|
ذات الضفيرة البنية
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 19:59
المحور:
الادب والفن
ملخص الحكاية:
"العصافير" من أقل الكائنات قدرة على الشم، ربما لهذا السبب تطير منا، ترفرف بعيدا عن أيدينا التي أطعمتها.. و لا تتعلق بأية ذكرى لها على شجر طفولتنا.
أما " الكلب" فيحفظ رائحتك عن ظهر قلب.. يدافع عنك لأنك (معشش ) في ذاكرته.. و ليس أقوى من الذاكرة الشمية.. ذاكرة الرائحة...
أيتها الأنوف المدببة كمنقار نقار الخشب في السماء، لكائنات ترفض الاعتراف بالخطأ.. تتاجر بالوطن لتحافظ على قولها( شفتو كان معي حق):
للحق وجه واحد كسماء تحتوي الغيوم، الشمس.. القمر.. تعاقب الفصول.. تحتوي رصاصا مسافرا إلى قلب صغير، و أدعية الخائف، و المظلوم.. لن يكون هناك حل في العالم الأرضي اسمه (حرب).. الحل دوما مسالم جداً.. و سياسي جداً.
لا تعتادوا رائحة الكره، فيصبح الكذب "وليكم " الحميم.. و تصبح أوطانكم بلا سماء. **********
أصل الحكاية:
أغلق " وعد" الباب كمن يغلق زمنا خلفه، (ملتبك)، و خائف.. لا شيء يحميه من هذه الحياة إلا حياة لأخرى.. فتاته الحلم.. ذات الضفيرة البنية و القلب الكبير..الكبير.. و هذه الأخرى لم تأت بعد...
جدران الغرفة المتقشرة ك ( حزاز) جلده تحكه.. ما عاد يطيق هذه الغرفة.. تحكه.. تحكه.. و يريد الخروج منها. **********
عندما سألوه في المقابلة (المتخيلة ) في التلفزيون المحلي المهتم بشؤون المواطنين: ماذا تريد أن تصير في المستقبل؟! أجابت سنواته الثلاثين: - أريد أن أصبح عاشقا... كان العشق هو الحلم الوحيد القابل للتحقق في زمن ( الصرامي)... -ماذا تعمل؟! -لا أعمل. نظرت إليه المذيعة ( المنفوخة) باحتقار.. ثم قالت للكاميرا: -يجب أن تعمل يا أخي.. يجب أن تعمل حتى تصبح عاشقا.
مضى في شارع " الحمرا" يراقب الناس الطافية على سطح الفقراء الزيتي.. سأل نفسه: معلم لغة عربية ماذا سأعمل ؟!.. سأسافر..
قصة مكررة.. و هو لم يسافر.. بقي في ذات الغرفة ينتظرها.. الغرفة تحكه.. تحكه.. و "ذات الضفيرة البنية" لم تأت. **********
قلب الحكاية:
هو يعلم أن لا مكان له في هذه البلاد إلا كسائح.. يعلم أنه إذا ما أراد الحياة يجب أن يسافر.. قال في نفسه: - و ما لدي لأخسر؟! .. هي لم تأت بعد... و ثار.. أي خرج عن روتين صمته، و خوف قبوله بأنصاف الحقائق.. أراد أن يقتل هذا العجوز الخرف في داخله و يقول له:
يكفي فقر و ذل.. كيف ستحلم و أنت جائع؟!.. كيف ستعشق و أنت جبان؟!
أراد وطنا.. و عاد إلى الغرفة ينتظر أملا لم يأت.. و الغرفة تحكه، تحكه.. و هو الآن يخاف الخروج منها إلى معتقل يسلخ ( حزازه) مع جلده. **********
كتب عن نفسه: لست موالي.. لست معارض.. أنا حر.
لم يبق كائن له أنف لم يسبه.. لم يلعنه.. لم ( ينبش) له في ماضيه..اتهموه بتهم أغلبها جنسي اللهجة، و يله ما أفقر ( البتول) فيه. ما كان له من قطيع ليدافع عنه.. طيب إن سمعت ( هي) ربما تهرب، تخاف و لا تأتي..
( معلش).. ( معلش) أصلا هو يريدها من خارج القطيع، يريديها لا تشبههم.. و لا تشبه إلا نفسها.
حزاز جلده انتشر.. و سكن فمه أيضا..قال له الطبيب: الحزاز المسطح له علاقة مع التهاب الكبدc ..تحتاج تحليل دم.. و سأله من ضمن ما سأل: -هل لديك علاقات جنسية متعددة؟!
و هو ضحك في سره.. ثم تنحنح و قال: -أنا ( حر) ساقط.. لدي علاقات جنسية مع عشرة مختلفات في الطول يفهمن على ( عهري).
نظر إليه الطبيب بدهشة، و قبلما يحكم هو الآخر على نواياه و خفايا حياته.. كان " وعد" قد أجاب: -أصابعي.. أصابعي يا حكيم!
و الطبيب ضحك.. و " وعد" كان قد وعد نفسه بانتظار ذات القلب الكبير.. رغم ( الحكة)... **********
هو اكتشف اليوم أنه كافر.. وضع ( لا دينيته) على الحائط، وبخها.. سبها: -(انبسطت هيك) أيتها الهانم.. كفروني بسبب ابتعادك عن امتلاك حقائق دامغة.. بسبب رفضك تجريم أو تصنيف أية روح.. الشك قتلك.. و ستقتليني.. ( انبسطت هيك)!!
و ( لا دينيته) كانت حزينة فهي بكل محبتها للناس جميعا لن تستطيع كره حاملها. صلت ل " الله" كما يصلي البوذي.. المسلم.. اليهودي.. المسيحي.. صلت ل " الله" صلاة الأمهات.. و دعت له.. ثم تكورت على خوفها.. و نامت في زاوية الغرفة.
إحساسه بالذنب تجاهها لم يستيقظ.. فهو بكامل روحه قد نام منذ أن قام ( المؤمنون) الثائرون بتكفيره في الأمس. **********
في الصباح: (أيقظ لا دينيته): استعجلي .. هيا.. هيا...
كانت لا تزال تعبة فحملها على ظهره..و خاطب غرفته: سأتركك للحكة، و سآخذ كل الذكرى.. للذكرى لون الماضي، سأضعها على رأسي.
نزل بثقليه إلى الشارع كأحمق.. الرصاص من حوله يصنع ( أوتسترادات) سمائية لطلقات مسرعة تذهب بالضحكات جميعها.. ربي ما الأحلام التي حملتها هذه المدينة لتظل هكذا عصية على الموت.
ركض في الشارع.. حاملا فقره على رأسه.. و لا دينيته على ظهره.. كان حمله ثقيلا، ثقيلا..
حواجز المتحاربين تملأ المدينة.. و كلما كان حاجز يعترضه كانوا يطلبون منه أن ينزل أحد ( الثقلين)... -لا تمر قبل أن تنزل هذه الكافرة من على ظهرك؟! .. فلا يمر... -لا تمر قبل أن تنزل هذا الجاحد من على رأسك؟! .. فلا يمر...
يرفض.. يرفض.. يركض.. يركض.. و الرصاص يعف عن أحماله.. الرصاص يحب ( الخفة).
على باب ذلك المنزل المتهدم وجدها، هي.. هي.. ضفيرتها البنية، دموعها و وجهها الطفل.. فستانها الأسود، خصرها النحيل.. و( أسوارة) فضية فيها ( خرزة) زرقاء...
هي.. هي كما هي تحمل قفة كبيرة.. كبيرة...
ابتسم ابتسامة الواثق.. و رمى بثقليه في ( قفتها)...
على ذلك الباب.. في تلك المدينة العصية على الموت كانت لابتسامة "صاحبة الضفيرة البنية" ذات نفوذية ( الرصاصة) التي تركت سباقها مع أخوة أعداء.. و اغتنمت لحظة ( خفته)، فسكنت منتصف القلب.
يتبع...
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعويذة
-
و رصاص...
-
-فياجرا-
-
كونوا ( عقولكم)...
-
هكذا نتخلف
-
جرس الغوص و الفراشة -برسم الأمل-
-
الدردك ليس للمؤخرات.. و الثورة كذلك
-
ذكريات عن عاهراتي الحزينات
-
أزمنة مائية - محض تشابه-
-
تدنيس المقدس
-
هيروين و مكدوس.. و دوائر
-
-غيرنيكا-
-
التيار - الرابع-
-
سلام عليكم...
-
-سوريا- يا حبيبتي..( خارج سياق رمادي)
-
يا ( علمانيو) العالم اتحدوا...
-
مرتدة!
-
غرائز
-
لا دينية!
-
-الزبيبة - تحكم...
المزيد.....
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
-
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
-
-نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|