أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - الاعتقال السياسي من خلال رواية السحة الشرفة















المزيد.....



الاعتقال السياسي من خلال رواية السحة الشرفة


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


الاعتقال السياسي من خلال رواية الساحة الشرفية( ج1)
ذ. الكبير الداديسي


ا- الكاتب :
هو الأستاذ عبد القادر الشاوي ولد بباب تازة إقليم الشاوون بشمال المملكة المغربية سنة1950م . تابع تعليمه الثانوي بثانوية القاضي عياض بمدينة تطوان .حصل على شهادة الباكالوريا سنة 1967م .وفي سنة 1971 تخرج في المدرسة العليا للأساتذة .اشتغل أستاذا بمدينة الدار البيضاء .وفي نونبر من سنة 1974 تعرض للاعتقال ،وحكم عليه في يناير 1977 بعشرين سنة سجنا نافدة . ولم يطلق سراحه إلا سنة 1989 ...
مارس الكتابة منذ الصغر . بدأ بالنشر وهو دون 18 سنة ،إذ نشر قصائده ومقالاته الأولى بجريدة الكفاح الوطني منذ سنة 1968 .وفي سنة 1970 انضم إلى اتحاد كتاب المغرب .كتب في عدد من الصحف الوطنية والعربية .وبعد خروجه من الاعتقال ،أصدر سنة 1991 مجلة ( على الأقل) .وبد توقفها أصدر سنة 1993 جريدة ( الموجة ) . وفي سنة 1997 حصل على دبلوم الدراسات العليا في كلية الآداب الرباط . وهو حاليا يعمل مستشارا في التواصل لدى وزارة العدل
ب - مؤلفاته
أصدر الأستاذ عبد القادر الشاوي عدة أعمال إبداعية ونقدية أهمها:

* - الدراسات والأبحاث :

- سلطة الواقعية (دراسات أدبية ) " اتحاد كتاب المغرب " دمشق 1981
- النص العضوي ( دراسات أدبية) " دار النشر المغربية "ٌ البيضاء 1982
- السلفية والوطنية (دراسات فكرية ) "ٌالمؤسسة العربية للأبحاث " بيروت 1985
- حزب الاستقلال (دراسة فكرية )منشورات "عيون" البيضاء 1987
- الشيطان والزوبعة (تقرير ) منشورات الموجة 1995
- التخلف و النهضة (دراسة فكرية ) منشورا ت "الموجة" 1998
- الكتابة و الوجود سنة 2000
- الكتابة والوجود : السيرة الذاتية في المغرب ( بحث جامعي )
- الذات والسيرة (دراسة في ( الزاوية )سيرة التهامي الوزاني )
- الجوارات (جمع لقراءات ومقالات )

* - الأعمال السردية :
- كان وأخواتها ( رواية ) دار النشر المغربية الدار البيضاء 1987
- دليل العنفوان ( سيرة ذاتية ) منشورا الفنك الدار البيضاء 1989
- دليل المدى ( رواية منشورات الفنك 2003
- باب تازة ( رواية )منشورات الموجة مراكش 1994
- الساحة الشرفية ( رواية ) نشر الفنك البيضاء 2005
ينضاف إلى كل هذا العديد من الدراسات والمقالات

2 تجنيس المؤلف :

لعل أول قضية تواجه قارئ مؤلف الساحة الشرفية هي إشكالية التجنيس . فعلى الرغم من أن الكاتب قد حسم في جنس مؤلفه إلا أن المتلقي يبقى حائرا بين اعتبار المؤلف رواية أو سيرة ذاتية ،خاصة وأن الكثير من في الرواية تتقاطع حياة عبد القادر الشاوي .( قضية الاعتقال ، سبب الاعتقال ، الانضمام الى منضمة 23مارس ...) وغيرها من القضايا التي تشكل محور الرواية . إن الساحة الشرفية لا تختلف كثيرا عن معظم الروايات العربية و المغربية التي استفاد فيها كتابها من تجاربهم الشخصية. فألفينا الكثير منهم يعرضون علينا وقائع حياتهم من خلال شخصية رمزية. فإذا بالقارئ يجد صعوبة في تحديد جنس هذه المؤلفات. فيظن أن إسماعيل بطل (قنديل أم هاشم ) هو يحيى حقي وأن بطل رواية الحي اللاتيني هو سهيل إدريس كاتب الرواية ...ويعتقد في المغرب أن الهادي (بطل لعبة النسيان )هو محمد برادة ،وأن إدريس ( بطل أوراق ) هو عبد اله العروي ،وأن بومهدي هو محمد زفزاف في ( أرصفة و جدران ) وأن سعد الأبرامي ( سارد الساحة الشرفية ) هو عبد القادر الشاوي ، حتى ليمكن القول عن هذه الرواية ما قاله إدريس الناقوري في العروي ( كتب السيرة الذاتية بالسيرة الغيرية وبالرواية ،وكتب السيرة الغيرية بالسيرة الذاتية وبالرواية ، وكتب الرواية بالسيرة الذاتية وبالسيرة الغيرية. ) لهذا يجد الدارس نفسه في مواجهة السؤال التالي : لماذا يلتجأ الروائيون إلى هذا التمويه ؟ وان كانوا يتحدثون عن أنفسهم في أعمالهم ، فلماذا يلجئون إلى الاختفاء وراء شخصيات رمزية؟ لقد ذهب العديد من الباحثين إلى محاولة تحطيم الحدود بين الرواية والسيرة الذاتية ؛ يقول لحمداني حميد : (ان هذا الأدبي الذي يميزه النقاد عادة عن "الروايةّ" لا يختلف في الواقع اختلافا كبيرا عن الرواية ،باعتبار ليس ما يمنع أن نراهما معا ينطلقان من التجربة الذاتية الفعلية ليبتعدا بعد ذلك في تخوم التخييل .) (1) فأمام ما يعترض كاتب السيرة من انزلا قات ؛ كالنسيان والتناسي وغياب الصدق المطلق واستخدام الخيال ... جعلت البعض يرى أن السيرة الذاتية مفهوم وهمي ، ولهذا قال جان ستاروبنسكي ( إن إطار الترجمة ا لذاتية كفيل بأن يستوعب أية رواية خيالية محضة )(2) كما أن كتابة السيرة تكبل الكاتب وتحد من امكاناتة التخييلية عندما تفرض عليه الالتزام بحرفية الحدث السيري ، هكذا وبحثا عم حرية تعبيرية أكبر عدا معظم الروائيين المغاربة يعرضون علينا مراحل من حياتهم في أعمال روائية،ليبقى من الصعب التمييز بين الرواية والسيرة الذاتية ، على أن الشيء ( الوحيد الذي يميز السيرة الذاتية والرواية هو تصريح الكاتب ، فهو عندما يقول لنا هذه سيرة حياتي، نقول معه إنها سيرة وعندما يقول لنا هذه رواية نقول معه أيضا إنها رواية .)(3) وبما أن عبد القادر الشاوي يسمي الساحة الشرفية رواية فلا نملك إلا أن نتعامل معها باعتبارها رواية ،رغم قناعتنا التامة بأنه استفاد فيها من تجربة حياته الخاصة في الاعتقال ،لكنا نعتبر ذلك قيمة مضافة للعمل ،لأن من عانى وعاين الاعتقال لن يكون كمن تخيل أو سمع عنه .

3 التعريف برواية الساحة الشرفية



الساحة الشرفية عمل سردي للكاتب المغربي عبد القادر الشاوي . صنفه كاتبه ضمن جنس الرواية . والمؤلف يحكي عن خروج السارد (سعد الأبرامي) وأصدقاءه (إدريس العمراوي، مصطفى الدريويش، عبد العزيز صابر، أحمد الريفي...) من السجن بعد سنوات الاعتقال ، ليعيش السارد على الذكريات والأحلام ، هذه الأحلام التي لم يبق منها لدى السارد سوى " آثار من بينها رسائل إدريس العمراوي وصورة ملونة متقادمة تذكره برفاقهً." فبعد طول انتظار يتحقق السراح ،لكن سرعان ما خاب أفق انتظارهم لعجزهم عن الاندماج في المجتمع الذي استقبلهم بعد الخروج. فاختلف تعاملهم مع واقعهم الجديد : فمنهم من اختار الهجرة ومنهم من فضل الانزواء منهم من فضل الانتحار ووضع حد لحياته ... ان الساحة الشرفية في طبعتها الثانية صادرة سنة 2005م، عن دار النشر الفنك في 244 صفحة من الحجم المتوسط ، وهي " تدخل ضمن ما يعرف برواية السجون أو رواية الاعتقال ." تستفيد من تجربة كاتبها ،لتسبح بالقارئ في عوالم يمتزج فيها الوقع بالخيال . وتضيف يضيف نبراسا جديدا عساه ينير مرحلة مظلمة من تاريخنا ، تكشف بعض أسرارها ، وتعرف النشء عليها ،وتنبه المسئولين حتى لا يشهد المستقبل لها مثيلا . إنها رواية مكونة من ثمانية فصول متفاوتة الحجم ، يحكيها نفس السارد (سعد الأبرامي )، خمسة منها معنونة بأسماء الأبطال وهذه الفصول هي :

- براندة : من الصفحة الخامسة الى السابعة والثمانون وهو أطول الفصول
- الرنين استراحة المكلوم: من الصفحة 89 إلى 93 .
- إدريس العمراوي : من الصفحة 95 الى الصفحة 130.
- مصطفى الدرويش : من الصفحة 131 الى الصفحة .164
- عبد العزيز صابر : من الصفحة 165 الى الصفحة 193 .
- أحمد الريفي :من الصفحة 195 الى الصفحة 209 .
- سعد الأبرامي: من الصفحة 211 الى الصفحة 233 .
- الخروج : من الصفحة 235 الى الصفحة 244 .

4 عتبة الغلاف :

إن صورة غلاف الساحة الشرفية عبارة عن لوحة تشكيلية للفنان المغربي بوشعيب هبولي . والأكيد أن اختيار هذه الصورة ليس اعتباطيا ، فهو اختيار مقصود بوعي تام .
تتكون صورة الغلاف من جسد امرأة ترتدي توبا يبدي أطرافها (الساق والذراع ) ،لكنه جسد بدون رأس . لا يحيط بهذا الجسد سوى العتمة ،والألوان الباعثة على الحزن والكآبة ، إذ ركنت المرأة إلى يمين الصورة تاركة معظم اللوحة للفراغ والعتمة ولألوان الغامقة . مما يسمح بتشريع باب التأويل على مصراعيه ،ويسمح بطرح أسئلة من قبيل لماذا التركيز على جسد المرأة ؟ ولمن هذا الجسد ؟ هل هو لواحدة ممن ذكرهن السارد في الرواية ؟ ولماذا جسدت هذه المرأة بدون رأس ؟وما دلالة هذه الألوان التي شكلت اللوحة ؟ وما علاقة هذه اللوحة بالمتن الحكائي؟ ...
للمرأة، بالنسبة للمعتقل، وجود خاص؛ فهي من أهم دوافع المعتقل للصمود. وهي التي تملأ وحشة الفراغ في بلد يرى في المعتقلين كائنات دون حاجات وغرائز جنسية . لذلك من الطبيعي أن تحضر المرأة في روايات الاعتقال.ولا غرابة أن يرتبط أبطال الساحة الشرفية بالمرأة : (ادريس / سيلبيا) (أحمد صابر /فهيمة) (أحمد شكيب /خانة) (السارد/نفزة)... فالمرأة التي تملأ الذاكرة ،هي التي تملأ صورة الغلاف. لكن هذه الصورة تخترقها من الخصر عبارة (الساحة الشرفية واسم الكاتب)،ليتجلى تأثير الجنس والاعتقال على السارد ، فكانت النتيجة البرود الجنسي الذي غدا يعانيه سعد الأبرامي وجعل نفزة تفضل جسد امرأة (روادة ) على رغم حبهما له فهو القائل: ( تظهران لي الحب وحين تختليان في حضوري أو في غيابي تتراشقان في حمى الهوى الذي كان بينهما .. سأعرف إن نفزة تحب روادة.. كما تحبني لكنها ترفض جسدي ) (4). إن الألوان التي تم اختيارها للغلاف تثير المتلقي وتستفزه ليبحث عن العلاقة بين هذه الألوان والمتن الحكائي . فتداخل الألوان، وهيمنة التعتيم على الإضاءة وحضور الألوان الغامقة (الرمادي البني ) قد تحيل على التناقض والمعاناة والعذاب... الذي تذوقته الذات وتعودت عليه وجعلها ترى في السراح خروجا نحو المجهول . إن الأهم في هذه الصورة ، بالإضافة إلى الألوان، هو المرأة التي لا رأس لها والتي تستر عورتها بثوبها البني المهلهل ،والعنوان اسم المؤِلف في المربع الأبيض الذي يهتك حرمة المستور المسكوت عنه . إن المكونات الأيقونية لهذه اللوحة تترابط بطريقة رمزية دالة تشكل المرأة فيها تجليات الاغتصاب الذي تعرض له جيل بكامله ،يتضح ذلك في المجسم الموجود بين ساقي المرأة، يرفع سترتها ،وينفخ بطنها ،فلم تجد إلا إن تتحسس هذا البطن المنتفخ . وهو ما عجزت عنه كل نساء الرواية ، ذلك أن كل العلاقات في الرواية كان محكوم عليها بالإجهاض ؛ فلا علاقة أعطت حياة ، وأثمرت مولودا بل كل الأبطال عاشوا تجاربهم في الخيال ،وكانوا مصدر معاناة للمرأة:فعبد العزيز صابر تسبب في اعتقال فهيمة وفي موتها في المعتقل.وإدريس العمراوي أقنع سليبيا بأن تغادر وطنها ليتركها فريسة الوحدة والضياع: ظلت تقول له :لقد تبعك الى المغرب فأين أنت الآن أيها الرجل الذي جرجر عواطفي إلى هذا المدى الصاعق )(5)،وسعد الأبرامي وجد نفسه بين امرأتين متعلقتين به لكنه لم يجد القدرة على إشباع رغباتهما ؛(يذكر أنها قالت له :ابق معنا ونم بيننا. كان عليه أن يكون بين جسدين ملتهبين وهو الخامد)(6)
إن المرأة التي لا رأس لها ،في الغلاف، تبدو حاملا . أما النساء اللواتي لهن رأس ،في الرواية، فلا واحدة منهن عرفت الحمل . فالمرأة التي ارتبطت بمناضل معتقل في مجتمع يقوم على التعذيب والقمع،واعتقدت أنها ستؤسس علاقة طبيعية هي امرأة بدون ًرأسً .خاصة في بلد سعى المشرع فيه إلى تجريد المعتقل من كل شيء حتى من بعض غرائزه ،وخاصة من المرأة . لكنها ،في معظم روايات الاعتقال، كانت قادرة على التسلل عبر الخيال لتؤنس المعتقل في وحدته ، وتأتي لحظة الزيارة لتشحن الذات من جديد وتجعل المعتقلين (قانعين بتلك الانقشاعات الخاطفة التي تتهيأ لهم في المزار فيغنمون ما كان الوقت اللماح يسمح بالغنم الشحيح منها) (7)
إن صورة الغلاف إذن تشكل نصا بصريا رديفا للنص المكتوب .

5- دلالات العنوان

على الرغم من أن الدراسات القديمة لم تكن تولي للعناوين كبير اهتمام ، فان الدراسات الحديثة جعلت من العنوان أحد أبرز مجالات اهتماماتها . فغدت ترى فيه مدخلا قرائيا قد يختزل مضمون التجربة برمتها ،إلى درجة أن البعض جعل الاهتمام بالعنوان علما خاصا موضوعا ومنهجا وجهازا مفاهيميا (TITROLOGIE ) . فجيرار جينيت يعتبر العنوان عتبة ذات سياقات ودلالات ووظائف لا تنفصل عن بنية العمل الفني . والعنوان كما يرى رولان بارت هو صاحب الدور الأول في إكساب المتلقي معرفة بالنص . ان العنوان العلامة التي تسمي الكتاب وتميزه ،انه بطاقة هوية الكتاب : فلا كتاب بدون عنوان . لذلك فاختيار العنوان – الذي غالبا ما يأتي تاليا على النص – لا يخلو من قصدية . فهو يكلف المؤلف وقتا وجهدا كبيرين قبل إخراجه ليصبح بنية دلالية وسميائية وتوجيهية... واشهارية عامة للنص .
إن عنوان الرواية قد يختزل النص معنى ومبنى ، وقد يحدد الفضاء الذي تتمسرح فيه الأحداث ،وقد يعين الشخصية التي تشكل بؤرة هذه الأحداث ... فهو من أهم العتبات التي تفضي إلى داخل النص . فما هي خصائص عنوان رواية ( الساحة الشرفية ) ؟ وما علاقة هذا العنوان بمتن الرواية ؟
لقد جاء عنوان هذه الرواية مكونا من ركنين رئيسيين ( الساحة + الشرفية ) تجمع بينهما علاقة الصفة بالموصوف، مما يجعل ( الساحة ) هي البؤرة لأن ( الشرفية ) ليست سوى وصف لها. والساحة كما جاء في


لسان العرب ( الناحية وهي أيضا فضاء يكون بين دور الحي. وساحة الدار باحتها (8). إلا أن وصف الساحة بالشرفية يعطيها دلالة خاصة.
على الرغم من أن العنوان قد يحمل دلالات رمزية في بعض الروايات . فانه من خلال تصفح هذه الرواية نلاحظ أنه جاء يحمل دلالة مباشرة . يقصد به السارد مكانا معينا : انه فناء السجن. والمكان الذي استقبل /ودع السارد وأصدقاءه عند دخوله/مغادرته السجن. وقد ذكرت كلمتا (الساحة الشرفية )تسع مرات في الرواية .وذكرت كلمة ( الساحة) وحدها سبعة وعشرون مرة ، وهي دائما تشير إلى نفس المكان الذي وصفه السارد بقوله: ( ولما دخلت بنا السيارة العسكرية إلى فضاء عار قيل لنا إنها الساحة الشرفية وسنعرف فيما بعد أن الساحة الشرفية هي المكان الذي يستوي فيه العلم الوطني ،ومنها تتفرع الطرقات والاتجاهات نحو أحياء السجن المترامية وستكون لنا ونحن في طريق المغادرة ،بعد سنوات،آخر محطة قبل الوصول إلى الباب الأخضر المنيع الذي منه يظهر الخارج ...) (9)
إن عنوان الساحة الشرفية إذن ليس ألا فضاء من الفضاءات التي حوت بعض أحداث الرواية . أما لماذا وصفت هذه الساحة بالشرفية فهنا يفتح باب التأويل على مصراعيه.



- اختزال أحداث المتن الحكائي:

المقصود بالمتن الحكائي الحكاية كما يفترض أنها وقعت في الواقع في شكل تراتبي منطقي وتسلسل زمني . ويقابل هذا المصطلح مصطلح المبنى الحكائي، وهو المتن الحكائي مرويا أو مكتوبا أي خاضعا لقواعد الكتابة وتقنيات السرد . والمتن الحكائي لرواية الساحة الشرفية مكون من الفصول التالية :
- براندة : بعد سنوات من الاعتقال ،يعود السارد سعد الأبرامي إلى براندة في شهر غشت ، ليكتشف معاناة السكان مع الجفاف ،قسوة الطبيعة ،وندرة الماء الذي(غدا عزيزا يشبه بالكبريت الأحمر )(10) مما أذكى لهيب الصراعات حول المنابع بين قبائل براندة ؛ خاصة بين أولاد بن عبيد وأهل مراح .فغدوا يغيرون على بعضهم البعض ، وقد يغتصبون أو يختطفون الفتيات والفتيان .وكانت السلطات،في شخصية القائد، تستغل هذه الأحداث لإذكاء العصبية والصراع ،وان تظاهرت بعض المرات، كدعوتها إلى صلاة الاستسقاء، بالسعي إلى ما فيه خير البلاد والعباد . وعلى الرغم من الأحقاد التي كانت تفرق بين سكان براندة والاختلاف بين السلطة الدينية الممثلة في (الفقيه العلامة سيدي بن يرماق ) والسلطة السياسية التي يرمز إليها (القائد بن سلام ) فان بعض المصائب كانت توحدهم : كالخروج الجماعي لطلب الغيث ، ومحاولة لمواجهة الجفاف بحفر بئر ذهب ضحيته شابين من أهل مراح وثلاثة شبان من أولاد بن عبيد ليوحدهم يوم الجنازة (كأنما لم يعرفوا من قبل مباذل البغضاء )(11). لقد استغل السارد هذا الفصل ليصف ما شهدته براندة وسكانها من أحداث .كوصف الخروج إلى طلب الغيث الذي لم يحضره القائد بن سلام .هذا الخروج الذي ستموت فيه اليهودية خانة، لتختلف الآراء حول وفاتها ودفنها ؛ بين راغب في دفنها مع المسلمين وإعلان إسلامها نيابة عنها ما دامت عاشت بينهم(بن يرماق)،وراغب في دفنها خارج مقبرة المسلمين( القائد) لأنها غير مسلمة. قبل أن تقرر السلطات ترحيل جثمانها بعيدا عن براندة ليترك هذا القرار السكان في حيرة،لا تختلف عن حيرتهم في شأن حياة خانة وعلاقتها بأحمد شكيب والأحداث التي عرفتها السانية التي عاشت فيها.
- الرنين استراحة المكلوم: على الرغم من كون هذا الفصل هو أ قصر فصول الرواية (أربع صفحات) إلا أنه يكاد يكون أهمها لأنه كتب بضمير المتكلم، ولأنه يكاد يلخص الرواية : ففيه يبين السارد – بأسلوب شاعري – أنه يعيش في زمان غير زمانه فهو القائل : (أنا من زمن آخر يبالغ في الجفوة )(12) (أنا من زمن آخر يبالغ في النكران)13 ...يستعيد زمانه وذكرياته (أستعيده في الأشعار المتبقية )... (أستعيدني في الصورة الملونة المتقادمة ...وأستعيدني في الخرجة ...أستعيدني وقت أن كان الغمام ...أستعيد مواقع الخريطة التي طوحت بي ... )(14)
- إدريس العمراوي: يبتدئ هذا الفصل بتوصل السارد برسالة من إدريس العمراوي– الذي فضل الهجرة بعد إطلاق سراحه- يخبره فيها بانتحار رفيقهما أحمد الريفي ، ليخبرنا السارد كيف أثرت فيه هذه الرسالة، ويرتد السرد القهقرى لنعرف كيف تعرف السارد إلى إدريس و كيف توطدت علاقتهما في المعتقل سنة1984، خاصة وأن إدريس كان مناضلا ماركسيا صارما مؤمنا بالمشاعة .فقد كان في المعتقل ضمن الفرق التي تتحكم في جميع المرافق من الأكل إلى الملبس إلى ما يتصل بالعلاقات العامة إن إدريس درس بفرنسا وفيها تعرف إلى محبو بته سيلبيا الفرنسية التي رافقته إلى المغرب .لكنه سرعان ما اعتقل - كما اعتقل غيره كثير- (بسبب وشايات مجانية لاحقتهم بعد أن شرع البوليس يحصد الأعضاء الفعليين والمنتسبين والمحتملين والعاطفين المفترضين والذين هم على العاطفين عاطفين ...(15).كانت لإدريس مواهب متعددة ( العزف الموسيقى الكتابة..) لكنه غدا في السجن يفضل العزلة والكتابة خاصة بعد بعده عن سييبيا وشعوره بأنه المسئول عن معاناتها وهو الذي استدرجها الى المغرب بعدما (كانت تفضل النضال في منظمة فرنسية والبقاء في فرنسا )(16) .وأمام طول مدة اعتقاله لم تجد سيلبيا بدا من أن تعيش حياتها الخاصة ، بعد أن أطلق سراحه ضاقت به السبل(كان بدون عمل إلا ما يكتبه بين الفينة والأخرى في جريدة تصدر بالدار البيضاء فلا يقيم الأجر الذي يتلقاه منها أوده بالمرة)ص(98) لذلك قرر شد الرحال نحو الغرب


- مصطفى الدرويش: يبتدئ هذا الفصل والسارد متوجه إلى طنجة لزيارة رفيقه مصطفى الدرويش، وهروبا من الحزن الذي يخيم عليه في براندة . لعله يستعيد توازنه،ويستريح من معاناته أمام( نفزة) التي - رغم تعلقها به - غدت تفضل جسد صديقتها (روادة) على جسده. يقول السارد:( بدأت أستعجل الرحيل...ولعلها كانت السبب الأكبر ) (17) ذلك أن العلاقة التي تجمعهما أضحت تؤرقه( فكنت أفهم تلقائيا علتي فتنكسر معنوياتي...لفتور فيّ يحجبها عني )(18). وفي طنجة سيحضر السارد حفلة فنية يقيمها جوق العظمة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ،ومناسبة خروج الرفيق فردوس .إن فرقة العظمة تخلد الذكرى الرابعة لتأسيس الكنفدرالية الديمقراطية للشغل . وقد اتخذ ت هذه الفرقة كنية مصطفى الدرويش اسما لها. فمصطفى الدرويش (العظمة) وملوع بموسيقى الآلة تعرف إليه السارد – الذي كان يشبهه بكتاب الحايك - في المعتقل ( جاء مصطفى الدرويش إلى السجن بين رفاق الدفعة الأولى معي ومع أحمد الريفي ...)(19).لقد اعتقل ليلا من منزله بحي الدريسية بالبيضاء فهو القائل:( كنت أتهيأ للنوم فانتزعني البوليس من مرقدي ،انتقلت من ليل إلى آخر..)(20) . لم يكن يعرف شيئا عن الدار البيضاء، فقد كان يسكن مع صديق له ولما عاد إلى المنزل ولم يجده خرج يبحث عنه طول اليوم يقول:(قضيت اليوم بطوله وأنا أدور كالحمار ثم عدت إلى المنزل ،ربما بعد الثامنة ليلا،...وعندما طاب لي النوم وقع ما وقع)(21) وفي المعتقل عاش مثل رفاقه الحرمان وعانى من قسوة الحراس كالرقيب بوعلام ودودو مما جعل بعض المعتقلين يحاول الهروب من السجن لكن المحاولة باءت بالفشل .
- عبدا لعزيز صابر : على الرغم من تقديمه للاستقالة من منظمة 23 مارس فانه لم يسلم من الاعتقال سنة 1975 ،بل أوقع معه حبيبته فهيمة - التي تعرف عليها في خلية من خلايا النقابة الوطنية- في المصيدة . كان عبد العزيز صابر ثائرا في وجه قياديي المنظمة ، فثار في وجه المشاعة البدائية التي دعا إليها القياديون الصامدون وطبقها "عملاؤهم بكثير من التشدد(22) . بل تمرد على المنظمة و التحزب عامة معتبرا (كل تنظيم سياسي يسعى إلى الحد من حرية الفرد، ووجود الفرد فيه هو تضحية منه لصالحه بل انه يقدم استقالته من (شخصيته ) ويتحول إلى عبد مسير وفق قواعد الانضباط الصارمة المحكومة بما يسمى القواعد المركزية الديمقراطية )(23).لهذا ترك الماركسية واعتبر نفسه غير منظم فلم يشارك في الإعداد للإضراب عن الطعام الذي خاضه مع المعتقلين ، و تسبب في وفاة فهيمة بعد 45 يوما من الامتناع عن الأكل ، ليعتبر موتها حكما عليه بالموت البطيء خاصة وقد اعتبر نفسه المسئول عن موتها (مشكلته أنه بقي على شعوره الدائم بأن فهيمة لم تمت إلا لأنه أقحمها في الخلية أولا ثم ترتب عن هذا الإقحام أن كان اعتقالها ...و بأنه قدمها طعما سائغا للبوليس )(24) هكذا بعدما ماتت فهيمة التي كانت تملأ وحدته - على الأقل من خلال تبادل الرسائل - فضل الانعزال. وحتى بعد مرور خمس سنوات عن خروجهم من السجن لا زال عبد العزيز يبحر في عزلته وانطوائه، بل يبدو أنه ندم على التجربة التي يقول فيها (هذه التجربة كلها خراء)(25)
- أحمد الريفي: يتلقى السارد خبر انتحار أحمد الريفي من خلال مهاتفة مصطفى الدرويش له ، ومن خلال رسالة إدريس العمراوي ويفكر في إخبار باقي الرفاق و في الذهاب إلى العرائش لحضور التأبين عساه يتخلص من نفزة التي أصبحت علاقته بها تضنيه كلما فكر في مستقبل هذه العلاقة. وهو القائل :فقد رأيت أن لي جسما لا يطاوع رغباتي ...أنا مهدد بهذا الضعف الذي يلابسني (26) وأمام شعوره بافتقاد صديقه - وهو يتصفح الصورة الملونة والرسالة – غدا يستحضر صورة أحمد الريفي وذكرياته : لقد كان أحمد دائم العزلة .كان يقفل عليه الباب لايرى أحدا ولا يكلم أحدا (امتنع في عزلته هذه عن الأكل والخروج والمقابلة ثم جاءت فترة أقفل باب زنزانته لا يرى أحدا ولا يكلم أحدا... نفس الخلوات التي تدرب عليه)(27) خاصة ; وأنه تأذى كثيرا من (رواج تلك الأقاويل المغرضة التي راجت عنه ...فيقذف بها من كل جانب .قيل أنه من الذين كتبوا العفو )(28 )هكذا انعزل أحمد الريفي يملأ فراغه بكتابة مذكراته
سعد الأبرامي : في هذا الفصل يحكي السارد سعد الأبرامي عن نفسه وكيف يتعذب في علاقته بنفزة فهو يهمس لها بالحب ويعرف أنه بائس. يود لو أن اللقاء الذي تلح عليه كل يوم تباطأ في الزمن قليلا وهي التي تراه هادئا فاقد الشهوة الأولى ومستسلما للضياع انه بدون شهوة لا أحد يعرف(التخريب الذي في النفس والتصدع الذي في الجسد والفراغ الذي في الروح واليباس الذي في مرقد الشهوات)(29) . كما يحكي عن بلدته التي عاد إليها بعد سنوات الاعتقال وما تحمله من ذكريات . حتى إذا خرج إلى المقبرة للبحث عن قبر أبيه الذي توفي يوم الجمعة13 شعبان 1387الموافقل13أكتوبر 1987م عاد دون أن يبلغ المراد من بحثه لقد(خرج يبحث عن نبع فإذا به في منتهى العطش )(30)
- الخروج: بعد خروج السارد من السجن وقضائه ليلة صاخبة مع مصطفى الدرويش على الشاطئ في مطعم الجوهرة يصل إلى براندة في وقت متأخر من يوم الخميس الذي تلا احتفالات 20غشت ،فيما توجه مصطفى الدرويش إلى طنجة . لقد كانت هموم الماضي وتخوفات المستقبل تتقاذفانه وهو يكرر نفس السؤال إلى أين سنذهب الآن أيها الرفيق ؟ فلا هو قادر على نسيان الماضي يقول سائلا صديقه:(ألا ترى أننا بمجرد أن نلتقي تنثال علينا ذكريات سجنك هذا؟...ما الذي يجعلك تغرق في هذا الماضي الذي يلح على الجميع؟)(31) .ولا هو قادر على عيش الحاضر والإقبال على المستقبل بعدما خيب الخروج أفق انتظاره. فغدا يحلم بالهجرة إلى زمن آخر،واضطر إلى الاقتناع بصواب قرار أحمد الريفي عندما اختار الانتحار يقول: ( عندما انتحر أحمد الريفي أدركت أنه استعجل حياته المنتظرة الآن أشعر أنه فهم كل شيء... أحس منذ الأيام الأولى لخروجنا أن كل شيء صار له طعم المرارة .لا عمل ،لا أصدقاء ،لا شؤون يمكن أن تعالج بالوقت الفائض لا سياسة . العائلة المنكسرة خلفه العلاقات من حوله باردة ...)(32).ويقول في فصل مصطفى الدرويش عن قرار أحمد الريفي (واننا جميعا الا أحمد الريفي الذي اختار لنفسه الدواء تفرقت بنا السبل الى غير ما رجعة)(33 ) فغدا يحلم هو الآخر بالهجرة فهو القائل:(أحس بتك الرغبة المعتلقة في الهجرة إلى زمن آخر)(34) ويضيف (الحقيقة المرة التي تطالعي أنا الذي أريد الهروب هكذا كأنني ممسوس بهوى الاغتراب)(35)




تجربة الاعتقال السياسي من خلال رواية الساحة الشرفية

لقد لامست رواية الساحة الشرفية عدة قضايا سياسية، اجتماعية، ثقافية، تربوية، حقوقية ... لكن تبقى معاناة المعتقل ،في معتقله وبعد خروجه، بؤرة أحداث هذه الرواية .ويمكن التمييز في الأحداث التي عالجتها رواية الساحة الشرفية بين أحداث خاصة (تتعلق بتجربة الأبطال ومعاناتهم الذاتية ) وأحداث عامة ( تتعلق بتفاعلات المجتمع المغربي عامة في مرحلة تاريخية معينة ).
إن الساحة الشرفية تدخل ضمن أدب السجون والاعتقال. وهي لاتختلف كثيرا عن معظم الروايات العربية والعالمية التي جعلت من الاعتقال موضوعا لها ، ومن السجن مسرحا لأحداثها .
فكيف صورت رواية الساحة الشرفية تجربة الاعتقال ؟
وكيف تفاعل الأبطال مع هذه التجربة؟
أ – تجربة الاعتقال في الساحة الشرفية

في البداية لابد من الإشارة الى أن أدب السجون ليس واحدا اذ يمكن التمييز فيه بين:
- أدب كتب داخل السجن في سرية وغيبة عن الحراس
- أدب كتب عن تجربة سجنية ما بغض النظر عن كاتبها
- وأدب كتبه معتقلون سابقون عن تجاربهم (36)
والأكيد أن ما كتبه عبد القادر الشاوي يدخل ضمن الصنف الثالث . فقد ساهم - مع غيره من الروائيون المغاربة- في كشف النقاب عن أشياء كانت الى وقت قريب من الطابوهات : فعرفوا بالانتهاكات الجسيمة التي شهدتها مرحلة هامة من تاريخ المغرب . وحولوا بعض المعتقلات من سجون سرية ،وقبور لكائنات حية مهملة ومغضوب عليها منسية، إلى مآثر زاحمت في الشهرة أشهر المسارح العالمية والمآثر الإنسانية. ومن أهم السجون التي نالت حيزا هاما في الكتابة الروائية المغربية يكفي ذكر (السجن المركزي بالقنيطرة / سجن العلو بالرباط /درب مولاي الشريف بالدار البيضاء السجن المركزي بآسفي إضافة إلى سجن تازمامارت الشهير بالراشدية .... وقد جعلت العديد من المؤلفات هذه المؤسسات إطارا لتجاربها الإبداعية ومن الأمثلة على ذلك يكفي الاستشهاد بهذه الأ[مثلة :
- الغرفة السوداء أو درب مولاي الشريف لجواد امشيش
- العريس لصلاح الوديع الآسفي
- تجويع الفئران لعبد العزيز موريد
- عتبة للا الشافية لإدريس بوسريف
- دواوين عبد اللطيف اللعبي ....
ويبقى عبد القادر الشاوي من أوائل ،ومن أبز الكتاب المغاربة الذين تناولوا موضوع الاعتقال في أعمالهم السردية منذ أن أصدر روايته الأولى (كان وأخواتها) سنة 1987. ففرض نفسه روائيا يعسر أن يزاحمه غيره في هذا المجال. فقد كان كما يقول محمد معتصم (سباقا لتعرية تجربة الاعتقال و الكشف عن المعاناة النفسية والجسدية لمعتقلي الرأي (في المغرب) قبل استشراء حمى الاعتراف والمصالحة ) فتمكن بفضل (الساحة الشرفية ) من انتزاع جائزة المغرب في الإبداع الروائي
وعلى الرغم من أن السارد لم يحدد بدقة في أي السجون المغربية توجد الساحة الشرفية ،فانه ذكر في روايته مرارا كلمات من قبيل ؛ السجن ،المعتقل ، السجن الجديد، الدرب بالتعريف كما في قوله (الدرب الذي أخفى كثيرا من الوجوه وغيب بعضها إلى الأبد وسحق اغلبها ذلا وإكراها) ص(167). كما ذكر عرضا سجن آسفي في إحدى مذكرات أحمد الريفي في قوله (تلقيت إخبار ما وقع لإخوان "حركة الجهاد الإسلامي "في هذا الصباح .كان مدير السجن قد أبلغهم بقرار نقلهم إلى سجن آسفي)(37). ان رواية الساحة الشرفية لا تختلف عن روايات الاعتقال في تركيزها عن معاناة المعتقلين وما كابدوه من تعذيب وحرمان وكبت ،وما قاسوه من الوحدة والعزلة والانعزال ، وكيف أثرت الرطوبة والظلمة...على أجسادهم ووجدانهم .والروتين والملل على زهرة شبابهم. وتكرار نفس الصورة يكاد يعمي الأبصار وينسي المعتقلين تنوع مظاهر الحياة. يقول السارد : (النهارات هي كل الأيام التي يحياها الحالمون .صرير المفتاح العظيم إياه يبدأ دورته المعتادة في مزلاج دفن عنوة في إطار خشبي متين الإطار المغشي بصفيحة معدنية .الصفيحة المعدنية المطلية بالدهان الرمادي . يدور المفتاح دورتين فتطرد الزنزانة نومها .يبدأ الصباح كيفما اتفق مثلما تبدأ الحركة )(38) . لقد كان المعتقل يحمل كل صور الكآبة و الإهانة فقد كان (المكان المأهول بالحركة والصراخ .الممددون على الأرض .المحشورون في الأقبية . العيون المعصبة التي لا تنام . الأيادي المكبلة على ذلك العناق الأليم الفظ.أنين المعذبين .شخير الجلادين...)(39).يضاف إلى ذلك انعدام ابسط شروط العيش الكريم جراء انتشار الأزبال والرائحة الكريهة التي تسد الأنفاس في عالم ضيق رطب تتساوى فيه الكائنات البشرية في الليل مع الجرذان يقول السارد:( المرحاض تحت الأنف تطلع منه أبخرة عفنة مقززة .في جوف المرحاض العاري جرذان من جميع الأعمار والأحجام تشرع كلما دنا الليل في نضالها الشاق من أجل الصعود إلى السطح )(40) دون نسيان التعذيب والتنكيل بكل من سولت له نفسه التطاول على (قدسية) السجن .كما حصل مع أولئك الذين حاولوا الهروب من السجن .فقد (سلطت الإدارة على الخمسة قساوتها المعهودة . كانت تأتي بهم نصف عراة فتصلبهم على شبابيك الأبواب الحديدية ويشمخ الحراس في تعذيبهم تحت أنظار السجناء المقهورين .ثم تعود بهم إلى العزلة الانفرادية في الكاشو فتلقي بهم هناك في ظلمة وقد سقيت أرضيته المجردة من كل فراش بالمياه الوسخة... إلى أن خارت قواهم وهم يظهرون الشموخ والكبرياء )(41) و تضاف قسوة الطبيعة الى قسوة الحراس فقد (كان البرد يسكن في كل شيء كان يسكن في الوحدة والعظام و الوقت الثقيل و التذاكرات البطيئة ...لا يترك الشتاء في الساحة أي منفرج يمكن الاحتماء بصحوه .وترى الرفاق في جحورهم لابدين قانطين لكنهم غارقون مع ذلك في مناقشة قضايا الساعة والقوم)(42) . وتزداد قسوة البرد حدة إذا رافقها الجوع الشديد الذي سيكشر عن أنيابه ويحطم أعلى الدرجات عندما أعلن المعتقلون الإضراب عن الطعام ذات شتاء. يقول السارد : (وأذكر أنه في اليوم الثالث والثلاثين من ذلك الإضراب المتوحش الصامد الغليان كأنه القبر وصلني )(43) هذه الظروف القاسية جعلت المعتقلين يشعرون برتابة الأيام وأن لاشيء يتغير حولهم ،رغم علمهم بالغليان الذي يحدث خارج الأسوار يقول السارد : (تتبدل الأوضاع السياسية باستمرار، حكومة بعد حكومة ،تقويم هيكلي ،انتخابات بلدية وتشريعية ،زيادات متوالية في أثمان المواد الغذائية انفجارات هنا وهناك أعني اضرابات متقطعة أو متواصلة الى حين لكن السجن لا يتبدل والوجود داخل السجن لا يتبدل ....(44)

ب - آليات تحدي الاعتقال

وعلى الرغم من كل هذا لم يستسلم المعتقلون بل حافظوا على كبريائهم وعزتهم وحاولوا خلق الأجواء التي مكنتهم من الصمود ، ومن تحدي ظروف الاعتقال. فابتكروا طقوسا خاصة بهم جعلت حتى الجلادين والحراس يتعاطفون معهم رغم صرامة التعليمات: (الحراس هم أنفسهم لا يخفون أي تعاطف، ولا يبدون في أوقات الشدة أي تعاطف )(45). لقد كان التحدي والصمود أقوى الأسلحة التي دججوا بها أنفسهم .يساعدهم على صقلها اتحادهم، وتآلف قلوبهم يقول : ( الاعتقالات التي ستؤلف بين قلوبنا داخل السجن)(46)،ذلك ( أن المصائب يجمعن المصابين ) على حد تعبير أحمد شوقي . وحتى وان اختار البعض في لحظات معينة العزلة والانعزال ،فإنهم لم يقطعوا الصلة نهائيا بما يدور في الوطن ،بل حاولوا مواصلة النضال من داخل الزنزانة فكانوا يعقدون (اجتماعات متكررة في الزنازين ومناقشات مستفيضة في تلك الدورات التي كانت تضيق بها الساحة ، بيانات تتداول خفية حول مختلف التصورات الجارية في البلد)(47) . و حاول بعضهم مداومة ممارسة الرياضة ، كما كان يفعل إدريس العمراوي الذي حين يعود إلى زنزانته ( يكون قد أجهد نفسه بالتمارين الرياضية التي يداوم عليها مخافة الصدأ ) (48)، (بل لم ينقطع عن نشاطه الرياضي المعهود) أبدا . وقد تأتي بعض المناسبات فيصرون على عدم تفويتها دون الاحتفال بها؛ كاحتفالهم بعيد ميلاد مصطفى الدرويش الخامس والثلاثين يقول السارد : (في يناير 1984 احتفل مصطفى الدرويش بعيد ميلاده الخامس والثلاثين .أعد للاحتفال بذلك اليوم عدة لم تكن معهودة في أيامه كلها كما أخبرنا...جاءت فتحية بالشموع القليلة التي زينت حلواه المفضلة ...وجيء بشراب الجين في قناني الماء المعدني حتى لا يكشف أمرها الحراس ...أوان من البلاستيك الأبيض مصفوفة على حافة المصطبة الإسمنتية الباردة وقد حوت أنواعا من الفاكهة اليابسة، وكراس تلاقت قوائمها المتداعية ....)(49) ولإعطاء قيمة لهذا الاحتفال قام مصطفى الدرويش بحملة دعائية وكتب إعلانا وعلقه بحيث (كان الداخل والخارج يراه مسطورا تسننت حروفه اليابسة الداعية لحضور حفل فني يحييه العظمة مع جوقه احتفاء بعيد ميلاده الخامس والثلاثين )(50) لكن شبح السياسة يكاد لا يترك كبيرة ولا صغيرة إلا حشر نفسه فيها ، فما كادت الحفلة تبتدئ حتى دعا حمدان إلى تجمع استثنائي لمناقشة مشروعية الحفل متسائلا (هل كان من المعقول أن تترك الحياة الاجتماعية نهبا للرذائل التي قد يأتيها قوم غررت بهم الطبائع البورجوازية .فزينت لهم مباذل الحياة عيد ميلاد ؟؟ عيد ميلاد من؟؟)(51) لكن الرغبة في التخفيف عن الذات ،وتناسي المعاناة حكمت على الاجتماع بالإجهاض وأفشلت الزمرة التي لا تستطيب إلا البلاغة الثورية المزمجرة . وللتخفيف من ثقل وطأة الاعتقال عاشوا حياتهم في هالة من الطقوس لا يفهمها سواهم. فكان لصمتهم كما كان لحديثهم ومحاوراتهم معنى خاص، فهم مجبرون على التعايش ، و مجبرون على تجرع المرارة بتلذذ . سيان أن يجد المتكلم سامعا أم لا يجده . يقول السارد : (مصطفى الدرويش يسمع مني ما يرضيه ،ويترك لي وللزنزانة وللنسيان ما لا يرضيه . سكران هو لا يمل من الحكي . هل كان في الزجاجة الكفاية أم أن حالة اليأس تسكر ، حالة السجن تدمّر فتسكر ) (52) لكن هذا الشعور لم يفقد المعتقلين الرغبة في الحياة ،وخلق أجواء الاستمتاع بما يسمح به الهامش الضيق من الحرية . فقد كانوا يسعون لخلق بعض الأجواء لعلهم يكسرون بعض القيود التي تكبل أنفاسهم فكانوا - رغم الصعوبات - حريصين على مجالس الشراب والأنس و(غالبا ما يضرب الليل موعدا للأنس والشراب في جميع الخلوات المحتملة . ) (53) يسترقون بعض الوقت لمطالعة بعض الجرائد التي تطالها أيديهم ،أو لمشاهدة بعض الأفلام و تتبع بعض البرامج التلفزية كمتابعة بعضهم لنقل الألعاب الأولمبية ( يبدو أن معظم الرفاق فضلوا متابعة ألعاب لوس أنجلوس في خلوة تدعو للحيرة ) . وقد تساعد زيارة أحد ما على خلق أجواء مرحة وبث روح الدعابة بينهم كما حصل في إحدى زيارات فتحية التي قدم لها إدريس وردة قطفها من حديقة السجن يقول السارد ( عندما انحنى ليقبلها بطريقة فيها مسرح صحنا جميعا : لا.لا. القبلة لمصطفى وحين قبلها صحنا آعد آعد ..)(54) . وإذا وصل الضغط أقساه وأقفلت كل أبواب التنفيس عن الذات أمامهم لم يجدوا إلا التصعيد وسيلة لانتزاع حقوقهم، كما كان الأمر عندما خاضوا الإضراب عن الطعام،وعندما حاولت زمرة من المعتقلين الهروب من السجن .

ج – دلالات و أ بعاد الخروج :

يعد موضوع الخروج أهم مواضيع الساحة الشرفية . فسؤال الخروج يبدو لي رحم الأسئلة. انه الإشكالية الأم التي تتوالد منها كافة الأسئلة.ذلك أن للخروج في الرواية تجليات عدة منها:
- الخروج من السجن المادي
- الخروج من السجن المعنوي (لخروج من عوالم العزلة الحرمان الانطواء...)
- الخروج من الوطن ( خروج سيليبيا وهجرة إدريس العمراوي )
- خروج الروح من الجسد ( انتحار أحمد الريفي ،موت خانة ،موت فهيمة ...)
- خروج خانة من حياة أهل براندة بطريقة حيّرت الألباب
- خروج أهل امراح وأولاد بن عبيد متحدين – رغم العداء بينهم – إلى وادي الجزيم لطلب الغيث
- خروج المسكوت عنه و إخراج المكبوت في الصدور والعقول
- خروج الفقيه بن يرماق من فاس واستقراره في براندة ....

إن كل محور من هذه المحاور يستحق دراسة مستفيضة، قد يطول الحديث فيها . لكننا سنحاول في هذه المقاربة الاقتصار على خروج الأبطال من السجن ،مراعاة لخصوصية المتلقي . مكتفين باستفزاز الذاكرة لمناقشة ما كان، وما لم يكن ،وما يمكن أن يكون .

إن الخروج من السجن يتطلب الدخول إليه؛ هكذا يجد القارئ نفسه محاصرا ببحر من الأسئلة من قبيل: لماذا دخل هؤلاء الشباب السجن ؟؟ وما هي الجرائم التي استحقوا عليها قضاء زهرة شبابهم في عتمة الاعتقال محرومين من كل شيء حتى من الدفء والنور ؟؟ وكيف جاء خروجهم ؟؟ وما السند القانوني لخروجهم وهم الذين كانوا مقتنعين أن طلب العفو خيانة ؟؟
ويبقى السؤال الأم هو ماذا بعد الخروج ؟؟؟؟ وهل حقق الخروج شيئا من الآمال التي ظلت تراودهم طول فترة الاعتقال ؟؟
إن الخروج شكّل محور الرواية فقد ابتدأت أحداثها بخروج الأبطال من السجن وتوجه السارد إلى براندة، وانتهت بفصل (الخروج) . كما تردد سؤال الخروج كثيرا على السنة الأبطال ؛ فقد سأل إدريس العمراوي السارد: ( ها قد خرجنا فأين نذهب الآن ؟(ممططا إلى أين نذهب الآن؟)) (55) . وعندما طلب إدريس من السارد الالتحاق به في بلاد الغربة قائلا : ( إن تجربتك الشخصية التي كانت لي في الأصل دافعا إلى الهجرة مازالت تشدك إلى الآن بألف وثاق إلى التربة النتنة متى ترحل انك في الضفة الأخرى كالعدم ،فلماذا لا تطلب الحياة هنا؟) (56) ،لم يجد ما يرد به على هذه الدعوة إلا قوله (كنا في الساحة الشرفية ننتظر بين الفينة والأخرى إن نصير أحرارا ؛ إلى أين سنذهب الآن أيها الرفيق ؟؟هل انتهت هذه السنوات رميما هباء؟ (57)
إن هذا السؤال يبدو منطقيا في مسار الأحداث فالأبطال بعد خروجهم لم يجدوا شيئا مما كانوا من أجله يناضلون. فإدريس لم يجد سييبيا وعبد العزيز صابر لم يجد فهيمة ، والسارد خرج يعاني العجز الجنسي فلم يعد يجد القدرة على إشباع رغباته ورغبات من يحب ( نفزة) . والرفاق خرجوا ولم يجدوا المنظمة التي كانوا يعتبرونها البديل للمجتمع. فكل الواقع انقلب رأسا على عقب وحتى القائد الرمز لم يعد سوى جزءا يؤثث العهد الجديد حيث غدا يبدو نشازا في المشهد (ظهر الرجل العائد حديثا من الخارج في الصورة مع رفقاء الماضي .. الظاهر في الصورة أنهم يصفقون الظاهر في الصورة أنهم منشرحون الرجل العائد حديثا لا أعرف أحدا غيره ولو أن بعض الزعماء كانوا هناك ساهمين يصفقون أنيقين لاهين لا يخزهم ضمير ولا قلب. كان مصطفى الدرويش قد قال لي هناك .. ماذا حدث لم يكن الماضي هكذا منذ سنوات؟ ومع ذلك كان الماضي كذلك منذ سنوات)(58).
بخروج الأبطال اكتشفوا تغير كل شيء بل إن (كل شيء صار له طعم المرارة ، لا عمل لا أصدقاء لا أشياء يمكن أن تعالج بالوقت الفائض لا سياسة ...) يقول السارد (تلك السنوات كنا نرى فيها نصرا في الأفق يبعث على الحياة، يطالبنا بالحياة لاشيء من ذلك بل لا شيء مما كنا نحسب له بالإحساس اليقيني البين)(59). هكذا تقلصت فرص اندماجهم في المجتمع . فبعد انقطاع طويل ألقي بهم عزلا في لج مجتمع لا يرحم. وبعد سنين عجاف رجعوا ولم يكن معهم كما قال السارد غير(كتب صاحبتنا في الشتاءات والأصياف،وأوراق شخصية بينها مذكرات لم تنته ،وبدايات لم تنطلق وخلاصات ومواقف ورسائل ...كان متاعنا الحقير...أواني الألمنيوم مصاطب أسفنجية حمت ظهورنا من البرودة أحدية مثقوبة أما الألبسة فكانت كثيرة (خردة)(60).
إن المناضل الذي كان مستعدا للتضحية بحياته من أجل البلاد وإصلاح أحوال العباد سيصاب بخيبة كبيرة عندما يجد نفسه في مثل هذه الحال.هكذا اضطر هؤلاء الأبطال إلى المواراة عن الأنظار، بعد شعورهم أن الوطن قد تنكر لهم ،ولم يجازيهم بغير المزيد من الحرمان يقول سعد الأبرامي (كنا نقول أقصد نحن جميعا مصطفى وعبد العزيز وأحمد (رحمه الله) وإدريس أننا سنغنم من الزمن الآتي شيئا.وكان الزمن هذا قد مضى تاركا لنا دوالي الغصص)(61) :
فاختار إدريس العمراوي الهجرة خارج الوطن (إلى بلاد لم يكن يعرف خريطتها وجغرافيتها) وهو الذي كان مقتنعا أن (فكرة المغادرة حتى ولو طافت بالرؤوس ،ذات وقع غريب يشي بالتخلي المسبق عن جميع الشرارات التي رفعناها في وجوه بعضنا البعض ) ،وغدا يطلب من أصدقائه الالتحاق به ليتذوقوا معنى الحياة يقول لسعد (متى ترحل انك في الضفة الأخرى كالعدم فلماذا لا تطلب الحياة هنا ).
واختار السارد الهروب إلى بلد غير محدد (براندة) لم يكن له فيه (أي قريب أو بعيد) فلم يجد فيه إلا الحقد والصراع والدسائس والمكر والخداع وغياب التسامح ... النقيض المطلق للشعارات التي ضحى من أجلها. انه لم يتوجه إلى براندة إلا بحثا عن متنفس ينسيه خيبته ،ويخفف كربته (كنت ألح أن هجرتي إلى براندة سوف تحررني تدريجيا من هذه العلاقات التي تحاول إغراقنا في الماضي ) رغم قناعته المطلقة بأنه لن يكون إلا كالهارب من الرمضاء إلى النار (أنا مقتنع أن براندة لا يمكن أن تكون لي ملاذا إنني مقتنع بالوهم كما لم أقتنع أبدا بأية حقيقة )(62) ،
وكان مصطفى الدرويش قد اختار العودة إلى طنجة ليعيش التناقض في (هذا اللقاء الغامض بين الماركسية والطرب الأندلسي، بين حداثة مادية وعراقة فواحة تعبق بالطبوع الأسيانة)ص141.
فيما اختار أحمد الريفي الانتحار والخروج نهائيا من مسرح الأحداث.


هوامش
1 - لحمداني حميد (في التنظير والممارسة:دراسات في الرواية المغربية) منشورات عيون. البيضاء 1986 ص66
2 - جان ستاروبانسكي ( النقد والأدب ) ترجمة بدر الدين القاسم منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي دمشق 1976. ص 78
3 - في التنظير والممارسة دراسات في الرواية المغربة ص 66
4 - عبد القادر الشاوي رواية (الساحة الشرفية )نشر الفنك ط.2 البيضاء 2005 ص133
5 - الساحة الشرفية ص 223
6 - المصدر نفسه ص 127
7 - ابن مندور( لسان العرب) المجلد الثاني دار صادر بيروت مادة (سيح)
8 - الساحة الشرفية ص158
9 - المصدر نفسه ص 5
10 - المصدر نفسه ص32
11 - المصدر نفسه ص 89
12 - المصدر نفسه ص 91
13 - المصدر نفسه القسم الثاني
14 - المصدر نفسه ص 106
15 - المصدر نفسه ص126
16 - المصدر نفسه ص132
17 - المصدر نفسه ص 132
18 - المصدر نفسه ص 157-158
19 - المصدر نفسه ص152
20 - المصدر نفسه ص 153
21 - المصدر نفسه ص 167
22 - المصدر نفسه ص 185
23 - المصدر نفسه ص 178
25 - المصدر نفسه ص 178
26 - المصدر نفسه ص196
27 - المصدر نفسه ص 198
28 - المصدر نفسه ص201
29 - المصدر نفسه ص 223
30 - المصدر نفسه ص 223
31 - المصدر نفسه ص 241
32 - المصدر نفسه ص 243
33 - المصدر نفسه ص 135
34 - المصدر نفسه ص 242
35 - المصدر نفسه ص 244
36 - عبد العالي عارف . المتم العدد 1384 gar.com http://www.rez
37 - الساحة الشرفية ص 207
38 - المصدر نفسه ص 144
39 - المصدر نفسه ص155
40 - المصدر نفسه ص 157
41 - المصدر نفسه ص 161
42 - المصدر نفسه ص 170
43 - المصدر نفسه ص 179
44- -المصدر نفسه ص 101
45 - المصدر نفسه ص 101
46 - المصدر نفسه ص 95
47 - المصدر نفسه ص 107
48 - المصدر نفسه ص 109
49 - المصدر نفسه ص 142
50 - المصدر نفسه ص 142
51 - المصدر نفسه ص 134
52 - المصدر نفسه ص 155
53 - المصدر نفسه ص 143
54 - المصدر نفسه ص 149
55 - المصدر نفسه ص 99
56 - المصدر نفسه ص 239
57 - المصدر نفسه ص 240
58 - المصدر نفسه ص 242
59 - المصدر نفسه244
60 - المصدر نفسه ص 100
62 - المصدر نفسه ص 223



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسمية الأسواق بالمغرب
- مذكرات وزارة التعليم تثير جدلا واسعا في المغرب
- الحكومة الجزائرية الجديدة أو إعادة إنتاج الحكومة
- حرب الطرق : الحرب الصامتة في المغرب
- ماذا بعد الربيع العربي تقدم وتطور أم انحطاط وتخلف ؟؟؟


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكبير الداديسي - الاعتقال السياسي من خلال رواية السحة الشرفة