أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - عنفُ ما قبل الحداثة














المزيد.....

عنفُ ما قبل الحداثة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فيما يعود الوعي الديني لآلاف السنين فإن الوعي القومي تكوّن من خلال مئات السنين القليلة السابقة.

الوعي الديني يعتمد على البناء الثقافي القديم للبشر، على ما هو مفارق لتجربتهم اليومية، ولعالم من الرموز ذات المنحى الغيبي، القابلة لتفاسير شتى، ويرتبط هذا بالمكونات الاجتماعية السابقة على الحداثة كالقبائل وشيوخ الدين والعامة.

ينهض الوعي القومي بشكلٍ صحي أو مرضي، حسب طبيعة الأمة المتكونة في العلاقات القديمة، وكمية العقد العصبية لها تعودُ لمدى القيود حول تشكلها ووحدتها وتطورها الحديث.

ثمة أممٌ لم تستطع حتى الآن النمو المستقل بسبب سيطرات قوميات أخرى عليها، ولتخلفها فتحرمها من التجلي الحر عبر إقصاء لغتها وتهميش ثقافتها، وأغلب الأمم الإسلامية تعيش مثل هذا الوضع، وحين جاءت الدول الحديثة عجزت عن بناء الدولة الوطنية أو الدولة القومية.

والأمة التي لا تتجلى بشكل حديث وتنهض وتكون سيدة أرضها وذات مكانة رفيعة بين الأمم تُصاب بتلك الأمراض العصبية الاجتماعية السياسية.

لهذا فإن الكثير من الأمم في الشرق تشعر بالدونية، وتجدُ فضاءها الثقافي مستباحا، رغم سنوات الاستقلال الكثيرة، وهي ذاتُ عِدةٍ قليلة في الانتاج وجماهيرها أغلبها أمية، ونتاجُها الثقافي غير متغلغل فيها وغير رافع لعقلها ومستواها، في حين أن ثقافات العالم المتقدمة تدخل كل لحظة عبر الأجهزة الحديثة في حياتها اليومية وتفرض صورها وأسماءها وقضاياها بأشكالها السطحية.

خلفية الأمة الدينية العائدة لعصور قديمة تنهض في هذا المعترك، وتمتزج بالقومية، وتنحيها، وتفرض مستواها البسيط على الأميين الذين يجدون فيها زادهم الثقافي كله وتستخدم القوة والتبسيط العقلي والحدة.

والمكونات الاجتماعية لما قبل الحداثة تفرضُ نفسها على المكونات الحديثة بعد عجز الدول عن التحول لدول حديثة، فيظهر المواطنون بأشكال الرعاع، ويصير القانون والمعاهدات العالمية مستباحةً في لحظة، والخطر أن يتحول ذلك لحروب يكون وقودها هذه العامة نفسها.

عدم صعود الثقافة القومية هو نتاج فشل التنمية ولعدم صعود أحزاب متقدمة وبقاء الهياكل الاقتصادية القديمة و(تسلل) الفساد لها وللترميماتِ الجديدة.

الجمهور الأمي الواسع الضائع من دون تنمية ومن دون هوية قومية صلبة، لا يجد سوى الرموز الدينية تعبيرا عن هويته المفقودة، وعن وحدته الضائعة، التي مثلت له العزة والسند.

فهو مترحلٌ لقاراتٍ أخرى، أو اُقتلع من جذورهِ الريفية وأُلقي في مدن عشوائية، وتتمثل له الدول الغربية والحداثة كقوى شريرة تدمره، فيعطيها طابعَ الشيطنة فيما يعطي رموزه طابع الالوهية والخير، ويتصور حياته الضائعة الفقيرة المهانة هي من فعل هذه القوى الشريرة العالمية.

القومية وطابعها المدني التحديثي لم تضرب بجذورها في عالمه، فهو طائفي، وهو قريب للعنف، لم يدرسْ تراثه، ولم يتفهم معانيه، لأنه لم يحصل على الفرصة لذلك. ويحدثُ ذلك في الأمم الإسلامية بشكل خاص لأنها بقيت في هياكلها الاقتصادية القديمة، الذكورية، الهامشية، التي أَضعفتْ الزراعة ولم تُفلح في الصناعة.

نرى الأممَ المتوحدةَ الناهضة بقوة كالهند والصين لا تحتاجُ الى الصراخ من أجل تراثها، ولا تهتم أصلا بهذا التراث اهتماما مَرضيا لأنها متجذرة في الحقول الاقتصادية الراهنة، والأسرُ كلها في حالاتِ عمل متنوع، وبالتالي فإن تطورَها الكبير يُلغي عقد النقص.

الأمم والشعوب الإسلامية تشعرُ بأنها ذائبة على مسرح التاريخ العالمي، وثوراتها المدهشة، هي جزءٌ من ردود فعلها ضد تخلفها ولظروفها السيئة وعجز الحكومات عن الارتفاع لطموحاتها في العيش.

لكن الثورات والصرخات لن تبدل في الأمر شيئا من دون إعادة تغيير تلك الهياكل الاقتصادية ؟ الاجتماعية التقليدية والمكونات العائدة للعصور الوسطى.

تبدو مظاهرات المهمشين والمقتلعين الموجهة ضد الدول الغربية الكبرى كأنها احتجاجات سياسية اجتماعية لما تعانيه هذه الملايين من تشردٍ وفقرٍ وهي تجدُ في دول رأس المال والحداثة سبب مصائبها وغياب معوناتها لها لما استقر في أذهانها من كون الغرب هو سبب الاستعمار والتخلف في الزمن السابق والتقدم الراهن، كما أن هذه الجماهير خاضعة للنفخ والتآمر من قبل الدول والجماعات الضالعة في صراعات غير عقلانية مع الدول الغربية، وهي غير قادرة على تطوير بلدانها وخلق فرص عمل فتوجه الطاقة الجماهيرية العنيفة نحو خصومها من الدول التي تطالبها بالقيام بتغييرات بحيث تشوه الوعي الجماهيري وتزيف القضايا.

وخلال العقود السابقة لم تضخ الأنظمة ثقافة تنويرية حديثة في عقول هذه الملايين، ولما صعدت على مسرح التاريخ صعدته بمستوياتها البسيطة وبلغة العنف والتسطيح الفكري، فأضرت القضية التي قفزت من أجلها وقدمت شهادات مؤسفة عن الأمة كأن تراثها بهذا الشكل المروع.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جانبا التشكيلة يمرضان
- الثالوثُ العسكري وفجائعُ الحروب
- الاصطداماتُ الثقافيةُ الدينية
- مشروعٌ متأزمٌ
- القوميتان والصراعُ الاجتماعي
- هل يسرق الإقطاعُ الديني الثورات العربية؟
- أنماطُ التحالفاتِ بين القوى الحديثة
- التشكيلةُ لها تاريخٌ
- العربُ وفشلُ التجريبِ السياسي
- القوميات الكبرى والأفكار
- خنادق وهميةٌ
- الأممُ الكبرى العسكريةُ في الشرق
- القومياتُ الكبرى وأزمةُ التحول الديمقراطي
- سقوطُ الحربِ الباردةِ الفلسفية
- الماضي أغلالٌ
- وتائرُ تطورِ الرأسمالية
- ثقافةُ التحليلِ وثقافةُ التحلل
- التناقض الخلاق والتناقض المدمر
- تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا
- الطائفيون وخرابُ البلدان


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - عنفُ ما قبل الحداثة