أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - جامع الكلم في عبد الرزاق عبد الواحد















المزيد.....

جامع الكلم في عبد الرزاق عبد الواحد


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 00:42
المحور: الادب والفن
    



يستطيع المرء أن يتكلم باحترام عن ميشيل عفلق إذا شاء
فلا توجد مشكلة في الحديث عن أفكار و قناعات
لكن قضية عبد الرزاق عبد الواحد مختلفة و هي مرتبطة بالشعر
والشعر في القرن الواحد والعشرين تطور معناه و دوره و فهمنا له
ومها يكن من أمر فإننا في النهاية أمام هذا النهر متكئين على جذع الألم
لا نعتقد بوجود علاقة بين الشعر العظيم و مديح الدكتاتور
كان الصينيون يقيسون الأهمية الحضارية لأية مرحلة زمنية بالموسيقى
فإذا أنتجت موسيقى منسجمة عميقة وصفوها بالرقي والغنى
وإذا أنتجت موسيقى قلقة مشوهة وصفوها بالإنحطاط
ماهي الموسيقى التي أنتجتها الدكتاتورية ؟
حتى النشيد الوطني السابق لحنه وليد غلمية اللبناني تلحينا مضحكاً
أما مرحلة الإحتلال فجاءت باللطميات
و موسيقى التطبير والدفوف والكراهية والغضب
حتى نشيدنا الوطني الجديد كتبه فلسطيني ولحنه الاخوان فليفل اللبنانيان
لا أعتقد بأن عبد الرزاق عبد الواحد شاعر خالد
أو أن نتاجه و تجربته تمتلك تلك الأهمية الجوهرية في حياة الشعب العراقي
عندنا بدر شاكر السياب الذي مات وعمره 36 سنة
ولا أعرف كثيرين غيره يستحقون الخلود في الشعر

إن العذاب هو المظهر الأكثر صدقاً
للعقل العراقي في هذه المرحلة بالذات
ولأنني أتحدث بلسان راهب و رؤيوي ينبغي عليّ توخي الحذر
فلست ناقدا أو محللا حتى يحق لي الخطأ العلمي
إن التخريب الذي يحدثه كلامي أحياناً أبعد من تصوري
أحاول أن أكون محاوراً مخلصاً لشعبي
وليس كما يظن البعض بأنني أبذل كل ما بوسعي لأكون مكروهاً
هذا غير صحيح إنما الحقيقة نفسها أو السعي إليها
يصبح نشاطا مكروها في بعض المراحل التاريخية
لقد انتقدت سعدي يوسف الكبير قبل عام تقريباً
و ندمت على ذلك كثيراً لأنني اكتشفت فيما بعد
بأن رأيي كان يهمه و بأنني خيبت أمله حينها
و ربما سببت له بعض الألم
أخشى أن يكون نقدي ل عبد الرزاق عبد الواحد من هذا النوع أيضاً
أقصد النوع الذي يجلب خيبة الأمل والألم
لا أعرف الصحيح من الخطأ أحياناً
و في هذا التيه الفكري كل شيء جائز
المثقفون يفهمون ما أقصد
فنحن هنا لا نعمل على جلب الألم إلى قلب شاعر مهما كان أصدقائي
أكتب بتهور و خوف شديد من احتمال ارتكاب حماقة و غباء
على كل حال لا حصر لحماقاتي على الشعب أن يتحمل الحمقى أيضاً
يقول لي صديق بأنه التقى الشاعر عبد الرزاق و بأن روحه
تنطوي على جاذبية و سر غامض ولا ينبغي التعجل
بكل تأكيد هذا صحيح فقبل أكثر من عشر سنوات
ظهر هذا الشاعر على التلفزيون العراقي قرأ قصيدة
مرة واحدة و علقت في ذاكرتي مرة واحدة ، لا شك أن روحه حافلة
(( يا عراق
ربما آخر الصّوت هذا
بعده يُرفعُ الملكوتْ
فلتفتّحْ كلّ المجاهيل آذانها
مَنْ يقلْ بابلُ تفنى
بابلٌ لا تموتْ
مَنْ يُراهن على جوع أهل العراق
زادهم صبرهم وهو ملء البيوتْ
مثل سقراط في بلدي أموتْ
لا أبيع دمي
أو أدور به في القرى والبيوتْ ))
هذا صوت شاعر مهم و مميّز بلا شك
لكن هذا الذي يسميه الناس شعراً
أخذ يختلف كثيراً عن المعنى الذي فهمته
لهذا سأترك للناس شعرهم و أتمسك بالقصائد
التي أقرأها أو أكتبها لنفسي أحياناً
لا يمكن أن يكون لفن نبيل كالشعر
كل هؤلاء الشعراء والمحبين إلا إذا كان قد تم تحريفه
فالإيمان بالله هو بالتأكيد شيء أكثر ندرة من التدين
وهذه من الأحجار التي لا يمكن رفعها عن الطريق
لقد تعبت كثيرا حتى وصلت إلى هناك و بسبب الريح لن تصمد طويلاً
حدق جيدا و أخبرنا قبل أن تنفجر ماذا ترى ؟
المقالع التي كل يوم تقتلع الحجر الصوان
لا يمكنها اقتلاع الكلمات الصادقة من جبل الإيمان
إن الإنسان ينظر إلى نفسه لكنه لا يتحكم أبداً
بتلك الطريقة الغامضة التي ينظر بها الناس إليه
لهذا لجأ عدد كبير من الشعراء إلى السلطة
لأن السلطة ستضمن له إعجاب عدد كبير من البشر
وهذا موقف يقوم به المثقف بذرائعية مفعمة باحتقار البشر عادةً
إن ما هو تخريبي في الشاعر الهامشي
هو أنه لابد أن يصبح القلق والهاوية
لا يمكن لي الحديث عن شاعر سلطة مفعم بالذكاء
ك عبد الرزاق عبد الواحد إن رأيي سيظل بلا قيمة
فمن أنا ؟ شاعر يدور حول محنته الأساسية : الهامش والمنفى
إنه لمن أكثر الأقدار كآبة أن تكون شاعراً منفياً من بلد قديم مثل العراق
منفى متكامل حتى السفارة العراقية لا شأن لك بها ولا شأن لها بك
هذه المقالات هي الدليل الوحيد على هويتك
العزلة تجعلك خارج الزمن وفي عمق الألم
كونك مثقفاً تعني إيمانك العميق بتاريخية الأشياء وتطورها
أي أنه ما من شيء قدري أو أزلي
بل كلها أحداث يمكن جريانها بطريقة أخرى
الإرادة والحرية و دور العقل في التاريخ هذه هي الثقافة
لكنك تشرب في الوقت نفسه مرارة من نوع غريب
هي عدم قدرتك التحكم بحياتك وسيرتك الشخصية
ويبدو الأمر حقاً كما قال ملك المنفيين الفيلسوف أدورنو
(( إنه لا يمكن للحياة غير القويمة ، أن تعاش على نحو قويم ))
إن سيرتك في المنفى تبدو اعتباطية إلى درجة تجعل
من المستحيل فهمك و معرفتك على نحو يبعث على الراحة في النفوس
وعليك أن تتحمل الطرد والنبذ والفقر ثمناً للحرية
عليك أن تتحمل الفوز الدائم لصبيان الإحتلال
بجوائز شعرية مشبوهة و رسائل معجباتهم و سفراتهم حول العالم
عليك أن تتحمل الحذاء الذي يضربك به هذا المدمن على المخدرات
لأنك تشخر في نومك بمصح للمشردين في قاع مدينة أوتاوا
كاتب السلطة يتمتع بالمال والحماية و باحترام الغوغاء
نعم الغوغاء أكبر مشكلة تواجه المثقف الهامشي
لأنه بلا مال فيقدرونه ، و هم بلا عقل فيعرفونه
وهو بلا حماية فيهابونه
من الصعب أن تقنع الغوغاء بأن رجلاً يبول على الحائط مثلك
يشرب البيرة الرخيصة
و يبحث عن غرفة يسكن فيها منذ عشرين سنة
عنده رأي مهم بشاعر ثري وشهير ك عبد الرزاق عبد الواحد
بكل أسف أنه رغم كل ذلك عليّ قول وجهة نظري والكتابة
تصبح الكتابة ، لمن لم يعد عنده وطن ، مكاناً للعيش
طالما أن أمل المثقف في النهاية ، كما قال أدورنو
في مرحلة متأخرة من حياته : ليس في أن يصبح ذا تأثير في العالم
بل في أن يقرأ إنسان ما ، يوما ما ، ما كتبه تماماً كما كتبه . هذه الرغبة الحقيقية لدى البشر
قد يحملها كتاب مزيفون أيضاً ، وقد يدعيها قراء مزيفون بكثرة في عصور الإنحطاط الثقافي .
المهم في هذا كله أن أدورنو قال أيضاً : وفي نهاية الأمر ، ليس من المسموح للكاتب بأن يعيش في كتاباته
ربما الغوغاء لن يغفروا أبداً وجود مجنون مثلي
مع هذا يبقى الأمل معقوداً في الشعراء الذين أهاجمهم باستمرار
أن يتفهموا الضرورة القصوى لذلك في الثقافة الوطنية
نعم كان صدام حسين جذابا في أشياء كثيرة
منها أنه رجل من أسرة فقيرة يسيطر بصورة مطلقة
على بلد تقليدي تحكمه العوائل الدينية والعشائرية والإقطاعية منذ مئات السنين
هذا شيء مذهل بكل تأكيد في بلد قديم و تقليدي كالعراق
هذه العوائل الفاسدة والعميلة نفسها التي استعادت سلطتها بعد الإحتلال و سرقت البلاد
إنما يبقى صدام حسين ليس مانديلا و ليس المهاتما غاندي ، يبقى رجل قوة و عنف و إرهاب
ولا يمكن أن يكون للثقافة والإبداع مكان في قبضة دكتاتور مغامر
هذا الشعر الذي مجد الحروب والطغاة ستنساه الشعوب و تغض عنه البصر



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العار السني في العراق
- عبد الرزاق عبد الواحد المهارة ليست إبداعاً
- حرير و ذهب و عبد الرزاق عبد الواحد
- أدريان ريتش ؟ سأتذكر ذلك يا سعدي ..
- براميل الخشب
- لم تكن لهذا الوطن راية نرفعها قبل هادي المهدي
- إنّ صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي
- أسبوع هادي المهدي
- ربُّ الشّعراء / ربُّ الشِّعرى
- المعنى
- يسيل غناؤك من النافذة
- لأن فائز حداد فاضحٌ غسيل الأعين بالتيزاب
- حوار حول الحب والشعر
- مسلمات ينبغي تكرارها بكل أسف
- عودة الشاعر المنتظر / سعدي يوسف
- الطفولة منجم الشاعرة الأمريكية لويس گلوك و عشها
- مسكنات في الوريد هذه الحروف العربية
- خبَبُ الشِّعر
- ليلى الصيفي 
- إنعام الهاشمي في نصب الحرية و في قصيدة إيلوار


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - جامع الكلم في عبد الرزاق عبد الواحد