أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سعيد صقر - المعطلين : بين طبقية القضية و انتهازية الحركة.















المزيد.....

المعطلين : بين طبقية القضية و انتهازية الحركة.


سعيد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 05:32
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


بالرغم من انه من نافل القول الحديث عن العطالة من حيث هي افراز موضوعي لواقع التناقضات الطبقية ، الا ان هذا الحديث يغدو ضروريا في فترة كهذه التي تمر بها حركة المعطلين اليوم. ثمة مقولة رائجة في الاقتصاد السياسي اكد عليها كارل ماركس ايضا مفادها ان العمالة الكاملة ممكنة لكنها وضع غير مستقر في ظل الرأسمال ، و تبرير هذا الطرح امر يسير بالطبع بالنسبة لمن اطلع على الاساسيات النظرية في هذا المضمار ، عموما و حتى لا اطيل على القارئ بغرض تفصيل المفصل و تحصيل الحاصل اقول : العطالة ليست وضعا استثنائيا بالنسبة للرأسمال و لكن وجودها ضروري و ملازم له .
لو توقف الامر بالنسبة لهذه القضية عند حدودها الموضوعية لكان هذا النقاش غير ذي فائدة ، لكن حينما يتعلق الامر بأعداد غفيرة من الافراد الذين يترجمون الوضع الى مطالب ، و يفرزون على ارضيتها أشكالا للحركة ، يصبح من الضروري البحث في طبيعة تلك الحركة و التركيبة النفسية و الاجتماعية للأفراد المكونين لها . لذلك سأعمد في هذه المقالة الى تناول نقطتين تتصل الأولى بطبيعة الحركة و تتعلق الثانية بافاقها و امكاناتها ، دون ان نغفل الترابط الجدلي بين النقطتين معا . و نشير الى ان الباحث اعتمد في هذه الدراسة تقنية الملاحظة بمشاركة ، عبر الانخراط لمدة ستة اشهر في حركة الاطر العليا المعطلة ، الى جانب الاحتكاك المستمر بباقي تيارات حركة المعطلين بالمغرب .
الحركة .
لنبدأ بالسؤال التالي : من هم "المعطلين" ؟
يلاحظ القارئ اني استخدم العبارة على صيغة اسم مفعول رغم ان التركيب الصرفي و الموقع الاعرابي للكلمة قد لايسمحان بذلك ، و السبب اني ارغب في الحفاظ على معنى العطالة بصفتها فعلا يوقعه طرف على طرف اخر ، حتى اضمن قدرا من الانسجام مع الطرح النظري المعلن عنه انفا على الاقل ، اول ما يتبادر الى ذهن الملاحظ العادي حينما يرى تلك الحشود الغفيرة في شارع محمد الخامس بالرباط هو التساؤل عن هويتهم و اين كانو و من اين جاءوا و لماذا هم هنا ؟؟؟؟.
ببساطة المعطلين هم صنفان ، صنف مسيس استفاد من تجارب الحركة الطلابية و هؤلاء قليلو العدد ، و صنف غير مسيس اي لم يسبق له ان انشغل بالسياسة بل ان منهم من لم يمش في مسيرة تضامنية مع فلسطين بالكاد و هؤلاء هم الغالبية العظمى ، و هم اما كانو في الماضي طلبة مستهترين حتى بالدراسة نفسها ، و هؤلاء يستهترون حتى بالنقاش داخل مجموعات المعطلين ، و غالبا ما يملأون الجنبات مازحين مع بعضهم البعض اثناء اي نقاش يهم البيت الداخلي لمجموعاتهم ، و منهم من كانوا طلبة منغمسين في المدرجات و ملزمات الاساتذة ، و كلا الصنفين يريان في كل فعل سياسي في الجامعة مجلبة للقلاقل ليس الا . عموما كل هؤلاء بعد قضاء سنوات في الدراسة يجدون انفسهم بدون اي فائدة ان على مستوى الجدوى العملية لما درسوه و ان على مستوى الوعاء الوظائفي لأجهزة الدولة ، ينطلقون في الغالب نحو الشارع رفقة جهلهم المطبق بالشروط التي جعلتهم معطلين ، و فاقدين للوعي القاضي بضرورة دك البنية التي جعلتهم كذلك . و لا يتوقف الامر بالنسبة اليهم عند حدود الجهل بل يتجاوزه الى عدم الرغبة اساسا في المعرفة .
ان القول بان العطالة قضية طبقية و بانها مرتبطة بالبنية القائمة التي تكرسها ، يتطلب لا محالة الاقرار بكون الاشكالات الاجتماعية المختلفة هي افراز لهذا الوضع الطبقي كالفساد و الجريمة ، مما يوحي بضرورة ترجمة اي مطلب كالتوظيف مثلا الى مطالب بمضمون طبقي ، و الا سنكون امام مطالب فئوية انتهازية كما هو الحال بالنسبة لحركة المعطلين ، فما الذي يجعل هذه الحركة انتهازية ؟؟
اولا : لان هم كل فرد منهم هو تحقيق مكسب شخصي له هو فقط ، ليس لزميله في " النضال" و ليس للأجيال القادمة .
ثانيا : الكل مستعد لان يفعل اي شيء و يرفع اي مطلب يمكنه من الضغط على النظام لتحقيق مكتسباته . علاوة على رفض اي نقاش يمكن ان يكثف مطالب جماهير الكادحين في شكل شعارات و برامج سياسية .
في الحقيقة هناك اوجه اخرى لانتهازية حركة المعطلين لكني اكتفي بهذين العنصرين ، دون ان نغفل ان هناك اشكالا عميقا يواجه الحركات الفئوية كالنقابات و تجمعات المعطلين لان الانتهازية تتسرب بشكل او باخر الى هذه الاطارات في حالة غياب وعي ايديولوجي يوجه العمل السياسي على ارضية طبقية و ليس فئوية انتهازية . لا اقصد بهذا النقاش طبعا الهجوم على مطلب التشغيل اذ يبقى حقا لجميع ابناء الجماهير الشعبية يجب الدفاع عنه الى اخر نفس ، لكن ليس البحث عنه على حساب الام العمال و الفلاحين و بؤسهم .
*درجات الانتهازية :
1. على خلاف ماهو سائد بين صفوف المعطلين يمكن اعتبار ذلك الذي يحاول ان يجذر شعاراته و خطابه سياسيا و ايديولوجيا هو الذي يمثل اعلى درجة في الانتهازية ، و ذلك لكونه يتبنى خطابا لا يطمح الى ترجمته و يعرف جيدا انه لا يمكنه ذلك نظرا لطبيعة الحركة الانتهازية المرتبطة بطبيعة الافراد المكونين لها ، بل ان هناك اتفاقا ضمنيا بينه و بين النظام مفاده استجب لمطلبي الانتهازي و الا تبنيت شعارات تزعجك . و هذه التيارات داخل حركة المعطلين يقودها في الغالب شرذمة من مدعيي الماركسية الذين يظهرون في واقع الامر حرجهم و عجزهم عن تصريف الاطار الفكري المرجعي الذين يدعون تبنيه في المكان الصحيح و عند المعنيين به، فيسعون جاهدين الى تبرير فشلهم و ارتمائهم في حضن الانتهازية بمنهج علمي ابعد ما يكون عن هكذا استخدام .
2. اما التيار الثاني على سلم الانتهازية فيمثله دعاة المطلب الاجتماعي ، و هؤلاء عادة يتذبذبون بين تبني شعارات ذات مضمون سياسي و اديولوجي و بين نبذ اخرى ، دون ان ننسى ان من داخل هذا التيار توجد عناصر ضلت سبيلها و كان الاحرى بها ان تنتمي الى التيار الاول .
3. و هناك تيار اخر حدد اتجاهاته على نحو اخر يمثله عادة من يسميهم اتباع التيار الاول و الثاني بالاشباح ، هؤلاء لا يغريهم اسلوب الفريقين الاوليين في المطالبة بالشغل ، بل يتنظمون على اساس تحين الفرص و الارتزاق على تحركات الفريقين الاوليين ، فضلا عن كون هؤلاء ايضا يرتزقون على حساب نضالات الجماهير الكادحة .
4. اخر تيار على سلم الانتهازية هو في الحقيقة تيار عفوي و غير منظم ، و ان بالشكل التنظيمي الساذج الذي تعرفه التيارات السالف ذكرها ، و لكنه افراز موضوعي ايضا للوضع الطبقي القائم ، يتعلق الامر بحالات المعطلين الذين يحقون مكتسب الشغل عبر اليات المحسوبية و الرشوة و التوظيفات الحزبية و هؤلاء انا اسميهم بالانتهازيين الشرفاء او المبدئيين – ان صح التعبير – لانهم على الاقل يحققون مكاسب شخصية في وضع لا يتضررون منه وحدهم و من شأن استفادتهم بهذه الطريقة ان تأبد الوضع لكنهم لا يبالون و لا يدعون الجذرية كغيرهم .
هذا التصنيف يجعلنا لا نفوت الفرصة دون ان نهمس في اذان كبار المعطلين الانتهازيين ، ان كانوا فعلا يبحثون عن مدخل مناسب للعمل داخل حركة المعطلين للمراكمة لشيء يستحيل تحقيقه عبر هذا الاسلوب ، نقترح عليهم مدخلا لكن سنستبعده تماما ، لعل النضال على ارضية مطلب التشغيل امر يمكن ان يساهم في تأزيم الاوضاع على النظام عبر انتزاع مكتسبات و حقوق لابناء الجماهير الشعبية ، ورغم ان هذا لن يضر النظام في شيء لانه كما اشرت سابقا مسألة العطالة ليست مرتبطة بموارد نافقة او اصابها شح كما يدعي سدنة النظام و لكن هي وضع مفروض لاسباب لا يتسع المجال للتفصيل فيها 1 ، الا ان اتساع دائرة المستفيدين من التشغيل سيما في الوظائف بسلالم الاجور العليا يمكن ان يسهم بشكل او باخر في زيادة اعداد المنتمين الى الطبقة الوسطى ، و الجميع يعلم كم يحتاج اي مجتمع على ابواب الثورات الى هذه الطبقة ، ربما هذا مدخل مناسب لهم لكن نستبعده لسببين، اولا لانها استراتيجية نضالية انتظارية و ثانيا لان نمو عدد افراد من تلك العينة لا يعني اننا نتوفر على طبقة وسطى بمضمون ثلاثي الركائز ، هذا علاوة على الصراع الذي يظهر في مجتمعات كثيرة بين الطبقة الوسطى و بين العمال و الفلاحين ، لذلك لا سبيل الا الى اعلان الانتهازية درء التمسح بالنضال المبدئي .


الافق .
الانتظام في مجموعات 2 ، الهتاف بالشعارات ، التعامل وفق انظمة من قبيل التنقيط او اداء الغرامات و واجبات الاشتراك ، التمايز بواسطة الملابس او الشارات ، هذه بعض الامور التي تميز المعطلين اثناء تحركاتهم عن غيرهم ، مما يبين بوضوح فئوية الحركة . الاغلب الاعم يعتقد انه بمثل هذه السلوكات يدافع عن موقعه الاجتماعي ، في حين انه يعلن انتهازيته بشكل سافر .
اذا عدنا الى الشرطين الاساسيين الذين يحددان معظم سلوكاتنا بحضور متفاوت طبعا ، و يتعلق الامر بالشرط الذاتي و الموضوعي ، يمكن القول ان جميع الشروط التي يتحرك المعطلين على ارضيتها هي شروط موضوعية بدءا بالعطالة نفسها و انتهاء بالتكتيكات الميدانية في الشارع ، مع الكثير من الاضطراب في الفهم و التعبير الخطابي . فقد تبلور و بدون اي خيار ذاتي شكل مقيت من البيروقراطية داخل تنظيمات المعطلين التي تكون في الغالب على شكل مجموعات لديها مكاتب مسيرة على رأسها كتاب عامون يأتمر الجميع باوامرهم ، لا يشترط في هؤلاء الا القليل من الجرأة الزائدة و القدرة على الصراخ حتى يظفروا بالمنصب . و غالبا ما يعمد بعض المتفيقهين الى تبرير هذه الهيراركية السلبية على اساس انها شكل من اشكال المركزية الديمقراطية . التنظيمات تعقد جموعا عامة و تقفل ابواب التسجيل على المعطلين الاخرين الذين يلتحقون بعد اشهر بدعوى انهم انتهازيون يرغبون في جني ثمار نضالات المعطلين ذوي الشرعية التاريخية !.
هناك ميثاق ضمني بين اجهزة النظام السياسي و حركة المعطلين ، مفاده انه اذا اراد المعطلون ان يحققو مكسب التشغيل متى اراد النظام ذلك طبعا فيجب ان يسلكوا مسلكا حركيا يرضى هو عنه ، و نظرا لانتهازية الحركة يقبل منتسبوها بذلك ، مثلا يشيع المعطلون بينهم مع استثناءات نادرة الى منعدمة احيانا مفردات من قبيل ( المواجهة . التصعيد . الاقتحام . الكر و الفر .) و هي في الحقيقة اثناء ممارستها تكون ابعد حتى عن المضمون اللغوي لها ، كأن يصير الاقتحام تسللا و التصعيد و المواجهة فرارا . كما يعتقدون ان الجهاز البوليسي يحاول دوما ان يزيل بدلهم ( جيليات ) و انه لا يحب تميزهم ذاك ، في حين ان النظام يرغب في عزلهم عن الجماهير الشعبية باي شكل ، بل و ان يكرس اقصاء هذه الاخيرة لهم ، مما يدفع بشكل استراتيجي الى تكريس الانتهازية بين الجماهير بشكل اكبر ، المعطلين يقومون بذلك بدون وعي منهم طبعا فالشروط موضوعية صرفة كما اشرنا سابقا .
يرفع المعطلين شعارات اغلبها قادم من زخم نضالات الحركة الطلابية المغربية ، و بعد الكثير من التحوير يرفعون الشعارات دونما اعارة ادنى اهتمام للتناقض بين مضامين تلك الشعارات احيانا ، مثلا لا يحس المعطلين بالحرج من التنديد بالوضع الطبقي الذي يكرس البطالة و بين الاقرار بسلمية حركتهم ، و بين التحذير من مغبة التصعيد و احراق الذات و المناداة بكون مطلبهم اجتماعي صرف . ليس مهما ان يكون الشعار تكثيفا لموقف معين و لكن المهم ان يكون ذا نغمة جميلة تملأ أصداءه شوارع العاصمة . و على مستوى ثان لا يبالي هؤلاء بتاتا بالأوراق التي بحوزتهم و يرمون بها مجانا و جزافا ، مثلا قد يقومون بالتسلل الى مقر الامانة العامة للحكومة ثم يعودون الى اقتحام مدرسة ثانوية ثم تجربة احراق للذات غالبا ما تكون محاولة للتهديد و لكنها غير مدروسة البتة فتتحول الى حقيقة ! ، ثم يعودون الى الوراء لاقامة اعتصام او اضراب عن الطعام ، عموما لا يقيمون وزنا للتراتبية التي يجب ان تنظبط اليها هذه الخطوات بالرغم من ان الكثير منها لا يجب ان يكون واردا اساسا ، فكيف يعقل ان يعمد احدهم الى احراق ذاته أو التهديد بذلك في حين ان من يملك استعدادا كهذا من المفروض فيه ان يسير في طليعة من يدافعون عن مبدأ اكثر جذرية ، او على الاقل القيام بفعل عنفي قد تكون عاقبته بضع سنوات من السجن او ربما يدفع الى تدشين محطة ذات اهمية بالنسبة للجماهير الشعبية بأكملها .
يعتقد اغلب المعطلين ان وجودهم يزعج النظام القائم 3 ، و يعتقد الاغلب الاعم ايضا ان وجودهم بالصورة المعتادة لدينا يشكل مصدر قلقه ، مثلا يؤمنون جازمين ان فئويتهم الضيقة تلك و تميزهم باللباس و ما شابه هو مناط القمع الذي يتعرضون له ، لكن في الحقيقة النظام و اجهزته اكثر ما يكونون حرصا عندما يتعلق الامر بحصر حركة معينة في خندق الفئوية و تاليا في الانتهازية ، و عزلها عن اي معبر ينطق بلسان حال الطرف النقيض4، فبالأحرى ان تصبح هي ذاتها معبرا ! . و بالمقابل يستفيد من وجود هكذا حركات ، فاذا كان من البين ان وجود العطالة أضحى امرا بنيويا و وظيفيا في الرأسمال ، نظرا لما يوفره من فرصة انتعاش ارباب العمل نتيجة توفير يد عاملة رخيصة و راضية بالنزر اليسير من النقود مقابل عملها ، و من ناحية ثانية تساهم العطالة في توفير نوع من التوازن في السوق ، علاوة على كل ذلك تلعب حركة المعطلين على المستوى السياسي جملة من الادوار . ففي المغرب يعاني النظام القائم من نقص حاد فيما يتعلق بقوى تملأ الشارع و تحدث نوعا من التخمة لدى الفرد البسيط فيما يتعلق بمسألة التفكير في النزول الى الشارع ، فكلما اصبح الشارع فارغا كلما ازداد الجوع السياسي لدى الجماهير ، الى الحد الذي يصبح معه وجود حركة كحركة المعطلين بمختلف تلويناتها وظيفيا . كما انهم بالنسبة اليه لاعبي احتياط يدفع بهم متى احتاج ذلك الى الملعب ، او قل ان المعطلين المنظمين 5 يشكلون ورقة يلعبها النظام في وقتها المناسب 6 .
سيناريوهات البقاء و الفناء .
حيث ان قانون اي حركة هو التحول و الاطراد فان من لا يتقدم فهو يتراجع باي حال من الاحوال ، لذلك يمكن القول ان حركة المتعطلين تتراجع باستمرار الى الخلف ، و هذا ما يريده المعطلين بالطبع نظرا لانتهازيتهم و انتهازية الحركة تاليا ، ينتظر كل فرد في الحركة و يرجو ان تتناقص الاعداد بأسرع ما يمكن و ان يعمد النظام الى ايجاد حل للقلة المشرفة المتبقية ! اعتقادا منهم ان النظام فعلا يرغب في ايجاد حل لهم و لكنه غير قادر على ذلك ! و في حقيقة الامر فان النظام السياسي المغربي يعرف جيدا مدى اهمية تصريف الضغط حتى لا يجد المعنيون بالمشاكل البنيوية حرجا في تحملها ، رغم تعالي الصيحات الساذجة في الغالب بين مكان و اخر تطالب بسد الحاجات . فمثلا الاغلب الاعم من المعطلين يجد منافذ لتصريف اشكالاته اليومية و الاسبوعية و الشهرية من اكل و شرب و ملبس و حمام و حلاقة و كراء و تنقل ، فلنتخيل لو لم يكن ذلك ممكنا ما هي الاشكال النظالية التي كانت ستفرزها حركة المعطلين ، سيما و ان جميع شروط انتاج الفعل موضوعية كما سبق و ان اشرت في اكثر من سياق.
تأسيسا على ماسبق يمكن القول انه ان لم تتبن الحركة اشكالا تصعيدية منظمة و واعية 7 تستطيع ان تكبد النظام السياسي خسائر مادية ، فان مصيرها سيكون التراجع صوب الاضمحلال 8 ، علاوة على كون الامل في تحرك الجماهير على ارضية اشكالاتها كداعمة للمعطلين من اجل تحقيق مطلبهم اصبح شبه مفقود هو الاخر ، سيما و اننا نلاحظ انتفاضات شعبية بكافة المدن المغربية و احيانا تزامنها في اكثر من مكان و هي سابقة في حد ذاتها و مع ذلك لم تشكل ضغطا على النظام يستفيد جراءه المعطلين . ان ما الت اليه الاوضاع بالنسبة للامم التي قمت بانتفاضات اصبح يجعل اي فعل جذري باعثا على الريبة في صفوف الجماهير . لكن ان تبنت حركة المعطلين العنف المنظم في ظل اي ظرف كان فان الحل الوحيد بالنسبة للنظام ان يقوم بعملية ابادة او ما شابه خاصة اذا وجد نفسه امام قدر لا يستهان به من التنظيم و التدريب و الصمود ، و كما يعلم الجميع فان النظام المغربي لم يعد يجرؤ على القيام بإبادة اعداد غفيرة من البشر كما في السابق ..
بالطبع هذه محض افتراضات نظرية لكن المعطلين و نظرا لانتهازية اي فرد بينهم فإنهم لا يفكرون بتاتا في خطوة كهذه لمجموعة اسباب يتداخل فيها النفسي بالأيديولوجي . مم يجعل الحركة في اخر المطاف بعيدة عن اي مؤشر يمكن القول في ضوءه ان الحركة تمشي في خط التطور بمضمون ارتقائي !!!!!!!!!.
هوامش :
1. لمن اراد الاطلاع اكثر على هذا النقاش يرجى العودة الى اشهر مفكري الاقتصاد السياسي : كارل ماركس . ريكاردو . او ان يطلع على بعض الوسائط و نقترح في هذا الصدد على القارئ كتابات المفكر الاقتصادي كينيث جالبرت .
2. لا اقصد التمييز بين مجموعات المعطلين و الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين.
3. اقصد بالازعاج انه يشكل له قلقا نابعا من الشعور بضرورة حل المشكل الملقى على عاتقه ، لكن على مستوى ثان وجودهم يزعجه بالقدر الذي لا يتوفر على معطيات بشأن تحركاتهم و القدرة على التحكم فيها عبر اليتي القمع و المناورة السياسية .
4. ذلك لان الصراع الطبقي هو المجال الوحيد المشترك بين جميع الحركات التي تحمل مطالبا مختلفة ، و اثناء التقاءها على ارضية المرتكزات الثلات : الاقتصادية و السياسية و الايديولوجية يتم تجاوز المطالب المباشرة الى مطلب تدمير البنية القائمة .
5. لا نقصد طبعا التنظيم على اساس علمي ، و لكن التواجد ضمن مجموعات او قوائم .
6. يمكن للمتتبع ان يقارن هذا المبدأ و ما حدث عشية " انتفاضة البوعزيزي " ، بحيث عمد النظام المغربي الى ادماج الاطر العليا الموجودون في الشارع في اسلاك الوظيفة العمومية ، خوفا من الشارع في تلك الفترة و تدعيما لاطروحة الاستثناء المغربي انذاك.
7. تبني المواجهة المادية مع النظام لا يعني بالضرورة ان الحركة ستتجاوز افقها الانتهازي ، و نحن بهكذا طرح لا ننظر للانتهازية ، و من جهة اخرى ففكرة تبني العنف غير واردة لدى المعطلين خاصة من ينتمون الى الانواع الثلاثة الاخيرة ، بل انهم يضللون انفسهم بادعاء ان نضالهم حضاري و سلمي ، و نحن نعلم ان المناضلين في بلدان مهد الحضارة يتبنون العنف كاليونان و الانجليز و الفرنسيين على سبيل المثال !!!!
8. اقصد اضمحلال الحركة و ليس الظاهرة.



#سعيد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلفاء بلا خلافة


المزيد.....




- مبروك يا موظفين.. النواب يتدخلون لحل أزمة رواتب الموظفين.. ز ...
- “موقع الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz“ تجديد منحة البطالة 20 ...
- فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية ...
- تِلك هي خطوات تسجيل في منحة البطالة 2024 للحصول على مبلغ 15 ...
- رابط التقديم على منحة البطالة للسيدات المتزوجات في دولة الجز ...
- “صندوق التقاعد الوطني بالجزائر عبـــــر mtess.gov.dz“ موعد ت ...
- الآن من خلال منصة الإمارات uaeplatform.net يمكنك الاستعلام ع ...
- بشكل رسمي.. موعد الزيادة في رواتب المتقاعدين بالجزائر لهذا ا ...
- شوف مرتبك كام.. ما هو مقدار رواتب الحد الأدنى للأجور بالقطاع ...
- احتجاجا على الخريطة .. انسحاب منتخب الجزائر لكرة اليد من موا ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سعيد صقر - المعطلين : بين طبقية القضية و انتهازية الحركة.