أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الإنتحار فلسفة الإختيار














المزيد.....

الإنتحار فلسفة الإختيار


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 16:50
المحور: الادب والفن
    


(1)
إرنست همنغواي

هل صحيح بأن أرنست همنغواي حين سدد بندقة الصيد إلى رأسه
كان يقصد الفكرة الوجودية
ذاتها (( أكون أو لا أكون ، تلك هي المسألة )) / هاملت
لقد كتب همنغواي قبل انتحاره بقليل بأن السلطة الوحيدة التي
يمتلكها الإنسان أمام الموت هي سلطة اختيار المكان والزمان لحدوثه
همنغواي ببساطة أراد أن يتحدى الآية (( وما تدري نفس بأي أرض تموت ))
الفعل الإنتحاري هو لابد أن يكون فعلاً إلحادياً يتحدى تحكم الله بالموت
ويتحدى تحكم الموت بالإنسان و رغبته الطبيعية بالبقاء
إن هذا السؤال الذي زرعه نيتشه في فلسفته العدمية والتوق للقوة
هو ذاته أزهر على رأس سارتر الذي رأى في النهاية بأن الوجود مجرد غثيان
وأن الإنسان هو هذه العاطفة التي لا جدوى ولا طائل منها
بنفس القدر شاركه هيدغر قضية الرمي في الوجود و الهبوط في الزمان
قضية لا خيار فيها ولا معنى بحيث اندفع كامو ليلخصها بسؤال : الإنتحار
إن صخرة سيزيف العبثية لا تستحق العناء ولهذا انتحر همنغواي لسبب فلسفي
محاولة بشرية لتحدي الآلهة و ممارسة أقصى حدود المقامرة مع الرب والقدر
الغريب أن القاعدة والإرهاب الإسلامي يستخدم الفعل الإلحادي الإنتحاري
في قضية تتعلق بالإيمان ، كيف تنتحر و تؤمن ؟؟ هذا تناقض
إن قدرة الإنسان على الإنتحار تجنبه المتاعب المتعلقة بالآلهة و تنفي وجودها جميعاً

(2)
ألبير كامو

من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الملحد هو التفاؤل
ففي حماسته المشكوك في جدواها في دحض الكآبة الدينية
قد يضطر إلى مقارنة ذلك ببهجة المجتمعات الغربية و رخائها و رفاهها
في ظل العلمانية
هذا التفاؤل يضر بالفكر الإلحادي النقي
الذي يجب أن يلتزم العدمية و القنوط الفلسفي
الوجود محدود ولا خيار فيه / تشكل ذاتي دائم : صيرورة
إن ما يشترك فيه الفكر الديني مع الإلحادي هو البحث الحثيث
عن مخرج من هذا الألم الكبير الذي تسببه الحياة بشكل عام
في عمر متقدم و بعد تجارب متقدمة يكتشف كل إنسان
بأن ما يسميه البشر ( سعادة ) ليس لغزاً ولا هو غياب العذاب
بل هو باختصار نوبات غيبوبة داخل الحياة
يكون فيها الوجود في حالة قيلولة
السعادة هي ظروف معقولة تجعل الغيبوبة و نسيان الوجود ممكناً
الطفولة .. ما هي الطفولة .. إنها غيبوبة ، حياة ثملة ، غياب عن الوعي
أو ما نسميه بلهجتنا الشعبية : جاهل
ربما لو استرسلنا بهذه الإشتقاقات نصل إلى أن السعادة هي الإنتحار
معظم ما يكتب من أدب هو للحيلولة دون ظهور أدب حقيقي
أعني إطلاق الطاقة المدوية للغة والفكر والخيال في وقت واحد
إنك محدود في وجودك ولا توجد في كل مكان إلا حين تكتب
وحين تمارس الحرية وتتخذ القرارات تمارس حقيقتك الوحيدة كإنسان متفوق
لقد آن للشعراء التصرف ك رواد فضاء هبطوا على هذه الأرض اضطراراً
بسبب خلل فني في الكينونة ، محطة على درب المجرات
وعليهم حقاً في كل ما يكتبون عدم نسيان ذلك

(3)
نيتشه

الصعوبة التي انطوى عليها فكر نيتشه محيرة حقاً
ليس للقرن التاسع عشر فقط بل لهذا القرن الواحد والعشرين أيضاً
بعد كل حديثه التراجيدي عن قلب القيم و إرادة القوة و الإنسان الأعلى والسيطرة
بعد ذلك الإكتشاف المبكر للشجاعة البيولوجية
التي فهمها الشاب أدولف هتلر بشكل خاطيء
وأخذ يرسل كتب الفيلسوف لمعارفه و مريديه
بعد الحديث عن إنسان يخلق قدره و يسير على وقع طبوله الخاصة
إنسان يبني بيته على سفح بركان و يأتي من المستقبل يتحدى القطيع
شجاعة خاصة من نوع خاص يسميها (( الشجاعة الجدلية )) حيث يقبل التناقض
قضى هذا الرجل الإحدى عشرة سنة الأخيرة من عمره مجنوناً تماماً
ولأنه كان شهيراً جداً باعت أخته المسؤولة عن العناية به التذاكر
مقابل إلقاء نظرة على أخيها في المصح الذي تحتفظ به فيه
مارستْ على أخيها فهمها الخاطيء لإرادة القوة
والسيطرة التي نادى بها في فلسفته
مثلما اندفعت اليزابيث هذه لتهب هتلر
عكاز نيتشه المفضلة للمشي مدعية أنه الإنسان الأعلى كما بشر أخوها
الجيش النازي كان يوزع ( هكذا تكلم زرادشت) هدية
للجنود الألمان في المناسبات ، سوء فهم و صلب حقيقي لنيتشه
الذي فجر الفكر الإنساني في سبيل الحربة
وانتقد بشجاعة الجرائم التي ارتكبها الألمان بحق فرنسا عبر التاريخ
والمأساوي في العقل البشري أن نيتشه الذي أعلن موت الإله
كان يوقع آخر حياته و في ذروة جنونه على الورق باسم (( المصلوب ))
بالرغم من كل تلك الرحلة البركانية التي فجرت دماغه و قلبت الفلسفة البشرية
الرجل الذي ينادي الحصان ب (( أخي )) لأنه يركض بقوة رغم اللاجدوى
لم ير هذا المخلوق المأساوي نفسه في اللحظات الأخيرة و قمة الجنون
سوى شكل جديد من أشكال السيد المسيح
المسيح نفسه الذي اندهش نيتشه لانحطاط أوربا
التي ضحت بالقيم الرومانية واليونانية و ركعت
ليهودي تافه ينشر قيم الضعف والإنحطاط والشفقة مثل المسيح هذا
يقول نيتشه بأن الآلهة كانت كثيرة جداً في العصور الوثنية العظيمة
ديونيسيوس و باخوس و زيوس .... الخ كيف أصبحت
إلها يهودياً كئيباً واحداً اسمه ( يهوه ) يقول
إن ظهور هذا الإله الواحد و إعلانه بأنه هو الوحيد إلهاً فقط
أثار موجة من الضحك عند بقية الآلهة و قد تصاعد
هذا الضحك الإلهي حتى اختنقت به جميع الآلهة و ماتت من الضحك
بقي هذا الإله الكئيب الوحيد الواحد قرونا طويلة يقول نيتشه
إلى أن مات مؤخراً هو الآخر ليس من الضحك والمرح كالآلهة الوثنية
بل مات حقاً من الشفقة ، لقد أشفق كثيراً حتى مات بسبب ذلك
مع هذا كيف قفز في جنون نيتشه ذلك العبراني الضعيف التافه
كما وصفه في فلسفته و أعني السيد المسيح
كيف لم يتخيل نفسه سوى شكل جديد من أشكال السيد المسيح ؟؟
الجنون فنون



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامع الكلم في عبد الرزاق عبد الواحد
- العار السني في العراق
- عبد الرزاق عبد الواحد المهارة ليست إبداعاً
- حرير و ذهب و عبد الرزاق عبد الواحد
- أدريان ريتش ؟ سأتذكر ذلك يا سعدي ..
- براميل الخشب
- لم تكن لهذا الوطن راية نرفعها قبل هادي المهدي
- إنّ صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي
- أسبوع هادي المهدي
- ربُّ الشّعراء / ربُّ الشِّعرى
- المعنى
- يسيل غناؤك من النافذة
- لأن فائز حداد فاضحٌ غسيل الأعين بالتيزاب
- حوار حول الحب والشعر
- مسلمات ينبغي تكرارها بكل أسف
- عودة الشاعر المنتظر / سعدي يوسف
- الطفولة منجم الشاعرة الأمريكية لويس گلوك و عشها
- مسكنات في الوريد هذه الحروف العربية
- خبَبُ الشِّعر
- ليلى الصيفي 


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الإنتحار فلسفة الإختيار