الالة. لذلك ربما امكن القول تبسيطا انه ما ان نشأ اول فرد استطاع ان يستلب عملا حيا فحوله الى عمل تاريخي فاحتكر ذلك الفرد ملكيته لذلك العمل ملكية خاصة فان اول رأسمالي-بدائي-ان شئت-قد نشأ . ذلك ان من يملك وسائل انتاج تتوفر على فائض او خالص العمل الحي يملك التحكم فى العمل الحي مما يوفر مراكمة رساميل سائلة ويوفر القدرة على انتاج اجيال متطورة من العمل التاريخى مما ييسر اما ارتهان العمل الحي او-و الاستغناء عنه فترك العمل الحي ينكص الى علاقات عمل وانتاج سابقة على الرأسمالية بل قد تشارف نمط انتاج او لا انتاج الجمع والالتقاط سوى ان الرأسمالية فى اقسى تنويعاتها "تطورا" ما تنفك تقضي على ما يُجمع و يُلتقط.  
2-هل الرأسمالية الغربية بتنوعاتها قميص جنون على نشوء وارتقاء غيرها؟
ان كانت الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية من البدائية الى ما بعد الصناعية عبورا بالبرجوازية الصناعية تقف نشوئيا-داروينيا كاقوى النظم الاقتصادية بالمقارنة مع التشكيلات الاقتصادة الاجتماعية Socio-economic formations – انماط الانتاج السابقة عليها واللاحقة لها فهل تغدو الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية قميض جنون على غيرها؟ ولان الامر ليس بكل هذه البساطة فان من المفيد اضافة ان رأس المال المستغل بالصورة التى عرفها العالم منذ ما قبل التاريخ الحديث لم يكن محصلة فائض العمل الحي وحسب وانما استلاب الثورات والنهب والسلب فى الحروب والاستعمار ابان الامبراطوريات الاسراتية Dynastic وغيرها من الامبراطوريات السابقة على البرجوازية الصناعية الصناعية. على ان السلب والنهب والاستحواذ باسم الاكتشافات الجغرافية او باسم الفتح الخ يضيف اضافات فلكية لرأس المال بالمقارنة مع المراكمة عن طريق خالص العمل العبودي الحي او فائض عمل الفلاحين والحرفيين او حتى فائض عمل العمال الصناعيين.
ربما كان من المفيد ان نتفق-قدر الممكن-على:
-ان الغرب الشمالي والمصنع الغني- و الرأسمالية مترادفان.
-و ان الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية كانت منذ القرن الخامس عشر قد اصبحت بالتالي الوعاء الذي يصب فيه هذا الغرب اذ تصدر عنه كافة المبادئ و القيم الانسانية الغربية التى غايتها الاولى والأخيرة المراكمة بالربح لان الرأسمالية لا تكون بهذا الوصف الا اذا راكمت الربح - والفائدة - ومزيدا منهما.
-وان المراكمة و الربح يبرران و يستبيحان كل شئ باسم الدين احيانا و باسم التجارة وحرية التجارة -تحت الوية نشر الحضارة او "التنوير" او غيرها- مما كانت اوربا قد اصطنعته باكرا وتصطنعه البرجوازية الصناعية فى طريقها الطويل الممهد بالاستلاب والاستحواذ العنيفين.
-ان البرجوازية الصناعية اذ تسعى دوما لتغطية عنفها باسقاط صفاتها هى على غرمائها وبخلق غرماء تسقط عليهم العنف وتبرره بوجودهم المهدد فان البرجوازية الصناعية كانت الفت لحظة حلولها او نشوئها إلى ما وصل اليه المجتمع - المفرد - من تطور او تقدم مادي - صناعي- ما يعبرعن لحظة تاريخية فى التطور المادى الصناعى وحسب و ليس بالضرورة التقدم اللامادي والمعنوي.
-وانه بامعان النظر قد لا يختلف رأس المال بتنويعاته من رأس المال البدائي الى رأس المال الصناعي وصولا الى رأس المال ما بعد الصناعي ورأس المال المالي في كافة العمليات Processes اعلاه- بعد- انظر(ي) راس المال الذهني Intellectual Capital 
4-رأس المال ما بعد الصناعي و البدائل الرهنية:
ما تبرح الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية بعد خسمة قرون من الادعاء الكاذب تردد ان كافة المجتمعات قادرة على التطور والنشؤ الرأسمالى بالمراكمة بحيث تلحق بعضها البعض. فاذ راحت اوربا الغربية تستدعى مناخ وشروط حماية العمل الحي- فى الصناعات الثقيلة- التى غدت تسمى اليوم بـ "الصناعة التقليدية" او "الاقتصاد القديم" بخلق فرص عمالة "بروليتارية" قد بلغت نسب العطالة الاوربية فى نهاية القرن العشرين 30 مليون عامل اوربي-فيما عدا عطالة المهاجرين التى قد لا تحسب غالبا فى اوربا ولا فى الولايات المتحدة- وخلق فرص عمالة كافية فان بريطانيا التى كانت قد فقدت فى تلك الصناعات وحدها مثلا ما يقدر بـ 800 الف فرصة عمل فى الثمانينات لحساب ما يسمى بـ"الاقتصاد الجديد" او "الصناعات الجديدة" مما يتمأسس على علاقات انتاج متدنية فى عمالة مؤقتة مرنة رخيصة بادوات انتاج اليكترونية تتوفر على سلع انتاج و استهلاك بـ " التجارة الالكتورنية" E-Commerce إو ال DOT COM. و مع ذلك يدعو تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا المجموعة الاوربية المجتمعة فى لشبونة فى 22مارس عام 2000 اعضاء المجموعة حاثا اياهم على "اللحاق" بالولايات المتحدة فيما حققته من معدلات "النمو" و"الاستقرار الاقتصادي" على مدى العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين. فهل يمكن ادراج تلك الدعوة تحت باب السذاجة او الغفلة او الاستهبال؟
 فان لاحظنا ان نداء رئيس وزراء بريطانيا كان قد اطلق ابان نفس الاسبوع الذى رحلت فيه شركة ال BMW الالمانية و روفر Rover عن الاستثمار فى لونجبريدج Longbridge اكسفوردشير فى إنجلترا الوسطى الى المانيا مخلفة ورائها مدنا صناعية شبحية وما لا يقل عن 15 الاف عامل صناعي والاقتصاد التقليدي من الصناعات والخدمات المساوقة التى تخدم تلك الصناعية فان اعداد تفوق الـ 15 الف عاطل جديد لا تني تواجه العطالة الاوربية بدورها والكساد الاقتصادى و بوار تجارتها[100]. فعلى الرغم من ان الدولة كانت قد دعمت صناعات "تقليدية" كصناعة السفن والتعدين والسيارات، ومنها روفر مثلا التي حصلت من الدولة على دعم قدر بمليارين استرليني زيادة على اعفاءات ضريبية وامتيازات، لم يجد رأس المال متعدد الجنسيات اغراء فى الاستثمار فى بريطانيا مع ارتفاع قيمة الاسترلينى بين العملات الاخرى و بحجة قوة الاسترلينى فى الوقت الذى راح فيه الاسترليني ينخفض بشكل ملحوظ فى الاسابيع التالية تباعا. وقد ترتب على رحيل مثل تلك الرساميل خسائر فادحة للصناعات التقليدية- الاقتصاد القديم-Old Economy فان غواية كل من العمل الرخيص فى كل مكان ومنافسة الاقتصاد "الجديد" New Economy لا يجدي معها سوى الصمود فى سوق عمل و سلع- شرس-و الا تعين فرار رأ س المال "الجديد"- New Capital فى كل مرة-منذ نشوء البرجوازية الصناعية الفطيرة او الفطرية كما جادلت فى مكان اخر-كلما ارهص ما من شأنه ان ينذر بارتفاع سعر التكلفة بارتفاع اجور العمل الحي او سعر العملة. و فوق ذلك تجعل طبيعة المال الجديد المالية-اسهم و سندات-قابلية المال الجديد للمراكمة و الذوبان في الاسواق منوال غير قابل للتنبؤ به مما ينعكس على الاستثمار فالانتاج السلعي واسواق العمل وعلى اسواق المال العالمية فيما ترتفع حصة رأس المال المالي خصما على رأس المال السلعي على نحو غير مسبوق اذ تضارب اسواق المال اللندنية-فى مدينة المال-بما قدر فى خريف 2000 بمليار استرلينى يوميا اى ما يفوق الناتج المحلي الاجمالي البريطاني.
ويتعين للامريكان المضاربة باعلى نسب فى اسواق المال بينما لا يملك الامريكان فى مجموعهم اعلى نسب من اسهم و سندات التجارة الاليكترونية. و قد لا تضار عملتهم-الدولار-بتذبذبات عنيفة مثل ما يحدث لغيرها من العملات الصعبة والرخوة جميعا. وتملك الولايات المتحدة أعلى نسب من رأس المال "الجديد" بحيث انه حينما يعطس وول ستريت لا تصاب اسواق المال العالمية بالزكام وحسب-بل ما ان تحل ازمة اقتصاية فى الولايات المتحدة فى العشية حتى تتردد الازمة عبر اسواق العالم فى الصباح. وقد يلاحظ كيف يجر "سلوك" المال الجديد والتجارة الاليكترونية معه فيروح ما يسمى بالمال القديم وبالصناعات "التقليدية"-الاقتصاد التقليدي-اى الصناعات السلعية والثقيلة يرجِّع -فى تناسب طردي-ازمات "المال الجديد" New Money والتجارة الالكترونية. فمع كل دورة من دورات صعود وسقوط اسعار الاسهم والسندات فى اسواق المال يصاب الاقتصاد القديم بازمة بالتماس. ذلك ان نسبة معتبرة من الافراد صروا حملة اسهم سواء كمضاربين او لارتهن مدخراتهم وفوائد ما بعد خدمة معظمهم باسواق المال فان انخفاض سعر الاسهم يؤثر فى قدراتهم الاستهلاكية.
يخرج جورج ووكر بوش الثلاثاء 13 اغسطس عام 2002 من منتجعه ليقابل جماعات العاملين فى مؤتمرات حية فى واكو-تكساس ليحثهم على الاستهلاك. و يخشى بوش ان امريكا قد تتجه نحو ازمة ثانية فى العامين القادمين جراء بطء الاقتصاد. و يتوقع بعض الاقتصاديين بطأً مضطردا فى نمو الاقتصاد الامريكى فيما ينخفض استهلاك السلع الاستهلاكية. وقد يتصل انتاح السلع الاستهلاكية وينخفض الاستهلاك فيتهدد التضخم الاقتصاد القديم. ويعاني قطاع الانتاج الصناعي فى معظم الدول الغنية من بطء متصل ملحوظ على مدى عدة سنوات. فقد انخفض اسهام قطاع الانتاج الصناعي الامريكي فى الناتج المحلي الاجمالي الى اقل من 25%^ و يشارف نظيره البريطاني 20%. على ان السلع الاستهلاكية وصناعة الخدمات ما تبرح تتكدس نتيجة هبوط الاقبال على شراء السلع الاستهلاكية. فان انخفضت اسعار الاسهم فقد الناس جزءا كبيرا من مدخراتهم أو فقدوها كلها ولم يبق لهم ما ينفقونه فى الاستهلاك. ويحاول بوش لقاء من يسمهم الناس الحقيقين وليس مدراء الشركات. ويحث بوش العمال في مؤتمر فى تكساس على الاستهلاك ويستدعيهم للتصويت للجمهوريين. فان انفق الامريكان انتعش الاقتصاد. والدعوة هي أن يصوت الامريكان بـ "حافظات نقودهم" او بـ"دفاتر شيكاتهم" الا ان معظم المؤتمرين كانوا من سائقى الشاحنات وعمال النظافة وجمع القمامة. ويجأر بوش بان على الامريكان ان يشعروا بالامان والثقة فى الاقتصاد الامريكى, فما يبدو عليه الاقتصاد هذه الايام لا يزيد على ما يشارف شعور صباح يعقب ليلة شرب الخمر. (هانج اوفر Hang over)سرعان ما ينقشع بحبة اسبرين و حسب.
و تستضيف الولايات المتحدة أعلى رساميل فى العالم فيما يتحكم سعر الدولار بصورة او اخرى فى سعرالعملات الاوربية. وترتفع نسبة العمالة فى الولايات المتحدة كوظيفة لتوفر رأس مال الصناعات الخدمية على الاقل. وتكرس الولايات المتحدة "نموذجا" ذى خصوصية معينة فى تشغيل العمل الحي. وترتيبا لا تغدو الولايات المتحدة بهذا الوصف اشد اقتدارا على تصدير نموذجها فى كل مكان يحل فيه رأس المال الامريكى مرة وانما تقف بهذا الوصف كاكبر من يطور فئات وشرائح ومجاميع سكانية على حساب اخرى ليس فى المجتمعات المستوردة لنموذج الولايات المتتحدة وانما في الولايات المتحدة نفسها. فمن المفيد تذكر ان ارتفاع نسبة العمالة فى الولايات المتحدة يخفى وراءه حقائق اخرى فيما يتصل بتطوير فئات خصما على اخرى من ناحية. ومن ناحية اخرى تتجاهل نسب الافقار التى تدفع الى الجريمة فتفيض السجون بالمستلبين والمدانين بالفاقة و البؤس. فقد يرغب الكثيرون عن التعليق على ثمن نمو واستقرار ورخاء "المجتمع" الامريكى فلا يتغافلون عن او-و لا يشيرون الى حقيقة ان 20% من سكان الولايات المتحدة فى السجون فان تعداد نزلاء السجون الامريكية يبلغ 25% من نزلاء سجون العالم و يبلغ تعداد سكان الولايات المتحدة 2% من سكان العالم على صعيد[101].
 وعلى صعيد آخر وحيث يتمأسس اقتصاد الولايات المتحدة، زيادة على ما تقدم، على صناعة الحرب وعلى عمالة مسترخصة فان شروط وتقاليد استرخاص وطواعية العمل الامريكي الحي-على الاقل-تبقى بحيث لا تجد معظم الدول الاوربية مثل فرنسا والمانيا فيه ما قد يلائمها تاريخيا و طبقيا او- تواجه صعوبة فى فرضه على سوق العمل. وقد ترتفع نسب العمالة هذه ويلاحظ ان ارتفاع نسبة العمالة فى الولايات المتحدة لا ترجع الى استرخاص العمل الحي وحسب وانما تتمأسس نسب العمالة العالية، إضافة إلى ذلك، على "ثقافة" عمالية تقليدية - تاريخية- اوخصوصية ثقافية تيسر بدورها كل من سهولة التشغيل والاستغناء بمعدلات عالية. وترجع هذه الظاهرة تاريخيا وثقافيا الى قدرة العمل الامريكي الحي على استيعاب هيكلة واعادة هيكلة ٌRe-structuring ووتائر التحولات المتسارعة فى طبيعة سوق العمل الامريكي. ويتسم سوق العمل الامريكي بتقليد او بخصوصية ثقافية تتمأسس فتعود مرة اخرى الى اعتياد العمل الامريكي الحي تاريخيا على الهجرة الواسعة من مكان الى مكان بقليل من الشد الصناعي او عدم الاستقرار الاجتماعي كدالة ووظيفة لـ "طواعية" تبدو متأصلة فى طبيعة ذلك العمل وهذا مما اناقشه تباعا[102].
وعلى الرغم مما اذا كان الاحتفال بالنموذج الامريكي قابل للاحتذاء به فان التباهي والاحتفال بما تقيضه الكوننة للولايات المتحدة -دون غيرها-من نسب العمالة شبه الكاملة منقطعة النظير و"النمو" والاستقرار الاقتصادى لا يأخذ فى الحسبان كيف ان نسبة معتبرة من الايدى العاملة رهينة السجون الامريكية. فقد يبلغ عدد نزلاء سجون الولايات المتحدة 2 مليون زيادة على من يقومون على العاملين فى صناعة وخدمة مؤسسات العقاب ورجال الامن والقضاة والمحامين مما يقدر فى مجموعه بنحو 1.5 الى 2 مليون عامل. اى ان صناعة السجون وتوابعها ترتهن ما يقدر بـ 3.5 الى 4 مليون ممن تتصل ارزاقهم و حياتهم-و موتهم-بمركب صناعة العقاب الامريكى. اى ان مركب صناعة العقاب الامريكى -مثله كمثل مركب صناعة السلاح والمؤسسة العسكرية الامريكية- يؤلف "قطاعا" لااقتصادي فيما يؤلف عدد المتصلين بذلك المركب من المساجين والمحكومين والقائمين عليهم نسبا عالية من الرجال والنساء القادرين واللذين كانوا حريون بأن ينشطوا اقتصاديا فى سوق العمل الصناعى او الخدمي.
 ومن هنا فانه من المفيد تذكر ان غياب 4 مليون من الايدى العاملة-غير المنتجة بهذا الوصف-عن صفوف القوى العاملة والتنافس فى سوق العمل ترفع معدلات فرص عمالة الباقين من المتنافسين من الايدى العاملة. فان كان ارتفاع نسبة الجريمة فى الولايات المتحدة قد يعنيىاستقطاب الافقار والغنى فان رفع الدعم الرسمي عن نظام الرعاية الاجتماعية دون وضع بديل له كان قد ادى منذ السبعينات الى ارتفاع نسب الجريمة ومن ثم حرمان سوق العمل الحي من ايدي عاملة حرية بان تنشظ اقتصاديا .أ] ان رخاء ونمو وازدهار بعض فئات من السكان يتأتى خصما على غيرها فى "المجتمع" الامريكى وحده فما بالك ومجمل الولايات المتحدة التي تتطور وتنشأ صاعدة ماديا خصما على مجتمعات اخرى؟   
فاذا كان تراكم الرساميل فى مجتمع ما يؤدي الى مزيد من تكريس شروط المراكمة فى ذلك المجتمع على حساب المجتمعات الاخرى الغنية والمفقرة على السواء -بواقع قوانين رأس المال وليس بالضرورة نتيجة لنشاط الافراد والدول وحدها فقد يترتب على ذلك ان يتقدم المجتمع الذى يكدس راس المال على حساب المجتمعات التى يسلب او يستحوذ على ما قد تراكمه هي من فائض وخالص العمل الحي-مما يتوفر عليه منتجي الثروات المادية وغير المادية بها. ومن هنا يصبح واردا -مع متواليات التراكم الرأسمالي بتنويعاته ان تغتنى مجتمعات وتفتقر اخرى فى مقياس مدرج-بابسط تعريف للرأسمالية. على ان شروط مراكمة – انتاج واعادة انتاج راس المال تفترض شروط اغناء وافقار مجاميع وفئات وطبقات فى المجتمع الواحدة على نفس الغرار السابق أيضا. ومن هنا ايضا يمكن القول ان البرجوازية الصناعية لا توفر شروط تطور المجتمعات المستقطبة فى دائرة المراكمة الرأسمالية. لذلك يغدو من المفيد ايضا التنبه إلى ان غياب او ضمور شرط تطور المجتمعات المستقطبة فى دائرة المراكمة البرجوازية الصناعية التى يديرها مجتمع او عدة مجتمعات غنية -على حساب طبقات وشرائح سكانية وفئات فى مجتمعات اخرى - يؤدى بالضرورة والنتيجة الى تخلف تلك الاخيرة. ويترتب على استقطاب المجتمعات والطبقات والشرائح السكانية فى عملية المراكمة البرجوازية الصناعية:
-إن كانت المجتمعات والطبقات والشرائح السكانية والفئات السكانية المخضعة للمنوال المذكور اعلاه-حين استقطبت فى منوال الاستلاب و الاستحواذ الرأسمالي- فى مراحل تطور مختلفة فان البرجوازية الصناعية بذلك لا تضم وتشتمل داخل تراتباتها الاقتصادية الاجتماعية كافة مراحل تطور المجتمعات الانسانية وحسب وانما تكرس بعضها ايضا وتشوه بعضها الآخر و تؤدى الى تخلف بعضها الى مراحل اكثر نكوصا مما كانت عليه قبل استقطابها فى دائرة المراكمة الرأسمالية.
-تحنيط المجتمعات و الطبقات والشرائح السكانية والفئات الاجتماعية فلا تعد عاجزة فقط عن ان تتطور و انما تميل أيضاً  الى التشوه و الانغلاق بالاطراق الى الداخل و الوراء  
-تميل تلك الكائنات الى اعادة انتاج نفسها على مر الزمن فى نماذج مشوهة منها.


الفصل السادس
 هل انهى موت الايديوليوجية و التاريخ الاستحواذ واستعلاء النظر من أعلى؟
 
"ذهبت مهندسة معمارية الى ضابط المعسكر تشير الى خطأ معمارى فى بناء يقوم عليه المعتقلون : التفت الضابط الى مساعده قائلا: " ارمها بالرصاص فورا و تأكد من تنفيذ ما قالت بالحرف" من فيلم قائمة شندلرSchinller’s List:. و سئلت مادلين اولبرايت : "هل يساوى اسقاط صدام اهلاك المجتمع العراقى بافقار حصار اقتصادي يؤدي بمئات الالاف بامراض التلوث النووى ويروح ضحيته- منذ 1991- اكثر من نصف مليون طفل؟ " قالت اولبرات: " لسنا ضد الشعب العراقى لكن اذا كانت الخسائر الموازية Collateral Damage ثمنا ينبغى ان يدفع لاسقاط صدام فان اسقاط صدام يساوى ذلك الثمن". It is a price worth paying.
ما هى علاقة النظرية التآمرية بخالص وفائض العمل الحي؟ اذ لا يستوي الاستقطاب المادي بدون الاستقطاب اللامادي، واجادل ان الاستقطابين يغدوان دالاتان على جدلية العلاقة بين المستقطبين –بفتح طاء-و المستقطبين بحيث يتعين تشارك التواطؤ-واحدهما بوعي طبقي تاريخي والآخر بلا وعي او بوعي زائف- علي الاستقطاب المادي واللامادي بمسميات ازعم انها كانت وما برحت دارونية سواء معلنة او خفية. واجادل بأن التهديد بتهمة النظرية التآمرية هو التآمر بعينه. وقد كان الاستقطاب آلية الاستلاب فالمراكمة بالفائض فان تقاسم الفائض قمين بأن يصيب متقاسمي الفائض- بالتواطؤ حول تكريس شرط الإستلاب فالمراكمة بالفائض- بجرثومة التغافل عن مصدر الفائض خاصة اذا غدا تقاسم الفائض حقا تاريخيا وامتيازا عرقيا بل اسلوب حياة يستحيل التخلى عنه. وقد اتصل تحقق شرط الفائض فالمراكمة بمثلجة التاريخ والامتياز العرقى Mythologisation of historic and racial superiority .
الخندقة بعناد مغيب ( بضم الميم وفتح الغاء) عن قدر يحيق به :
كتبت مرة اننا اذ نبدو اليوم وكأننا مساقين بلا ارادة او حول انما ننفذ ما يكتب ويخطط لنا وكأننا لا نملك له دفعا. لكن الاشد مدعاة للحزن والخيبة ليس تخندق كل منا وحسب كل خلف متراس خطابه واجندته المنتهية التى لا تقبل الجدل ولا المراجعة انما تكريس الخطاب الخاص. ويطرح ذلك الخطاب المشخصن وكأنه خطاب عام فيتحول العمل السياسي الفكري الى معارك شخصية بين افراد يتم فيها التراشق بالتهم "التاريخية" المشخصنة تلك التى تشخصن التاريخ نفسه فيصبح التاريخ والسير الذاتية شيء واحد كمثل الملاحم او


الكوميديا الفاجعة.[103] و يقول ماركس ان نهايات الامم والحركات الاجتماعية تظهر فى عصور انحطاط عام وخاص. وان تلك النهايات تؤدى بالامم والافراد ان تنكص وتهترئ بصورة معلنة بلا تحفظ.[104] و من علامات اهتراء الامم والحركات الاجتماعية ونكوصها ان تفقد رصانتها القديمة مما يصبح معه واردا ان يتحكم فيها ويحكمها افراد اقرب الى المهرجين من "البيلياتشو" و البهلوانات [105] : أي نسخ مشوهة من نظائر رصينة من الحطام والزعماء والقيادات كانت ممكنة مع رصانة الحركة والتنظيم والتاريخ والامل فى التغيير.[106] ان انعدام الامل ونفاذ الصبر بطول العمر فى الكفاح " بلا طائلّ فى الافق يؤدي الى نوع من الاستهانة مرة بسبب طول الباع الناتج عن التمرس الطويل على القيادة واحتكارها دون بادرة فى التنازل او حتى التشارك فى القيادة ومشاريع العمل. ومرة تتحول بعض الشخصيات العامة الى ايقونات يستحيل المساس بها او مراجعتها اذ تغدو اعلى واشد قداسة من ان تخضع للمحاسبة اذ قد يستعلي بعضها على المراجعة[107] هذا فى الوقت الذى تعيب فيه هى نفسها على الدول و تطالبها-كمعارضة- بالمثول للمراجعة الشعبية والرقابة والحساب. ان المعارضة لا تعيد انتاج ما تأخذه على الانظمة اللا ديمقراطية وانما وايضا تكرس بين صفوف الشباب اليأس من أى بارقة للامل فى التغير مما يبعث علىاللامبالاة ازاء المستقبل بكامله. كنت قد تصورت منذ اشهر قليلة و حسب-و بسذاجة لا تغتفر-ان الامر بين الحكومة والمعارضة وكأن كل من الكيانين كل متكامل متجانس يمكن "تكويمه" فى كومة واحدة .
-حصار الثنائيات التنويرية وما بعد التنويرية للبدائل النظرية-المنهجية:
كانت الكاثوليكية تتطلب الايمان بلا مجادلة فتتعقب الملحدين والكافرين بالالحاح عليهم او-و تعاقبهم بجريمة الكفر او تنصر الوثنيين قسرا فتقلصت البشرية إلى مسيحيين و ملحدين او-و وثنيين-خارج حظيرة الايمان والبشرية قاطبة. ثم راحت أوربا الغربية تجأر بـ”العقلانية” التى غدت نقيضاً للايمان والعاطفة فتقلصت البشرية مرة اخرى اذ حشرت فى سواسية عقلانية تقصي كل ما لا تراه عقلاني او لا تراه عاطفي. ثم راحت الرأسمالية تنادي بديمقراطية-انتقائية-و بالتحضر والحداثة فانكمشت البشرية مرة ثالثة فغدت قاصرة على الديمقراطيين اذ ابعد من عدا الاخيرين انتقائيا او-و صوغت عمليات دقرتهم بالقوة و "تحديثهم" خصما على خصوصياتهم الثقافية والتاريخية فى نفاق و وصولية سياسة[108]. ثم راحت الراسمالية ما بعد الصناعية تجأر الحضارة و ما ما بعد الحداثة فغدى كل من صنفته الرأسمالية ما بعد الصناعية فابعدتهم خارج حظيرة المتحضرين ما بعد الحداثيين بوصف انه بربرى ارهابى خليق بمحاور شر على الحضارة. و مع تقلص البشرية تقلصت الارض الصالحة للحياة فغدى 80% من سكان الارض زائدون عن الحاجة خليقون بالابادة والتنكيل من الابادة بالحروب الى الاوبئة الى المجاعات والتصحر.
 
فان كنت قد جادلت الثنائيات التنويرية فى مكان اخر اجادل تنويعة اخرى هى ثنائية Dichotomous المتروبوليتانات الرأسمالية السابقة على البروسترويكا وسقوط حائط برلين الخ -على الاقل ان لم يكن عقب الحرب العالمية الثانية- وهوامش او متدادات المتروبوليتانيات الرأسمالية. وتتمأسس تلك الثنائية في الوطن العربي مثله كمثل المنظومة الاشتراكية و معظم مجتمعات العالم الثالث والرابع على مقولتي "الشرق" و "الغرب- البرجوازية الصناعية " هكذا دون تعريف. وكان الشرق مساحة جغرافية مسيسة او جيوبوليتكية Geopolitical كما تبقى تلك الثنائية-بالنظر الى "العالم" العربي -وهذه مقولة اخرى تحتاج اعادة تعريف حادة ومفتوحة العينين- ثابتة بين كيان او كيانات استاتيكية من ناحية وكيان متجانس دينامي وفق ذات الشروط المفعلة لديناميكية "عالم عربى" كانت مقيضة له او توفرت عليها تلك الدينامية منذ مابين الحربين العالميتين. وكأن سقوط الامبراطوريات السابقة على البرجوازية الصناعية النمساوية والعثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وتصفيتهما نهائياً بالاضافة الى تصفية كل من ممتلكات المانيا وايطاليا امور لا تصب محصلاتها في الجزء الاول من الثنائية-الشرق-العالم العربي- و لا فى الثاني الغرب-البرجوازية الصناعية- وبالتالي فان الغرب- البرجوازية الصناعية بدوره متجانس وواحديّ الارادة والاقتدار والمشروع.
 والاخطر ان الانهيار المؤقت للمشروع الاشتراكي في كل مكان وتوحيد المانيا ونشوء اليابان كقوة اقتصادية كل ذلك وغيره-وغيره كثيراً- لا يغير من كيمياء الغرب-البرجوازية الصناعية فلا يخلق في البرجوازية الصناعية ومنها الا متجانسات فائقة فيما يفترض ويفرض لا تجانسات مقابلة من و مع غيرها. ولان الشرق كان قد اختلق فى تقسيمات "معهودة" بمحض الاختزال التحليلي ولان الغرب- البرجوازية الصناعية مهول من شأنه الاقتدار والسيادة في تقابل مع هوان الشرق الأبدي الذي هو من طبعه وتطبعه اللذان لا شفاء ولابراء منهما فقد ابقى الاختزال التحليلي على كليهما محجبا تحجيباً بمفردات بعضها ممفصل بفعل فاعل مثابر على مشروع الحصار الذاتي وبغشاوة مفردات تعمش منظور واقع محاصرين ينظر اليه بنظرات الغشاشين-الموالين لاسيادهم عبر الحدود الاقليمية والكونية. وقد تؤدى عن خطورة مقارنة ذلك العمى وتلك التعمية التاريخية اللغوية الحصارية -من الحصار- وذهنية الحصار المفروض من الداخل والخارج والحصار الذاتي الفردي والجماعي تركة من عصاب قد تعمى البصيرة اذ يتوهم في كل خيال أو زول وفي كل تفصيلة مؤامرة مدمرة [109]. ولان التآمر مرادف للسياسة والتسييس-في المدرسة البرجوازية-وللتضليل و الحصار الذاتي في المدرسة الرأسمالية مابعد الصناعية او الليبرالية الجديدة او المجددة فان الوصول الي الحقيقية او حتى ابعاد منطقية موضوعية منها يغدو اما فى حكم غيب وتغييب الحقيقة وانصاف الحقائق-الاكاذيب اذ أحيطت الحقيقة بسياج وبقيت دونها "سياط" وأسياف مرفوعة فوق الرؤوس دوماً بقوانين مانعة كالحرية والديقراطية والسلام العالمي حيناً وحينا آخر بأمن الدولة-أمن الثورة-أمن الأمة-قانون العيب-الاحكام العرفية-اللامعلنة كتابة او المنسية بطول الزمن-حالة الحرب-الكلامية المستمرة مع العدو الاقليمي-اسرائيل-الى التعميش-فالحصار الذاتى الموصوف اعلاه.
هل تغيرت الرأسمالية حقا أم نكصت الى تنويعه علي نفسها؟
 كتب رئيس تحرير الايكونوميست فى افتناحية احد الاعداد الصادرة ابان ازمة الثلاثينات الاقتصادية الكبرى-أي مع نشوء الكوننة المتسارع ما معناه :" فيما يتعاظم “النمو” الاقتصادى وتبدو جاليات او قبائل رجال الاعمال المكنوننة راضية عن نفسها ومتصالحة معها تتعاظم الفوضى ويتفاقم الإضطراب بين القيادات السياسية فتمنى الممارسات السياسية بعجز فى موازنة القيادة الرصينة". و يقول هنرى كيسينجر: "فيما يتحرر رأس المال تمنى الكيانات الصغرى بالنكوص و بازمات تهدد الكيانات الكبرى"[110]. و يبدو انه كلما تغيّر العالم كلما بقي على حالة-The more the world changes the more it remains the same. وربما كان السؤال ما اذ تغيّرت الرأسمالية ناشئة صاعدة ام لم تزد عن ان نكصت الى تنويعة على نفسها؟ وما هو تفسير أن تنعم جالية رجال الاعمال براحة بال وبرفاهية غير مسبوقة وبرضى نفسي لا يخالجه ظن فيما تمنى المؤسسة السياسية لاكبر واهم دولة فى العالم بفقدان رصانتها تباعا؟ فان تمنى اهم واكبر دولة فى العالم والدول المهزومة جميعا-فى المقياس المدرج- بالتماس بالتمزق والعصاب فلعل ظاهرة ضعف الرؤية الشاملة للعالم لمشاكل "اقوى" دولة فى العالم وظاهرة اشتكال حالة العالم تغدوان وظائف و تمن احداهما الاخرى. ذلك انه اذ تمنى اقوى واهم دولة فىالعالم بضعف الرؤية فان التمزق والعصاب يستقران فى مسام اقوى دولة فى العالم فتعمى عن مشالكها وعن مشاكل العالم الا ما خلا ما قد يفاقم تمزقها وعصابها وقد سقطت ورقة توت عورتها. وفيما ينعم رأس المال بدقرطة فئاته فان الكيانات الصغيرة تمنى بازمات تهدد بدورها الكيانات الكبيرة[111]. و لعل نهايات الامم والحركات الاجتماعية تظهر فى عصور الانحطاط التاريخي العام والخاص فى تنويعات من التدني اذ تؤدي تلك النهايات بالامم والافراد الى النكوص فتهترئ بصورة معلنة بلا تحفظ. ويلاحظ ان ما يسمى احيانا بالشفافية يعود فيستخدم فى توافه تفاصيل حيال بعض الرؤساء والشخصيات العامة وفى نفس الوقت يتم التستر على فظائع الكوننة او-ويتم بالمقابل شغل الناس بالفضائح الخاصة عن الفضائح العامة بخلق ستار دخان تجري من ورائه الفضائح والفظائع العامة. واذ يتفاقم اهتراء الزعامات والقيادات ونكوصها فتفقد رصانتها القديمة مما يصبح معه واردا ان يغدو بعض الزعماء والقادة وتغدو الساحة السياسية-والحركة الفكرية بالتماس-سيرك عظيم يتحكم فيه افراد ويحتكرون التنظير-اقرب الى المهرجين والبيلياتشو و البهلوانات-نسخا مشوهة من نظائر رصينة من الحكام والقادة كانت ممكنة مع رصانة وعافية الحركة والتنظيم والتاريخ وقوة الامل فى التغيير[112].
قدسية الاكاديميا الغربية الليبرالية والماركسيولوجية ومغبة الكفر بهما:
 اذ تغدو الاكاديميا الام-الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية ونظيراتها الاوربية الغربية الاخرى انجيل الاناجيل فان التشكك في او مجادلة الحق التاريخى او superiority العرقى فى " الصواب" المطلق" بغياب المراجعة والنقد و المبادرة من خارجها و بعدها و قبلها سوى ما خلى ما يقيض لشيوع طرائقها بتوقيت معلوم محسوب يغدو كفرا ما بعده كفر. ومن ثم فلعل من المهم للغاية التنبه إلى سفر تكوين التراكم الاكاديمي الرأسمالي الانجلو ساكسوني والانجلوامريكي ونظائرهم الاوربية الغربية ليس بوصفه ممفصلات فكرية وانما، والأهم، لان التراكم الرأسمالى التاريخي The Historic Genesis of Capitalist Accumulation كان قد تمأسس على الاولى. فان كان صفر تكوين المراكمة الرأسمالية بالصف المذكور اعلاه وتباعا -مما اورث تلك المراكمة طبيعتها التى تدل عليها- فلعله قد لا يعمى على ايّ كان ألاّ سبيل الى مقارعة الرأسمالية والتباري معها سوى بما تجيده وبما كان قد قيض لها اجادته فى "معركة الصراع من اجل البقاء"-عبر تاريخها منذ الاكتشافات الجغرافية الكبرى" او منذ الصليبية الرابعة على الاقل او-و بوصف ان الاولى و ما تلاها من العمليات Processes المشابهة حتى اليوم ليست سوى وظيفة تلك الطبيعة التي تخصها وتدل عليها اينما سارت. وربما كان العكس صحيحا فى مرحلة باكرة. و ليس اكثر مدعاة الى اسباب الفكر والتنظيم التاريخى الموضوعى من ادراك هذه الحقيقة ووضعها نصب العين باستمرار بحيث لا يمنى من قد تسول له نفسه تصور ان ثمة سبيل الى التباري مع او-و "اللحاق" و "التنمية" و"الاصلاح" وغيرها على قدم المساواة مع او مداناة المجتمعات الغنية-الغربية مما اجادل ان بعضها من بريطانيا الى جنوب اوربا الغربية يجاهد كيما يلحق بالولايات المتحدة أو جزئيا بدرجات المقياس المدرج فى افضل الاحوال- بـ "النمور" الاسيوية مثلا.
 و لعل ادراك ان الرأسمالية الصناعية كانت تنمي فئات وشرائح سكانية ومناطق على حساب اخرى فى المحاور نفسها وان تكرارية تلك الممارسة بداهة على نحو جدلى مسألة فكرية وتنظيمة محورية لكل من الانفطام من هاجس "اللحاق" و "التنمية" و"الاصلاح" الخ مرة ومرة احساسا بالعجز او -و الدونية اللذين يسلمان- بالقياس بين الرأسمالية بتنويعاتها وبين المستقطبين فى ممارساتها-الى تكريس اسباب القصور عن لحاق وتنمية واصلاح غير قابل للتحقق لان المصادرة على مطلوب Contradiction in terms "اللحاق"Catching-up و "التنميةDevelopment " و"الاصلاح الاقتصادى" Economic Reform شرط جدلي فى العلاقة بين الرأسمالية والمستقطبين فى درجات المقياس المدرج. هذا ومن المفيد جدا تذكر انه ان كان ماركس وقد توفر على سيرة رأس المال وطبيعته فقد بقيت جريرة ماركس فى عداد الكفر مرة وبقي اتبعاعه مجرَّمون من بعده مرة اخرى على الرغم من ان ماركس لم يزد عن ان يصدر عن داروينة قياس نمط الاقطاع الاوربي الشمال غربي-اكثر من الاقطاع اللاتيني-و كان قد شمل الاخير فى النمط الاسيوي او الشرقي. فان لم يزعم ماركس-رغم قانون الجدل-و بسببه ان الرأسمالية صاعدة الى ما لا نهاية حتى الاشتركية ثم الشيوعية وحسب وانما جادل الى ذلك بان الاقطاع الشمال غرب اوربي قادر على "النشوء" صاعدا الى الرأسمالية فيما لا يعجز نظيره نمط الانتاج Mode of production الاسيوي اوالشرقي بطبعه وتاريخه عن "النشوء" وانما يكرر ويعيد انتاج نفسه فى كل مرة حتى تحل الرأسمالية-بالاستعمار-فتخلق شرط خلخلته ونشوء ذلك النمط الآسن بطبعه و تطبعه الى اعلى. على انه من الجدير بالذكر انه وان كان ماركس قد تنبأ بصعود البرجوزازية الصناعية- الاوربية ناشئة الى ما لا نهاية حتى تطيح بها الثورة البروليتارية الصناعية التى تلدها البرجوازية الصناعية من رحمها وقد تضامنت البروليتاريا مع الشعوب المقهورة فان مجادلة قدرة البرجوازية الصناعية على النشوء حتى لحظة استقطاب البروليتاريا الصناعية وحلفاءها تحتاج ملاحظة انه لا البرجوازية الصناعية بقادرة علىالنشوء صاعدة بل الاحرى انها قد تنكص الى الرأسمالية ما بعد الصناعية فيما قد لا يقيض للبروليتاريا الصناعية الفكر والتنظيم حيناً ولا النشوء بدورها نحو وعي حقيقي يتعين لها به التضامن الأممى ضد اعداءها واعداء المقهورين فى العالم حيناً آخر.
ومن ناحية ثالثة فانه إذا لم يقيض للاقطاع الشمال غرب اوربي النشوء الى الرأسمالية فالبرجوازية الصناعية سوى بالنهب والسلب فان قياس الاخير مع النمط الاسيوي او الشرقي قياس اختزالى يتجاهل استقطاب الاخير فى تبادل اعتماد قهري  ويتغاضى ماركس عن المراكمة السابقة على الرأسمالية منذ الصليبيات. واجادل ان معظم المفكرين الليبراليين لم يزد سوى ان جعل نمط الاقطاع الشمال غربي-النغل Spurious or bastard-معيارا معقما. و قياسا عاد الماركسيولوجيون فحللوا نمط الانتاج الاسيوي-الشرقي خارج سياق ارتقاء المجتمع الانسانى التاريخي. وقد يسر ذلك الاقصاء البراديجي المفهوماتي للماركسيولوجيين تحليل أو اغفال تحليل النمط المسمى الاسيوي او الشرقي فى الامتدادات الاوربية على الاقل، ان لم يكن فى شبه جزيرة ايبريا، منذ سقوط الامبراطوريات السابقة على الرأسمالية-خارج سياق تاريخ المجتمع الانسانى بهذا الوصف Contextual analysis witin the general sweep of human history. ولم يزد هذا التحليل ان كرس شرط عجز النمط الاسيوي الشرقي عن النشوء فحنطه شاخصا فى الزمكان, وقد بات ذلك الشخوص وظيفة طبيعة متأصلة في ذلك النمط. ولعل الماركسيولوجيون لم يتعينوا على تلفيقية تاريخية تقصدوا بها تاريخ غير الغربي وحسب وانما ساعدوا بدورهم بلا قصد او غير ذلك على تكريس التمركز الغربى ولاعلمية التاريخ الاوربي الغربي فاتصال مثلجته. فكيف يقيض الاصدار عن "علم" وتاريخ ملفقين؟ الا تشوه الرأسمالية التاريخ بكامله بالتستر على وتلفيق تاريخها؟
1-أتحاصر النظرية التآمرية الفكر والتنظيم ؟
 اجادل ان الفكر الغربى-الرأسمالية على التعيين -وكانت وما برحت كمثل من يرميك بتناقضاته فلا يتملص وانما يستعرر من تناقضاته ويلقيها فى حجر غيرها ممن سبقها ومن عاصرها من غرمائه الملفقين والحقيقيين. ذلك ان ليس ثمة سبيل امام الرأسمالية بتنويعاتها وبخاصة الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية غير التواطؤ فالتستر على تناقضاتها مع نفسها هي فى مواجهة موضوعية التاريخ والمستلبين فى كل مكان. وغالبا ما لا يستقيم للرأسمالية بتنويعاتها ذلك بسوى مفردات ومسميات قاموس فكر وتاريخ "تطورها" او نكوصها-ملغم ملفق يبقىغير قابل للتعريف فيما يسميه الشمال افريقيين المسكوت عنه. واذ تتواطأ فتفسر الرأسمالية بتنويعاتها على تناقضاتها تسقط جريمة اقتراف النظرية التآمرية فالفكر والتنظيم التخريبي Dissident على من يتجاسر على تعريف ما هو غير قابل للتعريف او-التنظيم حيال ما هو غير قابل للتعريف بتعريفه فتعرية تاريخ تطور ونشوء الرأسمالية. و قد كان حصار بالوصف اعلاه قد راح يستقطب فاستقطب مجمل الحياة السياسية والثقافية والاكاديمية-الفكرية- اجادل ان الثنائيات " التنويرية كانت وقد بقيت اخطر ما منيت به البدائل النظرية والتنظيمية بلا فكاك ولا خيار. فقد لا تبرح الثنائيات "التنويرية" ووريثتها ما بعد التنويرية تراوح بين ابيض واسود يتغافل الوان طيف الواقع وتنويعاتها هي نفسها على نفسها فان خيارا قد يقابل الحصار-قد لا يزيد عن:
الازعان للابتزاز والارهاب تباعا او
مجازفة التحدى بلا ضمان العاقبة.
و كان اطلاق نعوت-سالبة-تجريمية-او-و تهم بحق من يختلف على سياسات الكوننة فى العالم الاول نفسه قد غدا دارجا-ان لم يسق الكل الى الانضباط فى الاتفاق- بلا تحفظ-كما الشياه، وقد كانت وصمة- "التمرد" او -و "العداء للتحديث والتقدم" و "الرجعية" قد شهرت جاهزة مسبقة مسلطة[113]. ففيما كان اليمين الجديد يشهر كرباج الصواب السياسي Political Correctness بمعرفة و تواطؤ التنمويين Development lists والنسووقراط Feminocrats فاحل الصواب السياسي فئات من افراد وجماعات نساء ورجال شرسة بلا تراث ولا تقاليد مكان تقاليد السلطة ومفاهيم السلطة البرجوازية و نظائرئها-على مثولوجيتها وتهافتها فقد راح الطريق الثالث The Third Way يفرض على الاحزاب الحاكمة والمعارضة بتنويعاتها "تحديث" نفسها بحيث تغدو على افضل تقدير يمين الوسط. واذ ترى الرأسمالية ما بعد الصناعية-الطريق الثالث The Third Way-انه ينبغى تحديث كل ما هو قائم فقد غدا كل ما هو سابق علي الطريق الثالث The Third Way فى حاجة لان يحدث - Should be Modernised بخلق سواسية وتجانس بتعميد او "تنصير" كل من كان فى وسطية الطريق الثالث The Third Way والا ادين بـ "التخلف" فاتهم بالكفر الفكري والتنظيمي والاكاديمى والاقتصادى -السوق والكوننة -جميعا وقطعت اطرافه كمثل عمليات نصرنة وتحضير الشعوب المقهورة. ويلاحظ كيف غدا الانضباط فى صف الاكاديميات الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية الام -كمثل الانضباط حتى الجنون فى شرطيات الكوننة- حدديا يكاد يشارف الضبط والربط "الايديولوجيين" المعسكرين-ان صح التعبير.
 ولا ترعوى الرأسمالية بتنويعاتها بل تصوغ ادانة الفكر والتنظيم البديل بالفكر والتنظيم الهدام . Subversive Organisation وفيما كان التآمر قد استقر فى مسام جلد الرأسمالية بتنويعاتها البرجوازية، وما بعد الصناعية على الخصوص، بضرورة عجزها التاريخي الجدلي عن التجرؤ على الافصاح عن نوايا وغايات ممارساتها، ليس فى الامتدادات و انما ايضا فى المحاور، فانها ما تنفك تصادر كل فكر و تنظيم عداها، وان كانت لا تعدم ان تأخذ عن ومن ثم تقف على قمة تجارب الفكر والتنظيم الشعبي "الهدام"[114]. المهم ربما كان مفيدا تعريف النظرية التآمرية ومنشأها كتهمة تعلق فى رقاب بعض الباحثين والمؤرخين بنفس القدر الذى تلقى مفردات قاموس النظرية التآمرية على عواهنها فى مواجهة التحقيقات الصحفية التى لا تتسق ووجهة النظر الرسمية والاخطاء العلمية الرهيبة التى تطرح على الناس كاقصى ما وصلت اليه المعرفة فتتم غواية الناس على استخدام المستحضرات الطبية وقبول تدخل الكيماويات الشرس فى صناعة الاغذية من اجل الربح خصما على سلامة الناس من اجل الربح و مزيداً منه ومثل مقتل جون فيتزجالد كينيدى ومارتين لوثر كينج و البابا بول الثالث و نابليون واغتيال ومحاولات اغتيال الغرماء فى كل مكان. و باختصار يمكن ارجاع اتهام نتائج بحث ما او محصلة تحقيق آخر باختزاله فى النظرية التآمرية الى الابريقية الانجلو ساكسونية التى تقول ان شيئا غير قابل للاثبات سوى بالادلة المادية القاطعة عليه مما يخفى او يعلن فى الوقت المناسب حيث تتستر الرأسمالية على الحقائق او-و تعمش عليها تعميشا.
 ولعل سفر تكوين تهمة النظرية التآمرية هو اثبات ما هو قابل لللاثبات بادلة مخفية ومسكوت عنها او تكذيب ما هو ليس قابل للتدليل عليه بالحقائق المخفية فى حين تبقى الحقائق مخفية اخفاءا متستر عليها او- والاسوأ- معمشة او منكرة بحدة و شدة. على ان اخطر ما يمنى به ما لا يتفق عليه مما تبقى الادلة عليه مخفية منكرة متستر عليها هو اختزال الخبر الرواية الحدث المذكور المكشوف عنه باتهام من يتجاسر به باللياذ بالنظرية التآمرية. ان الخبر-الحدث المكشوف عنه سرعان ما يهمل و يستهان به فينسى فلا يجد اذنا صناعية ناهيك عن ان يناقش او ينشر. فان يقدم دفاع عن حقيقة-غير مواتية اذاعتها لاصحاب المصالح القائمة-رغم الادلة المتأتية عن اميال البحوث واطنان ادلة التحقيق-يلقى بالدفاع فى سلة المؤامرة. فهل ثمة معدى من الاقرار باستهوال قول ورأى مخالف من ان يلجأ البعض-فى كسل ذهني ونفسي-الى الفكر التآمري كما فى التحقيقات الصحفية الرديئة او الخطب السياسية الساعية للاثارة اكثر منها الى الحقيقة؟ الا تبقى مجادلة احداث ووقائع –تاريخ رسمي بما هو "غير معرف" و"غير مشروع" من مناهج البحث والبراديجمات "غير الرسمية" "غير مفهومة" و"غير مقنعة؟ فقد تبقى محاولة مجادلة التاريخ الرسمى والاحداث –خارج مبرراتها وتفسيراتها الرسمية-محاولة نغلة –"غير مشروعة" فان مثل تلك المحاولة تجد نفسها وقد القيت خارج مشاريع المناهج والبراديجمات المقبولة لتفسير وتحليل ومن ثم تبرير احداث التاريخ الرسمى. فقد تضمن بعض البراديجمات على الا يجد الباحثون ما يبحثون عنه Guarantee that they do not find what they are looking for-يبقى لا سبيل الى معرفته غير معروف و لا معرف.
وبدون الارتكاز على النظرية التآمرية -ندرك الآن اكثر من أي وقت مضى كيف يكتب ومن يكتب ولمصلحة من يكتب التاريخ الرسمي. والاشد مدعاة للفزع ان التاريخ الرسمي تعاد كتابته مرات وفق مزاج وسلطة وسطوة واقتدار الحاكم المفرد كل على حدة- او-و وكلاءه. فالحكام يكتبون تاريخهم كافراد -و مجاميع للسلطة ومن ثم يكتب من يأت من بعدهم تاريخاً مُفرداً مُفرداً لتشكيلات السلطة وهكذا. و إن كانت الكوارث والغزو والحروب قد قضت على وثائق واراشيف وشواهد فان ثمة دائماً وبالطبع التمركز الثقافي المكرس لكل من اسلوب ومنهج وطريقة الثقافات المتسيدة والتاريخ المتسيد وانتقائية المؤرخ وفق الخارطة الذهنية والنفسية والعرقية ومعمار لغة المؤرخ. وفى كتابة تاريخ مفرد ومفرد لتشكيلات السلطة المهيمنة السائدة على والفائقة لما عداها فان تسويغ ذلك التاريخ اتخذ له "منهجا" و مفصل مفردات و لغة تخصه هو وتدل عليه هو. واجادل ان الاقصاء التاريخي والحضاري والنظري للمجاميع عن الاسهام فى صناعة وكتابة تاريخها الجمعي كان قد كرس ما يقصده الغرب-ما تعنيه-الرأسمالية بالحضارة الانسانية وما برح يكرس افقار كل من المقصيين المستلبين المخضعين من ناحية والذين قاوموا و يقاومون اقصاء مجاميع او شرائح سكانية او شعوب عن الاسهام و المشاركة فى صنع التاريخ والحضارة الانسانيين. و يتضح ذلك الاقصاء اكثر ما يتضح فى كيف ان النظرة من اعلى السيطرة الاقتصادية والهيمنة التاريخية والاقتدار الاكاديمي- النظري لا تستوي ونظرة موضوع تلك السيطرة الاقتصادية والهيمنة التاريخية والاقتدار الاكاديمى: اى المخضعين[115]. و الاشد مدعاة للغضب التاريخى والانجراح الخاص والعام ان الرأسمالية بتنويعاها لم تترك جهدا فى ان تستدعى-على مر خمسة قرون-لغة تعرف وتصف بها تلك الاقوام وتاريخهم فى ثنائيات متقابلة على نحو لا متناه وحسب. وفيما لم تاخذ تلك الاقوام المستوعبة المقتهرة للرأسمالية تستعير تلك اللغة فى تعريف ووصف نفسها وتاريخها فإنها كادت تصدق على تلك التعريفات و الصفات.
و اذ يتعين التوقف قدر الامكان عند مفهومات كالاستحواذ والاستعمار والحضارة وتعريفها اجرائيا فقد يغدو واردا القول بان الغزو والتوسع و"الفتح" و"الاكتشاف" والاستحواذ-عمليات لا مادية بقدر ما هى مادية بل يتعين ان تغدو العمليات Processes اللامادية أشرس بحيث تبقى مفردة "الحضارة"-الغربية- الانجلو ساكسونة-بالذات والرأسمالية الصناعية-على الخصوص-كفئة تحليلية قابلة للجدل ومن ثم وبالمقابل يتعين نحت مفردات قاموس الحقائق التاريخية الموضوعية من ناحية ومن ناحية أخرى فان الامثلة اللامتناهية للفظائع التى ارتكبتها اوربا- الغرب-البرجوازية الصناعية منذ الامبريالية الاولى-"الاكتشافات الكبرى" و"الفتح" :الى "التنوير" - الامبريالية الثانية والعولمة- الامبريالية الثالثة وصولا الى الرابعة: الكوننة، بحق الانسانية- تغدو رموزا على كيف ان اوربا الغربية-"التنويرية" والبرجوزازية الصناعية-العولمة او الامبريالية الثالثة هي الخرى على هدي سابقاتها تمثل مزاودة وحشية . وقد لا تعد الرأسمالية ما بعد الصناعية–الكوننة-الامبريالية الرابعة- تستبيح الارض وما عليها وحسب وانما تدعي الملكية والاستحواذ على ما فى خواطر واذهان من عداها من المجاميع والافراد. ولا تدعي الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية ما لاسبيل الى الاستحواذ عليه فـ"تغربنه" او تبيضه وحسب وانما تجتهد فى نسبته الي كل من كان في "تأمركه" او "تصهينه". كانت اوربا- الغرب-الرأسماالية قد استكثرت -منذ الكشوفات الجغرافية الكبرى- مفردة "حضارة" على غيرها فأطلقت فى افضل الشروط مفردة مائعة "محايدة" هى مفردة "ثقافة" على تراث الاقوام والمجاميع والاقليات المهزومة فيما اشتكلت تلك المفردة بحيث صارت شائعة بين تعريفات مشتبهة مثل ثقافة الاقليات وثقافة الخدمة المدنية وثقافة البيروقراطية وثقافة الافقار وثقافة العنف وثقافة المافيا وثقافة الانحراف والسود ورفاق اللعب- وانما راح المؤرخون المراجعون يعيد "اكتشف"الحقائق" و الاجداث ويكتبون التاريخ مرة اخرى فـ "يؤمركونه" مرة[116]. ومرة اخرى فاذ يأخذ علماء الاثار والتوراتيون الجدد على عاتقهم اثبات التوراة يتواصل اليوم اثبات التوراة ف "يصهين" تاريخ وادي النيل ولا تستبعد صهينة حضارة الازتيك والمايا فى امريكا الجنوبية كامتداد لحضارة وادي النيل بتماس فرضيات غير مثبتة بعد[117].
ذلك انه فوق ذلك و بعده وغاية كل ذلك هو تكريس دونية ولا تاريخية واخراج غير الاوربى من "التاريخ". و قد كانت المؤسسة السياسية الاقتصادية تحتكر الثروات المادية وفائض وخالص العمل الحي فان المؤسسة الفكرية والاكاديمية خادمتها الامينة تستبيح ما فى تاريخ و تراث وخواطر واذهان البشر وتحرمه على اصحابه فتكرس "لا تاريخيتهم" ومن ثم تدفع بهم خارج "التاريخ"[118]. و حين تحتكر المؤسسة الاكاديمية الانجلو امريكية "الام"-او-و صفواتها-كل من النظر والتطبيق وتبقى المؤسسة الاكاديمية الام وصفواتها وحدها المصدر وتنفرد وحدها بالمرجعية فان النظر يصير كالعقيدة- لا يناقش و لا سبيل الى نقضه-ازعانا.
و اذ تمتنع مجادلة مسلمات عقيدة الصفوات الاصولية - واجادل ان كافة الصفوات تميل-بنشأتها وطبعها وتطبعها- الى الاصولية- يحتل المنظرون والمفكرون مكان ويمثلون ادوار كهنة الالهة او أنصاف الالهة. والاخطر انه ما ان تدعى المؤسسة الاكاديمية الحيدة والموضوعية تغدو بدورها مرة واحدة والى الابد الخصم والحكم جميعا[119]. وقد تبقى الاكاديمية الانجلو امريكية رياضة ذهنية فتتبرأ فى افضل احوالها من "الحكم القيمى" Value Judgement وتستنكف بخاطرها- و دورها الوظيفى فى تمييع قضايا الناس الحقيقيين -عن تقديم حلول للمشاكل فى اكثرها شيوعا. و فى اشهرها تغدو الاكاديمية الاوربية -الغربية – الانجلو امريكية "قميص جنون" يشكم البحث الموضوعى للواقع "من اسفل" او يورط الواقع الموضوعى فى احبولة او تهمة "النظرية التآمرية" بالاحرى. وفيما نستدرج للتبرؤ من "النظرية التآمرية" نقع بعيون مفتوحة فى الاحبولة فيما يتم التآمرعلنا على الواقع الموضوعى للعوالم السفلية وسكانها -اى-الغوغاء-الدهماء- اغلبية منتجين ومنتجات الكفاف والحياة وخالص العمل الحى والفائض المادى واللامادى جميعا: وفيما نجبر على مبادلة النظر والاحبولة والميثولوجيا التى تضطهدنا بعاطفة وولاء غير معرفين كمثل عاطفة وولاء كلب لسيدة فان بديلا للنظريات والبراديجمات ما بعد الليبرالية-الانجلو امريكية على الخصوص-لا يتأتى إلا باستعادة القدرة على تأمل التاريخ الغربى-مجددا- تاريخ الرأسمالية بتنويعاتها-خارج ميثولوجيا صلافة امتياز الراسمالية التى تشارف سيرة ذاتية جماعية تتمثل فى ثنائية نرجسية مرة وفى ادانة الذات مرة اخرى.
2-تواجه الاختلافات الثنائية الازلى منهجيا:
 لعل التنبيه على ان خلفيات وادب الديمقراطية فى التراث الاوربى الغربى-الرأسمالي بتنوعاته تتألف و تؤلف بعدا هاما ومحوريا فى حصاد فترات متصلة من العنف-و من الحروب الاهلية ضد والتآمر على الجماهير الشعبية-الطبقات الدنيا-المنتجين-بالتحالفات والتحالفات المضادة بين تشكيلات السلطة والارستقراطية الاوربية يوضح بجوره كيف ان العنف كان يقدم على انه حصاد انتفاضات شعبية او-و حروب اهلية. فكيف نقبل ما تقوله الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية-الانجلو امريكية وتردده بلا تحفظ غالبا فيما لا نعرف الا القليل-ان عرفنا-عن واقع و ملابسات وخلفيات وغايات القول والتكرار؟ واجادل انه ما لم تفك مفصلة Disarticulate وتعاد مفصلة Reconstruction ولامثلجة Demystify نموذج التاريخ الرسمي الغربي الذى تخلقه وتعيد خلقه الرأسمالية بتنويعاتها لنفسها وللواقع غير الغربي–على الخصوص- بلا تبكيت تاريخي او خشية من الارهاب المهني -المستقبل البروجواي او المستقبل ما بعد الرأسمالي ان صح التعبير- فان انتزاع وامتلاك الحق فى تحليل الواقع " السفلي" لن يستقيم إلا بطاقم قيم نظرية ومسلمات تخص ذلك الواقع بوصف انه محصلة تاريخ مستلب محاصر بما يشوههه ويجثم على صدره فيكتم انفاسه كمثل حذاء فوق وجه آدمي مهزوم الى الابد. فالتاريخ الرسمي الغربي الذى لا يرقى الى ابعد من سيرة ذاتية جماعية - او شهادة ذاتية جماعية بعد من ابعاد تراتبات الحصار وادانة الذات -باحرف الهزيمة - حيث يصطنع ذلك التاريخ الاختلاف اصطناعا فيبدع فى فبركة الاختلاف والتمايز بهدف تمييز الغرب وتفرده التاريخي والعرقي جميعا ومن ثم يختلق الاختلاف والدونية معا.
 يتمثل تمييز الغرب بثمن وخصما منتهيا على نشوء "العوالم السفلية" وعلى ثقافاتها وتقاليدها وخصوصياتها ووجودها اصلا على مر مئات السنين. فهل-ان سلمنا-بفرضية ان التآمر انما هو تآمرعلى الواقع الموضوعي-مما تحاول هذه الدراسة التدليل عليه تباعا- فان موت الايدولوجيا والتاريخ الذى اعلن عشية ما يسمى بنهاية الحرب الباردة او-و الهزيمة الدائمة-او المؤقتة-ان شئت- لبرامج الاشتراكية بانواعها-ان هو الا موت البرجوازية الصناعية - هل يمكن الزعم بان الرأسمالية ما بعد الصناعية لم تعد معنية حقا بحماية سمعة البرجوازية الصناعية فى زمان المابعدويات الحداثوية المشبوهة منهجيا وتنظيميا تلك؟ هل زمان المابعدويات الحداثوية نشوء الى مرحلة اكثر تطورأ على الرأسمالية الصناعية؟ وقد كان هذا زمان يزعم فيه بان كل ظاهرة تتبدى فى تنويعات تبدو او تغدو وكأنها بالفعل ما بعدوية :اى تالية على وبعد تلك التى سبقتها بدون تعريف بل و تجاوزا -متواطئاعلى الحقيقة والواقع- للتعريف فهل ان تعاقب تنويعات الظاهرة يعنى تطور او نكوص الظاهرة؟ واجادل أن مفهومات محورية متعددة كانت قد اخضعت لمسميات لا معرفية بمحض الاكتفاء باشتمالها او استقطابها فى ما بعدويات. ومن تلك المفهومات المحورية مفاهيم الدولة القومية والايديولوجيات المسيسية من الحداثوية Modernism الى التقليدية Traditionalism و مابعد الحداثوية و رد فعلها مما يظهر وليس له سوى ان يظهر فيما اعرفه بما بعد التقليدى فكل ما كان قد اعيد هيكلته غدا ما بعدوي-مما سأعرض له تباعا وبالتفصيل فيما بعد-كبعد من ابعاد العولمة او الامبريالية الثالثة متمثلة بدورها مرة فى عولمة الصناعة السلعية  Universalization of Industrialisation ومرة فى الكوننة او الامبريالية الرابعة متمثلة فى كوننة المراكمة الرسمالية المالية Globalisation of Moneterisation .
 فاذ كانت المابعدويات الحداثوية قد وضعت انماط الانتاج-التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية Socio-economic formations-الطبقات وما قبل الطبقات وتشكيلات السلطة والاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة والمجتمع المدنى والاهلى واشكال الاحتجاج الشعبى بتنويعاتها فى كل مكان فى محارة الارتهان بالرساميل المبدونة عابرة الحدود القومية فان اى فكر وتنظيم يطمح لتغيير الاوضاع ينبغى له ان يمعن النظر فى التحولات الحالة فى البرجوازية الصناعية منذ بداية هذا القرن واعلان موتها بعد اغتيالها ثم تأبينها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية تباعا وفى سليلتها الرأسمالية ما بعد الصناعية. وأجادل ان ذلك الارتهان يشمل فيما يشمل الشعب الامريكى نفسه واجادل أن نهاية التاريخ وموت الاديولوجية المعلنان -مما أزعم انهما تاريخ وايديولجية البرجوارية الصناعية-و الاشتراكية بالتماس-كان قد انتج شروط هضبة تاريخية تشرف على مسارات سابقة وآنية فى وقت واحد وكما تستتشرف افاقا من المستقبل-رغم غموضه والتباس اللغة التى يوصف بها الحاضروالمستقبل-فان العرب وكافة الشعوب المقتهرة المفقرة المقهورة- بالاستلاب العنيف -حريون باستشراف تاريخهم الذى كان الاستعمار الغربى-الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية قد كرست الشروط المسبقة لعمليات استحواذه واستقطابه او-و ادعاءه ان لم تشوهه.وعلى افاق الثورة الاليكتروينة قد لا تقصر عن ان تشرف على كوى تسمح بالإطلال على واقع العالم متكاملا بلا انتقائية وموضوعية وفرة المعلومات ومن وراء تنويعات اسيجة الحصار المضروب فى كل مكان فى درجات المقياس المدرح. وقد كانت البرجوازية الصناعية قد ادعت تاريخ و ثقافات العالم فاستلبت تاريخ وثقافات فكرست تشويه تاريخ العالم وتاريخ غيرها ومن ثم تاريخها هي نفسها مرة. ومرة اخرى لما شوهت الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية تاريخها نفسه بفبركته بنفس القدر فان الرأسمالية ما بعد الصناعية تعيد انتاج الاستلاب وربما بصورة اشرس فتحتم عليها بالضرورة هي الاخرى أن تعمش و تشوه او-و تتجاهل فتطمس تاريخ وتراث العرب كيما تستحوذ على تاريخ العرب -وكل من عداها-فى الماضى البعيد والقريب عدا "الكشوفات الجغرافية الكبرى" وقرصنة اعالى البحار. فقد كانت الكشوفات الجغرافية الكبرى وقرصنة اعالى البحار قد قيضت فضاءات للاستحواذ منذ القرن الثانى عشر وحتى القرن العشرين عبورا بالقرن الخامس والسادس عشر بـ:
- الحروب الصليبية الاربعة
-الفتوحات والقرصنة متساوقة مع ما تمأسس على " الاكتشافات الجغرافية الكبرى" ابان القرن الخامس والسادس عشر
-الحروب الاوربية عبر القرنين السادس و السابع عشر
-تجارة الرقيق الجنوب اطلنطية
-ما يسمى بحركة "التنوير" ابان القرن الثامن عشر
-تجارة والافيون فى الصين ما بين 1839-42 و 1856-60
-فرض حرية التجارة على الدول بالسلاح
 -تجارة الافيون منذ 1810 ثم حرب الافيون دفاعا عن حرية التجارة حيث اعقبت هزيمة الصين و اتفاقية نانكين Nanking 1848 و اتفاقية تنيلسين Tientsin فى 1858 التي استولت بريطانيا بموجبهما على هونغ كونغ و فرضت فتح موانئ كانتون-آموى-نانجبو و شانجهاى باسم "حرية التجارة" البريطانية بالطبع
-اسقاط والاستحواذ على امتدادات الخلافة العثمانية بديون حرب القرم فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر
-هزيمة روسيا القيصرية والمانيا الفايمار فى حرب القرم فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر
 -الحربين العالميتين ما بين بداية ومنتصف القرن العشرين
-تصفية المستعمرات السابقة لحساب الكوننة او الامبريالية الرابعة فى نهاية السبعينات على الاقل
ا-الحروب العالمية الممحللة Localized World Wars ً منذ حرب الهند الصينية - ديان بيان فو- كوريا الشمالية حتى حرب البلقان عبورا بحربي الخليج فى نهاية القرن العشرين مما يتم التعرض لبعضه كابعاد تاريخ ومحصلات الحصار.
هل تجارة الرقيق والعمل المقيد وظيفة التوسع الرأسمالي النظري التنظيمى افقيا و رأسيا؟   
 اجادل انه قد لا يقيض ادراك الواقع الموضوعي للحصار بتعالقاته الداخلية والخارجية التاريخية بدون التعرف على او خارج سياق وتنويعات الاستحواذ بالحروب المباشرة وغير المباشرة وباسم او بالتجارة "الحرة" والمتاجرة فى البشر رقيقا او-و مسترقين فاستلاب والاخذ بخناق الفكر والتفكير وتنظيم العمل على تغيير ذلك الواقع. وقد كانت التجارة قد اخذت تشمل فيما تشمل البشر انفسهم فقد راحت اوربا- الرأسمالية تراكم بالعبودية المنقولة عبر الاطلنطي والقارات. وفيما قيضت ايدي عاملة رخيصة بخالص او فائض عمل حي مسترق فقد راح انتاج سلع غير معروفة من قبل يخلق شهية واسعة فى اوربا وغيرها كسلع الشاى والبن والسكر، والبترول من بعدها، فغدت تلك السلع حيوية يستحيل الاستغناء عنها بل تستدعي حروباً دامية مدمرة لاستمرار تدفقها[120]. ولما لم يكن انتاج تلك السلع ولا كانت علاقات الانتاج التى تتوفر عليها مرئية فى اوربا-بريطانيا مثلا كأكبر تاجر رقيق عرفته البشرية-فقد إتسع نشاط الرأسمالية رأسيا-حيث توفرت انجلترا على اخترع السكك الحديدية ومن ثم تحولت باختراع الالة البخارية والسكك الحديدية الى اول دولة صناعية فى اوربا فى الوقت الذى بقيت فيه فرنسا وغيرها فى مرحلة نمط الزراعة التى تعتمد على العمل اليدوي الحي والآلة البدائية. كما اتسع فضاء الرأسماليين افقيا فشمل ثلاث قارات على الاقل اما بتجارة الرقيق عبرالاطلسية او-و بتسويق منتجات العمل العبودي عالميا وبمراكمة رساميل بخالص العمل العبودي وما ينتجه من سلع فى كل من الاقطاعات الخارجية وبفائض العمل فى المصانع حيث بقيت علاقات العمل حتى نهاية العصر الفيكتوري اقرب الى العلاقات العبودية وربما اسوأ وصولا الى ادخال نظام الحركة والوتيرة او التوقيت Time-Motion الفوردية التيلورية Fordism - Taylorism فى بداية القرن العشرين.
كانت مستودعات العمالة توفر للمخدم تجنيد الاقوى كل صباح فلم يكن العبد اسعد حظا من السكان الاصليين اللذين يصطادهم اليانكي-و رعاة البقر-كما الطرائد وقد بات الاول ابطال قوميين مثلهم مثل الفاتحين وقراصنة ما وراء البحار على شطوط شبه القارة الهندية. فقد كان العبد قابلا للاستغناء عنه بآخر من مستودع العمل الرخيص المسترخص وقد بات من يومها الافريقي خارج عداد الآدمية مما يسوّغ حتى اليوم العصف به. و فيما الف مستودع العمل الموصوف اعلاه موردا لا ينفد فقد استرخص العامل الحر بدوره اذ تيسر تلك الجيوش المجانية من الرساميل البشرية استهداف العامل الحر بالافقار والمرض والعجز والضعف والموت فيستبدل بدوره كل صباح بعامل اقوى. وكان انتشار الفقر بين العمال "الاحرار" كبيراً بحيث قدر متوسط العمر بين العمال 17.9 عاما فى القرن الثامن عشر فى ليفربول فغدا أشد ما يفزع الفقراء هو الموت فى فناء الكنيسة. فقد كان الفقير الذى لا يملك ثمن كفنه يذهب الى الكنيسة ليقضى عند ابوابها مما يعنى اعطاء جثته-مثله كمثل القاتل المحكوم-للحكومة التى تقدمه لكليات التشريح لتدفن اوصاله بعد تقطيعها فى حفرة بلا شاهد. هذا وقد الف جيش احتياطي من العمال يغرق سوق العرض بحيث كانت قوة العمل فى المفاوضة على الاجور حرية بان تستضعف مع ارتفاع العرض ازاء الطلب وترد إلى الخاطر فورا غواية شديدة بعقد مقارنة بين حال العبيد والعامل فى المجتمات الغنية فى المقياس المدرح وبين العمال "الاحرار" ابان القرن الثامن والتاسع عشر و العمالة فى العالم الثالث.
وقد نشأت البنوك وبيوت المال والاعمال التجارية المدن البريطانية الرئيسية، وتحول بعض ما كان مناطق حضرية تشارف القرى الى مدن وموانئ عظمى فقد غدت ليفربول اهم واكبر مدينة تشارف لندن فى اهميتها واكبر ميناء تليها بريستول التى ازدهرت بدورها على عائد تجارة الرقيق مما عاد فصب فى الاساس المادى لما يسمى بالثورة الصناعية من ناحية. ومن ناحية اخرى فقد قيضت تجارة الرقيق على ما يقرب ثلاث قرون ارباحا طائلة تدعمت بها الثورة الصناعية الثانية على الاقل ان لم يكن الاولى ثم عادت التجارة المذكورة فسلبت سكان المناطق "المفتوحة" المتوسع فيها ما تبقى لهم. وقد ترتب على التجارة بانواعها ان لم يلبث سكان المناطق "المكنتشفة" و المفتوحة- و لم يكونوا راغبين فى ان يكتشفوا او ينصَّرو او يحدَّثوا -ان أصبحوا فوجدوا انفسهم وقد فقدوا اراضيهم وثرواتهم واحيانا ثقافاتهم. فاذ استلبت المجتمعات والدول المكتشفة- بكسر الشين- ب "المكتشفين"- فتح الشين- فلم يقيض لدول "الاكتشافات الكبرى" وغيرها من تنويعات الاستلاب الاساس المادي والموضوعي لما يسمى بالثوارت الصناعية الاولى والثانية وحسب وانما ارسلت والتوسعات الرأسية توسعات وآفاق رأسية فى مفاهيم وقيم ما يسمى ب "التنوير". فلم يلبث الغرب-الرأسمالية الصناعية ان راحت تتفتح متسيّدة على فضاءات جغرافية ونظرية وآفاق تنظيمية لا تحد وحسب وانما مكنت الفضاءات غير المتنازعة لرأسمالية القرن الثامن حتى الربع الاخير من القرن التاسع عشر وربما الربع الاول من القرن العشرين- بتنويعات الرأسمالية الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية الراسية -بالمقارنة مع تنويعات الرأسمالية اللاتنينة والاسيوية الكنفويشة-الشرقوية-الافقية انصبة عالية من الربح والمراكمة. واناقش بأن الرأسمالية الانجلو ساكسونية الانجلوامريكية وقد قيض لها التمدد مرتاحة تصدرعن النظريات الاقتصادية الداروينية الكلاسيكية سواء الليبرالية او الماركسية وقد قيضتا لها مجددا بحتموية داروينية تأصلت وما برحت تتأصل فى الفكر والتنظيم والقيم والعقل آفاقا وتنويعا نظريا وتنظيما على لحنها التوسعي مما قيض مزيدا من آفاق التوسع بلا ادنى تبكيت على الاطلاق[121].
هل تجارة الرقيق والعمل المقيد وظيفة التوسع الرأسمالي النظري التنظيمي افقيا ورأسيا؟   
 اجادل انه قد لا يقيض ادراك الواقع الموضوعى للحصار بتعالقاته الداخلية والخارجية التاريخية بدون التعرف على داخل او خارج سياق وتنويعات الاستحواذ بالحروب المباشرة وغير المباشرة أو بإسم التجارة "الحرة" والمتاجرة فى البشر رقيقا او-و مسترقين فاستلاب والاخذ بخناق الفكر والتفكير في وتنظيم العمل على تغيير ذلك الواقع. و قد كانت التجارة قد اخذت تشمل فيما تشمل البشر انفسهم فقد راحت اوربا- الرأسمالية تراكم بيع عبيد منقولين عبر القارات. و فيما تقيضت ايدى عاملة رخيصة بخالص او فائض عمل حي مسترق فقد راح انتاج سلع غير معروفة من قبل يخلق شهية واسعة فى اوربا وغيرها لتلك السلع كالشاي والبن والسكر والبترول من بعد فغدت تلك السلع حيوية يستحيل الاستغناء عنها بل تستدعي حروباً دامية مدمرة لاستمرار تدفقها[122]. و لما لم يكن انتاج تلك السلع ولا كانت علاقات الانتاج التى تتوفر عليها مرئية فى اوربا-بريطانيا مثلا كأكبر تاجر رقيق عرفته البشرية-فاتسع نشاط الرأسمالية رأسيا-حيث توفرت انجلترا على اخترع السكك الحديدية ومن ثم تحولت باختراع الالة البخارية والسكك الحديدية الى اول دولة صناعية فى اوربا فى الوقت الذى بقيت فيه فرنسا وغيرها فى مرحلة نمط الزراعة التى تعتمد على العمل اليدوى الحي والآلة البدائية. كما اتسع نشاط الرأسماليين افقيا فشمل ثلاث قارات على الاقل اما بتجارة الرقيق عبرالاطلسية او-و بتسويق منتجات العمل العبودي على نطاق عالمي  وبمراكمة رساميل من عائد خالص العمل العبودي وما ينتجه من سلع فى كل من الاقطاعيّات الخارجية وفىالمصانع التىبقيت علاقات العمل بها اقرب الى العبودية الى نهاية العصر الفيكتوري وحتى بعد ادخال نظام الحركة والوتيرة او التوقيت Time-Motion الفوردية التيلورية Fordism - Taylorism فى بداية القرن العشرين . هذا فيما نشأت البنوك و بيوت المال و الاعمال التجارية فى ليفربول اهم واكبر مدينة صناعية فى العالم وفى بريستون التى تلها اهمية كميناء على عائد تجارة الرقيق مما عاد فصب فى الاساس المادي لما يسمى بالثورة الصناعية.
ومن ناحية اخرى وقد قيضت تجارة الرقيق على ما يقرب ثلاث قرون ارباحا طائلة قيضت بها الثورة الصناعية الثانية على الاقل ان ل يكن الاولى فان التجارة المذكورة عادت فسلبت سكان المناطق "المفتوحة" المتوسع فيها ما تبقى لهم. فقد ترتب على التجارة بانواعها ان لم يلبث سكان المناطق "المكنتشفة" و المفتوحة- و لم يكونوا راغبين فى ان يكتشفوا او ينصرو او يحدثوا -ان صبحوا فوجدوا انفسهم و قد فقدوا اراضيهم و ثرواتهم واحيانا ثقافاتهم. فاذ استلبت المجتمعات والدول المكتشفة- بكسر الشين- ب "المكتشفين"- فتح الشين- فلم قيض لدول "الاكتشافات الكبرى " وغيرها من تنويعات الاستلاب الاساس المادى والموضوعى لما يسمى بالثوارت الصناعية الاولى والثانية وحسب و انما ارسلت والتوسعات الرأسية توسعات و افاق رأسية فى مفاهيم و قيم ما يسمى ب "التنوير". فلم يلبث الغرب-الرأسمالية الصناعية ان راحت تتفتح متسييدة على فضاءات جغرافية و نظرية وافاق تنظيمية لا تحد وحسب وانما مكنت الفضاءات غير المتنازعة لرأسمالية القرن الثامن حتى الربع الاخير من القرن التاسع عشر و ربما الربع الاول من القرن العشرين- بتنويعات الرأسمالية الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية الراسية -بالمقارنة مع تنويعات الرأسمالية اللاتنينة و الاسيوية الكنفويشة - الشرقوية -الافقية انصبةعالية من الربح و المراكمة. و اناقش الرأسمالية الانجلو ساكسونية الانجلوامريكية تباعا و قد قيض لها التمدد مرتاحة تصدرعن النظريات الاقتصادية الداورينية الكلاسيكية سواء الليبرالية او الماركسية و قد قيضتا لها مجددا بحتموية داروينية تأصلت و ما برحت تتأصل فى الفكر والتنظيم و القيم و العقل افاقا وتنويعا لنظريا وتنظيما على لحنها التوسعى مما قيض مزيدا من افاق التوسع بلا ادنى تبكيت على الاطلاق[123]. ولعله من اليسير ادراك انه ان كان التوسع باشكاله غاية الرأسمالية فانه من البداهى الا تمفصل الرأسمالية ما من شأنه ان يحد افاقها هىاو-و يقلق شروط نموها هى الا بقدر ما يفقأ المرء عينه بيده.
و قد تعين على مفصلة طروحات من اجل مزيد من التوسع الافقي والرأسي الرأسمالي ان وصم التغيير الجذرى والثورة فاصبحت الثورة ليبراليا مجرمة مستراب بها "كلمة قذرة" A Dirty Word واشترط التغيير الجذري والثورة ماركسيا بالنضوج فالتمايز فالصراع الطبقي. فلم تزد نظريات التغيير والثورة الماركسية على ان تقعد بالمجتمعات السابقة على الطبقات-رهينة نضوج الطبقات والتضامن بين البروليتاريا الصناعية فالصراع الطبقي من اجل ثورة عالمية. ولم يزد شرط نضوج الطبقات في المجتمعات المستقطبة بعنف فى عمليات المراكمة الرأسمالية بتنويعاها- كشرط للتغيير الجذرى ناهيك عن الثورة فى تلك المجتمعات- عن أن يكون مصادرة على المطلوب-جدليا. وقد بقي دارجا لوقت طويل نزوع ادانة كافة حركات التحرر المسلحة فى كل مكان منذ بداية القرن العشرين على الاقل بتناقض لا يغفر-من قبل المارسكيولوجيين-مع نظرية الثورة الماركسية. و قد تدين او على الاقل لا ترتاح نظرية الثورة الماركسية-الصراع الطبقي-لفكرة الثورة خارج وقبل الطبقات فان ثورة مسلحة للتحرر لا تتوفر لها فرصة نجاح يذكر او ينسى فى ناموس الفكر الماركسي. و كان اميلكار كابرال الذي نظم و اشعل ثورة مسلحة لتحرير غينيا بيساو من الاستعمار البرتغالي فى الستينات قد سئل عما اذا كان يتناقض مع فكرة الثورة اذ يجند قبائل و "بورجوازية" صغيرة من تجار المحاصيل الريفيين لحساب الثورة على الاستعمار فقال: ماذا يتعين علينا فعله ؟ أنبقى حتى تنضح الطبقات فى غيبيا البرتغالية حتى نشعل ثورة تحرير ضد البرتغال؟ وقال كابرال فى مناسبة اخرى بالحرف الواحد : " كيف يتوفر للشرائح السكانية بانواعها فى مجتمع كغينيا بيساو و جزر الرأس الاخضر وسانت تومي وانجولا وموزانبيق وغيرها فى افريقيا البرتغالية ان تنشأ ناضجة صاعدة الى مرتبة أعلى تحت الاستعمار البرتغالى بالذات او أيّ استعمار بهذا الوصف؟"[124]
كانت البرتغال نفسها متخلفة اقتصاديا- اجتماعيا فقد بقيت الطبقة البرجوازية غير صناعية وبقيت فى مرحلة تشارف الطبقة الصناعية دون ان تلحق بها اذ كانت معظم الرساميل الموظفة فى مستعمراتها رساميل اوربية- انجليزية فى المقام الاول فرنسية - جنوب افريقية. أي ان مسلمة ان الاستعمار اعلى مراحل الرأسمالية لم تكن فى حالة البرتغال نفسها صحيحة الا بقدر ما الحقت بالمجتمعات المتقدمة الرأسمالية من التي استثمرت فى مستعمراتها منذ البدء وكرست خصوصيتها الاستعمارية على نحو ملفق. وكانت الطبقة البرتغالية العاملة صغيرة ولا ترقى بدورها الى مرتبة البروليتاريا. ان كلا الطبقتين الاصليتين المتناظرتين لم ترقيا الى مرتبة الطبقات بهذا الوصف خاصة وان البرتغال تتوفر على التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية "الاسيوية" بوصف انها واحدة من مجتمعات النمط الاسيوي-الشرقي المتكلس الراني الى الوراء الرافض للتطور-وفق المسلمة الماركسية المعروفة حول النمط الاسيوي- الشرقي- فلم تكن البرتغال وقد بقيت تراوح عند نمط ادنى من الانتاج الاقطاعي الغربي. وقد تعين ان تبقى كلا الطبقتين البرتغاليتين الرئيسيتين المتناظرتين -التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية - اقل نضوجا وما برحتا حتى نهاية الثمانينات-عشية قبول البرتغال فى المجموعة الاوربية فهل كان واردا ان يتعن على ثورات التحرير فى افريقيا البرتغالية ان تنتظر حتى تنشأ الطبقات البرتغالية صاعدة الى مرتبة اعلى فتتحد الطبقة العاملة البرتغالية مع الشعوب الافريقية المستعمرة لتحصل الاخيرة على استقلالها؟ الا تعيد ماركسيولوجية فكر الثورة بهذا الوصف فكرة الثواب فى "حياة اخرى" كمثل طوباوية "للحاق" و "التنمية" الرأسمالية الصناعية وما بعد الصناعية؟
 وقد بقيت حركات التحرر المسلحة تشارف اليتم النظري ماركسيا واللعنة ليبراليا كما ان نظائرها من الانتفاضات الشعبية العفووية " غير المنظمة بقيت كذلك. وكانت الاولى قد ابلست ليبراليا وتم التنكر لها ماركسيا فقد استعررت الفئات او ما يسمى بـ "القوى الحديثة" من الاخيرة واستباحت الدولة ما بعد القومية - ما بعد التقليدية على السواء- دمها بـ " معونات " ودعم البنك الدولى وصندوق النقد الدولى اذ ابلست وتؤبلس بنفس القدر[125]. واذ نتنافس على ونتبارى فى امتلاك ناصية فكر ونظريات و براديحمات الغرب-الرأسمالية-الليبرالية حينا والماركسيولوجية حينا آخر على نحو يفتقد الالهام والابداع احيانا- الا يقعى نشاط كهذا عند ما قد يشارف رياضة اكاديمية ذهنية فى افضل الشروط؟ هل الحصار النظري التنظيمي الذاتي وظيفة الحصار التاريخي- الثقافي الموضوعي؟ أم العكس؟
وازعم انه كان قد قيض بالهضبة التاريخية -المذكورة فى مكان اخر-اعادة قراءة التاريخ مجددا "من اسفل" ان صح التعبير. واجادل ان شرط الهضبة التاريخية اعلاه كان قد توفر بكل من نكوص – او نشوء حسبما ترى- البرجوازية الصناعية–لعولمة او الامبريالية الثالثة -صعودا او نكوصا- نحو الكوننة او الامبريالية الرابعة منذ الحرب العالمية الثانية فالقضاء على كافة المقدسات والمحارم كما كان قد قيض بمرور الوقت والمصادرة الملحاحة فناء الزعامات البرجوازية والتقليدية التاريخية بالعوامل الطبيعية والاعدامات والموت الادبي والكف فالاطاحة بـ:
-مقدرات البرجوازية الصناعية وقد عصف بها وبرأس المال الصناعي – القومي- الخاص وبالحدود القومية فقضىعلى شروط السيادة القومية وبـ "مشروعية" الدولة.
- رموز الزعامات التقليدية
- المعارضات باشكالها -الداخلية ومعارضات الشتات
-حركات الاقليات المعافاة ومطالبها المشروعة
ومن هنا اجادل شروط استباحة تلك جميعا والتجاسر عليها واستعدائها من قبل الرموز الجديدة لرأس المال عابر الحدود القومية مما قد يغدو امراً مقطوعاً به ومحصلة لحاصل قد يلاحظه الناس فى كل مكان. فاذا ما اضفنا ثورة المعلومات وحرية المعلومات فان امكانات الديمقراطية- و قد مطت حتى حدودها الممكنة والمستحيلة - فى ما اعرفه بـ الديمقراطية عابرة الحدود -المكوننة قد تتظهر فى:
- ردود الافعال ما بعد او ما فوق القومية
-المعارضة الاليكترونية
-ما غدا يشار اليه بـ "الارهاب الاليكترونى" Electronic Terrorism - الذي يكلف اسواق المال والشركات العالمية والدول مليارات الدولارات[126].
-الارهاب الفعلي و البدني
-اختطاف الرهائن مقابل فدية فلكية احيانا من اجل تمويل حركات تحرير مهملة او-و للفت نظر العالم الى قضايا مستتفهة مما غدا كمثل صناعة الكوخ فى بعض المجتمعات المفقرة.
 ما يلبث بعض هذه وجميعها يطل برأسه على خلفية واسعة من المعرفة "المستقلة" مما يتوفر فى الوقت الحاضر ومن فوق تلك الهضبة وبها من ناحية. كما تتوفر بتلك الهضبة التاريخية شروط و امكانات "تصحيح" او -و اعادة كتابة التاريخ الرسمي والشعبي للمجتمعات العربية وغيرها. وربما كان فى محاولة تحليل الاقتصاد السياسي للمعارضة العربية فى سياق كل من تنويعات حصار المعارضة الموضوعي التاريخي منذ التنوير اى الامبريالية الثانية حتى العولمة او الامبريالية الثالثة فى حصارنا الذاتي منذ الاندلس عبورا بالخلافة العثمانية كوة تفتح مغاليق على الابداعات الشعبية فى التعبير عن السخط والانتفاضة او الثورة من اجل التقدم و غيره مما كان قد مسخ من مواضعات ومفردات ادب المعارضة الشعبية او ابلس -بسب من الارث الانجلو امريكى النظري لادب المعارضة التلقائية والمنظمة. فلقد كانت المعارضة التلقائية والمنظمة قد التبستا فى افضل الاحوال او شوهتا تشويها. وربما كان تاريخ او لاتاريخ المعارضة -الشعبية بالذات- فى الغرب- فى بريطانيا والولايات المتحدة -قد مني بالاقصاء. فقد كان ضيق ذرع الحكام بالمعارضة قد تمثل فى تنويعات ماثلة حتى اليوم فى الاشتباه فى المعارضة وربما تجريمها على نحو يلاحظه الناس فى كل مكان فى ممارسات اليمين الجديد فى الثمانينات. وما ينفك تجريم المعارضات المنظمة وغير المنظمة فى ميل ما بعد اليسار- الطريق الثالث-المفترض -تدليسا انه بين الرأسمالية والاشتراكية. فقد راح الاخير يأخذ بخناق بل ابلسة كل من يعاديه منذ نهاية القرن الماضي تباعا. و قد تمظهرت عداوة الطريق الثالث فى الجمهوريات الرئاسية وتنويعاتها وكانت اجندة احلال الاخيرة تساوقت و صعود الاول[127]. من المشوق انه فيما يقضى على الشروع القومي والدولة القومية الا ان ما يسمى بالطريق الثالث يبدو وكأنه خميرة اولية بسبيلها الى فبركة حكومات وسط ائتلافية "قومية" بحيث يقضى على الوان الطيف السياسي التقليدي بصورة شبه دائمة. وفى نفس الوقت يطاح تباعا بالمجتمع المدني -والاهلي باحلال ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية انظر(ي) بعد.
 ومن ملتبسات منهج التوفر على البحث فى المعارضة وغيرها من التمثلات الاجتماعية للعمل الشعبى ما كانت مناهج البحث قد ادت اليه من نتائج لم تزد سوى او توفرت على ما هو اقل من عديم الفائدة احيانا. ولأن المنهج و النظرية لم يكتبا لواقعنا او تاريخنا و-او بقدر ما لم ينحتا من اجل فهم وتحليل تاريخ شعوب المحاور نفسها فقد توفر المنهج والنظر على حبس واقع وتاريخ المجتمات المستقطبة للبرجوازية والصناعية والتابعة لها بالتماس -و العكس صحيح- فى صيغ وتعريفات لا تقبل تلك الشعوب او تاريخها. فاذ اجادل ان البحث كان- غالبا- قد ادى وما برح يؤدي الى محصلات ضارة فقد بقيت مفهومات محورية كمفهوم الدولة والطبقة والحزب السياسي والحركات الشعبية- وغيرها من متغيرات واقع تاريخ المجتمعات السابقة على البرجوازية الصناعية بكامله ومن بعده- واقع وتاريخ المجتمعات التى استقطبت بعنف فى الكوننة او الامبريالية الرابعة متمترسة-منذ ما بين الحربين العالميتين على اقل تقدير- خلف صيغ نظرية ترفض او تمتنع على التعريف الاجرائي. و لم يكن ذلك الرفض او الامتناع محصلة صلف - جهل- استهانة غربية وانما كنا -نحن - مسئولين بدورنا عن تحجر الفكر والنظر.
 


[1]   كانت زوجة احد زملائى ابان دراسة الدكتوراه ترتب الملابس فوق ارفف الثلاجة و تفرش حوض الحمام-البانيو-سريرا لطفلها. و كان احدهم قد ساررنى متكرما مرة انه لم يخرج من قريته الا عندما حصل على منحة للدراسة فى عاصمة ذلك البلد. وعندما وصل العاصمة و سار فى شوارعها لاول مرة و رآى اضواء المرور المتقلبة احمر اصفر اخضر اصيب بالدوار,  و لم يكد يصل غرفته بداخلية الكلية الا بشق الانفس ليرقد مصابا بالحمى 3 ايام.
[2] " ما برح قبر توماس كوك قائما فى جزير الساندويش-البهاما على الرغم من ان الاهالى اغتالوه ومثلوا بجثته فلم يزد نموذج توماس كوك ان كرس مفهوم "رسول الحضارة والانسانية" وكرس اغتياله "وحشية" الاهالى.
[3][3] نشرة اخبار الساعة الثامنة فى  ITV:10.9.2000.
 
 
 
[4] فيما كانت الولايات المتحدة تشجع الارجنتين على التخلص من الديكتاتورية العسكرية كان كيسينجر وزير خارجيتها متورطا فى قلب نظام الليندى الديمرقراطى لحساب ديكتاتورية بينوشيه العسكرية. 
 
 
[6] انظر(ي) الدعاوى والدعاوى المضادة التى يتوفر عليها كل من اليمين الجديد وما بعد اليسار-الطريق الثالث The Third Way-حول القضايا القومية ومن ذلك موقف اليمين الجديد البريطانى-حليف الشركات متعددة الجنسيات-من الوحدة الاوربية و استدعاء اليمين الجديد-المحافظين او بقاياهم لما يسمى بـ "ألايمان بالوطن" Believing in Britain و خطاب حزب العمال-الجديد-الطريق الثالث The Third Way-ابان المعركة الانتخابية فى 1997 وحملة تونى بلير فى28 شهر مارس عام 2000حول بناء "وحدة الامة البريطانية" مجددا و تكريس "الخصائص القومية" البريطانية.كذلك انظر(ي) بطاقة الاقتراع على رئاسة الجمهورية الفيدرالية الروسية التى فاز بها الرئيس الروسى بوتين في 6 مارس1999 حول اعادة هيبة روسيا. والى ذلك لاحظ(ي) حركات استعادة القيصريات والممالك والامارات الاوربية والامريكية اللاتينية من اليونان الى جنوب روسيا الى رومانيا الى الارجنتين. و قد راح الناس يجددون آليات العزة الوطنية او اوهامها فيستدعون احياء عصور ذهبية حقيقية او متخيلة كانت قد تتمأسست على الهوية والثقافة القومية مما كاد يتقوض دفعة واحدة او ربما تقوض جميعه فى سياق الاطاحة بالدول والبرجوزاية الصناعية ومشاريعها القومية تباعا فيما بين الحربين العالميتين. ويمكن عقد قياسات عربية-افريقية على تنويعات مشاريع الهوية او-و الثقافة.
[7] فيما قدرت تكاليف اجتماع السبعة الكبار المنعقد فى جزيرة اوكيناوا باليابان في21 يوليو 2000 بنصف مليار دولار تعبيرا عن "رغبة" اليابانيين "فى توفير اقصى وسائل الراحة لضيوفهم".
[8] The Ugly American رواية ل "وليام ليدرر" William J Ledrer صدرت فى الستنيات حول ابتذال شعوب جنوب شرقى اسيا- كوريا- فيتنام و كامبوديا بالعون الغذائى الامريكى مرمز فى صلافة السفير الامريكى.
[9]  بقيت "مبادئ نظريات "التنمية "الرأسمالية الامبريالية بتنويعاتها التى تدرس اليوم تكرس مرادفات و متضمنات مفهومات "التنوير" الامبريالية الثانية. وقد قمت بتدريس مبادئ نظريات "التنمية " Principles of Development Theory كمادة اساسية فى مركز دراسات "التنمية " جامعة ويلز بسوانزى الذىتموله وكالات العون المالي الكبرى كالبنك الدولى وامثاله بسخاء. و لم يقيض طوال فترة تدريس تلك المادة توفر مراجع او مرجعيات "من اسفل" ان صح القول، أى من وجهة نظر المخضعين لـ "التنمية " حول تلك النظريات او مبادئها بالاحرى- فيما بقيت اعداد المنظرين العالم "ثالثيين" و "رابعيين" اندر من حبات ماء فى غربال الاستبداد النظرى/التسييد او التمركز الاكاديمى جميعا.
[10] اصبحت شدة الشبه بين بيلير و مارجريت ثاتشر ملحوظة بحيث غدى تونى بلير يعرف بـ "ابن مارجريت ثاتشر المتبنى" فيبدو فى الكاركاتير جالسا فوق حجرها ولا تخفى هى اعجابها به بل تدعوه ل "الدردشة" حول فنحان شاى و تهيل الثناء علنا على بعض سياساته-او لا سياساته -الاوربية بشأن توحيد العملة مثلا.
[11] واحب ان استخدم مفردة "التنمية " بين قوسين طوال الوقت لولا وعثاء المعناة الكتابية لذا ارجو قراءتها كذلك كلما وردت
[12]  جايسون كاولى Jason Cowly النيوستيسمان عدد 15-30 ديسمبر 2003 ص30-32.
[13] تقرير منظمة الامم المتحدة للتنمية لعام 1999.
[14] من تقرير لمنظمة العمل الدولية 2000
 
 
[15] Hoogvelt, A:1997:Globalisation and the Postcolonical World:Macmillan Press:London.
[16] Hoogvelt, A:1997:Ibid.
[17] من دراسة حول تانيث التاريخ و السوق:بعنوان "النسوقراط ووأد البنات" افاوض على نشرها لدى دار الفسطاط-القاهرة.
 
[19] انظر(ى) http://www.bbc.co.uk/radio4 : Melvin Bragg:in our times:Thusday.27.2.2002:9.15am. Bragg
 
[21] انظر(ي) كيف تحول موت الاميرة ديانا الى تظاهرة لا يدرك المشاركون فيها لماذا يضعون كل تلك الازهار و ما معنى اضاءة تلك الشموع الا بقدر مما الف معنى تبادل الناس على نحو محيرعزاء فى موت امرأة لا يعرفونها.
 
 
[24] انظر(ى) Edward Hooper: 1999: The River: London.
[25] نسبة الى جون كالفين -1509-1564-الثيولوجي الفرنسى واحد قادة الحركة البروتستاتنية وكان تأثيره قد انتشر فى كل من سويسرا وانجلتر و سكوتلندا.
 
[25] الا ما خلا كوبا الصامدة على حصار رأس رمح الامبريالية الرابعة وولاية كيرالا- الهندية-المحاصرة بفوضى ما يعتمل فى شبه القارة الهندية.
[26] ليس صدفة ان يكون شايلوك تاجرا من البندقية التى كانت قد ازدهرت على اثر حملة نهب استنبول عاصمة الامبراطورية الرومانية الشرقية و قد مولها الامراء والتجار باسم و تحت رايات الصليبية الرابعة.
[27]  ضرب الصرب الجسر الذى بناه الاتراك فى البوسنة قضاءا على اثر عثماني عريق. لقد كانت غاية تدمير ذلك الشاهد التاريخى تقسيم جزئي المدينة بين بوسنيين وغير بوسنيين الى ازالة كل اثر لتاريخ البوسنيين كلما امكن ذلك بوصف ان تلك الشواهد الحجرية قمينة باثبات حق البوسنيين فى الارض والمدينة.
 
 [28] انظر(ى) Globalisation of Knowledge :London : Turner :1990 فالباحثون والمفكرون و الاكاديميون مسئولين عن ابعاد الحصار-انظر(ى) ايضا امثال بيلا بلاسا Balassa و جونسون و باور و فريدمان و غيرهم.
 
:[29]انظر(ي) Balassa, B.,1970:"Growth strategies in Semi-Industrialised Countries:Quarterly Journal of Economics:vol:84,pp.24-50 also "Outward Oreintation",in H.Chenery &T.N Srinivisan(eds.)Handbook in Deveopment Economicss,Vol.II.Amsterdam:North Holland
1971: Trade Policy for developing countries:American Economic
 
 [30] حابي Habi و هو اله اخر غير اله النيل حابي Hapi احد ابناء حورس ا لاربعة وهو اله اخر غيرHapi اله النيل ورمز الوفرة: انظر(ي) بعد
[31] " سانت اوكسبري فى "ارض البشر" من اعماله شديدة الرمزية و السهولة الممتنعة معا ابان المقاومة الفرنسية للنازى.
[32] http://www.bbc.co.uk/science
[33] فيليب جدولد Phillip Gould مستشار ثاتشر و كلينتون و بلير ابان السبعنيات و الثمانينات حتى التسعينات
[34] Radio 4: 18.10.2000. Wednesday-14.10pm.
[35].Radio 4: Tuesday:18.10.2000:11.15am
[36] الا ما خلا كوبا صامدة على حصار رأس رمح الامبريالية الرابعة و كيرالا محاصرة بفوضى ما يعتمل فى شبه القارة الهندية.
[37] انظر(ى) Sacks Wolfgang:1992: A dictionary of development: A guide to Knowledge as Power:pp:104 & Estava and Sacks and Jose Maria Sbert:in Sacks Wolfgang: PP:6-25 & 102-115 & 192 -205
[38] تتناسب نسبة مستخدمى الانترنيت طردا مع التمايز الطبقى ومعدلات الدخول فى المجتمع الواحد حيث تنخفض نسبة مستخدمى الانترنيت بين مفقري المجتمعات الغنية الى اقل من 3% و ترتفع الى ما يزيد عن 50% بين اصحاب الدخول المرتفعة وتتناسب عسكيا جغرافيا من الشمال الى الجنوب و بين الانجليز و الايرلنديين و الويلش والاسكوتلدنيين و قطاعات عريضة من الهيسبان Hispanic و السود فى الولايات المتحدة مثلا.
[39] اجادل ان اى سلطة تحتاج الى مثلجة و ترشيد. فسلطة الاباء على ابنائهم الى سلطة الحاكم الى سلطة الالهة تحتاج الى فتتعين على خلق ميثلوجيا لترشيد نفسها. و لم تقصر اوربا منذ نشوئها فى نهاية القرن الخامس عشر كقوى عالمية سوى ان اعادت انتاج ما توفرت عليه سابقاتها من الثقافات. و كنت قد جادلت اعلاه و اجادل تباعا ان طواقم قيم اغلب المفكرين و مفاهيم سلطتهم مثلهم كمثل معظم الاستعماريين كانت تصدر عن قيم قنية تتصل بكل من الطمع السلطوى و الشراسة المادية. و من المفيد دائما تذكر ان معظم الافراد الذين تحولوا فيما بعد الى مرجعيات حول الشعوب المكتشفة و الفضاءات المفتوحة والاقوام المهزمة غدوا "مؤسسات" فكرية و نظرية. و كان كافة الرحالة و المغامرين الاوربيين الذين انطلقوا مع بدايات تفكك العلاقات الاقطاعية-سواء عبر الفضاءات الجغرافية او الفضاءات الفكرية-فانتشروا فى افاق المعمورة كانوا من الاقنان أو من العبيد المعتقين بواقع متغيرات علاقات العمل الجديدة و باكرا قبل حلول الرأسمالية الصناعية. على انه على الرغم من انه لم يكن من بين المغامرين المذكورين اعلاه عضو من اعضاء الطبقة الارستقراطية الا ان الطبقة الارستقراطة ادعت الاقاليم المستولىعليها-المكتشفة او المفتوحة و كافة "منجزات" المغامرين و القراصنة المتسحوذ عليها فى تلك الاقاليم.
[40]  بقيت "مبادئ نظريات "التنمية ":الرأسمالية الامبريالية بتنويعاتها التى تدرس اليوم تكرس مرادفات و متضمنات مفهومات "التنوير" الامبريالية الثانية. و قد قمت بتدريس مبادئ نظريات "التنمية " Principles of Development Theory كمادة اساسية فى مركز دراسات "التنمية " جامعة ويلز بسوانزى الذىتموله وكالات العون المالى الكبرى كالبنك الدولى وامثاله بسخاء. و لم يقيض طوال فترة تدريس تلك المادة توفر مراجع او مرجعيات "من اسفل" ان صح القول اى من وجهة نظر المخضعين ل "التنمية " حول تلك النظريات او مبادئها بالاحرى- فيما بقيت اعداد المنظرين العالم "ثالثيين" و "رابعيين" اندر من حبات ماء فى غربال الاستبداد النظرى  والتسييد او التمركز الاكاديمى جميعا.
[41] عاد الامريكان-ومنهم كلينتون نفسه-فاخذوا يستعيرون و يدعون اصولاً هندية و يستدعون استخدامات من الاجزاء الثقافية لـ "الهنود الامريكان" بوصف انها دليلا على "الاصالة"- كمثل ما يفعل اليهود بالثقافة الفلسطينية فيفعلون بتراث الهنود الامريكان ما فعلته السكك الحديدية ومزارع رعاة البقر بارض السكان الاصليين.
[42] عاد الامريكان-ومنهم كلينتون نفسه-فاخذوا يستعيرون و يدعون اصول هندية و يستدعون استخدامات من الاجزاء الثقافية ل "الهنود الامريكان" بوصف انها دليل على "الاصالة"- كمثل ما يفعل اليهود بالثقافة الفلسطينية فيفعلون بتراث الهنود الامريكان ما فعلته السكك الحديدية ومزارع رعاة البقر بارض السكان الاصليين.
[43] فيما دمرت و احرقت الكنيسة الكاثوليكية البرتغالية مئات المعابد الهندوسية فى جوا  شمال غرب شبه القارة الهندية بنت عشرات الكنائيس. و كان الجاوييوان يجلدون و يحرقون فى سبيل تنصيرهم ابان محاكم التفتيش. و كانت محاكم التفتيش قد انشأت لها عدة نقاط كمقر خاص و اتصلت لمائتى عام ما بين 1560-1860 فى شبه القارة الهندية.على ان اللذين راحوا ضحية التنصير لم يعتبروا شهداء كنظائرهم المسيحيين.
[44] اجادل ان نظريات التجانس و المساواة والعدالة لم تبرر التفرقة العنصرية والثقافية فالسيطرة والاستحوذ بل صوغت تنويعات العبودية المتسترة و المنقولة معا: انظر(ي) بعد.
[45] يقف العالم على ساق عندما تتعرض حياة حوت او زرافة لخطر ما و تلقى امرأة بنفسها امام شاحنة ترحل الماشية الى مذابح اوربا و تبكى ممثلة على شاشة التلفيزيون لان مساحة قفص ستيلا و ديمترى تبلغ 8 اقدام فى 12 قدم وحسب فيما يعيش كل 100 انجولى فى خيام مهلهلة على مشارف لواندا و تحشر اسر مماثلة فى معسكرات خارج مدن البرازيل و تكاد قرى جنوب سودانية تنقرض بوباء مرض النوم و الملاريا و مئات الالاف من الجنوب افريقين بالايدز فيما يتبرع رؤساء خليجيين بملايين الدولارات لانقاذ حوت تحاصره الثلوج عند شواطى جرينلاند و اجراء عملية لفيكتور الزرافة نزيل حديقة الحيوان البريطانية.
[46] انظر(ى) Edward Hooper: 1999: The River: London
[47] اتهم الدكتور بيرتا باسون بترأس مشروع لتسميم أعداء الابارتايد ابان حكومة برتوريا ب 46 تهمة منها قتل السود. سوى ان القضاء برأه الجمعة 12.4.2002 و تستأنف حكومة جنوب افريقيا ضد باسون,
[48] Globalisation: Unreported Worlds: Channel 4:Friday 22-9-00-8.00pm
[49] حتى لا أتهم باهمال ضحايا العرب من جراء عمليات الاستيعاب و "التحديث" و التحضير المتصلة فقد رأيت الا اغامر باملال القارئ العربى باحصاءات حول ضحايا "الحضارة الغربية" وثمنها من ال"خسائر الموازية" العربية مما يعرفه باكثر ما ادعى فقد اوجزت الامثلة علي تلك "الحضارة" عموما وليس تخصيصا فى العرب وحدهم مع بعض القياسات من و على العرب.
[50] رأى بيير دى لا بيريه المستعمر الفرنسى عام 1922 فى الجنوب الاقسى لجزيرة مدغشقر- الذى كان نبات التين الشوكى الكثيف يعصم سكانه من التوسع الفرنسى اليهم اذ استعصى اخضاع الاهالى على المستوطنين الاوربيين طويلا فلم يتمكنوا من الاستيلاء على اراضي و قطعان الاهالى و جباية الضرائب منهم فاقام الحاجز عائقا امام طموحات دى لا بيير فقال :" سيكون جريمة بحق الانسانية ان نترك حاجز نبات التين الشوكى يحول بيننا و بين الثروة و العمالة المتوفرة خلف ذلك الحاجز". و غنى عن القول ان بيير دى لا بيرييه عنى بتدمير الاساس المادى لسكان جنوب مدغشقر. و لم قيض له ذلك الا بدس حشرة فتاكة فى نبات المستعمرة اودت بنبات التين الشوكى الذى كان يعتمد عليه سكان غذاء لهم و لثروتهم الجيوانية العظمية من البقر فادى الى مجاعة بين السكان الاصليين للجزيرة فلم يلبثوا ان خرجوا و ما ابقى لهم من قطعانهم مهاجرين قسرا نحو الشمال. و غنى عن القول ان تلك الممارسات الاستعمارية ل"تطوير" المستعمرة بكل من الاستيلاء على البقر و الارض وفر ايدى عاملة مسترخصة او عملا اجباريا فى اراضى المستوطنين زيادة على تسهيل جباية الضرائب للحاكم.
[51]       Freidman, J:1977: Asiatic Systems, Structures and Contradiction in the Evolution of the Asiatice Mode of Production : The Evolution of the Asiatic Social Formations:PH.D.thesis:University of Columbia. 
               
       
[52] 4www.bbc.co.uk/radio four  corners 11.02am Thursday 3 Nov.2005
 
[53] " ما برح قبر توماس كوك قائما فى جزير الساندويش-البهاما على الرغم ان الاهالى اغتالوه ومثلوا بجثته فلم يزد نموذج توماس كوك ان كرس مفهوم "رسول الحضارة والانسانية" واغتياله "وحشية" الاهالى.
[54] كما يحدث تباعا مع سكان استراكليا الاصليين و سكان كندا الاصليين حيث ينتشر الادمان والميسر و الامراض التناسلية بينهم فيما يروح التبطل و الاعتماد على الكفالة الاجتماعية يأخذان بتلابيبهم فلا ينفكون يبيدون انفسهم بانفسهم بالانتحار و الجريمة. وحيث يأخذ الايدز يحصد افريقيا جنوب الصحراء بحيث يتنبأ البعض بان مجتمعات بكاملها-بوتسوانا- قد تنقرض تماما فى غضون سنوات واخرى- جنوب اقريقيا تفرغ من فئات سكانية فى مجميع الاعمر الاقتصادية المنتجة كعمال المناجم وغيرهم يعترف احد الكتاب بان ثمة من يصرح: " لان ثمة اعداد زائدة منهم-الافارقة-فربما كان تلك هى طريقة الله فى معادلة الارقام There are too many of them it is God s way of keeping numbers" نشرة اخبار الساعة الثامنة فى  ITV:10.9.2000 -و فى نفس الوقت يروج ابيض فى تاسمانيا و فى الولايات المتحدة و كندا يدعون اصولا ابوروجينية او "هندوامريكية" اصلية على سبيل الموضة او-و الاحرى استباقا لصدور قانون استرجاع اراضى السكان الاصليين.
 
[55]
[56] Panoram:BBC 1:Sunday:10.3.2002-21.30
[57] جيفرى هاو- Jeffery Howeوزيرالمالية 19179-1983 و نائب رئيس الوزراء حتى 1990 ابان حكومة المحافظين-مارجريت ثاتشر.
[58] من ذلك ان حكومة جمهورية السودان تدفع بموجب اتفاقية الاستقلال ومنذ الاستقلال وما برحت تدفع مرتبات الاداريين الاستعمارين البريطانيين حتى اليوم. ومن هؤلاء الاداريين على سبيل المثال سير دجلاس دودز باركرDouglas Dodds-Parker الذى يبلغ من العمر 92 عاما و تبلغ زوجته-الامريكية- الثالثة 62 عاما. و ما يبرح سير دودز باركر فى صحة جيدة نشطا يصرح حول شئون افريقيا على قنوات التيلفيزيون حتى الاسبوع الاخير من اكتوبر 1999. بوصف انه مصدر ثقة يؤخذ عنه القول الفصل فى شئون القارة الافريقية بكاملها. من مقابلة مع السير جيمس روبرتسون السكرتير الادارى للحكم الثانئى بين 1948-1951 والحاكم العام لنيجيريا 1954-1965 بيته بمدينة تشولسى - اكسفوردشير - 1982 .
[59] انظر(ى) Siohan Summerville :Scientific Racism and the Invention of the homosexual Body in Roger N. Lancaster & Michaela di Leonardo: the Gender Sexuality: Reader: Culture, History, Political Economy: 1997: PP; 37-52. .
[60] قدر ضحايا الحروب بانواعها و المجاعات والتصحر الخ ابان العقود الثلاث الماضية ب 32 مليون نسمة.
[61] يقدر تقرير الامم المتحدة حول البيئة GO2 UN Report on the Environment لعام 1999 ان ثلثي سكان العالم يعانون من جراء الموارد المائية المتناقصة و ان متوسط دخل 1.3 مليار من سكان العالم يقل عن دولار فى اليوم.
[62] يدعى ادوارد هوبر فى كتابة النهر ان تجارب على فيروس الايدز تستخدم اكباد و طواحيل القرود والشابمانزى التى توخذ منها انسجة جلدية للامصال قد سربت الايدز الى مصل شلل الاطفال. و قد كان من جراء حملة منظمة الصحة العالمية لتطعيم اطفال افريقيا ان انتشرالايدز من فصيلة 1 و 2 فى دول جنوب الصحراء وغرب افريقيا: زائيري و السنغال و بورندى الخ . انظر(ي) Edward Hooper: 1999: The River: London
 [63] انظر(ي) تقرير الامم المتحدة حول البيئة GO2 UN Report on the Environment سبتمبر 1999
 
[65] انظر(ى) الى كيف يسمح اليهود لهم بان يقولوا او يفعلوا اى شئ و كل شئ فيما يساومون على تاريخ اضطهاد متوهم اومبالغ فيه – ثم ما يلبثون يمنعون على غيرهم ذلك. تدير مقدمة برامج امريكية تدعى روبى واكس حلقة نقاش ليلية على قناة ال BBC تستضيف يهود او اغلبية من اليهود – طبعا- فى كل ليلة – طبعا- يثرثرون بلا نص مكتوب على هواهم حول مائدة حافلة بالطعام والشراب. و لا تتورع روبى واكس عن ان تعلن وهى تترك شلة الثرثرة للحظات من ان لآخر ان تعلن بالدارجة الوقحة فى صلف و تحدى :" ساذهب للتبول" I am going to urinate
[66] كان الطريق الثالث قد اعاد تصنيف التمايز الطبقى فى 1999 على اساس مهنى Professionsو ليس الطوائف الحرفيةTrades and vocations بالطبع . فغدا الممثلون والفنانون يتبعهم اساتذة الجامعات و الممرضين والممرضات كطبقة وسطى عليا.و جاء الاطباء والمحامون و رجال العمال الصغيرة بعد هؤلاء ثم الجيش والبوليس و العمال المهرة يتبعهم باقى العمال. حين اجرى مسح فى 1989 حول تصور الافراد لمكاناتهم الطبقية وجد ان 48% يعتقدون انهم ينتمون الى الطبقةالوسطى العليا و 26% من بين الطبقة الوسطى- الوسطى وممتعين بسبب عدم الوضوح و  28% الى الطبقة العمالية و 1% الى الطبقة العليا. سوى انه كلما وجد اليمين الجديد او-و الطريق الثالث نفسه فى مأزق يروح يستعدى بعض الفئات على اخرى فيما يشبه حرب طبقية. مثل ذلك استعداء بعض فئات الطبقات الوسيطة بقيادة جوردون براون وزير المالية البريطانى-الاسكتلندي الاصل- فى نهاية مايو 2000 جامعة اكسفورد بتهمة الصفووية Elitism فى حملة اتصلت اسبوعين . الا ان حظ خريجى المدارس الخاصة لدخول جامعتى اكسفورد و كيمبريدج اللذين يتألفون من الطبقة العليا و الطبقات الوسطى العليا حيث يبقى حظهم 12 مرة مقابل حظ خريجي المداس الحكومية في دخول جامعة كاكسفورد او كيمبريدج.
[67] Gardiner Juliet & Neil Wenborn: 1995: The History Companion of British History: p 518
 
[68] نجمة اول الاسبوع: جيريمى باكسمان : انجلترا الوسطى : اعادة كشف نقابها Middle England Uncovered : الانثنين 15.5.200 الساعة 9.10 صباحا و ايضا ميلفين براج Melvin Bragg القناة الثالثة ITV الاحد 4.7.199 الساعة العاشرة مساء.
[69] [69] يحيط المالكون و الاثرياء بيوتهم بالسلك الشائك و بعشرات الكاميرات خوفا من عامة البيض والسود فى الولايات المتحدة. و اذ يقتل الفرد لاقل سبب- خمسة دولارات دين لم يوفى – او بلا سبب فعليك وحسب ان تهبط فى هيوستون -تكساس حتى تجد استحالة السير فى الطريق لبضعة ياردات دون التعرض للعنف و لفهم ثقافة البندقية. و يكفل قانون حقوق الفرد فى الدستورالامريكى حق الفرد فى امتلاك و الاحتفاظ بالاسلحة النارية و يبلغ عدد الاسلحة النارية المملوكة لافراد 250 مليون سلاح نارى. و فيما يجدول البوليس ما يصادرمن اموال تجار المخدرات فيشترى الاسلحة النارية من الجمهور فى الحملات الاخيرة لمكافحة موجات العنف المدنى- كل بندقة او مسدس ب 100 دولار–يعود البوليس فيبيع تلك الاسلحة لتجار السلاح فتنتهى مرة اخرى فى ايدى المجرمين فى دائرة جهمنية.
 
[71] فيما اشتعلت اكثر من 162 حربا عالمية ممحلة منذ الحرب العالمية الثانية فان ما لا يقل عن 40 دولة مستقطبة اليوم فى حرب عالمية ممحلة او اخرى مابين حرب اهلية او تنازع على الحدود او حرب اثنية و قد اعادت الصراعات الاثنية فى يوغسلافيا فى التسعينات الحرب لاول مرة منذ 1945 من ابواب الى قلب اوربا من جديد . واذ يصعب كالعادة احصاء التراكمات العددية التى لا وجوه لها ممن تم تشريدهم بالحروب فى اشكال النزوح العنيف ممن تقدر اعدادهم بحوالى 13 مليون شخص كما ان ثمة 16 مليون من اللاجئين و المهاجرين اللذين لا ينقطع سيلهم يوما. و تعتبر هجرات التسعينات اعنف و اوسع و اكثر عددا من حيث المجاميع التى هاجرت من اوطانها عابرة اوربا ابان الحرب العالمية الثانية. وحتى عندما لا تطلق طلقة واحدة فان صناعة السلاح تكرس افتقار مليارات من البشر من الصغار و الكبار و/ او تعرضهم للمرض و للموت المبكر بسبب الفقر و سوء التغذية لان المال اللازم للتوفر على حاجاتهم و انقاذهم ينفق على صناعة و انتاج السلاح.
[72] لما لم يستبعد الفكر التنويرى Enlightenment الغربى- الرأسمالى بل قد يبرر فكرة ابادة شعوب بكاملها تسريعا لعمليات الانتخاب الداروينى-غير الطبيعى-فان البرجوازية الصناعية و وريثتها الرأسمالية ما بعد الصناعية- الولايات المتحدة - لم تتورع منذ بدايتها ليس عن ابادة شبه كاملة للسكان الاصليين فى العالم الجديد والامتدادات المتوسع فيها والمفتوحة فلا تتورع الولايات المتحدة عن الاطاحة بما يشذ عن سياساتها من انظمة او قتل من يختلف معها من الافراد. فلم تكد قوى الرأسمالية تنفض عن اوربا غبار الحرب العالمية الثانية حتى اشعلت الولايات المتحدة حرب كوريا التى اودت بما قدر ب 1.5 مليون نسمة تلتها بعشر سنوات وحسب حرب الفيتنام التى قدرت خسائر الولايات المتحدة فيها ب 55 الف جندى فيما راح ضحية حرب التحرير الفيتنامية ما قدر ب 2.5 مليون نسمة معظمهم فلاحين جزرهم الجنود الامريكيين بقنابل النابامل فى قصف "بطاطينى" بلا انتقاء . فان كانت حربا كوريا و الفيتنام قد لفتتا انظار العالم الا ان يوما من بعدهما لم يمر والعالم فى سلم فقد ابقت المراكمة ما بعد الرأسمالية والعسكريين الامريكيين اللذين يتمتعون بعبقرية فائقة فى تنشيط شروط تصميم اجيال بعد اجيال من وتصنيع السلاح منذ ما بين الحربين عبورا بما يسمى ب"الحرب الباردة" حتى "نهاية الحرب الباردة" فى حالة انتاج دائم و تطوير متصل لادوات الدمار. فمن الاسلحة التقليدية غير المجربة بعد على حيوان او بشر الى حرب النجوم - انظر(ي) بعد تستخدم الاسلحة ضد المدنيين حيث قدر عدد ضحايا ما يعتقد انه يبلغ 20-32 مليون مدني فيما بين 80 الى 154 حربا "عالمية"ممحللة اشعلت بعد 1945.
 
[73] يحيط المالكون و الاثرياء بيوتهم بالسلك الشائك و بعشرات الكاميرات خوفا من عامة البيض والسود فى الولايات المتحدة. و اذ يقتل الفرد لاقل س ب- خمسة دولارات دين لم يوفى – او بلا س ب فعليك وحسب ان تهبط فى هيوستون -تكساس حتى تجد استحالة السير فى الطريق لبضعة ياردات دون التعرض للعنف و لفهم ثقافة البندقية. و يكفل قانون حقوق الفرد فى الدستورالامريكى الحق فى امتلاك و الاحتفاظ بالاسلحة النارية دفاعا عن النفس والملكية. و يبلغ عدد الاسلحة النارية المملوكة لافراد 250 مليون سلاح نارى. و فيما يجدول البوليس ما يصادرمن اموال تجار المخدرات فيشترى الاسلحة النارية من الجمهور فى الحملات الاخيرة لمكافحة موجات العنف المدنى- كل بندقة او مسدس ب 100 دولار – يعود البوليس فيبيع تلك الاسلحة لتجار السلاح فتنهى مرة اخرى فى ايدى المجرمين فى دائرة جهنمية. 
[74] و فيما وصمت البرجوزاية الصناعية فترة الحروب الاهلية الاوربية بان اطلقت عليها "الاقطاع "النغل" Bastard Feudalism فقد ارجعت البرجوازية الصناعية اصل الصراع لضعف النظام الملكى -العرش فى مواجه رعايا يستقوون عليها مما ترتب عليه فيما يبدو ان نذرت البرجواية الصناعية الا يتكرر مرة اخرى. و قد صارت صيحة ان :"ليس ثمة اسوا من حكومة الغوغاء  Nothing is worse than an Auclocracy or mobology  تطيرا بقى حتى يومنا هذا متخفيا وراء معمشات مفهوماتية. انظر(ى) BERSHADY, Harold   (1973)  Ideology and Social Knowledge.  Oxford. فحين ورثت معظم شرائح الارستقراطية الكلاسيكية و شرائح السلطة الاقطاعية التقليدية الدولة مجددا اعادت كتابة تاريخها و كتابة تاريخ تلك الفترة فكرست مفهوم العنف السياسى.
[75]  يتضح السخط العام فيما يتضح فى استفتاء متلفز اذاعته احدى القنوات البريطانية. صوَّتَ المشتركون على ما اذا كانت حكومة حزب العمال الجديد قد خزلت الذين صوتوا لها  بوصف ان حزب العمال الجديد- الطريق الثالث احل الزبالة- الولاية Patronage مكان الديمقراطية وأحل  افراد غير منتخبين من جماعات  الكوانجوزالانتهازيين Mercenary QUANGOs مكان البرلمان-Channel 4 السبت 6.5.2000 الساعة 19.30.
[76] الا ما خلا كوبا صامدة على حصار رأس رمح الامبريالية الرابعة و كيرالا محاصرة بفوضى ما يعتمل فى شبه القارة الهندية.
[77] انظر(ى) ايضا Rees,John:Socilism and War:The Socialist Workers Party:London :new 5:Edtion:1999
[78] BBC Radio 4 Sunday 1st Oct. 2000 5.15
 
[79] عليك ان تزور الولايات المتحدة اسبوعا حتى تجد انك تخلفت اسابيع عن مجريات امور العالم. فليس لكل ولاية و احياينا بعض الافراد صحفا وقنوات فضائية على حدة وحسب وانما لا تعنى الصحف الشعبية بالاخبار العالمية. ولا تغرنك السى ان ان CNN. ذلك ان ما تذيعه السى ان ان CNN لعالمية من اخبار و تعليقات على الاخبار وتقارير شئ والسى ان ان CNN المحلية شئ اخر.
[80] ففيما كان راس المال البرجوزاي الصناعي انتقائي حول حله و ترحاله فقد كانت حركة الناس رهينة فىالقرن التاسع عشر بالارادة الملكية مما سمح بحرية حركة واسعة الا ان بداية القرن العشرين شهدت تطورات متناقضة فى كل من دقرطة حدود حركة رأس المال - ما بعد الصناعى فيما قد نشأ ميل معادي للاجانب والغرباء Anti-Alienisms- فان استقكب الغنى والافقار فقد سادت خشية المجتمعات الغنية و الاغنياء من ان يجتاحها طوفان الافقار و المفقرين الآت من المجتمعات المفقرة بمحض حركة رأس المال ما بعد الصناعى نفسه.
[81] شيّدت الملكة اليزابيث الاولى 50 قصرا ملكيا من عائدها فى شكل غنائم عينية من الفضة والذهب والاحجار الكريمة. و قد قد بلغت عوائد الملكة 5000% من اصل ما استثمرت فى رحلة القرصان وولتر رالى Walter Raleigh الى العالم الجديد زيادة على ما اتاها والتر رالى به من هدايا تقربا منها و العرش لغرض فى نفسه وقتها.
[82] انظر(ى) Juliet Gardiner & Neil Wenborne-Eds-: British History: 1995:793-5 .انظر (ى) ايضا المثقف و الغوعاء يعد للطبع.
[83] http://www.bbc.co.uk/radio4
[84] [84] انظر(ى)—hrs.30.7.2002:20.30اwww.bbc.co.uk/history و Strachey. Y.L :1918: Eminent Victorians London و David Crystal: 1998 The Cambridge Biographical Encyclopaedia: p: 985:
 
 [85] فان كانت الحرب رئة صناعية حيوية للمراكمة الرأسمالية بتنويعاتها الانجلو ساكسونية -الانجلو امريكية منذ عشية الامبريالية الثانية منذ القرن السابع عشر حتى الكوننة الاان القضاء على مقاومة كل من المانيا و فرنسا للتضامن الاوربى الامريكي فى امن جل احلال "السلام" اى سلام الغرب.
[86] انظر(ى) بعد
[87] The highly articulated dominant centra system is likely to experience high entopic, more random, chaotic degeneration of energy processes; Following an initial condition of a highly developed model of cybernetics, information and control, a highly articulated ideology, a world view, a dominant rationale, a highly. انظر(ى) ايضا خلدون النقيب : 1987 :بيروت .
و لعل تضعضع الخلافة المشرقية النسبي كان-على الرغم من او-و بسبب وجود الخلافة المغاربية فى الاندلس قد اغرى ملوك الفرنجة بها. و ربما فاقم ذلك معدلات تضعضع االخلافة المشرقية لحساب اوربا تباعا. و قد يتمثل ذلك فى بداية نهاية احتكار اوربا للمواني التجارية و سقوط اساطيلها للمغامرين و القراصنة الاوربين بدعم دولهم و جيشوها كما فى شبه الجزيرة الهندية على الخصوص. و كان نزوح الثقافة- الحضارة الاسلامية و الخلافة الاسلامية الى شمال افريقيا و الاندلس وظيفة تطور وسائل الانتاج-المادي و اللامادي معا. الا ان تلك الحركة قد لا تتمثل فى اسباب ما قد يعتبر بداية منوال -و لو كان بطيئا بالحسابات المعاصرة -نشوء حالة من فوضى المعلومات و الادارة ترتب عليها فيما ترتب من تضعضع اطراف ثم الخلافة الاسلامية فى الجزيرة العربية والعراق و الشام فى القرن التاسع مثلا فنزوحها الى شمال افريقيا والاندلس. ذلك ان وسائل الانتاج الجديدة التى كانت قد توفرت بالقرصنة و النهب و السلب لاوربا الغربية على الخصوص والتوسع فى مجالات و فضاءات اوسع قيضت موارد مادية و لا مادية ومن ثم تطوير ادواة انتاج مادية ولامادية تفوقت على نظائرها العربية الاسلامية.
 
[89]  قد تتمثل تلك الحركة فى اسباب ما قد يعتبر بداية منوال-و لو كان بطيئا بالحسابات المعاصرة-تضعضع الخلافة الاسلامية فى الجزيرة العربية والعراق و الشام فى القرن التاسع مثلا فنزوحها الى شمال افريقيا والاندلس. فربما كان نزوح الحضارة الاسلامية والخلافة الاسلامية الى شمال افريقيا والاندلس وظيفة تطور وسائل الانتاج- المادى واللامادى معا. و قياسا فقد ترحلت الثفافة الانجلو ساكسونية استرااسيا والى العالم الجديد الذي قد تترحل الكوننة بدورها الى فضاءات مستحوذ عليها فى شكل جزر مكوننة.
[90] اصبحت شدة الشبه بين بيلير و مارجريت ثاتشر ملحوظة على نحو بحيث غدى تونى بلير يعرف ب "ابن مارجريت ثاتشر المتبنى" فيبدو فى الكاركاتير جالسا فوق حجرها و لا تخفى هى اعجابها به بل تدعوه ل "الدردشة" حول فنحان شاى و تهيل الثناء علنا على بعض سياساته-او لا سياساته -الاوربية حول توحيد العملة مثلا.
[91] واحب ان استخدم مفردة "التنمية " بين قوسين طوال الوقت لولا وعثاء المعناة الكتابية لذا ارجو قراءتها كذلك كلما وردت
[92] فى اجتماع فى ليون عام 1987 قال مؤرخ عربى كبير فى ورقته ان مصيبة العرب هى انهم لا يملكون ثروة لانهم كسالى لا يعملون. جادلت فى مداخلتى اننا نملك ثروات ولسنا كسالى وانما نوهم ونقبل الوقوع فى الوهم بعيون مفتوحة اذ نملك ثروات لا تحد ونعمل كما العبيد تحت سياط كافة الانظمة منذ عصر الاسرات و ان تاريخ المراكمة الرأسمالية ليس بالبساطة ولا بالتبسيط الذى يطرح به تاريخنا و نزعن لذلك الطرح الخ الخ. فمن البداهى لت لا نرى لان عيوننا معصوبة بادانة الذات وجلدها لان الاخرين يجلدوننا صباح مساء حتى صدقنا ما يقال عنا ومن ثم نستحق الجلد وجلد الذات و فصد الدم الفاسد- بالحجامة صباح مساء. و بعد الجلسة تحدثنا و نحن نتمشى فوق جسر عند المغيب فقال لى بالحرف الواحد: " و الله لقد تعملت كثيرا من مداخلتك". وكأن المرء اتى ما لم يأته الاوائل !!!
[93] انظر(ى) Juliet Gardiner & Neil Wenborn (ED.s) British History : The History to day Companion:1995:London::PP308 &453
 
[94] فيما يرى رجال الاعمال فى السوق الصينى فرصة ذهبية لتسويق ملايين السلع الاستهلاكية يرى السياسيون انه فيما لم تؤدى العقوبات الاقتصادية والسياسية الى شئ سوى عزلة متبادلة حرمت الرأسمالية على مدى 20 عاما من الاسواق الصنينة فقد تؤدى التجارة الى "فتح" الصين للسوق الراسمالية ما بعد الصناعية- الكوننة- مما قد يطبعها فيخلق شروط التغيير و"التحديث" و من ثم الرأسمالية. فكما تزعم المقولة الماركسية الا سبيل الى اقلاق النمط الاسيوى- الشرقوى سوى بخضة من الخارج لاتعدم الكوننة ان تجزم بان "الاصلاح" الاقتصادى سيغدو ضرورة كلما تركت اعداد متزايدة من الفلاحين الصينين الحقول الى المصانع مما يتعين معه على الدولة الصينية ان تغدو اقل دكتاتورية. سوى ان مثل تلك الرؤسة تغفل احتمال ان تتعلم الصين من مفبة تجربة جورباتشوف فى "الاصلاح" الاقتصادى. فان كان قد ترتب على محاولة جورباتشيف ل "تحديث" و"تطوير" روسيا ان قتل جوراتشيف الحزب الشيوعى فلم تخلق سوى فوضى تنظيمية قد يترتب عليها الشر كل الشر. و يحتج قدامى محاربى فيتنام على القرار باسم حقوق الانسان لان غاية "التطبيع" الربح الذى من شأنه ان يتغافل قصدا عن فيكرس علاقات عمل عبودى من ناحية. ومن ناحية اخرى يقاوم العمال الامريكان تطبيع العلاقة مع الصين لانه يؤدى الى تقلص فرص العمالة الامريكية لحساب عمالة ب"أجر التضور" او الجوع Starvation pay
 
[96] من المهم جدا تذكر ان من اندياحات سقوط غرناطة اسلمة السودان فى العقد التالي لاجتياج الاندلس فى 1504 على عهد السلطان الفونجى عمارة دنقس. و لك ان ترصد ما اذا كان ذلك نشوء اونكوص و قد يبقى الامر خاضع لجدل موضوعي الا اذ كنا بصدد القول بان غزو عنصر ثقافي متقدم يحل مكان عنصر" "اقل" تقدما قول موضوعي ام لا. المهم كان لوصول أفواج من مسلمى شمال افريقيا و الفارين من الاندلس اثر ديمغرافى وثقافى على السلطنة السنارية-سلطنة الفونج. فقد راح الصوفيون و التجار يتزوجون و اميرات الفونج بنات السلطان والامراء المحليين. ففيما نافس الصوفيون والتجار السلطان على ادارة العدالة ثم احتكروها مما ادى الى اقتطاع السلطان الامراء وايقاف اراض-ثواب- للفقراء -الفقهاء بالعامية السودانية- فاقاموا مجتمعات شبه مستقلة فى ظل الدولة المركزية معفية من الخراج السلطانى الا ان فلول جديدة -سميت بالهمج انشأت لها دولة مستقلة تماما عن دولة الخلافة كمثل دولة الزنج-فى القرن التاسع الميلادى-خارج السلطنة وراحت تنافس السلطان على الملك وعلى الخراج و تقطع طريق القوافل. وكانت السلطنة قد اخذت تمنى بواحدة من تلك الدورات الوتيرية التى تمنى بها من سقوط صعود مرة بعد مرة فى منوال تقليدي خراجي اسراتي يتصل بدورات الخصب والجدب وفيضان وتحاريق النيل وبتزايد المشاركين فى علمية استلاب الخراج فالضغط على خراج منتجي فائض وخالص العمل الحي الخ مما عرضت له تفصيلا فى دراسات منفصلة تحت عنوان "تنويعات الاستبداد الشرقي والغربي" و "الصوفية والاحزاب العصرية" فى السودان. مع قياسات عربية. 
[97] على ان ثمة ربما استثناء على هذه القاعدة فى حاليتن معاصرتين هما الولايات المتحدة و اليابان مما أوجز اسبابه و قد يضاف ما كان سمى ب "نمور آسيا الاربع" حتى خريف 1998
 
[99]  رئيس شركات ميتسوبيشى :تقرير خاص بنجزاكى بمناسبة هزيمة اليابان عقب القاء القنبلة الذرية الثانية ونهاية الحرب العالمية الثانية: نشرة اخبارالساعة الثامنة و النصف الخميس 10.8.1995 : BBC1
[100] وحيث تدعم الدولة اقتهارا تلك الصناعات بالملايين -باسم احبولة ما يسمى بـ "خلق العمالة"- يتبادل اصحاب الرساميل تلك الصناعات فيما بينهم بدون ان يتم تبادل المال احيانا او يتم تبادل مبالغ شديدة االضآلة. فقد باعت شركة ال اى بى ام IMB فرعها لصناعة سيارات الروفر و المينى فى بريطنيا لمجموعة شركت فيونيكس Phoenix Consortium بعشرة جنيهات استرلينى فيما ساهمت ال اى بى ام بمبلغ 500 مليون استرلينى و قدم بنك اكريكى مبلغ 200 مليون لفيونيكس فى ابريل 2000 لتشجيع الصفقة وكانت شركة صناعة سيارات كرازلر قد بيعت فى منتصف التسعينات بدولار واحد.
[101] استخدم مفردة "المجتمع" بالنسبة للولايات المتخدة بين قوسين لان تلك المفردة تكاد تكون غائبة فى القاموس السياسي الامريكي.
 
[102] انظر(ي) الفصل الختامى حول اوهام التنموية ما بعد الرأسمالية فيتو الرسامليل عابرة الحدود القومية وثورة المستهلكين والمنتجين ادناه.
(*) هذه خواطر تحليلية اضافة الى تحريرية العدد لرئيس التحرير بعنوان " رأينا" فى الفجر صفحة 5 العدد 65 : المجلد 2 : 9 اغسطس 1988
[103]  فالكوميديا فى اصلها فاجعة اجتماعية- تاريخية غدا بمرور الزمان ما كان بها من سخف Absurdity وسخرية Satire. ماثلا مثولا يغطى على الفاجع فيها. بالبلدى " شر البلية ما يضحك"
[104].انظر ايضا الى كيف غدا اقل الناس علما قادة فكر ونصحاء يؤخذ عنهم القول . يتحكمون في و يثيبون ما يشاءون بغير حساب و يصدرون فورمانات تكفير بحق من عداهم.
[105] Marx in Nicholaus:Grundrise:1982
[106] انظر(ي) الى كيف يذري بمكانة كلينتون زعيم اقوى دولة على الارض فيتعلق مصير زعيم كوني بنقطة سائل على فستان سهرة بنفسجي ( او ازرق - اذ لا يتفق الصحفيون ومسربو التفاصيل اليومية للفضيحة كجزء من تسلسل الدراما لزوم رفع مبيعات الصحف و توسلا لشعبية برامج التلفزيون).  وانظر الى كيف تصبح اسرار كلينتون الخاصة جدا وما هو ادنى منها مستباحة تخضع "للتحليل" المعملي والمناقشة كل ليلة على شاشات التلفزيون وكلينتون يبتسم للكاميرات من مصيفه السنوي عبر ملاعب الجولف والكريكيت غير مبال يزداد شعبية مع كل فضيحة جديدة فالشعب الامريكي اشد انشغالا باللوتارية .
 
[107] كما يخلق الغرب بللوتارية اوهام الثراء للفقراء نخلق نحن اوهامنا الخاصة للخلود بتواطؤ جماعى. فلسنا وحسب سادة وربما اول من خلق "ثقافة" الايقونات والمزارات وعبادة الافراد ولكن اخر من ابقى و يبقي عليها بعناد من لا يجد سبيلا الى اليقين سوى بفبركة حواضر غير موجودة ومستقبل مجتزأ فى وهم جماعي.
[108] ففيما كانت الولايات المتحدة تشجع الارجنتين على التخلص من الديكتاتورية العسكرية كانت فى نفس الوقت تقلب نظام الليندى الديمرقراطي لحساب ديكتاتورية بينوشيه العسكرية. 
 
[109] من الزوال - انظر(ى) طه حسين في ترجمة لهاملت.
[110] الانترنيت-ابريل 2000
[111] لاحظ(ى) خطب كلينتون فى شبه القارة الهندية و بعدها عن واقع المشكلات المعاشة لشبه القارة-الهند و الباكستان على الخصوص فيما يتضح جهل جورج بوش ووكر هيربرت-الابن مرشح الحزب الجمهورى لرئاسة الجمهورية الفاضح حتى باسماء زعماء تلك المنطقة و لا يعتذر.
[112] انظر(ى) ماركس: "جروندريس" فى نيكولاوس Grundrise:Nicholaus:1985 .من ذلك ما تصار اليه الزعامات من مسخرة لا يقلق لها احدا. بل العكس. فلا عاصم لمكانة و لا لمنصب فى زمان النهايات المجلجلة من ان يتعلق مصير الزعامات-كمثل ان يتعلق مصير رئاسة كلينتون-بنقطة سائل على فستان سهرة بنفسجى(او ازرق لا يهم. المهم الا يتفق مسربوا تفاصيل "الفضائح حتى تتعلق افئدة خلق الله بالاخبار و يرتفع توزيع الصحف). كيف تصبح اسرار زعيم "العالم الحر" الحميمية جدا مشاعا للكافة-تخضع "للتحليل" المعملى مستباحة تناقش كل ليلة على شاشات التلفزيون و كلينتون يبتسم فى استخفاف للكاميرات غبر ملاعب الجولف و الكريكيت لا مبال .بل يزداد-بتدنى معايير الرصانة والوقار-شعبية مع كل فضيحة جديدة و الناس اشد انشغالا باللوتارية.
[113] يلاحظ كيف غدا الانضباط فى صف الاكاديميات الانجلو ساكسونية والانجلو امريكية الام -كمثل الانضباط حتى الجنون فى شرطيات الكوننة- حدديا يكاد يشارف الضبط والربط "الايديولوجيين" المعسكرين-ان صح التعبير.
[114] فقد صار حزب العمال البريطانى-حزب العمال الجديد-من ثم-متقابلا تقابلا بينا مع حزب العمال القديم واليسار التقليدي-القديم تحديدا اكثر منه مع اليمين الجديد. و تصرف دولة حزب العمال الجديد-الطريق الثالث ما قدر ب 3.5 مليون استرلينى سنويا على الدعاية الانتقائية Selective Briefing لممارسات دولة الطريق البريطانى الثالث المتكاذبة فى الوقت الذى وصلت فيه نسبة الامية بين السكان 14 مليون نسمة اى بواقع حوالى 20% و قد بقيت نسب العطالة بين فئات سكانية تتصل بعد على مر ثلاثة اجيال فيما يوجد ما يقدر ب 620 مليون متشرد Homeless من الشباب. و يتضح السخط العام فيما يتضح فى استفتاء متلفز اذاعته احدى القنوات البريطانية صوت المشتركون على ما اذا كانت حكومة حزب العمال الجديد قد خزلت الناخبين بوصف ان حزب العمال الجديد-الطريق الثالث احل الزبالة-الولاية Patronage مكان الديمقراطية وجماعات غير منتخبة ممن يسمون الكوانجوز QUANGOs مكان البرلمان-Channel 4 السبت 6 مايو 2000 الساعة 19.30. و بالقياس تمسخر الديمقراطية الامريكية ابان انتخابات خريف 2000 على مدى ثلاثة اسابيع لحسم ما يشارف فى اى مجتمع اخر تزوير و تلاعب باوراق الناخبين لصالح مرشح الديقراطيين او الجمهوريين مما دفع كاسترو لاقتراج ارسال مراقبين دوليين- كوبيين وغيرهم لمراقبة انتخابات الرئاسة الامريكية. و يدافع ال جورالمرشح الديقراطى عن اللجوء الى القضاء ليفصل فى قضية نزاهة الانتخابات بانه معني بتأكيد حق الناخبين وقد تم تجاهل اصوات الاف الناخبين حتى يجد المؤرخون  بعد 200 عام اننا "بلد القوانين".وكالات الانباء يوم 28 نوفمبر 2000. و فى بلد الاقونين تلك يغمض البوليس و سلطات الهجرة الامريكية الشمالية العين عن تسلل 6 ملايين من العمال غير الشرعيين من مجتمعات امريكا الوسطى موسميا وعلى مر الفصول الى الولايات المتحدة فى بحثهم عن عمل مسترخص. واذ لا يتعين لهؤلاء العمال "حق" فى الحد الادنى من الاجر يتجمع بعضهم كل صباح عند تخوم اغنى الولايات والمدن-لوس انجلوس و هوليوود فيقومون بكل الاعمال وباى عمل لاصحاب الفيلات الفاخرة واحيانا يعمل بعضهم بقوت يومه وحسب بلا اجر فى بلد "الحلم" و الحرية و الديقراطية والقوانين: نشرة اخبار الساعة الخامسة السبت 6 مايوعام 2000:Radio 4
[115]  ان سيرا كاملة لاحداث مخفية بعد مما لم يكن يتوفر لباحث -لولا موت تاريخ وايديولوجية البرجوازية الصناعية - تتكشف فتفضح خفايا ما يتم التستر عليه بشأن تلك الاحداث اما بتعميشها او اغفالها او الاقتصاد فى قول الحقيقة بشأنها فى افضل الشروط. ولا يعنى فضح الاشتراكية ان موت التاريخ والايديولوجية لا يعلن فى الواقع او يدعى سوى موت التاريخ والايديولوجية السابق على الرأسمالية ما بعد الصناعية سواء علنا او تضمينا.
[116] يتخانق انجليز و الامريكان على تلفيق هوليوود لتاريخ الحرب العالمية الثانية حيث يبدأ الامريكان فى ادعاء انتصارات موقعة دانكيرك وغيرها تباعا مثل فيلم النفر رايان Private Rayan و اخر بعنوان U571 حول انقاذ غواصة تحمل الة لفك الشفرة الالمانية عندما كانت السفن والغواصات الالمانية تحاصر شواطئ الولايات المتحدة الشرقية ابان الحرب العالمية الثانية. والحقيقة التاريخية ان الغواصة الانجليزية Laurutia رقم U559 هى التى تعرضت للخطر وكانت تحمل آلة فك الشفرة الالمانية واسمها انيجما Enigma والانيجما هى من اختراع عالم انجليزى فى 1941. و فيما قد لا يعرف معظم الامريكان من هو هتلر فقد تستقر احداث فيلم -حائز على الاوسكار-فى المخيلة الجمعية الامريكية ذات القابلية العظيمة للايحاء. و لان غياب سجلات و حكايات شعبية واساطير وتراث شعبى امريكي سوى تراجيديا ابادة الرينجو-الكاوبوي-للسكان الاصليين-قبائل الاباتشى وغيرهم- والحرب الاهلية كتاريخ ذاتي ملفق ينتمي الى سرديات مستمثلة ولا ينتمي الى الحياة فقد غدت هوليوود اداة لفبركة التاريخ وادعاء التاريخ. فان تتبدى الولايات المتحدة على صواب دائم فلا سبيل الى مراجعتها-باسم ديمراقطيتها هى-فان الولايات المتحدة تبذل طاقة هائلة لاخفاء خوفها وعدم احساسها بالامان مثلها كمثل امة بلا ثقافة او تاريخ سوى تاريخ و ثقافة العنف وادعاء تاريخ وثقافة غيرها المتصل بما لا تمتلك الا بالقوة الغاشمة او بالمفبركات الهوليوودية على سبيل استحلام خائب Fantasising. وربما كان مفيدا تذكر لليهود يد شدشدة الهيمنة على ما تنتج الولايات المحدة من ملفقات مرة للسبب اعلاه ومرة ثانية لاجندة الصهيونية الخفية والعنية وما بعد الصهيونية من بعدها مما اناقشه تفصيلا فى دراسة بعنوان " الاقتصاد السياسي للحصار من شعب الله المختار الى دولة اسرائيل ما بعد الصهيوينة".
[117] يتصل "اثبات" التوراة حتى يتعين ادعاء حضارة وادى النيل. فمرة يدعى ان عبقرية اليهود وراء بناء الاهرام ومرة كان اخناتون اول يهودى الخ. على انه لا تؤخذ التوراة الا انتقاءا. فمرة تؤخذ كسفر تكوين تاريخي موضوعي ومرة  لا تؤخذ. و اذ يقوم علماء قباليون و من لف لفهم على اعادة بناء واثبات احداث التوراة فان احداث وحكايات رمزية قديمة لا يمكن اثباتها فى كل مرة وبتفاصيلها بالعلم والدليل القاطع. وعليه تؤخذ تلك الاحداث مرة وتترك مرة حسب الطلب الجشع. فاذا كانت التوراة تستدعى فى تحقيق وكتابة التاريخ القديم فما الذى يمنع المصريين من المطالبة بذهبهم الذى نهبه اليهود باستعداء موسى ليلة الخروج الكبرى من مصر؟ الا يطالب اليهود بثرواتهم-ذهبهم و تحفهم واموالهم-التى سلبهم اياها هتلر والنمسا والولايات المتحدة ؟ و فيما يتصل "اثبات" التوراة من اجل ادعاء حضارة وادى النيل فان طليطلة-الاندلس تجبر تباعا على استدعاء "براهين" ملفقة تعظم دور اليهود فى الاندلس فى غياب مجادلة مقابلة حتى الان. هذا فيما تدنس الاوقاف والمقدسات الفلسطينية -انظر(ي) الدكتور ابراهيم ابو جابر:" مستقبل القدس و سبل انقاذها من التهويد" 1997: جمعية الاقصى - مركز الدراسات المعاصرة ام الفحم- تبيت النية على تدمير الآثار الاسلامية حيث تحتفظ جامعة هارفارد مثلا بقائمة بكافة المساجد فى العالم من الاقصى الى تاج محل معلم علي كل منها بعبارة: "للتدمير". 
[117] ترى الرأسمالية ما بعد الصناعية-الطريق الثالث -ان ينبغى تحديث- بمعنى "توسيط" كل ما هو قائم-فاما
[118] قد يثير ما يطرح امثالى حفيظة المحتفلين بالكوننة او الامبريالية الرابعة. اولئك اللذين ما يبرحون يرون فى الغرب- البرجوازية الصناعية بتنوعاتها نموذجا معلى. وادرك ان نقد الغرب- الكوننة او الامبريالية الرابعة ربما اعتبر تطاول شذاذ افاق -جحودين - ناكري جمائل الغرب- الكوننة او الامبريالية الرابعة الفكرية والسياسية والمكانية - على الغرب الذى هو كـ "صخر حامينا و سيدنا.. علم فى رأسه نار".
 
 
[120] يقول شاعر استعمارى لعله كيبلينج او ساخر-لعله كاراليل درسونا شعره اطفالا فى مدارس الاستعمار :" الى اين انت مبحرة ايتها السفن العظيمة؟ ابحر الى اعالى البحار فاتيك بالزبد واللحم والفاكهة والتوابل والشاى والذهب والفضة والمعادن النفيسة. على اي عنوان اكتب لك ايتها السفن العظمية؟ اكتب لىعلى كالكاتا و جافا وهونج كونج و شانجهاى و ميلبورن. ماذا يحدث لو ابتعلك اليم ايتها السفن العظيمة؟ ان ابتلعنى اليم لن تجد الشاى و لا البسكوت مع الشاى و الفاكهة والسلع الاستلطافية-الاكزوتية-و لا التوابل أو الغنائم. اذهبي على بركة الرياج المواتية فلا بهجة للحياة دونك ايتها السفن العظيمة"
[121] لما كانت اوربا الاغنياء الغربيين قد ارتاحت على رضى ثيولوجى يبلو الاثم ويطيب خاطر الاغنياء مرة ويدعو العامة للتسامح مع فقرهم بضمان الجنة للفقراء وحدهم مرة اخرى- حيث "اسهل على جمل ان يلج سم الخياط من ان يدخل ثري الجنة" فقد راح الاثرياء يفسقون بفقرائهم و بشعوب الامتدادات وقد ضمنوا جنة الارض مرة بالنهب ومرة باعتراف مسيحى يغفر لهم خطياهم. وازعم ان تكفير نيتشه واتهامه بالجنون كان قد لحق به بجريره انه دمغ المسيحية بدين الارتياح والرضى الزائف فالمسيحية - على حد قوله -تبلد احساس الفرد بالاثم والخزي بالاعتراف مرة بعد اخرى الى ما لا نهاية. واجادل ان مبدأ او مقولة ما يسمى الان بـ "الشفافية" او الديمقراطية قد لا يزد عن تنويعة من الاعتراف المسيحى بعد ان يكون الخطأ قد اخذ مفعوله.
[122] يقول شاعر استعمارى لعله كيبلينج او ساخر-لعله كاراليل درسونا شعره اطفالا فى مداس الاستعمار :" الى اين انت مبحرة ايتها السفن العظيمة؟ ابحر الى اعالى البحار فاتيك بالزبد واللحم والفاكهة والتوابل والشاى والذهب والفضة والمعادن النفيسة. على اى عنوان اكتب لك ايتها السفن العظمية؟ اكتب لىعلى كالكاتا و جافا وهونج كونج و شانجهاى و ميلبورن. ماذا يحدث لو ابتعلك اليم ايتها السفن العظيمة؟ ان ابتلعنى اليم لن تجد الشاى و لا البسكوت مع الشاى و الفاكهة والسلع الاستلطافية-الاكزوتية-ولا التوابل أو الغنائم. اذهبى على بركة الرياج المواتية فلا بهجة للحياة دونك ايتها السفن العظيمة"
[123] لما كانت اوربا الاغنياء الغربيين قد ارتاحت على رضى ثيولوجى يبلو الاثم و يطيب خاطر الاغنياء مرة و يدعو العامة للتسامح مع فقهرهم بضمان الجنة لللفقراء وحدهم مرة اخرى- حيث "اسهل على جمل من ان يلج سم الخياط من ان يدخل ثرى الجنة" فقد راح الاثرياء يفسقون بفقرائهم و بشعوب الامتدادات وقد ضمنوا جنة الارض مرة بالنهب و مرة باعتراف مسيحى يغفر لهم خطياهم. و ازعم ان تكفير نيتشه و اتهامه بالجنون كان قد لحق به بجريره انه دمغ المسيحية بدين الارتياح و الرضى الزائف فالمسيحية - على حد قوله -تبلد احساس الفرد بالاثم والخزى بالاعتراف مرة بعد اخرى الى ما لا نهاية. واجادل ان مبدأ اومقولة ما يسمى الان ب "الشفافية" او الديمقراطية قد لا يزد عن تنويعة من الاعتراف المسيحى بعد ان يكون الخطأ قد اخذ مفعوله.
[124] فى حديث معه فى منزلي فى الخرطوم فى اكتوبر 1969 وفى طشقند فى يوليو 1973 حول الحركة المسلحة لتحرير غينيا بيساو وجزر الرأس الاخضر وسان تومى.
[125] انظر(ي) الفصل الحادي عشر بعد.
[126] كان اخر حوادث ما يسمى بالارهاب الاليكترونى ان بعث شاب من الفليبين فى 4.5.2000 فيروسا عبر كونى على شبكة المايكروسوفت للانترنيت فى رسالته الاليكترونية تقول " احبك" اصابت حواسيب الاعمال الكبرىو صغار اصحاب الحواسيب. و قد قدرت خسائر الشركات العالمية واسواق المال والدول من جراء الفيروس ما قدر ب 10 مليار دولارا.و قد بقيت الصحافة العالمية فى دهشة من كون " شاب مغمور من خلفية متواضعة يعيش فى ضاحية بائسة فى مانيلا و قد تدرب فى معهد اشد تواضعا يمكل ان يهز اقتصاد العالم بذلك القدر": نشرات الاخبار العالميةو الصحف الغربية.
[127] اذ كان خطاب الطريق الثالث –ما بعد اليسار- الطريق الثالث المتأسس على راس المال ما بعد الصناعىعابر الحدود المبدون قد احتكرالخطاب السياسى و الاجندة الاقتصادية الاجتماعية جميعا يوظف تلك اللغة القوية والمفردات الالقة واللامعرفة –فقد يغدو الطريق الثالث مثله كمثل اليمين الجديد - اصولي - فيما يصادر تعريف تلك اللغة موضوعيا. من ذلك للمابعدويات التى تصيب الخطاب السياسى بفيروس و بفوضى المسميات غير المعرفة و المعممة و اللاعلمية كمحصلة لعجزفها عن الفطام من مسلمات القرن السابع عشر الساسية و الفكرية. و بسبب الاضطراب العظيم فى صفوف اليسار التقليدى بقدر اضطراب اليمين التقليدى معا فى كل مكان مما يلاحظ مثلا فى الاستعرار من استخدام المفردات القديمة للخطاب السياسى السابقة على المابعديات مما يدفع الى اللياذ بمسميات بلا معنى كمثل مفردات الحوار و الخطاب السياسى اللاحقة لسقوط حائط برلين و قد اخذت تتفادى استخدام مفردة اليسار واليمين وبخاصة فى خطاب سياسات النكوص او النكوص السياسي او النظر المطرق الى الداخل.انظر(ي) بعد.
 
 



#خديجة_صفوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكثر من كوة على احبولة 11 سبتمبر 2001
- الجنوب الامريكى و مشروع الشرق الاوسط الكبير: هل تستدعي امريك ...
- عقلانية الذراية بالشعوب تيسيرا لابلستها المحرقة مابعد الليبر ...
- الخوارج و المعتزلة الجدد و اعادة انتاج الفكر و التنظيم التنو ...
- ابن حنبل و ابن ابي دؤاد النخب العباسية و خصومهم الشرفاء
- الشعوب اخر من ينكسر من خصوم الصهيونية العالمية 2
- سيناريوهان مصريان او –و رأسماليان ماليان
- الشعوب اخر من لم ينكسر من خصوم الصهيونية بعد
- افتضاح الطبيعة الفاشية للديمقراطية ما بعد الليبرالية تباعا
- المبشرون الجدد :المنظمات غير الحكومية واعادة تشكيل المجتمع [ ...
- 100 عام على يوم المرأة العالمي؟
- النسووقراط و وأد البنات: احلال الحرب بين الجنسين مكان الصراع ...
- الاطفال الشهداء بضغينة شمسون على دليلة وعشيرتها [1]: في ذكرى ...
- اوباما المسيح الكذاب؟
- داروينية الاشمئزاز و فاشية اليوتوبيا
- نحو علم اجتماع عربى: الاقتصاد السياسى لايقاف علم الاجتماع عل ...
- هل يحتمى المحافظون الجدد ببعض الثورات الشعبية من هوان هزائم ...
- معلقة قصيرة فى غبائن العولمة اللامتناهية
- هل الازمة المالية تنويع على المحارق المنوالية؟
- رأسمالية الكازينو: عقلنة خصخصة الربح وتأميم الخسارة - القسم ...


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خديجة صفوت - قاموس الاستحواذ: حصار المعارضة الاقتصاد السياسى لانيميا الفكر التنبؤى و استبداد التنظيم الإنتقائي