أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - حول السامي و الوضيع : قرأة في كتاب المراحيض














المزيد.....

حول السامي و الوضيع : قرأة في كتاب المراحيض


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1124 - 2005 / 3 / 1 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


يجترح لؤي حمزة عباس في ( كتاب المراحيض ) الصادر حديثا عن دار ( ألواح ) في اسبانيا فعلاّ إبداعيا صادماً، فهو قد قرر أن الإنسان دونما بهرج من القيم أو الادعاءات يمكن أن يكون موضوعا لعمل سردي ، لنسمه رواية قصيرة ، فكيف كان ذلك ؟

إن إقصاء ما هو سام وتأملي إجراء خادع لان الهدف الذي يحققه النص هو في النهاية استعادة فيها شئ من كبرياء الاعتراف بالحقيقة. فالسامي يتصل بما هو وضيع أو دنيوي في هيئة متصل شاقولي ، فالمراحيض شكل ارضي يتصل بوجود الكائن البشري ( هل يمكن تخيل وجود مرحاض قبل الخليقة ؟) .

فالبدء من الأعلى يجب أن يؤدي إلى الأسفل والعكس صحيح ، بيد أن النصوص السردية قد درجت على البدء من الأعلى فبحثت المشكلات الوجودية والاجتماعية والسياسية التي يعاني منها الإنسان ، وصولا إلى الوسط ممثلا بالأعضاء الجنسية فجسدت المشكلات الجنسية التي تعاني منها الشخصيات ، وهي بذلك قد اعتادت على إقصاء الممر الثاني الذي لا يقل أهمية في الكشف والإضاءة عن ممر الطعام الذي ينتهي بالمخرج (الإست) . ولقد ذهب لؤي إلى ابعد من ذلك فبدأ من المرحاض صعوداً إلى المؤخرة فالفم فالرأس المفكر، وبذلك يكون قد قلب المعادلة التقليدية للسرد رأساً على عقب. فهو يبدأ اركولوجيا سردية عما يمكن أن يكون بحثا في بشرية الإنسان بوصفه الكائن ذا المخرج، وهو الكائن الوحيد الذي ينشئ فوق الأرض أبنية يتخذها ( مراحيض ) يمارس فيها ، وفي عزلة تامة ، فعلا يشترك فيه مع أغلب الحيوانات . ( هل يمكن لي أن اطلب من لؤي أن يضيف فصلا يتضمن تاريخية المرحاض على وفق التصور الديني ، أي منذ أن نزل آدم وحواء على الأرض ، وعلى وفق التصور الوضعي ، أي منذ ان تحول الإنسان من السير على أربع إلى السير على اثنتين وصولا الى المراحيض الفضائية . )

ان إقصاء الموضوعات الكبرى ، الموضوعات التي عدت، لقرون كثيرة ، أساسية والبدء بما هو هامشي ومنفر، في نص يتصل في جانب كبير منه بالحرب يعني ببساطة تجريد الأنسان من هالة القدسية ومواجهته بحقيقة كونه ذلك الجزء المحصور بين المدخل ( الفم) والمخرج (الأست) وأنه تبعا لذلك ليس سوى ماكنة ذات نهايتين وكل نهاية من تينك النهايتين ضرورية لوجوده بالقدر نفسه ، وإذا كان لؤي قد أختار أن يبدأ بخبرة (التبرز) فإنه يكون قد إختار خبرة بشرية عامة وشاملة ، ( ترى هل يوجد من لم يتبرز؟ ) يعرفها كل إنسان ليمنح نصه ( مذاقا) خاصا فكل من سيقرأه سيستعيد خبرته الشخصية وذلك فضلا عن أمكانية أن يفهم الفعل على أنه فعل رمزي ساخر يوطىء لفهم الذات البشرية في ضوء وجودها الواقعي المعرى من أكسسوارات القيم أو أدعاءات العظمة ، بما قد يعني السعي الى ( التاريخ السري لجميع الأمكنة ) ، أي الكشف عما هو مهمل ، ما هو محرم أو منبوذ أو مقصى . ولكي يجعل خطابه السردي لا شخصانيا ، إستثمر لؤي تقنيات عدة من أهمها ما يلي:

أولا : أنه عرض مادته برزانة وجدية مبالغ فيهما . فالكتاب قد أنجز عبر أداء كلآمي فيه شيء من الفخامة ورصانة البناء ، كما تم تقسيم الكتاب الى فصول وكل فصل يحتوي وقفا وفصلا ووصلا مما يشي بهندسة كتابية صارمة.

ثانيا : أنه سعى الى فصل الذات عن الموضوع فلم يقدم مادته السردية عبر راو يتكلم عن نفسه ، أي الراوي بوصفه أنا ، ولكنه وهو يفعل ذلك إستخدم أسلوبين سرديين متداخلين هما أسلوب مخاطبة الذات بـ ( أنت ) وهو أسلوب لايوفر غطاء موضوعيا مثلما أراد الكاتب ، والأسلوب الثاني هو السرد عبر الضمير ( نحن ) والذي تكون الذات الفردية جزءا منه كما يمكن أن يكون المتلقي جزءا من هذا الضمير الكتلوي وبذلك فإن إقصاء الذات المباشرة قد خفف إلى حد ما من غلواء الذاتية من جهة وسعى إلى أشراك المتلقي في اللعبة السردية أيضا. ثالثا :أنه ضمّن نصه خطابات أخرى لأبي حيان التوحيدي ، وجابر خليفة جابر ، وجونتسيرو تانيزاكي، وجيمس جويس ، وسواهم ليكون بذلك قد ضمن تعددية خطابات من جهة ومهادا تاريخيا أوليا يجعل منه إمتدادا قصديا وشموليا لما كان يطرح على نحو جزئي وبإستحياء، فلم تعد المراحيض طرفة أو مزحة أو موضوعا محرما ،إنها موضوع الكتاب الأساس ، فهل يمكن القول بأن لؤي حمزة عباس قد أنجز تأسيس إتجاه كتابي جديد ؟ إن الإجابة بنعم ممكنة على مستوى الموضوع ، أما على مستوى الشكل فإن جملة من الخصائص الفنية التي أشرنا إليها قد تجعلنا نقول نعم مرة ثانية ، وهو بذلك يكون قد حقق نقلة مهمة في الكتابة القصصية نحسب أنها ستجعل المؤلف يجابه السؤال الكبير : ماذا بعد ذلك ؟ لكن البدايات الكبيرة تؤدي الى نهايات كبيرة كما يخبرنا تأريخ الإبداع ،لذا فلن نخشى شيئا على الكاتب لأن ما سيكتبه سيحمل الجواب المناسب عن هذا السؤال .



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدجل الإعلامي في مواجهة الحقيقة الدامغة
- الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق
- عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على ا ...
- ما بعد الانتخابات العراقية : قاعدة الشرعية الدستورية
- الانتخابات العراقية :دلالات و استحقاقات
- تسونامي في ميزوبوتاميا
- الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التار ...
- مدونات سومرية - المجموعة الرابعة
- الحوار المتمدن :المزايا و الاستحقاقات
- مدونات سومرية : المجموعة الثالثة
- مدونات سومرية: المجموعة الثانية
- مدونات سومرية : المجموعة الأولى
- الإنتخابات الأفغانية: دلالات و توقعات
- الحقيقة تتجاوز قدرة النظام الرجعي على حجبها
- قيامة العاشق السومري
- النقابات و الإتحادات المهنية في العراق
- المسافة و اللغة
- الديمقراطية و حرية العمل السياسي في العراق
- مستويات تحليل الخطاب الشعري - عبدئيل- الشاعر موفق محمد إنموذ ...
- الأول من أيار : الفكر الماركسي و تحديات المرحلة الراهنة


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر جاسم محمد - حول السامي و الوضيع : قرأة في كتاب المراحيض