أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لماذا ييأس لبناس من الحياة (2)















المزيد.....

لماذا ييأس لبناس من الحياة (2)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3866 - 2012 / 9 / 30 - 22:41
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


" لكل امرئ دوافع تؤدى به الى الانتحار : دوافع شخصية الى ابعد حدود, لاسبيل الى معرفتها, ومروعة ". كاى رادفيلد طبيبة نفسية.
" الحياة عذاب ". كتب هذه الكلمات ريونوسوكى اكوتاغوا, اديب يابانى اشتهر فى مطلع القرن العشرين. قبيل اقدامه على الانتحار . لكنه مهد لهذه العبارة بقوله : " طبعا, انا لا ارغب فى الموت ولكن . . . ".
مثل اكوتاغوا, كثيرون ممن ينتحرون لا يرغبون فى الموت بقدر مايودون " انهاء معاناتهم ". كما ذكر بروفسور فى علم النفس. وهذا ما تعكسه ايضا التعابير التى كثيرا ما نجدها فى الرسائل التى يتركها المنتحرون. فعبارات مثل " لا استطيع ان اتحمل اكثر من ذلك " او, " لم الاستمرار فى العيش ؟ " تظهر رغبة قوية فى الهروب من واقع الحياة المرير. لكن اللجوء الى الانتحار, كما وصفه احد الاطباء, هو كأـستخدام قنبلة نووية لمعالجة الزكام ".
ورغم ان الاسباب التى تدفع الناس الى الانتحار تختلف, هناك حالات شائعة مشتركة تكمن وراء الانتحار.
ليس غريبا ان ييأس الاحداث ويقدمون على الانتحار حتى لأسباب تظهر تافهة للأخرين. فعندما يتعرض الاحداث للأذى ولا يستطيعون شيئا للحؤول دونه, قد يعتبرون موتهم وسيلة للأنتقام من الذين سببوا لهم الاذى. كتب هيروشى اينمورا, اختصاصى فى معالجة الميالين للانتحار فى اليابان : " يرغب الاولاد بشدة فى معاقبة الشخص الذى عذبهم, من خلال موتهم "
وأشار استطلاع حديث فى بريطانيا انه عندما يتعرض الاولاد للتهجم الشديد, يزيد احتمالهم الاقدام على الانتحار سبعة اضعاف. والألم العاطفى الذى يعانيه هؤلاء حقيقى. فثمة ولد فى ال 13 من عمره شنق نفسه بعدما ترك رسالة تتضمن اسماء خمسة احداث عذبوه وانتزعوا منه المال ايضا. كتب يقول : " ارجوكم خلصوا الاولاد الاخرين ".
وقد يحاول الاخرين الانتحار عندما يواجهون مشاكل فى المدرسة او مع القانون, يفشلون فى علاقة غرامية, ينالون علامات دراسية منخفضة, يختبرون الاجهاد عند التحضير للامتحانات, او حين تثقل كاهلهم هموم المستقبل. وبالنسبة الى المراهقين المتفوقين فى دراستهم الذين ينهمكون فى ايجاد الكمال, يمكن ان تؤدى نكسة او فشل - سواء كان واقعيا اوة خياليا - الى محاولة الانتحار.
اما بالنسبة الى الراشدين, فالحالات الشائعة التى قد تؤدى الى الانتحار هى المشاكل المالية او المشاكل المتعلقة بالعمل. ففى اليابان, بعد سنوات من التدهور الاقتصادى, فاق عدد المنتحرين مؤخرا ال 300,000 فى السنة. ووفقا لصحيفة ماينتشى دايلى نيوز. 75 من الرجال المتوسطى العمر الذين قتلوا انفسهم اقدموا على ذلك " بسبب المشاكل الناجمة عن الديون, الفشل فى الاعمال, الفقر والبطالة ". وتؤدى المشاكل العائلية ايضا الى الانتحار, ذكرت صحيفة فنلندية : " ان الرجال المتوسطى الاعمار المطلقين حديثا " هم بين المجموعات الاكثر عرضة للانتحار. ووجدت دراسة فى هنغاريا ان غالبية الفتيات اللواتى راودتهن فكرة الانتحار نشأن فى عائلات محطمة.
التقاعد والعلل الجسدية هى ايضا عوامل اساسية تؤدى الى الانتحار, وخصوصا بين المسنين. فغالبا ما يجرى اللجوء الى الانتحاركمنفذ, ليس بالضرورة عندما يكون المرض مميتا, بل حين يشعر المريض انه لا يستطيع تحمل الامه.
لكن لا يتجاوب الجميع مع هذه الحالات المؤدية الى الانتحار بقتل انفسهم. على العكس, ان معظم الناس الذين يواجهون مثل هذه الحالات المجهدة لا ينتحرون. فلماذا اذا يعتبر البعض الانتحار حلا بعكس الغالبية ؟
تقول كاى رادفيلد بروفسورة فى الطب النفسى فى جامعة جونزهوبكنز : " ان اتخاذ قرار الموت يتوقف الى حد بعيد على الطريقة التى تفسر بها الاحداث ". وتضيف " غالبية العقول, عندما تكون سليمة, لا تعتبر اى حدث مدمرا الى حد يبرر الاقدام على الانتحار ". وتذكر ايف ك . موشتثتسكى, من المعهد الوطنى للصحة العقلية فى الولايات المتحدة, ان عوامل كثيرة - بما فيها عوامل ضمنية - تعمل معا لتؤدى الى السلوك الانتحارى. وتشمل هذه العوامل الضمنية الاضطرابات العقلية والاضطرابات الناتجمة عن اساءة استعمال المواد المسببة للادمان, التركيب الوراثى, وكيمياء الدماغ. فلنتأمل فى بعض منها.
فى طليعة هذه العوامل تأتى الاضطرابات العقلية والاضطرابات الناجمة عن اساءة استعمال المواد المسببة للادمان. وتشمل هذه الاضطرابات, على سبيل المثال, الكابة, الاضطراب الثنائى القطب, الفصام, واساءة استعمال الكحول او المخدرات. وتشير الابحاث فى اوروبا وفى الولايات المتحدة على السواء ان اكثر من 90 فى المئة من عمليات الانتحار له علاقة بهذه الاضطرابات. وفى الواقع, وجد باحثون سويديون ان بين الرجال الذين لم يشخص لديهم اى اضطراب من هذا النوع, بلغت نسبة الانتحار 8,3 لكل 100,000, فى حين قفزت النسبة الى 650 لكل 100,000 بين المكتئبين. ويقول الخبراء ان العوامل المؤدية الى الانتحار مشابهة فى البلدان الشرقية. لكن هذه العوامل بالاضافة الى الكابة لا تجعل من الانتحار امرا محتوما.
تقول البروفسور جايميسن التى حاولت هى نفسها الانتحار : " يظهر ان الناس قادرون على تحمل الكابة مادام هنالك بارقة امل ". ولكنها وجدت انه فيما يتفاقم اليأس باستمرار ويصبح غير محتمل, تضعف تدريجيا مقدرة العقل على كبح الدوافع الانتحارية. وهى تشبه الحالة بفرامل السيارة التى تبلى بسبب الضغط المستمر.
من المهم ادراك هذه النزعة لأن الكابة يمكن معالجتها. والشعور بالعكس يمكن عكسه. فعندما تعالج العوامل الضمنية ويمكن ان يتجاوب الناس بشكل مختلف مع الحزن والاجهاد اللذين غالبا ما يؤديا الى الانتحار.
ويظن البعض ان تركيب المر الوراثى ايضا عامل ضمنى قد يكون وراء الكثير من حالات الانتحار. دون شك, ان المورثات تلعب دورا فى تحديد طبع الشخص. ولبعض العائلات تاريخ حافل بالانتحار, كما تظهر بعض الدراسات. لكن, " الاستعداد الوراثى لا يعنى بأى شكل ان الانتحار لا مفر منه ". كما ىتقول جايميسن.
ويمكن ان تكون كيمياء الدماغ ايضا عاملا ضمنيا. ففى الدماغ تتصل بلايين العصبونات بطريقة كهركيميائية. وعند اطراف الالياف العصبية المتشعبة, هنالك فجوات صغيرة تدعى المشابك تمرر المرسلات العصبية عبرها المعلومات كيميائيا. ومستوى احد هذه المرسلات العصبية, السيروتونين المنخفض . . . قد يسلب المرء سعادته, فيشعر ان لا معنى لوجوده, ويزداد خطر الكابة والانتحار".
لكن الانتحار ليس امرا محتوما. فملايين الناس يتكيفون مع الاحزان والضغوط. وما يدفع البعض الى قتل انفسهم هو الطريقة التى بها يتجاوب العقل والقلب مع الضغوط. لذلك لا يجب معالجة الحوافز المباشرة فحسب بل ايضا العوامل الضمنية.
اذا ماذا يمكن فعله لخلق نظرة اكثر تفاؤلا تعيد نوعا ما الى المرء شغفه للحياة ؟
" يتبع "



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ييأس الناس من الحياة (2)
- الانتحار - مشكلة عالمية (1)
- الطبيعة تغير وجه التاريخ
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (2-2)
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (1-2)
- الزواج ام المساكنة - ايهما ؟
- الازهار - تخبر ان احدا يهتم
- فى طرفة عين
- العمل التجارى الكبير يضيق قبضته
- الخيانة الزوجية - اختيار الطلاق (3)
- الخيانة الزوجية - هل المصالحة ممكنة ؟ (2)
- الخيانة الزوجية - نتائجها المأساوية (1)
- موت الولد - لماذا يسمح به الله ؟
- الفن الاباحى - هل هو مجرد تسلية ؟
- الاناء الاضعف - هل هى اهانة للنساء ؟
- مستقبل ورجاء للأيمان به
- الشعر - فن التصوير بالكلمات
- من قراءاتى - كلمات وطرائف
- كل الطرق تؤدى الى روما
- الثرثرة - كيف نتجنب الحاق الضرر (2-2)


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لماذا ييأس لبناس من الحياة (2)