أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية














المزيد.....

اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 21:17
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


لمّا نسمع من شبابٍ، معظمه من الفتيات ولا يتجاوز سنهم الـ 14-15 ربيعا، أنهم يدركون ضرورة حدوث ثورة ثقافية في تونس، نطمئن جزئيا على مستقبل الربيع العربي. أما الذي يحز في النفس في الوقت ذاته هو استقالة الكبار، بل ودَوَرانهم في فلك متصحر، مع أنهم ينددون ويستنكرون ويتظاهرون ويعتصمون، من أجل التغيير نحو الأفضل.

وفي السياق نفسه نلاحظ أنّ الطبقة السياسية في تونس اليوم تسعى جاهدة إلى تلبية رغبات الكبار وذلك بمحاولة تغيير الحياة العمومية وتطهيرها من الفساد وتنقية أجوائها من التلوث متعدد الأبعاد وإعادة تنظيمها بعد ما يناهز العامين من الفوضى. كما نلاحظ أنّ الشعب يرغب في رؤية أوضاعه التعليمية والاقتصادية والثقافية تتغير إلى حال أرقى. وبالرغم من أنّ كلنا يرغب في التغيير إلا أنّ قلة قليلة من الناس يدركون حق الإدراك، مثلما يدرك الصغار ذوي الـ 14-15 ربيعا، أنّ الثورة بحاجة لفنون، والتغيير الثوري بحاجة لبيداغوجيا، والانتقال من حال إلى حال تعوزه الاستراتيجيا، والتحرر من آثار عقودٍ من الاستبداد تلزمه الدُّربة والإعداد، والتخلص النهائي من براثن الانحطاط الحضاري يستوجب تصميما، والتبعية للامبريالية تستلزم تخطيطا. لماذا نحن هكذا؟ وهل الثورة للكبار فقط؟ وماذا عسى أن يحصل في غياب المرتكزات الثورية؟ وما الذي يتوجب إنجازه لتصحيح النظرة للنضال من أجل التغيير؟ ومن سينجز ذلك؟

إنّ ملاحظات العوام وتعليقاتهم حول ما آلت إليه الأمور بخصوص التحوّل البَعدي للثورة الأولى التي حدثت يوم 14 جانفي، وهي تعاليق وأحكام من قبيل "لم يتبدّل شيء"، صائبة مائة بالمائة. ولكن الصواب فيها هو الذي يشكل خطورتها. فتعليقٌ مثل هذا يدل على استسلام الشخص المتفوه به أكثر منه على رغبته الحقيقية في التغيير. بل نُرَجح أن تكون العبارة دالة على أنّ المجتمع ككل لا يرغب في التغيير. ولئن يفسرهذا الموقف الرافض للتغيير المحاولات السلطوية القوية للعودة إلى الاستبداد فهو لا يبرر النفاق المجتمعي المتمثل من جهة في الغضب من استئثار حكومة الترويكا بكل دواليب الدولة والمؤسسات والعباد، ومن جهة أخرى في رفض النقد الذاتي والاعتراف بضعف المجتمع الفادح في النهوض بنفسه. فمن الطبيعي إذن أن تكون السلطة مائلة إلى الاستحواذ على الإرادة الشعبية لمّا يكون الشعب فاقدا لمقومات التحرك لفرض إرادته وتجسيد التغيير .

ويتجلى انصياع شعب "الربيع" العربي في تونس (وفي البلاد العربية "المُسْتَرْبَعة") إلى عقله المجتمعي الراكد في الجُب الذي حفره لنفسه، والفخ الذي نصبه لنفسه، في كونه يُساير من حيث لا يدري ولا يشعر التوجه البورجوازي الكمبرادوري العالمي والعَولمي دون تروٍّ ولا تُؤدة. إنه شعب غير قادر على تغيير ما بنفسه من أجل إيجاد أنماطٍ للعيش السعيد تكون ملائمة لثقافته وهويته وإرادته، ومنافية للأنماط المستوردة. وإلا فكيف يكتفي بإتباع ما هو سائد؟ وهو شعب غير قادر لأنّه مسكون بفكرة الحتمية، وبالتالي نراه في الأثناء يترك فرصة التفكير المتحرر تمُر، وكنتيجة لذلك يكون الفعل الناجم عن تفكيره التابع والمستلب غير مثمر بمعنى غير ذي أثر طيب على الواقع المراد تغييره، وإنما يكون مثبتا للواقع الرديء ومكررا له. والمجتمع لا يرغب في التغيير لأنّ الشعب يعاني من عقدة الأجنبي ومن تفوق هذا الأخير عليه، فنراه في الأثناء يتمادى في تدجين ذاته وفي الإذعان للهيمنة الأجنبية لأنه غير قادر على إنتاج السلوك الذي من شأنه أن يخفف من وطأة هذه الهيمنة حتى تأخذ طريقها إلى الزوال.

لو كان المجتمع في المقابل راغبا في التغيير لأنتجَ عبارات مضادة لتلكم العبارات السوداوية تكون حمّالة لبشائر العمل على التغيير. ولمعرفة نوعية العبارات المرغوب في سماعها من عامة الناس والتي تكون ذات وظيفة إيحائية أثبتَ علم النفس جدواها، فلنتصور جُملا مثل "نحن مسؤولون عن عدم تغيير الأوضاع" ومثل "تونس ليست صغيرة ولا فقيرة" ومثل "إنما الغد يومٌ آخر" ومثل "لا أؤمن بسبر الآراء لأنها عملية وقحة عادة ما ترسخ سلوكا يريده قادة الرأي الطالح ولا يحفّز الناس على تجاوز الواقع الرديء" ومثل "ما ينبغي أن يكون صورة للغد ليس ما هو متداولٌ في الأدبيات المتخلفة والذي هو مستوحًى من واقع لا يعجبني" ومثل "ليست الواقعية أن أغض البصر عن الواقع وإنما أن أحرص على أن لا يصيبني العمى جراء تعلقي المرَضي بالواقع ، حتى لا أرى صورة للمستقبل مماثلة للواقع الذي أعتزم تغييره." تلك هي عينات من معاول الثورة الثانية، الثورة الحقيقية.

ولكي نكون عمليين نقترح على كافة الفاعلين في المجتمع أن يتفطنوا لكَون هذا الأخير لا تكفيه ماكينة السياسة لوحدها ليتحرر فيتغير، ولكَون تشغيل ماكينة التحرر صار مطلبا عاجلا. وهذه الماكينة لا يمكن أن تشتغل بنجاح وتساعد المجتمع على تحقيق أهدافه إلا لمّا يتم اشتغالها بقيادات ذات مشروعية تربوية. وهي مشروعية شبابية، لأنّ المشروعية السياسية، والنضالية السجنية، والسلطوية، والحزبية، والنقابية، والدينية، والجنسية (الجندرية)، والحقوقية، والمعارضاتية، وغيرها مما ألِف المجتمع وجرّب حتى أصالته التخمة، لم تعد قادرة على الإيفاء بالحاجة الثورية الكامنة عند الأجيال الصاعدة. والسبب أنها لا تعنى بهؤلاء. والحال أن لا ثورة من دون حسّ شبابي. في المقابل، إنّ التربويين هم الذين ينصتون إلى الناشئة وبالتالي هم الذين يدرون أين تكمن الثورة. فمن المفروض أن يكونوا في طليعة الصف لقادة الثورة الأصليين.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبهة شعبية دون تطبيع العلاقة مع الدين؟
- الله رب (النهضة) وربنا جميعا
- ما البديل عن أسلمة المجتمع؟
- ألاَ تجوز النظرية المادية في الإسلام؟
- هل نحن مجتمع ضال؟
- الشرط الأساس ليجتازَ اليسارُ خط التماس
- أنا سني غير معتزلي إذن أنا أفكر
- أيُشترط أن نكون معتزلة لنقدّم العقل على النص؟
- أضعف الإيمان أن نستردّ مكانة الحيوان الناطق
- لو لم تكن الديمقراطية، هل تكون الخلافة الحرة؟
- -النهضة- و صورة المسلم الأبله
- المطلوب تجفيف ينابيع الهيمنة الغربية على الوطن العربي
- الحالة المدنية: مواطن
- النخب خارجة عن موضوع الثورة، والتجديد الديني ضرورة تاريخية
- هل مثقفونا عربإسلاميون أم مستقطَبون؟
- شباب تونس نحو البديل السياسي للعالم الجديد
- نحن و اللامقول عن ثقافة الإسلام المحمول
- هل نسي الإسلاميون العرب أنهم عرب؟
- تونس بين آحادية الإسلام السياسي وثنائية الوحي والوعي
- حتى يكون الإعلام في خدمة الأقلام


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية