أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن علي إسماعيل - قراءة في واقع البحرين السياسي وقواه المعارضة















المزيد.....



قراءة في واقع البحرين السياسي وقواه المعارضة


حسن علي إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 22:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تقـديــم

يعد ميثاق العمل الوطني والتصويت عليه من قبل شعب البحرين حجر الأساس لتكريس واقع جديد سعيا نحو إقامة النظام الدستوري الديمقراطي ، وإقامة دولة القانون ، وقد لعبت القوى السياسية المعارضة دورا بارزا ومؤثرا في نسبة التصويت الكبيرة التي حصل عليها ، ونحسب ان هذه القوى ومعها الغالبية العظمى من شعب البحرين تتفق على رؤية محددة لطبيعة النظام السياسي وهي كما جاءت في الميثاق نظام ملكي وراثي دستوري وديمقراطي ، يرسي هيكلا متوازنا يؤكد الشراكة السياسية الدستورية بين الشعب والحكومة والفصل بين السلطات الثلاث ، ويوسع دائرة المشاركة الشعبية في تحمل أعباء الحكم و الإدارة ، من خلال انتخابات دورية ونزيهة ، ويكفل حرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب السياسية ، والتداول السلمي للسلطة ، ويقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة في ظل دستور يؤمن سيادة القانون واستقلال السلطة القضائية ، والالتزام بمبادئ وأهداف الأمم المتحدة والمواثيق والاتفاقات الدولية .

وبهذا المعني فأن مبادئ ميثاق العمل الوطني شكلت الأساس لما سمي بالمصالحة بين الحكم والمعارضة في البحرين بعد صراع وعنف دامي طويل حدث قبل الاستقلال وبعده ، خلال هذا الصراع طالبت المعارضة بالعدالة الاجتماعية ، وبضرورة وجود تحول ديمقراطي حقيقي في البحرين ينقلها من حال إلى حال ، تتعزز فيه الحقوق والحريات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ،.وقد تم بموجب هذه المصالحة أن تنازلت الدولة عن ممارستها الأمنية فأطلقت سراح المعتقلين السياسيين من السجون ووافقت على عودة المنفيين ، وفسحت المجال نسبيا لحرية التعبير وتأسيس الأطر السياسية تحت مسمى الجمعيات السياسية ، في مقابل ذلك وافقت قوى المعارضة على أن تعبر عن حقوقها بالوسائل السلمية وقبول إقامة مملكة دستورية على غرار الممالك الدستورية ذات النظام الديمقراطي وقبول الدولة والتعايش معها .

غير ان الطريق إلى إقامة مثل هذا النظام السياسي الديمقراطي بالمواصفات التي تحدث عنها ميثاق العمل الوطني قد اعترته الكثير من المعوقات أدت إلى عدم توافر الأسس الأولية للتحول إلى الديمقراطية ، إذ غابت المسئولية المشتركة بين السلطة ومؤسسات المجتمع المدني لوضع هذه الأسس أهمها الأسس المتعلقة بتعزيزالعدالة الاجتماعية وتوسيع المشاركة الشعبية ، واحترام حقوق الإنسان ، وما يتطلب ذلك من إزالة ارث القوانين والتشريعات الثقيل الذي ورثناه من الحقبة السابقة ، ووضع تشريعات وقوانين جديدة تساعد على تطور المجتمع نحو الديمقراطية المنشودة تمكنه من خلق مؤسسات المجتمع المدني المختلفة التي تتلاءم والنظام الديمقراطي .

وقد ساهم في هذا الوضع الهاجس الأمني من قبل السلطة التي ضاقت من الهامش النسبي للحقوق والحريات ، وأصدرت دستور 2002 خلافا لمبادئ استشرافات المستقبل التي نص عليها ميثاق العمل الوطني ، وسنت نظاما انتخابيا لا يتصف بالعدالة والمساواة ، كما ساعد في ذلك الوضع الجديد الذي أفرزته انتخابات 2002 ، وتشتت المعارضة وعدم قدرتها على إدارة الصراع باتفاق يوحدها في المشتركات وفي قراءة الواقع السياسي ، وقد عززت أحداث 14 فبراير 2011 وما تلتها من تداعيات وانقسام ليس في المجتمع فحسب ، بل انقسام في المعارضة مابين قوى واقعية تنشد الإصلاح وتقبل بالحوار وقوى متطرفة تنشد تقرير المصير بإسقاط النظام وترفض الحوار ، وقد أدى ذلك إلى غياب الأسس اللازمة والضرورية نحو التحول الديمقراطي ، وغياب المسئولية المشتركة بين الحكم ومؤسسات المجتمع المدني ، والتي يتحمل الحكم الجزء الأكبر في هذا الغياب بصفته المستحوذ على القرار السياسي ، ونشير إلى ذلك على التفصيل في المحاور التالية :

هاجس أمني ضاق من الحريات

ليس في مقدور المتابع للشأن السياسي في البحرين أن يتجاهل أن السلطة بدلا من أن تعزز الحريات النسبية التي تحققت في ظل المشروع الإصلاحي وتطويرها ، ونقصد بها حرية وحق التنظيم السياسي ، حرية التعبير والصحافة ، حرية وحق التجمع السلمي ، حق الانتخاب والترشح لمجلس النواب والمجالس البلدية ، وغيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور باتت تضيق ذرعا بها، وتضع العراقيل في مواجهتها ، فلم تنصت للملاحظات الجوهرية الهامة التي أبدتها القوى السياسية على قانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات والمسيرات ، والصحافة والنشر ، وقانون الجنسية ، وقانون الجمعيات الأهلية ، ومرسوم بقانون الصحافة والنشر ، ووضعت الكثير من الحجج التي لا تتفق مع حرية التنظيم السياسي، عند توفيق أوضاعها ، كما جعلت التجمع السلمي تحت وصايتها ولوحت بتطبيق العقوبات الغليظة منها ما نص عليها قانون العقوبات ، وقامت بغلق حتى المواقع الالكترونية التي تعبر عن الرأي ، ومنعت إقامة بعض الندوات، ووضعت العين الحمرة على بعض الصحف المحلية ، وأوقفت نشرات الجمعيات السياسية، وهي بذلك لم تجعل من مؤسسات المجتمع المدني المسجلة والمعترف بها بما فيها الجمعيات السياسية شريك لها في بناء الدولة الحديثة ، وأصبح الهاجس الأمني هو السائد لدى السلطة في علاقاتها مع هذه المؤسسات ، هذا الهاجس الذي توسع وزاد في ظل أحداث 14 فبراير وما تلاها . ولم تعالج الدولة ملف ضحايا الفترة السابقة ، متجاهلة دعوات قوى المعارضة من اجل تسويتها بطريقة منصفة وعادلة . ولم تستجب لآي تعديل دستوري يعالج ما كشف عنه واقع الفصلين الأول والثاني من قصور تشريعي ورقابي أو تعديل للنظام الانتخابي يعالج ما شابه من انعدام في العدالة والمساواة.

وضع جديد أفرزته انتخابات 2006

وقد أفرزت انتخابات 2006 وضعا سياسيا جديدا إذ شاركت الجمعيات المقاطعة بما فيها اليسارية الانتخابات دون تعديلات دستورية ، ودون الاتفاق على كتلة انتخابية واحدة ، وكان واضحا أن طرفا وحيدا من هذه القوى هي جمعية الوفاق ستحصد مقاعد 18 دائرة في مجلس النواب ، وكان للمرجعية الدينية دورا بارزا في هذا الفوز تحت ما عرف ( بالقائمة الإيمانية ) ولم تجد نفعا محاولات هذه القائمة في ظل النظام الانتخابي القائم دعمها لمرشحين من قوى سياسية أخرى بطريقة فردية . كدعمها للسيدة منيرة فخرو ، وللمناضل المرحوم عبدالرحمن النعيمي . وقد استمرت هذه الرؤية الناقصة في فهم العمل السياسي عند الوفاق في انتخابات 2010 .

وعلى الرغم من أن جمعية (أمل ) قد عملت في إطار قانون الجمعيات السياسية ووافقت على توفيق أوضاعها كما رسمته أحكام هذا القانون ، غير ان هذه الجمعية ظلت مصرة على مقاطعتها للانتخابات النيابية .

كما أفرزت انتخابات 2006 ، ظهور حركة حق التي تأسست دون الإطار القانوني الذي رسمه قانون الجمعيات السياسية في ظل برنامج سياسي أصر على المقاطعة ورفض التعاطي مع دستور 2002 ، واشتمل على المطالبة بإصدار دستور عقدي جديد يقوم بصياغته الشعب عبر الانتخابات الشعبية وبعد إصلاح قانون الانتخابات وتوزيع عادل للدوائر على أساس الكثافة السكانية ، وتنحية رئيس الوزراء وتبنت خطابا تصعيديا مع السلطة دون اعتراف بما يقوم به المجلس الوطني ، تمخض عنه أحداث مطلبية أدت إلى اعتقالات ومحاكمات شملت أنصارها ومؤيديها .

كما ظهرت حركة دينية جديدة التي أصدرت في فبراير 2009 بيان الانطلاق جاء فيه ( على أن النظام فقد شرعيته منذ أن انقلب على الوثيقة القانونية التي تعطيه الحق القانوني في ممارسة صلاحيات الحكم ، وذلك عبر انقلابه المشئوم على دستور عام 1973م ، وميثاق العمل الوطني ؛ فلم تعد هناك وثيقة قانونية يصح للنظام أن يستند إليها في شرعية حكمه وإلزام الشعب بها ، وأننا نعيش الآن فراغاً دستورياً وقانونياً لا يمكن حلّه وإزالة كافة تبعاته إلا بسن دستور جديد يحفظ للشعب كافة حقوقه ، ويصون الحقوق والواجبات بين الحاكم والمحكوم على أساس من العدل والإنصاف ، وأنه لا قيمة مطلقاً لدستور المنحة الذي سنّه النظام بإرادةٍ منفردة ، ولم يعد الميثاق بعد الانقلاب عليه من قبل السلطة ملزما لأبناء الشعب ) .

ويتضح من مما تقدم أن جمعيات الإسلام السياسي على ما بينها من خلاف في المرجعية وفي قراءة الواقع لم تدرك ولم تتقن أهمية العمل السياسي كفن في حدود المتاح يراعي ميزان القوى ، ولم تدرك أهمية وضرورة التحالفات كركيزة من ركائز التحول الديمقراطي ، إذ على الرغم من صحة مشاركة الوفاق في العملية الانتخابية غير إنها لم تصل إلى أهمية وضرورة الوحدة الوطنية في ابرز مظاهر التحول الديمقراطي وهي الانتخابات والدخول فيها بكتلة وطنية انتخابية تجمع كل القوى السياسية ، ولم تدرك حركة حق أهمية وضرورة العمل في إطار قانون الجمعيات السياسية ولم تتعاطى مع أحكام الدستور ، لم تفطن حركة بيان الانطلاق ، بأن بيانها كان متطرفا لا أجماع عليه ، وأن ميثاق العمل الوطني كان وسيظل ملزما لأبناء الشعب . ولم تصل جمعية أمل إلى أهمية المشاركة في العملية الانتخابية باعتبارها شكل من أشكال التغيير نحو عملية انتخابية أفضل .

في مقابل ذلك لم تستطع جمعيات التيار الديمقراطي وأبرزها وعد والتقدمي والقومي رغم عراقة هذا التيار في النضال من أجل العدالة الاجتماعية، ورغم ما يمتاز به من تاريخ عريض وتراث وطني مشرف وبما يمثله من كتلة اجتماعية ، وخبرة سياسية غنية ، وخطاب سياسي ناضج متزن ، وكم هائل من العناصر الوطنية غادرته لأسباب متعددة ، أن يستثمر مساحة الحرية النسبية التي انتزعها بعد تضحيات جسام ، وافتقر لوجود برنامج الحد الأدنى الذي يوحده في المشتركات ، وفي إدارة الملفات الوطنية وعجز في أن يكون قوة مجتمعية موحدة ضاغطة مسموعة .

اثر الواقع على أحداث 14فبراير

وقد انعكس هذا الواقع السياسي بما فيه واقع قواه السياسية على أحداث فبراير ومارس 2011 ، إذ عجزت هذه القوى على اختلاف تلاوينها من فهم هذا الواقع ومن المحافظة على المكاسب التي تحققت بما اعتراها من نواقص وعيوب ، بل أدت هذه الأحداث إلى تعرض العمل السياسي في البحرين إلى انتكاسة بسبب يعود إلى عدم مراعاة الوضع الراهن وموازين القوى ، هذا الواقع السياسي الذي نشأ منذ إقرار الميثاق وحتى اللحظة ، فضلا عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب الظروف الموضوعية الإقليمية المتمثلة في التغيرات الثورية في العالم العربي وعلى وجه خاص في مصر وتونس أدت إلى وجود حركة شباب14 فبراير ، ومشاركة الفعاليات السياسية ، سواء تلك الفعاليات المرخصة طبقا للقوانين المعمول بها ، أو تلك التي رفضت العمل السياسي في إطار هذه القوانين ، غير أن هذه الحركة رغم التأييد الشعبي لها عجزت عن تحقيق الحد الأدنى من المطالب الشعبية بل عجزت عن المحافظة على المكاسب التي تحققت وساهمت في الحالة الأمنية التي تسود البلاد في الوقت الراهن ، وكانت سببا لهذا الانقسام الطائفي دون أن نستثني وبصورة رئيسية السلطة ودور الإعلام الرسمي في تعزيز هذا الانقسام وفي الانقضاض على المكاسب التي تحققت وفي انتكاسة العمل السياسي.

ولعل من الأسباب التي أدت إلى عجز حراك 14 فبراير 2011 عن تحقيق ما يطالب به الشعب للخروج من حالة الاحتقان التي كانت تمر بها البحرين ، وتعزيز ما كان قد نص علية ميثاق العمل الوطني هو عدم وحدة هذا الحراك وغياب المركزية في أدارته ، ففي الوقت الذي كانت فيه القوى السياسية التي تنشد الإصلاح وترفع شعارات العدالة الاجتماعية والتحول الديمقراطي والدخول في الحوار على الأسس التي طرحها ولي العهد ، برزت قوي سياسية أخرى ترفع إسقاط النظام ، وإقامة نظام جمهوري ، وتسمية المعتصمين في الدوار على إنهم ثوار ، وقد كانت هذه الشعارات علت على الشعارات التي تدعو لتحقيق العدالة الاجتماعية بمختلف الصيغ التي اشتملت عليها ، وللمتمعن في العمل السياسي كان عليه أن يدرك أن مجرد رفع هذه الشعارات في ظل واقع في البحرين واختلال ميزان القوى هو بداية العجز.
لم تدرك قوى التحالف من أجل الجمهورية ، بأن واقع البحرين يختلف اختلافا واسعا عن واقع مصر ، من حيث طبيعة النظام السياسي ، ودور الجيش ، ومنظومة التحالفات الإقليمية ، ومكونات المجتمع البحريني.

وفي مقابل ذلك لم يستطع تيار الجمعيات السبع التي انخرطت في هذا الحراك من اتخاذ موقف تنفيذي مغاير عن برنامج وتطلعات حركة 14 فبراير أو ما سمي بالتحالف من أجل الجمهورية لإسقاط النظام وإقامة الجمهورية. لم يستطع هذا التيار أن ( يفلتر) شعارات ( ثورة الورود) . وان يمسك بزمام الأمور المنفلتة وان يقود الحركة دون تصعيد.

هذا الواقع عند القوى السياسية المعارضة اليسارية والدينية ، سواء من حيث تحالفاتها ، أومن حيث قراءتها للواقع السياسي قد ساهم في أن يكون ميزان القوى الذي كان وما زال لصالح أجهزة الحكم الذي استخدمت كافة الوسائل القديمة أبان قانون ومحكمة أمن الدولة ، فأنقض الحكم وكشر عن أنيابه لتفتيت الحركة الاحتجاجية مستخدما في ذلك أجهزته الإعلامية الواسعة ، والتشريعات القائمة ، ملتفا عن معالجة أسباب الأزمة التي أدت إلى هذا الحراك فأطلق ما عرف بالحوار الوطني الذي لم يخرج البحرين من أزمتها ، وجاء بلجنة تقصي الحقائق التي لم يتم تنفيذ القضايا الجوهرية التي جاءت بها ، طارحا تعديلات دستورية ظلت في جوهرها ورغم أهميتها ناقصة لا تعالج مشكلة التشريع ، وفي مقابل هذا الانقضاض على حراك فبراير من قبل أجهزة الحكم ، ظلت المعارضة كما هي مشتته دون برنامج الحد الأدنى الذي يوحدها في المشتركات ، ودون قراءة دقيقة تشخص طبيعة المرحلة التي تمر بها البحرين ، ولا يشفع لذلك ما جاء في وثيقة المنامة من مبادئ سنشير إليها في سياق هذه الدراسة .

ولعل هذه الأسباب مجتمعة جعل من المنبر التقدمي أن ينأى عن التوقيع على وثيقة المنامة ومن الحراك السياسي بعد فض الدوار ، إذ ظل هذا الحراك رغم أن القوى السياسية التي تقوده ما انفكت تؤكد سلميته ، تموج فيه شعارات إسقاط النظام وغيرها من الشعارات التي لا تتفق ونهج المنبر التقدمي ، وظلت هذه القوى السياسية عاجزة عن اتخاذ موقف حازم وعملي من أعمال العنف ، بل جرت بعض مسيرات هذا الحراك لصالح أجندات دينية تستند في تحريك الشارع بكفن الموت على فتاوى شرعية ، وفي مقابل ذلك واجهت أجهزة الأمن هذا الحراك بعنف وبقسوة و بكافة الوسائل بما فيها قانون التجمعات والمسيرات وصل بها الأمر إلى منع حتى المسيرات التي كان مصرحا بها في أوقات وأماكن سابقة.

وقد أكد الدكتور حسن مدن في كلمته أمام المؤتمر العام السادس للمنبر التقدمي على انه ( في الوقت الذي ندين فيه الاستمرار في سياسة العقاب الجماعي والإمعان في الإفراط في استخدام القوة في المناطق السكنية المكتظة بالسكان، بما في ذلك إغراق هذه المناطق بالغازات المسيلة للدموع واستخدام الرصاص الانشطاري"الشوزن" لقمع المظاهرات والاحتجاجات، ما أدى ويؤدي إلى سقوط المزيد من الشهداء والضحايا والمصابين، فإننا نعلن رفضنا القاطع والصريح لكافة ممارسات العنف وخاصة استخدام قنابل المولوتوف كأسلوب للاحتجاج، بما يحمل في طياته دفع البلاد نحو مواجهات خطرة تزيد الأوضاع تعقيداً، لأن استمرار المأزق الراهن يُهدد بمخاطر كثيرة على مستقبل الوطن ووحدة المجتمع، ويؤدي إلى المزيد من الخسائر والانتهاكات ).

وثيقة المنامة واقعية ناقصة

على الرغم أن هذه الوثيقة جاءت بخطاب واقعي ومعتدل مغاير لخطاب القوى المتطرفة ، وتشخيص للازمة السياسية غير أن هذا التشخيص من حيث الواقع وتحديد المطالب جاء قاصرا من حيث القراءة السياسية للازمة ومن حيث تحديد الأهداف المرحلية وتلك الأهداف البعيدة المدى وصدرت على استعجال دون إجماع عليها ، إذ خلت وثيقة المنامة من هذه القراءة بل لم يرد بين سطورها إشارة لميثاق العمل الوطني . كما أن هذه الوثيقة وان كانت قد ( لخصت مطالب الغالبية العظمى للقوى المشاركة في الحركة المطلبية الذي بدأ في 14 فبراير 2011، في التحول إلى الديمقراطية مع الحفاظ على الملكية تحت شعار "الشعب يريد إصلاح النظام"، وانطلاقا من المبادئ السبعة التي أعلنها سمو ولي العهد في 13 مارس 2011 ) ، غير أنها لم تتطرق للأخطاء القاتلة التي واكبت حراك 14 فبراير وما صاحبه من شعارات وتحركات تصعيدية ،وعلى الرغم أن الوثيقة وهي على حق حين أشارت في بند (الطريق إلى الحل ) ( بأن محاولات إسكات المطالب الشعبية العادلة بالتحول إلى الديمقراطية عن طريق القمع المفرط، أو إهمال هذه المطالب وإغماض العين وسد الأذن عن صرخات الشعب المطالبة بالديمقراطية والمضي في إجراءات شكلية .... ، لم ولن ينل ثقة الداخل والخارج، ... ) غير أن الوثيقة تجاهلت أن محاولات التصعيد بسد الطرقات وحرق الإطارات وغيرها من الوسائل العنيفة والإصرار على أقامة المسيرات رغم عدم التصريح بها لأسباب تركن إليها أجهزة الأمن لمنعها وهي أسباب في معظمها تخالف ما هو مقرر لحق التجمع والتظاهر ، هي محاولات شأنها شأن استخدام أجهزة الأمن القمع المفرط ، لن ولم تنل ثقة الداخل والخارج بل أكثر من هذا أضرت و تضر بالمطالب العادلة وأسلوب النضال من أجل تحقيقها التي سجلتها وثيقة المنامة .

ولا ضير هناك أن تقر المعارضة بما هو خطأ في حراكها أو حراك التصعيد المتطرف إذ يقول المرحوم أحمد الذوادي بهذا الصدد (هناك العديد من الأمور التي تستجد على العملية السياسية، يتطلب التصدي لها ومعالجتها انتهاج أو ابتكار أساليب تراعي الوضع الراهن وموازين القوى ومواقف مختلف الأطراف الفاعلة، وبحيث تحافظ على ما تحقق من مكتسبات وتحول دون الانتقاص أو النيل منها ويمكن تحقيق ذلك بهدوء ومثابرة والاستفادة من الإمكانيات المتاحة. هي عملية سياسية تتطلب نفسا وجلدا ومرونة وأخذا وعطاء وإصرارا على ما هو صحيح وعدم الإصرار على ما هو خطأ أو ما يشوبه القصور، وهي مهمة كل من يتصدى للعمل السياسي ).


خطاب متطرف يتجاوز الواقع

في مقابل ذلك وفي ظل الواقع المشار إليه وفي تجاه معاكس لوثيقة المنامة فأنه لا يصلح لواقع البحرين السياسي ولا يناسبه خطاب بعض قوى الإسلام السياسي المتطرف ( أنصار ثورة 14 فبراير) ، أو ( إئتلاف شباب ثورة 14 فبراير) ، أو(التحالف من أجل الجمهورية) أو ( حركة أحرار البحرين) ، أو ما أطلق عليه (بتحالف المعارضة البحرينية من أجل التغيير) ، هذا الخطاب الذي تمثل كما جاء في بيان أنصار ثورة 14 فبراير في البحرين الصادر في 15 أكتوبر 2011 فيما سمته (مواصلة العمل الثوري والنضال والجهاد من أجل تقرير المصير والعمل على إسقاط الحكم بعد أن فقد شرعيته وإستحالة إصلاحه ، وإقامة نظام سياسي جديد ( ورفض وثيقة المنامة بالكامل ودعوة الشعب والجماهير بعدم التوقيع عليها لأنها حسب هذا البيان ( تعطي الشرعية للسلطة الخليفية ..... ، وسيساعد السلطة في التعرف على الموقعين على الوثيقة ومن ثم إعتقالهم ، كما سيساعد السلطة على معرفة الذين لم يوقعوا أيضا.)

كما يتمثل خطاب هذه القوى فيما أعلنته بتاريخ 28 يناير 2012 في لندن من تأسيس ما سمي بكيان جديد تحت مسمى ( تحالف قوى المعارضة البحرينية من أجل التغيير) إذ جاء في البيان الختامي لهذا التحالف ،( أنّ قوى المعارضة البحرينية قد توحّدت حول هدف استراتيجي واحد، وهو زوال الديكتاتوريةّ وإنهاء عهدها المعتم )
وانه حسب البيان ( لا مجال للتصالح مع هذا النظام اللاشرعي ) ، وأن مطلبه وهدفه الرئيس ( هو الدفع باتجاه حق تقرير المصير المجتمعة عليه كل فصائل المعارضة) معتبرا ومقلدا ما حدث ويحدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا بأن تحالفه هو ( نواة لتشكيل مجلس انتقالي لشعب البحرين ينقذه من براثن حكم النظام الديكتاتوري، ويؤسس لنظام دستوره العدالة الاجتماعية بعيدا عن الطائفية والإرهاب والتطرف ) .

وحسبنا أن نؤكد أنه على الرغم من الحملة المستمرة التي تقوم بها أجهزة الحكم في مواجهة حراك القوى السياسية المعارضة الداعية للإصلاح ومن أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وعلى الرغم أن معالجة الحكم للازمة قد انتقصت من المشروع الإصلاحي ومن مبادئ ميثاق العمل الوطني ومن المكاسب والحريات النسبية التي حققها ، فأن خطابا مثل خطاب ما سمي بتحالف ( قوى المعارضة البحرينية من أجل التغيير) سالف الإشارة إليه فضلا عن تجاوزه لواقع مجتمع البحرين ومكوناته ولميزان القوى فأنه لا توجد في البحرين تربة خصبة لمثل هذا الخطاب ، وهو تحالف يتجاوز قوى المعارضة المطالبة بالإصلاح حين يقرر أن خطابه ( باتجاه حق تقرير المصير) قد اجتمعت عليه كل فصائل المعارضة .

انه خطاب لا أجماع عليه ، ولن تحقق أهدافه حرق الإطارات والوسائل العنيفة الأخرى المرفوضة من مكونات الشعب ومن القوى الوطنية وشخصياتها التي تطالب بضرورة الخروج من الأزمة السياسية من خلال الحوار الجاد نحو أصلاح سياسي واقتصادي ينقل البحرين نحو تحول ديمقراطي حقيقي .


طبيعة المرحلة والخروج من الأزمة

إذن تمر مملكة البحرين اليوم بمرحلة بالغة التعقيد والصعوبة، محورها الصراع المحتدم بين القوى السياسية المعارضة التي تطالب بتحول ديمقراطي حقيقي يخرج البلاد من أزمتها السياسية ، وبين الحكم وأجهزته التنفيذية والقوى السياسية الموالية له ، الذي أعاد استخدام ذات الوسائل القديمة التي أستخدمها قبل المشروع الإصلاحي في ظل قانون أمن الدولة لمواجهة مطالب هذه القوى السياسية المعارضة ، ومع استمرار هذا الصراع ، فأن الخروج من الأزمة ، يظل مرهونا ، إلى حد كبير، بمدى قدرة طرفي الصراع في الوصول لحلول وسط من خلال حوار جاد يفتح فضاءات جديدة لتطور البحرين الديمقراطي الحقيقي ، ولا تعني هذه الحلول الوسط أن تتنازل قوى المعارضة عن مطالبها الرئيسة ، غير أن عليها أن تدرك وهي في خضم صراعها وهي تشخص طبيعة المرحلة الراهنة أن ميزان القوى كان وما يزال لصالح الحكم ، وأن هدفها الاستراتيجي في تحول البحرين إلى الديمقراطية ، إلى الملكية الدستورية هو طريق طويل ، وللوصول إلى الديمقراطية الحقيقية التي تنشدها المعارضة يحتاج لنفس وصبر وأناة أطول ويحتاج لتوافر العديد من المقومات الداخلية والخارجية ، وأن التحول الديمقراطي ، يظل من مفهومه حاملا لمفردة ( التحول ) أي هو مرحلة انتقالية تقوم على أساس ما تحقق من مكاسب وان كانت هذه المكاسب محدودة في ظل المشروع الإصلاحي ومبادئ ميثاق العمل الوطني ، فلا تصح القراءة الواقعية لطبيعة المرحلة التنصل من هذه الوثيقة التي وقع عليها شعب البحرين بأغلبية ساحقة أو القول بأن المشروع الإصلاحي قد انتهى أو مات أو أن ميثاق العمل الوطني لم يعد ملزما للشعب ، بل يصح القول أنه مكسبا له ، وأن حاد الحكم عن مبادئه أو التف عليها .

في مقابل ذلك فأن على الحكم أن يدرك أن الخيار الأمني وأن التعنت والتعسف ضد المبادرات التي تقوم بها الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني للدخول في حوار وطني جاد لن يخرج البلاد من أزمتها بل أن عليه أن يدرك انه من أجل التحول نحو الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية أهمية المشاركة الشعبية في صنع السياسات والقرارات ،وان يتخلى عن الوصاية الصارمة تجاه العمل السياسي والعمل الأهلي ، وان يرفع القيود المفروضة عليهما . وان يقوم بتنفيذ توصيات ونتائج تقرير بسيوني بما يتطلبه من تطبيق للعدالة الانتقالية بمفهومها الواسع ومن أبرزها أن يبادر الحكم رسميا بالاعتذار لضحايا التعذيب ولأسر الشهداء اللذين سقطوا جراء أحداث فبراير دون انتظار لحكم جنائي إذ أثبت تقرير بسيوني مسئولية الأجهزة الأمنية عن تعرض الكثير من أبناء البحرين للتعذيب خلال احتجازهم وسقوط بعضهم شهيدا نتيجة لهذا التعذيب ، أو نتيجة للاستخدام المفرط للقوة من قبل الأجهزة الأمنية ، إذ لا يمكن للتعويض المادي رغم أهميته أن يجبر الإضرار التي أحاقت بهم وبذويهم ، وإذا كان الحكم يطالب القوى السياسية المعارضة بإدانة صريحة للعنف ، فأن عليه أن يدرك أن هذه الإدانة لن توقف العنف ، ذلك أن للعنف أسبابه الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، إذ يشكل عدم استقرار الوضع المعيشي لدى فئات الشعب المختلفة وخاصة فئة الشباب سببا رئيسا لمظاهر العنف المختلفة الذي تشهده قرى البحرين .

أمام هذا الواقع السياسي في مجتمع البحرين ومكوناته وقواه الوطنية الممتد منذ إقرار ميثاق العمل الوطني وحتى اللحظة الراهنة تبرز الحاجة لان تتوحد القوى الوطنية المعارضة الساعية للإصلاح في المهام الواقعية المرحلية الشاخصة للخروج من الأزمة من أجل إعادة بناء الوحدة الوطنية ، ونحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية في تحقيق الديمقراطية والملكية الدستورية . يقول الدكتور حسن مدن في كلمته أمام المؤتمر العام السادس للمنبر التقدمي انه ( وفي ظل الاستقطاب الطائفي الحاد في المجتمع اليوم، فان ضرورة موضوعية تنشأ لإطلاق تيار وطني جامع من القوى والشخصيات العابرة للطوائف، لا ينطق باسم هذه الطائفة أو تلك، وإنما باسم كافة مكونات المجتمع، ليعمل على ترميم التصدع الذي أصاب المجتمع، ويبلور خطاباً وطنياً جامعاً يحشد حوله كل الداعمين لهذا التوجه، ونرى أن التيار الوطني الديمقراطي في البلاد بما يضمه من جمعيات سياسية ومؤسسات للمجتمع المدني ومن شخصيات وطنية، هو التيار المؤهل ليشكل نواة قوية لهذا التحرك(.

وفي ظل هذا الواقع السياسي فأن غياب الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي يضعف الحراك السياسي ، إذ تسجل كلمة الدكتور حسن مدن المشار إليها في هذا الصدد تأكيدا على ذلك ، إذ تؤكد الكلمة بحق على ( إن نقطة الضعف الجوهرية التي يُعاني منها الحراك السياسي في البحرين خلال السنوات الماضية، والتي تجسدت بصورة بالغة في التحرك الأخير، هي غياب أو ضعف الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي، بسب فشله في بلورة صيغة للعمل المشترك بين مكوناته المختلفة تميزها عن الأطروحات والمواقف الأخرى في المجتمع، وفق برنامج معبر عن القضايا المشتركة للشعب، كرافعة للعمل في سبيل الديمقراطية وآفاق الحداثة والتقدم، ومحاربة الفساد المالي والإداري والعبث بالمال العام، ومن أجل حياة حرة وكريمة لكافة مواطني هذا البلد ).

فهل يمكن للتيار الوطني الديمقراطي أن يكون نواة قوية لإعادة بناء الوحدة الوطنية بما يتطلبه هذا البناء من وجود تيار وطني جامع من القوى والشخصيات العابرة للطوائف ؟ وأن يبادر هذا التيار لمؤتمر عام يوحده في برنامج مشترك يتميز به عن غيره من قوى الإسلام السياسي دون انتقاص من الدور الوطني الذي تقوم به هذه القوى أو التنسيق معها على قاعدة ما هو مشترك في الملفات الوطنية ؟

الطريق للحل السياسي

تحدد كلمة الدكتور حسن مدن المشار إليها بوضوح الطريق للحل السياسي إذ تؤكد على :
أولا :كان يمكن لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، لو نفذت بشكل دقيق ومخلص، أن تشكل منطلقاً مهماَ لدفع البلاد نحو طريق الحل السياسي
ثانيا : أن الحل السياسي لن يتم إلا عبر حوار وطني جدي وشامل يتناول الأسباب العميقة المُولدة للأزمة، بالعودة إلى روح ونص ميثاق العمل الوطني ببناء الملكية الدستورية وأن هذا البناء يتطلب:

1- وجود سلطة تشريعية منتخبة كاملة الصلاحية وحكومة تمثل الإرادة الشعبية يقرها المجلس المنتخب وتخضع هي ورئيسها للمساءلة البرلمانية.

2- نظام انتخابي ديمقراطي عادل وشفاف بتوزيع منصف للدوائر.

3- إصلاح الإعلام وتحريره من الهيمنة الحكومية وإصلاح النظامين القضائي والأمني .

4- تحقيق مبدأ المساءلة والمحاسبة بشأن الانتهاكات ودعاوى التعذيب الذي يفرض ضرورة مساءلة وتقديم من قاموا بتلك الممارسات المشينة والتي أوضح بعضها تقرير لجنة تقصي الحقائق وقدمت نماذج منها أمام المحاكم، بغض النظر عن رتبهم ومواقعهم الإدارية إلى محاكم عادلة وضمان عدم إفلاتهم من المحاسبة القانونية إنفاذا للعدالة والإنصاف.

5- يظَّل التنفيذ الأمين والشامل لتوصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق مهمة تتطلب المتابعة والنضال على كافة الصُعد، وخاصة تلك التوصيات المتصلة بفتح التوظيف في قوات الأمن لكافة فئات المجتمع وفتح أجهزة الإعلام الرسمي لقوى المعارضة، وإلغاء الأحكام التي أصدرتها محاكم السلامة الوطنية، وعلى صلة بذلك أيضاً من المهم إغلاق الملف القضائي لأفراد الطاقم الطبي والأكاديميين والطلبة .

6- بذل جهود حقيقية وجذرية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية والشروع في تحقيق العدالة الانتقالية ضمن رؤية شاملة وعمل دؤوب تشترك فيه الدولة وكافة القوى السياسية والفعاليات المجتمعية .

التهدئة خطوة أولى للحوار نحو الحل السياسي

إذا كان حق التجمع والتظاهر السلمي قد كفله الدستور والقانون والمواثيق الدولية ، فأن الواقع في البحرين يشير إلى أن الأجهزة الأمنية قد انتهكت هذا الحق، ترتب عليه سقوط العديد من الضحايا ، وقد سجل تقرير بسيوني بوضوح وصراحة مثل هذه الانتهاكات منها على سبيل المثال ما جاء في البند ( ١١١٣ ) من هذا التقرير إذ ( وجدت اللجنة أن وحدات من قوات الأمن العام استخدمت بنادق الشوزن في كثير من الحالات رغم عدم وجود ضرورة. وبشكل عام، أطلقت وحدات من قوات الأمن العام النار من بنادق الشوزن على مدنيين في حالات لم يكن أفراد الشرطة فيها معرضين لخطر حال محدق يهدد إما بالموت أو بإصابة خطيرة ، وفي البند ( ١١١٢ ( ( بيّن فحص الأدلة التي قدمت إلى اللجنة أن وحدات من قوات الأمن العام التي شاركت في أحداث فبراير ومارس ٢٠١١ وما تلاها من أحداث،قد انتهكت، في مرات كثيرة، قاعدتي الضرورة والتناسب واجبتي التطبيق بشكل عام في الأمور المتصلة باستخدام القوة من جانب المسئولين المكلفين بإنفاذ القانون) .

وقد ساهم هذا الانتهاك لحق التجمع من قبل الأجهزة الأمنية في تجاوز بعض القوى السياسية لهذا الحق وخروجه عن السلمية في حالات عدة ، أدى إلى تزايد وتيرة العنف في أوقات وأماكن غير مناسبة ،وسقوط الضحايا ، كان أخرها سقوط الشاب الشهيد حسام الحداد .

وإذا كان من المتعارف عليه بأن المسيرة على عكس المظاهرة أو الاعتصام أو العصيان هدفها دائما هو توصيل رسائل إلى الجهات الرسمية في الدولة ، فأن المسيرات العديدة التي قامت بها المعارضة قد أوصلت تلك الرسائل بوضوح ، ومن ثم فأن إصرار قوى المعارضة على الاستمرار في إقامتها لا تخدم و لا تعزز من المطالب العادلة التي تسعى المعارضة لتحقيقها ، ويتعين إعادة النظر في إقامتها كخطوة هامة للتهدئة نحو حوار جاد مع السلطة ، على أن تبادر السلطة في مقابل ذلك بسحب مظاهر التواجد الأمني ونقاط التفتيش والتوقف عن الملاحقات الأمنية ، وأن ذلك لا يعني على الإطلاق تنازلا من قوى المعارضة عما كانت تدعو إليه وتطالب به في هذه المسيرات ، ولا يعني ذلك أيضا تنازلا من السلطة عما كانت تعتبره ضروري لحفظ الأمن الوطني.

فهل تبادر قوى المعارضة والسلطة لتنفيذ هذه الخطوة للدخول في حوار جاد نحو الحل السياسي ؟



#حسن_علي_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن علي إسماعيل - قراءة في واقع البحرين السياسي وقواه المعارضة