أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - الهوس الدينى المتجدد














المزيد.....

الهوس الدينى المتجدد


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 19:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتفقت غالبية الآراء والتعليقات على أن تصعيد الغضب إلى تلك الدرجة التى تحدث يومياً بسبب الفيلم المسيئ إلى رسول الإسلام لا يخدم الإسلام بل يسئ إليه كما جاء على ألسنة الكثير من الخطباء والمعلقين والمقالات خاصة فى مصر، التى تشجب تلك الأعمال الغير مسئولة ولا تعبر عن الإسلام مثل ما قال الرئيس المصرى والكثير من الشيوخ والنشطاء والمسئولين السياسيين، لأنهم يعرفون بخبرتهم وحنكتهم أن تلك السلوكيات التظاهرية المظهرية تتجاهل كل ما يحفظونه عن ظهر قلب من قيم ووصايا وتعاليم الإسلام التى يرددونها دائماً، وسلوكياتهم هذه وقت الإساءات هى مجرد إنفعالات لن تنصر الرسول ولا الدين لأنها أفعال تتناقض مع ما يدعون إليه من قيم وتعاليم إسلامية.

إن ما يحدث إسلامياً على المستوى العالمى هو خروج على القانون وليس غضباً طبيعياً إنسانياً، فإضرام النيران وتخريب والإعتداء على السفارات وإراقة الدماء وقتل البشر ليس إلا تعبير مرضى عن مشاعر وعواطف شحنتها الكراهية والبغض، فأخرجتها عن أطوارها الإنسانية، أقول الصدق أننى أشعر بالشفقة والألم على هؤلاء المتظاهرين الغاضبين الذين يسيئون لوصايا دينهم ورسولهم، والمئات الذين يصابون وتسال دماءهم أثناء تظاهرهم وإظهار غيرتهم وغضبهم لكن يغيب عنهم أن تلك الأعمال لا تليق بشعوب تعيش فى القرن الواحد والعشرين، شعوب تعتز دائماً وتفخر بأنها صاحبة حضارة إسلامية، فهل سألوا أنفسهم: هل تلك الأعمال والتظاهرات الغاضبة المدمرة المشحونة بالكراهية تليق بوصايا الإسلام وإلهه ورسوله وحضارتهم الإسلامية؟
هل تعبر تلك السلوكيات المريضة عن التربية والأخلاق الإسلامية؟ هذا السؤال يجب أن يسأله كل مسلم مخلص ومؤمن بعقيدته ويريد الدفاع عن رسوله حتى لا يقع فى إرتكاب جريمة لن تغفرها له عقيدته ولا إلهه الذى كان صريحاً فى تعاليمه كما يقول المدافعون عن الإسلام الآن، بعد أن أكتشفوا أن الدين يحرم تلك الأعمال المنافية للشرع والأخلاق وعليهم الرجوع إلى الإعتدال والبعد عن التطرف والإستهزاء بالذات فى أعمال غوغائية لا يقرها شرع إنسانى أو إلهى، فالمؤمن بدينه والمحب لرسوله لا يمكن أن يقر ويعترف ويصرح علانية أن إلهه ورسوله يريد إراقة الدماء والأعتداء على الآخرين بهذه الطريقة الهمجية التى لا تعبر عن الحب.

على كل مسلم أن يعرف أنه فى أوقات المحن والمواقف الصعبة تظهر حقيقة شخصيته وما يخرج منها من إساءات أو سلوكيات حسنة، إنما هى تعبير عن شخصيته الحقيقية التى يراها الناس ويحكمون عليها خيراً أو شراً، إما الشخصية الطفولية وإما الشخصية الراشدة الواعية لما تؤمن به من مبادئ والعصر الذى تعيش فيه وسط بشرية لا تنتمى إلى عصور الجاهلية والبداوة وإنما بشرية أرتفعت مداركها ومعارفها وحرية وديموقراطية يطالب بها الجميع للقضاء على الدكتاتورية التى ما زالت تحكم الكثير من المجتمعات العربية.
لذلك نعرف جميعاً أن هناك أساليب ديموقراطية راقية للدفاع عن تلك الإساءات ينبغى اللجوء إليها عن طريق الهيئات والمؤسسات الدينية التى تمثل كافة الأديان، ومن حق المؤمن الذى وجد إساءة إلى رسوله أن يتخذ الطريق السلمى الحضارى، ويتخلى عن أساليب العنف المتوارثة من عصور التخلف والأستعمار، وأن يعى جيداً أن طريق النهضة الإنسانية يبدأ فى الدفاع عن حقه فى أستخدام الحرية للرد على من يسيئون إليه بالحكمة وبالطرق العصرية التى أتاحتها لنا منجزات التقدم التكنولوجية، ولا ينبغى لقادة المجتمعات أن يسمحوا أن تكون تلك الإساءات مصدراً للهوس الدينى الى يتكرر بين الحين والآخر يتم صنعه وأستغلاله سياسياً على حساب الشعوب العاطفية.

علينا أن لا نتجاهل الحقيقة الواقعية التى كشفتها سلوكياتنا المحبطة، أننا نتراجع زمنياً بأفكارنا وأعمالنا الغير إنسانية وعلينا أن ندرك سريعاً خطأ تفكيرنا والطريق المؤدى إليها، وهو طريق قامت الأمم بإعادة بناءه من جديد ليتوافق مع زماننا الحاضر، ومضت الأمم الجادة فى تحديث فكرها وثقافتها وطورت من وعيها بالواقع المحيط بها، حتى يتسنى لها صنع التغيير المطلوب فى بنية المجتمع، لذلك أتمنى أن تكون هذه الفوضى التى صاحبت الدعاية لفيلم وهمى لم يشاهده أحد حتى الآن إلا خمسة عشر دقيقة على الأنترنت، لها نهاية سارة لشعوب المنطقة بأن يأخذوا منها العبرة ويصححوا أخطاءهم، وأن يتيقنوا أن أسلوب العنف سيخلق عنفاً أكثر وتصعيداً لا مبرر له إلا إراقة الدماء.

هل سيتعلم رجال الدين والسياسة والفكر ويصنعوا منهجاً جديداً يقود المجتمعات والأفراد إلى طريق المحبة والسلام بدلاً من العنف والتطرف والهوس الدينى؟



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضيحة الإيرانية و الرئاسة المصرية
- الحرية وطريق التحرر
- لا طائفية بدون سماح النظام
- الإرهاب وسطوة الفكر الدينى
- سيناء بين الحقيقة والتضليل
- غزوة الإخوان التقاعدية
- ترشيد البشر لتوفير الكهرباء
- ظلام الديموقراطية الجديدة
- دولة مصر ودولة الإخوان
- علاء الأسوانى والوقاحة العنصرية
- تحية واجبة إلى شعب مصر
- نوال السعداوى وجائزة العقل
- المواطنة والثورة الجريحة
- العمال والجهل بالثورات
- جمعة تخريب المصير
- إهانة العقل فريضة
- كل ثورة وأنت طيب
- حقائق مؤلمة يا أهل العراق
- من الذى فشل فى إدارة مصر
- سوريا وحاجز الصمت


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل نجيب - الهوس الدينى المتجدد