أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - التوازن بين مطالب الجسد والروح














المزيد.....

التوازن بين مطالب الجسد والروح


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طبيب نفسى كتب فى تعليقه على مقالى السابق، أن الغرب، خاصة أمريكا، فصلت تماما بين الدين والدنيا، وحولت الأمريكيين إلى كائنات تسعى لإشباع مطالب الجسد «طعام وجنس» وبالتالى فقدوا الطمأنينة التى يصنعها الدين، وانغمسوا فى الخمور والمخدرات لإشباع فراغهم الروحى، وأن فساد العالم يرجع لغياب التوازن النفسى الذى يصنعه الدين بين مطالب الجسد ومطالب الروح. هذه الفكرة تضلل العقول عن الأسباب الحقيقية للفساد الناتج عن النظام الطبقى الأبوى «العالمى والمحلى» هى فكرة قديمة، سادت فى مدارس الطب النفسى الأوروبى فى القرن التاسع عشر، وتم نقلها إلى مستعمراتهم ومنها إلى بلادنا.

درست الطب فى القاهرة، باللغة الإنجليزية من مراجع بريطانية يختلط فيها الدين بالطب، كتاب كانينجهام تعلمنا منه التشريح لم ترد فيه صورة أو كلمة واحدة عن وظيفة الأعضاء الجنسية للمرأة، باعتبار أن وظيفة المرأة حسب الكتاب المقدس هى أن تحمل وتلد فى الأسى، وتشتاق لزوجها وهو يسود عليها.

سيجموند فرويد من أوائل من كشفوا عن علاقة التعصب الدينى بالأمراض النفسية والعصبية، لكنه لم يتعرض لفكرة التوازن النفسى الناتج عن الدين.

الدراسات الجديدة أثبتت أن التوازن بين مطالب الجسد والروح يحدث طبيعيا للإنسان وكل الكائنات الحية، لأن الطبيعة لا تفصل بين الجسد والروح، وهناك فصائل من الأفيال والكلاب أكثر إخلاصا ووفاءا من بعض البشر. لا تؤمن الحيوانات بالأديان، لكن يمكن أن نغرس فى عقولها القيم الإنسانية النبيلة بالتربية والتعليم الجيد، فى القارات الخمس بلايين البشر لا يؤمنون بآلهة سماوية أو أرضية، لكنهم تربوا منذ الطفولة على الأمانة والصدق والعدل وغيرها من القيم النبيلة، التى تصنع الضمير الحى. المسألة إذن هى «تربية الضمير» منذ الطفولة وغرس القيم الإنسانية النبيلة فى العقول والنفوس، بعض الناس يؤمنون أن الضمير هو الله.

يحدث التوازن بين المطالب الجسدية والروحية بسبب الضمير الحى، وليس بسبب الخوف من نار الآخرة، يشعر الإنسان النبيل بالسعادة حين ينطق الصدق، أو يحكم بالعدل، أو يضحى برغبات جسدية من أجل المسؤولية الإنسانية والوفاء بالعهد فى حياته العامة أو الخاصة. يستمد الطفل والطفلة القيم الأخلاقية الرفيعة «أو الغليظة» من أمه أو أبيه أو المدرسين والمدرسات.

فى المدرسة الابتدائية ضربنى «الأفندى» بالمسطرة على أصابعى حتى تورمت لماذا؟ لأنى غضبت حين قال، الله خلقنى نصف الولد لأنى بنت.

أمى أكدت أن البنت مساوية للولد، وقد تفوقه ذكاء وخلقا، أبى قال الله عادل لا يفرق بين البشر.

لو كانت أمى أو أبى بعقلية المدرس لانتهت حياتى فى المطبخ والسرير، أو خادمة للأطفال والقطط فى البيوت.

العدالة بين البشر هى قمة الفضائل، تنغرس فى الأطفال بالتربية الصحيحة والتعليم الراقى، ولا علاقة لها بالأديان أو العقائد.. هل المسلم أكثر صدقا من المسيحى لمجرد أنه مسلم؟.. هل الزوج أكثر صدقا من زوجته لمجرد أنه رجل؟.. هل الرجل الاشتراكى أو الماركسى أكثر صدقا فى حياته العامة والخاصة من الرجال الآخرين؟

ينمو الضمير الإنسانى فى الطفولة المبكرة كالشجرة تنمو، يصبح إنسانا مستقيم الخلق أو معوجا، قد نعتنق «فى مرحلة متأخرة» عقيدة نبيلة من زملائنا بالحزب مثلا، قد تساعدنا على إلقاء الخطب الثورية وكتابة المقالات العظيمة والظهور كزعماء سياسيين أو دينيين، لكنها لا تغير الاعوجاج الأول، ولا تصنع إنسانا نبيلا يتمسك بالعدل والصدق وإن أدخلوه السجن أو حكموا عليه بالموت.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوس الدينى يواكب الهوس الرأسمالى
- حركة الإبداع الحر فى مصر والعالم
- امرأة ليس لها رأس
- الدستور المأكول وقلادات النيل
- سقوط الأب ونزاهة القاضى
- اغضبى وثورى ولا تستكينى
- لماذا لم تتحرر النساء المصريات؟
- نيوتن.. زويل.. باراك أوباما
- انطقوا الصدق فالتاريخ لن يرحمكم
- نساء ورجال نتاج الفساد
- البرادعى.. زويل.. المنقذ والتبعية
- الرئيس القادم.. الروحانية الصوفية والتحرش الجنسى
- تحت غطاء الصندوق العدالة عمياء!
- النساء والفقراء.. هل ينتخبون أعداءهم؟
- النيل يتدفق فى السويد رغم ظلم العالم
- علاقة الأخلاق بقطع أجزاء من الجسم؟
- أنتخب رئيساً يفتقد شجاعة التعبير؟
- ثغرة الدستور لتسريب «العدل» والنزاهة
- صوت المرأة ثورة
- رغم أنف «أبوالهول» وخطر الحماية


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوال السعداوي - التوازن بين مطالب الجسد والروح