أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - النيل الذي لا يكف، إلا أن يجري ولو متأخرا - قراءة في قصيدة كريسماس آخر















المزيد.....

النيل الذي لا يكف، إلا أن يجري ولو متأخرا - قراءة في قصيدة كريسماس آخر


حسين سليمان- هيوستن

الحوار المتمدن-العدد: 1121 - 2005 / 2 / 26 - 12:38
المحور: الادب والفن
    


الماء. كي يقوم مثل رجل عجوز كان قد ضاع. ذهب. غربت تقريبا الشمس. إهرامات. على ثلاثة أضلع تبدو التلال ليست تلالا بل تاريخ الصحارى البعيدة الكبرى التي تقلد في مشيتها اخناتون عند منبت القصر هناك قصب محمول: طفل متأخر تدفعه أذيال النهر.
وتأتي الشمس، لا احد يعرف من أين، من الثقب الفرعوني؟! على مصر أن تمد جلدها، نسيجها النهري الذي يحمل خلق الله. ومن صعيد وأسوان ثم تنزل القاهرة مثل طبق طائر مع اهراماتها وزمانها كله. دفعة واحدة تحملها طيارة البوينغ 7777777 ربما عشر سبعات او خمسون سبعة حتى تحمل معها مارك انطوني تحت قدميها يركع وهي- لا تقل لي إنها الملكة، بل أنها مصر- أغنية تطير فوق السحاب الضوئي.
يعرضون امامنا الآن في قنال الديسكفري الحركة- الدور الثالث Act 111 فرعون الزمان الكلي الذي جعل الناس يقلبون الصفحات ويقلبون مزق التاريخ كي يعثروا على أحرف شبيهة له، لزمانه لمكانه. ليس سور الصين العظيم ولا سماء بابل او ابراجها التي زرعت بساتين عدن في الفضاء ليس هذا كله. بعصاه وعمرته ولحيته رجل في السابعة والثمانين من عمره يقترب من المائة، الله كم عمر رجال مصر طويل!
في مطار طيارة البوينغ تنزل منها أو انها تصعد، هناك حركة. جسدها في ثوب كرانيشه واسعة وبخطى حذرة أن يعثر شق الضوء الصاعد. فترفع أذيال البلد كله قليلا كي لا يعثر في مشيته. حزينة مودعة في هجرة. مرة أخرى الهجرة العظيمة.
لماذا خلق الله مدن الهجرة؟
تقريبا على حدود خليج المكسيك.
فوداعا يا القاهرة. تلويحة تنزع عنها قفاز يدها الأبيض- كيوم العرس. وهي تلوح وابتسامة نراها في الصور مثل غيوم الربيع بيضاء حليبية أصلها أصلا تركي. اسطنبولي، فتحني رأسها كي لا تكسر الحد العلوي.

قراءة في كريسماس آخر لفاطمة ناعوت التي نشرتها كيكا:

هذه هي المرة الثانية التي اقرأ فيها الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت. ولا أحب أن اقرأ شاعر لمرتين- يصيبني الملل. فقراءتي في الواقع هي قراءة لنفسي وكيف افهم القصيدة والشعر. لكن كريسماس آخر رأيتها تحتاج لقراءة تشكيلية لأنها في الواقع لوحة كتبتها الشاعرة بالقلم وكان قصدها ان تسندها على لوحة قماش يسيل منها الزيت كي يتشكل، ومختلفا ذلك في كل مرة ينظر اليها الناظر.
هناك رؤية. أو انها حالة كما قالت مرة الشاعرة في مناقشة بينها وبين الشاعر الاردني عيسى قنصل. كي تفهم القصيدة يجب أن تقوم بعملية تفريغ للثقافة- من حروفها، بمعنى أن تنزع عن العقل الموقف المسبق من الأدب والشعر. وبهذا فأن الدخول الى عالم القصيدة هو دخول صاف لا رتوش فيه. ينظر اليها بعين طفل لم يتعلم القراءة بعد.
وبالفعل فأن الموقف النقدي المسبق الذي نحمله كمثقفين قراء قد يعيق عملية الاستقبال ويخرب بالتالي الذائقة. لهذا فإن أعمالا أدبية كبيرة لا يكتشفها عصرها بعض الاحيان كما حدث مثلا مع الموبي ديك الذي مات صاحبه قبل إن يخرج إلى النور. والآن فهو رواية هرمان ملفل المذهلة تكاد تؤرخ كونية المدنية الغربية ممثلة على أفضل تمثيل بالولايات المتحدة.
قراءة الأدب ستكون عويصة مليئة بالعناصر المجهولة التي تحضر ثم تغيب. هناك أعمالا ايضا- بالمقارنة تذاع وتنشر ولا تلبث أن تموت. لذلك هناك دوما حذر من الاشارة الى العمل الكبير الذي يعوم فوق سطح الزمان يسبح دون أن تبتلعه الظلمات. لا أحد يعرف لكن الوقت جدير بالإشارة إليه.

مرة واحدة. مثل تنزيل جُبل البيتون لانشاء عمارة شاهقة.
لا تعمل الشاعرة على القصيدة- لا تنتظرها ولا تدفعها بل تأتي لمرة واحدة حاضرة مكتملة لا يلزمها سوى اعراب واملاء! صور ترتكز على اللغة!
" القبلة
التي انتزعها الولد من البنت الغافلة
عند لحظة تفصل بين عامين
ستحرك الاحداث لتكتمل
عند اطراف الخريطة"
البنت الغافلة –ريم- بماذا تفكر- بغفلة الزمان عنها، انها الافتتاحية كي تقول أن القبلة هي المنبه الذي سيوقظ النفس الغائبة ويحرك بالتالي الأحداث في خريطة حب قاهرية. The map of love
" تفكر
فيما توضب الفساتين في حقيبة السفر
أن برودة خليج المكسيك
ستمنع الجراثيم
-التي تركها المريض فوق جلدها-
من التكاثر،
فتنسى عمدا
ان تنزع القصائد المعلقة على سور البيت
وعلى القلب"
لا أريد. تضيع العبارة في هذا العرض الكلاسيكي- لا أحب أن أقدم شرحا لمحفوظات: عرض فقرة شعرية ثم شرحها. يجب أن أفتش عن طريقة أخرى تتلاءم مع روح القصيدة.
"الشاهد
أنها أجادت اللعب
وأن مكوثها في "هيكل الزهر" سنواتٍ ثلاث
جعل الزيتونة تكاد تثمر
حتى أن العابرين توقفوا ببابها
ليلتقطوا شيئا من رائحة الطيب
في سلالهم،
لذا كان من غير المنطقي
أن يقصوا قدميها
كي يستقيم الظل.

القبلة المباغتة
في بلكون السيدة الفرنسية
أفرغت الرواية من الاحداث
وجعلت بداية العام نقطة قرار
وفرح

جميل أن يكون ثوب الزفاف
بكرانيش واسعة
ينسجها الدمشقيون بخيوط من حلب،
خيوط لا تشبه حرير القزِّ
الذي ألتفّ قديما حول عنقها،
وجميل أن ترتقي السلم بحذرٍ
يليق بعروس على وشك اكتشاف قانون الضوء،
سوى أنها
حين تصل إلى أعلى الدرج
ستحني رأسها
وترمقه
بنظرة أخيرة."

لذلك لا مناص. خيوط حلبية ودمشقية شامية. ماهو العرس الحلبي: زين زين مكحول العين! وكرانيش واسعة. خطوط الضوء. حرير القز الذي التف حول عنقها في الماضي لا تريده. إنها وحدة مصرية شامية ربما! هل نحن، هنا، عند حدس شاعري يؤكد أننا أمام ريم المتعب التي جعلتها الشاعرة تغيب وتختفي حين ذهب العراق، وهنا قررت أن تحضر. إن العراق في قصيدة المتعب لم يغتصب لكنه ذهب. ذهب بإرادته وعليكم أن تقدروا نوع العذاب والبكاء التراجيدي الذي شاط القصيدة بذهابه. في قصيدة الكريسماس الأخر كأننا أمام ريم المخدرة والتي ستنقذها من حالة الغياب هذه القبلة عند فاصل العامين. القبلة الفرنسية. على الحد بين الخروج وبين الدخول. وماذا هناك؟
تفكر وهي ترتب الحقائب أن برودة خليج المكسيك ( اللاتين ربما) ستمنع عنها الجراثيم التي تركها المريض في روحها ولهذا فأنها ستترك عذاب قصائدها وعذاب قلبها على الأسوار والجدران.
حقيبة وخليج ينتظرها! إذن هناك هجرة. هجرة ريم في قصيدة المتعب كانت هروبا أو اغتصابا ولقد وضعها الرجل في جيبه ورحل. لكنها هنا توضب كل شيء على مهل وهي تفكر. إنها الحرية التي ستنالها، تأخذها، حيث مكوثها في هيكل الزهر جعل الزيتونة تكاد تزهر. زيتونة وهيكل زهر! لثلاث سنوات. غيابها في ريم المتعب هو غياب تراجيدي فيه سحر اسود اما هنا فالزيتونة وهيكل الزهر ثم العدد السحري ثلاث سنوات كلها تشير إلى أمل قادم. ذلك لأن العابرين –كان من غير المنطقي أن يقصوا قدميها كي يستقيم الظل! يستقيم الظل بنظرهم. لقد شغلهم التوقف في بابها لأخذ الطيب.
جميل إذن أن تجد ثوبها بكرانيش حلبية وخيوط شامية مصرية هذه العروس عروس العرب. لا أدري من أين يأتيها تفاؤل لا نجده في الشارع العربي اليوم.
إنه الشعر الذي يستلهم الزمان ويحضره أمامه- ترتقي السلم بحذر، على وشك اكتشاف قانون الضوء. لكنها سوف ترمق الماضي- حين تصل أعلى الدرج بنظرة أخيرة.
ويبقى الكثير للقول في هذه القصيدة.



#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليليت لن تعود- قراءة في الثقافة العربية
- كوة الحائط العالي حد الدنيا
- رسالة إيميل- بعدما انتهى عيد الحب
- اجنحة ماركيز المقلوبة
- عن الحب فقط- مدن الحب
- الأم في العام 1905
- المرأة ذات الوجه الأبيض- 2
- المرأة ذات الوجه الأبيض
- حب إيــه بعـــد ثلاثــين عـامـا
- الجنِِــة جيدة- قصة مكتوبة على حائط مهمل
- طالعة من بيت -أبوها-
- حبي لها كان كاذبا
- ما حال القصيدة إن انقطعت الكهرباء
- تترك قلبها على ظهر حصان يركض
- لعبة ورق
- تعبر من أمامه راكضة وهـي تخفق كطير( تمهــيد للقصــة – حرف ال ...
- يصل صوتها عبر المحمول... من القاهرة
- صحراء مثل الجنة
- مقالة في الشعر العربي المعاصر- منذر المصري


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - النيل الذي لا يكف، إلا أن يجري ولو متأخرا - قراءة في قصيدة كريسماس آخر