أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة















المزيد.....


مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 16:36
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


يرى مؤيّدو ختان الذكور ضرورة إجراء هذه العمليّة بسبب ضيق الغلفة phimosis وضيق الغلفة الخلفي (أو الجلاع) paraphimosis محاولين رسم صورة مرعبة لهاتين الحالتين. وسوف نعرض هنا آراءهم وآراء معارضي ختان الذكور، بادئين بالمصادر العربيّة.

المصادر العربيّة
----------
نقرأ عند الطبيب العربي الشهير الزهراوي تحت عنوان: «في البثر الذي يعرض في الغلفة والكمرة والسواد والفساد والتصاق الغلفة بالكمرة» ما يلي:
«وأمّا إلتصاق الغلفة بالكمرة وهذا الإلتصاق إنّما يحدث فيمن كانت غلفته صحيحة ولم يجب عليه إختتان وقد يعرض إلتصاقها من قِبَل جرح أو ورم، فينبغي أن تسلخها بمبضع أفطس حتّى ينحل الرباط وتتخلّص الكمرة من كل جهة. فإن عسر تمييزها على الإستقصاء فينبغي أن تسلخ شيئاً من الكمرة ومن الغلفة وذلك أن الغلفة رقيقة فربّما إنثقبت لرقّتها سريعاً. ثم فرّق بين الغلفة والكمرة بخرقة كتّان رقيقة قد بلّت في ماء بارد لئلاّ تلتصق أيضاً، ثم يعالج بشراب قابض حتّى تندمل».
الظاهرة التي وصفها الزهراوي يطلق عليها اليوم إسم «ضيق الغلفة». وعلى العكس من أطبّاء عصرنا الذين يسارعون باقتراح الختان، فإن الزهراوي يتفادى هذه العمليّة ويقترح بدلاً منها سلخ الغلفة عن الكمرة والتفريق بينهما. وقد أثار تصرّف الزهراوي هذا تعجّب الدكتور «سعيد مستيري» في ترجمته الفرنسيّة لكتابه. فيقول: «نتساءل هنا لماذا في حالات ضيق الغلفة التي تتواجد خاصّة عند غير المختونين لا يقترح الزهراوي فقط الختان الطقسي أو عمليّة مشابهة». واقتراح الختان للوقاية من ضيق الغلفة وعلاجها نجده في الكتابات الطبّية العربيّة الحديثة.
يقول الدكتور عبد الرحمن القادري: «أصبح ختان الرجل أمراً محتّماً وضروريّاً، وذلك لأن لاستئصال الغمد أو الغلفة فوائد جمّة إذ يتدخّل في إزالة أو وقاية العديد من الأمراض». وأوّل مرض يذكره هذا الدكتور هو «ضيق الغلفة» و«ضيق الغلفة الخلفي» الذي يعرّفه كما يلي: «إعاقة في إنزلاق الغلفة على الحشفة». وهو يفرّق بين:
- ضيق الغلفة الولادي، أي أنه يشاهد منذ الولادة: «يتّصف هذا التضيّق بغلفة طويلة تشبه خرطوم الفيل، غير قابلة للإرتداد [...]. وفي أحوال نادرة يمكن أن تكون الغلفة قصيرة جدّاً، ولها فتحة ضيّقة جدّاً وغير قابلة للإرتداد، كما ويتّصف الأطفال المصابين بهذا التضيّق باستعدادهم للإصابة بالأخماج الناتجة عن إعاقة تدفّق البول [...]. هذا وكثيراً ما يتناول الإلتهاب الصفيحة الداخليّة للغلفة مؤدّياً إلى إنتشارها نحو الخارج من خلال حلقة الغلفة محدثة الشتور. وعلى نقيض ذلك فإنه يحدث من جرّاء مشاركة الصفيحة الخارجيّة تزايد إنتفاخ قمة القضيب بحيث يصبح مشابهاً لرقّاص الجرس. كما تحدث سرطانات القضيب على وجه الحصر تقريباً عند الرجال الذين لديهم تضيّق غلفة ولادي».
- ضيق الغلفة المكتسب، وقد يكون عابراً يبقى فترة محدودة أو مستمرّاً: «ينجم هذا الشكل من التضيّق عن إلتهاب حيث تحدثه التغيّرات المرضيّة التي تحدث أثناء فترة الحياة. (تضيّق إلتهابي) وتتظاهر بوذمة إنتفاخيّة أثناء سيرها وذلك عندما تكون الإلتهابات حادّة».
وفيما يخص «ضيق الغلفة الخلفي»، يقول القادري بأن هذا ينجم «عند رجوع الغلفة الضيّقة إلى ما خلف الحشفة وعدم عودتها ثانية إلى وضعها الأصلي ممّا يؤدّي إلى تورّم الغلفة». ويشير إلى أنه «إذا لم يزل هذا التضيّق فإنه يؤدّي إلى إنحباس في الدم وتقرّحات ومواتات تتوضّع على حشفة القضيب وعلى الصفيحة الداخليّة للغلفة (الموات التناسلي الحاد) كما يؤدّي إلى إلتهابات شديدة».
ويرى القادري ضرورة إجراء الختان في هاتين الحالتين «وذلك لأن تلك التضيّقات قد تؤدّي لحدوث إختلاطات عاجلة أو آجلة إذا لم يجر أو يتم الختان».
ويقترح أيضاً الدكتور حسّان شمسي باشا والدكتور محمّد علي البار اللجوء إلى الختان كوسيلة لمعالجة ضيق الغلفة لأنها تؤدّي إلى الإلتهابات والمضاعفات.

المصادر الغربيّة
----------
أثار «ضيق الغلفة» جدلاً في الغرب أكبر ممّا قد توحيه المصادر العربيّة. ولذلك لا بد من إلقاء نظرة تاريخيّة على هذا الجدل.
الكلمة الغربيّة phimosis والتي ترجمتها العربيّة «ضيق الغلفة» هي كلمة من أصل يوناني تعني «التكميم». وقد أطلقت أصلاً على تورّم الجفن أو الشرج ممّا يؤدّي إلى انقباضهما وإغلاقهما. وقد أطلق الطبيب الروماني «شيلسوس» في القرن الأوّل الميلادي هذه الكلمة على تجلّد الغلفة غير الطبيعي. ثم قام طبيب يوناني من القرن الثاني باستعمالها للتعبير عن ظاهرة عدم إمكانيّة شد الغلفة إلى الوراء. وقد أرجع هذه الظاهرة إمّا لعدم مطّاطيّة الجلد أو بسبب نموّه. ولعلاجها يقترح شق الجلد لتوسيعه وجعله يعمل بصورة طبيعيّة. وفي القرن الثامن عشر تم التفريق بين ضيق الغلفة الطبيعي، وضيق الغلفة الناتج عن القروح أو الإلتهابات. وفي الحالتين لم يتم إقتراح إجراء الختان كوسيلة علاجيّة.
وقد فرّق الأطبّاء في الولايات المتّحدة في منتصف القرن التاسع عشر بين ظاهرة «ضيق الغلفة الولادي»، وظاهرة «ضيق الغلفة المكتسب» بسبب ممارسة الإستمناء. وقد إعتبروا كلا الظاهرتين حالة مرضيّة ينتج عنها أمراض كثيرة مثل الفتق وصعوبة الهضم والتهابات المثانة وعدم الرشاقة والشلل والصرع. وقد نصح الطبيب اليهودي الأمريكي «لويس سيير» (توفّى عام 1900) بأن يتم فحص كل طفل عند ولادته وبتر غلفته إذا ما تبيّن أنه مصاب بضيق الغلفة.
وقد نشر مئات من الأطبّاء الأمريكيّين دراسات لتؤكّد على صحّة نظريّات هذا الطبيب. وأحد هؤلاء الأطبّاء واسمه «روسويل بارك» قدّم تقريراً للجمعيّة الطبّية في «شيكاغو» عام 1880 يدَّعي فيه أن ضيق الغلفة هو السبب في الإستمناء والتشنّج والشلل والتواء القدم وانتشار البثور وصعوبة الهضم والإسهال المستعصي والتبوّل اللاإرادي وعدم إمكانيّة التحكّم في الأطراف وسرعة الغضب والعصبيّة والبلاهة والفتق والسكّري والصرع والهزال وسقوط المستقيم. وقد أضيفت أمراض أخرى على هذه الأمراض سنة بعد سنة لا مجال هنا لذكرها جميعاً لتفادي الإطالة. وتم ربط ضيق الغلفة بالإستمناء الذي، كما رأينا سابقاً، تم تهويله واعتباره سبباً لأمراض كثيرة وتصرّفات غير مقبولة. وهكذا تمكّن الأطبّاء الأمريكيّون من تشخيص أمراض كثيرة من خلال ظاهرة واحدة يتم «علاجها» جميعها بضربة سكّين سريعة. وإذا ما توفّى المريض من جرّاء عمليّة الختان كان يُرجع الموت إلى ضيق الغلفة وليس لعدم مهارة الطبيب. وكما أنه كان من الصعب للأطبّاء التصدّي لأساتذتهم في الطب أصحاب تلك النظريّات، كذلك لم يكن للأهل أن يتصدّوا لتشخيص الأطبّاء الذين يجرون تلك العمليّات حتّى وإن لم يتم شفاء المريض من العاهات التي يعانون منها بوسيلة الختان. وبطبيعة الحال لم تكن بمصلحة هؤلاء الأطبّاء تقديم تقارير حول فشلهم.
وهناك قصّة طريفة مرتبطة بهذه النظريّة. ففي عام 1881 أغتيل رئيس الولايات المتّحدة «جيمس أبرام جارفيلد» على يد «شارلز جيتو» الذي إدّعى أنه تصرّف بأمر من إلهه «يهوى». وبعد شنقه قامت هيئة مكوّنة من 22 طبيباً بفحص جثّته لمعرفة ما إذا كان سبب تصرّفه الجنوني هو إصابته بمرض ما. وبما أن النظريّات الطبّية حين ذاك كانت تقول إن طول الغلفة يؤدّي إلى الجنون، فقد ركّزت هذه اللجنة على غلفته التي وجدتها طويلة وضيّقة. واقتنع كثير من الأطبّاء الأمريكيّين في حينه أن سبب الإغتيال هو إصابة القاتل بضيق الغلفة. وهكذا أصبح ضيق الغلفة ليس فقط سبباً في أمراض كثيرة، بل أيضاً تهديداً للإستقرار السياسي. وقد جاء في تقرير نشره طبيب عام 1890 يقول فيه أن أكثر من نصف المجرمين القابعين في السجون في الولايات المتّحدة مصابون بتشويه في أعضائهم الجنسيّة. وأضاف أن رئيس أكبر مستشفى للأمراض العقليّة هناك أخبره أن أكثر من نصف المرضى العقليين يعانون من تشوّه في أعضائهم الجنسيّة. وقد إقترح هذا الطبيب أن العلاج في هذه الحالات هو اللجوء إلى الختان.
وفي القرن العشرين ظهرت نظريّة جديدة تدّعي أن ضيق الغلفة يؤدّي إلى السرطان عند الذكور والإناث. فقد أصبح «البعبع» هو السرطان بعد أن كان في القرن التاسع عشر الأمراض الجنسيّة والإستمناء والجنون. وربط ضيق الغلفة بالسرطان كان يتردّد من حين إلى آخر في القرن الماضي، ولكن هذا الربط بينهما طغى على الفكر الطبّي في القرن العشرين. وأحد أكبر الداعين له هو الدكتور اليهودي «ابراهام وولبارست» (توفّى عام 1952) الذي كان طبيب المسالك البوليّة في مستشفى «بيت إسرائيل» في نيويورك وفي غيره من المستشفيات اليهوديّة. وهذا الطبيب إستمر بالقول إن سبب الصرع هو إلتصاق الغلفة بالحشفة وأضاف إلى ذلك الزهري والتقرّح. وفي عام 1932 أخرج للناس نظريّة تقول إن ضيق الغلفة يسبّب السرطان. وقد خرجت أكثر المقالات الطبّية لتردّد هذه المقولة. وكان الأطبّاء البريطانيون والأمريكيّون يرون ضرورة ختان الطفل كلّما وجدوا أن غلفة الطفل لا ترتد إلى الوراء بسحبها، معتبرين أن ذلك ضروري لمنع تراكم المادّة المرطّبة تحتها وخلق مناخ ملائم لتكاثر الجراثيم التي تسبّب الأمراض. وفي الحرب العالميّة الثانية، كان أطبّاء الجيش يفرضون الختان على الجنود تحت طائلة المحاكمة العسكريّة بحجّة وجود وباء ضيق الغلفة.
وما زالت حجّة ضيق الغلفة لإجراء الختان تتردّد حتّى في أيّامنا. وهذا ما يدّعيه طبيب يهودي إسمه «شووين» دون أي إثبات علمي عدا نقل أقوال أطبّاء هم من مؤيّدي إجراء ختان الذكور بصورة شاملة. وما زالت الكتب الطبّية الأمريكيّة تذكر ضيق الغلفة على رأس الأمراض التي تصيب الذكر مبيّنة أن هذه العاهة قد تسبّب أمراضاً كثيرة وتؤدّي إلى الموت. واعتمدوا على هذه الأقوال ليبيّنوا ضرورة إجراء الختان على الأطفال.
وهذه التصرّفات مبنيّة على جهل بتشريح العضو التناسلي للذكور. وقد تصدّى لهذا الجهل مجموعة طبّية أمريكيّة عام 1932 فعرضت الشرايين الموجودة في الغلفة وحساسيّتها وبيّنت تطوّرها في رحم الأم وكيف يتم فصلها عن الغلفة تدريجيّاً، وأن إلتصاق الحشفة بالغلفة عند الوليد لا يعتبر حالة مرضيّة بل تطوّراً طبيعيّاً. وقام أطبّاء بعمل أبحاث مماثلة في أيرلندا. إلاّ أن الأطبّاء الأمريكيّين أهملوا تلك الأبحاث، ربّما لأنها لم تكن بصالح مؤيّدي ختان الذكور الذين لا يرون فائدة في الغلفة.
وقد عاد إلى هذا الموضوع الدكتور البريطاني «دوجلاس جيرتنر» عام 1949 في مقال شهير تحت عنوان «مصير الغلفة». فقد تبيّن لهذا الطبيب من خلال مراقبة 100 طفل حديثي الولادة و200 طفل تصل أعمارهم حتّى خمس سنين أن ظاهرة عدم رجوع الغلفة إلى الخلف وطولها عند الأطفال أمر طبيعي وليس مرضي. وقد وجد أن 4% من الأطفال يمكن شد غلفتهم عند ولادتهم، وارتفعت هذه النسبة إلى 90% في عمر ثلاث سنين. ويمكن شد كل الغلفات تقريباً إلى الخلف بقوّة ولكن ذلك قد يؤدّي إلى جروح وتقيّحات. وقد إعتبر الدكتور المذكور الأطفال تحت الخامسة طبيعيين في حالة عدم إمكانيّة شد الغلفة إلى الخلف، وأنه يمكن شد الغلفة بسهولة بعد سن الخامسة دون إجراء عمليّة جراحيّة. وهكذا إستطاع هذا الطبيب كسر خرافة فوائد الختان. وعلى أساس هذه الدراسة قرّرت هيئة «الخدمة الصحّية البريطانيّة» عدم تغطية مصاريف ختان الأطفال، ممّا أدّى إلى هبوط كبير في معدّلاته في ذلك البلد.
وقد إنتشرت دراسة الدكتور البريطاني إنتشاراً واسعاً. ولكن الأطبّاء الأمريكيّون إنتقدوها دون أن يعيدوا إجراء البحث الذي إعتمدت عليه. وقد إستمرّت كتب الدراسة الطبّية تقترح إجراء ختان الأطفال كلّما وجدت الغلفة طويلة أو ملتصقة. وقد كتب الطبيبان «ميلير» و«سنيدير» مقالاً عام 1953 يتجاهل تماماً مقال الطبيب البريطاني ويطالب بختان كل طفل حديث الولادة لأن ذلك يحمي تقريباً من كل الأمراض الصحّية والعقليّة ومن الإستمناء ويطيل الحياة، وأن ذلك مفيد لاقتصاد المستشفى والطبيب. وقد أعيد كتابة نصوص الكتب الدراسيّة الطبّية لإدخال هذه الأقوال فيها.
وجاء بعد ذلك الطبيب الدانمركي «جاكوب اوستير» فأجرى عام 1968 بحثاً على 1968 طفلاً من أطفال المدارس تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 17 السنة وقد بيّن هذا الطبيب غلط خرافة ضيق الغلفة التي كان على أساسها يجرى ختان الذكور. وقد أوضح أن إلتصاق الغلفة تطوّر طبيعي قد يستغرق عقداً كاملاً من العمر لفصل الغلفة عن الحشفة، وأن كل محاولة لإجبار الغلفة على الإنفصال عن الحشفة يؤدّي إلى مضاعفات طبّية بالنسبة للغلفة التي لم تكتمل بعد. وقد لاحظ أن عدم رجوع الغلفة إلى الخلف موجود في 8% من الأطفال بين عمر 6-7 سنين، و6% من الأطفال بين عمر 8-11 سنة، و3% من الأطفال بين عمر 12-13 سنة. وبيّن أن إلتصاق الغلفة بالحشفة ينتهي تدريجيّاً. وقد رأى أن ثلاث حالات فقط إستوجبت الختان. وهو يعتبر أنه كان من الممكن تفادي الختان في هذه الحالات الثلاث لو أن الغلفة لم تمط بشدّة. أي أن الختان قد تم في هذه الحالات لإصلاح خطأ طبّي. ممّا يعني بأن القول بضرورة الختان لتفادي ضيق الحشفة قول مغلوط.
وهذه الحقائق التي كشف عنها الطبيبان البريطاني والدانمركي لم تلق طريقها إلى الولايات المتّحدة حيث إستمر ختان حديثي الولادة بمعدّل 90% في بعض المناطق. ولكنّها أثّرت على تشخيص ضيق الغلفة من قِبَل الأطبّاء الأوروبيين واليابانيين معتبرين أن ضيق الغلفة يجب أن يكشف عنه من خلال التحاليل البكتيريولوجيّة وليس كما في الولايات المتّحدة من خلال مجرّد النظر إلى القضيب. وقد تم إعادة تعريف ضيق الغلفة بصورة أدق بأنه «حزاز متصلّب وضمور». فضيق الغلفة لم يعد ظاهرة مرضيّة بل طبيعيّة. وقد تبيّن لهم أن أكثر الحالات التي يتم فيها الختان بسبب ضيق الغلفة لا تكشف عن حالة مرضيّة. وقَبل إجراء الختان يجب إجراء فحص طبّي لمعرفة ما إذا هناك فعلاً حاجة لمثل تلك العمليّة. ففرّقوا ما بين ضيق الغلفة المرضي، وضيق الغلفة الطبيعي. وضيق الغلفة المرضي هو ذلك الضيق الناتج عن وجود ندوب وتصلّب في رأس الغلفة وتظهر من خلال التحليل البكتيريولوجي بأنه مصاب بـ«التهاب جاف».
وقد رأى الأطبّاء الأوروبيون واليابانيون بأن لا حاجة لإجراء الختان في حالة ضيق الغلفة الطبيعي، لا بل حتّى في حالة حصول إلتهاب. فيكفي النصح بالنظافة وفصل الإلتصاقات لعلاج هذه الظاهرة. وقد أوجد الأطبّاء علاجاً بديلاً عن الختان لمثل هذه الحالات يدعى «جراحة تعويضيّة» للغلفة في حالة عدم وجود ندوب أو إصابات مرضيّة. وقد حاولوا علاج حالات ضيق الغلفة المرضيّة باستعمال مرهم ستيرويد يدعى clobetasol propionate. فقد ثبت نجاح مثل هذا العلاج في حالات كثيرة (بمعدّل 88%). ويشار هنا أن الأطبّاء البريطانيين، أكثر من غيرهم من الأوروبيين، ما زالوا يميلون لإجراء الختان لمعالجة ضيق الغلفة حتّى على الأطفال الذين لا يمكن أن يصابوا بضيق الغلفة المرضي في مثل سنّهم. وهذا نابع من تأثير المجلاّت الطبّية الأمريكيّة بسبب وحدة اللغة الإنكليزيّة بين البلدين. فما زال 53% من حالات ختان الأطفال في بريطانيا التي تتم تحت رعاية خدمات الصحّة الوطنيّة تجرى بحجّة ضيق الغلفة. ويقدّر عدد الأطفال تحت سن السادسة عشر الذين تم الختان عليهم في بريطانيا عام 1996 بنسبة 5.1% بسبب ضيق الغلفة.
وتشير دراسة من كوريا الجنوبيّة بأن أكثريّة الأطبّاء هناك لا يعرفون ما معنى كلمة ضيق الغلفة phimosis ويعتبرونها الغلفة التي تغطّي الحشفة. حتّى أن عملية الختان ذاتها يطلقون عليها عملية ضيق الغلفة phimosis operation .

ما العمل في حالة ضيق الغلفة؟
------------------
ويبقى السؤال: ما العمل إذا كانت غلفة الطفل لا ترجع إلى الخلف؟ والجواب بسيط: يجب إبقاؤها على حالها إلى أن يكبر الطفل فيسحبها هو ذاته بيده دون ألم لأن تلك هي الحالة الطبيعيّة عند غالبيّة الأطفال. فيجب الإكتفاء بغسل العضو التناسلي كاملاً وتفادي شد الغلفة بالقوّة. فشد الغلفة بالقوّة عند الطفل يؤدّي إلى تمزّق بالإضافة إلى إلتهاب الحشفة، وينتج عنه ندب وضيق الغلفة الخلفي. ولذلك من الغلط تعليم الأم إرجاع الغلفة عن الحشفة بشدّها. وفي الحالات الصعبة، يمكن تدليك الغلفة بماء ساخن ومرهم (وليس بالصابون الذي قد يخلق إلتهابات). وفي الحالات القصوى، وهي نادرة، يمكن إجراء شق جراحي للغلفة. ولكن في كل الأحوال يجب تفادي بترها بالكلّية لأنها عضو له وظيفة مُهمّة في حماية الحشفة وفي العلاقة الجنسيّة. وهذا يوضّح غباء من يجري عمليّة الختان في الأيّام الأولى من ولادة الطفل لأن مثل هذه العمليّة تؤدّي إلى شد الغلفة وتمزيق الحشفة ومزيد من النزيف.

ضيق الغلفة الخلفي
-----------
وفيما يخص «ضيق الغلفة الخلفي» يرى طبيب معارض لختان الذكور أن هذه الحالة النادرة جدّاً تنتج في حقيقة الأمر بسبب جهل الطبيب أو الممرّضة أو الأم الذين يحاولوا شد غلفة الطفل لإرجاعها بالقوّة خلف الحشفة. فهذا التصرّف بحد ذاته مغلوط ويؤدّي إلى تورّم الحشفة. واللجوء إلى الختان في هذه الحالة هو غلطة إضافيّة لأن قطع الغلفة يؤدّي إلى فقدان الحماية للحشفة. لذا بدلاً من قطع الغلفة، يجب كبس الحشفة بين الإبهام والسبّابة وإرجاع الغلفة عليها. ويذكر طبيب آخر بأن ضيق الغلفة الخلفي ليس مرض ولكن ناتج عن التصرّف المتعسّف بغلفة الطفل من قِبَل أطفال تم تعليمهم بأنه عليهم شد الغلفة إلى الخلف دون إرجاعها إلى الأمام بعد ذلك. ويحدث ذلك عند الأولاد الأكبر سنّاً في حالة المراهنة أو الجرأة. ويمكن حل هذه المشكلة من خلال شق الغلفة. والختان ليس ضروريّاً عمله إلاّ في الحالات التي يتكرّر فيها هذا الوضع.

----------------------
سوف أتابع في مقالي القادم الجدل الطبي فيما يخص ختان الذكور والإناث.
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي
[email protected]
صدر كتابي عن الختان بالإنكليزية ويمكن طلبه من دار النشر
http://www.thebookedition.com/male-and-female-circumcision-sami-a-aldeeb-abu-sahlieh-p-83457.html



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 68: الختان والإيدز (المصادر الغربية)
- مسلسل جريمة الختان 67: الختان والإيدز (المصادر العربية)
- مسلسل جريمة الختان 66: الختان والإيدز (تجربة شخصية)
- فيلم مسيء لمحمد: اقترح دواء ناجع وسريع
- نزول بابا نويل من المدخنة والقرآن من السماء
- مسلسل جريمة الختان 65: الختان والسرطان
- أنت ملحد ولا مسيحي؟
- مسلسل جريمة الختان 64: الختان للوقاية من الأمراض الجنسيّة
- مسلسل جريمة الختان 63: الختان والوقاية من الأمراض
- نحن على أبواب ردة عظمى وحروب ردة
- هل القرآنيون مهرجون؟
- ضعوا القرآن في المتحف مع الموميات
- مسلسل جريمة الختان (62): كفاك إهداراً للوقت... عن الختان
- مسلسل جريمة الختان (61) : الختان والاستمناء
- مسلسل جريمة الختان (60) : الختان والنظافة
- مسلسل جريمة الختان (59) : الختان والزواج
- مسلسل جريمة الختان (58) : الختان والشذوذ الجنسي
- مسلسل جريمة الختان (57) : الختان والمخدرات
- مسلسل جريمة الختان (56) : ختان الاناث واللذة الجنسية
- مسلسل جريمة الختان (55) : ختان الذكور واللذة الجنسية


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة