أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - يا الدمشقيُّ!!!














المزيد.....

يا الدمشقيُّ!!!


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3871 - 2012 / 10 / 5 - 17:12
المحور: الادب والفن
    


يا الدمشقيُّ:
هي الشامُ، حريّةُ اللغةِ حين تمشي على قطنِ الحلمِ، هائلةَ المعنى، مكتنزةً بنداءاتِ نهرٍ قديمٍ، وجروحُ أعدائها تُبكيها، فكيفَ تصنعُ بدمِ أبنائها؟


يا الدمشقيُّ:
تذكَّر فقطْ قليلاً من الدعواتِ كانت أمُّكَ تصبُّها في حقيبةِ مدرستِكَ الفقيرة، حينَ كانت تمسكُ كتفيكَ وتضمُّكَ، وتهمسُ في أذُنِكَ: أنتَ رجلي بعدَ أن غابَ أبوكَ فلا تخذلني، تذكّر، أنك لم تكن تحتملُ كلمةً ولو طائشةً عنها، ولو كانت آتية منها ذاتها، تذكَّر فقط أنّكَ حين تسحبُ السيفَ، فقط حين تسحَبُهُ، وقبلَ أن تغمدَهُ في أي قلبٍ كان، أن مجرّدَ فكرةٍ من هذا النوع، ستوقفُ قلبَها، وفي النهاية، سوريّة ليست سوى قلوبُ أمّهاتٍ صنعنَ هذا المجدَ الدمشقي منذُ قالت الخليقةُ كلمتَها، تذكّر، فقط تذكّرْ.

يا الدمشقيُّ:
لماذا عليكَ أن تغيّر اسمكَ المنحوت على المواسمِ؟ ولماذا تغيَّرَ قلبُكَ من عصفورٍ إلى حقيبةٍ من الذهب؟ لماذا نثرتَ فكرة التاريخ عنكَ في الهواءِ الناشفِ وزرعتَ ظلالاً على النار؟ أين اختفى ناي رعاتِكَ وطوائف الصوفيين من شالِ امرأةٍ على الجبل؟ أين ذهبتَ وتركتَ يدَكَ تجولُ في الأفقِ وحدَها؟ وماذا ستقولُ غداً لصبيٍّ سيسألُ عن اختلاف لون الحليبِ في ثدي أمه؟ وبم ستجيبُ حين تقفُ أمام الحارات القديمة وتسألك بحدّة أرملةٍ تزوّجت فراغ الليل والوحدة: مَن أنت؟

يا الدمشقيُّ:
تذكر، فقط تذكر، فيما ظلُّ أمِّكَ ينمحي عن حائط البيت، أنك لست قادماً من نفسكَ، خلفكَ حلب، حمص، حماة، دمشق، بصرى، تدمر، قطنا، أرواد، أيبلا، أوغاريت، مملكة ماري، تذكّر وأنت تغلي تاريخك مع الدمِ أن ما تصنعه السنواتُ لا يدومُ وحدهُ، وأن حجراً واحداً يسقطُ من مدينةٍ قديمة، يحتاج مليونَ سنةٍ ليعودَ إلى مكانِهِ، تذكر، فقط تذكّر صورةَ أبيك على الحائطِ، حين عاقبَك بالضرب والحرمان لأنك لم ترد تحية الجار، ماذا سيقول لك لو كان هنا الآن؟ تذكر، فقط تذكر، أن البلاد لك، وليست لغرباء لا يعرفون بردى، تذكّر، فقط تذكّر، وحينها، صدقني سأمنعك من الانتحار، لأني أحبك أنت أيضاً.

يا الدمشقيُّ:
تذكّر، فقط، تذكّر، فيما الألوانُ تنحلُّ عن كلّ شيءٍ في مرمى الأفق، أنها بلادك التي أعطتك لون الحنطةِ في وجهك ويديك، تذكّر نواح الطبيعةِ الثكلى على فصولِها المذبوحة في الطرقات، تذكّر وأنت تسبُّ الحكايات العتيقة أن النار هي النار، تدفئ وتحرق، وأن الماء هو الماء، يروي ويُغرِقُ، وتذكّر أنك كنت ناراً وماءً، فصرتَ ناراً وماءً، وما أوسعَ الفرقَ بين نارين وماءين، تذكّر فقط تذكّر أن النشوةَ لا تدومُ، تماماً كما هو غضبُ الأمهاتِ على أبنائهنّ العائدين متأخرين من المدرسة، تذكّر، فقط تذكّر، وحين تتذكّر، ستذبحكَ الذكرى، أعرفُ، لكنها حانيةٌ ولا تعذّب أبناءها الخاطئين حين يتذكرون، لذا، تذكر.

يا الدمشقيُّ:
تلك النرجسةُ في طرفِ الحديقةِ ليست نرجسةً فحسب، هي روحُ عشتار حين فاضَ دمعها على أدونيس، وذلك النهرُ الذي كادَ يجفُّ لم يكن مجرد نهر، هو بقية اسمك الناقص ذاهباً في التاريخِ إلى آخره، تذكّر، فقط تذكّر وأنت تقطفُ الأبنيةَ خلفَكَ أن هناكَ أشياء لا تعودُ حينَ تذهبُ، وأن الذهبَ يعيدُ الأبنيةَ إلى سابقِ عهدها ربما، لكنه لا يعيدُ لمسةَ الحنانِ على أطباقِ مطابخِها، ولا يُرجِعُ ذكريات الأطفالِ على أبوابها وفي ساحاتِها، تذكر، فقط تذكّر، أن هذا المكان الذي دمَّرَتْهُ فكرتك عن الحرية، هو المكانُ الذي جلست حبيبتك فيه تنتظركَ عائداً من حربٍ شريفةٍ، لا ذاهباً إلى دمارِ الوردة
تذكّر، فقط تذكّر، أن تأخذ قلبك معك إلى المعركة.

الخامس من تشرين أول 2012



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كسيّدٍ غيرِ مهذَّبٍ هو الحنين
- الإساءة للرسول، الإساءة للعالم
- ما يحدث في فلسطين لم يحدث بعد
- ضياع الحلم الفلسطيني
- معرض أزمات الشرق الأوسط
- مُتْ، فنحن لا نجيد التعامل مع الأحياء
- الفن والمحاكمة الأخلاقية
- علِّموا أبناءَكُم
- حاوِل أن تصادقَ جندياً إسرائيلياً
- ليلةُ انتحارِ الفرسِ البيضاءْ قصة قصيرة
- يُعيدُ الشّارعَ إلى وَعْيِهِ
- السُّقُوْطُ كقِطْعَةِ لَيْلْ
- امرأةُ اللاشيء، امرأةُ كلِّ شيء
- يوماً، ستعودُ المدينةُ إلى وردِها
- ما قالَهُ ابنُ عمروٍ* لحِصانِهِ جوارَ النَّهرِ
- وبي حزنٌ قديمْ
- وَرَأَيْتُهَا
- مقام سيدي يوسف البتّيري قصة قصيرة
- ما لا يعرفه أطفال غزة
- توقفوا عن إلصاق تهمة البطولة بهذه المدينة


المزيد.....




- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- صدور ديوان الغُرنوقُ الدَّنِف للشاعر الراحل عبداللطيف خطاب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - يا الدمشقيُّ!!!