أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالوهاب حميد رشيد - ميزوبوتاميا2، -العقيدة الدينية.. الحياة الاجتماعية.. الأفكار الفلسفية-















المزيد.....



ميزوبوتاميا2، -العقيدة الدينية.. الحياة الاجتماعية.. الأفكار الفلسفية-


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 10:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفصل الأول
البيئة الطبيعية
مقدمة في: تسميات بلاد الرافدين
اختلفت وجهات النظر بشأن اسم (العراق). يمكن مناقشة ثلاثة آراء متباينة في هذا الموضوع(1): الأول يرى أنه من أصل عربي بمعنى (الشاطئ- الجرف) وسفوح الجبال المتاخمة لأِطرافه الشمالية والشرقية. وكان أهل الحجاز يُسَمّون البلاد القريبة من البحر (عراق). وسُمّي العراق لتواجد عروق الشجر والنخيل. وهناك رأي شبيه ينسب اسم (العراق) إلى الصخور والمرتفعات الصخرية غرب البلاد الضاربة عروقها في الأرض، والعراق من العرق بمعنى الأصل والجذر(2). ويربط الثاني اسم العراق بِأصل فارسي مشتق من (ايراه)- الساحل ثم عُرِّب إلى (إيران) و (عراق)، أو مأخوذ من الكلمة الفارسية (ايراك)- البلاد السفلى. ويقرن الثالث هذه التسمية بالتراث اللغوي الحضاري السومري أو قوم آخر قبلهم (الفراتيون) مشتق من كلمة (مستوطن) ولفظها (اوروك) URUK أو (اونوك) UNUK، وهي اللفظة التي سُميت بها المدينة السومرية المعروفة (الوركاء) ومدن سومرية أُخرى(3). ورغم ما يُقال عن ضعف هذا الرأي بدعوى أن الاسم لم يطلقه سكان العراق القدماء على البلاد كلها، إلا أنه يبقى جديراً بالاعتبار، لأِن الموضوع هو البحث عن أصل لفظة (العراق) التي ربما أُطلقت جزئياً ثم اتسعت ارتباطاً بظاهرة النمو والإرتقاء، خاصة وأنه من غير المتوقع من سكان العراق القدماء إطلاق هذا المصطلح ( العراق) على البلاد كلها في ظروف غياب مفهوم الدولة الحديثة.
ويبدو أن بلاد سومر SHUMMER أقدم تسمية معروفة أُطلقت على المنطقة الواقعة في أقصى جنوب البلاد، وتعني بلاد القصب. ومنذ أواسط الألف الثالث ق.م عندما تأسست مدينة اكد عاصمة للدولة الاكدية أُطلق على القسم الأوسط من العراق بدءاً من شمال بغداد قليلاً إلى جنوب مدينة بابل اسم (بلاد اكد). ومنذ مطلع الألف الثاني ق.م استخدم مصطلح (بلاد بابل) نسبة إلى مدينة بابل للدلالة على بلاد سومر واكد.. بينما سُمّي الجزء الشمالي بـ (بلاد آشور) نسبة إلى عاصمتها و/ أو إلهها آشور، وعُرفت قبل مجيء الآشوريين بـ (بلاد سوبارتو)، وسمّاها البلدانيين بـ (الجزيرة)، كما عُرف السهل الرسوبي بـ (السواد) لكثرة وامتداد خضرته(4).
ويرى بعض المؤرخين أن استعمال الكلمة (عراق) ورد في العهد الكشي- العصر البابلي الوسيط- منتصف الألف الثاني ق.م، وأن أوضح استعمال شاع لهذا المصطلح بدأ في القرنين السادس والخامس ق.م حين أخذ استعماله يظهر في العصر الجاهلي(5). وهناك من يرى أن أول استخدام لمصطلح (العراق) يرقى تاريخه إلى فترة الاحتلال الساساني (226- 637م) وتكرر استخدامه في الشعر الجاهلي، لكنه لم يحمل معناه الحالي، بل اقتصر على الأقسام الوسطى والجنوبية للعراق الحديث. كذلك استخدم اسم (كلدية) CHALIDIA، أي بلاد الكلدانيين للدلالة على بلاد بابل فقط. وكان البلدانيون ينعتونه أحياناً بـ (العراق العربي) تميزاً عن (عراق العجم)- الجزء الجنوبي من إيران(6). وفي زمن ما بين القرنين الرابع والثاني ق.م ظهر استعمال الكتاب الأغريق والرومان لمصطلح (ميزوبوتاميا) MEZOPOTAMIA للدلالة على المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات من الشمال إلى حدود بغداد تقريباً، وتُقابل مصطلح (الجزيرة) عند البلدانيين، ثم شاع استخدام لفظة (ميزوبوتاميا) للدلالة على العراق كله. وبعد ترجمة التوراة إلى اللغات الأوربية المختلفة، استُخدم هذا المصطلح بالمعنى نفسه الشامل لكل البلاد(7).
ومع أن بلاد الرافدين تعني من الناحية اللغوية أرض ما بين النهرين (دجلة والفرات)، واتسعت جغرافياً لتشمل العراق بعامة، فهي تمتد إلى منطقة أكثر اتساعاً، لتتجاوز جانبي النهرين ولا سيما باتجاه الجنوب الشرقي، وتمتد عميقاً في بلاد إيران الحالية، وتؤلف سهلاً واسعاً يبلغ طوله ستمائة ميل من جبال ارمينيا في الشمال الشرقي إلى الخليج العربي في الجنوب، وينتهي غرباً بالصحراء السورية. أما في الشرق فتحده الأراضي الإيرانية المرتفعة(8).

1- الموقع والمناخ
رغم أن الإنسان يشكل العامل الحاسم في بناء الحضارة، فمن الصعب إهمال دور البيئة الطبيعية وأهميتها في التأثير عليه وعلى حضارته، وبالنتيجة يعتبر بناء الحضارة حصيلة تفاعل مشترك بين الإنسان وبيئته(9). ومن المعلوم تعاظم تأثير البيئة الطبيعية بعواملها الجغرافية المختلفة كمقرر لسير الحضارة واتجاهها مع بداية هذه المسيرة، لذلك كانت آثار البيئة الطبيعية أكثر وضوحاً وقوة في العصور القديمة.
يقع العراق في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا. ويجري على طوله نهراه التوأمان (دجلة والفرات) من الشمال إلى الجنوب ليلتقيا في نهر واحد (شط العرب) الذي يصب في الخليج العربي بعد أن يمد الأرض بينابيع الحياة على جانبيه من حقول الحبوب والخضار وبساتين الفواكه وأشجار النخيل الباسقة، لتصبح من أخصب سهول الدنيا وأغنى بقاع الأرض. حتى قيل فيها "أن الإنسان استمد تصوره لجنة عدن، وهي غاية أرض النعيم، من مناظر المزروعات التي شهدها في أرض العراق(10)." وكان لموقع العراق الجغرافي أثر مهم في سير تاريخه سواء من ناحية الطقس والمناخ والزراعة والحياة الاقتصادية بوجه عام أو من ناحية تركيب سكانه التاريخي واتصالاته بالبلدان الأخرى المجاورة. تجسَّد أثر الموقع في مناخه بظهور أُولى القرى الزراعية، فكانت أعظم ثورة اقتصادية نقلت البشرية من عصر جمع القوت إلى عصر انتاج القوت وبداية ظهور التجمعات البشرية قبل أكثر من عشرة آلاف سنة. كما أن وقوع السهل الرسوبي- مهد الحضارة- بين منطقتين جغرافيتين تفتقران إلى الموارد الزراعية والمائية (المنطقة الجبلية في الشمال والشمال الشرقي، والمنطقة الصحراوية في الغرب والشمال الغربي)، شكّل أبرز ظاهرة في تاريخ وادي الرافدين، تمثلت في تتابع الهجرات البشرية إلى أرضه في مختلف العصور التاريخية(11).
لم تطرأ تغيرات جوهرية على أحوال البلاد المناخية منذ أن استوطن الإنسان السهل الرسوبي في الجنوب ما بين الألف السادس والألف الخامس ق.م. ونظراً لموقع البلاد في القسم الجنوبي من المنطقة المعتدلة، لذلك يوصف مناخه بِأنه من نوع مناخ الانتقال بين مناخ منطقة البحر المتوسط المعتدلة ومناخ المنطقة الصحراوية الحارة. وبصفة عامة يتصف المناخ في العراق أنه قاري شبه مداري، ويتميز بالتنوع تبعاً لاختلاف أقسام البلاد الطبيعية. وهنا يمكن ملاحظة ثلاثة أنواع متميزة: مناخ البحر المتوسط، مناخ السهوب، والمناخ الصحراوي. مناخ المنطقة الجبلية- شمال وشمال شرق العراق- يماثل مناخ البحر المتوسط، حيث الشتاء بارد ممطر وبمعدل 40- 100 سم، مع سقوط الثلوج أحياناً وتراكمها فوق سفوح الجبال العالية (بحدود8000- 11500 قدم)، وانخفاض الحرارة إلى دون الصفر في أوقات عديدة، فيما يتصف الصيف باعتدال الحرارة وندرة ارتفاعها عن 35 درجة مئوية. النوع الثاني من المناخ يسود المنطقة المتموجة شبه الجبلية (السهوب)، وهو انتقالي بين مناخ البحر الأبيض المتوسط وبين المناخ الصحراوي. ويتراوح معدل سقوط الامطار فيها بحدود 20- 40 سم سنوياً تساعد على قيام حياة رعوية. بينما يسود الثالث- المناخ الصحراوي- السهل الرسوبي والهضبة الغربية (البادية). ويمكن أن تصل الحرارة صيفاً الى 50 درجة مئوية، وينخفض معدل سقوط المطر إلى 5- 20 سم سنوياً. عليه فالمناخ العام في العراق صحراوي لأِن الهضبة تشغل أكثر من نصف مساحة البلاد. كما تسقط الأمطار اعتيادياً خلال فصل الشتاء وأوائل الربيع وتقل كمياتها في الخريف. ويمكن اعتبار الخط المطري بمعدل 30 سم سنوياً الحد الأدنى للزراعة المطرية. وتزداد كمية سقوط المطر مع الاتجاه من الجنوب نحو الشمال الشرقي لتتدرج من خمسة سنتمرات إلى مائة سنتمتر في السنة كما أنها تختلف من سنة لأِخرى(12).
أما الرياح فأغلبها شمالية غربية تهب اثناء معظم أيام السنة ولها تأثير مهم على المناخ لحرارتها المنخفضة وتلطيفها الجو في فصل الصيف. بينما تهب الرياح الشمالية والشمالية الشرقية خلال فصل الشتاء ويصحبها انخفاض شديد في درجات الحرارة وتسبب أضراراً بالغة بالمنتجات الزراعية لا سيما الحمضيات وأشجار النخيل. أما الرياح الجنوبية الشرقية فتكون دافئة ورطبة نسبياً. كما تهب على جنوب العراق رياح جنوبية حارة ورطبة تحدث أحياناً حرّاً خانقاً. وتسبب الرياح أحياناً عواصف ترابية تتلف المحاصيل الزراعية خاصة الصيفية ويكون هبوبها في الربيع والصيف حيث الأرض جافة والأمطار معدومة أو نادرة(13).

2- الأقاليم السطحية
يمكن تمييز أربعة أقاليم سطحية في العراق: المنطقة الجبلية وشبه الجبلية، منطقة الجزيرة، البادية الغربية، السهل الرسوبي. وهي متموجة في الشمال، تتخللها الوديان العميقة في الوسط، ومنبسطة في الجنوب، في حين أن المنطقة الصحراوية تحد كامل الشاطئ الغربي للفرات وتمتد لمئات الأميال داخل شبه الجزيرة العربية(14).
تغطي المنطقة الجبلية ومرتفعاتها المتموجة 20% من مساحة البلاد الكلية، تمتد في جهات البلاد الشمالية والشمالية الشرقية لغاية حدودها المشتركة مع إيران وتركيا وسوريا، وتتلاشى عند حدود السهل الرسوبي والهضبة الصحراوية جنوباً وغرباً. تبدأ المنطقة المتموجة من سفوح الجبال إلى الغرب والجنوب الغربي من المنطقة الجبلية وتستمر في اتجاهها عِبْرَ دجلة حتى حدود سوريا غرباً وحافة الهضبة الغربية في الجهة الجنوبية الغربية. وتتألف حدودها الجنوبية من سلاسل جبلية واطئة مثل سلسلة جبال حمرين وجبال مكحول والعطشان وتلعفر وسنجار. وهي صالحة للزراعة ولا سيما في أقسامها الشمالية حيث يبلغ معدل سقوط المطر 50 سم سنوياً، مقابل 20 سم في أقسامها الجنوبية. وتتخلل المنطقة وديان وسهول مثل سهل شهرزور وسهل رانية وسهل كركوك وسهل أربيل وسهل مخمور (تُقدر مساحتها زهاء ربع مساحة المنطقة)، واشتهرت بزراعة الحبوب، خاصة القمح والشعير معتمدة على الأمطار الشتوية. كما تخترق المنطقة كافة روافد دجلة وتمده بحوالي 70% من مياهه(15). وتجري باتجاه الانحدار العام للأراضي التي تسير فوقها إلى الجنوب الغربي، وهذه الظاهرة وفَّرت فرص الاستفادة منها في العصر الحديث ببناء خزانات المياه والسدود (مشروع دوكان على الزاب الأسفل ومشروع دربندي خان على ديالى)، وتتميز بوفرة مياهها من أمطار غزيرة وينابيع وفيرة. وهذه البيئة ساعدت على نمو أشجار الفاكهة والحبوب في السهول والوديان، وانتشار الغابات على سفوح الجبال وتكاثر الحشائش والنباتات الطبيعية الأُخرى وغير ذلك من مستلزمات الحياة، علاوة على كثرة الكهوف والمغارات التي اتخذ إنسان العصور الحجرية منها مأوى التجأ اليها منذ القدم (مرحلة جمع القوت). ثم طور إنسان الكهوف حياته عندما أخذ يستغل الأرض بمزاولة الزراعة وتربية الحيوان. وهذه الظروف الملائمة شجعته على ترك حياة الكهوف واللجوء إلى المستوطنات المكشوفة تدريجياً وممارسة حياة الزراعة المستقرة، فظهرت أُولى القرى الزراعية في العصر الحجري الحديث(16).
الجزيرة، كما سبق الحديث، مصطلح جغرافي، أطلقه المؤرخون والجغرافيون على أرض ما بين الرافدين العليا، وهو يرادف التسمية الأغريقية (ميزوبوتاميا) في مفهومها الضيق القديم(17). وتمتد بين مرتفعات مكحول سنجار شمالاً والسهل الرسوبي جنوباً ومجرى الفرات والحدود السورية غرباً وجبال حمرين شرقاً. والغالب في استعمال البلدانيين العرب أن الجزيرة تبدأ إلى الشمال من الخط المار بين الفلوجة أو هيت على الفرات إلى سامراء- تكريت على دجلة(18). يتراوح ارتفاعه بين 325 م عن سطح البحر في الشمال وبين مستوى سطح البحر قرب بحيرة الثرثار. ويستغرق كامل الـ 250 ميلاً التي تفصل بين دجلة والفرات(19). ويتكون سطحها من أراضٍ منبسطة تتخللها هضاب وروابي وكثبان رملية وأحواض وبحيرات وأودية ومنخفضات أهمها منخفض الثرثار (المصرف الرئيس لمياهه بطول 300 كم ومعدل عرضه 45 كم). تم تحويل هذا المنخفض إلى خزان كبير لحفظ مياه دجلة وإنقاذ المدن والمزارع بما فيها بغداد من الغرق بعد إنشاء سدة سامراء (1956) نتيجة شق قناة طولها 40 كم لتحويل مياه الفيضان من دجلة نحو المنخفض، وتم إيصال هذا المشروع بترعة تربطه بنهر الفرات شمال مدينة الفلوجة (1977). وتزخر الجزيرة بكثرة مصادر مياهها من أمطار كافية للزراعة ومياه جوفية وفيرة هيأت لها الازدهار منذ عصور ما قبل التاريخ، دليل ذلك التلال الأثرية الكثيرة المنتشرة فيها. واشتهرت منذ أقدم الأزمنة كونها من مناطق الاتصال المهمة بين العراق وسوريا وموانئ البحر المتوسط وبلاد الأناضول، وكانت من المصادر الرئيسة لهجرات القبائل من الجزيرة العربية إلى العراق(20). وأصبحت الجزيرة قلب المملكة الآشورية، وشكَّلت جبالها المحيطة بها إلى الشرق والشمال الشرقي "مصدراً دائماً للنزاع بين حكام وادي الرافدين وبين سكان الجبال من البرابرة الذين دأبوا على التطلع بطمع نحو السهل المزدهر القريب وتهديده(21)."
تقع هضبة البادية (الهضبة الصحراوية- هضبة البادية الغربية) غرب العراق وتحتل أكثر من نصف مساحته الكلية (60%) ويتراوح ارتفاعها في حدود 100- 1000م عن مستوى سطح البحر. وهي جزء متمم من بادية الشام وتمتد إلى قلب الجزيرة العربية. يخترق المنطقة نهر الفرات من الشمال الغربي باتجاه الجنوب الشرقي. وتسقط أمطار قليلة بعنف في فترات قصيرة. تربتها كلسية أو رملية لا تساعد على نمو النباتات إلا في الواحات. يتخللها عدد من الكثبان الرملية، وتنتهي بمنخفضات واسعة (الحبانية، هور أبو دبس، الثرثار). شكلت تاريخياً مصدراً رئيساً لهجرات القبائل من الجزيرة العربية(22).
يقع السهل الرسوبي وسط وجنوب العراق ومساحته خمس مساحة البلاد (20%)، طوله زهاء 650 كم ويتسع عرضه إلى 140 كم ويضيق جنوباً إلى 45 كم. يتميز تربته الغرينية بخصوبة متناهية متجددة سنوياً وسميت بـ (أرض السواد) لكثرة نباتاتها. ويمتد على شكل مستطيل من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وهو عبارة عن دلتا كبيرة تبتدئ مع وصول نهري دجلة والفرات إلى منطقة هيت- سامراء وتتحدد بالمنطقة الجبلية شرقاً والبادية غرباً وينتهي بالتقاء النهرين. ويتراوح ارتفاع السهل بين 100 م فوق سطح البحر وبين مستوى سطح البحر، لذلك يقل إنحدارهما مع الاتجاه جنوباً. ويلاحظ على بداية السهل ارتفاع وادي الفرات بالنسبة إلى وادي دجلة، بينما تنعكس هذه الظاهرة في الجنوب عند منطقة الكوت- الناصرية ليبدأ وادي دجلة بالارتفاع قليلاً مقارنة بوادي الفرات. تنبَّه العراقيون قديما إلى هذه الظاهرة فشقوا جداول كثيرة من الفرات باتجاه دجلة من فوق بغداد قرب الفلوجة، بينما أقاموا مشاريع الري في الجنوب من دجلة باتجاه الفرات، وهذا ما حصل حديثاً أيضاً كما في مشروع سدة الكوت (1937). وكانت لهذه الظاهرة علاوة على ظاهرة أن نهر الفرات أقل عنفاً في فيضانه من دجلة أثر مهم في تاريخ الاستيطان في السهل الرسوبي ونشوء الحضارة التي تركزت في وادي الفرات دون دجلة(23).
وفي القسم الجنوبي من دلتا النهرين تقع مناطق الأهوار التي تكون جزءاً متميزاً من سطح العراق وتشكل زهاء 15 الف كم2، ويعيش سكانها حياة بدائية مكيفة بصورة عجيبة إلى هذه البيئة الطبيعية الغريبة(24). "وقد كونت هذه المنطقة ببحيراتها الضحلة التي لا تُحصى، بمسالكها المائية الضيقة المنغلقة في غابات البردي الكثيفة، بثروتها الحيوانية الكثيرة من الجاموس والخنازير والطيور البرية والأسماك، ببعوضها وحرارتها الخانقة، واحدة من أكثر مناطق العالم غرابة ومتعة وفتنة… وفي الحقيقة فإِن (المعدان)- أو عرب الأهوار- ما زالوا يحتفظون لدرجة ما بإسلوب حياة السومريين الأوائل الذين استوطنوا حافات هذه المستنقعات منذ أكثر من خمسة آلاف سنة(25)."
وهكذا يتبين أن البلاد في إطار هذه الوحدة الظاهرية تبدوا وكأنها أرض المتناقضات، فحتى على اعتبار السهوب الشمالية مقابل المستنقعات والأهوار الجنوبية مجرد تنوعات منطقية (إقليمية) للسهل الرسوبي الكبير، يبقى هناك بوناً شاسعاً بين طوبوغرافية ومناخ السهل الرسوبي والمنطقة الجبلية. "فطوال العهود التاريخية المختلفة للعراق القديم يمكننا أن نلاحظ نشوء تعارض بين بلاد سومر واكد (المملكة البابلية) من جهة وبلاد آشور من جهة أخرى، والذي تكشف عنه وجود التمايزات الحضارية التي تظهر أحياناً صريحة وحادة تُعبر عنه الصراعات الطاحنة(26)."

3- الأنهار
نشأت الحضارات الأُولى الأصيلة قرب ضفاف الأنهار ومصبات المياه، تتقدمها حضارة وادي الرافدين التي ازدهرت منذ عصور ما قبل التاريخ. فعلى ضفاف النهرين وروافدهما تأسست أُولى القرى الزراعية، ومهدت الحياة الزراعية بدورها لظهور أقدم الحضارات البشرية. علاوة على الدور العظيم للرافدين في المواصلات الداخلية ونقل التأثيرات الحضارية للبلدان المجاورة(27). وتنطبق المقولة الشهيرة للمؤرخ الأغريقي هيرودوتس (مصر هبة النيل) على وادي الرافدين، لأِنه هبة النهرين التوأمين: دجلة والفرات. فمنذ عصور ما قبل التاريخ قام النهران بترسيب كميات هائلة سنوياً من الطمى والغرين في قاع من الصخور الرسوبية يمتد من الشام حتى المرتفعات الإيرانية، "وصنعا وسط الصحارى سهلاً لا يُضارعه بالحجم والخصوبة أي سهل آخر على إمتداد الألفين والثمانمائة ميل من الأرض المجدبة المحصورة بين النيل والسند(28)."
ورغم المشكلات الضخمة التي خلقها النهران من فيضانات مدمرة وترسبات وملوحة، والجهود الجماعية الخارقة التي تطلبت مواجهتها، بقي السهل الذي يرويه دجلة والفرات أرضاً زراعية غنية حتى الوقت الحاضر، مع أنه كان أكثر غنى في الأزمنة الغابرة قبل أن تطرأ عليه تصحر واسع النطاق. وكان بوسع سكان وادي الرافدين القدماء العيش بيسر على المحاصيل الزراعية من إنتاج أرضهم الطيبة التي يخترقها النهران العظيمان واللذان خصهما الأسلاف الاوائل بالتقديس والتعظيم واعتبروهما من جملة آلهتهم. وتتوافر مادة تاريخية مهمة عن مشاريع الري القديمة في النصوص المسمارية، علاوة على آثار مشاريع الري القديمة، وهي توفر معلومات تاريخية حضارية جديرة بالاعتبار خاصة عند إقامة مشاريع الري الحديثة(29).
ليست تسمية النهرين من أصل سومري أو جزري، بل هي من تراث لغوي لقوم مجهول، وربما تعود إلى أُولئك الاوائل الذين عاشوا في أقصى جنوب السهل الرسوبي قبل السومريين ممن سموا بـ (الفراتيين). وترد عدة صيغ مسمارية في تسمية كل من النهرين مثل ادكنا IDIGNA، ادكلات IDIGLAT أُشتق منها الاسم العربي لنهر دجلة: الجاري/ الراوي. و (بوراتن) BURANAN، بوراتيBURATI أُخِذ منها الاسم العربي لنهر الفرات: الرافد/ الماء العذب(30).
يستمد نهرا دجلة والفرات مياههما من بلاد اوراتو (ارمينيا): الأول من بحيرة (وان) والثاني من جبال (ارارات). يجريان في اتجاهين متعاكسين ويخرجان من هضبة الاناضول عِبْرَ ممرين شديدي الإنحدار. بعد خروجه من مرتفعات تركيا الجنوبية الشرقية، يشكل نهر دجلة الحدود التركية السورية لمسافة 35 كم، ثم يواصل مسيره بطول 6 كم على الحدود العراقية السورية ليدخل الأراضي العراقية إلى الجنوب من قرية فيشخابور العراقية/ بلدة ، ويلتقي بروافده تباعاً (الخابور، الزاب الكبير، الزاب الصغير، العظيم، ديالى). أما الفرات فيدخل الأراضي السورية أولا (قرب مدينة طرابلس- كركميش) ثم الأراضي العراقية عند قرية الحصبة. ويقع نحو 45% من مجموع حوض النهرين داخل العراق، وبواقع 1200 كم من طول الفرات و 1418 كم من طول دجلة(31).
وعند ظهورهما من منابعهما في جبال طرورس يبتعدان بمسافة 250 ميلاً ثم يقتربان لتصل المسافة بينهما إلى حدود 20 ميلاً قرب بغداد، ثم يبتعدان مرة أخرى ويلتحمان عند كرمة على بعد عشرة كيلومترات شمال البصرة ونحو خمسين كيلو مترا جنوب القرنة، بعد أن كان النهران يلتقيان عند مدينة القرنة قبل حوالي مائة عام. ومن التقاء دجلة والفرات، مضافاً اليهما نهر الكارون، يتكون شط العرب بطول 204 كم وعرض 400 م عند مدينة العشار و 1500 م عند مصبه في الخليج، وتستطيع البواخر الكبيرة أن تسير فيه. وتفيد ظاهرة المدّ في تسهيل الملاحة والري(32).
يختلف الفرات عن دجلة في مياهه وقلة تقلباته وقت الفيضان وزيادة طوله ومن ثم مساحة حوضه (444 ألف كم2) على مساحة حوض دجلة (340 ألف كم2). وهذا يعني أنه يغمر مساحات أكبر من الأراضي، وبذلك تميز الفرات بقدرات أكبر في مجال الزراعة والملاحة والاتصال الحضاري بين مدن العراق القديمة(33).
علاوة على أثر موقع العراق الجغرافي في مناخه وطقسه، كذلك المعروف عن نظام أنهاره: عدم انتظام فيضاناتهما، عنف هذا الفيضان، وعدم ملاءمته لمواسم الدورة الزراعية، لأِن فيضان النهرين مجتمعين في شهري نيسان وحزيران، متأخر جداً بالنسبة للمحاصيل الشتوية ومبكر أكثر من اللازم للمحاصيل الصيفية. وكان المزارع في وادي الرافدين يواجه خطرين مريعين أكثرهما غدراً يتمثل في ملوحة التربة، ويتأتى الثاني من المعدل الهائل والمتقلب لفيضان النهرين(34).
تحمل أنهار العراق، لا سيما دجلة والفرات، كميات جسيمة من الترسبات (الطمى والغرين) قُدرت بحدود عشرة بلايين طن سنوياً وهي تعادل من ثلاثة إلى خمسة أمثال ما يحمله النيل سنوياً، يترسب 90% منها في الأهوار ويترسب الباقي (10%) في شط العرب والخليج العربي (35). وتسبب هذه الترسبات مشاكل جَمَّة وخطيرة تقود إلى ارتفاع قاع الأنهار والتأثير في التصريف الداخلي للمزارع وتكون الجزر الرملية في مجاريها وازدياد خطر الفيضان. ومن جهة أُخرى أدت إلى تقليل سعة الجداول وقنوات الري والاضطرار إلى إهمالها لتعذر تطهيرها وكريها بصفة مستمرة، وليصبح شق جداول وقنوات جديدة أسهل وأقل تكلفة من تطهير تلك القديمة.
تُعتبر ملوحة التربة وبالذات في السهل الرسوبي من المشاكل الخطيرة التي جابهت العراقيين القدماء، وهي مستمرة حتى الوقت الحاضر في تهديدها لتربة منطقة الري. ومع أن هذه المشكلة ملازمة لنظام الري نفسه بسبب الأملاح المحمولة بمياه الأنهار، فهي بالنسبة للعراق تزداد خطورة وتعقيداً، خاصة في ظروف طبيعة الفيضانات المتأخرة وشدة الحرارة العاملة على سرعة التبخر وضعف جهاز التصريف (البزل)."لذلك فالمياه المتبخرة تترك خلفها مساحات بيضاء يخالها المرء في عز الصيف ثلوجاً(36)." وكانت ملوحة التربة باعتقاد العراقيين القدماء من الآفات العقابية التي تسلطها الآلهة على البشر جراء شرورهم وآثامهم، وطريقة إِلهية لإفنائهم- قصة الطوفان(37). ورغم أن السومريين عرفوا نظام التبوير- ترك الأرض وإراحتها لموسم زراعي أو أكثر(38)، لكنهم لم يتوصلوا لإكتشاف طريقة التصريف (البزل) لمعالجة الملوحة(39).
ذكر بعض الباحثين أن ملوحة التربة بدأت بالظهور منذ أواخر عصر فجر السلالات، بعد العام 2400 ق.م. وكانت من العوامل الحاسمة في تدهور السلطة السياسية، ثم زوالها من السومريين وانتقال الازدهار العمراني إلى الوسط والشمال من سومر. وتشير نتائج التحريات التاريخية عن هذه المشكلة(40)، أن الوثائق الإدارية الخاصة بالزراعة في مدينة لكش السومرية (تلو- جنوب قلعة سكر- منطقة الناصرية على الفرات) أواخر عصر فجر السلالات تكشف عن ظهور الملوحة وتناقص الغلَّة الزراعية. زادت أخطارها بمرور الزمن وانتشرت إلى المنطقة الوسطى (بلاد اكد) في حدود 1200- 600 ق.م(41).
بذل سكان وادي الرافدين جهوداً شاقة لترويض هذه البيئة النهرية، واستطاعوا منذ أقدم العصور مواجهتها بالطريقة الطبيعية لتنظيم مياه الفيضان بشبكة من القنوات والمخازن والسدود والنواظم. إنعكست آثار هذا الصراع البشري مع الطبيعة في ظهور أُولى المجتمعات السياسية. بل أن جهود أُولئك الرواد برزت بتحويل بيئة وحشية عنيفة من الأهوار والمستنقعات والأحراش إلى بيئة مِعطاءْ(42). ويذكر Jacquetta Hawkes (ص23): أن الزائر لمنطقة سومر في الصيف لمهد الحضارة- حيث لم يتبدل المناخ منذ الألف الرابع ق.م- فإنه سيصاب بالدهشة والرعب.. ويقول كافن يونغ في كتابه العودة إلى الأهوار " تشكلت هذه الحضارة العظيمة في ظروف غير ملائمة، على حافة الأهوار- وحتى في وسطها...، وحيث تصل درجة حرارة الصيف إلى 120 ْ فهرنايت مصحوبة برطوبة كثيفة تجعل التنفس، فضلاً عن العمل البدني، أمراً في غاية الصعوبة".
وهذه البيئة القاسية وآثارها المدمرة، بقدر ما كانت عاملاً مهماً في نشوء الحضارة، ساهمت أيضاً بزوالها تدريجيا في ظروف عقيدة القوم التي نبعت من هذه البيئة. تجسَّدت حصيلة الفيضانات المدمرة والملوحة، وتحول مجرى النهرين في واحدة من نتائجها الخطيرة، في ظاهرة متكررة هي ترك مناطق الإستيطان القديمة والإنتقال لأِراضٍ جديدة لشق وبناء مشاريع ري جديدة، بما رتبتها هذه الظاهرة من التأثير باتجاه عدم الاستقرار السكاني والسياسي(43). "كما شكلت... عوامل كمنت فيها جذور الحرب الأهلية والوحدة السياسية على السواء(44)."
من المعروف أن حضارة وادي النيل تضاهي حضارة وادي الرافدين من حيث القِدَمْ والاعتماد على نظام الري، لكن الفروقات شاسعة بين نظام الري وعوامل البيئة الطبيعية في كل منهما، حسبما تلخصها السطور التالية(45):
* يأخذ نهر النيل مياهه من البحيرات العظمى شرق أفريقيا التي تلعب دور المنظم، وبذلك يتميز بمعدل فيضان سنوي ذو حجم ثابت تقريباً، بينما يلاحظ على نهري دجلة والفرات مشتركين عدم إمكان التكهن بقوة فيضاناتهما، فهي تعتمد على كميات الثلوج والأمطار الساقطة على جبال أرمينيا وشمال العراق المتفاوتة سنوياً. وفي حين أن مناسيب المياه المنخفضة تعني- إذا استمرت عدة سنين- القحط والمجاعة، فإِن حدوث فيضان كبير واحد يكفي لإحداث الدمار الهائل. "ويُعتقد أن هذين الخطرين (الملوحة والفيضان) هما سر ذلك (التشاؤم المتأصل) الذي يميز... فلسفة سكان وادي الرافدين القدماء(46)." يُضاف إلى ذلك أن فيضان النيل يُلائم الدورة الزراعية، بينما فيضان الرافدين عكس الدورة الزراعية. وهكذا، فرغم أن كلتا الحضارتين هما حضارتا ري، بيد أن نظام الري في حضارة وادي الرافدين أكثر مشاكل وأصعب تنظيماً. "بحيث لا يسع المرء المتتبع لتاريخ هذه الحضارة إلا أن يُقدر ما بذله سكان العراق القدماء من جهود جبارة للسيطرة على نهرين من أشد أنهار الدنيا عنفاً(47)."
* إن الاختلاف المتضاد لهذه البيئة الطبيعية بين الهدوء والانتظام وبين العنف والتدمير انعكس بنفس المواصفات تقريباً في المقومات الحضارية- الفنية والأدبية والدينية والسياسية- في كل من الحضارتين. تميزت حضارة وادي النيل بطابع الهدوء والشعور بالطمأنينة بحيث أن أحداث الخلق في أساطير الخليقة لهذه الحضارة تمَّت بهدوء بمجرد إرادة الآلهة، فكان أول إِله خالق ملكاً والفرعون إله. بينما تحققت عملية خلق الكون في حضارة وادي الرافدين خلال صراع طويل وحرب رهيبة بين مجموعتي الآلهة القديمة والحديثة (ملحمة الخليقة البابلية). وبعد حسم الحرب تقرر خلق الإنسان.
* ومع أن بعض ملوك وادي الرافدين قُدسوا وأُلِّهوا، بيد أن الملك ظلَّ متصفاً بصفته البشرية إلى آخر أدوار تلك الحضارة، فلم يميزه عن البشر الآخرين سوى أن الآلهة التي بيدها الحكم المطلق قد إصطفته ملكاً لحكم الناس بالنيابة.
* كانت الصفة الغالبة على آلهة وادي الرافدين هي القوة والبطش والتقلب وانزال العقوبات المدمرة من فيضانات (الطوفان) وملوحة وأمراض. وهكذا فلا عجب أن تخلو حضارة وادي النيل من أخبار الطوفان في حين يشكل موضوعاً رئيساً في حضارة وادي الرافدين. ويرتبط بذلك أن الطابع العام لحضارة وادي الرافدين اتصف بالعنف والتشاؤم والتأزم وتوقع المفاجئات والقلق من المستقبل المخيف.
* كذلك اختلفت نظرة الحضارتين إلى عالم ما بعد الموت. فالفرد في حضارة وادي الرافدين شغلته مصاعب الحياة الدنيا وما تطلبتها من جهود في صراعه للسيطرة على بيئته القاسية، عن التفكير في الحياة الأُخرى واعتقاد الخلود فيها، فجاءت فكرة القوم غير واضحة عن وجود دار للثواب والعقاب بعد الموت. بل أن عقاب الآلهة وثوابها يتحققان في هذه الدنيا. بينما شغل الفرد في حضارة وادي النيل بِأمر الحياة الأُخرى ونيل الخلود فيها. ظهر هذا واضحاً في الآثار التي خلَّفتها هذه الحضارة: القبور الضخمة (الاهرامات)، التحنيط، المحتويات الثمينة المتروكة في هذه القبور، بحيث يصح القول أن الغالبية العظمى من آثار حضارة وادي النيل وجدت في القبور.
* وبالعلاقة مع الموقع، يُعد وادي الرافدين أرضاً مفتوحة على الخارج بالمقارنة مع وادي النيل المقفل تقريباً. لذلك تعرَّض وادي الرافدين إلى هجرات الأقوام الكثيرة والغزوات العنيفة واختلاط السكان وما استتبع ذلك من عنف وتدمير وتطور وتبدل في التكوين الاجتماعي- السياسي وظهور ذلك في سير حضارته. "إننا نعرف بِأن كافة مدن ما بين النهرين الكبيرة والصغيرة قد دُمِّرَتْ لمرات عديدة بواسطة الحروب(48)."

هوامش الفصل الاول
(1) باقر، طه، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، بغداد 1986، ص9- 10..، سليمان، عامر، العراق في التاريخ القديم، الموصل 1992، ص15، الهامش(2).
(2) IRAK,Utrikespolitiskainstitutet,Stockholm,1995.
(3) الدباغ، تقي، "البيئة الطبيعية والانسان"، حضارة العراق، ج1، بغداد 1985، ص13- 14..، باقر، طه، ص10..، سليمان، عامر، ص15.
(4) باقر، طه، مرجع، ص12-14.
(5) نفسه، ص9- 12.
(6) عبدالواحد، فاضل (و) سليمان، عامر،عادات وتقاليد الشعوب القديمة، بغداد 1979، ص14.
(7) باقر، طه، ص13..، سليمان، عامر، ص14- 16..، بوستغيت، نيكولاس، حضارة العراق وآثاره "تاريخ مُصوَّر" (مترجم)، بغداد،1992، ص13.., وايضاً De Mieroop,Marc Van,The Ancient Mesopotamia City, Uk, 1997, P.xii..Hawkes, Jacquetta, First Great Civilizations, London, 1973, P.24.
(8) بارو، اندري، سومر فنونها وحضارتها (مترجم)، بغداد 1977، ص 86.
(9) الدباغ، تقي، ص13، حضارة العراق، ج1..، باقر، طه، ص8.
(10) باقر، طه، ص21- 22.
(11) سليمان، عامر، ص20..، باقر، طه، ص85..، الدباغ، تقي، حضارة العراق،ج، ص16..، نفسه، " العراق في عصور ما قبل التاريخ"، العراق في التاريخ، بغداد 1983، ص 22- 23.
(12) رو، جورج، العراق القديم، الطبعة الثانية (مترجم)، بغداد 1977، ص26..، الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص25- 26،36..،باقر، طه، ص28،34..، سليمان،عامر، ص27..، وايضاً The First Impire,by Postage, Nicholas,1977,P.1.
(13) الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص24- 25.
(14) رو، جورج، ص29.
(15) الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص30.
(16) باقر، طه، ص28..، سليمان، عامر، ص23- 24.
(17) الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص26.
(18) باقر، طه، ص27.
(19) رو، جورج، ص30.
(20) اوينهايم، ليو، بلاد ما بين النهرين (مترجمم)، بغداد1981، ص32- 33..، الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص 27..، باقر، طه، ص 27- 28.
(21) رو، جورج، ص 32.
(22) الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص26..، باقر، طه، ص 27..، سليمان، عامر، ص25..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص31.
(23) باقر، طه، ص26..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص 35.
(24) بوستغيت، نيكولاس، ص24.
(25) رو، جورج، ص32.
(26) نفسه، ص32-33.
(27) غولايف، فاليري، المدن الاولى، موسكو 1989، ص20..، الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص36..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص46.
(28) رو، جورج، ص23.
(29) باقر، طه، ص42.
(30) الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص38- 39..، بوستغيت، نيكولاس،ص13..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص47.
(31) الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص47- 49.. وايضاً
http://www.mokatel.com/openshare/Behoth/Dwal-Modn1/shatalarb/sec03.doc_cvt.htm، وكذلك
Robinson, Jr., Charles Alexander, Ancient History from Prihistoric Times to the Death of Justinian, London,1976, P.33-34..The City in the Ancient World, by Hammonds, Mason, Harvard Univ., USA, 1972.
(32) الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص38- 39،50..، رو، جورج، ص24..، بوستغيت، نيكولاس، ص13.
(33) الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص47..، نفسه، العراق في التاريخ، ص38- 41.. وايضا Hawkes,Jacquetta,P.19.
(34) باقر، طه، ص36..، اوينهايم، ليو، ص53..، رو، جورج، ص26- 27.
(35) باقر، طه، ص39..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص36.
(36) رشيد، عبد الوهاب حميد، مستقبل العراق، دمشق 1997، ص30.
(37) باقر، طه، ص40- 41.
(38) كلنغل، هورست، حمورابي ملك بابل وعصره (مترجمم)، بغداد،1987، ص21- 22..، رشيد، عبد الوهاب حميد، ص31..، الدباغ، تقي، العراق في التاريخ، ص22.
(39) باقر، طه، ص41..، رو، جورج، ص26.
(40) مجلة سومر، المجلد 13/1957 والمجلد 14/1958.(باقر، طه، ص41).
(41) رو، جورج، ص576، الهامش 11..، باقر، طه، ص41.
(42) باقر، طه، ص35.. ولمزيد من التفصيل في وصف منطقة سومر، انظر: بونغ، كافن، العودة الى الاهوار، مترجم، دار المدى للثقافة والنشر، الطبعة الاوالى، دمشق 1998.
(43) اوينهايم، ليو، ص54..، باقر، طه، ص36.
(44) رو، جورج، ص27.
(45) باقر، طه، ص36- 38..، الدباغ، تقي، حضارة العراق، ج1، ص55.. وايضا
Postage,Nicholas,P.7..,Kramer,Samuel
Noah, "TheSumerian List King",Problems in Ancient History, P.1, Hawkes,Jacquetta,P.12,92.
(46) رو، جورج، ص27.
(47) باقر، طه، ص36.
(48) اوينهايم، ليو، ص22.
د. عبد الوهاب حميد رشيد، حضارة وادي الرافدين،ميزوبوتاميا،" العقيدة الدينية.. الحياة الاجتماعية.. الأفكار الفلسفية" STOCKHOLM – SWEDEN, ISBN 978-91-633-7539-2



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحبا بكم في معسكرات العمل الأمريكية: استخدام قوانين الالتزا ...
- ميزوبوتاميا 1..العقيدة الدينية.. الحياة الاجتماعية.. الأفكار ...
- بغداد تحظر البيرة (المشروبات الكحولية).. لماذا يٌشكل هذا الح ...
- العراق ما يزال يدفع الثمن بعد اتهامه زوراً بأحداث 11 سبتمبر
- نشطاء مصر يُبادرون بحملة جديدة ضد قرض صندوق النقد الدولي
- أكثر من 50 مليون يواجهون الجوع في الولايات المتحدة الأمريكية
- القرض المقدم من صندوق النقد الدولي لمصر.. إجابات صحيحة، أسئل ...
- قراءة في كتاب* المبحث الرابع: الديمقراطية ومعضلة المرأة
- قراءات.. الديمقراطية والتحول الديمقراطي- المبحث الثالث
- قراءات في كتاب.. الديمقراطية والتحول الديمقراطي.. المبحث الث ...
- قراءات.. الديمقراطية والتحول الديمقراطي
- قراءات في كتاب:*
- ليبيا: حرب الجميع ضد الجميع!؟
- أنت مقبوض عليك Youre nder Arrest
- تقرير جديد يكشف ارتفاع مستوى الفقر بين أطفال الولايات المتحد ...
- أسئلة المدقق/ المراقب العام في العراق SIGIR بشأن تكاليف بمبل ...
- اليمن بحاجة إلى الكفاح من أجل الخبز لا القنابل
- فضائح الفساد تهدد بزعزعة كردستان العراق
- نثريات بمناسبة انعقاد مؤتمر القمّة العتيد!!
- المرأة العراقية.. التكيف وسط الرعب


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالوهاب حميد رشيد - ميزوبوتاميا2، -العقيدة الدينية.. الحياة الاجتماعية.. الأفكار الفلسفية-