ستار جبر فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 21:17
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لكل قاعدة شذوذ !! لكن , كيف إذا أصبح الشذوذ هو القاعدة ؟ .. المتعارف عليه والمعمول به والقاعدة تقول , إذا وجدت شخص يحتاج إلى المساعدة تقوم بمساعدته ، بغض النظر عن نوع المساعدة... منذ أسطورة "عشتار" آلهة الخصب والجمال.. مروراً بـ "زنوبيا" ملكة تدمر.. والإمبراطورة السورية "جوليا دومنا" والدة قيصر روما العربي.. إلى السيدة مريم العذراء والدة المسيح عليه السلام.. كانت المرأة عبر العصور والحضارات جزءاً مباشراً أو غير مباشر في صناعة المجتمع وتقدمه روحياً وحضارياً , بل وفي تقدم الإنسانية بشكل عام , حين نذكر المرأة تتدفق إلى أذهاننا صور تؤرخ لعظمة نساء ساهمن في تحقيق الاستقلال , ومررن إلى عصر المعرفة بنجاح في الجوانب الثقافية والعلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية , وصولاً إلى نهضة عامة للمجتمع , واليوم وعلى الرغم من النقاط المضيئة في حياة المرأة قديماً وحديثاً من خلال تبووئها مناصب رفيعة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً , ما زالت المرأة تناضل للحصول على بعض من حقوقها المدنية والشرعية، وللتخلص من ظلم الطلاق والهجر الذي يسبقه إخضاعها لسيطرة الرجل والمجتمع بسبب منظومة الأعراف والتقاليد والقوانين المستندة زيفاً إلى الموروث الديني , وفي التحقيق التالي نحاول تسليط الضوء على جزء من هذه المعاناة ... أن أهم معاناة للمرأة المطلقة والحاضنة هي مشكلة النفقة ، وبحسب القانون فالنفقة يحددها القاضي الذي يعتمد على حساب معدل دخل الزوج ، أن هذه النفقة لا تكفي ، وينبغي أن تستقل المرأة اقتصادياً لتكون مستقلة في قراراتها دون الاعتماد على الآخر , وفي موازاة واقع مؤلم تعيشه المرأة المطلقة والحاضنة , فثَمَة واجبات تحتمها المسؤولية الرسمية والشعبية تجاهها ومنها , قوانين تنفيذ إجراءات الطلاق غير منطقية و"ذكورية" وبحاجة إلى إعادة نظر , الجهل والفقر من أهم أسباب الطلاق، فالجهل يضعف شخصية المرأة ويجعلها خاضعة لخوف شبح الطلاق ، ويجعلها تلتزم الصمت عن المطالبة بحقوقها المشروعة خشية إغضاب زوجها وبالتالي طردها من منزل يأويها وتشريدها مع أولادها , إن الحديث عن معاناة المرأة المطلقة هو حديث ذو شجون ، وله جوانب كثيرة لا تدركها ألا المرأة ، ويدركها كذلك القليل من الرجال , ولأن الزواج للمرأة يعني الكثير، فهو يعني الاستقرار والحب والأطفال والنجاح الاجتماعي ، لذا فإن الطلاق هو كسر للمرأة ، وألم كبير في حياتها ، ولما كنا في مجتمع يعتبر المرأة المسؤولية الكبرى عن عدم استمرار الحياة الزوجية ، بمعنى انه حتى لو كان الزوج معروفا بسوء السمعة والسلوك ، فإن الناس يطالبون المرأة بأن تصبر عليه ، ومن هنا فإن اغلب النساء المطلقات يحملن شعورا بتأنيب الضمير بعد انفصالهن لوجود صوت داخل الواحدة منهن يقول ‘ياليتني صبرت عليه ، حتى لو كانت متأكدة إن الصبر على هذا الزوج كان غير ممكن ولا مطلوبا , ولست هنا بصدد الحديث عن أسباب ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية وإمكان علاجها ، ولست كذلك ضد صبر المرأة على زوجها المسيء إن استطاعت ذلك ، فهذا موضوع آخر، ولكني بصدد الحديث عن رؤية المجتمع للمطلقة بعيون لائمة وقاسية ، ومن ثم مطالبتهم إياها بأن تقبل بأي ظلم يلحق بها بعد الطلاق ، سواء كان من اخ او اب ، وكأن من حولها يعاقبونها على ذنب فعلته ، مدعين إن سمعتها اليوم على المحك ، وان الناس سيفتحون عليها العيون أكثر , كذلك فإنه مما يؤلم المطلقة اعتقاد أهلها ، ومن حولها بأنها يجب أن تقبل بأي رجل ، مهما كانت حاله ، كزوج لها لتتخلص من لقب مطلقة ، وهذا يجعل هذه الشريحة مطاردة من قبل الكثير من الرجال المتزوجين أصلا ، أو ذوي الظروف الصعبة ، بل ويجعل المطلقة محل شك من النساء المتزوجات خوفا على أزواجهن , إن المطلقة تمر بتجارب حزينة قبل طلاقها ، ثم بتجربة الطلاق نفسها ، وما يرافقها من ضجيج وحزن ، ثم تعود مرة أخرى إلى وصاية أهلها بعد أن كانت أكثر استقلالية ، ثم تبدأ معاناة تربية الأطفال دون دعم من احد إلا نفسها ، ثم يكون عليها الدخول أحيانا إلى المحاكم للحصول على بعض المكتسبات , كل ما سبق يجعل المرأة محتاجة إلى من يدعمها وليس إلى من ينظر لها فريسة سهلة المنال و من يزيد ألمها ألما ، إنها محتاجة إلى إعادة تأهيل نفسي بعيدا عن القيل والقال ، وملاحقة الشامتين والمفترسين , المطلوب اليوم أن ننظر إلى المطلقات بعيون جديدة ، خاصة إن أكثر البيوت يكاد يكون فيها امرأة مطلقة , يجب أن ننظر إليهن على أنهن اجتزن تجربة لم تنجح لسبب أو لآخر، وان مسؤولية عدم نجاح هذه التجربة هي مسؤولية مشتركة تتقاسمها المرأة وطليقها ، كما انه لا داعي لاستمرار السؤال عن الأسباب والتفاصيل.. وعلينا أن نتذكر جميعا إن كلا منا لديه شيء لم ينجح فيه ، فإذا لم تنجح هذه المرأة في زواجها فإنك لم تنجح في دراستك ، وفلان لم ينجح في عمله ، وثالث لم ينجح في تربية أبنائه ، فلا احد منا بلا نقاط فشل ، آملين أن يعذر بعضنا بعضا ، ويرحم بعضنا بعضا ، لعل الله يرحمنا ويهدينا سواء السبيل.
#ستار_جبر_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟