ثورة لتصحيح المسار في ليبيا

فاضل عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3863 - 2012 / 9 / 27 - 14:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

الشعب الليبي الذي ثار وهو أعزل يوم 17 فبراير 2011 ضد طاغية العصر، وحقق الانتصار على نظامه الدموي الذي ظل يهيمن على البلاد لأكثر من أربعة عقود؛ مدعو يوم غد الجمعة للثورة من جديد لاستعادة ليبيا من يد تحالف أحزاب وجماعات الظلام التي تتخذ من الاسلام غطاء لها وتدعي احتكارها للحقيقة وتنصب نفسها وصية على الدين والبلاد والعباد، واستطاعت بمساعدة قوى خارجية وطابورها الخامس المتسرب الى مفاصل البلاد السيطرة على مقاليد الأمور بعد أن بسطت سيطرتها وبمشورة خبراء التدليس وتزوير نتائج الانتخابات على مؤسسات الحكم التشريعية والتنفيذية في البلاد..

ليبيا تمر هذه الايام بأخطر وأدق مرحلة في تاريخها المعاصر، وعلى ضوء هذه المرحلة سيتحدد مصير ليبيا؛ إما أن تكون دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة لكل مكونها الاجتماعي ، وإما دولة محكومة بدكتاتورية ذات مرجعية دينية ملتبسة تحتكر فيها قلة كل مؤسسات السلطة و لاتقيم وزنا لراي الشارع وطموحاته.. فإذا لم يبادر الليبيون وفي اسرع وقت ممكن إلى إجهاض الانقلاب الإخواني السلفي على ثورتهم والذي يستهدف حريتهم التي دفعوا من أجلها ثمنا غاليا من دماء أبنائهم، وذلك قبل أن يتغول هذا التحالف ويكمل سيطرته على مفاصل الدولة، فإنهم سيواجهون مستقبلا أشد ظلمة وظلما مما عانوه على يد النظام السابق، فظلام هذا التحالف الذي يتدثر بعباءة الاسلام لن يكون من السهل إزاحته، خاصة وأن الغالبية العظمى من الشعب الليبي لا تمتلك ثقافة دينية عميقة تمكنهم من التفريق بين المسلم الحقيقي الذي قلبه على وطنه، والمتأسلم الذي يتخذ الدين وسيلة لتحقيق مكاسب دنوية ويأتي الوطن ومصالح الشعب في آخر سلم اهتماماته..

قبل يومين وقف رئيسا السلطتين التشريعية د.المقريف والتنفيذية د. بوشاقور وأعضاء تحالفهما ضد أهالي بنغازي الرافضين لوجود التشكيلات المسلحة غير الشرعية في مدينتهم، وهي تشكيلات يهيمن عليها التيار الاخواني والسلفي الذي يسعى المقريف وبوشاقور لإضفاء الشرعية عليها.. فبعد أن خرج أهالي مدينة بنغازي على بكرة ابيهم مطالبين بحل هذه التشكيلات وإخراجها من مدينتهم ، انبرى المقريف وبوشاقور من خلال تجمع مختلق ضم الى جانبهم قادة مليشيات لا علاقة لها بمؤسسات الدولة، للدفاع عن هذه التشكيلات كما أوعزوا الى رئيس الاركان بإصدار قرار بضم كتيبتين ، طالب اهالي بنغازي بحلهما، الى الجيش الوطني في خطوة تناقض قرار اتخذته رئاسة الاركان نفسها قبل ايام بحل كل الكتائب والتشكيلات المسلحة التي لا تتبع الجيش او وزارة الداخلية واستعادة ما بعهدتها من سلاح وعتاد وآليات ومقرات ..

واليوم يخرج علينا نائب المفتي العام لليبيا غيث الفاخري بفتوى جديدة يحرم فيها الاستجابة للدعوة التي أطلقتها القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني للخروج في مظاهرات سلمية يوم غد الجمعة لإرغام الكتائب والتشكيلات المسلحة التي خارج شرعية الدولة والتي يرتبط معظمها بالتيار الاخواني والسلفي على الخروج من المدن وتسريح افرادها، وللمطالبة بإعادة تفعيل الجيش والشرطة الوطنيين.. ويسبب غيث لفتواه المشبوهة هذه بالقول " الخروج في المظاهرات التي من المزمع إقامتها الجمعة المقبلة تؤدي إلى مفاسد"!!!. طبعا من المؤكد أن يفسد خروجنا يوم الجمعة المقبل في كل المدن الليبية مخططات هذا التحالف الظلامي في إحكام قبضته على ليبيا وإعادتها الى ظلام دكتاتورية تتخذ من الدين ستار لها، وهذا النوع من المفاسد لا يختلف عاقلان ينتميان لهذه الارض على ضرورته الآن قبل غد، لتفادي الفساد الحقيقي والخطير الذي يشكله انفراد تيار بعينه بحكم البلاد وتهميشه لكل القوى الأخرى التي افرزها المجتمع عبر صناديق الاقتراع..

إضافة الى كل ذلك فإن مسلسل القتل والتصفية الجسدية الذي تنفذه جماعات ترتبط بحزب الاخوان او تتحالف معه ضد شخصيات وكوادر أمنية ليبية، وكذلك وجود مئات المعتقلات العشوائية الخارجة عن القانون التي تنتشر في كبريات المدن الليبية والتي يمارس فيها قادة هذه المليشيات المنفلتة أبشع أنواع التعذيب والقهر في حق مواطنين ليبيين لأسباب غالبا ما تكون شخصية، وتماهي السلطة والحكومة وتغاضيهما وصمتهما المشبوه عن هذه التجاوزات، يعطينا اليوم كل الشرعية في الخروج لاسقاط هذه الحكومة وتصحيح مسار الثورة..

والليبيون اليوم وفاء منهم لدماء ابنائهم وتضحياتهم من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة؛ مدعوون للخروج بعد صلاة الجمعة الى الشوارع والميادين في كل المدن لوقف هذه المؤامرة وكشف أطرافها ومحاسبتهم، وإعادة الثورة الى مسارها الصحيح، ثورة من أجل الحرية والامن والعدل والسلام لكل الليبيين بكل أطيافهم وانتماءاتهم ..

#فاضل_عزيز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات