|
ربيع العنقاء
مها الجويني
الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 20:08
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يقصد بالعنقاء ذلك الطائر العربي الاسطوري الذي تحاك عليه عديد الرَوايات و الحكايات. و كان دائما رمزا للمرأة الشامخة و الأبية . و العنقاء أيضا تسمية لمدينة ساحرة تقع في الجارة ليبيا وهي مدينة الزاوية التي تبعد عن طرابلس العاصمة. كانت لي زيارة فيها في إطار ورشة عمل عن حقوق اللإنسان و المرأة و المجتمع المدني . يعرفها الثوار بإسم "عرين الشهداء" حيث تمت محاصرتها بمليشيات القذافي لعدة أيام و سقط من شبابها العشرات و بعد إستشهداهم تم نبش قبورهم المتواجدة في حديقة "ميدان الزاوية" من طرف جيش الطاغية .الحديقة تحولت لمقبرة و لأثار حرب دامت أشهر و لحصار خلٌف حقولا من الألغام و التأثيرات النفسية السلبية. إذ لاتزال تلك الحادثة مؤثرة في قلوب أهالي المدينة فهي مخالفة للعرف و لللإنسانية سمعت النساء يقولون : أسئلة إستنكار و قهر لا تزال تطرحها تلك النساء . قبالة حديقة الميدان ُيوجد معرض لصور فوتوغرافية لمن استشهدوا من شباب الزاوية، شُهداء ثورة 17 فبراير المجيدة، الذين سقطوا و هو يدافعوا على مدينتهم ، أثار الحرب لا تزال حية و كأن دم الشهيد لم يجف بعد من تراب الأرض ، فمدينة الزاوية بمصفات نفطها و بترولها خيراتها وبناياتها سرقها نظام معمر المجرم الذي طغى على خيراتها وأخد بيوتها عنوة و بالقوة . لقد كان العقيد المخلوع يفتك البيت الذي يٌعجبه و يرمي وبأهله خارجه رغم أنه كان يدعي : "الإشتراكية" و" تقاسم الثروات " و" الإسلام" و" العروبة" و" الذود على الوطن" ألم يدعي أنه على عهد الزعيم جمال عبد الناصر ؟ فشتُان بين القول و الفعل فالذائد على العروبة في المحافل القومية العربية إنتهك حٌرمات ماجدات ليبيا و جعل من بيوتهن مرتعا للمرتزقة ، و يشهد دفتر مستشفى تطاوين بتونس على الجروح و الانتهاكات التي خلفتها المرتزقة على أجساد الماجدات . لقد كنت مرٌة في مخيم ذهيبة أيام الثورة اليلبية المجيدة و رأيت الفزع في أعين أخواتنا اليبيات و سمعت لحكايات أهالي الزتنان و غيرهم ممن فرٌوا من الموت و بعن ما يملكن من ذهب لنصرة أبنائهم . و رفعن الزغاريد لإستشهادهم و حملن المؤن لهم و حمين أعراض أهلهم رأينا فيهن عُمر المختار و خولة بنت الأزور و جميلة بوحيرد إنهن أنبل و أشرف المقاتلات. الواحدة منهٌن كالعنقاء في شموخها و قوتها و روعتها. يُقال أن بعد كل الحرب ووفق قانون التاريخ و الطبيعة تكون المرأة دائما الخاسر الأكبر فهي المتعرضة للعنف و التهميش و القهرو الفقر من خلال فقدانها للأمن و الراحة . فهي من تعاني فقدان الأسرة بسبب الترمل و اليُتم و موت الأبناء. خلافا لما قد تواجهه من إستغلال و الظلم. و لكن في ثورة ليبيا الأمر يختلف لقد رأى الإعلام العربي و العالمي وجها أخر للمرأة الليبية ، رأينا حقوقيات مترئسات لجمعيات و للجان تُعنى بالشأن السياسي و الإجتماعي و الثقافي . فعلى سبيل الذكر لا للحصر :"إتحاد نساء الزاوية " "جمعية الضياء" "جمعية طيور السلام" هاته الجمعيات تترأسهن نساء ذوات مستوى علمي أكاديمي . و تتنوع نشاطات مناضلات المجتمع المدني الليبي من أعمال خيرية كدعم لأسر الُشهداء و الإعتناء بضحايا الحرب و أعمال توعوية بالتشجيع على الإنتخاب و المشاركة السياسية و تأطير الشباب و أعمال مناصرة كالدفاع على حقوق الإنسان . نضالات نساء الزاوية ونساء ليبيا بصفة عامة تتجاوز البُعد المحلي ففي هن من مثلت الثورة الليبية في عديد المؤتمرات الإقليمية و الدولية وكنً صدى لثورة تحرير ليبيا . هؤلاء النساء تحدين عادات و تقاليد مجتمعهن المحافظ و الملتزم كثيرا بالتعليم الدينية التي لا تسمح بالمرأة ببمارسة حريتها و رغم قلة خبرتهن بالقانون الدولي الإنساني و الصكوك الدولية و المعاهدات و ضعف المستوى التعليمي باللغات إلا أنهن تحدين ذلك النقص و شددن جراحهن وتقدمن رغم الخراب المحيط بهن . لا أنكر أنني تفاجأت بأرواحن النابضة التي لم تقتٌلها الحرب و لا زالات تتوق بالحرية . نساء العنقاء عقدن العزم أن تحيا ليبيا و قررنا بناء وطن أفضل يحلو فيه العيش ، إنه ربيع العنقاء بعد إعصار دام ثلاثين سنة .
#مها_الجويني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبل عقد العمل
-
أهل السلف و الإبداع
-
التعري لا يعني التحرر
-
على هامش الشعوب
-
رسالة إلى البدوي الحديث
-
هي و الربيع
-
محرومة من العودة
-
طفل من درجة ثانية
المزيد.....
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
-
الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
-
الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب
...
-
الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
-
طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
-
تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في
...
-
عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً
...
-
قول في الثقافة والمثقف
المزيد.....
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|