أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - شوبتحكي- قصة














المزيد.....

شوبتحكي- قصة


جمال القواسمي

الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 17:59
المحور: الادب والفن
    


المشهد رقم 1
( شخص خمسيني يجلس على كرسي صغير من القش في مقهى وبجانبه أرغيلة، صوت صافرة الطوارئ.. ثم صوت هدير موج... الهدير يعلو تدريجيا ويتصاعد ليصير هدير تسونامي ثم فجأة تنتهي، فيجتاح المسرح موجة بشرية على المسرح ويمرون عن جانبي الرجل الخمسيني، ثمة اناس منهم يطلق عليهم النار قناصون بين الجمهور وبين البروجيكترات فيقعون قتلى ولكن اناساً كثيرين يهربون؛ تبقى جثتان او ثلاث على الأرض، يسقط بربيج الأرچيلة عن يد الخمسيني، ويقف الخمسيني ويرى الجثث؛ من الجهة الأخرى تأتي موجة جنود تتخلل المسرح والخمسيني، جندي منهم يعود ويجلس الخمسيني على الكرسي، يضع له رجلاً على رجل، ويعطيه الأرچيلة بيده، ويضرب له السلام العسكري ويختفي؛ الخمسيني ينظر اليه محتاراً متسائلاً وهو يحاول أن يتذكره.. جنود يشيلون جثة ويضعون مكانها نصبا للجندي المجهول؛ جنود يشيلون جثة أخرى ويضعون مكانها متحفاً للثورة، ويشيلون جثة ثالثة ويضعون بناية كُتِبَ عليها: مطعم دستور يا أهل الدار: طعام مجاني للفقراء).

المشهد رقم 2
(يدخل غريب، رجل خمسيني، معه حقيبة، يتأمل)
- يا الله! أتذكر اليوم الذي رحلت فيه عن الوطن. مررت من هنا بالضبط. هربنا من الجنود، داسونا.. كأنني... آه.. كأنني اعرف ذلك العجوز!!
(ثمة عجوز ثمانيني ملتح ٍ يجلس على الكرسي ذاته، بجانبه الأرچيلة ذاتها؛ الغريب يمرُّ ويقف على مسافة من العجوز. يحتار من الاتجاهات.. العمارات الثلاث المشهورة: نصب الجندي المجهول ومتحف الثورة ومطعم دستور يا أهل الدار كلها موجودة وسط غابة من البنايات. يقرؤ شعارات كتبت وراءه على أحد الجدران:
كل طريق يمشي فيه اثنان يكون الشيطان ثالثهما
اللي بقول شو بتحكي، اكيد بس بحب يشكي
صمت ثقيل. الغريب يدنو من الثمانيني.)

- حيَّا الله!!
- هناك..
- أيش هناك!؟
- حيَّا الله!!
- حيَّا الله بيك يا شيخ..
- قلت لك حيَّا الله هناك، في الجنوب..
- مش فاهم عليك يا شيخ
- الشيخ القرضاوي ولا رضوان ولا الغنوشي!؟ اي مدينة بدك: الثلاث باسماء شيوخ!!
- ما سألتك عن اماكن. أنت غريب يا شيخ!
- أنا غريب!؟ بعلمي أنت الغريب.
- أنا مغترب وعدتُ للوطن، لكن بعد ثلاثين سنة لا اقدر على تمييز البلاد ولا اسماء الاماكن..
- منذ الربيع تغيرت اسماء المدن والشوارع..
- سبحان الله!!
- سبحان الله من هناك..
- ما شاء الله!؟
- ما شاء الله، في الشمال..
- على وين رايح!؟
- وين بتروح هذه الطريق؟
- والله من عشرين سنة ما شفتها راحت متر واحد، لا للشرق ولا للغرب، لا للشبع ولا للأمان !
- ع وين بتودي، طيب؟
- بتودي دوغري دغري!!
- وين كمان الله يخليك؟!
- الله يخليك كمان في الجنوب، أرجع ورا.
- في بلد اسمها كمان!؟
- الله يخليك، الله يسامحك، الله يرضى عليك، الله يغضب عليك.. كمان الله، سيف الله، المسلول.. كل الاسماء تغيرت في هالبلاد.
- يا سلام!!
- كمان الله بتودي ع ياسلام..
- شو بتحكي!؟
- قرية شوبتحكي بعد ياسلام باتنين كيلو!؟ بس ما تروح عليها، الله يمحيها!؟
- ليش الله يمحيها!؟
- كل معارضي الحكومة عايشين فيها: يساريين وشيوعيين وليبراليين وكفار وفنانين ومفكرين وممثلين وفلاسفة وعلماء واصحاب مواقف ورأي. كان لازم سموها: الله يمحيها!!
- والله!؟
- والله؟! والله، واسم الله، وحيَِّا الله، ودار السلام، وضاحية السلام وماشالله والحمد لله وخيرالله ونجيب الله كلها قرى بتيجي بعد... بعد ياسلام..
- شو بتحكي!؟
- ما قلت لك من وين!! الله يمحيها!!
- شو بتحكي!؟
- لولاها، لكان الله راضي عنا وفي خير في هالبلد.
- لو الله مش راضي عنكم، كان محاكم محي!
- بلاش، بلاش حدا يسمعك تفكر زي اللي ما يتسموش!!
- والله!؟
- ما قلت لك : والله، واسم الله، وحيَّا الله... ودار السلام، وسمرقند وماشالله والحمد لله وخيرالله ونجيب الله...
- احمدك يارب، شكراً ياحج...
- الثنتين لقدام بس مش حذا بعض.
- ثنتين شو؟
- "احمدك يا رب" و "شكراً و ياحج..."
- لأ حج بتشكرك.. الله يرضى عليك..
- بتشكرك قرية مش حذانا... بس بلد الله يرضى عليك قبل واد الله يغضب عليك..
- قصدي أقول الحمد لله..
- الحمد الله؟ الحمد الله تلا خير الله ونجيب الله بس مش ع هالطريق.. وين رايح؟ ارجع، هذيك الطريق بتروح ع شوبتحكي، الله يمحيها.. الله يسامحك خليتني الفظها ع لساني!! ارجع، يبدو انه اطرش.. ما تروح من هذيك الطريق.. بصراحة، شوبتحكي مش مدينة! شوبتحكي سجن، محمية غير طبيعية.. رحمة الله عليه... يا عمي، رحمة الله من هذيك الطريق، مش هذه... لا حول ولا قوة إلا بالله.. هذه الحوقلة تنفع اسم مدينة، لكن للأسف لم تُبنَ بعد.. هذي ارض بكر ما حدا فاتها.. منيح اللي ما بنوها.. يسألوني عنها الناس وما اعرفش وين أدلُّهم!؟ .. ما يصير، الله اكبر!!! الله اكبر على الظالم... وهاي الله اكبر وين موجودة اصلاً.. بنعيش وبنموت واحنا بنتعلم.. وقتيش راح يفتحوا تكيِّة يا أهل الدار، أنا جوعان، كل الشعب جوعان.. الله يغضب ع اللي كان السبب!! شوبتحكي، الله يمحاكي ويمحق اهلك!!
15-8-2012



#جمال_القواسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس-نصٌّْ
- كابوس- قصةقصيرة
- ذكرى - قصة قصيرة
- يوم 5 حزيران
- كتابي- نص
- نظام- قصة قصيرة جداً
- كوب- قصة قصيرة
- أعدُّ - نصّ
- أميرة تريد أن تلعب- قصة قصيرة
- ظلم- قصة ق جداً
- تلخيص - قصة قصيرة
- كاتب فاشل - قصة قصيرة جداً
- ملِك - قصة قصيرة
- حمَّام- أقصوصة
- بيتي- قصة قصيرة جداً
- مباراة- أقصوصة
- أخر الأخر- أقصوصة
- اللحظات الأخيرة- قصة قصيرة
- خبر اسرائيلي- أقصوصة
- أجمل رواية- قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال القواسمي - شوبتحكي- قصة