أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحزب الشيوعي اليوناني - موقف الشيوعيين تجاه الأزمة الرأسمالية: اندماج أم قطيعة















المزيد.....


موقف الشيوعيين تجاه الأزمة الرأسمالية: اندماج أم قطيعة


الحزب الشيوعي اليوناني
(Communist Party of Greece)


الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 09:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اليوناني اليكا باباريغا في افتتاح اللقاء الشيوعي الأوروبي. المنعقد في بروكسل في 1 و 2 تشرين الأول/أكتوبر.

حول موضوع : موقف الشيوعيين تجاه الأزمة الرأسمالية: اندماج أم قطيعة.



لقد غدت العواقب المأساوية للأزمة الرأسمالية على حياة الطبقة العاملة و الشعب العامل، معروفة بعد استمرارها لما يفوق اﻟ 5 سنوات، حيث اندلعت و في جميع البلدان تدابير وحشية كان لها توجه و هدف واحد هو تبخيس سعر قوة العمل، و فتح طرق جديدة للربحية خلال فترة الأزمة كما و على وجه الخصوص بعد انتعاش منتظر ضعيف قصير المدى نسبياً.

نحن اليوم أكثر غنى مما كنا سابقاًُ، ليس فقط نتيجة الخبرة التي زودتنا بها اليونان فحسب، بل أيضا نتيجة خبرة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا سيما دول منطقة اليورو، كما و نتيجة خبرة أزمة عام 2008 في الولايات المتحدة على سبيل الذكر لا الحصر، حيث لا تزال طرية أيضا الخبرة من أزمة روسيا، و الأرجنتين، كما و من أزمة ما عرف بالنمور الآسيوية.

نعتقد أنه يتوجب على الحركة العمالية و الحزب الشيوعي خوض المعركة في كل مجال، لتتضح للشعوب سمة الأزمة، إلى جانب كفاحها في سبيل لجم الإنحدار و إيجاد مخرج صديق للشعب.

إن كِلا أمري التعبير عن الأزمة في الفترة 2008-2009 في سياق النظام المالي في مجال تداول رأس المال و ارتباط الأزمة في اليونان مع الديون والعجز، لا يعنيان إطلاقاً أننا بصدد أزمة من طراز جديد. فقد أوضحنا منذ اللحظة الأولى أننا بصدد أزمة فرط تراكم رأسمالي يكمن جذرها في العلاقة الاستغلالية القائمة بين رأس المال و قوة العمل أي في مجال الإنتاج الرأسمالي. تتجلى أدلتنا الدامغة في انكماش الإنتاج الصناعي في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمسار الإنحداري لاقتصاد البلدان التي لم تدخل بعد دورة الأزمة. جلية هي جميع سمات طبيعة الرأسمالية، من فوضى، وتفاوت في تنمية القطاعات و المجالات، كما و تدعيم و دفع المنافسة الشرسة الذي لا ينحصر بالسبل السياسية والاقتصادية فحسب بل يجري بقوة السلاح أيضاً.

هذا و تُتخذ الإجراءات عينها في كل مكان في جميع أنحاء العالم الرأسمالي، عبر استخدام نفس الحجج، و ذلك في استقلالية عن واقع المديونية أصغيرة كانت أم كبيرة، و في معزل عن حجم تضخم العجز أو عدمه، كما و بغض النظر عن الإنضمام أو عدمه، لاتفاقية آلية دعم موقعة مع الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ومن المهم أيضا هو عنصر عدم اقتصار ظهور أحزمة البؤس حصراً في البلدان الرأسمالية الأقل نموا و في البلدان الكائنة في موقع وسيط في النظام الإمبريالي فحسب، بل ظهورها أيضاً في بلدانه الأقوى والأكثر تطوراً.

يقول تقديرنا بأن الأزمة سوف تندلع بدورها بسبب واقع التنمية المتفاوتة في بلدان أخرى في منطقة اليورو، حيث تظهر علامات التعب على ألمانيا، مع بدء ظهور علاماتها أيضاً في الصين.

إن مسألة سمة الأزمة ليست مجرد مسألة نظرية فقط، بل هي مسألة عملية خالصة، لأنها تحدد تفصيل سياسة الحزب الشيوعي في ظروف الأزمة.

لذا فإن أية خصوصيات في تعبير الأزمة أو في شدتها و مدتها من بلد إلى آخر، لا تحدد طبيعة الأزمة و أكثر من ذلك بكثير لا يمكنها التأثير على استراتيجية وتكتيك الحزب الشيوعي.

وقد أثبت التاريخ لجوء الدول الرأسمالية نحو استخدام الأسلحة عند عجزها عن إدارة الأزمة وعواقبها خاصة، أي لجوئها إلى الحرب الإمبريالية، وبالتأكيد ليس لبيع الأسلحة كما يزعم بعض دعاة السلام اللاعنفي، بل لأن الأسلحة هي أكثر فعالية في تلك اللحظة في إعادة اقتسام الأسواق.

إن كُلاًّ من الأزمة والحرب الإمبريالية و السلام الإمبريالي هي في ترابط، و وفقاً لذلك علينا مواجهتها على الأخص نحن في اليونان حيث نتواجد في إطار منطقة مشتعلة في كل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

إن الأزمة الرأسمالية الطويلة الإمتداد توضح أمراً شديد الأهمية يتعلق باستراتيجية وتكتيك الأحزاب الشيوعية.

يتمثَّل ذلك الأمر في مواجهة سياسة الإدارة البرجوازية لصعوبات جديدة لم تواجهها في فترات سابقة، هي صعوبات تتعلق بمعالجة المخرج و الإنتقال نحو دورة جديدة من إعادة إنتاج رأسمالي موسع و حتى بإيجاد إمكانية لكبح التبئيس الجماهيري المطلق والنسبي، و بصعوبة قيامها حتى ببعض المناورات. تتمظهر وصفتا إدارة رئيسيتان تترافقان مع العديد من تلاوينهن، حيث تُطرح في جوهر الأمر الإدارة البرجوازية التوسعية والإدارة البرجوازية الإنكماشية ​بهدف التحكم في انخفاض قيمة رأس المال و إجراء توزيع مؤآت لرأس المال لكل من الخسارة والضرر كما و للرأس المال المتراكم. إن كِلا نمطي الإدارة المذكورين يقودان إلى نفس النتيجة الهمجية على الشعوب و حقوقها. فالمعركة المحتدمة الجارية في أوروبا لصالح خليطة الإدارة هذه أو تلك، ليست بمعركة في صالح الشعوب أو ضدها، و لا تُعبر عن معركة بين سياسة محافظة وسياسة تقدمية – يسارية كما يزعم حزب اليسار الأوروبي.

حيث يجري الدفاع عن نمط الإدارة هذا أو ذاك وفقاً لمعيار مصالح الطبقة البرجوازية لكل دولة - عضو و لمعيار التحالفات التي تتطلع البرجوازيات لإنشائها في إطار التنافس القائم. حيث لا يتوجب على الحركة العمالية أن تصطف في جانب أحد المنافسين ضد آخر، لأنها ستفقد كل شيء.

إن تقديرنا يقول حالياً بسيطرة رؤية الحفاظ على سلامة الاتحاد الأوروبي و منطقة اليورو، على الرغم من الخلافات والمنافسات، في حين لا يستبعدون احتمال تقسيمهما مستقبلاً. و لهذا السبب تستعد كل حكومة، و قطاعات من رأس المال على وجه الخصوص، لاحتمال عودة بلد ما لعملته الوطنية، و ذلك في تناسب مع رغبة اصطفافها و تجندها مع أحدى تكتلات الأحلاف الإمبريالية.

تتجلى أمام المرء أكثر من أي وقت مضى في اليونان مواقف غريبة لأحزاب برجوازية، قديمة وجديدة، و لغيرها من اصلاحية-انتهازية على غرار حزب سيريزا اليوم،هي مواقف ترمي بثقلها تجاه تحالفات تصل حتى للعابرة للأطلسي منها، أو تتطلع نحو تحالفات مع روسيا والصين.

و قد تجلى ذلك بوضوح على الأخص في النزاع الذي اندلع بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال انتخابات اليونان الوطنية عبر دعم هذا التكتل او ذاك، أي دعم "اليميني" أو "اليساري". تتخلل النزاعات الإمبريالية اليوم مجمل النظام السياسي البرجوازي، حتى أنها تصل حد تهديد وحدة حزب معين على هذا الأساس.

و بكلام مختصر، نستنتج أن الأزمة هي في امتداد و تعمق و ستضرب بلداناً أخرى. فحتى لو انتقل بلد معين كاليونان على سبيل المثال، إلى مرحلة الانتعاش، سيكون انتعاشه مؤقتا ضعيفاً يتميز بمعدلات بطالة لا تحتمل، و رواتب و أجور زهيدة وعلاقات عمل همجية تعود بنا إلى أواخر القرن اﻟ 19. حيث ستندلع دورة أزمة جديدة قبل استقرار الإنتعاش. و هو ما سيحصل ليس في اليونان فقط بل في غيرها من البلدان. كما و سنشهد عمليات إعادة ترتيب في التحالفات، في حين أننا يجب أن نأخذ في الاعتبار جولة جديدة من الحروب المحلية و ألا نستبعد احتمال نشوب حرب امبريالية أشمل.

تؤكد الخبرة أيضاً، صوابية الموقف الذي أعربنا عنه كحزب، عند ظهور أولى سُحُب الأزمة، و هو أن كُلاًّ من عوامل التبئيس والأزمة الاقتصادية، لا يقود تلقائياً إلى تطوير الصراع الطبقي والتنظيم و إلى نمو الوعي السياسي. حيث هناك إحتمالان للتطور، أولهما هو تراجع الحركة وهزيمتها لمدة زمنية أصغر أو أكبر، و ثانيهما هو انتقال الحركة لمرحلة الهجوم، حيث تنضج ضرورة إسقاط النظام الرأسمالي. و لم تُحسم بعد حتى حيننا هذا سيطرة أحد الإحتمالين المذكورين.

إن ما نشهده في اليونان اليوم هو عدم تمكن النضالات من التصدي للتدابير، على الرغم من حصول نضالات كبيرة و طويلة، و بروز الحركة اليونانية كواحدة من أقواها في العالم وليس فقط في أوروبا. و لنقبل جدلاً بأن الحركة فرضت تأخير التدابير، ولكن في نهاية المطاف إذا لم يكن من تغيير فوري في سياق الحركة، فسيتم تمرير مجمل التدابير معا و في فترة قصيرة. و أنتم تعلمون جيداً أن النضالات التي لا تأتي بنتائج تقود للإرهاق و لخيبة الأمل.

يقول تقدير حزبنا دون رغبة منه بإخفاء أوجه قصوره و ضعفه الذاتية، أن تأثيرها لم يلعب الدور الحاسم في تأخير الهجوم المضاد العمالي الشعبي. وذلك. كما يقدر بأنها لم تلعب دوراً حاسما في تقليص قوته الانتخابية. وهذا لا يعني أننا لا يجب أن تعطي اهتماما خاصا لتطوير قدرة الحزب و تحمله.

لقد واجهنا جبهة موحدة على المستوى السياسي والاجتماعي، كان لها موقف مشترك تجاه سمة المخرج من الأزمة على الرغم من خلافاتها الداخلية، حيث عُبِّر عن موقفها بطرح تغيير خليط الإدارة الموجود. و كانت سياسة الإندماج هي المهيمنة، حيث أثرت بدورها سلباً على توجهات الطبقة العاملة وحلفائها. ومع ذلك، فإن التيار الطبقي الجذري موجود في صفوف الحركة، و يتوجب عليه في هذه المرحلة التغلب على تبعات نتائج الانتخابات من أجل المضي قدما، لتعبئة أوسع جماهير عمالية شعبية.

لقد سببت النضالات خلخلة النظام السياسي البرجوازي في اليونان وألغت إمكانية استخدام النظام لأسلوب تبادل حكومات الحزب الواحد، بين الحزب الليبرالي و الإشتراكي الديمقراطي.

ولكن الخلخلة المذكورة لم تتحول لصدوع عميقة. حيث سادت الأوهام البرلمانية القائلة بإمكانية وجود حل يساري أي إصلاحي انتهازي لحكومة بديلة. و تجلَّى بهذا الشكل امتلاك النظام البرجوازي السياسي لأوراق أخرى لعلاج تخلخله. حيث يجري في اليونان استبدال القطبية الثنائية التي قامت بين حزب الجمهورية الجديدة الليبرالي والباسوك الاشتراكي الديمقراطي، بثنائية قطبية جديدة تضم : يمين الوسط – اليمين من جهة يقابلها قطب "يساري" يشكل نواته الأساسية حزب السيناسبيسموس الانتهازي الذي استقبل في صفوفه لانتقال جماعي لكوادر و أجهزة حزب الباسوك و منظمات الاشتراكية الديمقراطية المتحدرة أساسا من الشرائح الوسطى كما و من موظفي القطاع العام الأضيق و الأوسع و من موظفي الأجهزة الأيديولوجية للدولة ، الخ...

بالتأكيد ،لم تنته هذه التفاعلات، حيث يجري إعداد مشهد سياسي جديد ذو سمة انتقالية أو أكثر ديمومة، في سبيل التصدي للتجذير و ردعه كما و لسحق الحركة قبل انتعاشها الجماهيري و لضرب الحزب الشيوعي اليوناني بكافة الأساليب.

بصدد حزب الفجر الذهبي

لقد أنتجت معركتا الانتخابات إظهار منظمة الفجر الذهبي كقوة برلمانية ذات 19 نائباً، و هي تشكيل نازي عنصري إجرامي، يُركِّز ذروة نشاطه الرئيسي على مطاردة المهاجرين، وخاصة الآسيويين منهم، عبر ممارسة اعتداءات إجرامية ضدهم، كما و عبر ابتزازهم وتهديدهم. لقد تشكلت نسبتها الانتخابية و خاصة في صفوف الأعمار الأصغر نتيجة لشعارات كاذبة تظهرها كحزبٍ معادٍ للنظام.

إن تقييمنا هو أن هذا التشكيل يتطور على غرار كتائب العاصفة في الفترة الهتلرية، حيث هدفها الرئيسي هو استخدامها لسحق الحركة العمالية الشعبية، وضرب الحزب الشيوعي اليوناني. تستند منظمة الفجر الذهبي على وكالات الاستخبارات و على قطاعات من جهاز الدولة، و من المحتمل وجود ارتباطات دولية لها. و هي مدعومة من جيوب في النظام في قوى الأمن والجيش في حين تشكل فيه عوناً هاماً للنظام، حيث تتذرع معظم الأحزاب بوجود خطر النقيضين المزعوم عبر مساواتها الفاشية بالشيوعية. من غير الممكن مواجهة المنظمة المذكورة على أساس جبهة معاداة الفاشية أو جبهة معادية عموما للعنف من حيث ما أتى، لأن الحركة ستُستهدف في نهاية المطاف بذريعة هذا التعبير. يتوجب مواجهة المنظمة المذكورة من قبل الحركة المنظمة عينها، في مواقع العمل، وفروع الإنتاج، والمنظمات الشعبية، و عبر فضح دورها الخادم للنظام، و عبر مواجهة الجرائم الجنائية التي ترتكبها بصورة هجمات قاتلة تزعم على أنها انتزاع للحق باليد. تواجه الأحزاب الأخرى منظمة الفجر الذهبي من زاوية الشرعية البرجوازية و إدانة العنف، إدانة يشتملون ضمنها للتحركات و الإضرابات ذات الطابع الكفاحي.

لقد كيَّف الحزب الشيوعي اليوناني مواقفه و مطالبه، واستراتيجيته وتكتيكه توافقاً مع ظروف الأزمة.

ليس فقط لأنه خيارنا بل نظراً لنضوج المطلب موضوعياً، نطرح أمام الشعب خطاً للهجوم المضاد يبدأ بالنضال من أجل ردع التدابير و المطالبة بتدابير إغاثة كما و من أجل مخرج عبر الكفاح من أجل السلطة الشعبية العمالية.

إن سياسة التحالفات التي نطرحها للشعب تتعلق بتشكيل تحالف شعبي ذو توجه واضح معاد للاحتكارات (هو بطبيعته توجه معاد للرأسمالية لأن الرأسمالية تطورت لاحتكارية). و في ظروف معينة ينظم التحالف الشعبي وينسق المقاومة و النضال من أجل صون الحياة و يتوجه للقطيعة مع التكتلات و الحرب الامبريالية، و نحو إسقاط الرأسمالية، و بناء السلطة العمالية الشعبية.

كما و نطرح للشعب علناً ضرورة المطالبة بإلغاء الديون من جانب واحد، أي ألا يعترف بها، لأن الاعتراف بها يقوده إلى التفاوض الذي يعادل وجود مذكرات وتدابير جديدة.

في نفس الوقت نُبرز للشعب ضرورة المطالبة بفك الإرتباط عن الاتحاد الأوروبي. و نوضح بأن فك الإرتباط و إلغاء الدين متلازمان مع المطالبة بالسلطة الشعبية و التملك الاجتماعي للاحتكارات و تنمية مخططة تستغل كافة الإمكانات التنموية المتواجدة في البلاد، و الخروج من الحرب الإمبريالية و اتفاقات السلام الإمبريالية و الخروج من حلف شمال الاطلسي، و المطالبة بإقامة علاقات اقتصادية دولية مبنية على المنفعة المتبادلة.

إننا نطرح بذلك مسار تنمية صديق للشعب كبديل للمسار الرأسمالي للتنمية. كما و نفضح مضمون إعادة التشكيل الإنتاجي المطروح من قبل كافة الأحزاب البرجوازية و من قبل سيريزا، هو مضمون يدور ضمن فلك مواصفات الاتحاد الأوروبي. يتجلى بتنمية تسعى لتحويل اليونان إلى عقدة نقل الطاقة والسلع، ستقود إلى استغلال مشترك لاحتياطي الطاقة المتواجد في بحر إيجه والبحر الأيوني وجنوب جزيرة كريت عبر اتفاقيات بين الاحتكارات.

و إنطلاقاً من الموقف المذكور، نقدر و نواجه موقف القوى و التحالفات السياسية الأخرى على المستوى الوطني والأوروبي. فصياغة برنامج مرحلي لا تمت بصلة للواقع الموضوعي، من زاوية العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، و ذلك لأن إيجاد مخرج من الأزمة صديق للشعب هو مسألةُ استراتيجيةٍ.

يتحول دور حزب اليسار الأوروبي باضطراد نحو دور سلبي اختراقي بالنسبة لحركة عموم أوروبا، حيث يختار و بوضوح لا لبس فيه هذا الشكل أو غيره من أشكال الإدارة، و ذلك على خطى وصفات مماثلة مدعومة من قبل قوى الحكومات و النظام و الاتحاد الأوروبي على المستوى الوطني و القاري، بشكل عام. منخرطا بهذا الشكل في لعبة نزاعات الطبقات البرجوازية والتناقضات الإمبريالية.

تقع اليوم مسألة كيفية تصدي الشعب للدمار الأكبر و تطلعه نحو يوم مشرق، على رأس الأولويات، حيث تتجلى شروطها في:

أولاً
إدراك مسألة طراز الأزمة التي نعيشها، أي أزمة مسار التنمية الرأسمالي والإندماج في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي إدراك أهمية النضال ضد الاحتكارات وسلطتها.

ثانياً
تنظيم العمال في موقع العمل و القطاع الإنتاجي و في أماكن سكنهم.

ثالثاً

تعزيز و تحصين التحالف الشعبي بين الطبقة العاملة والقوى الاجتماعية ذات المصلحة في النضال ضد الاحتكارات ورأس المال بغض النظر عن خلافاتها البينية، مع معدل مشاركة مرتفعة للنساء والشباب المتحدرين من الشرائح الطبقية المذكورة أعلاه. حيث يجب أن تتوجه الحركة نحو إسقاط سلطة الاحتكارات.

لقد رفض الحزب الشيوعي اليوناني بشكل واضح و عبر حجج محددة، المشاركة في حكومة إدارة برجوازية، طُرحت من قبل قطب الانتهازية الجديد الذي تعاون مع قسم كبير من حزب الباسوك. حيث استهدف الاقتراح المذكور، ممارسة ضغط سياسي على الحزب الشيوعي اليوناني أولياً ، و بشكل أساسي سرقة أصوات متواجدة في حيز تأثير الحزب الشيوعي اليوناني. كما و لم يكن الإقتراح مبنياً على معطيات رقمية نظراً لاستحالة جمع عدد المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة. وبالطبع، كما سبق و شددنا، فنحن لم نرفض الإقتراح نتيجة عدم كفاية عدد المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة، و لكن شكَّل عدم امتلاك هذا الاقتراح لعدد المقاعد اللازم دليلاً على سمته التضليلية و على استهدافه الكامن في ضرب استراتيجية الحزب الشيوعي اليوناني.

لقد أصبنا بخسائر انتخابية، ولكننا نقدر أن خسارة الشعب لكانت أكثر من ذلك بكثير ولا رجعة فيها لفترة طويلة، في حال كان الحزب الشيوعي اليوناني قد قرر دعم حكومة إدارة، مع قبوله لاندماج اليونان في الاتحاد الأوروبي و لسلطة الاحتكارات في مجال الاقتصاد. قام حزب سيريزا في الفترة التي توسطت معركتي الانتخابات، بالتخلص من بعض شعاراته الراديكالية، مُحصلاً بهذا الأسلوب أصواتاً شعبية كثيرة أتت به إلى المركز الثاني، هي أصوات جماهير شعبية كانت تخشى طرد اليونان من منطقة اليورو و اعتقدت بإمكانية التصدي للتدابير عبر مفاوضات أفضل، دون القيام بأي صدام.

يجري إبراز حزب سيريزا اليوم، كأفضل المفاوضين مقارنةً مع حكومة أحزاب الجمهورية الجديدة و الباسوك و اليسار الديموقراطي، وذلك في وقت يتحرك هذا الحزب في توجُّه حزب وسطي معاصر.

لن يغير اليسار الحاكم خط التوجه العام، و لن يضرب النظام السياسي العفن. فليس من حكومة، مهما ادعت تسمية نفسها، أيسارية أو شيوعية، أو حتى لو ادعت أنها ثورية، تحترم تصريحاتها وخطتها، في حال بقاء وسائل الإنتاج والثروة في أيدي الاحتكارات. أي في حال بقاء الشعب في منأىً عن الملكية و عن السلطة.

إن المعركة في اليونان ليست صعبة عموماً نظراً لواقع سلبية موازين القوى، بل الأصح هو أنها تغدو بالتأكيد أكثر تعقيداً في ظل سلبية موازين القوى. و هي تتطلب من الحزب قدرة و ثباتاً ليكون في موقع قادر على إجراء اختراق أوسع للجماهير العمالية الشعبية، وللقيام بمناورات مناسبة دون تشويه خط سياسته العامة كما و دون ابتعاده عن أولئك الكادحين ذوي الأوهام الذين لم يكتسبوا بعد خبرة سياسية.

في ختامنا لهذه المسألة نريد أن نؤكد أن كِلا نظريتنا و تجربتنا التاريخيتان تبينان بأنه مهما كانت قوة الحزب الشيوعي الإنتخابية السياسية فهو ينقاد و بدقة حسابية نحو الإندماج في إطار النظام البرجوازي عند تواجده في مواقع حكومية. ينبغي أن يشكل هذا المطلب وبشكل ناجز، موضوع نقاش و حوار مع الشعب ليعي أن هوامش العيش الأفضل سواءاً في ظروف الأزمات والإنتعاش، قد تقلصت دراماتيكاً بالمقارنة مع الماضي. لقد ازداد نضوج الظروف الموضوعية للإنقلاب الجذري، حيث توغلت الاحتكارات عميقا جداً في كل مجال، ليس فقط في الاقتصاد ولكن أيضا في جميع جوانب الحياة الاجتماعية.

و لكن العامل الذاتي أي الحركة العمالية، وقوة الحزب الشيوعي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب وفي هذا الاتجاه ينبغي علينا التحرك.

حيث لا ينبغي علينا أن نتخلى عن النضال ضد الحرب الإمبريالية و السلام الإمبريالي تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية.

بل ينبغي علينا إبراز ماهية و كيفية أساليب التدخل الإمبريالي الجديدة استنادا إلى أمثلة و معطيات مستخرجة من ما يدعى بالربيع العربي و من ليبيا وسوريا. حول كيفية تشكيل المعارضة الداخلية من الخارج وكيفية تسليحها، و كيفية ترتيب إسقاط الحكومات بسبب النزاعات الإمبريالية و البرجوازية. هناك حاجة إلى إبراز منهجي و عبر حجج لمسألة استمرارية أولوية و مصيرية مستوى النضال الوطني، في التوازي مع أهمية التعاون والتضامن الأممي.

حيث من الممكن للحركة أيضاً، استغلال التناقضات الإمبريالية بطريقتين: أولها، فضح عنصر عولمة الرأسمالية الأساسي. والآخر عبر إعداد الشعب لعدم دعم طبقة بلاده البرجوازية في التناحرات الامبريالية الجارية و في الحرب من أجل إعادة اقتسام الأسواق .

يسعى الحزب الشيوعي اليوناني في نفس الوقت لدراسة علمية ومن خلال تجربة الحركة، لجملة التطورات من أجل تحقيق صدوع في النظام السياسي البرجوازي تسهم في تحقيق تحررٍ أكبر للحركة.

في أيامنا ازداد تأثير توازن القوى العالمي و الإقليمي على تحديد مسار التطورات على المستوى الوطني كما و تعاظم أيضاً، التأثير الديناميكي والثوري للحركة العمالية والشيوعية. فكُلُّ نجاح في بلد معين يقدم إشارة و تطوراً في غيره من بلدان أوروبا، و كُلُّ انزلاقٍ و انحدارٍ نحو التوافق و التخاذل، يضع حركات دائرة أكبر من البلدان في موقع صعب. إن حسم التطورات يجري بالتأكيد في مجال النضالات والتحالف الاجتماعي، ولكن التطورات تتطلب في أيامنا، تعزيز الصراع الايديولوجي ضد الرؤى البرجوازية و الإصلاحية و الانتهازية.

فمن دون خوض صراع مماثل في مجال الأيديولوجية سيصعب على الجماهير التوجه سواءاً للمطالبة بتدابير الإغاثة و للمطالبة بتقويض التدابير الأسوأ و إسقاطها. و من دون النضال الأيديولوجي داخل الحركة تفتقر النضالات للتنظيم و التوجه السياسي الصائب، على الرغم من اكتسابها لسمات جماهيرية.



#الحزب_الشيوعي_اليوناني (هاشتاغ)       Communist_Party_of_Greece#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكَّل إضراب يوم 26 أيلول/سبتمبر ذو المشاركة الجماهيرية، رداً ...
- في مواجهة تكاثف سحب الحرب الإمبريالية. نرفض أي توريط أو مشار ...
- نداءٌ يوجهه المكتب السياسي للجنة المركزية في الحزب الشيوعي ا ...
- إعلان إضراب شامل رداً على التدابير الضد شعبية الجديدة
- حول الاغتيال الجماعي لعمال المناجم المضربين في جنوب أفريقيا
- أسقط عمال شركة الصلب اليونانية مخططات أرباب العمل، عبر متابع ...
- نظَّمت -بامِه- مسيرات جماهيرية في كل اليونان تضامناً مع عمال ...
- إن الإرهاب لن يمر – فلنتضامن مع نضال عمال الصلب البطولي الإض ...
- مشروع قانون لإلغاء مذكرات اتفاقية الإقتراض و قوانينها التطبي ...
- نضال مشترك ضد الظلم الطبقي والحرب
- تظاهرة الشبيبة الشيوعية اليونانية السنوية اﻠ21 المعاد ...
- حول تهمة -الخيانة الوطنية- بالبلاشفة!
- يُواصل الحزب الشيوعي اليوناني نضاله بحزم في سبيل إسقاط همجية ...
- حول المؤآمرات الجارية ضد كل من سوريا و إيران
- حول تشكيل حكومة ائتلافية ضمت حزب الجمهورية الجديدة و الباسوك ...
- تَموضُع أولي تجاه نتيجة انتخابات يوم 17 حزيران/يونيو 2012
- رسالة تضامن مع الحزب الشيوعي اليوناني
- إن مُجمل الحُلول، عدا حَلِّ السلطة الشعبية، هي حلولٌ في مصلح ...
- حول الهجوم البلطجي لممثل حزب الفجر الذهبي
- إن تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني هو ما سيحكم على موقع الشعب ف ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحزب الشيوعي اليوناني - موقف الشيوعيين تجاه الأزمة الرأسمالية: اندماج أم قطيعة