|
5 قصائد
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 17:26
المحور:
الادب والفن
يرث الحيّ تابوته عن ضرر عظيم
لا يَعْكس النسيم الوجيز لعمود الفضيلة القائم بذاته بين الرجاء والغفران ، أيّ أمل لنا في اتحاد الماضي بالحاضر . نهاية محتومة لمصير لا يتعزّى بين الأروقة المنوّمة للتاريخ . ما نُسلّم له أسرانا التي نهْدرها في مرضنا ونحنُ نَتخّفى تحت السهاد الهائل للديمومة ، هو تطوّر عاطفتنا في الامتعاض من الصلاة الى الفعل . مذنّبات كثيرة مرَّت في قيظ السنة الماضية ، وطاردنا تحتها الأنين الأمومي للسيول ، لا الطوفان جاء ، ولا نحنُ رجعنا الى حلمنا المعلّق فوق شجرة الأضحية . خسائر تتعاقب في الأحجية السهرانة للصواري ، والغناء لا يُشفينا من الجروح المتحرّكة لخرائبنا المعفّرة بميتتنا المطمئنة . يرث الحيّ تابوته عن ضرر عظيم ، ويحمل حيف شيخوخته ، ويغوص بمجهود الحمقى تحت شجرة التفّاح .
الجانب الآخر من الهاوية
بروق صامتة في انحدارها على الظهيرة العتيقة للعالم ، نُردّدها في مزاحمتنا للموتى ونحنُ نتهيأ للإبحار صوب الأرض المخْفيّة لليل . الموتى الذين انتحروا وانفصلوا عن المحارم ، يتلّمسون في نومهم وهم يتعانقون ، اللحظة المُطهّرِة التي تواسي الفاني . موت كثير يتمطّى في أشجار السنوات التي نغفو تحت أفيائها الخائنة . أيّة مَضرّة تغدق علينا ميتتنا الخديجة ، تحت مطر خبراتنا القابلة للابتزاز ؟ مُقدَّرٌ لنا في الطاعة المرتعشة ونحنُ نحاول الامساك بالكينونة ، أن نقبض على الحيّ ونقيضه ، المحسوس واللامرئي . حياة معتلّة تعوزها الرأفة في الفجر الأسود للوجود ، نتنفّس رمادها ونرتحل الى الجانب الآخر من الهاوية .
الى الشيوخ الحمقى
رياح هائلة تتواطىء مع تأسفاتنا المزّنرة بالألم ، وتُسلّمنا الى المهزلة الموَّطدة للشيخوخة . أعضاؤنا المتصدعة تعتليها السهام الصدئة للأمراض ، وريش وسائدنا في الأجمات التقية التي نسهر فيها ، تُشرَّطه الأغصان المرعوبة لصمتنا في الصيف القائظ . سلالم يتكثف فيها الوهن ، نصعدها بانهاك عظيم ، ولا يرافقنا في لهاثنا الوميض . حاضر ينزف آباره بطيش خلف الأبواب الموصدة للثمرة التي انتظرنا إزهارها بين عفّة الجروح . الغيوم اللاواعية تتعاقب فوق شجرة رأس الميت ، واللحظة التي تحرّك الأصوات في سهاد السنبلة ، تُفجّر نفسها بين الثلوج السود لبحيرات ربيعنا الرهيب . لا يمنحنا الإلهي تعزية ما ، وأعمالنا كّلها سدى في بؤس حياتنا المخزية ، والأمل لا يعيننا على التنفس في مناجمنا المشعّة بالموت وفؤوسه المرتجفة . كثيرون صعدوا في الشلل وظلّوا يكافحون ثقل احتضارهم من دون نبض يتلوى .
مجابهة الرهائن
دفنوا في الطقس الجاف ، الصارية المرهقة للميت ، وتوّغلوا في النجود المظلمة بلا حماسة تضرم النسيان على من رحل بصمت . تتعجّل الشمس التمزقات الخضر للغيوم الهيفاء ، وإغاثتهم لضفة الشاطىء التي تنحرف باتجاه الماضي . إشارة منقبضة لترحاب غير مجدي للشيء الذي يغيب . إختيارهم للعصيان في بلوغهم النهاية الحتّمية لزمنهم ، لا يُنزههم من الرماد المنسدل على ندمهم . رنّات مباغتة لمرايا الشموع ، تُخلْخل الجرح السليم في حركته المتريِّثة . صلابة عدل عديم القيمة ، يحطّمها الفاني ، وينسى صخرة أمله في مجابهته للرهائن . الأسرار تتلكأ في هدمها لفراغ المُضحّى به ، وكلّ بشارة تتسلّط علينا في أمان تجارتنا ، نتفحّصها بجزع يهدّم يقين التجربة .
الفناء في شموله الحيوي
نحاولُ في شدوّنا بين الجروح المتضوّعة ، الهدنة مع الألم الذي يتعذّر الشفاء منه . حياتنا المهيبة ، يخلخل فيها السهاد براعة الفراغ ، والفناء الماثل أمامنا في روائحه العتيقة ، نحسّه لحظة أمينة لخلاصنا . الفناء في شموله الحيوي ، إدراكنا الحميم للمتاهة ، أنانية معيّنة نضيّع في فتحات تفرغها للرذائل ، التململ الحادّ للسنوات التي عشناها بين الجزر الشاحبة للأحلام . مقابر متلألئة في معجزاتها ، ترّحب بنا أصيافها وتنزلنا الى المخالب شديدة الافتراس . يتكلَّم الآدميّ مع شيخوخته المقوّضة لحلمه ، في إسباله لحياته على الفراغ ، ولا شيئ يكرّمه في النفحة القصيرة التي تمضي . شعور تراجيدي بالخسارة ، يتعذّر العيش معه ، والحركة تقصد ما له اعتبار في الأجساد التي يهلكها الأثير في الحديقة الخائنة للوجود . 15 / 9 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
-
ثقل الأضاحي
-
مصائرنا المصفوعة بيأسها المريع
-
ثلاث قصائد
-
نصوص الحرب
-
يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين
-
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
المزيد.....
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
-
الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب
...
-
خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو
...
-
سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح
...
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|