أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء سالم - - لو - مسرحية















المزيد.....



- لو - مسرحية


علاء سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3869 - 2012 / 10 / 3 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


ملاحظة للبدء
" كل " ممثل في هذه المسرحية هو عبارة عن جزئين منفصلين , الجزء الأول هو صوته الذي نسمعه من مكان ما خلف الكواليس مشاركا في الحوار المسرحي والجزء الثاني هو جسم الممثل الذي يتحرك على الخشبة ويؤدي لغة الجسد المناسبة للصوت الخاص بالممثل والموضحة مع كل جملة في النص ولكن دون أن يفتح فمه المغلق بشريط لاصق على شكل حرف x .
بالنسبة لمن قد يشاهد هذا النص معروضا سيتكفل الاخراج بمهمة إبقاء هذه الملاحظة راسخة في ذهنه طيلة العرض. ولكن لمن يقرأ النص مكتوبا يجب أن يفهمها أولا ويبقيها معلقة في ذهنه مع كل عبارة حوارية.

المشهد الأول

هذا المشهد لا يحتاج لأي ديكور إطلاقا ولا حتى لستائر قماش تفصل غرف الكواليس أو مداخلها عن الخشبة . يجب أن تكون خشبة المسرح عارية تماما وكأنها غير مهيأة أصلا لعرض مسرحي .
(( أهم نقطة في اخراج هذا المشهد هي إظهار الممثل ( س ) بشخصية ضعيفة مترددة رغم قوة ومنطقية بعض العبارات التي يقولها كما يجب أن تظهر عليه علامات الإعجاب والانقياد للعبارات التي يقولها الممثل ( ص ) حتى وإن ناقشها أو رد عليها ))
قبل فتح الستار نسمع همسا يدل على الفزع , حركة غير اعتيادية ..
أثناء الفتح التدريجي للستار
صوت 1: هه لم يكن ينقصنا غير هذا...
صوت 2 : ( منفعلا ) من سمح لهؤلاء الأغبياء بفتح الستار.. ( بارتباك ) أنزلوه ...أنزلوه...
صوت 1 : والجمهور الذي تجمّع خارجا ؟! ماذا سنقول لهم ؟!
صوت 2 : سأخرج وأشرح لهم أن عرض اليوم قد تأجل للغد ( يصرخ ) أنزلوا الستار ( متفاجئ ) اللاقطات , لاقطات الصوت تعمل أطفئها , أطفئها ...
( يُفتح الستار تماما )
صوت 1 : ( بصوت بالكاد يُسمع ) لا تطفئ شيئا , لا أعتقد بأن صوتنا قد وصل للجمهور , حاول أن ترتجل أي شيء , دع هذه الليلة تمر بسلام , دعنا نقنع الجمهور أن لا شيء مهم وعندما يخرجون سنعرف كيف نتصرف ...
صوت 2 : هه حاول أن ترتجل شيئا ما... لم تبق في رأسي ذرة عقل , أي كلام هذا الذي تطالبني بارتجاله ؟... سأخرج الآن وتدبر أنت الموضوع...
صوت 1 : ( مهددا ) إلى أين ؟! لا أتصور بأن خروجك من هنا سيغير شيئا ما...
( همس غير مفهوم تماما يستمر لدقيقة على الأقل )
(( ملاحظة الحوار السابق " يجب " أن يؤدى باللهجة الدارجة التي يتكلم بها الجمهور وحسب مكان وزمان العرض ))
( صمت )
( الممثلان ( س ) و ( ص ) يدخلان سوية , يبدو عليهما شيء من الارتباك..صمت طويل)
الممثل ( س ) : ( شارد الذهن ) لا أعرف ما الذي يجب أن يقال ! ( يهز يده ثم يتحسّر )
الممثل ( ص ) : ( متأمل ) ما الذي يجب أن يقال ؟!... ( يبتسم ) لا شيء...
الممثل ( س ) : لا شيء ؟!
الممثل ( ص ) : نعم لا شيء...
الممثل ( س ) : وكيف سيفهم الجمهور هذا اللا شيء...
الممثل ( ص ) : ( باستغراب ) الجمهور ؟! ( غير مكترث ) لم يفهموا شيئا حينما كنّا نقدم لهم الشيء , دعنا نجربّ هذه الليلة فلربما فهموا أشياء من اللاشيء...
الممثل ( س ) : ( متأملا ) أشياء من اللاشيء.... ( يائسا ) لم أفهم شيئا...
الممثل ( ص ) : ستفهم عندما تفهم أن الشيء هو ذات اللاشيء...
الممثل ( س ) : سأفهم عندما تنطق أشياء مفهومة...
الممثل ( ص ) : نطق الشيء وعدمه سيّان بالنسبة لي... ( صمت ) على كل حال أنصحك أن لا تقول شيئا ( تلمع في ذهنه فكرة ما ) سنؤدي عرضا صامتا ( باستهزاء وعدم اقتناع ) مادامت الحركة أبلغ من الكلمة والعين أكثر إدراكا للمعنى من الأذن ( يؤدي عرضا صامتا وكأن بابا لا مرئيا يُطرق بشده , يَفتح الباب فلا يجد أحدا , يلتفت يمينا ويسارا , لا أحد أيضا , يتفاجئ بوجود صندوق موضوع أمام الباب , يبذل جهدا كبيرا بحمله , يضعه في الداخل ثم يغلق الباب ,يبذل جهدا ووقتا أكثر في فتحه , يتفاجئ بأن الصندوق فارغ , خيبة أمل , الممثل ( س ) يراقبه باستهزاء وتذمر )
الممثل ( س ) : ستضل ضيق الأفق إلى النهاية , الكلمة التي كنت أقصدها بقولي " لا أعرف ما الذي يجب أن يقال " لا تختلف عن الحركة بعرضك البائس الذي قدمته...! الحركة في عرضك هذا قالت لي أنك ساذج وقالت للجمهور أنك حصلت وسط ضجة كبيرة على صندوق ما بذلت جهدا كبيرا في فتحه ثم تبين في النهاية أنه فارغ ولا يحتوي على أكثر من اللاشيء...
الممثل ( ص ) : ( يضحك ) أراهن إنك كنت تتمنى لعرضي غير النهاية التي انتهى بها ( يضحك ) ( بلهجة حكواتية ) كنت تتمنى أن يحتوي هذا الصندوق على عفريت ضخم يشق فضاء المسرح ويصنع لك المعجزات ( يعود للهجته الاستهزائية الطبيعية ) عقول أمثالك تعشق الخرافات , تحب أن تضفي على كل الأشياء بعدا لا مرئيا , أصابعا خفية تتحكم بالأمور ( كمن ينصح طفلا ما ) حاول أن تكون واقعيا ولو لمرة واحدة في حياتك...
الممثل ( س ) : ولكن صندوقك كان فارغا لأنك أنت من أراد أن يراه فارغا ..! أنا متأكد تماما بأن صندوقك هذا لو فتح بعينين غير عينيك لكان من الممكن أن يكون مملوءا بالمفاجئات...
الممثل ( ص ) : ( باللهجة الحكواتية ) نعم , نعم بالعفاريت ( يضحك ) ( يعود للهجته الطبيعية ) ساذج...
الممثل ( س ) : ثم من قال بأن الصندوق كان فارغا بالفعل , ربما كان بداخله شيء ما لكنك وبسبب إصرارك – لا شعوريا - على رؤية جميع الأشياء فارغة وبلا معنى - مثلك تماما - قتلت هذا الشيء المسكين الذي كان يملئ فراغ الصندوق ( بلهجة ماكرة ) فقد أثبت لي بأنك تملك حسّا إجراميا نادرا ...
الممثل ( ص ) : ( مضخما الكلمة باستهزاء ) لا شعوريا.. ( بلهجة اعتيادية ) ولماذا اقتله أصلا ؟!
الممثل ( س ) : ببساطة لأنك تجهل معناه..لا تفهم شيئا فيه..أكبر من عقلك وإدراكك تماما كالطفل الذي يحطم لعبته الوحيدة لا لشيء سوى أنه يريد أن يفهم كنهها , مم تتركب وكيف تعمل...
الممثل ( ص ) : لا يوجد شيئ بالأصل كي أُفككه وأبذل جهدا في معرفة كنهه ومم يتركب ( باستهزاء ) خرافاتك لا تصمد أمام عقلي...
الممثل ( س ) : لا تنس بأن الفرق بين الطفل الذكي والساذج هو أن الأول يحطم لعبته التي لا يفهم تركيبها بينما الثاني يتجاهلها وينكر وجودها أصلا كما تفعل أنت الآن..
الممثل ( ص ) : حتى وإن تجاهلها أو أنكر وجودها كما تدعي لكنها ستبقى بأعين أبوي ذاك الطفل وأخوته شيئا موجودا وملموسا وسيجمعون على سذاجة الطفل الذي أنكر وجود ما هو موجود بالفعل...
الممثل ( س ) : ربما يكونون أطفالا مثله تجاهلوا ما تجاهله وأنكروا وجود ما أنكر وجوده وصدقوا أنفسهم بإنكار حقيقة ثابتة تستهزأ بعقولهم التي لا تراها....
الممثل ( ص ) : ( مُستَفز ) كلهم أطفال ؟! و أنت البالغ الوحيد بين الجميع !! هذا هو تعريفك لسعة الأفق ؟! من يؤمن بالأشياء الملموسة التي يدعمها العقل وينطق بوجودها وينكر خرافات الماوراء يكون طفلا ومن يرتمي بأحضان الخرافات والخوارق يكون واسع الأفق ؟؟ كيف يكون الجنون إذا لم يكن على هذه الصورة؟..لا أجاملك فأخفيك سرا ما لقد حذرني الكثيرون من اعتلاء خشبة المسرح معك لقد أجمعوا على أنك مجنون بكتاب رسمي ومرفق بصحة صدور أيضا ( يضحك )
الممثل ( س ) : لا يهم كون من يملك الحقيقة هم الأقلية ولكن المهم هو إن الحقيقة معهم , ثم إن الحقيقة والخرافة أمران نسبيان , الشمس مثلا هي حقيقة لمن يراها وخرافة لمن كُتب له أن يكون أعمى منذ الولادة...
الممثل ( ص ) : أوهام ذوي الأمراض النفسية هي حقيقة بالنسبة لهم وهم يرونها عيانا كما هو معروف لكنها لا أكثر من وهم أرادوه أن يكون فكان...فربما لا تكون شمسك المدعاة أكثر من وهم مرضي ويكون العميان الذين لم يروا شيئا إطلاقا هم من يملك الحقيقة...
الممثل ( س ) : لم أسمع بوهم مرضي يشترك به عدد من المرضى بعدد المبصرين لنور الشمس في العالم ! لم لا يكون عدم الشمس هو الوهم المرضي وبما إن العميان المؤمنين بعدم الشمس أقل عددا فسيكون تشاركهم لوهم ما أقرب للتصديق...
الممثل ( ص ) : ( يضحك ) الآن تدعي أن العدد الأقل هم من يجب أن نرميهم بالوهم والمرض وقبل قليل تصرخ بملء فيك أن لا يهم كون من يملك الحقيقة هم الأقلية ولكن المهم هو إن الحقيقة معهم..هه
الممثل ( س ) : الجدال عقيم مع أمثالك...
الممثل ( ص ) : ( ساخر ) ومسلي مع أمثالك...
( صمت )
الممثل ( س ): ( كمن يحدث نفسه ) لو كان المخرج موجودا لكنّا نتحدث الآن في موضوع يليق بنا لا أن نتخبط تائهين لا نعرف بم نملئ وقت العرض...
الممثل ( ص ) : بم تتمتم مع نفسك ؟
الممثل ( س ) : لا شيء ذو أهمية...
الممثل ( ص ) : لا يهم ..أُصر على معرفة ما حدثت نفسك فيه...
الممثل ( س ) : لا تصر ( بلهجة ذات مغزى ) لمصلحتك...
الممثل ( ص ) : ( متعجب ) مصلحتي..قل ما تشاء ( ساخر ) أتوقع أي شيء من مجنون مثلك ..سمعتك تقول المخرج...
الممثل ( س ) : ( كمن يجبر على قول شيء ما يوجه به ضربة قاضية للمقابل ) نعم قلت المخرج..ها ؟ أ كنت متوقعا قول هذا مني؟!
الممثل ( ص ) : بلا مبالاة ..أتوقع منك كل شيء..لكن ما الداعي لذكر المخرج الآن خاصة وإن الكل يعرف أننا اليوم سنؤدي عرضا ثنائيا ارتجاليا , لا حاجة لوجود مؤلف و لا حاجة لوجود مخرج أيضا ( يركز على نطق الكلمة ) عرض ارتجالي ...
الممثل ( س ) : ( بلهجة يحاول أن تكون ماكرة لكنه ينطقها بطريقة غبية ) العرض الارتجالي يحتاج لأن يكون من بين الممثلين من تكون له القدرة على القيادة والتوجيه وفتح المواضيع فاحتمال حضور مخرج في هذه الليلة ليس بعيدا , مخرج يقوم بدور تمثيلي ارتجالي معنا وبذات الوقت يوجّه العرض ويقوده آنيا من على الخشبة ....
الممثل ( ص ) : ( يصفر ) كم هي الطاقة التي بذلتها بالتفكير لتخرج باحتمال خطير كهذا ( يضحك ) الخيال الواسع هو بذرة جنونك وجنون أمثالك...المخرج هو عالة على المسرح لا أكثر من هذا ولا أقل...
الممثل ( س ) : المخرج هو بسملة كل عرض مسرحي...
الممثل ( ص ) : ولكننا نقدم الآن عرضا بلا بسملة...
الممثل ( س ) : أ وتسمي هذا عرضا ؟! ( يعدد على أصابعه ) هذا لا أكثر من تخبط وضياع وعبث ولا شيء...أنا متأكد من أن حرمة الخشبة فقط هي من تمنع الجمهور من رمينا بأقرب شيء تناله أيديهم...
الممثل ( ص ) : لا تخف سيفكرون بأن العبرة في النهاية وسينتظرون النهاية...
الممثل ( س ) : بلا عقل مدبر لن يصل أي عرض إلى غاية منطقية ولن يخرج بأكثر من ( يعدد على أصابعه ) الفوضى والعبث والسذاجة...
الممثل ( ص ) : بالنسبة لي أرى أن الفوضى كمال التنظيم ولكن على كل حال سيرى الجمهور الغاية التي سأصل بهم إليها في نهاية هذا العرض...
الممثل ( س ) : أراهنك وأراهنهم بأنك سوف لن تصل بهم إلى أية غاية ذات فائدة... ( بلهجة تضمر التهديد أو التخويف ) ولكن ربما سأفكر بأن أصل بك إلى نهاية تراجيدية ( يضحك )
الممثل ( ص ) : كلنا سنصل إلى نهاية واحدة , نقطة واحدة , غاية واحدة لا فرق بين الوسائل المؤدية معها...
الممثل ( س ) : ( بنفس اللهجة السابقة ) لاااااا , الفرق كبير جدا بين بعض النهايات والبعض الآخر...
الممثل ( ص ) : ( يعدد على أصابعه ) ساذج وسطحي, بني كل شي دون العدم المطلق لا يعتبر نهاية ( يستدرك ) يمكن اعتباره خطى حثيثة نحو النهاية نعم , ولكن ليس النهاية ذاتها...
الممثل ( س ) : العدم المطلق ! هذا ما كنّا عليه ( يمشي بضعة خطوات إلى الأمام ) ما سنذهب إليه شيء آخر ( يمشي بضعة خطوات إلى الخلف ) إلا إذا كنت تسلك طريقا مختلفا للكمال...
الممثل ( ص ) : غبي..( يرسم بيده مربعا ) من العدم المطلق نحو العدم المطلق...
الممثل ( س ) : ( متأمل ) ( يرسم بيده دائرة ) ولدنا من العدم ونسير نحو العدم... ( يستنتج ) وجهة نظر...
الممثل ( ص ) : هه استنتج الببغاء... ( يرسم بيده مربعا )( بإصرار ) مربع...
الممثل ( س ) : ( يرسم بيده دائرة ) ( بإصرار ) دائرة ...
الممثل ( ص ) : ( بإصرار ) مربع ...
الممثل ( س ) : ( بإصرار ) دائرة ...
( يتكرر تبادل هاتين الكلمتين عدة مرات )
الممثل ( ص ) : ساذج...
الممثل ( س ) : عنيد... ( صمت ) حسنا سأجعل خطاك إلى العدم المطلق تراجيدية ( يضحك ببلاهة ) هكذا أفضل...
( صمت )
الممثل ( ص ) : أفكر بأن أترك هذه الخشبة إلى الأبد...
الممثل ( س ) : نعم ؟!
الممثل ( ص ) : سأمتُ التمثيل..أدوار لا تناسبني..ثياب لا تناسبني.. ( يلتفت نحو الممثل ( س ) ويضحك ساخرا ) ورفقة لا تناسبني أيضا...
الممثل ( س ) : أمممم متذاكي وما الذي ينتظرك غير هذه الأدوار وبعيدا عن هذه الرفقة ؟!
الممثل ( ص ) : ( بسرعة ) لا أعرف...
الممثل ( ص ) : ليس لك خارج حدود هذه الخشبة غير عدمك المطلق الذي كنت تتحدث عنه...
الممثل ( ص ) : ( بسرعة ) أعرف ( يبتسم ) أعتقد بأني أجيد تمثيل دور العدم... ( يقف وسط الخشبة متجمدا كالتمثال , يغمض عينيه )عدم , عدم , عدم
الممثل ( س ) : ( يضحك ) لازلت موجودا , بوووو أراك أمامي الآن ( يواصل الضحك )
الممثل ( ص ) : ( يضع يديه على عينيه, لا زال متجمدا ) عدم...
الممثل ( س ) : ( يدور حول الممثل ( ص ) , يراقبه بصمت ثم يضربه على مؤخرته بقوة ) هنا يكمن العدم ( يضحك )
الممثل ( ص ) : ( يبالغ بالتألم من الضربة ) ( يعدد على أصابعه ) بذيء ومجنون وتستهويك الخرافات...
الممثل ( س ) : على كل حال دور العدم يحتاج من يؤديه أيضا , لا تقلق فقد يختارك المخرج لدور كهذا...
الممثل ( ص ) : ( غاضبا ) المخرج , المخرج , المخرج..سأخرجه من حياتي , من الآن وصاعدا سأمثل ارتجالا كما أنا الآن , حر بلا قيود...
الممثل ( س ) : ولكنك لا زلت على خشبته...
الممثل ( ص ) : سأبحث عن خشبة أخرى...
الممثل ( س ) : وكأنك تستطيع...
الممثل ( ص ) : ( منتشيا ) أنا حر..هاأنذا أمثل ارتجالا لا احتاج لتوجيه هذا الوهم الذي يسمونه مخرجا ( مخاطبا الجمهور ) الوهم الذي خلقه هذا وأمثاله...
الممثل ( س ) : هه يمثل ارتجالا..بعد ماذا ؟! بعد أن سمح لك بالصعود على خشبته ولقنّك الكثير من الكلمات وشرح لك الكثير من الأدوار ورعى لسانك للدرجة التي صار بها قادرا على نعته بالوهم...
الممثل ( ص ) : ( بسرعة وانفعال ) نعم , وهم , وهم , وهم , لا أكثر من وهم...! كل ما نقوم به على هذه الخشبة هو محض ارتجال أنا من اختار أن أتحرك من يمين الخشبة إلى يسارها وإن كان وهمك هذا يريدني أتحرك من يسارها إلى يمينها , أنا من أختار أن أنطق هذا الجملة , بهذه الطريقة وإن كان يريدني أن أنطقها بتلك...
الممثل (س ) : ولكن هو من خولك بالنطق هنا وهو من أعطاك بعض الحرية بالتهريج...
الممثل ( ص ) : إذن سأختار الصمت ( يسد فمه بقوة مدخلا شفتيه إلى داخل فمه )
الممثل ( س ) : لا تنكر بأنك كنت تتبع تعليماته بدقة...
الممثل ( ص ) : أتبع ما هو صحيح بالعقل , لا يهمني إذا ما توافق مع ما تسميه أنت تعليماته أم لا...
الممثل ( س ) : هو من وضعك على هذه الخشبة وإياك أن تنكر...
الممثل ( ص ) : ( بهستيرية ) أنا من وضعت نفسي هنا , أنا , وأنا من سيخرج من هنا بمحض إرادته ( يمسك رأسك الممثل ( س ) ويهزه بعنف ) لا وجود لوهم المخرج خارج رأسك الغبي هذا, تحرر من أوهامك ,أخلع ثياب جنونك, لماذا تحب أن تكون منقادا لفكرة أنت من صنعها...كن حرا ... غبي , مجنون , غبي , غبي , غبي
الممثل ( س ) : ( يتراجع للوراء يتردد قليلا ) لست غبيا , ( خائف ) مجنون ؟! لست مجنونا بل أنت المجنون ( يضحك الممثل ( ص ) ويشير إلى صدره وكأنه يسأل الممثل (س ) أنا ؟! ) نعم, أنت... رأيتك بأم عيني وأنت ترتكب جريمتك وأراك الآن وأنت تنكر وجود الضحية...
الممثل ( ص ) : ( بعد نوبة ضحك طويلة ) ( للجمهور ) يبدو إن مشهد الجنون سيكون نهاية لعرضنا اليوم...
الممثل ( س ) : ( وقد فقد السيطرة على تصرفاته تماما , يدخل للكواليس ويعود بعد بضعة ثوان وهو يسحب صندوقا كبيرا يشبه التابوت إلى حد ما , الممثل ( ص ) يسير خلف الصندوق بسكينة ساخرة , يدندن لحنا جنائزيا بينما يبذل جهدا في كتم ضحكته ) هذا الدليل على صدق ما أقول وعلى جنونك بذات الوقت...

الممثل ( ص ) : ( يبتسم ) ( بلهجة أبوية ) أهدأ أرجوك ( يضحك ضحكة مختصرة ) ولكن ما هذا ؟ لماذا سحبت خزانة الملابس إلى هنا ؟ دعني أساعدك بإرجاعها...
الممثل ( س ) : ( كالمجنون ) لا, لن تعيدها.. لن أدع جريمتك تمر دون عقاب ..سأفضحك أمام الجمهور...
الممثل ( ص ) : تفضحني ؟! ( يضحك ) أرجوك... لا تقل بأنك تحتفظ بملابسي الداخلية هنا ...
الممثل ( س ) : ( بنفس اللهجة السابقة ) بل أحتفظ بجريمتك هنا...
الممثل ( ص ) : حسنا, سأعترف ...من الممكن أن تستخدم ملابسي الداخلي كأدلة على بعض جرائمي التي ارتكبتها هنا ( للجمهور ) لو عرفتم ما ارتكبته من جرائم لتمنيتم بأن الحياة لم تكن سوى محض جريمة ( يضحك )
الممثل ( س ) : لن تخدعني , سأطلع الجميع على جريمتك البشعة ...
الممثل ( ص ) : ( ضحك ) حسنا أرني ما تفكر به ,أحب أن أطلع على جريمتي البشعة ( يضخم الكلمة الأخيرة بسخرية ) ...
الممثل ( س ) : (بنفس اللهجة السابقة ) هنا جثة المخرج الذي قتلته قبل قليل وأنكرت وجوده الآن...
الممثل ( ص ) : ( يضحك ) جثة من ؟! ( يضحك ) ( للجمهور ) سترون مشهدا واقعيا للجنون... ( للممثل ( س ) ) الليلة ليلة عرض ارتجالي ولا وجود لمخرج على خشبتنا هذه الليلة يا ...., ولكن, لنفترض إني قتلت هذا المخرج , لماذا أضعه هنا في خزانة الملابس؟
الممثل ( س ) : ( متردد, خائف, محرج, مجنون ) لأنك تكرهه , لأنك لم تفهم دوره , لأنك تريد أن تتذاكى , لأنك تريد أن تنعتني بالجنون ( يبكي ) ولكني سأفضحك ... نعم سأخرج جثته أمام الجمهور ...
الممثل ( ص ) : ( يضحك ) أحس بأن هذا الليلة سوف لن تنتهي بوجود مجنون مثلك ...حسنا أرني جثة وهمك ( كمن يحدث نفسه ) لا وجود له خارج رأسك يا مسكين
الممثل ( س ) : ( يفتح الصندوق, يبحث في داخله ,يرتبك ,يرمي قطع الملابس بهستيرية على خشبة المسرح ) كان هنا ,كان هنا ,لست مجنونا ,لقد رأيتك وأنت تقتله...
الممثل ( ص ) : ( متأثر ) كنت متوهما ( يجلس إلى جانبه ) انهض أرجوك انهض ( يكلمه بطريقة يحاول أن لا تسمع من قبل الجمهور ) سيصفق لك الجمهور وسيقولون إنك كنت رائعا بتأدية دور الجنون ,لكنك تحتاج أن تزور طبيبا نفسيا, انهض , انهض أرجوك
الممثل ( س ) : ابتعد عني ,ابتعد ,لست مجنونا ,رأيتك وأنت تقتله ( يفكر قليلا ) رأيتُ...( يبكي , يمد رأسه بالصندوق ) لقد كان هنا...
الممثل ( ص ) : ( يبتسم, ثم يدخل الكواليس من الجهة المقابلة للجهة التي دخلها الممثل ( س ) قبل قليل, بضعة ثوان ويعود ساحبا صندوقا آخر مماثل تماما للصندوق الأول ) ( متعب ) هاك ,تفضل يا صديقي هذا دليل جريمتك بالمقابل ( بطريقة ساخرة , يقلد أداء الممثل ( س ) ) سأفضحك... نعم ,سأخرج جثته أمام الجمهور , هنا جثة المؤلف الذي قتلته أنت ( يفتح الصندوق ويرمي الملابس التي بداخله بطريقة ساخرة محاكيا ما فعله الممثل ( س ) قبل قليل ) كان هنا المؤلف المسكين ,كان هنا ,أقسم بأنني رأيتك تخفي جثته هنا... ( يعود للهجته الاعتيادية ) تحرر من أوهامك أرجوك ,لا وجود لمؤلف ولا لمخرج هذه الليلة ,نحن نؤدي عرضا ارتجاليا لا أكثر... ( يبكي الممثل ( س ) ويرتمي على الأرض بلا أدنى حركة )
الممثل ( ص ) : ( ينهض يضحك بألم وكأنه متأثر شيئا ما بما فعله صديقه ) ( للجمهور ) انتهى عرض الليلة ,ادّعى صديقي بأن عرضنا الليلة سوف لن يصل إلى نهاية منطقية بدون هذا الوهم الذي يسميه مخرجا ولكني أثبت له العكس وها قد قدمت لكم نهاية منطقية وعبرة عظيمة ..أثبت لكم أننا أحرار على هذه الخشبة, أثبت لكم أن صديقي هذا ليس أكثر من مجنون.. نعم, هذه الرسالة التي أوصلتها لكم هذه الليلة ,لا تسألوا عن الحبكة , تناسوا الصراع, تذكروا فقط رسالة عرضنا لهذه الليلة ,عودا إلى بيوتكم, قولوا لزوجاتكم أن المسرح بخير ,أن الممثلين يستطيعون أن يقدموا مسرحيات ارتجالية ممتازة ,قولوا لأطفالكم أن لا وجود للجنيات ولا للعفاريت إلا في رؤوس المجانين الذين يخلقون جنيّاتهم بأنفسهم ,هيا ,هيا إلى اللقاء وداعا , وداعا ( يركض نحو اليسار يسحب نصف الستار ثم يركض نحو اليمين ويكمل إسدال نصف الستار الثاني )

المشهد الثاني

المسرح ذاته , على طول عمق المسرح يوجد ستار مسدول يشبه ستار المسرح الأمامي تماما , إذن نحن الآن نشاهد الخشبة عكسيا - من جهة الكواليس الخلفية - ونفترض إن مكان الصالة والجمهور الذي تحتويه واقع خلف هذا الستار المسدول والذي بدأنا نسمع خلفه الآن أصوات تجمع الجمهور بانتظار العرض .
(( يفضل أن تكون الأصوات المستخدمة هنا والتي سنستمر بسماعها على طول هذا المشهد هي أصوات مسجلة من الصالة التي تعرض بها هذه المسرحية وتمثل صوت ضجة وحركة الجمهور نفسه الذي يتجمع لمشاهدة عرضها , تسجل مباشرة من الصالة وينقل التسجيل للكواليس ليتم استخدامه من قبل مهندس الصوت كخلفيه صوتية لهذا المشهد ))
يدخل المخرج , يستكشف المكان , يضرب الخشبة بقدمه في أماكن متعددة وبعد كل مرة يصغي إلى أصوات لا نسمعها نحن , صمت
المخرج : ( كمن يحدث نفسه ) سنبتكر اليوم طيفا جديدا لا ينتمي للنور ولا للظلام ولكنه سيطل – كالشرفة – على الاثنين ... ( يعثر على ساعة يدوية كبيرة في وسط الخشبة يرفعها يتفحصها باستغراب وكأنه اكتشف شيئا جديدا يضعها على أذنه دون أن يسمع منها شيئا يرتدي الساعة في يده اليمنى ,يضعها على إذنه مجددا دون أن يسمع شيئا أيضا خيبة أمل , تلمع في ذهنه فكرة ما , ينزع الساعة من يده اليمنى ويضعها في يده اليسرى , تعمل ونسمع دقاتها نحن أيضا , يتطلع فيها قليلا , يبتسم ( بعد خمسة عشر دقة ) ( الدقات تتوقف خلال نطق المخرج لجملة ما ) سنبتكر اليوم زمنا لا ينتمي للماضي ولا للمستقبل ويطل – كالشرفة – على الحاضر , سنختصر الزمن بلحظة ( خمسة عشر دقّة أخرى ) ( يبتسم ) الإنسان الغبي هو الوحيد الذي أبغضه وأشفق عليه بالقدر ذاته .. ( خمسة عشر دقّة أخرى ) ما أصعب أن يقّدم المرء نفسه للآخرين.. ( خمسة عشر دقّة أخرى ) ( يدخل الممثل ( س ) إلى الخشبة يتطلع المخرج في الساعة التي لا نسمع الآن دقاتها , يبتسم )
الممثل ( س ) : ( متفاجئ بوجود المخرج ) مرحبا ...
المخرج : ( يبتسم ) أهلا ...
الممثل ( س ) : من أنت ؟!
المخرج : مخرج ..
الممثل ( س ) : مخرج ؟!
المخرج : ( يبتسم ) وللأسف ...
الممثل ( س ) : أعتقد بأنك في المكان الخطأ هذا المسرح سيقدم اليوم...
المخرج : ( مكملا ما يريد الممثل ( س ) قوله ) عرضا ارتجاليا , لا تقلق كنت ممثلا أيضا فيما مضى...
الممثل ( س ) : ممثلا ؟! أي الأدوار كنت تؤدي ؟!
المخرج : دعك من هذا الآن دعنا نركز على ما سنؤديه الليلة ...
الممثل ( س ) : نؤديه ؟!
المخرج : حتى العرض الارتجالي يحتاج إلى قيادة وتوجيه آنيين من على الخشبة لذا سآخذ دورا ما بعرض الليلة ومن على الخشبة أحاول أن أدير النقاش والعرض بشكل كامل...
الممثل ( س ) : قلت إنك الآن مخرج ...
المخرج : نعم ...
الممثل ( س ) : وستقوم اليوم بأداء دور ما كممثل ...
المخرج : وكمخرج بآن واحد..
الممثل ( س ) : ( يفكّر ) اممممم , لا بأس تبدو لي فكرة جيدة ... ( صمت ) لم أكن أعرف أنه بإمكان المخرج تأدية دور ما ...
المخرج : وكيف ألقنكم التمثيل إذا لم أكن أملك القدرة عليه ....
الممثل ( س ) : التنظير في التمثيل شيء والقدرة على أدائه شيء آخر ... ( يبتسم - بغباء – ابتسامة المنتصر )
المخرج : لكنني كنت ممثلا بارعا في يوم من الأيام والملكة عضو لا يمكن بتره من كيان الإنسان..
الممثل ( س ) : الإنسان ؟!
المخرج : وفيم الغرابة وهل تشك بإنسانيتي ...
الممثل ( س ) : أنا ؟! لا لا ( يشير نحو عمق المسرح , للجمهور المفترض ) ولكن هؤلاء قد يفعلون ...
المخرج : غبي من يعتقد ذلك ....
الممثل ( س ) : يبتكر النقّاد أحيانا أشاء لا وجود لها ...
المخرج : وهل يوجد بينهم بعض النقّاد...
الممثل ( س) : أمر مرجح جدا ( يتنهد المخرج ) لو انتفى غباء الجمهور لانتفت الحاجة إلى النُقّاد , غريزة الهدم تفوق غريزة البناء عندهم بكثير ( ساخطا ) مجموعة من الحسّاد والحمقى...
المخرج : لا , يقول بعضهم آراء جميلة أحيانا ( مؤنبا ) ثم لا يليق بممثل مثلك أن يتكلم بهذه الطريقة ...
الممثل ( س ) : لا يليق أن أتـكلم بهذه الطريقة لأن حضرة المخرج لا يراها طريقة لائقة أم إنها طريقة غير لائقة أساسا بغض النظر عن رأيك ؟!
المخرج : و ما رأيك أنت ؟!
الممثل ( س ) : ( بتعجب ) رأيي ؟! أعتقد بأنك تعتقد بأن اللائق بي هو ما تراه أنت لائقا وغير اللائق بي هو ما تراه أنت كذلك ...
المخرج : ( يضحك ) لا يستطيع أحد أيا كان أن يشوّة جمال صفة ما , كما لا يستطيع أيضا أن يغيّر من قبح صفة أخرى مهما أضاف لوجهها من مساحيق تجميل , الجميل هو ما ولد جميلا , ما يراه العقل كذلك وذات الشيء ينطبق على القبيح ( يبتسم مقتبسا من عبارة الممثل س ) هه " أعتقد بأنك تعتقد " لماذا ترون أنفسكم مسلوبي الإرادة ؟!
الممثل ( س ) : وكيف نرى لأنفسنا إرادة ما وأنت تلقننا ما نقول وكيف نقول , كيف نبدأ , كيف نتحرك وكيف ننتهي , متى نبتسم , متى نبكي , متى نصاب بالجنون وحتى متى نموت...!
المخرج : كل ما هو كامن في الشجرة من إرث يدفعها للنمو باتجاه واحد لكنها ستبقى شجرة وستستمر بالنمو أيضا فيما لو اختارت – تحت ظرف من الظروف – أن تنمو باتجاه آخر أو أن تتوقف عند نقطة ما ( صمت ) صحيح أن ما يدور على هذه الخشبة – كهيكل عام – هو مسرحية واحدة ولكنها تضم في داخلها عددا لا متناه من المسرحيات يستطيع كل ممثل أن يؤدي منها الأدوار التي يشاء وحسب سعيه وقدرته , مسرحيات داخل مسرحيات داخل مسرحية واحدة وفي ذاك العدد اللا متناه من الجزئيات تكمن حرية الممثل ...
الممثل ( س ) : ( متأثر ) الحرية
المخرج : عندما ألقنكم الأدوار واختبئ لأشاهدكم من وراء الكواليس لا أمانع فيما لو انقلبت الأدوار وصار الضحية جلادا أو صار الجلاد ضحية لا أمانع فيما لو اختار أحدكم أن ينسى دوره أو أن ينزل من الخشبة ويترك العرض والعارضين , أشياء راجعة إليكم وكل منّا يتحمل عاقبة ما يتخذه من قرارات ...
( صمت )
الممثل ( س ) : أستكون سعيدا فيما لو اختار ممثل ما تجاهل أوامرك أو تجاهل وجودك وتناساه بالمرة ؟!
المخرج : أنا حي لمن أرادني حيا وميت لمن أرادني ميتا , كما قلت لك الكل يتحمل عاقبة ما يتخذه من قرارات ...
( صمت )
الممثل ( س ) : ( يقف بمحاذاة الستار يفتح فتحة صغيرة فيه وينظر نحو الجمهور ) لقد بدأ الجمهور بالتجمع لم يبق الكثير على الوقت المقرر للعرض وهذا المجنون لم يأت لحد الآن (يترك الستار ويعود ) ( يبتسم ) بالمناسبة رأيت الكثير من النقّاد هنا, لا تنس أن تصرخ بهم أنك لست أكثر من إنسان في هذه المسرحية ...
المخرج : هه نطرح لهم أشياء صغيرة ونريد منهم أن يحلوا الكبيرة على أساسها لكني أخاف أن يتذاكوا قليلا ويخلطوا الحابل بالنابل ...
الممثل ( س ) : بالمناسبة ما الذي سنطرحه في عرض الليلة ؟ما الذي سنقوله عندما يحين وقت العرض ويرفع هذا الستار ...
المخرج : سنتحدث عن الوجود والعدم , الخلو والامتلاء , القيد والحرية ...
الممثل ( س ) : أعرف الجمهور جيدا لا يكتفون بسماع الأحاديث فقط ,يريدون رؤية شيئا جديدا ...
المخرج : لا تخف سأريهم ما يتوقون إلى رؤيته , أفرغ لي أحد صناديق الملابس الموجودة في المخزن واجلبه لي ...
الممثل ( س ) : ( يبتسم ) أوووو صناديق الملابس مرة ثانية ,لي ذكريات أليمة ومضحكة بنفس الوقت مع تلك الصناديق اللعينة ...
المخرج : لا وقت لي لسماع ذكرياتك الآن ,أجلب لي واحدا من الصناديق الموجودة هناك ( يدخل الممثل (س ) ويخرج بعد بضعة ثوان وهو يجر صندوق الملابس ) متى يأتي صديقك هذا أحتاج إلى ممثل ثالث ...
الممثل ( س ) : ( يضع الصندوق في الوسط ) ( مستفز ) ليس صديقي ...
المخرج : أعرفه جيدا, سأحاول ترويضه , كل منكما مجنون ومتطرف ( يضحك ) ولكن هذا سيصب ( يدخل الممثل ( ص ) ) برسالة عرض الليلة على ما أعتقد ...
الممثل ( ص ) : ( قبل أن يصل ) مرحبا
المخرج : ( للمثل ( ص ) ) مرحبا
الممثل (س ) : مرحبا
المخرج : ( للمثل ( س ) ) ها هو يتكلم الفصحى احتراما للخشبة كما تفعل أنت تماما ,لا تتجنى على الرجل ...
الممثل ( ص ) : ( يدقق النظر في المخرج ) عرضنا الليلة ارتجالي كما هي العادة ..ماذا يفعل مخرج مثلك هنا؟؟ , اخرج الآن أرجوك ...
المخرج : ( يبتسم ) إذن أنت تعرفني ...
الممثل ( ص ) : أعرفك تماما ,أعرفك بالدرجة التي يعرف بها الجميع حساسيتي من أمثالك ...
الممثل ( س ) : ولكنه ..
الممثل ( ص ) : ( للمثل ( س ) ) أسكت أنت ( للمخرج ) وأنت غادر المكان الآن ...
الممثل ( س ) : هو هنا الليلة كممثل لا كمخرج ...
المخرج : حتى العرض الارتجالي يحتاج إلى قيادة وتوجيه آنيين من على الخشبة لذا سآخذ دورا ما بعرض الليلة ومن على الخشبة أحاول أن أدير النقاش والعرض بشكل كامل...
الممثل ( ص ) : لا تتصور بأنك الوحيد القادر على القيادة والتوجيه , لك عرشك العاجيّ ولنا أدوارنا البائسة التي لن أدعك تنافسني عليها..لا تفسد عليّ حريتي التي أحصل عليها بمثل هذه العروض ...
المخرج : كنت ممثلا فيما مضى
الممثل ( ص ) : فيما مضى ولكنك الآن مخرج يريح مؤخرته على مقعد ناعم ويبصق الأوامر علينا نحن الممثلين البائسين..! كما تحب أن تمارس سلطتك هناك أحب أن أمارس سلطتي هنا , اخرج من هنا قبل أن أفقد السيطرة على تصرفاتي ( يدخل أحد العمال ) ( للعامل ) عد إلى مكانك و ارفع الستار وشغّل اللاقطات عندما يحين وقت العرض ( يُقدم العامل للثلاثة لاقطات صوتية صغيرة ويخرج ) (يضع الممثل ( س ) اللاقطة في مكانها ) ( للمخرج بينما يضع لاقطته في مكانها ) أعطني اللاقطة واخرج الآن ( يأخذ اللاقطة من يد المخرج بعنف )
المخرج : ( يصفع الممثل ( ص ) ) يبدو إنك نسيت حجمك الحقيقي ...
( يقبض الممثل ( ص ) على عنق المخرج يخنقه بقوه يحاول الممثل ( س ) تخليص المخرج بلا فائدة , يرمي الممثل ( ص ) المخرج أرضا فيقع على الخشبة بلا أي حركة , يحاول الممثل ( س ) قول شيئا ما فلا يستطيع وقد عقدت الصدمة لسانه , صمت , يفتح الممثل ( ص ) الصندوق ويضع – بدم بارد - جثة المخرج فيه ويغلقه مجددا , يتحرك الستار المفترض ويفتح تدريجيا )
الممثل ( س ) : هه لم يكن ينقصنا غير هذا...
الممثل ( ص ) : ( منفعلا ) من سمح لهؤلاء الأغبياء بفتح الستار..( بارتباك ) أنزلوه ...أنزلوه...( يمسك أحد طرفي الصندوق ويشير للمثل ( س ) بإمساك الطرف الثاني يحملان الصندوق وينقلانه للكواليس )
صوت الممثل ( س ) : ( من داخل الكواليس ) والجمهور الذي تجمّع خارجا ؟! ماذا سنقول لهم ؟!
صوت الممثل (ص ) : ( من داخل الكواليس ) سأخرج وأشرح لهم أن عرض اليوم قد تأجل للغد ( يصرخ ) أنزلوا الستار ( متفاجئا ) اللاقطات , لاقطات الصوت تعمل أطفئها , أطفئها ...
( يُفتح الستار تماما )
صوت الممثل ( س ) : ( من داخل الكواليس ): ( بصوت بالكاد يُسمع ) لا تطفئ شيئا , لا أعتقد بأن صوتنا قد وصل للجمهور حاول أن ترتجل أي شيء , دع هذه الليلة تمر بسلام , دعنا نقنع الجمهور أن لا شيء مهم وعندما يخرجون سنعرف كيف نتصرف ...
صوت الممثل ( ص ) : ( من داخل الكواليس ): هه حاول أن ترتجل شيئا ما... لم تبق في رأسي ذرة عقل , أي كلام هذا الذي تطالبني بارتجاله ؟... سأخرج الآن وتدبر أنت الموضوع...
صوت الممثل ( س ) : ( من داخل الكواليس ): ( مهددا ) إلى أين ؟! لا أتصور بأن خروجك من هنا سيغير شيئا ما...
( همس غير مفهوم تماما يستمر لدقيقة على الأقل )
( عندما يفتح ستارنا المفترض تظهر خلفه لوحة تمثل بواسطة المنظور الصالة بكل تفاصيلها يتوزع على المقاعد فيها مجموعة من علامات الاستفهام والتعجب بدلا من الجمهور كما يستطيع مخرج العمل أن يضع بدلا من علامات التعجب والاستفهام مجموعة من الأشكال والصور التي تمثل مسوخات للجمهور وحسب جرأة المخرج ومدى تقبل جمهوره للنقد )
النهاية



#علاء_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشانق في رقاب الفراش..قصة قصيرة


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء سالم - - لو - مسرحية