أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام سحمراني - دقة مفقودة في بي بي سي














المزيد.....

دقة مفقودة في بي بي سي


عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)


الحوار المتمدن-العدد: 3866 - 2012 / 9 / 30 - 17:39
المحور: الصحافة والاعلام
    


كنت قبل فترة وضمن عملي التحريري قد ترجمت تقريراً خاصاً لبيزنس إنسايدر حول انحياز مؤسسات الإعلام العالمية في ما خص سوريا، حيث قدم التقرير، الذي جاء ضمن سلسلة من التقارير الإستقصائية التي تقدمها الصحيفة، أمثلة عديدة من بينها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) واستعرض كيفية تناولها بشكل خاطئ كلياً لمجزرة الحولة.

اليوم بالذات استعدت هذا التقرير بالصدفة عندما طالعت في الموقع العربي لـ"بي بي سي"، استعراضها اليومي للصحف البريطانية الصادرة، ومن ضمنها الصنداي تلغراف. حيث عنونت العرض كالتالي: "دموع قناص سوري" يقول: "لم يعد لدي قلب".

نقلت الكثير من وسائل الإعلام، خاصة الإلكترونية من بينها، التقرير عن "بي بي سي" بعنوانه كما هو، ولم يتكلف الكثير من المحررين عناء قراءته لتبين عدم صوابية العنوان وتطابقه مع النص، أو ربما يكونون قد أغفلوا ذلك تعمداً للإثارة المقصودة بشكل أو بآخر.

وقالت "بي بي سي" في تقريرها الذي وقعت فيه بخطأ جسيم وأوقعت معها الكثير من المنافذ الإعلامية:

نشرت صحيفة صنداي تلغراف تقريراً خاصاً لمراسل الصحيفة في حمص بيل نيلي. ويلقي هذا التقرير الضوء على "دور القناصة في الصراع الدائر في سوريا وكيف تزهق حياة العديد من الأبرياء على ايدي القناصة وبكل برودة قلب". ويحكي نيلي كيف التقى أحد القناصة التابعين للجيش السوري النظامي في الخطوط الامامية في مدينة حمص. ويقول نيلي: "التقيت القناص الصغير السن نسبياً ... وهو جندي .. وأخذني الى نقطة تمركزه في احد البنايات في حمص ... حيث يجلس هادئاً يترقب هدفه"، ويضيف كاتب المقال ان "القناص رفض الإفصاح عن اسمه خوفاً من ان ينتقم الجيش السوري الحر من عائلته". ويقول نيلي: "اتسمت ملامح القناص الذي التقيته بالصرامة وكان هادئ الطباع وسلاحه موجهاً صوب منزل اخترقته العديد من الإطلاقات النارية وعندما بدا لي انه مستعد لاطلاق النار على هدفه غادرت المكان". ويضيف التقرير "خلال جولتي في حمص، التقيت في احد شوارع المدينة صلاح شاتور. لم يكن رجلا طاعنا في السن الا انه بدا لي ذلك، فارتسمت على وجهه علامات الحزن والآسى. فقال لي ان الحياة اضحت صعبة للغاية، فلم يعد يحصي عدد الجيران الذين قتلوا. وعندما سألته عن شعوره جراء فقدان العديد من الاحبة والجيران، تمتم وانفجر باكياً"، وقال: لم يعد لدي قلب. كيفي سينتهي هذا. انّ الرب وحده يعلم متى".

إذاً لم يرد أيّ ذكر لبكاء قناص في تقرير "بي بي سي" المنقول عن التلغراف، بل ورد بكاء وانفطار قلب "مواطن عادي" التقاه المراسل في أحد شوارع حمص وهو من ذكر أنّ اسمه صلاح شاتور، بينما أكد المراسل في المقابل أنّ "القناص رفض الإفصاح عن اسمه خوفاً من ان ينتقم الجيش السوري الحر من عائلته". إذاً لا لبس هنا في التناقض الواضح والفاضح ما بين العنوان والنص، وهو ما كتبته في تعليق لي على حائط "بي بي سي" العربية على الفيسبوك تحت عنوان الخبر نفسه والذي طلب استطلاع آراء القراء حول عرض الصحف بالعنوان المذكور، وطلبت في تعليقي من "بي بي سي" التعديل منعاً للإلتباس الذي وقع فيه الكثير من وسائل الإعلام الناقلة عنها، والإعتذار عن الخطأ.

لم تعدّل "بي بي سي" ولم تعتذر، بل عمد المشرفون على صفحتها على الفيسبوك ببساطة إلى حذف تعليقي مع إبقاء الإدراج كما هو، والتقرير في الموقع كما هو. عندها ظننت أنّ الإلتباس الذي وقعوا فيه قد تكون التلغراف نفسها أوقعتهم فيه، فذهبت إلى الموقع البريطاني، لأرصد التحقيق كما هو بأصله الإنكليزي فوجدت أنّ العنوان لا يمتّ إلى عنوان "بي بي سي" بصلة بل يتحدث ببساطة عن "لقاء قناصي الأسد خلال معاركهم في حمص".

أما النص فقد كان إلى حد كبير كما ترجمته "بي بي سي" ولا يتحدث أبداً عن بكاء لقناص. لكنّ ما ظهر منه فاق عدم الدقة باتجاه الإنحياز، فما ترجمته "بي بي سي" كان جانباً واحداً من حقيقة أنّ نيلي أشار في تقريره إلى أنّ "النظام والمتمردين يستخدمون القناصة من أجل القتل". كما قابل المراسل قناصين آخرين تابعين للنظام السوري تحدث كلّ منهما عن وجهة نظره تجاه الأهداف التي يرصدونها؛ فقال الأول إنّهم "جهاديون وأجانب يأتون من تركيا والشيشان والسعودية". بينما قال الآخر إنّ من بين المتمردين "أوروبيون مسلمون من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا". ولم يبد الإثنان كذلك أيّ بكاء أو دموع ممّا ذكر في العنوان!

بل إنّ ختام تقرير نيلي جاء فيه: "في حمص يجلس الشبان بوجوههم الصلبة بصمت على أرض الأبنية المدمرة وينتظرون، بأصابعهم الموضوعة برفق على الزناد... الوقت ملك أيديهم، والموت ملك عقولهم، والنصر في نظراتهم". فكان تصوير القناص في التقرير الأصلي؛ شخصية شديدة صلبة لئيمة صامتة في التقرير ككل ولا شيء فيه يدلّ على رهافة حس أو ندم، كما فاح من عنوان "بي بي سي".

فهل هو خطأ، أم تضليل، أم بكلّ بساطة أحد المعايير "المهنية" الخاصة بالـ "بي بي سي"!؟



#عصام_سحمراني (هاشتاغ)       Essam_Sahmarani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانا.. مجزرة منسية من جنوب لبنان
- ثورة عليهن... ولهن
- لا قانون في ليبيا للحدّ من تعدد الزوجات
- ترويض الجمهور بين السياسي ورجل الدين
- عبرة لبنانية لجيوش تقتل شعوبها
- معضلة السلفيين
- استقالة الأسد وخيارات المواجهة
- المحكمة الدولية لا ريب فيها
- نكبة علمانية في بيروت
- أوباما وبن لادن.. وسلفيو البلاد العربية
- إستهلاك لبناني.. للقضايا
- دعابة أميركية اسمها المعونة لمصر
- حقيقة البحرين بعيداً عن قنوات تدّعيها
- للثورة مجدداً في ليبيا
- يد ممدودة
- في حلب وغربها.. من لبنان
- ثورتنا اللبنانية البطيئة.. وما يجدر بها هذا
- إسقاط النظام في لبنان يتطلب إسقاطه... لا مطالبته!
- المعارضة البحرينية وقد انقلبت مقاومة
- للمتظاهر التعزير.. فماذا للمفتين به!؟


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عصام سحمراني - دقة مفقودة في بي بي سي