أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامر أبوالقاسم - البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (3)















المزيد.....

البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (3)


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 06:16
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إن الدينامية الإصلاحية القوية التي تشهدها بلادنا، في العقدين الأخيرين، والاهتمام الملكي الخاص لإصلاح منظومة التربية والتكوين، والدعم الحكومي القوي لتمويل البرنامج الاستعجالي، كل ذلك شكل فرصة تاريخية وسانحة للقيام بتأهيل شامل للمنظومة التربوية، وتحسين نوعي ومتواتر لمردوديتها. لكن، ونحن على مشارف انتهاء السنة الرابعة والأخيرة من البرنامج يتأكد عمليا أننا لم نحسن استثمار هذه الفرصة التاريخية بالنظر إلى الطموح ذي الصلة بالتأهيل الشامل، على الرغم مما تحقق من تراكمات إيجابية بادية للعيان في بعض المجالات، والتي لم تكن كافية للإجابة عن العديد من المعضلات التي لا زالت قائمة.
ولعل الأمر في اعتقادنا مرتبط أشد الارتباط بمنهجية العمل المعتمدة في التجارب الإصلاحية كلها، إذ بدل أن نركز في مخططاتنا وبرامجنا الإصلاحية على المقاربة المبنية على منطق الأولويات في مباشرة إصلاح المنظومة، نميل إلى التركيز على الإصلاح الشامل ذي المداخل المتعددة والمتنوعة، وهو أمر إذا كان له ما يبرره على مستوى ما راكمته المنظومة من اختلالات، وكذا على مستوى الرغبة في التخلص من آثار تلك الاختلالات في أقرب وقت ممكن، حتى يتسنى للمنظومة أن تباشر القيام بأدوارها أمام الأجيال الصاعدة، إلا أنه قد يكون معيبا من جانبين؛ الأول مرتبط بالإمكانات والإمكانيات المرصودة لهذا القطاع الذي لا يتنازع اثنان في كونه يحتل أهمية قصوى في مجال التنمية، على الرغم من محدودية الموارد المالية داخل المزانية العامة للدولة، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من إرهاق مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، لكن دون الوصول إلى ما كان المجتمع ينتظره من نتائج إصلاحية ملموسة توازي حجم المجهود المبذول على مستوى توفير الإمكانيات.
وهذا ـ في نظرنا ـ من شأنه أن يزيد في تقوية الإحساس بعدم جدوى التجارب الإصلاحية للمنظومة التربوية برمتها، وكل الفاعلين والمهتمين والمتتبعين يدرك ما لهذا الإحساس من انعكاسات سلبية على دينامية التنمية والدمقرطة والتحديث التي تشهدها بلادنا.
ويتمثل الجانب الثاني في أن تعدد التجارب الإصلاحية داخل نفس المنظومة، دون الوصول إلى الغايات المطلوبة، من جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية، ومن نهوض نظام التربية والتكوين بوظائفه كاملة تجاه الأفراد والمجتمع، ومن قيام فعاليات وأطراف المنظومة بتكوين المواطن بمواصفات جيدة، ومن سعي المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون مفعمة بالحياة ومفتوحة على محيطها، عدم الوصول إلى مثل هذه النتائج يصيب المجتمع والفاعلين داخل القطاع بخيبة أمل وإحباط، وهو ما ينعكس سلبا على أدائهم من جهة، وعلى انخراطهم في أية تجربة إصلاحية مستقبلية من جهة أخرى، وبذلك تتعمق المشاكل وتستفحل المعضلات بما يجعل واقع المنظومة التربوية أكثر تعقيدا وتكليفا من السابق.
وتأسيسا عليه، هل يمكن اعتبار البرنامج الاستعجالي اليوم مترجما للإرادة القوية والرؤية الطموحة للمجتمع المغربي برمته من أجل ربح رهان "مدرسة النجاح"، مدرسة تعلم وتربي، وتهيئ كل المستفيدين منها للاندماج الاجتماعي والمهني؟
إن هذا البرنامج، الذي اندرج في إطار رؤية مستقبلية بناءة ـ حسب تأكيد المشرفين على بلورته ـ إذ ركز على الاستمرارية، باعتماده الإطار المرجعي للميثاق الوطني للتربية والتكوين، لضخ "نفس جديد" لإصلاح المنظومة التربوية، قد أكد على المستوى الإجرائي الاستمرار في نفس المنحى من التعثرات التي تحول دون تحقيق الأهداف والغايات المعلنة، كما أكد أن مسار الإصلاحات بالمنظومة لا زال بعيدا عن الوصول إلى تحقيق الغايات المرجوة.
وهو ما يطرح أكثر من تساؤل على مدى التزام واضعي البرنامج بالحرص، في التطبيق العملي، على ضمان مساهمة كافة الفاعلين والشركاء، من خلال اعتماد إستراتيجية تواصلية فعالة، تسمح باستنهاض وتعبئة كل مكونات المجتمع للانخراط وفق مقاربة تشاركية وتعاقدية، لإنجاح هذا الورش الإصلاحي.
فإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد صمم من ناحية على المبادئ الأساسية التي تضم المرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه، وحقوق وواجبات كل الشركاء، والتعبئة الوطنية لإنجاح الإصلاح، ومن ناحية اخرى على المجالات المرتبطة بنشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، والتنظيم البيداغوجي، والرفع من جودة التربية والتكوين، والموارد البشرية، والتسيير والتدبير، والشراكة والتمويل.
وإذا كان البرنامج الاستعجالي قد جاء في إطار تسريع وتيرة إنجاز الإصلاحات المرتبطة بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، فلابد من التأكيد على أنه باستثناء الجانب المرتبط بنشر التعليم على المستوى الكمي والجانب ذي الصلة بالتمويل، فإن ما تبقى لا يمكن أن يدخل إلا في عداد الإنجازات والتراكمات الإيجابية المحدودة الأثر، والتي تبقي على المنظومة التربوية في وضعية التخبط في العديد من الإشكالات التي رافقت مسار الإصلاحات برمتها. وهو ما سيشكل مطية مرة أخرى للتفكير في خطة استراتيجية أخرى أو برنامج عمل آخر يبرر لتجربة إصلاحية أخرى، وقد تكون بنفس مواصفات التجارب الإصلاحية السابقة.
فعدم تكيف المنظومة التربوية، واستفحال تجليات الضعف، في مقابل الإقبال المتزايد على التعليم وكثرة الصعوبات الاقتصادية والمالية وأزمة التشغيل، كل ذلك يجعل المنظومة بعيدة عن تلمس مداخل تحقيق النجاح على مستوى تشكيل القناة الحقيقية للحراك الاقتصادي والاجتماعي والانفتاح على العالم وولوج العصرنة وتكريس التماسك الاجتماعي.
وهو ما يفيد أن سمات التردد وعدم استقرار الثوابت في الاختيارات الاستراتيجية والمشاكل العميقة في تركيبة المنظومة ذاتها وضعف جودة المردودية ذات الصلة بضعف نجاعة تنفيذ وأجرأة العلاجات والمشاريع المقترحة سواء في الميثاق أو البرنامج الاستعجالي، كل ذلك لا زال جاثما على منظومة التربية والتكوين، ونحن نقترب من خط وصول البرنامج الاستعجالي إلى نهاية سنته الرابعة والأخيرة، دون أن يكون قد حقق الغاية الكبرى منه المتمثلة في تسريع وتيرة الإصلاح التي انطلقت مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000.
ولعلنا بهذا الصدد مضطرين للتأكيد من جديد على ما خلص إليه تقرير الخمسينية من أن أبرز ملاحظة يمكن الخروج بها هي أن المشاكل المتواترة التي تتخبط فيها المنظومة التربوية المغربية واضحة للعيان من حيث التشخيص، لكن القصور الذي نعاني منه هو قصور مرتبط بطبيعة وشكل الوصفات العلاجية المقدمة في كل وقت وحين، ويمكننا مع البرنامج الاستعجالي أن نضيف ملاحظة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى وهي أن أغلب مشاكل المنظومة هي ذات صلة قوية بمدى القدرة على تنفيذ وأجرأة الإصلاحات المعلنة في الخطط والبرامج بحرفية ومهنية عالية، سواء من حيث التحديد الدقيق للعمليات والمهام والمسؤوليات، أو من حيث الضبط الزمني لمجموع التدابير والإجراءات، أو من حيث الالتزام بعدة التوثيق والتقييم والتقويم، أو من حيث تقوية وتعزيز التراكمات وتجاوز الاختلالات، في أفق البحث عن مسارات جد متقدمة لمنظومتنا التربوية.
فلا زالت المنظومة تعاني من اختلال العلاقة بين التربية والاقتصاد، وتمظهر هذا الاختلال في بنية المجتمع على مستوى بطالة الأعداد الغفيرة الآخذة في التصاعد وبطالة حاملي الشواهد، وعدم القدرة على الحيلولة دون تفاقم الصعوبات المرتبطة بهذا الجانب، وهي الصعوبات التي تعمل على تغذية موقف سلبي من المدرسة، فعلى الرغم من التراكمات الكمية الإيجابية التي تمت مراكمتها من خلال الميثاق والبرنامج الاستعجالي، فإن اتساع الهوة الاجتماعية وتفاقم مظاهر الشرخ التربوي واللغوي لا زالا قائمين ويؤديان إلى المزيد من الاختلال في العلاقة بين المدرسة والمجتمع، ويصبان في نتيجة العجز عن بلوغ سقف حاسم من الساكنة المتعلمة وتكريس بقائها داخل الحلقة المفرغة للتنمية.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات ...
- البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات ...
- هكذا.. وإلا فالأمور مرشحة للمزيد من التراجع
- بعض معيقات الاطمئنان على المسار الديمقراطي بالمغرب
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم 2008 (2)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (5)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (6)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (4)
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (3)
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (1)
- على النخبة السياسية المغربية السلام
- شيء ما على غير العادة
- الكرامة مفهوم إنساني
- أسباب ومظاهر قصور المنظومة التربوية حسب تقرير الخمسينية
- الكرامة ليست شعارا ولا مطية ولا قضية للمزايدة
- المزيد من إضعاف المدرسة العمومية
- المغاربة وتحدي الحد من إضعاف المدرسة العمومية
- الحرية وأكذوبة التمييع
- المؤسسات التمثيلية وإشكال الديمقراطية
- ضرورة ارتباط الزواج بسن الرشد أو سن الترشيد


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامر أبوالقاسم - البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (3)